كلمةُ المرشدِ العام في حفلِ استقبالِ أعضاءِ مجلس الشعب الجديد

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٢:١٩، ٢٨ يونيو ٢٠١٢ بواسطة Attea mostafa (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
كلمةُ المرشد العام في حفلِ استقبالِ أعضاءِ مجلس الشعب الجديد

(11-12-2005)

بقلم:الإستاذ محمد مهدي عاكف

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله.. والصلاةُ والسلامُ على سيدِنا محمدٍ وعلى آله وصحبِه ومَن والاه..

أيها الإخوةُ والأخواتُ.. السلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه، وبعد!!

يُسعدني أنْ أرحِّبَ بكم جميعًا في لقائِنا هذا، الذي تَجمَّعَ فيهِ إخوانُنا وأبناؤنا أعضاءُ مجلس الشعب الجديدِ من الإخوان المسلمين ، وكَمْ كُنتُ أَوَدُّ أنْ أقدمَ تهنئةً خالصةً للشعبِ المصريِّ كلِّهِ ببرلمانِ المستقبلِ الذي يُعبِّرُ عن الإرادةِ الشعبيةِ الحقيقيةِ بصدقٍ وأمانةٍ، بَيْدَ أنَّ الصدقَ يَفرضُ عليَّ أنْ أُعرِبَ لهُ عن عميقِ أسفي وحُزني لِمَا أَصابَ إِرادتَهُ مِن تزويرٍ، وأصابَ وجهَ مصرَ مِن أذًى وتشويهٍ.

أيها الإخوةُ والأخواتُ.. أحببتُ أن أُوجِّهَ هذه الكلمةَ لإخواني الناجحين في البرلمانِ على مشهدٍ منكم وإلى الشعبِِ المصريِّ العظيمِ من خلالِكم؛ ليعرفَنا مَن لَم يكُنْ يعرفُنا، ويزدادَ الذين آمنوا بمبادئِنا إيمانًا، وعسى أن يَثوبَ الذين أَوْغَلُوا في الافتراءِ علينا إلى ضمائرِهم.

إخواني أعضاءَ مجلسِ الشعب..

إنَّ المهمةَ ثقيلةٌ، والمسئوليةَ كبيرةٌ، والتبعةَ جسيمةٌ، وهذه هي البدايةُ، فاستعينوا بالله وأَخلِصوا له والْتحِموا بالشعبِ، وابذُلوا الجهدَ والفكرَ والعرَقَ، وواصِلوا الليلَ بالنهارِ لتحقيقِ الإصلاحِ الذي نبتغِيْه.

إنكم نوابٌ عن الأمةِ كلِّها، كلٌّ منكم وكيلٌ عنها، والوكيلُ لا بدَّ أن يَتَوخَّى مصلحةَ موكِّلِهِ ويلتزمَ بإرادتِهِ، ومِن ثمَّ لا بدَّ وأنْ تُراعُوا مصلحةَ الأمةِ كلِّها.. مسلميها وأقباطِها.. رجالِها ونسائِها.. صغارِها وكبارِها.. جيلِها الحاضرِ وأجيالِها القادمةِ.

إنكم مطالَبون بالانحيازِ للحقِّ أيًّا كانَ مصدرُه، فنحن الآن في المعارضةِ، وليس معنى ذلك أننا نعارضُ للمعارضةِ، ولكنَّ مفهومَها لَدَينا أنها المعارضةُ الراشدةُ التي تعارضُ ما يتنافَى مع المصلحةِ العامةِ، وتقفُ مع ما يتوافقُ معَها، فنحنُ نعرفُ الرجالَ بالحقِّ ولا نعرفُ الحقَّ بالرجالِ.

إنكم مطالَبون بالانضباطِ في الحضورِ، والإيجابيةِ في النشاطِ والعملِ، فهي أمانةٌ، ولكم في إخوانِكم الذين سبقوكم في المجالسِ السابقةِ أُسوةٌ وقدوةٌ، وإني لعلى ثقةٍ من قيامِكم بهذه الأمانةِ.

إنَّ هذا المجلسَ مرشَّحٌ لاقتراحِ تعديلِ الدستورِ، فاعمَلوا على أن يكونَ الدستور المعدَّلُ نابعًا من إرادةِ الشعبِ معبِّرًا عن نبضِه وآمالِه، اعمَلوا على أنْ يكونَ الشعبُ هو مصدرَ السلطاتِ بحقٍّ، اعمَلوا على الحفاظِ على مقوماتِ المجتمعِ، اعمَلوا على إزالةِ التناقضاتِ بين نصوصِه، اعمَلوا على تقييدِ السلطاتِ المطلَقةِ الممنوحةِ لرئيسِ الدولةِ، اعمَلوا على أن يكونَ انتخابُه بالانتخابِ الحرِّ المباشرِ بينَ عديدٍ من المرشحين وِفْقَ ضوابطَ معقولةٍ، وعلى أن تكونَ ولايتُه لمرتَين فقط كلٌّ منهما لمدةِ أربعةِ أعوامٍ، اعمَلوا على الفصلِ الحقيقيِّ بين السلطاتِ، اعمَلوا على أن يكونَ تداولُ السلطةِ سلميًّا- عن طريقِ صناديقِ الاقتراعِ- حقيقةً ممكنةً.

