الإتحاد الأوروبي وإسرائيل وفلسطين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١١:١٢، ٣٠ يونيو ٢٠١٢ بواسطة Sherifmounir (نقاش | مساهمات) (←‏الخلاصة)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإتحاد الأوروبي وإسرائيل وفلسطين

بقلم: كلارا مارينا اودونيل

مقدمة

ما زالت الديناميكيات الدولية للصراع العربي الإسرائيلي قائمة، بسبب تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران على الأقل على الأقل، ومع ذلك فإن التغيرات في المفهوم الدولي تميل إلى السلام.

وبعد التركيز على الأولويات الأخرى، لإدارة جورج بوش الأمريكية، في الشرق الأوسط والتي سعت لتأمين ما عملته فإنها بدأت العمل تجاه عقد السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

فالعديد من الدول العربية التي ينتابها القلق من قوة إيران المتزايدة وانتشار الإسلام المتطرف قد عبرت عن اهتمامها القوى لإيجاد السلام مع إسرائيل. وفي نفس الوقت فإن هناك نطاق واسع ممن يريدون المساعدة في عملية السلام.

فبالرغم من تزايد القلاقل في علاقات روسيا مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلا أنها ما زالت تلتزم بالجهود التي قادتها الولايات المتحدة لإحلال السلام.

وكذلك الصين، وهي دولة لا تلعب دورا مهما في المنطقة، إلا أنها قامت بإرسال مبعوث لها في الشرق الأوسط. وبالطبع فإن الاتحاد الأوروبي يريد المساعدة حيث أن الشرق الأوسط هو مركز لبناء سياسة خارجية أمنية مشتركة أكثر فعالية.

ونتيجة لمؤتمر السلام الذي نظمته الولايات المتحدة في نوفمبر 2007 في أنابوليس فإنها قد تلقت دعما دوليا وأحرزت تقدما من خلال مشاركة السعودية وسوريا.وفي أنابوليس كانت هناك مفاوضات جديدة بهدف تأمين العلاقات بين الإسرائيليين والفلسطينيين بحلول العام 2009.

وعلى أية حال فإن الموقف في إسرائيل والمناطق الفلسطينية لا يبشر بالنجاح أكثر من أي وقت مضى منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي، فأكثر العقبات الحرجة أمام السلام هي من جانب الفلسطينيين لانقسامهم وتخاصمهم، فمحمود عباس هو رئيس السلطة الفلسطينية والذي يمثل الفلسطينيين في مفاوضات السلام، ولكنه يحكم الضفة الغربية فقط كما أن سلطته هزيلة هناك أما المنطقة الفلسطينية (غزة) فتسيطر عليها الجماعة الإسلامية المسلحة (حماس) والتي تعارض عملية السلام الحالية كما تتورط في تصعيد العنف مع إسرائيل.

كما أن هناك عقبات من الجانب الإسرائيلي أيضا: فموقف إيهود أولمرت أصبح ضعيفا بسبب حرب لبنان الفاشلة في 2006، وقد عارضت بعض الفصائل داخل تحالفه التنازلات المقدمة لتحقيق حل الدولتين. وفي نفس الوقت، في أبريل 2008، تتعرض احتمالات مفاوضات السلام للانهيار بشكل متزايد.

فالالتزام الجديد من قبل أمريكا شرط ضروري للسلام في الشرق الأوسط، فالولايات المتحدة تبقي هي اللاعب الخارجي الأكثر سيطرة في المنطقة والوحيد الذي يمكنه الاعتماد على إسرائيل، ولكن هذا ليس شيئا كافيا فالتسوية السلمية المستقرة سوف تكون بعيدة المنال ما دام نصف الفلسطينيين غير ممثلين في المحادثات ويقومون بمحاربة إسرائيل فعليا.

لذلك، إذا رغبت الحكومات الغربية وشركائهم العرب في استغلال هذه الفترة من الموقف الموحد لإنهاء الصراع، فإنهم سيكونون بحاجة إلى تسوية الأزمة المحلية من خلال اكتشاف وسائل جديدة من المصالحة. وسوف يوجب مثل هذا عقد محادثات مع حماس.

وبالرغم من أن الاتحاد الأوروبي ما زال له دور داعم، فإنه من الممكن أن يقوم بمساهمة ملموسة في جهود السلام الدولية فقد التزم الاتحاد الأوروبي طويلا بإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي ويرجع هذا لمسئوليته التاريخية ولموقعه الجغرافي من هذا الصراع غير المستقر وطموحه في أن تكون لاعبا عالميا.

وعن طريق سياسة الجوار الأوروبية فإن الاتحاد الأوروبي لديه علاقات ثنائية مكثفة مع كل من إسرائيل والمناطق الفلسطينية.

فالاتحاد الأوروبي هو الراعي الرئيسي للفلسطينيين وشارك من خلال جهوده في بناء أمة فلسطينية وتدريب قوات الأمن الفلسطينية كما قام بتقديم بعثة مراقبة حدودية على الحدود بين مصر وغزة وقام كذلك بالكفاح بقوة للحصول علي مقعد له على طاولة الجهود الدبلوماسية لدعم العملية السياسية.

والأكثر أهمية، أن الاتحاد الأوروبي يمكنه العمل كصوت آخر يجعل من فكرة التواصل مع حماس أمرا يمكن تقبله بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة. وحتى الآن، فإن إسرائيل والولايات المتحدة والأوروبيين ومعظم البلدان الأخرى قد حاولت عزل حماس بهدف جعلها تنهار.

ولكن بالرغم من مرور عامين على العقوبات المشددة على الحركة ما زالت حماس تسيطر على غزة وتقوم بتدمير العملية السياسية من خلال هجماتها على إسرائيل. وما دامت حماس قوة سياسية وعسكرية رائدة في الجانب الفلسطيني، فإن مشاركتها مطلوبة وكذلك وجود حالة من الاستقرار على الساحة وضمان قاعدة دائمة للسلام على المدى البعيد.

فالتكتيكات العنيفة التي تقوم بها حماس في الوقت الحالي بجانب الخطابات المتطرفة تعد أمورا غير مقبولة.ولكن من خلال بيئة ملائمة يمكن للحركة أن تقوم بتحويل نفسها إلى لاعب سياسي مسئول أكثر فعالية.

وهناك طريقة أخرى يمكن للاتحاد الأوروبي المشاركة من خلالها في عملية السلام وهي أن يظهروا للفلسطينيين أنهم يريدون بشكل جاد تحسين ظروفهم المعيشية فالوضع الاقتصادي في المناطق الفلسطينية كان متدهورا فبل أن يقرر المجتمع الدولي تجميد المساعدات التي تقدم لحماس في 2006، ونتيجة للعقوبات الإسرائيلية الشديدة فإن غزة تواجه الآن أزمة إنسانية.

فكل من الفقر والبطالة ونقص الوقود والتطرف، يعمل على تدمير جهود السلام فيجب رفع هذه القيود الحالية على حرية الحركة في المناطق الفلسطينية وعلى الحدود المشتركة وبدون هذا فإن تطوير المساعدة الأوروبية سوف يكون بلا فائدة.

كما أن الاتحاد الأوروبي يحتاج في جميع مبادراته أن يكون حريصا على عدم القيام بتدمير العلاقات بينه وبين إسرائيل والولايات المتحدة وإلا فإنه سوف يفقد هذه السيطرة الدبلوماسية البسيطة التي لم تزل في حوزته تجاه العملية السياسة.

وللمساعدة في الحصول على مزيد من الثقة والمصداقية بين الإسرائيليين، فإن الاتحاد الأوروبي يمكنه أن يقدم مساعدة للمحافظة على السلام ومحفزات جديدة مثل المشاركة الكاملة لإسرائيل في السوق المفردة.

مجموعات جديدة في المنطقة

حولت الديناميكيات الإقليمية منطقة الشرق الأوسط، وطالت الاعتبارات الأمنية للبلدان العربية. فالعديد من النزاعات المسلحة قامت بزعزعة الاستقرار في المنطقة وكذلك العراق الضعيف أدى إلى تزايد القوة الإيرانية الشيعية.

فالتنافس السني الشيعي جعل البلدان العربية السنية وخاصة تلك التي تضم أعدادا من الأقليات الشيعية، مثل السعودية والبحرين، تنظر بعين الشك تجاه إيران، فهم لا يرغبون في هذه الخطوات التي اتخذتها إيران في المنطقة من خلال تحالفها مع سوريا وحزب الله في لبنان وحماس في المناطق الفلسطينية.

ثم أن الحكومات العربية تقلق من الإسلام السياسي المتطرف والذي يفوز بدعم شعبي في المنطقة وعلي قمته حزب الله والإخوان المسلمون وحماس. كما تتواجد القاعدة في السعودية من خلال جماعات تابعة لها تظهر في العراق والسعودية.

فالجماعات الإسلامية المتطرفة تقوم بالضغط على الحكومات المتعاونة مع الغرب من خلال اتهامهم بخيانة العرب – هذه الاتهامات التي تلقي صداها عن العديد من المواطنين في الدول العربية.

وفي السنوات الأخيرة، وصل الصراع العربي الإسرائيلي حافة متآكلة مقدما حصانة أيديولوجية للمتطرفين في المنطقة. فالدول العربية، والتي تقودها السعودية، تريد إنهاء الصراع لتقوم بمعادلة مولد الدعم الرئيسي للإسلاميين وإيران.

وخلال السبع سنوات الماضية قامت إدارة بوش بالتركيز على مناطق أخرى أكثر أهمية في الشرق الأوسط مثل العراق و إيران. ولكن مع اقتراب نهاية الفترة الثانية من رئاسة الرئيس بوش وما زالت الولايات المتحدة في وحل العراق، لذلك فإنه يريد أن يرسخ طريقا للعمل يسري عليه من يتبعه في المنطقة ولهذا السبب قدم حله الجديد الذي صرح به لتحقيق السلام الدائم بين إسرائيل والفلسطينيين، ومنذ أنابوليس قام الرئيس بوش بالذهاب إلى المنطقة لجمع الدعم لمبادرة السلام كما جعلت وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس هذه الخطوة على رأس أولوياتها، غير أن الولايات المتحدة تعاني من مشكلة تمثل مخاطر تعوق جهودها للسلام، حيث أن مصداقيتها أصبحت تنحدر إلى الأسفل. فالشعوب في المنطقة وما وراءها تقوم بالتساؤل حول دواعي واشنطن للالتزام بمثل هذا في آخر عهد الإدارة. فالبعض يشكون في أن بوش قام بتنظيم مؤتمر أنابوليس لتعزيز الدعم العربي في الصراع الأمريكي مع إيران.

الأراضي الفلسطينية: من سيء إلى أسوأ

خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس

انقسمت السلطة السياسية في الأراضي الفلسطينية منذ يناير 2006 عندما تم للجماعة الإسلامية المتطرفة حماس فوز غير متوقع في الانتخابات البرلمانية فحركة حماس هي فرع للإخوان المسلمين وملتزمة بشكل رسمي بتدمير إسرائيل.

وقد رفضت حماس لمدة أعوام الاعتراف بالسلطة الفلسطينية وما زالت حتى الآن ترفض معاهدة أوسلو لعملية السلام. وباختصار، فبعد تشكيل حكومة حماس شب الخصام بينها وبين فتح وهي الحركة القومية الفلسطينية القيادية منذ الخمسينيات والحزب الحاكم منذ قيام السلطة الفلسطينية في التسعينيات.

وقد وجدت فتح أنه من الصعب تسليم السلطة السياسية لحماس ومن ثم اندلع الكفاح من أجل السلطة وبالتحديد للسيطرة على قوات الأمن الفلسطينية (ومعظمها يوالي فتح). ثم تشكلت حكومة الوحدة الوطنية في مكة برعاية السعودية في ربيع 2007 ولكنه سرعان ما انهارت.

وتصاعد النزاع بقيام حماس بطرد فتح بالقوة من قطاع غزة في يونيو 2007. ومنذ ذلك الحين انفصلت المنطقتان الفلسطينيتان بشكل طبيعي من الناحية السياسية أيضا، حيث سيطرت حماس على غزة وترأس محمود عباس حكومة تدعمها فتح في الضفة الغربية.

وبينما استمرت حالة التخاصم بين الفلسطينيين كان هناك عنف متواصل بين إسرائيل وحماس، حيث قام جناحها العسكري بإطلاق عدد متزايد من صورايخ القسام من غزة إلى داخل إسرائيل، وكذلك فعلت الجماعات المسلحة الأخرى ومن بينها جماعة الجهاد الإسلامية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.

وفي العام 2007، وبالرغم من مقتل اثنين فقط من المدنيين الإسرائيليين فإن هناك حوالي 1500 صاروخا وقذيفة هاون تم إطلاقها على الأراضي الإسرائيلية، وفي الأشهر الأولى من العام 2008 أطلقت العشرات من الصواريخ يوميا.

وردا على ذلك قامت قوات الدفاع الإسرائيلية بالاصطدام مع حماس والجماعات الأخرى في غزة بشكل متزايد ومكثف. وفي مارس 2008، قتلت القوات الإسرائيلية أكثر من 100 فلسطيني في غزة في أيام قليلة.

وإضافة إلى ذلك ففي بداية فبراير دفعت إسرائيل الثمن بأول عملية استشهادية خلال عام وقد أربكت هذه العملية كل من كتائب الأقصى وفتح وقد أعلنت حماس مسئوليتها عن الهجمة. وفي مارس قام رجل فلسطيني يحمل بندقية بقتل ثمانية طلاب في مدرسة دينية في القدس.

ومنذ استحواذ حماس على الحكومة في 2006 قامت كل من إسرائيل وأمريكا والاتحاد الأوروبي ومعظم البلدان الأخرى بمقاطعة الحركة ومنذ فوزها في الانتخابات وقعت في مأزق مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي فقد انتخبت الحركة بشكل ديمقراطي من قبل الشعب الفلسطيني ولكنها ضمن القائمة الأمريكية والأوروبية للمنظمات الإرهابية.

وكمانحين مهمين للسلطة الفلسطينية واجه كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة احتمالية تمويل منظمة إرهابية.

لهذا السبب قامت الرباعية المكونة من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة بالشروع في وضع المبادئ الثلاثة والتي توجب على الحكومة المنتخبة أن تعترف بإسرائيل وتنبذ العنف وتقبل اتفاقيات السلام القائمة. وفي مواجهة هذا الرفض من حماس قامت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بجعل هذه المبادئ الثلاثة كشروط لمواصلة الاتصال مع الحكومة والإفراج عن مساعدات التنمية. كما قامت معظم البلدان الأخرى ومن بينها بلدان عربية بقطع الاتصالات مع الحكومة الجديدة.

تولت حماس مقاليد الأمور في غزة منذ عام 2007، ولذلك واصل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وعديد من الدول العربية مقاطعة حماس.

وقد عززت إسرائيل مقاطعتها بإغلاق حدودها مع غزة. وفي نفس الوقت قامت إسرائيل ومعظم القوى الخارجية بإعطاء الدعم الكامل للرئيس عباس والسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية.

عقبات أمام جهود السلام الحالية

إن الهدف من مؤتمر أنابوليس هو تحقيق السلام من خلال الوصول إلى الاتفاق على حل الدولتين بين الرئيس عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت.

فعلى كل من الجانبين أن يقوما بالاتصال مع دوائرهم الخاصة حيث أن اقتراح السلام يروق معظم القاعدة التي تدعم حماس بين الفلسطينيين. وللأسف فإن أكثر من نصف المناطق الفلسطينية التي تقع فعليا في حالة الحرب مع إسرائيل سوف تقوم بإفشال جهود السلام المبذولة حاليا.

وقد التزم الرئيس عباس نفسه بالسلام، غير أنه لم يتحدث عن التزامه به من أجل جميع الفلسطينيين، فعباس لم تنتزع سلطته من غزة فحسب ولكن حزبه، فتح، أصبح ضعيفا أيضا ومقسما بحيث أصبح عباس يتحدث بالكاد باسم الضفة الغربية ولذلك فإنه لا يمكنه أن يقوم بعمل أي التزامات تنتج عن مفاوضات السلام. والشيء الأهم من وجهة النظر الإسرائيلية هو أن عباس لا يمكنه وقف العنف المتزايد.

ثم أن العنف المتصاعد بين حماس وإسرائيل يقوم على تخريب المفاوضات الحالية من خلال المطالب المتزايدة من داخل إسرائيل بوقف المحادثات ما دام العنف مستمرا.

ولكن الصراع قد أضعف عباس، فرئيس السلطة الفلسطينية قد فقد دعمه من قبل الفلسطينيين في المناطق الفلسطينية لمواصلة التفاوض مع إسرائيل التي ما زالت تضرب حصارا على غزة (من خلال تشديد إغلاق الحدود والقتل المتزايد للفلسطينيين)، لذلك فأنهم يرون عباس متعاونا مع العدو.