إنَّ الناسَ ينتظرون من هذا المجلس أن يُلغِيَ كلَّ القوانين التي تُصادِرَ حرياتِهم وتَغُلَّ أيديَهم وحركتَهم وتزدريَ حقوقَ الإنسانِ وتذلَّ كرامتَه وعلى رأسِها قانونُ الطوارئ والقوانينُ سيئةُ السمعةِ، واستبدالُ قوانينَ عادلةٍ تتفقُ مع الشرعِ بها، تُطلقُ الحرياتِ، وتحققُ الأمانَ، وتقيمُ العدلَ، وتطلقُ الطاقاتِ، فالوطنُ الحرُّ الكريمُ لا يبنيه إلا مواطنون أحرارٌ.

إنكم مطالَبون بالعملِ من أجلِ إصدارِ قانونِ السلطةِ القضائيةِ الذي تمَّ تعطيلُه خمسةَ عشرَ عامًا، حتى يتحقَّقَ لهؤلاء الرجالِ العظامِ استقلالُهم وتَحَرُّرُهم من هيمنةِ السلطةِ التنفيذيةِ، وحتى يقوموا بواجبِهم كحِصنٍ حصينٍ للعدلِ والحقِّ والكرامةِ، وإنني مِن هذا المكانِ لأُوَجِّهُ لهم تحيةَ إعزازٍ وتقديرٍ وإكبارٍ على ما قاموا به من تضحياتٍ جسامٍ أثناءَ الانتخاباتِ الأخيرةِ.

إنكم مطالَبون بالاهتمامِ بالتعليمِ والبحثِ العلميِّ والتنميةِ البشريةِ والإداريةِ والثقافيةِ، كما أنكم مطالَبون بالحفاظِ على القِيَمِ والأخلاقِ والآدابِ.

إنكم مطالَبون بالعملِ على تشجيعِ الاستثمارِ والعملِ والإنتاجِ، من أجلِ إيجادِ عملٍ لكلِّ عاطلٍ؛ للقضاءِ على البطالةِ التي تمثِّلُ قنبلةً موقوتةً في المجتمعِ.

إنكم مطالَبون بالانحيازِ للفقراءِ وتخفيفِ الأعباءِ عنهم، وتحميلِها للأغنياءِ، وربطِ الأجورِ بالأسعارِ وتوفيرِ الخدماتِ الصحيةِ المجانيةِ للفقراءِ، وتحقيقِ الكفالةِ الاجتماعيةِ للعاجزين والعاطلين.

إنكم مطالَبون بالرقابةِ الدقيقةِ على أعمالِ الحكومةِ، والتصدي للإسرافِ والتبذيرِ، ومكافحةِ الفسادِ ومطاردةِ المفسدين؛ حتى يتمَّ تقديمُهم إلى العدالةِ، وتشديدُ العقوباتِ عليهم.

إنها مسئوليةٌ ثقيلةٌ، وأنا أعلمُ أنكم أقليةٌ في المجلسِ، ولكنني أثِقُ أنكم لن تُعدَموا مخلِصين من شتى الاتجاهاتِ، فتعاوَنوا مع إخوانِكم من جبهةِ الإصلاحِ ومع المستقلِّين، وضَعوا أيديَكم في أيديْهم، وما عليكم إلا السعيُ وعلى اللهِ إدراكُ النجاحِ.

وعليكم أن تَرجِعوا إلى تفصيلِ ما أجملتُه هنا إلى برنامَجِنَا الانتخابيِّ، وعلَيكم أن تُقَسِّموا أنفسَكم وتتخصَّصوا في شتى المجالاتِ، فنَحنُ نؤمنُ بالتخصصِ، وعليكم أن تستعينوا بالخُبَراءِ والمتخصِّصين منَّا ومِن غَيرِنا، فالله عزَّ وجلَّ يقول: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُوْنَ﴾ (النحل: 43) ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ (التوبة: 105).

أسألُ اللهَ العظيمَ أن يثبِّتَكم ويوفِقَكُم ويُقوِّيَ ظهورَكم، ويَشُدَّ أَزْرَكُم، ويُوَفِّقَ كلَّ مُخلصٍ مُصلحٍ يبتغي وجهَ اللهِ بإصلاحِ هذا الوطنِ ورفعةِ هذا الشعبِ.

أيُّها الإخوةُ والأخواتُ.. إننا رغمَ كلِّ ما حدَثَ فإنَّ إيمانَنا بأنَّ هذا البلدَ ملكٌ لكلِّ أبنائِه وأنه لن يقومَ من كبوتِه إلا بجهدِهم جميعًا إيمانٌ لا يتزعزعُ، ومِن ثمَّ فإننا ندعو الجميعَ- بما فيهم أهلُ السلطةِ- إلى مصالحةٍ وطنيةٍ تجمعُ القلوبَ والعقولَ والجهودَ وتصبُّ في وعاءِ مصلحةِ الأمةِ، فنرجو أن يستجيبوا للأيدي الممدودةِ والعقولِ المفتوحةِ والقلوبِ المخلصةِ.

وختامًا.. أكرِّرُ ترحيبي وتحياتي لجميعِ الإخوةِ والأخواتِ الكرامِ، الذين شرَّفونا بحضورِهم هذا اللقاءَ.. والسلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاته.

المصدر