يمكن لمفاوضات السلام هذه أن تنتهي نهاية معقولة عندما يتوقف هذا العنف ويكون للفلسطينيين حكومة واحدة تلتزم بالسلام. وفي يناير أكد تسيبي ليفني، وزير الخارجية الإسرائيلي وكبير المفاوضين، أن هناك ضرورة لوجود حكومة فلسطينية موحدة، قائلا أنه بينما تريد إسرائيل الوصول إلى اتفاق سلام مع نهاية هذا العام، "فإننا لا نحتاج هذه الفترة للتفاوض فحسب وإنما للقدرة على البناء أيضا. نريد حكومة فعالة (في الضفة الغربية وغزة) يمكنها أن تسيطر على مقاليد الحكم."

والسؤال هو: كيف يمكن لم شمل المناطق الفلسطينية في ظل حكومة واحدة تلتزم بالسلام؟ فإذا أرادت كلا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن تساعد في إنهاء هذا الصراع فإنهما بحاجة إلى المساعدة في حل المأزق المحلى.

جهود شاملة للسلام تضم حماس

وفي ظل هذا المأزق الحالي فإن الرباعية وغيرهم من اللاعبين الأساسيين يجب أن يكون لديهم موقف مختلف تجاه حماس، فسياسة العزل لا يمكنها أن تحل. وهناك بعض من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تأمل بأن يشجع هذا العزل حماس على تغيير موقفها من إسرائيل. كما تأمل إسرائيل والولايات المتحدة والعديد من البلدان الأخرى أن تؤدى المقاطعة إلى انهيار حماس كنتيجة للضغوط الاقتصادية.

ولكن بالرغم من مرور عامين من العقوبات المشددة على حماس فإنها ما زالت قوية وتسيطر على غزة. وفي المقابل، فإن حماس لم تقم بتقديم أية تنازلات من جانبها وفي المقابل ومنذ بدء المقاطعة فإن التعنت داخل الجماعة قد نجح في الاستيلاء على السلطة.

وهناك تأثير جديد وهو أن إيران – داعم مالي رئيسي بالنسبة لحماس وتمدها بالسلاح – كانت قد عززت سيطرتها في غزة. كما قامت القاعدة أيضا بعرض اقتراحات وتقديم عروض للمساعدة (بالرغم من رفض حماس الكامل لمساعدتها).

فالحكومة الإسرائيلية تعد قاعدة هجومية كبيرة في غزة للإطاحة بحماس. ولكن إسرائيل تقع تحت ضغط لأن عملياتها العسكرية الحالية تفشل في صد صواريخ القسام. والأكثر من ذلك، فإنها متوترة لأن قدرة حماس العسكرية بدأت تتزايد قوتها.

ربما لا يمكن للقوة أن تسقط حماس. فصعوبة هزيمة جماعة من المقاتلين يندمجون بسهولة في العامة قد تمثل في غزو إسرائيل للبنان في العام الماضي. فالحملة واسعة النطاق والتي استمرت مدة شهر أسفرت عن أكثر من 900 قتيل وشردت أكثر من مليون شخص، كل هذا ولم تستطع إسرائيل نزع سلاح حزب الله.

قامت إسرائيل بإضعاف حزب الله فقط – وقد قام حزب الله بإعادة بناء قوته العسكرية مرة أخرى.(وقد دعمت هذه الحرب رصيد حزب الله السياسي، وسمحت له بجعل نفسه حركة فعالة للمقاومة الوطنية.) فالعمليات واسعة النطاق يمكن أن تؤدي إلي خسائر بشرية فادحة في الجيش الإسرائيلي. وإضافة إلى ذلك، فإن التصاعد الكبير للعنف يمكن أن يؤدي إلى زعزعة استقرار الضفة الغربية.

وفي المقابل فإن إسرائيل والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يجب عليهم محاولة التواصل مع حماس. وبالرغم من أن حماس شريك كريه إلا أن الفوائد التي يمكن أن يقدمها إنهاء حالة العزل يمكن أن تقوم بتجنيب المخاطر. يمكن لحماس أن تساعد في تهدئة الصراع، وإضافة إلى ذلك فإذا ما تم اعتبارها قوة سياسية شرعية فيمكنها على المدى الطويل أن تتحول من كونها حركة مقاومة إلى حزب سياسي، يقوم في النهاية بتقوية أساسات للسلام الدائم.


نحو موازنة الصراع

يجب على الاتحاد الأوروبي أن يدعم وقف إطلاق النار طويل الأجل بين إسرائيل وحماس وأن يستحث الولايات المتحدة بأن تفعل مثل هذا الأمر. ومثل هذا الاتفاق يشار إليه في المنطقة باسم "الهدنة" والذي من شأنه أن يضع حدا للقتال لمدة عقد بين الجانبين بدون الاضطرار لعقد مفاوضات سلام. وقد أشارت قيادة حماس أن ترغب في توقيع مثل هذا الاتفاق طويل الأجل وقامت خلال الأشهر القليلة الماضية بعرض هدنة أكثر من مرة على قوات الدفاع الإسرائيلية لإنهاء هذا العنف.

ويجب على الاتحاد الأوروبي أن يقوم بتشجيع إسرائيل على الموافقة على وقف إطلاق النار طويل الأجل، وأن تلقي الضوء على الفوائد المحتملة من العمل مع حماس لإنهاء العنف. وكأكثر الحركات انضباطا وقوة فإن حماس من أكثر الحركات التي تمتلك القدرة على فرض أوامرها على العديد من الفصائل التي تستخدم العنف والفوضى في المناطق الفلسطينية (وخاصة في غزة حيث توجد العشائر القوية والعائلات التي تزيد من شرعية الميليشيات المختلفة). وقد كشفت حماس عن مقدرتها لفعل مثل هذا من خلال قرارها المستحسن الذي أصدرته في غزة منذ توليها السلطة حيث أرادت وقف إطلاق النار مدة 16 شهرا منذ بداية 2005 (بعض الأحيان كانت فتح تجد صعوبة في فرض سيطرتها على كتائب الأقصى التابعة لها).


حماس – شريك للسلام؟

شعار حماس.jpg

وهناك احتمال آخر بأن تقوم حماس في النهاية بالموافقة على حل الدولتين مع إسرائيل. ولكن إذا نظر الواحد منا إلى السنوات القليلة الماضية، فيجد أن حماس قد أبدت بعض الإشارات لتحويل نفسها من منظمة مقاومة إلى جماعة سياسية وكذلك كان موقفها أكثر استرضاء تجاه عدوها اللدود. وبعد رفضها للسلطة الفلسطينية لعدة سنوات قامت حماس بالمشاركة في الانتخابات المحلية والانتخابات البرلمانية في العام 2006.

وقد أعرب بعض قادة حماس عن رغبتهم في الوصول لحل وسط من أجل السلام مع إسرائيل. وقد اعترف خالد مشعل ، قائد حماس في دمشق، جهارا بالوجود الإسرائيلي وأنه "أمر واقع" – حتى ولو لم يقل أن لها حق في الوجود، كما صرح أيضا أن حماس قد أعلنت أكثر من مرة أنها تعمل لإقامة دولة فلسطين بحدود 1967 (حدود ما قبل حرب 1967 وهو شرط البدء في محادثات حل الدولتين). ولكن إذا ما تطورت حماس فإنه يجب عليها المشاركة والحكم في نظام سياسي فلسطيني ديمقراطي.

ثم إن حماس جماعة غير موحدة بل إنها مزيج من الفصائل المتنافسة بين التعنت والاعتدال. ومنذ انتخابات 2006 انحدرت سيطرة المعتدلين نتيجة للضغط الناتج من المقاطعة الدولية والقتال ضد إسرائيل وكل هذا مما أدى إلى تشجيع التعصبية. وفي المقابل يجب على الاتحاد الأوروبي محاولة تعزيز المعتدلين وتشجيعهم لمواصلة السعي من أجل تحول حماس. وفي أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات تعرضت فتح لمثل هذا التحول من كونها حركة مقاومة تستهدف تدمير إسرائيل إلى حزب حاكم مأمون الجانب.

وكخطوة أولى يجب على كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل دعم التصالح بين حماس وفتح. ويمكن للفلسطينيين بداية التعاون في القضايا العملية مثل قضية الحدود، ثم بعد ذلك يمكنهم تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة والتي يمكن تشكيلها من خلال الانتخابات. فالتقارب بين حماس وفتح يمكنه أن يعيد الوحدة السياسية للضفة الغربية وغزة ويظهر النظام الديمقراطي الفلسطيني بعد أن ظل متخفيا منذ تولي السلطة في يونيو.

وقد طالبت قيادة حماس بين الفينة والفينة بالتصالح مع فتح، إلا أن الرئيس عباس قد رفض مثل هذه الأفكار، وقامت قواته بمواجهة حماس في أحداث تولي السلطة في يونيو، كما أن تعاقب أحداث العنف من قبل حماس ضد فتح جعلت عباس أكثر عندا، غير أن هناك أعدادا متزايدة داخل حركة فتح تدعوا للمصالحة. فالوسطاء داخل كلا الجانبين والوسطاء الخارجيين قد سعوا لمحاولات الوصول إلى إنهاء الأزمة الحالية.

فالعناصر الواقعية في كلا الفصيلتين تبين مدى الصدع في القضية الفلسطينية. حتى الرئيس عباس فقد أظهر بعض السلاسة في موقفه مؤخرا، ولكنه بقي تحت الضغط الدولي في مواصلة الأسلوب الخشن، فإسرائيل والولايات المتحدة قد قامتا بتأجيل مفاوضات السلام وتعليق دعمهم له إذا ما تواصل مع حماس. وعلى أية حال فإذا غير رعاة الرئيس الفلسطيني الدوليين موقفهم وقاموا بتشجيعه للتواصل مع حماس، فإن هذا يمكنه أن يمنح عباس مساحة أكثر للمناورة.

وبوجود الهدنة والتصالح بين فتح وحماس فإن رجال عباس أو الأطراف الثالثة مثل الاتحاد الأوروبي أو تركيا يمكنهم البدء في اختبار وتقييم ما إذا كانت حماس ستهتم بالسلام مع إسرائيل على أساس حل الدولتين.

ليس هناك سوى فرصة بسيطة يمكن لحماس من خلالها أن تأخذ مكانها في عملية السلام في المستقبل القريب. وبالرغم من بعض الدعاوى الإيجابية من قبل بعض قادة حماس فما زال هناك بعض التعنت داخل الحركة والذي يعارض وقف القتال.

ولكن الهدنة ربما تقدم أقوى منظور لتغيير توازن القوى داخل حماس. وفي عملية ربما تأخذ سنوات عديدة، فإن الهدنة يمكنها أن تزيد الثقة بين حماس وإسرائيل وتتيح لحماس الاستمرار في مواصلة عمليتها للتحول السياسي.

فعامل الوقت والنظام الديمقراطي الجيد ربما يعملان لصالح السلام. فإذا أرادت حماس أن تظل قوة سياسية مهمة فعليها أن تطور أجنداتها السياسية والاجتماعية التي تناشد المصوتين (فالمقاطعة قد ساعدت حماس عن طريق حمايتها من الاحتياج لسياسات اجتماعية واقتصادية متماسكة).

معظم الفلسطينيين يريدون السلام مع إسرائيل وليسوا إسلاميين متطرفين، لذلك فإن حماس يجب أن يكون لديها دواعي أكثر للمصالحة وواقعية بما يخص أجندتها الدينية وموقفها من إسرائيل. وإذا أرادت حماس مواصلة أجندتها الإسلامية المسلحة فإن المصوتين الغاضبين يمكنهم أن ينشقوا عن الحركة.

وخلال السنوات القليلة التالية ربما تقوم حماس بالعودة إلى فتح أو أن تقوم بإظهار أحزاب سياسية العديد منها له مواقف متفقة مع السلام وبعضها الآخر يرفض استخدام العنف. ويمكن لسيطرة حماس أن تتضاءل وتصبح بعد ذلك لا تمثل عقبة مهمة في طريق السلام.

فالوسطاء الخارجيين ومن بينهم الاتحاد الأوروبي لديهم أدوات رئيسية في تدابيرهم لتعزيز تحويل حماس لقوة أكثر واقعية. أولا، يمكن لأعضاء الرباعية أن يقدموا بادرة الاعتراف والمساعدة المالية في مقابل نبذ العنف وموقف بناء نحو الحوار مع فتح.

فلا يجب أن يتنازل أعضاء الرباعية عن الشروط جميعا ولكنهم يجب أن يقوموا بالتركيز على شرط واحد (إنهاء العنف) والذي يمكن لحماس أن تقوم به الآن بل أن هذا الشرط يمكن أن يحقق مساعدة ملموسة في وقت قصير. كما أن السعي لإنهاء المجاعة ربما يكون باعثا حقيقيا لحماس والتي تواجه تدهورا اقتصاديا متزايدا في محاولة السيطرة على غزة.

وعلاوة على ذلك، فبالرغم من خطابها المتطرف، فإن حماس شديدة الحساسية تجاه صورتها في الخارج. فالدور الذي لعبته قيادة حماس في تأمين الإفراج عن صحفي البي بي سي ألان جونستون في 2007 كشف عن هذه الحساسية.


محاولة استغلال الفاعلية السورية

إضافة إلى ذلك، يجب على الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة أن يقوما برعاية حماس لوقف هذا الضغط المتزايد على الحركة لتكون بناءة بشكل أكبر. فسوريا لديها علاقات وثيقة مع حماس كما أنها تستضيف قائدها المنفي، خالد مشعل، ثم إنها تبدوا مرهقة من عزلها الدبلوماسي الدولي. وقد عبرت سوريا عن رغبتها في تحسين علاقاتها مع البلدان العربية والغرب وحتى مع إسرائيل.

لم تقم سوريا فقط برفض استضافة المؤتمر الذي اقترحته حماس لتنقض أنابوليس بل إنها وافقت على اجتماع تقوده أمريكا أيضا وأوضحت أنها تسعي لبدء مفاوضات السلام مع إسرائيل حول مرتفعات الجولان.

وعلى الاتحاد الأوروبي أن يقوم بتشجيع إسرائيل والولايات المتحدة لمواصلة مفاوضات السلام مع سوريا. فلو أن علاقات دمشق مع الغرب وإسرائيل تحسنت فإن سوريا يمكنها الضغط على حماس للتخلي عن قواتها وأن تتوصل لحل وسط مع فتح فالتحول في وضع سوريا يمكن أن يشجع العناصر المعتدلة داخل حماس؛ خوفا من فقد الدعم الخارجي، كما أنهم ربما يبعدون أنفسهم عن العناصر الأكثر تطرفا في الجماعة.

وفي نفس الوقت فإن التعاون البناء بين سوريا والغرب يمكنه المساعدة في لبنان؛ حيث يمكن لسوريا أن تلعب دورا أكثر فعالية. وبطبيعة الحال، فإن هذا سيناريو متفائل ولكن هناك أمر أخر، ففرنسا تحاول استغلال سيطرة سوريا لتحقيق الاستقرار في لبنان، ومثل هذا الموقف تجاه حماس.


مخاطر التواصل

هناك مخاطر من الاعتراف بحماس كلاعب شرعي. فالبعض يقولون بأن الاعتراف الدولي بحماس سوف يزيد من شرعيتها ومن ثم يقوي حكمها، ولكن هذا الترجيح ليس مقنعا فحماس لا تطلق يدها في غزة فقط بل إن حكمها يمتد في كل مكان، لذا فلو تواصل عباس والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وبعض الأطراف الخارجية مع حماس فبذلك يكون لديهم فرصة أكبر لنشر سيطرة الجماعة، على سبيل المثال في الأوساط الإعلامية. غير أن الاتصال الدولي يمكنه أيضا أن يقلل من سيطرة إيران.

وهناك مزيد من المخاطر من أن تتمتع حماس بفرصة الهدنة طويلة الأجل بحيث تقوم بالتحضير لمزيد من الهجمات. ويمكن للاتحاد الأوروبي والآخرون أن يساعدوا في التقليل من هذا التهديد من خلال إعلام حماس قيمة مكاسب الهدنة التي يمكن أن تجلب الاستقرار والحرية وأن تقوم بالعمل كجماعة سياسية. وعلى العكس فإن الاتحاد الأوروبي يمكنه أن يذكر حماس أن ثمن نقض الهدنة هو العودة إلى العمليات العسكرية والقمع الإسرائيلي.

ومن الممكن أن لا تقوم حماس بالرد على نصائح الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل. ولكن حوافز النقد والاعتراف ربما لا تكون كافية لإقناع المتعنتين بعدم استخدام القوة أو التقليل من العمليات القتالية ضد فتح وإسرائيل. وبهذا الصدد فإن إسرائيل وشركائها الخارجيين يجب عليهم أن يفكروا في اختيارات أخرى ومن بينها استخدام إسرائيل للقوة. ولكن على الأقل فإن تل أبيب ربما تكون على دراية بأن الاختيارات الأخرى قد استنزفت.

تقديم الممثلين الرئيسيين على طاولة المفاوضات

على الأقل فإن العديد من اللاعبين الذين يدعمون جهود السلام الحالية سوف يجدون أن العمل مع سوريا وحماس أمر غير مريح. فسوريا لا يمكن التعويل عليها حيث تورطت في عمليات قتل ضد السياسيين اللبنانيين. فالولايات المتحدة والأوروبيين يشكون في تطوير سوريا لأسلحة دمار شامل.

ومع ذلك، فإن عددا من الممثلين الرئيسيين يؤمنون بأن سوريا هي المفتاح إلى المنطقة. كما تدعم روسيا، الحليف القوى لسوريا، فتح مفاوضات السلام بين إسرائيل وسوريا كجزء من العملية التي قدمتها أناوبوليس.

أما فرنسا والتي كانت قد قطعت علاقاتها مع دمشق بعد مقتل رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في 2005، قامت بإرسال اثنين من مسئوليها البارزين إلى دمشق في نوفمبر 2007 في خطوة مثيرة للجدل، في محاولة إقناع سوريا بالضغط على حزب الله للمشاركة في انتخابات الرئاسة اللبنانية.

لا تعارض إسرائيل السلام مع سوريا من حيث المبدأ بل أنها قامت في نهاية 2007 – من خلال وسطاء أوروبيين من بينهم ألمانيين – بجس النبض من أجل عقد محادثات جديدة (بالرغم من عدم وجود أرضية مشتركة). وقد قام وزير الدفاع الإسرائيلي بالدعم المفتوح لفكرة إعادة فتح الطريق مع سوريا.

وحتى وقت قريب كانت الولايات المتحدة هي الخصم الوحيد لتجديد العلاقات مع سوريا، ولكن الولايات المتحدة أيضا أصبحت أكثر تفتحا هذه الأيام. وفي أنابوليس وافقت كل من إسرائيل والولايات المتحدة على أنه يجب إعادة فتح المحادثات مع سوريا في أقرب وقت ممكن، بالرغم من أن جهود السلام الحالية يجب أن تكون محصورة في القضية الفلسطينية الإسرائيلية.

كما أن معارضة التواصل مع حماس يمكن أن تكون أقل ضراوة من المتوقع. كما أن العديدين من المسئولين رفيعو المستوى في الأمم المتحدة أرادوا تواصلا أكثر حرية مع حماس. فقد دعت روسيا مسئولي حماس إلى موسكو بالرغم من توقيعها على شروط الرباعية. ومنذ ضربة يونيو 2007، وبينما قطعت جميع الاتصالات مع حماس بشكل رسمي، حاولت روسيا تشجيع المصالحة بين الحركة وبين فتح، كما قامت سويسرا والنرويج بعمل محادثات مع حماس.

أما الاتحاد الأوروبي ومسئولون من مجلس الوزراء والمفوضية الأوروبية إلى جانب بعض الدول الأعضاء فقد اعترفوا بضرورة التواصل مع حماس على المدى الطويل. وعندما تشكلت حكومة الوحدة الوطنية في ربيع 2007 قامت العديد من الجماعات داخل البرلمان الأوروبي بالمطالبة بوقف مقاطعة حماس وكذلك طالبت لجنة الشئون الخارجية ومجلس العموم البريطاني والحكومة الإيطالية.

ومن أقوى المعارضين للتواصل مع حماس إلى جانب الاتحاد الأوروبي هي هولندا وألمانيا والمملكة المتحدة البريطانية، كما عارض العديد من الدول الأعضاء في وسط وشرق أوروبا التواصل معها. وعلى أية حال ففي فبراير 2008 شجعت ألمانيا إسرائيل للموافقة على وقف إطلاق النار مع حماس.

أما داخل المملكة المتحدة فالعديد من الدبلوماسيين البارزين والمتقاعدين وبعض المسئولين في المناصب العليا يؤمنون بأنه ليس من الحكمة عزل حماس. وكما تحدث رئيس الوزراء جوردن براون عن محادثات مع طالبان في أفغانستان فإنه يمكنه أن يتخذ نفس الموقف مع حماس. أما فرنسا، فهي تتواصل بالفعل مع حزب الله (وهو ضمن قائمة الولايات المتحدة للإرهاب وليس ضمن القائمة الأوروبية)، ويمكن لهذا أن يساعد في تطوير الجهود الأوروبية لتطوير موقف جديد تجاه حماس.

بعض الدول العربية أرادت بالفعل أن تصالح بين حماس وفتح، مدركة عيوب عزل حماس. لذلك قامت السعودية بتبني تشكيل حكومة الوحدة الوطنية الفلسطينية في مكة 2007 وقد أعاد محاولات إنهاء التخاصم الفلسطيني. كما قامت اليمن أيضا برعاية عدد من مبادرات المصالحة، كما أن لدى العديد من الدول العربية سياسة مزدوجة تجاه حماس.

فمصر والأردن يخافان من أن يؤدي تواصل الجماعة إلى عديد من مطالب المعارضة الإسلامية المتطرفة لديهم بالمشاركة السياسية، لذلك فإنهم من أقوى المؤيدين للمقاطعة ولكن في نفس الوقت، أبقوا على بعض قنوات الاتصال مفتوحة مع حماس. كما أن مصر أدركت منذ الأحداث المثيرة التي حدثت على الحدود بين مصر وغزة في يناير 2008 ضرورة التواصل مع حماس وأخذت تشجع حماس وفتح على بدأ المفاوضات. وفي مارس 2008، حاولت القاهرة أن تكون وسيطا لوقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل.

أما الجانب الإسرائيلي والأمريكي فهما الأصعب إقناعا، فما زالت ذكرى الانتفاضة الثانية قوية كما أن إسرائيل تريد تجنب المخاطر. ولكن حتى في إسرائيل، هناك مطالب متزايدة – وإن كانت من الأقلية – بالتمييز بين المعايير المختلفة داخل حماس والتواصل مع المعتدلين. كما دعت جريدة هآريتس (Haaretz) لبدء الحوار مع حماس، وكذلك طالب جيدي جرينستين والذي كان ضمن فريق التفاوض الإسرائيلي في جهود السلام عام 2000 والذي يشارك الآن في فريق مفاوضات السلام. والأكثر من ذلك، فقد كشف اقتراع وقع مؤخرا أن 64% من الإسرائيليين يقولون بأن الحكومة يجب أن تدخل في محادثات مباشرة مع حماس في سبيل تأمين وقف إطلاق النار.

إلا أن الولايات المتحدة هي من أشد المعارضين للتواصل مع حماس، بسبب حربها الواسعة المتشعبة ضد الإرهاب. ولكن المناقشات القوية من قبل الاتحاد الأوروبي وإسرائيل والشركاء الدوليين الآخرين يمكنها أن تغير من موقف واشنطن، وخاصة مع الإدارة الجديدة التي تسعي لبداية جديدة مع الشرق الأوسط.

فالاتحاد الأوروبي يجب أن يأخذ بزمام المبادرة لتشجيع الولايات المتحدة وإسرائيل على تغيير سياستيهما تجاه التفاوض مع سوريا من أجل السلام، فتقوم بتشجيع إسرائيل على الموافقة على وقف إطلاق النار مع حماس وتدعم المصالحة بين حماس وفتح.

والاتحاد الأوروبي هو خير من يقوم بهذا، حيث أن لديه عدد كبير من الاتصالات من قبل الدول الأعضاء مع الدول العربية ومن بينها سوريا، فعلاقة الاتحاد الأوروبي الوطيدة مع الولايات المتحدة تضعها في موضع فعال للفوز بدعم الولايات المتحدة من أجل مبادرات جديدة. ولا يجب على الاتحاد الأوروبي أن يخاف من تشجيع جماعات السياسة المتطرفة، فقد قامت بفعل مثل هذا في الماضي. فبيان فينيسيا من قبل الاتحاد الأوروبي قام بإدراك ضرورة التواصل مع منظمة التحرير الفلسطينية عن طريق مفاوضات السلام في الوقت الذي كانت تعتبر فيه منظمة إرهابية من قبل إسرائيل والولايات المتحدة.

فالنقطة التي يمكن أن تبدأ عندها المحادثات مع حماس سوف تعتمد على كم من الوقت يلزم لإقناع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وإسرائيل بقبول هذه الفكرة الجديدة. فبعض دول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تريد أن تمنح مفاوضات أنابوليس بعض الوقت قبل محاولة البدء في موقف آخر، فربما كان من الضروري انتظار الإدارة الأمريكية الجديدة، ولكن هناك شيء من الإلحاح. فالموقف على الأرض يزداد سوءا لذلك فإن قرار إسرائيل والمجتمع الدولي بمحاولته التواصل مع حماس هو الأفضل.


إعادة بناء الاقتصاد الفلسطيني

تسببت المقاطعة الدولية لحماس في تزايد مشكلات الوضع الاقتصادي الضعيف في المناطق الفلسطينية. فالقيود المشددة المتزايدة على غزة التي تحكمها حماس – مثل منع المساعدات الإنسانية وقطع التيار الكهربائي والوقود – قد أوجدت أزمة إنسانية دراماتيكية. فالفقر الشديد والبطالة يعملان على تغذية اليأس والتطرف واللذان من شأنهما إعاقة جهود السلام.

ويمكن للاتحاد الأوروبي، بصفته راع رئيسي للفلسطينيين، أن يقوم بالمساهمة الفردية في عملية السلام. وبدون إتاحة إقامة دولة فلسطينية على الحقيقة - دولة لها اقتصاد قائم بجانب مؤسسات مستقرة – فإن حل الدولتين لن يكون صادقا. ومن خلال جهوده يمكن للاتحاد الأوروبي أن يوضح للفلسطينيين أن الغرب ملتزم بتحسين مستواهم المعيشي وأن يساعد في استعادة مصداقية الغرب التي تلاشت فالمقاطعة الدولية لحماس تشعر العديد من الفلسطينيين بأنهم يعاقبون من أجل خيارهم الديمقراطي.

ولكي نشعر بشيء من التقدم فإن جهود التنمية التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي يجب أن تضم غزة. وإضافة إلى ذلك، فإنه على الاتحاد الأوروبي العمل بجد لإقناع إسرائيل برفع القيود الحالية المفروضة على الحدود وأن يقوم بإعطاء حرية الحركة في المناطق الفلسطينية وهو ما يمنع النمو الاقتصادي.

عوائق التنمية في الضفة الغربية

ومنذ بداية الانتفاضة الثانية عام 2000 قامت إسرائيل بوضع قيود متزايدة على حركة الناس وبضائعهم في الضفة الغربية فالإجراءات الأمنية التي تضم أكثر من 560 حاجز طريق ونقطة تفتيش ونظام سماح معقد قللت من عدد الهجمات ولكن، مع انتشار المستوطنات الإسرائيلية، فإنهم قد تسببوا في تفكك اقتصادي خطير وتقسيم المنطقة إلى مناطق محاصرة مقطوعة الاتصال مع غيرها كي لا يحدث تأثر بالوضع الإنساني والاجتماعي.

وفي مايو 2007، كان هناك 40% من الشعب في الضفة الغربية يشتكون من الصعوبات التي واجهتهم في عملهم خلال الأشهر الستة الأخيرة نظرا للقيود الأمنية. فإمكانية تصدير البضائع من الضفة الغربية انخفضت بشكل كبير بسبب العدد المحدود للمعابر والذي يتسبب في تأخير البضائع ومضاعفة تكلفتها.

كما أن السياج الأمني الإسرائيلي والذي تم بناؤه على طول الجانب الغربي من الضفة الغربية يقوم بإعاقة التنمية الاقتصادية هذا السياج الذي شيد لمنح المسلحين الفلسطينيين من الدخول إلى إسرائيل.

ولكن معظم هذا السياج قد تم بناؤه على الأرض الفلسطينية شرق حدود 1967 وهذا يمنع الفلاحين الفلسطينيين من الوصول لأراضيهم المستأجرة. ونتيجة لهذا وفي منتصف 2006 كان أقل من نصف العائلات المزارعة في المناطق المغلقة يصلون إلى أراضيهم.


التكلفة الاقتصادية نتيجة المقاطعة الدولية

تعد المناطق الفلسطينية واحدة من أكثر المناطق في العالم اعتمادا على المساعدات لذلك فقد كان التأثير خطيرا عندما توقفت المنح المالية جراء المقاطعة الدولية عندما فازت حماس في الانتخابات البرلمانية.

وفي العام 2006، عندما خضعت الضفة الغربية وغزة للمقاطعة انخفضت عوائد السلطة الفلسطينية إلى حوالي الثلثين حيث وقعت تحت تأثير كل من تأثير فقد التمويل الدولي ووقف البضائع الاستهلاكية كما لم تعد تدفع العديد من الأجور العامة واعترضت العديد من التحولات الاجتماعية وانخفضت الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم إلى أقل معدل لها.

وفي صيف 2006، وفي مواجهة تزايد الأزمة الاقتصادية، قدم الاتحاد الأوروبي الآلية الدولية المؤقتة بناء على طلب الرباعية. وقد تم عمل الآلية الدولية المؤقتة للتقليل من تأثير قطع المعونات على المدنيين وسمحت للاتحاد الأوروبي وبعض المانحين الدوليين أن يقوموا بتقديم المساعدات المالية للمواطنين.

كما قدمت الآلية الدولية المؤقتة نجدة مهمة فقد قامت بتقديم حصصا اجتماعية لحوالي 90% من الموظفين في غير القطاع الأمني وتقديم مساعدات طارئة من الغذاء لحوالي 73.000 أسرة فقيرة. ولكن بالرغم من الآلية الدولية المؤقتة تم عمل إنتاج قومي من قبل حوالي 8% في العام 2006 وبحلول منتصف العام 2007 كان هناك 30% من الفلسطينيين يعيشون حالة فقر متقع.


اليأس في غزة

تحسنت الظروف الاقتصادية في الضفة الغربية منذ رفع المقاطعة عنها بعد الحركة العسكرية في يونيو 2007، ولكن بقيت غزة تعاني من تزايد الانعزال حيث استمرت مقاطعة المانحين الدوليين (بالرغم من دخول المساعدات الإنسانية الأوروبية إلى هناك) وقد قدمت إسرائيل إجراءات إضافية لخنق حماس.

وفي يونيو 2007 قامت الحكومة الإسرائيلية بغلق الحدود مع غزة للتجارة. ومنذ ذلك الحين، وانتقاما من إطلاق صواريخ القسام المتزايد على أراضيها، قامت إسرائيل بين الفينة والأخرى بتقليل إمدادات الوقود والكهرباء وفرضت إغلاقا كاملا على المعابر (حتى على المساعدات الإنسانية).

ونتيجة لهذا انهار القطاع الخاص وتم تسريح 75.000 عامل من أصل 110.000 عامل منذ يونيو. وتراجعت الخدمات العامة وأصبح هناك قصور بالغ في الإمدادات ومنها الطعام. كما افتقرت المستشفيات للأدوية الأساسية وتقوم بالكاد بالعمليات الجراحية الطارئة فقط.

كما بدأت مضخات الصرف الصحي في التلف نتيجة عدم وجود قطع الغيار. وخلال النصف الثاني من يناير كان أكثر من نصف سكان غزة لا يحصلون على الماء الجاري وفي فبراير عانت أغلبية الأسر من انقطاع التيار الكهربائي ثمان ساعات يوميا على الأقل.

وفي يناير زاد إغلاق الحدود من زعزعة الاستقرار في المنطقة، حيث قامت حماس، ردا على الإغلاق الإسرائيلي الكامل للمعابر، بتفجير بعض المناطق الحدودية بين غزة ومصر. وعلى مدار أسبوعين كاملين انتقل مئات الآلاف من الفلسطينيين ذهابا وإيابا بين مصر وغزة بدون سيطرة، قام خلالها أهالي غزة بشراء الأطعمة الضرورية وبضائع أخرى. واستغلت الجماعات الفلسطينية المسلحة هذه الفوضى لأخذ الأسلحة ومحاولة التسرب إلى إسرائيل عن طريق الحدود المصرية.

وقد قامت المقاطعة الدولية بتخريب أعمال التنمية التي استمرت على مدار عشرة سنوات في المناطق الفلسطينية من قبل مانحين مثل الاتحاد الأوروبي. وقد ضعفت مؤسسات السلطة الفلسطينية نتيجة لوقوعها أسيرة الدعم المالي ومن ثم انقلب الإصلاح.

وعلى سبيل المثال، فقد أعيد وضع السلطة في يد رئاسة السلطة الفلسطينية وهو الأمر الذي انتقد من قبل الغرب خلال فترة حكم عرفات. وانكمش الاستثمار الخاص وزاد الاعتماد على المساعدات وبينما قامت الآلية الدولية المؤقتة بتخفيف الأزمة الإنسانية، قامت كذلك بتقوية التبعية، لأن المنح المالية قد تحولت من مساعدات للتنمية إلى مساعدات إنسانية.


ماذا يمكن للاتحاد الأوروبي أن يفعل

وكجزء من جهود أنابوليس للسلام قام رئيس وزراء السلطة الفلسطينية سلام فياض بعمل خطة إصلاح وتنمية فلسطينية. وقد عرضت الخطة الإصلاحات المقترحة وأولويات الميزانية لتعزيز التنمية الاقتصادية في الأعوام الثلاثة التالية. ولدعم جهود فياض قام المانحون الدوليون في ديسمبر 2007 بعقد أكبر مؤتمر في هذا العقد وتعهدت بدفع 5 مليارات دولار لدعم التنمية الاقتصادية في المناطق الفلسطينية. وقد كان الاتحاد الأوروبي مرة أخرى هو المساهم الرئيسي وقد التزم بدفع 2.3 مليار دولار في السنوات الثلاثة التالية.

وفي إطار دعم خطة فياض الاقتصادية قام الاتحاد الأوروبي في بداية العام 2008 باستبدال الآلية الدولية المؤقتة بآلية جديدة تدعي (الآلية الفرنسية من أجل مساعدات تعاون أوروبي فلسطيني ومساعدات اجتماعية واقتصادية).

وقد تم إيجاد هذه الآلية للعمل بشكل أكبر مع السلطة الفلسطينية وللتعرض للعيوب الأساسية التي كانت في الآلية الدولية المؤقتة من خلال التركيز بشكل أكبر على المساعدات المالية الأوروبية لتضم مساعدات التنمية. ولكن، منذ أن كان هناك تغير في الموقف السياسي فلن يكون هناك مساعدات تنموية تقدم إلى غزة فكل من الاتحاد الأوروبي والسلطة الفلسطينية سوف يواصلان تسليم المساعدات الطارئة فقط.

ومن الإيجابيات أنه بعد عامين من التراخي يقوم الاتحاد الأوروبي بتجديد جهود بناء الدولة مع السلطة الفلسطينية وخاصة منذ المقاطعة التي أوجدت دمارا بالغا في هذه الفترة. غير أن هناك عيب حرج وهو أن غزة قد استبعدت من عملية التنمية.

وإضافة إلى ذلك، فلكي تكون جهود التنمية من قبل الاتحاد الأوروبي مختلفة، فإنه على الاتحاد أن يعمل جاهدا لإقناع إسرائيل برفع قيودها الحالية على حرية الحركة والحدود في المناطق الفلسطينية. وبما أن هذه القيود موجودة الآن فلن تكون هناك إمكانية لبناء أمة.

وتقول تقديرات البنك الدولي أنه إن لم يكن هناك تغييرات في الحركة فإن الاقتصاد الفلسطيني سوف ينكمش بمعدل 2% سنويا حتى مع افتراض أعلى معدل للمساعدات المتوقعة من مؤتمر ديسمبر المانح.

وبينما نأخذ في الحسبان الاعتبارات الأمنية الإسرائيلية فإنه على الاتحاد الأوروبي أن يقوم بتشجيع إسرائيل على تنفيذ التزاماتها وأن تقوم برفع العديد من قيودها على الحركة في الضفة الغربية بقدر الإمكان.

ويجب على الاتحاد الأوروبي كذلك أن يؤكد على ضرورة وقف تدهور الاقتصاد في غزة كسبب إضافي لتواصل إسرائيل والولايات المتحدة مع حماس.

ويمكن أن تبدأ هناك تنمية اقتصادية جادة، في حال أن تقوم حماس وفتح بالسلام وأن يتوقف عزل غزة.

وبينما ننتظر إسرائيل لتوافق على التواصل مع حماس، يمكن للاتحاد الأوروبي أن يتخذ خطوات للوساطة لتعدي أزمة غزة الاقتصادية. كما يجب على الاتحاد الأوروبي أن يقوم بتحفيز إسرائيل لتقوم بإعادة الوقود والكهرباء إلى غزة وأن تقلع عن إغلاق الحدود أمام المساعدات الإنسانية.

وقد عير وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أكثر من مرة عن قلقهم الشديد من الوضع المتدهور. كما وصف المفوض الأوروبي للعلاقات الخارجية بينيتا فيريرو فالدنير هذا الإغلاق بأنه عقاب جماعي بينما حذر مارك أوتي الممثل الأوروبي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط من أن سياسة إسرائيل يمكنها أن تحول غزة إلى الصومال.

ويجب أن تواصل الدول الأعضاء توضيحها بأن العقاب الجماعي لن يقوم بإنهاء هجمات الصواريخ من قبل الكتائب التي لا يأخذ معظمها الأمر من الحكومة. فمثل هذه الإجراءات تمثل صعوبات على المدنيين وتقوم بتغذية التطرف فالإغلاق الحدودي المشدد يمكن أن يكون له نتائج عكسية، كما رأينا في الانتهاكات الحدودية بين مصر وغزة في يناير 2008، فإسرائيل تواجه خطر المعاناة من تكاليف أي انتهاكات حدودية في المقام الأول حيث تزيد من فرص المسلحين الفلسطينيين في التسرب إلي مناطقها.

ثم إن على الاتحاد الأوروبي أن يقوم بتشجيع إسرائيل على إعادة فتح الحدود مع غزة للتجارة. فعلى سبيل المثال، معبر كارني الرئيسي إلى غزة به أنظمة أمنية يمكنها أن تقلل من المخاطر علي حراس الحدود من الهجمات المحتملة من الجانب الآخر من الحدود.

وهناك اقتراح قدمه رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض بوضع مسئولين من جانب حكومة عباس لمراقبة المعابر الحدودية مع إسرائيل ومصر وهو الاقتراح الذي حصل على دعم دولي كبير في فبراير 2008 إضافة إلى دعم كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

وقد قام الاتحاد الأوروبي بعرض مراقبيه الحدوديين على المعابر الحدودية بين مصر وغزة إذا ما تم الاتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين (وقد سحب الاتحاد الأوروبي مراقبيه بمجرد حصول حماس على السلطة في غزة).

ويمكن لمبادرة فياض أن تكون الخطوة المفيدة الأولي للمصالحة بين حماس وفتح فإذا لم يتم اقتراح فياض فإن على الاتحاد دعم المبادرات الأخرى التي ناقشتها الأمم المتحدة ومن بينها استغلال مقاولو القطاع الخاص للعمل من خلال المعابر.


الاتحاد الأوروبي وإسرائيل

وفي الظروف السياسية الحالية فإن الفلسطينيين يستطيعون التحول إلى مفاوضات السلام غير أن تقديم التنازلات يعد أمرا صعبا بالنسبة لإسرائيل. كما أن إيهود أولمرت ربما يلتزم بالسلام بشكل شخصي إلا أنه قد فقد شعبيته نظرا لفشله في حرب لبنان عام 2006. ثم إنه ترأس تحالفا هشا يضم أطرافا معادية لمفاوضات السلام مثل حزب إسرائيل بيتنا وحزب شاس.

وبحلول 2008 انسحب الأول من التحالف معترضا وهدد الثاني بفعل نفس الشيء. وإضافة إلى ذلك، فإن أولمرت يواجه حركة استيطانية حازمة. وقد أظهرت الحكومة نقصا في الخبرة الإستراتيجية والقيادة بتصريحها بناء مستوطنات جديدة مثيرة للجدل في "هار هوما" في شرق القدس. وقد وقع هذا بعد أيام قليلة من عودة أولمرت من أنابوليس وقد أثار نقدا دوليا كبيرا حتى من قبل الولايات المتحدة.

وإذا ما كان يجب تحقيق السلام فإن إسرائيل سوف تحتاج إلى تنفيذ التزاماتها تجاه خارطة الطريق، وسوف يكون عليها أن توقف التوسع في بناء المستوطنات وأن تزيل أجزاء كبيرة منها. ومثل هذا الفعل ضروري حيث أن ما يقرب من 40% من الضفة الغربية تتكون من مستوطنات وقواعد وشبكات للطرق المحظورة على الفلسطينيين.

كما أن المستوطنين الإسرائيليين يتزايدون بنسبة 5.5% في العام الواحد وقد وصلوا إلى 450.000 في العام 2007. ثم إن الثقة في عملية انابوليس (أو أي جهود سلام مستقبلية) سوف تعتمد إلى حد كبير على موقف إسرائيل من المستوطنات. فإذا لم يرى الفلسطينيين تغييرا على أرض الواقع فسوف يخسر الرئيس عباس مزيدا من الدعم.

لم يزل الاتحاد الأوروبي لسنوات عديدة يذكر إسرائيل بالتزاماتها تحت مظلة القانون الدولي دون جدوى، (وقد كان الأمر كذلك مع الولايات المتحدة نظرا لتأثيرها الكبير على إسرائيل) فإذا أراد الاتحاد الأوروبي أن يكون له مزيد من السيطرة في إقناع إسرائيل بتنفيذ التزاماتها وإذا ما أراد تشجيع مبادرات سياسة جريئة تتعلق بسوريا وحماس فإن عليه تحسين صورته داخل إسرائيل. فالاتحاد الأوروبي عليه أن يقوم بحل مشكلتين يقومان على تقليص سيطرته الدبلوماسية.

الأولى: أنها تقوم برد فعل بطيء تجاه الأحداث وتتحدث بأصوات عديدة جدا.

الثانية: بالرغم من الانجذاب الثقافي الذي يشعر به العديد من الإسرائيليين تجاه أوروبا وبالرغم من التحسينات في العلاقات على مدار السنين فإن هناك أزمة عدم ثقة من قبل الإسرائيليين تجاه أوروبا. هناك شعور بأن عددا من دول الاتحاد الأوروبي (وبالتحديد فرنسا وبعض دول جنوب أوروبا) لديها مواقف مؤيدة للعرب ولا تكترث باعتبارات الأمن الإسرائيلي.


دواعي جديدة لإسرائيل

على الاتحاد الأوروبي أن يتصرف بسرعة وتضامن فالمصداقية الأوروبية تعاني من التشوه. فعلى سبيل المثال في يوليو 2007 قام وزراء خارجية دول أعضاء حوض البحر الأبيض المتوسط بكتابة خطاب مفتوح لتوني بلير يعلنون فيه فشل خارطة الطريق. كما أنهم لم يقوموا بعدم استشارة بقية الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي فقط، بل إنهم كسروا الإطار السياسي الأوروبي أيضا والذي يقول بأن خارطة الطريق هي الوسيلة الرئيسية لتوجيه عملية السلام.

كما أن إدماج معاهدة لشبونة الجديدة لاثنين من الدعائم إلى ممثل رفيع جديد للسياسة الخارجية يجب أن يساعد الاتحاد الأوروبي للعمل بسياسة واحدة طالما أن الدول الأعضاء يمكنها أن تطرح رسالة واحدة.

أما الآن فالثلاثية الأوروبية التي تواصلت مع إيران يمكنها أن تسد الفجوة بعمل كل من فرنسا وبريطانيا وألمانيا مع خافيير سولانا.

ويمكن لهذه الجماعة أن تؤمن الضمانات الأمنية والتي يمكن أن تشكل جزءا من مفاوضات السلام مثل الوعد بقوات حفظ سلام إسرائيلية. ويمكن لهذا أن يساعد في إعطاء إسرائيل الثقة لتقديم بعض التنازلات الجادة.

وفي سبيل زيادة الفعالية فإن الاتحاد الأوروبي لديه العديد من سياسات الترغيب التي يمكن أن يقدمها لإسرائيل. ومن خلال سياسة الجوار الأوروبية يمكن اقتراح علاقات ثنائية أكثر قوة. وبدلا من التسوية مع الفلسطينيين يمكن للاتحاد الأوروبي أن يقدم وضعا مشابها يتمتع باثنين من القوى الاقتصادية الكبرى فالنرويج وسويسرا والمشاركتين في السوق المفردة ليس لديهما عضوية كاملة في مؤسسات الاتحاد الأوروبي.

ويمكن للاتحاد الأوروبي أن يقدم دعما لبيئة أمنية إسرائيلية، فيمكنها أن توسع تدريباتها لقوات الأمن الفلسطينية. ويجب على الاتحاد الأوروبي أن يأخذ موقفا رائدا في تجميع قوى المراقبة وقوات حفظ السلام كجزء من اتفاق السلام.

فيمكن لقوى دولية جديدة أن تحل محل قوات الدفاع الإسرائيلية في الضفة الغربية ويكون لها وجود في غزة. كما أن في يده أن يقدم دليلا قويا للفلسطينيين بالالتزام الدولي بالتقدم الحقيقي، بينما تساعد في التقليل من اعتبارات الأمن الإسرائيلية.

في الماضي كانت إسرائيل تنبذ المساعدات الأمنية الدولية، غير أنها تحمست للفكرة عندما أصبحت قوات حفظ سلام دولية لغزة. وقد تأقلمت إسرائيل مع المستشارين الأمريكيين والأوروبيين على أساس تدريب الفلسطينيين، كما أنها قد رضيت بعمل قوات الأمم المتحدة في لبنان.

فاز الرئيس ساركوزي بمصداقية أكبر من الرئيس الفرنسي السابق وبظهور القادة الجدد في بريطانيا وألمانيا أيضا فإن هناك وجهة نظر جديدة لأوروبا تجاه وعد إسرائيل بدعم قوي مقابل تقبل المخاطر من أجل السلام.


الخلاصة

أكد الرئيس بوش أن تسوية الشرق الأوسط من أولويات ما تبقى من فترة رئاسته. وقد التزم كل من رئيس الوزراء أولمرت والرئيس عباس بصفة شخصية بإنهاء الصراع. فحل هؤلاء اللاعبون الثلاثة يعد شرطا أساسيا لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وعلى أية حال فإن العقبات الموجودة لا يمكن الاستخفاف بها.

فعلى الاتحاد الأوروبي أن يستثمر كل جهوده لدعم هذه المحاولة الأخيرة لإنهاء الصراع، ولكن عليه أيضا أن يشجع المتحالفين معه، وخاصة الولايات المتحدة وإسرائيل، لتبني سياسات جديدة تجاه حماس على وجه الخصوص.

وبدون موقف مختلف للجماعة فلن تنجح مبادرة السلام الحالية. وحتى مع موافقة إسرائيل والرباعية فلن يكون هناك ضمان للسلام. وفي الماضي القريب لم يكن يبدو أن حماس تريد السلام مع إسرائيل، ولكن إذا ما استطاع الاتحاد الأوروبي أن يقوم بإقناع إسرائيل والولايات المتحدة، التي تدعمها، بالاتفاق على وقف إطلاق نار طويل الأمد مع حماس فسوف يكون لهذا مساهمة في استقرار الوضع فعامل الوقت (السنين) ضروري لكل من الطرفين لزيادة الثقة والرغبة في الدخول لمفاوضات جادة من أجل السلام، وبذلك تتوقف دورة العنف التي لا تنتهي على الأقل.

فلو أن الاتحاد الأوروبي يستطيع تحسين الاقتصاد الفلسطيني فسوف يكون هذا مشاركة حاسمة منه لإيجاد شروط السلام الصحيح، فالمساعدات المالية الأوروبية الفعالة يمكنها المشاركة في استعادة مصداقية الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والتي تلاشت جراء مقاطعتهم لحماس، تلك المقاطعة التي اعتبرها العديد من الفلسطينيين كعقاب للخيار الديمقراطي.

ومن أجل الوصول إلى الحد الأقصى من المساعدة فإنه يجب على الاتحاد الأوروبي أن يقوم بإقناع إسرائيل بالسماح بحرية أكثر للحركة داخل الضفة الغربية وفتح حدودها مع غزة للتجارة.

بعض هذه الاقتراحات – التحدث مع حماس على وجه الخصوص – سوف يواجه بمعارضة خطيرة من قبل بعض الأقسام في إسرائيل. وبينما توجد هناك نزعة تظهر عدم مبالاة الاتحاد الأوروبي باعتبارات الأمن الإسرائيلية، فإنه على الاتحاد الأوروبي أن يقدم بعض الدواعي الجادة في إطار جهود لإزالة الشكوك والتواصل مع إسرائيل.

فيجب على الاتحاد الأوروبي أن يقوم بتقديم إمكانية المشاركة الكاملة في سوقها الفردية. كما يجب أن تقوم بأخذ دور رائد في تجميع قوات حفظ سلام قوية كجزء من اتفاق السلام.

يجب على الاتحاد الأوروبي أن يوضح لإسرائيل أن أمنها الطويل الأمد سوق يتأكد في حال إذا قامت دولة فلسطينية قوية، دولة يمكنها أن تضع حدا لهجمات الإرهابيين وتقوم بمحايدة النقد من قبل الدول التي تمثل تهديدا مثل إيران.

وخلال السنتين الماضيتين اتخذ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منعطفا آخر نحو الأسوأ، فالاتحاد الأوروبي وجميع الممثلين الآخرين يحتاجون إلى إبطال هذا الاتجاه قبل أن يصل الصراع إلى نقاط مأساوية محتملة. فإذا كان الاتحاد الأوروبي جادا في تطلعه في أن يصبح ممثلا دوليا فعالا فعليه أن يظهر مقدرته على المساهمة في هذه المنطقة الأكثر حرجا وأحداثا في العلاقات الدولية.

اقرأ أيضا

وصلات داخلية

كتب متعلقة

ملفات وأبحاث متعلقة

وصلات خارجية

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة