من قتل حسن البنا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
قلت لهم إن ذلك لا يتفق مع سياسة جلالتك.

قال الملك عبد العزيز:

الحق كذلك فليست لدى أية مخططات عداونية ضد اليمن .وأكثر من ذلك فبالرغم من عدم وجود أية مصالح للمملكة العربية السعودية فى تأييد الجامعة العربية إلا أنى شعرت أن ذلك مطلوب للمحافظة على التضامن بين الدول العربية.

وعبر الملك عبد العزيز عن سياسة بلاده فقال:

فى الوقت الذى تسود فيه الاضطرابات جميع أنحاء العالم فمن الأفضل الاحتفاظ ودية مع كل البلاد العربية.

قال احمد الشامى فى كتابه:

" لم يستسغ الملك عبد العزيز أن يصرع جاره الإمام المريض العجوز بالرغم من أنه كان صديقا حميما لعبد الله ابن الوزير . وكان فى قرارة نفسه يفضل أن يتربع على العرش , ولكن بطريقة بيعة شرعية دون سفك دماء .
وكان الملك عبد العزيز يعرف الأمير أحمد وشدة مراسه ويخشى من نزق سيفه على الكثير من رجالات اليمن ويخشى أن تثور فتن تضر باستقلال البلاد والإنجليز على الأبواب.ولذلك أوعز إلى عزام باشا أمين عام الجامعة العربية بالتدخل وحسن ذلك لكن من الإمام عبد الله والإمام أحمد فحكما الجامعة العربية.ولجأ أحمد إلى الموافقة على تحكيم الجامعة العربية احتياطا ومكرا واستعدادا لكل الاحتمالات"!

ويجتمع مجلس الشورى لأول مرة فى تاريخ اليمن فيؤدى إمامه الجديد اليمين الدستورية ويقسم بالعمل على سعادة اليمن وأهلها فيبايعه الأمير بدر حفيد الإمام يحيى ونجل الأمير أحمد لانقاذ حياته!

أفرجت الثورة عن أكثر من ثلاثة آلاف من المعتقلين.وقال المتعلمون الذين درسوا فى مصر :" كنا نعيش فى سجن كبير أشبه بسجون القرون الوسطى , لا حرية فى القول أو التجارة أو الكتابة".

ووصفت صحيفة " الإخوان " الهدوء فى اليمن وازدحام صنعاء بزعماء القبائل ووفود المقاطعات " التى قدمت بيعتها إلى عبد الله بن الوزير وأنهم وضعوا تحت تصرف جلالته قواتهم وفرسانهم ليدكوا حصن الظلم والاستبداد".

ويعلن الإمام الجديد فى حديث لصحيفة "الإخوان المسلمين" أنه

" فى غاية الشوق لرؤية المرشد العام . وأنه وإن كان قد رآه بالقلب إلا أنه يود أن يراه رؤية العين . ولكم يكون مسرورا لو زار الشيخ البنا اليمن فى عهد الشورى الدستورى ليستشيره ويستأنس برأيه تحقيقا لإيجاد الحكم الإسلامى الكامل ".

وأبرق حسين الكبسى نائب رئيس وزراء اليمن ووزير خارجيتها إلى الشيخ البنا يقول:" يرغب جلالة الإمام فى وصولكم شخصيا ونرجو ذلك بإلحاح".

وقال

الإسلام هو الصلة القوية التى لا تنفصم عراها أبد الآبدين. وأخوة الإسلام فوق كل أخوة.

ولكن الحكومة المصرية منعت سفر الشيخ البنا كما يقول كتاب " ثورة 48" وكما أكد ذلك عبد القادر عودة وكيل الجماعة فى مرافعته أمام محكمة الجنايات فى قضية اغتيال المرشد العام .

قال:

" إن لحكومة المصرية نبهت على شركة مصر للطيران بمنع سفر المرشد العام.وعلل ذلك بالخوف من أن ننتهى الأمور فى اليمن بغير ما يتمنى الجبابرة الطغاة".

وفى القاهرة يعلن سيف الإسلام عبد الله أنه تلقى برقية من شقيقه الأمير أحمد يعترض فيها على نشاط الإخوان المسلمين فى اليمن.

ارتكبت الثورة أخطاء كثيرة ... أولها اغتيال الإمام بطريقة وحشية وهو عاجز تقريبا عن الحركة ينتظر الموت.ولم يتظاهر الثوار بمعاقبة مرتكبى القتل بل اسندوا المناصب الهامة إليهم مكافأة لهم.وكان من العسير على ملوك العرب التعاطف مع نظام حكم يرتكب الاغتيال السياسى الأول من نوعه فى المنطقة بقتل ملك!

وانقسم الثوار على أنفسهم متزاحمين على المناصب.وعجز عبد الله بن الوزير عن تدبير المال لدفع رواتب الجيش المتأخرة وتأمين ولاء لقبائل بالمنح.ونصل القبائل إلى صنعاء لمبايعة عبد الله الوزير ويبقى جانب من رجالها فى صنعاء لنهب وسلب الحى اليهودى ومحلات المسلمين التجارية.

ويحاول بعض الغوغاء استغلال الموقف فيهاجمون قصر الإمام يريدون نهبه ويصدهم عنه قائد الجيش جمال جميل العراقى .ويصبح الأهالى الذين منعوا من السرقة خصوما للثورة وتفقد صنعاء صنعاء وباقى اليمن جو الأمن الذى أحاد بنظام حكم الإمام يحيى بغض النظر عما كان عليه من قسوة .

وتعتقل الثورة سيوف الإسلام داخل القصر المكلى بينما تبقى على الحراس القدامى للقصر الذين يدينون لهؤلاء الأمراء بالولاء فيستميلونهم ويبعثون بهم رسلا إلى الأمير أحمد الذى استطاع أن يخدع الثوار جميعا .

بعد أن نجا من خطة ثانية وضعتها الثورة لاغتياله.ونشر سيف الإسلام أحمد الشائعات بأنه محاصر فى حجة على مسافة خمسين ميلا من صنعاء وأن القبائل ترفض الانضمام إليه!وأذاع أنه طلب من الملك عبد العزيز آل سعود السماح له باللجوء إلى المملكة العربية السعودية .

وقال إنه يريد الهجرة إلى حرم الله ولم يعد يطيق البقاء فى اليمن بعد قتل أبيه وأخوته ولا يريد إثارة فتنة.وافق العاهل السعودى ولكن ولى العهد كان يناور ونجح فى تأليب القبائل اليمنية ضد الثورة ورشا الجنود بمائة ألف ريال من الذهب.

وأعلن الأمير أحمد أن نظام الثورة يحظى بمساندة السلطات البريطانية وناشد الأمير فى حجة القبائل أن تهب ضد الملك الذى عينه البريطانيون ! وأطلق شائعات بأن الطائرات البريطانية حلقت فوق صنعاء بعد يوم من الاغتيال وأنها أسقطت منشورات !

قوبلت هذه الأنباء بالتصديق من سكان اليمن فإن رئيس الوزراء القتيل كان أكثر المسئولين تمتعا بحب الناس وقبيلته تعتبر أقوى القبائل فى شمال اليمن.وكان الإمام يحيى يتمتع بتبجيل عظيم لدى غالبية الشعب ! وجاء مصرعه صدمة للجميع فلم تكن نهايته بعيدة أو غير متوقعة مما جعل مسألة اغتياله مثيرة للاشمئزاز , وأقنعت عددا كبيرا من اليمنيين بأن حياتهم لن تكون آمنة فى ظل حكم يرأسه قتله!

تولت صحيفة الإخوان المسلمين الدفاع عن اغتيال الإمام فقالت:

" الذين يريدون أن يحملوا الحكومة الجديدة تبعة اغتيال الإمام يظلمونها أشد الظلم فإن كثيرا من اقرب المقربين إلى ألإمام يحيى حاولوا اغتياله أكثر من مرة ولا يستطيع إنسان عاقل أن يتصور أن عبد الله بن الوزير فى ورعة ودينه وعلمه وتقواه وسنه وجلال منصبه وجميل صلته بالإمام يكون له أدنى اتصال بهذا الحادث.
ومن الخير للعدالة ولليمن وللعرب والإسلام ألا يرفض قميص عثمان من جديد وأن تتصرف الجهود إلى ما يجب أن يكون عليه الحكم والوضع الاجتماعي ثم تأخذ العدالة مجراها ويؤخذ الجانى بجنايته".

قالت السفارة البريطانية من القاهرة فى برقية إلى لندن:

" صحيفة "الإخوان المسلمون" هى الصحيفة الوحيدة هنا التى تقدم مساندة حارة وكاملة لنظام الحكم الجديد فى اليمن".

وتحاول حكومة الثورة تأجير طائرتين مصريتين لنقل الجنود ولكن الطائرتين لا تستطيعان الهبوط فى اليمن.


فى البرقية رقم (2) التى بعث بهار يفز القائم بأعمال المفوضية الأمريكية فى جدة قال:

كان من الممكن أن يميل الملك عبد العزيز إلى تاييد الوزير لولا وسائل العنف التى وصل بها إلى الحكم.وهناك اعتبار هام وبارز بالنسبة للملكة العربية السعودية وهو أن تخطى الأمير وتأييد حاكم وصل إلى السلطة بوسائل عنيفة يمكن أن يصبح سابقة ودافعا لإثارة بعض المجموعات أو الفئات أو حتى بعض أفراد الأسرة السعودية الساخطين.

وفاضل الملك عبد العزيز بين عبد الله الوزير وأحمد ورأى أن الأخير أقل استعدادا وخضوعا للضغط لإدخال حكومة دستورية وإصلاحات واسعة النطاق يمكن أن يؤدى إدخالها إلى إثارة المطالبة بمثيل لها فى المملكة السعودية .

ولا نستطيع مصادري تقديم أى دليل إيجابى على ذلك ولكنهم جميعا يرون ف ذلك بمختلف الوسائل المتاحة إليه استطاع إرسال مبعوثين إلى اليمن فورا لجمع التأييد لصالح أحمد وتدعيم المقاومة ضد عبد الله الوزير .

ويمارس الملك عبد العزيز نفوذا عظيما على سكان اليمن غير الشيعيين ويقال أن سلطته المعنوية عليهم عظيمة. وإن لم تكن أكبر من نفوذ الأسرة الحاكمة الشيعية نفسها.

وهناك تلميحات بأن توزيع كمية صغيرة من النقود بصور حكيمة على الشخصيات الهامة باليمن. الموجودة فى موقع السلطة, يمكن أن تؤثر بدورها على عدد كبير من السكان.

ومن الدلائل التى تعزز التفسيرات المطروحة امتناع الشيخ يوسف ياسين نائب وزير الخارجية السعودى عن السماح بعبور وفد الجامعة العربية الذى أرسل من القاهرة إلى اليمن فى الوقت الذى لم يكن فيه القتال قد حسم بين أحمد وعبد الله الوزير.

وسمح بذلك حين أصبح الموقف واضحا!ويعتقد أن معارضة الشيخ يوسف ياسين لسفر الوفد برئاسة عزام باشا من جدة تأثر بالجهود التى تبذلها الحكومة السعودية لتحقيق انتصار سريع لأحمد بالوسائل غير المباشرة.

وكانت تصرفات الملك عبد العزيز بالغة الدهاء والحكمة فقد التزم بالقرار الجماعى للجامعة العربية وأقدم على هذه التدابير الاحتياطية باعتبارها ضرورية لتحقيق نجاح أحمد دون اتخاذ إجراءات علنية تعرض المملكة العربية السعودية للنقد بتدخلها فى الشئون الداخلية لدول أخرى أو لعدم ولائها للجامعة العربية.

ويزحف الأمير أحمد إلى صنعاء ويحاصرها عشرة أيام حتى استطاع رجال القبائل المؤيدون له تسلق أسوار المدينة واقتحامها فى 11 من مارس 1948. وتفشل أول ثورة فى العالم الإسلامى للإخوان دور فيها بعد حكم لم يدم سوى 26 يوما!

ويقتل خمسة آلاف من سكان صنعاء وعندما يدخلها ولى العهد فى 13 من مارس يعلن نفسه ملكا باسم " الناصر لدين الله".

وتبرق السفارة البريطانية فى القاهرة إلى لندن قائلة:

" أيد الشيخ البنا والإخوان المسلمون عبد الله بن الوزير رغم التقارير التى وردت عن فشله"

ويبرق الشيخ البنا إلى إمام اليمن المنتصر يطلب منه الانضمام إلى جامعة الدول العربية طبقا لدستور يستند على الميثاق القومى!

ويعلن البنا تأييده لانضمام قائد التمرد عبد الله الوزير إلى الحكومة الجديدة كرئيس لمجلس الشوري لتتأسس بذلك فى اليمن الحكومة الدستورية . وفى الوقت نفسه يطلب من الجامعة العربية إحضار عبد الحكيم عابدين سكرتير عام الجماعة .

ويستنجد المرشد العام بعزام باشا فى جده لإنقاذ الثورة وعبد الله بن الوزير ... قائلا:

" مهمة مندوب المركز العام للإخوان المسلمين بصنعاء إقناع رجال الحكومة اليمنية الجديدة بالعمل على إطفاء الفتنة بأية وسيلة وتوحيد كلمة الأمة اليمنية وإقناع المسئولين هناك بقبول تحكيم الجامعة العربية على أساس اعلان دستور يمنى عن قواعد الميثاق القومى وإصدار عفو عام عن كل السياسيين اليمنيين الأحرار وغيرهم .
وتأليف الدولة الحيدة من الأمير سيف الإسلام أحمد إماما دستوريا إذا بايعه أهل الحل والعقد وعبد الله بن الوزير رئيسا لمجلس الشورى وحكومة دستورية محددة التبعات والاختصاصات مع حراسة الجامعة العربية لهذا النظام حتى تستقر الأمور"!

اقتيد الثوار إلى حجة فأمر الإمام الجديد أحمد بإعدامهم فى ميدان عام بسيف كالساطور. وقام السياف بضرب عنق عبدالله عدة مرات بعد صلاة الجمعة يوم 9 من أبريل 1948.

ويعفو الإمام عن ابنه الأمير البدر ويكتفى بسجن عبد الله السلال وحمود الجائفى وعبد الرحمن الإيريانى وأحمد محمد نعمان.ويصبح هؤلاء جميعا فيما بعد ثوارا ضد الإمام أحمد وينجحون فى ثورتهم ضد ولى عهده الأمير البدر!

وينجو من الموت الفضيل الورتلاني الذى غادر صنعاء , قبل سقوطها بثلاثة أيام, إلى جده, فسمح له الملك عبد العزيز بمغادرة البلاد وستقل الباخرة "الزمالك" ولكن جميع الدول العربية ترفض السماح له بالدخول فيظل سجينا على ظهر الباخرة شهرين .. وينجح الإخوان فى تهريبه إلى بيروت ومنها إلى باكستان.

وبعد خمس سنوات عندما أثير دوره اليمن أمام محكمة الجنايات التى تحاكم قتله البنا بعث إلى المحكمة برقية نفى فيها ا،ه ينتمى إلى جماعة الإخوان ! وكانت الحكومة المصرية حينئذ ضد الجماعة! اجتمع المصريون باليمن فى منزل أحدهم وتخذوا منه حصنا لهم يتناوبون السهر دفاعا عنه ويتبادلون إطلاق الرصاص مع مهاجميهم وأبرقوا إلى مصر يطلبون انقاذهم.

زارهم أحد سيوف الإسلام يحاول الحصول منهم على معلومات عن الثوار المختفين فاقنعوه بإرسال برقية إلى القاهرة يشكرون فيها الإمام وسيوف الإسلام وقالوا نجونا من الأحداث .

أيامنا جميلة فى طرة وليالينا طيبة كليالى الزيتون ولم يدرك سيف الإسلام أن طره سجن والزيتون معتقل!ولكن الحكومة المصرية فهمت الشفرة!

استدعى الفريق محمد حيدر باشا وزير الحربية المصرى عبد اللطيف البغدادي إلى الوزارة بعد منتصف الليل وأطلعه على برقية أخرى يتوقع "المصريون فى صنعاء".

قالت البرقية:

" انقذونا وإلاّ... فاللقاء فى الجنة".

قال حيدر:

هل تستطيع العودة إلى اليمن لإنقاذ المصريين هناك.

أجاب بالإيجاب قائلا:

هذا واجبنا ولكن لو أصر اليمنيين على ركوب الطائرة فلن نستطيع منعهم وفى هذه الحالة ننقل دفعات متتالية إلى جزيرة قمران .قال حيدر أنه سيفكر.

وطلب من البغدادى مغادرة الغرقة ليجرى اتصالات ربما مع الملك او مع النقراشي ثم استدعى البغدادى مرة أخرى ليقول له:

اذهب إلى اليمن وحلق بالطائرة فوقها قليلا ثم عدة مرة أخرى دون أن تهبط فى المطار أو تنقل أحدا إنها مجرد مناورة.

قال البغدادى:

لم لا تترك لنا تقدير الموقف إذا وجدنا المطار مستعدا لاستقبالنا هبطنا فيه وسيعرف المصريون فى صنعاء ذلك فيسرعون إلى المطار.ومرة أخرى طلب حيدر أن ينفرد بنفسه ليجرى اتصالاته بالمسئولين

ثم عاد يقول:

لا تهبط بالمطار بل طف حوله ثم اهبط فى جزيرة قمران وأبلغنا بالموقف وعندئذ تقرر خطة العمل.فى مطار صنعاء وضعت براميل "وخوازيق" لمنع هبوط الطائرة وأطلقت عليها رصاصات أصابت جناحها فلم تهبط فى المطار وإنما عادت إلى جزيرة قمران ثم جده والقاهرة.

وكان واضحا من تعليمات حيدر باشا أن حكومة مصر لا تريد إنقاذ الإخوان المسلمين فى صنعاء أو إنقاذ أحد الثوار بل تريد أن تتظاهر بمحاولة الإنقاذ فحسب!ولكن النقراشي باشا طلب إلى سيف الإسلام عبد الله الاتصال بشقيقه الإمام أحمد لإطلاق سراح المصريين وهدده فأفرج عنهم وسمح لهم بالسفر إلى تعز وعدن ثم القاهرة.

قالت وزارة الخارجية البريطانية:

" أعرب حاكم عدن وهو مصدرنا الوحيد للأنباء عن شكوكه فى صحة ادعاءات الإمام أحمد بأن اليمن أصبحت تحت سيطرته التامة ويرى الحاكم أن هناك توقعات بحدوث مقاومة ضده فى جنوب اليمن لعدم وجود شعبية لأحد هناك".

وكان السبب فى ذلك استمرار التزام الإنجليز بسياسة الحياد الحذر فى الصراع على السلطة فى اليمن.سأل فيليب ايرلاند سكرتير السفارة الأمريكية بالقاهرة سيف الإسلام عبد الله شقيق الإمام الجديد أحمد عما إذا كان يعتقد بوجود أى تأثيرا خارجى أدى إلى اشتعال التمرد

قال الأمير:

يبدو أن الإخوان كانوا يتوقدون إلى تغيير نظام الحكم فى اليمن.

وأضاف:

كانت صحيفة " الإخوان المسلمين " أول من نشر الأنباء المزيفة حول وفاة الإمام يحيى فى يناير وقد دأبت على مواصلة الهجوم عليه وعلىّ ... على أى سيف الإسلام عبد الله.

وفى البرقية رقم 231 قال فيليب ايرلاند:

" لا يعتقد الأمير بأن هناك تأثيرا غير ملائم من أية مصادر أخرى".

وقال:

" الميثاق الوطنى الذى أصدره عبد الله الوزير والدستور غير مناسبين بالمرة كأساس لحكم اليمن فى الوقت الحاضر.وقد وضع الميثاق مجموعة من المتحمسين الذين حصلوا على بعض الأفكار المتقدمة نسبيا ولكنهم اخفقوا فهم درجة التحصيل الثقافى بالبلاد ولم يدركوا أنها ليست مهيأة للحكم البرلمانى"!

كان الإخوان كما يقول كاتبهم محمود عبد الحليم:

" يتمنون أن تنجح لثورة ليكون للإسلام فى هذا العالم دولة , ولكنهم أحسوا بقوى الشر تتألب عليهم وتجمع شتاتها لتفترسهم".

واتهم سيف الإسلام عبد الله جريدة الإخوان بتأييد ابن الوزير. وقال لصحيفة البلاغ إن حكومة الثورة أرسلت 100 ألف جنيه إلى جماعة الإخوان المسلمين .

نفى الإخوان أنهم تسلموا المبلغ وقالت مصادر منهم أن المبلغ كان سيستخدم لشراء أسلحة لحكومة الثورة.وأوصى مجلس الجامعة العربية بالاعتراف بالإمام أحمد ملكا على اليمن فاعترفت به كل من مصر والأردن والعراق والمملكة العربية السعودية وتأخر كل من سوريا ولبنان فى ذلك.

وطلب الإمام من بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة الاعتراف به.وكانت الولايات المتحدة متلهفة على الاعتراف وعلى اتباع مبادرة الجامعة العربية ولكن بريطانيا أبلغتها بضرورة الانتظار حتى تختار بين الطرفين المتنازعين من وجهة نظر مصالح هذه الدول فإن السيطرة على البلاد تعد شرطا أساسيا للاعتراف .

واتفقت الدول الثلاث على إعلان اعترافها بالإمام أحمد فى وقت واحد وتم ذلك فى 21 من أبريل.اشتدت حملة سيف الإسلام عبد الله من القاهرة على جماعة الإخوان.وندد بدورها فى الثورة, فى الوقت الذى تحطمت فيه آمال المرشد العام فى إقامة حكومة إسلامية فى اليمن بعد أن قضى النمر أحمد على الثورة . وتولى الملك.

وبدأت رسائل المرشد العام تتوالى على الإمام الجديد تحاول تخفيف آثار النكسة. فى البرقية الأولى رجا المرشد العام جلالة الإمام

" التكرم بالإتصال بالأمير سيف الإسلام عبد الله فى القاهرة ليمنعه من التأثر بسياسة الأحزاب المصرية ومن إلقاء بيانات لا تفيد أحدا فى الأزمة الحالية".

ونفى الشيخ البنا اتهامات الأمير عبد الله.وبعث عبد الحكيم عابدين إلى الإمام يطلب السماح بلقائه . فرد الإمام أحمد بأنه يفضل أن يمنح عبد الحكيم شرف اللقاء عندما يصل جلالته إلى صنعاء لأنه يرى انه مشغول جدا فى الوقت الحاضر!

وفى رسالة إلى الأمير عبد الله جذب المرشد انتباه سيف الإسلام إلى أن التنافس بين الأحزاب السياسية فى مصر تصاعد لدرجة انه يمكن أن يحطم أى مبدأ اخلاقى أو دينى.

ومن ألفضل لسموه وللإخوان علاج الأمور بمنتهى الحذر, وأن يبقى مترفعا عن تلك الانفجارات وأن ينفى البيانات التى أذيعت باسمه وينتظر حتى تسطع شمس الحقيقة وهو يأمل ف أن براءة الإخوان المسلمين سوف تثبت بمشيئة الله.

وبعث الشيخ البنا إلى وزير خارجية مصر أحمد خشبة باشا وإلى عبد الرحمن عزام باشا أمين الجامعة العربية مشيرا إلى البيانات التى اتهم فيها سيف الإسلام عبد لله الإخوان.

واشار إلى عدم جدوى هذه البيانات لأنها لا تتفق مع الحقائق ,لن تؤدى إلا إلى تعقيد الأمور.وكان واضحا من كالمحاولات الشيخ أنه يخشى ان تنتبه مصر إلى أن الإخوان دبروا ثورة اليمن مما يفسر على أنهم قد يدبرون انقلابا آخر فى مصر .

أصبح فاروق يخشى قيام ثورة ضده كما حدث فى اليمن.وكان فاروق يعرف دور الإخوان فى ثورة اليمن . ولابد أنه قرأ الكلمات التى بدأ بها الميثاق الوطنى المقدس.

" وصارت أحوال اليمن منحطة إلى حد بعيد بسبب الاستبداد والأنانية اللذين اشتهر بهما الإمام يحيى حميد لادين حتى صار الغرض المطلوب من الإمامة معدوما فى كل ناحية وكان فاروق يدرك أن الاستبداد والأنانية ليسا مقصورين على إمام اليمن يحيى حميد الدين!!

وسط أحداث اليمن اشتدت المظاهرات عنفا فى مصر ضد الملك فاروق نفسه.فى 19 من يناير 1948 مزق طلبة جامعة فاروق صور صاحب الجلالة وهم يهتفون:لا ملك إلا الله.

اشترك الشيوعيون فى هذا الإضراب وتظاهر الطلبة والعمال بالإسكندرية يهتفون بسقوط الملك. وتدور معارك الشوارع بين الوفديين وأعضاء الإخوان فى بورسعيد وكن ذلك فوق ما يحتمل النقراشى فاعتقل بعض الطب من أعضاء الجماعة.

ويكتب السير رونالد كامبل السفير البريطانى إلى لندن يوم 28 من فبراير :" توالت خلال الأسبوع الماضى الدلائل على أن استقالة النقراشى قد تكون وشيكة.

وقد أخبر النقراشى بنفسه شخصية قيادية من الجالية البريطانية , بأنه يفكر فى الاستقالة مادام لا يرى بارقة أمل فى تحقيق تقدم مع البريطانيين.

وبالأمس ابلغ مراسل " التايمز " السفارة , بأن النقراشى قد يخرج خلال أيام.

وكثرت التقارير التى تؤكد أن خروج النقراشى وشيكا حتى أن المرء بدأت تساوره الشكوك فهذه الشائعات ملحة وقاطعة بشكل غير عادى".

ولكن النقراشى لا يستقيل.

كتب تشابمان اندروز إلى لندن فى 31 من مارس 1948:

" مصرى عرفته جيدا منذ سنوات أبلغنى أن الموقف الداخلى فى مصر سيئ جدا بالفعل.

وقال إن حكومة النقراشى لن تستمر أكثر من شهر آخر على ألأكثر وقال إن الملك يريد الإبقاء على النقراشى حتى يمكنه الحصول مقابلة على تنازل ما من البريطانيين. ولو أمكنه الحصول على هذا التنازل فسيستبدل بالنقراشى شخصا آخر.وإذا لم يحصل على ذلك التنازل فسيخلص من النقراشى نتيجة ضغط سياسى .

ولا شك أم مثل هذا الضغط قد تزايد نتيجة للأزمة مع البريطانيين.

وحتى الأحرار الدستوريين بزعامة هيكل باشا تحولوا الآن ضد النقراشى وضد الملك.

وعندما تحدث عن الملك قال إنه فقد كل شعبية يتمتع بها"!

ولكن وزارة النقراشى استمرت فى الحكم لتواجه أزمات متتالية .. وتقدم ضباط الشرطة إلى الحكومة يطلبون تحسين حالتهم وزيادة رواتبهم ولكن الحكومة لم تستجب لهم .. فأضربوا فى جميع أنحاء البلاد يوم 5 من أبريل 1948 وانتهز الشيوعيون الفرصة فتجمعوا فى مظاهرات طافت شوارع القاهرة والإسكندرية تهتف " نريد الخبز والعمل"

نهب اللصوص بعض المحال فى الإسكندرية واضطرب الأمن فاضطر وزير الدفاع إلى إنزال قوات الجيش لحفظ الأمن فى القاهرة والإسكندرية واستجاب النقراشى لمطالب المضربين بأمر من الملك! واشتعلت النار فى مستشفى القصر العينى بعد غضراب ومرة أخرى استعان النقراشى بالجيش والشرطة وبدأت المؤامرات داخل الجيش .

فى أواخر نوفمبر ضبط عدد من صغار الضباط واتهموا بتدبير مؤامرة لاغتيال النقراشى والفريق إبراهيم عطا الله باشا رئيس الأركان وبعض كبار الضباط.

وتعود لندن – بعد تدهور الموقف فى مصر – إلى الاهتمام بالإخوان.

قال تقرير للمخابرات البريطانية فى الشرق الأوسط إن أحمد حسين – زعيم مصر الفتاة يريد الاندماج مع جماعة الإخوان وقال تقرير آخر إن البنا يطمع فى وضع الأحرار الدستوريين تحت قيادته أو الاتفاق معهم على برنامج عمل.

ومن ناحيتها أعلنت الجماعة أنها تعارض الحكومة لموقفها السلبى.

وهكذا أصبح الإخوان ضد الجميع .الملك , والحكومة , والوفد ... الإنجليز! وتكتب السفارة الأمريكية إلى واشنطن تقول :

" سيكون دور الإخوان المسلمين هاما فى إثارة المسلمين فى كل مكان ضد اليهود ومن يؤيدونهم وخاصة إذا أصبح النضال لإنقاذ فلسطين دينيا بجانب كونه سياسيا".وتتابع الأحداث بسرعة لتنتقل إلى ... فلسطين!

متطوعون .... فى المقدمة

كانت قضية فلسطين نقطة التحول فى تاريخ جماعة الإخوان.

قالت السفارة البريطانية:

" دخل الإخوان معترك السياسة خلال الاضطرابات التى شهدتها فلسطين بين عامى 1936, 1939 عندما لعبوا دورا رئيسيا فى أعمال الإثارة المعادية لبريطانيا".

أصدرت بريطانيا – الوعد الذى عرف باسم وزير خارجيتها بلفور – بأن تكون فلسطين وطنا قوميا لليهود فى 2 من نوفمبر عام 1917 .

وقررت عصبة الأمم وضع فلسطين تحت الانتداب البريطانى عام 1922.

ومع تولى هتلر منصب المستشار الألمانى – رئيس الوزراء – بدأت عملية اضطهاد اليهود فسارعوا بالهجرة من ألمانيا فى الوقت الذى زاد فيه أيضا عدد المهاجرين اليهود من شرق أوربا.

وبينما أعلن هتلر تأييده للعرب فإن اضطهاد لليهود جعلهم يزحفون إلى فلسطين فاتجه إليها ثلث المهاجرين من ألمانيا وأوربا الشرقية.

اشتعلت الثورة العربية الكبرى فى 25 من أبريل 1936 عندما ناشدت الهيئة العربية العليا برئاسة الحاج أمين الحسينى – مفنى فلسطين – العمال ورجال الأعمال العرب الإضراب والامتناع عن لعمل وعدم سداد الضرائب . وطالبت الهيئة بريطانيا بوقف هجرة اليهود.

استمر الإضراب نحو سبعة شهور شلت خلاله حركة المواصلات والنقل والزراعة العربية وهوجمت المستوطنات الإسرائيلية . وجاء المتطوعون العرب من الإخوان المسلمين وغيرهم ليشتركوا مع الثوار . وتدفقت التبرعات على عرب فلسطين.

فى هذه الفترة ظهر دور الإخوان المسلمين كما تقول السفارة البريطانية فقد " أرسلوا التبرعات المالية والأسلحة للثوار الفلسطينيين وصنعوا لهم القنابل اليديوية وقاموا بالدعاية للثورة واتضح أن معظم المنشورات التى ظهرت فى السواق عن فلسطين كتبها الإخوان المسلمون".وكان بن جوريون – الذى هاجر إلى فلسطين عام 1906 . وقدر له بعد ذلك أن يكون أول رئيس لوزراء إسرائيل – ينصح اليهود فى ذلك الوقت – عام 1936 – بالاستعداد لأن المواجهة المسلحة محتومة بين العرب وإسرائيل. وأن الدولة اليهودية يجب أن تقوم على فلسطين كلها.

ولم يعرف عرب فلسطين ولا الإخوان فى مصر أفكار بن جوريون . ولم يستعدوا لمقاومتها!

كتبت مجلة الإخوان فى يوليو 1936 بعنوان " جرائم اليهود فى مصر:" اليهود هم الذين اقرضوا عيد باشا بالربا. وأوقعوا إسماعيل فى مصيدة الدين . وكانوا وراء شراء نصيب مصر من أسهم قناة السويس".

وأضاف :" يكفينا ما أصابنا من هؤلاء اليهود فى كل زمان ومكان".

وفى منتصف أكتوبر عام 1937 اشتعلت الثورة العربية فى فلسطين من جديد.

ومرة ثانية ظهر دور الإخوان مما لفت إليهم نظر السفارة البريطانية بالقاهرة فقالت:

جعلت أنشطة الإخوان فى فلسطين الجماعة محط أنظار المخابرات البريطانية والألمانية.

وهناك دليل من الوثائق التى تم ضبطها مع عميل ألمانى على أن الإخوان تلقوا أموالا من الألمان" قال الشيخ محمد صبرى عابدين أمين سر الهيئة العربية العليا إنه على إثر ثورة عرب فلسطين ضد الإنجليز واليهود زار مصر وتعرف بالشيخ البنا.

أكد له المرشد العام بصراحة ووضوح أن قضية فلسطين هى قضية المسلمين والعرب أجمعين ويجب عليهم أن يقاوموا ز بكل قوتهم . عدوان الإنجليز واليهود ويحولوا دون مؤامراتهم لتهويدها وطمس عروبتها وإسلاميتها. وقد ناشد البنا المسئولين المصريين القيام بعمل جدى لنصرة قضية فلسطين.

وعندما أعلن محمد محمود باشا رئيس وزراء مصر عام 1938 فى حديث لصحيفة بريطانيا أنه " لن يتناول فى محادثاته مع الإنجليز موضوع فلسطين وأنه رئيس وزراء مصر لا رئيس وزراء فلسطين"

قال صالح عشماوى وكيل عام الجماعة:" كان تأثير هذا التصريح أشد من القنبلة إن لفلسطين أبطالا مجاهدين وليس من العدل ولا من الانصاف أن نجعلهم موضع مقارنة مع أى زعيم ووزير مصرى حتى ولو كان رئيس وزراء" مصر"!

ويهاجم صالح عشماوى اليهود المصريين " لعدم قيامهم بواجبهم القومى حيال حرب فلسطين مثل جمع التبرعات".

وتشتد حملة الإخوان على يهود مصر فى ذلك العام فتقول " إنهم يحتكرون تجارة الذهب , وبيدهم كبرى الفنادق , ويضربون بسهم وافر فى شراء الأراضى والعقارات, ويسيطرون على أسهم معظم البنوك والمصارف ... وأعمال الأوراق المالية والصيارفة كلهم يهود"ّ

كانت فلسطين ننبع وزارة المستعمرات البريطانية فى إدارتها وتتبع وزارة الخارجية بالنسبة لعلاقاتها الدولية. ويشترك رؤساء الأركان فى المسئولية باعتبار أن القوات البريطانية تدافع عن الشرق الأوسط كله.. بما فيه فلسطين.

وبعد الحرب العالمية الثانية كانت وزارة المستعمرات ووزيرها كريش جونز لا تعارض اليهود إن لم تكن تؤيدهم.

أما وزارة الخارجية ويرأسها أرنست بيفن فكانت – إلى حد ما – تؤيد العرب وكذلك رؤساء الأركان.

وأرادت الولايات المتحدة تصفية الاستعمار البريطانى سلميا, وكذلك الاتحاد السوفييتى , أما بريطانيا فقد رغبت لا فى تصفية الامبراطورية بل فى تثليل الخسائر بالتحول من الحكم الرسمى المباشر لذ الشرق الأوسط بالعمل على أن يكون للندن نفوذ غير رسمى فى المنطقة كقوة إقليمية.

وحرصت بريطانيا على أن تبدو وكأنها سيدة الموقف وكان ذلك بعيدا عن الحقيقة فى عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية.

تغير الموقف فى الولايات المتحدة فجأة بوفاة الرئيس روزفلت وتولى نائبه هارى ترومان فى الستين من عمره فشل فى أن يكون رجل أعمال فتحول إلى السياسة.أراد أن يبدو حاسما فأصدر خلال فترة رئاسته قرارات خطيرة أكثر مما فعل أى رئيس أمريكى آخر.

لم يكن يعلم شيئا عن التجارب النووية التى تجرى فى عهد سلفه , ومع ذلك أصدر القرار بإلقاء القنبلة الذرية على كل من هيروشيما ونجازاكى اليابانيتين فأنهى الحرب فى الشرق ألأقصى.

ووافق على مشروع مارشال لمساعدة أوربا اقتصاديا وأنشأ حلف الأطلسى.

وطرد الجنرال الأطلسى.

وطرد الجنرال ماك أرثر القائد الأمريكى المنتصر فى الشرق الأقصى وأرسل القوات الأمريكية والدولية لتحارب فى كوريا.

وعندما توفى الزعيم السوفيتى ستالين وجد تشرشل واتلى الزعيمان البريطانيان أن هذه مناسبة للتقارب بين الشرق والغرب فاقترحا وقف سباق التسلح . ولكن ترومان ضيع الفرصة.وفى فلسطين – التى نتوقف عندها – كان ترومان مؤيدا تماما لليهود وفى أول عهده بالرئاسة وفى مؤتمر بوتسدام بألمانيا فى 17 من يوليه 1945 طلب ترومان إلى تشرشل ألغاء الحظر على هجرة اليهود إلى فلسطين وفتح أبواب الهجرة لهم وأكد ذلك لاتلى الذى انتخب رئيسا لوزراء بريطانيا أثناء المؤتمر .عرض البنا – يوم 8 من أكتوبر 1945 – وضع عشرة آلاف شاب تحت تصرف الجامعة العربية للمساهمة فى تحرير فلسطين.

وأدلى بحديث إلى صحيفة " البلاغ" أ‘لأن فيه أن فلسطين قضية مصرية كما هى عربية".

وسافر وكيل الإخوان وقائد جوالتها " محمود لبيب" إلى فلسطين ليتسلم منصبه كقائد لمنظمة الشباب الفلسطينية العربية الموحدة.

وكانت هذه السلطات قد أبعدته عن مصرع تسع سنوات كاملة!

عمل محمود لبيب ضابطا فى قوات سلاح الحدود المصرية التى ترابط فى الصحراء الغربية عام 1912 واستطاع مساعدة عدد من كبار الضباط الاتراك على الهرب بعد غزو ايطاليا لليبيا واشترك فى ثورة طرابلس ضد الايطاليين . ونجح فى الحصول على الشفرة السرية للجيش البريطانى وقاوم الإنجليز فى الواحات عامين.

منع الإنجليز دخوله مصر عام 1915 فهرب إلى تركيا ومنها إلى ألمانيا . وظل منفياحتى عام 1924 فعاد إلى مصر بعد أن تولى سعد زغلول رئاسة الوزارة .

انضم إلى الإخوان المسلمين ونظم فرق الجوالة على أسس عسكرية طبقا لا رآه فى ألمانيا .. فى بداية صعود هتلر.

وفى فلسطين بعث الروح العسكرية ونجح فى توحيد منظمتى " الفتوة" ," النجادة" واستطع أن يبث فى الشباب العربى الروح العسكرية وتعرف السلطات البريطانية ماضى الصاغ لبيب فتبعده من فلسطين إلى مر خلال 24 ساعة.

سمح الإنجليز , بعد الحرب العالمية الثانية , بهجرة 1500 يهودى شهريا إلى فلسطين ولكن الرئيس ترومان طلب من كلمنت اتلى رئيس وزراء بريطانيا فى أغسطس 1945 السماح بهجرة 100 ألف يهودى آخرين فى اسرع وقت ممكن ولم يعلن ترومان ذلك غلا فى 13 من نوفمبر عام 1945.

كانت قوة الجيش البريطانى فى فلسطين فى ذلك الوقت 80 ألف جندى ورأى رئيس وزراء بريطانيا كلمنت أتلى أن هذه القوة لا تكفى لحفظ الأمن والنظام وسط تصاعد الهجرة اليهودية والرفض العربى لها ولذلك لم يكن متحمسا لزيادة عدد المهاجرين.

وكان بيفن وزير الخارجية يرى استيعاب اليهود فى أوربا لا فى فلسطين باعتبار انه يمكنهم الاندماج فى أوربا.

ناقش مجلس العموم البريطانى مشكلة فلسطين يوم 13 من نوفمبر 1945 – أى يوم إعلان رسالة ترومان فقال أرنست بيفن زير خارجية بريطانيا .

بريطانيا عليها التزام مزدوج تجاه اليهود من ناحية والعرب من ناحية أخرى.


والافتقار إلى تحديد واضح لهذا الالتزام المزدوج كان السبب الرئيسى للمتاعب التى حدثت فى فلسطين خلال الست والعشرين سن الماضية.

وبذلت الحكومة جهودا لوضع بعض الترتيبات التى تمكن العرب واليهود من أن يعشوا معا فى سلام ويتعاونا لصالح البلاد ولكن هذه الجهود كانت غير مجدية, وأية ترتيبات مقبولة من جانب أحد الطرفين رفضها الطرف الآخر وتاريخ فلسطين منذ الانتداب عبارة عن احتكاك مستمر بين العنصرين يصل إلى ذروته فى فترات متقطعة ويتحول إلى اضطرابات خطيرة وأعلن بيفن أن بريطانيا والولايات المتحدة اتفقنا على تشكيل لجنة تحقيق مشتركة فى فلسطين تحدد الهجرة اليهودية وتبحث أحوال يهود أوربا من ضحايا النازية.

قدمت لجنة التحقيق الإنجليزية – الأمريكية تقريرها فى 20 من أبريل 1946 واقترحت فيه تهجير 100 ألف يهودى إلى 4 مناطق فى فلسطين.

دعا الملك فاروق الملوك والرؤساء العرب اجتماع فى حدائق انشاص يومى 28,29 من مايو 1946 حضره عبد الرحمن عزام باشا الأمين العام للجامعة العربية.

قرر المؤتمر رفض الهجرة لجديدة وعرض قضية فلسطين على الأمم المتحدة والتصميم على العمل العسكرى والتلويح بالمقاطعة الاقتصادية وقرر مجلس الجامعة الدول العربية فى اجتماعه بمدينة بلدان السورية يوم 14 من يونيو 1946 إنشاء صندوق لمساعدة عرب فلسطين ومكتب للمقاطعة وتأليف الهيئة العربية العليا لفلسطين لتضم الأحزاب الفلسطينية الرئيسية الستة , اتخاذ الاحتياطات العسكرية. ويصل إلى القاهرة يوم 199 من يونيه الحاج أمين الحسينى مفتى فلسطين.

... ضاعف وجود المفتى من الحماس الشعبى المصرى للقضية الفلسطينية وزادت الصلة بينه وبني المرشد العام للإخوان وكان لذلك تأثيره فى مستقبل الجماعة..

أبرق الشيخ البنا إلى السفير البريطانى السير رونالد كامبل يطلب لعفو عن السجناء الفلسطينيين السياسيين الذين أمضوا سنوات طويلة طويلة فى السجن فى جزيرة سيشل.

قال المرشد العام فى برقيته إنه صدر عفو بريطانى عن كثيرين بمنسبة انتهاء الحرب وانتصار الحلفاء إلا المسجونين العرب.

وكانت قد صدرت أحكام فى فلسطين ضد 37 عربيا منهم 23 قضى سجنهم مدى الحياة وقد نفوا إلى جزيرة سيشل فاضرب بعضهم عن الطعام ومنهم حسن أبو السعود وصفوت الحسينى وموسى الحسينى.

حارت السفارة البريطانية فى أمر لرسالة وهل فى الرد عليها ما يعتبر اعترافا بالإخوان.

وأخيرا وبعد عشرة أسابيع بعثت السفارة إل البنا تقول إن برقيته أرسلت إلى وزارة الخارجية البريطانية فى لندن!

دعت بريطانيا العرب واليهود إلى مؤتمر عقد بلندن فى 10 من سبتمبر 1946 واستمر حتى 27 من يناير 1947 لإيجاد حل لمشكلة فلسطين.

ولكن الطرفين اتخذا موقفا متشددا قام يجتمعا على مائدة واحدة ولم يجد المفاوضات نفعا فأعلن بيفن فشل لمؤتمر وقال فى مجلس العموم يوم 18 من فبراير إن بريطانيا أن تتخلى عن الانتداب لاستحالة تنفيذه عمليا وإحالة المسألة الفلسطينية إلى دورة خاصة للأمم المتحدة. قال :

لا حل إلا بالأمم المتحدة والولايات المتحدة.

اجتمع رؤساء الحكومات ووزراء الخارجية العرب بالقاهرة فى مارس ووزراء العرب بدمشق فى أبريل لبحث الوقف بعد انتهاء الانتداب وقرروا مطالبة الجمعية العامة للأمم المتحدة بإقامة دولة مستقلة موحدة فى فلسطين.

وقررت اللجنة السياسية للجامعة العربية فى اجتماعها بصفر – بلبنان – يوم 19 سبتمبر 1947 رفض قرارات لجنة التحقيق.

بدأ عرض قصية فلسطين على الجمعية العامة للأمم المتحدة فى دورة خاصة عقدت بعد ستة أيام من فشل القضية المصرية فى مجلس الأمن , وحضرها كريش حونز وزير المستعمرات البريطانى ليشهد تصفية هذا الجزء من الإمبراطورية!

قررت الجمعية العامة تشكيل لجنة من 11 دولة وأوصت فى 31 من أغسطس بتقسيم فلسطين إلى دولتين مستقلتين مع قيام اتحاد اقتصادى بينهما وكانت لجنة ملكية بريطانية برئاسة اللورد بيل قد اقترحت التقسيم عام 1937 أيد اليهود التقسيم إذ سيترتب عليه إقامة الدولة اليهودية.

وأعلن وزير المستعمرات البريطانى يوم 26 من سبتمبر قرار بلاده بالإنسحاب من فلسطين.

ونجح اليهود فى أن يجعلوا من عداء الدولتين – الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى – ميزة لهم فوافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار التقسيم فى 29 من نوفمبر بأغلبية 33 صوتا بينها فرنسا وبلجيكا ضد 13 صوتا وامتناع عشر دول عن التصويت بينها بريطانيا واليونان والحبشة والصين الوطنية وكان صوت الاتحاد السوفيتى هو الذى رجح الموقف لصالح التقسيم!

كان عدد الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة 57 دولة منها 6 دول عربية ونص القرار على تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وتبقى القدس وبيت لحم خارج الدولتين.

كتب جميس بوكر القائم بأعمال السفير البريطانى إلى لندن يقول " فوجئت الدوائر المصرية باعلان التأييد الروسى لمبدأ تقسيم فلسطين .

وعلقت الصحف – ككل – بمرارة على موقف الولايات المتحدة فى الجمعية العامة للأمم المتحدة. وعبرت ثلاث من الصحف الموالية للحكومة عن شعور عميق بخيبة الأمل تجاه الاتحاد السوفيتى الذى كان . فيما مضى يتخذ مواقف صديقة لمصر فى مجلس الأمن".قال الجنرال السير آلا كاننجهام المندوب السامى البريطانى فى فلسطين:

" التقسيم هو الحل الممكن للسلام بين العرب واليهود".

ولكن كلاتون مدير الإدارة الأفريقية بوزارة الخارجية البريطانية قال :

لن يرى الصهاينة فى التقسيم حلا نهائيا".وأيد الرأى ذاته السير روتالد كامبل السفير البريطانى فى القاهرة قائلا: " يرى العرب أن قرار التقسيم لن يكون نهاية المطاف . ويخاف جميع العرب من قايم دولة يهودية صغيرة على أرض فلسطين لأنه سيكون مجرد بداية صغيرة.لاختراق الدول العربية المحيطة بهذه الدولة . فيما بعد"!

ولكن الأمريكيين الذين يؤيدون التقسيم عبروا عن اقتناعهم به وأنه لن يثير ضجة ولن تكون له أية ردود فعل ما جانب المصريين.

أيد الرئيس ترومان على الفور فكرة التقسيم.

ولكن قدمت إلى ترومان تقارير بأن التقسيم يحتاج إلى تدخل أمريكى مسلح فى الوقت الذى يعارض فيه تدخل القوات الأمريكية عسكريا.

وقدرت القوات اللازمة التقسيم ب 104 آلاف جندى أمريكى وبريطانى.

وقيل لترومان إن الولايات المتحدة ستحتاج لى نصف مليون جندى لحفظ السلام فى فلسطين فرأى عدم تورط بلاده بإرسال هذا العدد إلى فلسطين وطلب أفكارا بديلة للتقسيم فاقترحت وزارة الخارجية الأمريكية وضع فلسطين تحت وصاية دولية مؤقتة بدلا من التقسيم ولكن العرب واليهود رفضوا الفكرة فمتت قبل أسابيع من انسحاب بريطانيا.

قالت الولايات المتحدة إن بريطانيا ستمد العرب بالسلاح طبقا لمعاهداتها مع الدول العربية ففرضت, الولايات المتحدة, حظرا على تصدير السلاح لمنطقة الشرق الأوسط فى ديسمبر 1947 وتبعتها بريطانيا بقرار حظر ثان.

وكتب لوى هندرسون مدير إدارة أفريقيا والشرق الأدنى بوزارة الخارجية الأمريكية يقول:

" سيثير المصريون كثيرا من الضوضاء ولكنها بلا معنى وقد تشهد القاهرة والإسكندرية مظاهرات وأعمال شغب معادية للسامية لن تدوم طويلا".

ولأول مرة يخطى هندرسون فى تقدير رد فعل شعب مصر إزاء تقسيم فلسطين .

اشترك الإخوان فى هيئة وادى النيل العليا لإنقاذ فلسطين للدعاية وجمع التبرعات للقضية. وأعلنت الهيئة العربية العليا فى فلسطين الإضراب لمدة ثلاثة أيام.

وشهدت القاهرة مظاهرات الطلبة وهم يهتفون:

- أين السلاح يا نقراشى؟

- وكتب جميس بوكر الوزير البريطانى المفوض:

- " اقام الإخوان مكاتب إخفاء طابعها العسكرى عندما طالبت بعمل حربى فى فلسطين. ودعا البنا أمين الجامعة العربية يوم أول ديسمبر إلى ضرورة الانسحاب من الأمم المتحدة ودعوة الدول الأخرى إلى التصرف بالمثل وحرمان مواطنيها اليهود من جنسيتهم إذا لم يؤيدوا قضية فلسطين العربية.

وقال نداء إلى الحكومات العربي والإسلامية إن الأمم المتحدة انتحرت بيدها. وسجلت على نفسها العجز وخراب الذمة وفساد الضمير وقال المرشد العام على الشعوب العربية والإسلامية أن تستعد وتتهيأ للدفاع عن فلسطين وإنقاذ عروبتها".

قالت السفارة الأمريكية فى عدة برقيات لها من القاهرة إن صحيفة " الإخوان المسلمون " نشرت ابتداء من 19 من أكتوبر 1947 وحتى 13 من يناير 1948 كثيرا من الأخبار والمقالات المعادية للصهيونية مع صحف أخرى مصرية.

هاجمت الصحيفة قيام اليهود المصريين بجمع التبرعات للصهونية.

ونشرت عن محاولات اليهود تسميم المياه فى العراق وسوريا . وأن انتشار الكوليرا فى سوريا وتزييف عملتها من فعل الصهاينة .. كما أبدت الصحيفة مخاوفها من قيام اليهود بتفجير المجارى فى القاهرة!! وأخذت الصحيفة تطالب حكومة مصر والعرب جميعا بدخول الحرب كتب صالح عشماوى يقول: " إلى الرجال لمسئولين كفى تفريطا فى حقوق فلسطين".

ونقلت الصحيفة مقالا عن جريدة الفجر التى تصدر فى كراتشى بعنوان " تدخل مسلح بدون إبطاء ... وإلا ".وقالت الصحيفة فى مقال آخر:

" مروا الجيوش تقتحم فلسطين من كل منفذ رضى الإنجليز أو غضبوا ومقال بعنوان" دولة ميتة"!

وامتنعت الصحيفة عن قبول إعلانات الشركات اليهودية ودعت إلى مقاطعة هذه الشركات حتى تغير مسلكها من مؤازرة يهود فلسطين وتعددت مقالات الصحيفة مطالبة بدخول الجيوش النظامية فى حرب فلسطين.

وطلب الشيخ البنا إلى الحاخام حاييم ناحوم وكبار اليهود المصريين " إعلان مشاركتهم لمواطنيهم المصريين مشاركة مادية وأدبية وأنهم سيكونون فى مقدمة من يحمل علم الكفاح عروبة فلسطين".

ولكن اليهود أصحاب الشركات والمحال التجارية الكبرى فى مصر منعوا الإعلانات عن مجلة " الكشكول الجديد" وأبلغ هنرى حاييم مدير شركة الإعلانات الشرقية إدارة لمجلة بأن اليهود يرفضون الاعلان فى مطبوعات تهاجمهم فاضطرت المجلة للتوقف عن الصدور!

دعا الشيخ البنا شعب الجماعة الإستعداد للجهاد .

وتوجهت أول كتيبة إلى الميدان يوم 27 من أكتوبر 1947.

ويكتب السفير البريطانى السير رونالد كامبل: ينادى البنا زعيم الإخوان المسلمين الدماء. وتثير المتاعب أمام النقراشى باشا بسبب السياسة المتخاذلة التى انتهجتها الحكومة تجاه الأحداث فى فلسطين.

ويحتشد أكثر من 20 ألفا داخل الجامع الأزهر وحوله بعد صلاة الجمعة يوم 5 من ديسمبر متحدين قرار النقراشى باشا رئيس الوزراء بمنع المظاهرات مطالبين بالعمل الحاسم لإنقاذ فلسطين.

ويكون الشيخ البنا وعبد الرحمن عزام أمين الجامعة العربية وصالح حرب رئيس جمعية الشبان المسلمين وأحمد سين زعيم مصر الفتاة بين الخطباء".

ونشر البنا مقالا عنوانه " خيبة خيبر" دعا فيه إلى دخول الجيوش النظامية العربية فلسطين. وقال إن فلسطين لا يمكن إنقاذها إلا بالقوة .

وأكد من جديد عرضه بان يضع تحت تصرف الجامعة العربية عشرة آلاف شاب كأول كتيبة للقتال فى سبيل فلسطين العربية.

كان الحماس يتردد فى كل الدول العربية.

قال تقرير للسفارة البريطانية :" الحالة النفسية للجماهير فى صالح إعلان الحرب . فالروايات حول فظائع الصهيونية كثيرة"!

وتتصاعد حدة الموقف تمهيدا للحرب التى بدت نذرها فأصدر مجلس الأمن قرارا – فى 17 من أبريل 1948 يدعو إلى وقف أعمال العنف وكل نشاط عسكرى وعدم دخول قوات أو جلب أسلحة إلى فلسطين.

تطوع الإخوان للقتال فى فلسطين ودربهم الصاغ محمود لبيب بمعكسر الجامعة العربية فى هايكستب بإحدى ضواحى القاهرة.

قال فيليب ايرلاند سكرتير السفارة الأمريكية فى برقية إلى واشنطن:

" هناك شك فى مدى فاعلية جهود الإخوان فى مصر لتشكيل كتائب لإنقاذ فلسطين.

لقد وقع عدد ملحوظ من الشباب المصريين فى كافة أنحاء البلاد استمارت الانضمام لهذه الكتائب. ولكن هناك شك فيما إذا كان هؤلاء المجندون سيشتركون فى نضال من أجل فلسطين. وهنا جهل تام بالمصاعب والجهود التى تتطلبها الحملة فى تلال ووديان فلسطين كما أن معظم المجندين غير مجهزين بأى شئ سوى الحماس والتعبئة المعنوية"

وقالت صحيفة مصر الفتاة إن ما تعده الجماعة من كتائب لمساعدة الفلسطينيين ليس إلا شعوذة ودجلا وضحكا على عقول المصريين..! فقد دخلت الحزبية كل شئ فى مصر .. بما فى ذلك قضية فلسطين!

عرفت الحكومة البريطانية بإنشاء وحدات عسكرية غير نظامية فى البلاد العربية . وأن قوات جيش التحرير بقيادة فوزى القاوقجى دخلت فلسطين من سوريا فى يناير والإخوان دخلوها – من مصر – فى فبراير فبعثت وزارة الخارجية لبريطانية إلى سفرائها فى العالم الغربى تطلب منهم إبلاغ الحكومات العربية باتخاذ خطوات فعالة لمنع مزيد من الانتهاكات فى فلسطين.

قابل تشابمان اندروز الوزير البريطانى المفوض فى القاهرة أحمد خشبة باشا وزير الخارجية وقدم إليه مذكرة من حكومته تطلب فيها من مصر, والحكومات العربية تيسير عملية انسحاب القوات البريطانية من فلسطين وعدم إثارة متاعب حتى لا تضطر بريطانيا إلى استعمال القوة.

وبعث السير رونالد كامبل السفير البريطانى برسالة أخرى إلى وزير خارجية مصر يوم 7 من أبريل قال فيها خطر وقوع أعمال نف على نطاق واسع يزداد نتيجة ظهور تشكيلات عسكرية غير نظامية أفرادها مجندون من الدول العربية. وهناك خطر اشتباكها مع القوات البريطانية.

وطالبت الرسالة بمنع الجماعات المسلحة غر النظامية التى دخلت فلسطين من القيام بأية عمليات عسكرية.

وبعثت رؤساء أركان حرب القوات البريطانية فى الشرق ألأوسط إلى الحكومة البريطانية تعليمات بشأن القوات العربية التى دخلت فلسطين من الدول العربية المجاورة.

وتساءل القواد:

هل تقوم بهجمات جوية على نطاق واسع ضد العرب ؟ وكان جواب الحكومة البريطانية بالنفى.

قالت صراحة: لا وأرسلت وزارة الخارجية البريطانية إلى سفاراتها تعليمات تقول:

" يجب ألا يتخذ عمل ضد المجموعات التى دخلت من الحدود إلا إذا هاجموا الماكز أو مركز الاتصالات البريطانية أو المراكز اليهودية المدنية والمستوطنين اليهود.

وفى حالة الهجوم على المراكز البريطانية يقابلون بمقاومة بجميع الوسائل وعلى مسئوليتهم وباستخدام الغارات الجوية.

وفى حالة الهجوم على اليهود يكون تدخل القوات البريطانية ضد المهاجمين بعد الرجوع أولا إلى الحكومة البريطانية "

وطبقا للسياسة البريطانية المناورة . الماكرة , والملتوية قالت وزارة الخارجية البريطانية لسفرائها

" لا تخبر الدولة التي تمثلنا لديها بذلك وإلا اعتبرت هذه التعليمات دعوة لعبور الحدود إلى فلسطين".

.. وكانت الدعوة فى الحقيقة لقتل اليهود العسكريين لا المدنيين أو البريطانيين .. ولكن العرب لا يعلمون !

وكانت القوات البريطانية قد خسرت خلال ال18 شهرا السابقة على انساحبها127 قتيلا و31 جريحا أثناء العمليات الإرهابية التى قامت بها عصابات اليهود.تركز النشاط اليهودى فى الإرهاب على العرب لتفريغ فلسطين من أكبر عدد منهم وبالذات فى المناطق اليهودية التى يعيش فيها 350 ألفا من العرب.

فى 5 من يناير عام 1948 نسف اليهود فندق سميرا ميس فى الحى العربى بالقدس ب 175 رطلا من الديناميت فقتل 23 من المدنيين بينهم القنصل الأسبانى .

وكانت هذه رسالة للعرب للرحيل من فلسطين.

وفى 9 من أبريل دخل مائة من قوات عصابة " أرجون" الصهيوينة قرية دير ياسين العربية والتى تقع عند مدخل مدينة القدس.

أذاع اليهود نداء بمكبرات الصوت إلى سكان القرية – وكلهم من العرب – لمغادرة منازلهم وتكرر النداء عدة مرات.

خرج الجميع إلى الشوراع فحصدهم اليهود بالرصاص.

وبقروا بطون الحبالى من النساء . وذبحوا ألأطفال فى أحضان أمهاتهم وأمام أعينهن. واخذوا 150 من النساء أسرى فجردوهن من ثيابهن, ووضعوهن فى عربات لورى مفتوحة نقلتهن إلى القدس . وطافوا بهن فى الشوارع عاريات ليفذفهن اليهود بالحجارة.

قتل فى هذه العملية 250 أغلبهم من النساء والأطفال وألقيت الجثث فى بئر القرية وعثر ممثل الصليب الأحمر داخل البئر على 150 جثة مشوهة ومحترقة لنساء وأطفال.

لم يتدخل الجيش البريطانى لوقف المذبحة أو القبض على المجرمين وأعلن وزير المستعمرات البريطانى فى مجلس العموم أن هذا العدوان البربرى دليل على الوحشية تعجز الكلمات عن وصف ماتنطوى عليه من بواعث الاشمئزاز والحزن العميق.

واعترف الكتاب اليهودى الصهيونى جون كيمش بأن مذبحة دير ياسين نقطة سوداء فى سجل التاريخ اليهودى.

وأطلق عليها الكاتب اليهودى أرثر كويسلتر العملية البربرية وحمام الدم واعترف قائد الهاجاناه فى القدس بأن دير ياسين كانت من أهدأ القرى فى المنطقة ويعيش أهلها فى سلام مع سكان المستعمرات اليهودية كان لهذه المذبحة و30 عملية عسكرية أخرى قام بها اليهود آثارها فى المناطق التى يسكنها العرب فى فلسطين والتى أعطيت لهم بمقتضى قرار التقسيم فهرب منها خلال عام 1948 – 720 ألفا من العرب!..

تسللت وحدات الإخوان المدربين إلى فلسطين بعد قرار التقسيم مباشرة وظلوا وحدهم فى الميدان زهاء خمسة شهور وزار الشيخ البنا فلسطين وأدى صلاة الجمعة فى خان يونس يوم 20 من مارس 1948.

ورد الإخوان على مذبحة دير ياسين فهاجم فدائيون فى الساعة الثانية من صباح يوم 10 من أبريل " كفار داروم" المستعمرة اليهودية الوحيدة فى السهل الساحلى جنوب غزة وتشرف على الطريق الرئيسى بين رفح وغزة . عبروا حقول الألغام وازالوها ثم قطعوا الأسلاك الشائكة وبثوا الألغام تحت مبانيها فانفجرت .

واعترفت الصحف اليهودية بأن المستعمرة تعرضت لهجوم عنيف وأن العرب هاجموها بالمدافع.

استشهد فى المعركة 12 من الإخوان وأصيب ستة آخرون احتفل الإخوان بتشييع شهدائهم واشترك معهم أهالى غزة وخان يونس ودير البلح ودفن الأبطال فى مقبرة خاصة بهم فى قرية النوصيرات. وكان ذلك أول اشتباك مع الصهاينة فى النقب قبل وصول متطوعي الجامعة العربية.

نشرت صحيفة الإخوان أسماء الشهداء وكانت لكل صحيفة قصة رائعة . من حياته واستشهاده أيضا . عبد الرحمن عبد الخالق – 21 سنة – بكالوريس زراعة . بطل الجامعة فى المصارعة وكرة السلة رفض أمر رئيسه بالانسحاب حتى استشهد.

ومحمد سلطان – 20 سنة – الموظف بالرى وضع لغما حول بطنه وأشعل الفتيل لينفجر معا فيدمران مركز حراسة يهودى

وعمر عبد الرءوف – 27 سنة – تاجر من هيا أصابته رصاصة فقال قبل أن يلفظ أنفاسه  : أولى الجنة. وهذه مجرد نماذج والأمثلة كلها حافلة بمعانى التضحية نشرت صحيفة أخبار اليوم قصة أول معركة بين المصريين واليهود كتب مراسلها من الجبهة يقول:

" أتأمل القتلى واحدا واحدا ليس بينهم واحد مصاب فى ظهره. بعضهم أصيب مرة ومرتين ومع ذلك بقى يحمل بندقيته ويضرب بها . دفنوا بغير غسل أو كفن . فإن من تقاليد الإسلام أن يدفن الشهيد بملابس المعركة. كان منظرا رائعا .

هذا الدم المصرى يغطى أرض الصحراء المنبسطة هذه الأرض التى سارت فيها جيوش المارشال اللنبى وحققت انتصارها الأخير على الأتراك أصبحت نقطة البداية التى تطلق منها مصر رصاصها على مستعمرات اليهود.

لقد تصاعدت الأحداث أثناء جنازة الشهداء تبحث عن الحاج عبد الخالق أين هو الحاج عبد الخالق ؟ كان يحارب فى المعركة ومعه ابنه محمد عبد الخالق.

سقط ابنه قتيلا إلى جانبه فلم يبك عليه . بل حمل بندقيته وراح يقتل بها الذين قتلوا ولده ثم انتهت المعركة ولم ينتظر الحاج عبد الخالق ليشيع جنازة ولده مع المشيعين بل حمل ابن أخيه الجريح احمد يوسف إلى غزة

قال له إخوانه: إننا نعزيك!

قال : كلا... هنئونى ! هنئونى ! سابقى هنا لأنال بعض الشرف الذى ناله ابنى...

قابلت الحاج عبد الخالق حسن يوسف من بلدة قويسنا بمديرية المنوفية وقد وقف يتقبل تهانى المجاهدين وكأنه يزف ولده إلى عروس .

أصر الجنود على أن يستحموا قبل المعركة استعدادا للموت . وصلّوا على أنفسهم صلاة الجنازة وتلوا جميعا آيات من كتاب الله.

رأى القائد البريطانى الشهداء وأطلعه قائد الإخوان على تفاصيل المعركة وكيف أن العرب لم يخسروا شيئا بل أنهم استعادوا أسلحة الشهداء والجرحى فدهش وذهب إلى حيث رقد الشهداء واحنى رأسه قائلا: أننى فى دهشة كيف استطعتم أن تفعلوا كل هذا ؟!

كنت فى فرقة الكوماندوس البريطانية ولم أشهد جرأة كالتى رأيتها الآن ولو كان معى ثلاثة آلاف من هؤلاء لفتحت بهم فلسطين"!

والغريب فى الأمر أن المتطوعين كانوا من مديريات – محافظات – مصرية مختلفة وكأنهم جاءوا يمثلون مصر والإخوان جميعا فى أول عملية انتحارية وكان الشيخ البنا قد طلب إلى كل متطوع أن يترك صورته. ووضعت الجماعة ملفا لكل منهم لينشر يوم استشهاده فإن الجميع كانوا يعرفون أنهم لا ينوون العودة بل طريقهم الجنة.

استولت العصابات الصهيونية على مدينة حيفا فى 22 أبريل 1948 الأن الإنجليز أبلغوا اليهود بموعد انسحابهم قبل أربعة أيام ولم يبلغوا العرب إلا قبل 24 ساعة من الساعة المحددة للانسحاب.

وظلت اسرائيل – على امتداد أربعين عاما – تزعم أن الهجرة الجماعية ل 400 ألف عربى من فلسطين بعد قرار التقسيم تمت بناء على طلب زعماء الفلسطينيين والقادة العرب.

ولكن فى أوائل عام 86 نشر الباحث الاسرائيلى بن موريس فى مجلة " دراسات الشرق الأوسط التى تصدر فى لندن وثيقة للمخابرات الإسرائيلية تقرر بأن السبب الحقيقى لهجرة سبعين فى المائة فى لندن وثيقة للمخابرات الإسرائيلية تقرر بان السبب الحقيقى لهجرة سبعين فى المائة من عرب فلسطين يرجع إلى خوفهم من هجوم الجماعات الإرهابية اليهودية وتأثير مذبحة دير ياسين واختطاف خمسة من زعماء عرب شمال تل أبيب والهمس الذى يردده اليهود لأصدقائهم العرب بأن هجوما قادما سيقع عليهم.

وكان من نتيجة هجرة العرب أن أستولت الوكالة الهودية على مبانيهم واستعملتها كمكاتب لها واستولى اليهود على املاك العرب وأموالهم فى المصارف . وكتب بن جوزيون رئيس الدائرة السياسية فى الوكالة اليهودية يقول:

" المفاجأة الوحيدة التى داهمتنى اكتشاف عيوب خلقية داحلنا" اقصد النهب الجماعى"! وكأنه لم يكن يعلم!

فى أوائل أبريل هاجم خمسون من متطوعى الإخوان مستعمرة دير البلح -  شمال خان يونس – ليلا وقطعوا الأسلاك وازالوا الألغام واقتحموا لامستعمرة ولكن اليهود أحسوا بهم فأمطروهم بنيران المدافع.

وأغارت هذه القوات على الستوطنات الاسرائيلية فى مارس ونجحت فى إرغام جيش الهاجاناه اليهودى على تشتيت قواته وحراسة منشآته وطرق مواصلاته.

واستطاعت هذه الكتائبأن تجمع عناصر عربية فلسطينية لتحارب معها وأرغمت قوات المستوطنات على البقاء محاصرة بداخلها تدافع عن نفسها. وظلت كتائب الجماعة تغير على المستعمرات فى النقب وتدمر خطوط المواصلات بينها وبين تل أبيب .

ونجح فى عزل الحى اليهودى فى القدس فى 7 من مارس عام 1948 ووصل إلى فلسطين لقيادة هذه القوات يوم 25 من أبريل البكباشى أحمد عبد العزيز ويعاونه البكباشى عبد الجواد طبالة .

تتابعت اجتماعات الجامعة العربية لبحث الموقف, بعد قرار بريطانيا بالإنسحاب من فلسطين المحدد له يوم 15 من مايو 1948.

فى البداية كان التفكير فى اتخاذ اجراءات انتقامية ضد بريطانيا والولايات المتحدة.

وطلب صالح جبر رئيس وزراء العراق – فى اجتماع القاهرة – التدخل العربى المباشر ضد اليهود فى فلسطين. وكانت وجهة النظر المصرية الرسمية ان التدخل العسكرى لا يكون بواسطة قوات نظامية بل متطوعين. ويقرر المجتمعون أن تقدم كل حكومة عربية للمقاتلين السلاح والمعتاد.

وتوزع عشرة آلاف بندقية  على المقاومة بفلسطين ومدها بالمقاتلين وفى الوقت ذاته كان بن جوريون يؤكد لقوات الهاجاناه اليهودية ا، الجيوش العربية ستشترك فى الهجوم على اليهود ولن تقتصر المعارك على متطوعين من الدول العربية كما حدث عام 1936!

فى كتابه " حد السيف" قال الكولونيل نورك:

" أول مشاركة مصرية فى حرب فلسطين قام بها الإخوان المسلمون . الذين يعتبرون الاستعمار والصهيونية ألد أعداء الإسلام.

وميزة الإخوان الشجاعة والاستهانة بالموت"

قال الدكتور محمد حسين هيكل فى مذاكراته " بحلول نهاية عام 48 نمت شعبية جماعة الإخوان بتأييدها للثورة الفلسطينية. فقد بادر فدائيو الجماعة بالتطوع معتبرين الحرب بين العرب واليهود حربا دينية فاشتركوا فيها وخاضوا غمارها.

وقوت الجماعة , فى هذه الفترة , الجهاز الشرى بجمع السلاح والتدريب عليه وممارسة أعمال العنف".

حرب الفيران

قال حسن يوسف وكيل الديوان الملكى إن الملك فاروق كان متحمسا لدخول الجيش المصرى فى فلسطين بينما رأى النقراشى تدبر الأمر بسبب وجود القوات البريطانية فى منطقة القتال خلف قواتنا .

وأكد هذه الحقيقة الفريق محمد حيدر باشا وزير لاحربية رفض محمود فهمى النقراشى باشا رئيس الوزراء أن يلجأ إلأى القوة العسكرية لمنع تنفيذ قرار الأمم المتحدة بإنشاء دولة إسرائيل.

وظل يردد فى اجتماع للجامعة العربية فى " عالية" بلبنان فى أكتوبر 1947 له لن يدفع الجيش المصرى إلى حيث تكون القوات البريطانية مرابطة على قناة السويس وراء ظهره.

وظل موقف النقراشى ثابتا لا يتزحزح. وكل ما وافق عليه النقراشى أن يرابط جزء من الجيش المصرى فى العريش بصفة احتياطية لحماية مصر إذا حدث هجوم عليها من العصابات الصهيونية.

سألأه إبراهيم عبد الهادى رئيس الديوان:

لماذا ؟

- أخشى أن نكون معرضين لخطر الغزو . ولكننا لم ندخل الحرب. , ولم نفكر فى ذلك!

- قال ادجار جلاد الصحفى وصاحب جريدتى الزمان والجورنال ديجبت والمقرب من القصر الملكى للوزير البريطانى المفوض يوم 6 من مايو عام 1948." ليس لدى النقراشى أية رغبة فى السماح للجيش المصرى النظامى بأ، يكون له دور نشيط فى تحرير فلسطين ويريد السماح للمتطوعين فقط"

- وصرح النقراشى باشا بذلك فى مجالسة الخاصة.

- قررت الدول العربية فى اجتماع عقد فى عمان - يوم 29 من أبريل 1948 رأسه الملك عبد الله – إعلان الحرب ضد اليهود ودخول القوات العربية فلسطين إثر انسحاب القوات البريطانية بعد منتصف ليلة 14 من مايو وكانت هذه هى المرة الأولى التى يتخذ فيها العرب قرارا رسميا بإعلان الحرب ضد اليهود وأقرت ذلك بصفةنهائية اللجنة السياسية للجامعة العربية يوم 12 من مايو قبل ثلاثة أيام فقط من بدء القتال!

- وكان أ÷م العوامل الرئيسية التى رجحت فكرة تدخل الجيوش النظامية أن لادول العربية لم تكن تعرف على وجه التحديد مدى قوة اليهود وكانت تظل الحرب نزهة تنتهى بالنصر خلال أيام. وفى السجل التاريخى لوزارة الدفاع المصرية استعرضت الوزارة موقف كل دولة عربية فقال السجل:

- " نلاحظ أن الساسة فى سوريا ولبنان زايدوا على قضية فلسطين بقصد الدعاية فى الداخل أكثر من الرغبة فى العمل الجدى. أما الحكومة العراقية فكانت مستعدة للتعاون مع الملك عبد الله فى ضم الجزء لاعربى من فلسطين إلأى مملكته . ولذلط نسقت أعمالها الحربية مع الأردن.

- ولم يقف فى وجه هذا المخطط سوى مصر والسعودية اللتين صممتا على تحرير فلسطين ثم تسليمها لأصحابها العرب".

- رد اليهود بالإستيلاء على مدينة يافا أكبر المدن العربية كتب ثروت السفير البريطانى فى جدة إلى جدة ارنست بيفن معلقا على قرار الجامعة العربية قال:" لم يشعر عربى بالمرارة عند خلق الدولة اليهودية فى فلسطين أكثر من الملك عبد العزيز سعود الذى لا يسمح لأى يهودى بدخول بلاده. ولم يكن مثيرا للدهش ان نسمع عن إرسال كميات من البنادق والسيارات ونقل المتطوعين تجاه الحدود الفلسطينية.

- وعبر موقف الملك عن إصرار العربية السعودية على الاشتراك فى الدفاع عن فلسطين وحماية عروبتها, والحيلولة دون تقسيمها ودون إقامة دولة يهودية أرسل ثلاث سرايا من المشاة لللعمل تحت القيادة المصرية". اشتدت حملة الرأى العام المصرى للمطالبة بإعلان الحرب على يهود فلسطين واشترك الجيش . وأصر الملك فاروق على دخول القوات المصرية فلسطين . قال لوزير البريطانى المفوض:

- هناك أنباء صحفية بأن القوات المصرية ستبلغ 15 ألف رجل .

- أوما إدجار جلاد برأسه موافق.

- قال الوزير: آمل ألا يتم القيام بعمل قبل 15 من مايو.

- ردجلاد: ليست هناك نية للتوغل فى فلسطين قبل ذلك التاريخ ! تلقى الفريق محمد حيدر باشا وزير الحربية المصرى ويارو الملك أمرا مباشرا من صاحب الجلالة بدخول القوات المصرية فلسطين دون أن يعلم النقراشى رئيس الوزراءودون انتظار قرار البرلمان أو قرار مجلس الوزراء . وكان النقراشى باشا كرئيس للوزراء أن يستقيل أو يتحمل المسئولية عن ملك مصر. ورأآ أن يتعرف أولا على حقيقة الموقف العسكرى فطلب الاجتماع بقيادات الجيش.

- شهد الاجتماع – يوم 10 من مايو 1948 – وزير الحربية الفريق محمد حيدر باشا واللواء عثمان المهدى رئيس الأركان واللواء موسى لطفى مدير العمليات وهيئة الأركان وبعض الضباط رئاسة الجيش واللواء أحمد على المواوى قائد القوات المصرية فى العريش.

- سألأ رئيس الوزراء المواوى عن حالة الجيش وإمكان دخوله الحرب فى فلسطين.

- أجاب اللواء المواوى قائلا: الجيش لا يصلح مطلقا للدخول فى أية معركة مهما كانت حالتها, ومهما قيل عن اليهود من ضعف فإن لاجيش تنقصهكافة المعدات وأهمها الأسلحة .-حالة البنادق سيئة لقدمها. والرشاشات الخفيفة لا تقل عنهاتلفا.

- أما الأسلحة لامضادة للدباباتومدافع الهادون والجرارات فغير ميسورة والذخائر تكاد تكون معدومة.

- ولم يتيسر للجيش تدريب جنوده التدريب السنوى الكامل فأجرى تدريبا جزئيابعشر طلقات بدلا من مائتى طلقة وكسورا ولا يمكن للجندى ان يصل إلى الكفاءة المطلوبة منه فى الميدان.إن البعثة العسكرية البريطانية التى اختارتها الحكومة لتدريب الجش وضعت هدفا محددا لعملياته, وهو أن هذا الجيش للأمن الداخلى فقط وهدمت البعثة المبدأ الأساسى لتكوين الجيش وإعداد كفاءته للحرب أما عن الضباط فنقص ذخيرة الطبنجة حرمهم من التدريب عليها. هذا عن الأسلحة والذاخائر بسلاح المشاة, والمر أشد وأنكى فى المدفعية والفرسان. وليس لدى الأسلحة لمساعدة – كخدمة الجيش – وحدات تكفى لتحريك نصف كتيبة.

- ومعدات مستشفى الميدان غير قادرة على شئ بالمرة رد النقراشى بطريقته الحازمة المعتادة:

- اسمع يا مواوى : مصر تتزعم الدول العربية وهذه الدول أعلنت وعلى رأسها الملك عبد الله , دخول فلسطين فكيف تقول غن جيشنا لا يصلح للحرب. قال المواوى: إنى أشرح الحقيقة المرة التى عليها جيشنا. قال النقراشى :

- يظهر أنك متهيب.

- إنى ضابط وحضرت معارك. وليست الحرب جديدة علىّ ولكنى أخشى فضيحة مصر ةجيشها.

- أ{أد النقراشى إنهاء المناقشة فقال:

- تأكد أننا سنمدك بكل شئ.

- ووقف قائلا: هيا بنا نرى الموقف على الخريطة فى غرفة العمليات. وأثناء خروج الجميع من قاعة الاجتماع وجدوا إبراهيم عبد الهادى باشا رئيس الديوان ينتظر فى غرفة الياور بينما النقراشى يردد كلمات:

يظهر أنك متهيب يا مواوى.

تدخل إبراهيم عبد الهادىقائلا:

لا تتهيب فليس أمامك من اليهود ما يستحق الذكر!

وفى غرفة العمليات أخذ العقيد على الشافعى يشرح الموقف قائلا: اليهود ليسوا إلا عصابات مفككة! لم يكن النقراشى أو كبار الضباط لمصريون يعرفون حقيقة الموقف العسكرى لليهود. فى 9 من مايو 1946 أى قبل عامين قدم رؤساء أركان حرب القيادة المشتركة ألأمريكية تقريرا عن القوات الاسرائيلية قدروا فيه عدد قوات الهاجاناه بأنها 65 ألفا والاحتياطى 40 ألفا منها 16 ألفا قوات متحركة ونحو 6000 قوة ضاربة مدربة تملك أسلحة اتوماتيكية وكل مقاتل لديه سلاحه.

وفى كتاب ستيفنجرين " الانحياز" وصف شامل لاستعدادات اليهود للحرب. قال " إ،÷م عبأوا آلاف الأطنان من الأسلحة: طائرات ودبابات ومدفعية وعشرات الملايين من الدولارات بواسطة شبطة يهودية غطت شمال وجنوب أمريكا وجنوب أفريقيا وأوربا والصين.وزحف آلاف الجنود المدربين والطيارين من الشرق والغرب ليحاربوا فى صفوف اليهود.

وكان لعصابة أرجون 23 فرعا فى العالم تجمع التبرعات وتستأجر وتدرب وتشترى وتشحن إلى اسرئيل . ومعظم الأسلحة التى وصلت إسرائيل ابتداء من عام 1945 حتى رفع الحظر فىعام 1949 جاء بطريقة سرية بواسطة الأمريكيين الهصاينة .

وقدر هيكلمان فى كتابه عن " المتطوعين الأمريكيين" إ، المساعدة الخاصة من الأمرييكن للهيود اثناء فلسطين بلغت 1300 متطوع و15و 20 مليون دولار.

وفى المعارك لم يقاتل لعرب يهود فلسطين كما قال ستيفن جرين بل كانوا يحاربون مصادر التمويل المشتركة للمجتمع اليهودى الدولى وقواته.

وعلى سبيل المثال كان قائد جبهة القدس الاسرئيلية ضابطا أمريكيا هو الكولونيل دافيد ماركوس مساعدحاكم نيويورك السابق.

وساعد ماركوس على إعادة تنظيم القوات اليهودية وتحويلها إلى لاجيش انظامى.

ومن غريب المصادفات أن ماركوس لقى مصرعه برصاصة اسرئيلية خاطئة رفع اليهود أجورا مرتفعة للضباط والجنود الامريكيينوكان الطيار الأمريكى يحصل على 600 دولار شهريا عدا المصروفات وهذا الأجر يفوق ما يحصل عليه فى الولايات المتحدة.

وكان دافيد بن جوريون أول من قال بأن الجيوش العربية ستهاجم اليهود ولكن عصابة الهاجاناه – التى تحولت بعد ذلك إلى جيش الدفاع الاسرئيلى – لم تقتنع بذلك وكانت تظن ان العرب لن يتدخلوا عسكريا بل سيقدمون متطوعين كما حدث فى الثورة الفلسطينية عام 1936.

وقبل سبعة شهور من الحرب أيقنت الهاجاناه بان الجيوش العربية ستحارب فى فلسطين بينما العرب لم يقرروا الهجوم – بصفة نهائية – إلا قبل ثلاثة شهور فقط من بدء المعارك!!وفى نوفمبر 47 قالت المخابرات الحربية الأمريكية إن قوة عرب فلسطين لا تتجاوز 33 ألفا أسلحتهم ضعيفة.

وبعث القنصل الأمريكى فى القدس إلى واشنطن يقول إن الإنجليز عثروا على وثائق تثبت ارتباط زعماء عصابات شتيرن وأرجون الصهيونيتين بالمسئولين فى سفارات الاتحاد السوفيتى والكتلة الشرقية فى بيروت , وأن مناجم بيجن زعيم أرجون قبل, بصفة منتظمة أموالا من السكرتير الثانى للمفوضية السوفيتية فى بيروت.وفى تقرير لأحمد فراج طابع قنصل مصر العام بالقدس تاريخه 8 من ديسمبر 1947 قال إن عرب فلسطين مجردون تقريبا من كل سلاح والتنظيم معدوم لديهم.

وفى 10 من يناير 1948 اكتشفت المخابرات الأمريكية فى ألمانيا أسلحة وذخائر وقنابل يدوية من المعسكرات الأمريكية فى بافاريا.

وباعت هيئةمخلفات الجيش البريطانى - فى انجلترا – 21 طائرة استطلاع لشركة يهودية فى فلسطين. وأبلغ الأدميرال هيلينكوبتر رئيس المخابرات المركزية الرئيس الأمريكى فى 12 من أبريل 1948 بأن الطائرات الأمريكية والأطقم الأمريكية تشترك فى نقل الأسلحة التشيكية إلى اليهود وأن السلطات التشيكية الرسمية تحى الأمريكيين الصهاينة.

وقالت تقارير المخابرات المركيزة إن طائرات الخطوطج الجية التشيكية تنقل السلاح من براج إلى جنوب فرنسا . وذلك لحاجة تشيكوسلوفيا كيا إلى العملة الصعبة.وثبت – فيما بعد – ان تقدير مخابرات الهيئة العربية العليا عن الأسلحة التى يملكها اليهود تمل 8 فى المائة فقط من الحقيقة وأن أسلحة العرب نصف ما عند اليهود!

ولكن لا مصر ولا العرب ولا جماعة الإخوان كانوا يعرفون حقيقة وأبعاد هذاكله.وافق مجلس الوزراء لامصرى على دخول الحرب بالإجماع. وطلب النقراشى باشا عقد جلستين سريتين لمجلس النواب والشيوخ – يوم 12 من مايو – ليطلب منهما إعلان الحرب على إسرائيل.

قال النقراشى للنواب والشيوخ إنه لا يصح أن نترك الدول العربية تدخل فلسطين وحدها وتبقى مصر لا تتحرك.

وقال إن الجيش المصرى مستعد , وتستطيع القوات العربية سحق القوات الصهيونية وأكد الفريق محمد حيدر للمجلسين أن الجيش المصرى مستعد لدخول الحرب!

وافق مجلس النواب بالإجماع على التدخل العسكرى فى فلسطين فى الوقت المناسب... لأن الحكومة لا تستطيع أن تذيع الموعد.

وكان الأعضاء مدفوعين إلأى ذلك بالحماس الشعبى وإيمانهم بأن الحرب نزهة ولأن قرار الحرب كان قرار الملك! فى مجلس الشيوخ اعترض عضو واحد وهو إسماعيل صدقى الجل الذى تعلم من تجربته كرئيس للوزراء مرتين أنه لا ينبغى أن يوافق على أمر لا يقتنع به لمجرد أن يكون رجل الملك!

و تعلم من مفاوضاته السرية مع الإنجليز عام 1946 التى وقف ضدها الشعب أنه يجب أن يواجه المصريين بالحقائق الكاملة. أعلن صدقى باشا رايه فى فى الجلسة السرية لمجلس الشيوخ. قال إنه كان رئيسا للوزراء إلى أواخر عام 1946 ويعرف أن الجيش المصرى تنقصه الأسلحة والعتاد اللازمان للحرب.

وكرر صدقى فى الصحف اعتراضه على دخول الحرب فاتهمه الناس بالخيانة قالوا إنه عاد إلى ألاعيبه القديمة وإن اليهود اشتروه بالمال أو بعضوية بعض الشركاتوإنه صهيونى! وعارض الدكتور وحيد رأفت مستشار الرأى لوزارة الخارجية التدخل العسكرى قال:

- يمكن أن يكون التدخل مستترا مقنعا فى شكل تطوع منتظم كما حدث فى الحرب الأهلية الأسبانية بين عامى 36 ,39.

- وفى مذاكراته قال الدكتور محمد حسين هيكل:

- " وربما كان الوضع الداخلى من بين الأسباب التى دفعت إلى دخول الحرب فإن الالتجاء إلى الحروب لصرف الانظار عن المشاكل الداخلية سياسة لجأت إليها الدول الديكتاتورية مرارا فى التاريخ القديم والحديث"!

- رأى تشرتشل وهو صهيونى معتدل كما يقول مؤرخو الإنجليز القتال بين العرب واليهود قادم فقال:لن تضيرنا حرب محدودة ... إنها حرب الفيران!

- دخلت قوات الدول العربية فلسطين فى 15 من مايو عام 1948 وبذلك انتهت فترة قتال المتطوعين التى بدأت فى أول ديسمبر 1947 واذيع فى القاهرة بلاغ رسمى يقول:

- " صدرت تعليمات إلى قوات الجيش المصرى بدخول فلسطين لإعادة الأمن والنظام فيها ولايقاف المذابح التى تقترفها العصابات الصهيونية ضد العرب وضد الإنسانية".قالت المخابرات الأمريكية إنه" من الناحية العددية فإن نسبة المقاتلين اليهود للعرب ثلاثة إلى واحد فضلا عن أن اليهود يتمتعون بميزة القوة والتدريب والنظام والقيادة والتجرية والقتال واحتياطى الذخيرة والسلاح.

- أما العرب فعندهم ميزات المدفعية والطيران وربما المدرعات ".كان الإنجليز يعتقدون بأن الجيوش العربية ستحقق النصر فى مذكرات سكرتير بيفن قال:

- " كان بيفن يتوقع انتصار العرب". وعندما التقى وزير الخارجية البريطانى بزميله الوزير ريتشارد كروسمال قال بيفن:

- نعلم الألمان الوحشية من اليهود.

- وكان مناجم بيجن يصف بيفن بأنه وحش معاد للسامية.

- وقال القائد البريطانى مونتجومرى:

- لن يستطيع اليهود ماية خطوط مواصلاتهم.

- وقال الجنرال السير جوردون ماكيلان قائد القوات البريطانية فى فلسطين فى تقاريره السرية.

- لن تجد اليوش العربية صعوبة فى الاستيلاء على كل فلسطين وحذر بيفن وزير الخارجية الأمريكى مارشال قائلا:

- سيذبح اليهود .

- مع انتهاء الانتداب ورفع الخصار البحرى البريطانى عن السواحل الفلسطينية تدفق فيضان المتطوعين المدربين والسلاح والطائرات من أوربا الشرقية على إسرائيل.

- قال السجل التاريخى لوزارة الدفاع المصرية:

- " لم تطرأ أية زيادة تذكر على قوة الجيش المصرى اعتبارامن شهر ديسمبر 1947 وحتى مايوم 1948 عندما أعلنت التعبئة وشكلت وحدات احتياطية للطوارئ.

- كان مجموع القوات المصرية فى كل الأسلحة بما فيها الحدود وخفر السواحل فى ديسمبر 1947 – 2684 ضابطا و55421 جنديا وفى مايو 48 أصبح العدد 2644 ضابطا و60027 جنديا.

- وكان عدد القوات المصرية المتمركزة فى العريش عندما أعلنت الحرب 397 ضابطاو 8895 من الجنود وهم الذين عبروا فجر 15 من مايو الحدود المصرية الفلسطينية عند رفح على الطريق الساحلى الشمالى الممتد من غزة إلى فلسطين وهو الطريق التقليدى الذى قطعته القوات المصرية أكثر من 40 مرة عبر التاريخ. وفى هذه المنطقة الجنوبية من فلسطين وصحراء النقب توجد 27 مستعمرة يهودية موزعة فى أماكن متفرقة.

اجتمع مجلس الأمن فى اليوم نفسه واصدر قرارا بوقف الأعمال الحربية فاجتمعت اللجنة السياسية فى دمشق ورفضت ذلك القرار لخلوه من آية ضمانات تطمئن إليها الدول العربية إذا تجددت المعارك.

- وجه الشيخ الأزهر مأمون الشناوى نداء إلى المجاهدين.


- ووصف الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتى الديار المصرية يوم 15 من مايو بأنه يوم الملحمة وقال " ليكن شعارنا منذ اليوم فى مصر وسائر دول الشرق الأوسط كلمة فاروق الخالدة التاريخية: لن أقبل أن تقوم فى الشرق الأوسط دولة صهيونية على مقربة من حدود مصر".

- وأذاع الإخوان فى اليوم الأول للقتال بلاغا أعلنوا فيه أن " مجاهديهم فتكوا بقافلة يهودية كبيرة وظفروا بغنائم هائلة".ورحب الإخوان بدخول مصر الحرب.

نشرت صحيفتهم يوم 16 من مايو عنوانا كبيرا يقول " الجيش لمصر يثأر لعرب فلسطين". وكتب محب الدين الخطيب فى الصفحة الأولى من اليوم ذاته مقالا افتتاحيا عنوانه " من السياسة إلى الجهاد . أبرك تحول فى تاريخنا الحديث" قال فيه : " الحكومة فى مصر وشقيقاتها كانت فيما مضى متخلفة عن شعوبها لذلك كان القرار الرسمى نزولا من الحكومات العربية إرادة شعوبها". - وبوجه المرشد العام بصفته ممثلا لهيئة وادى النيل العليا لإنقاذ فلسطين حديثا من إذاعة القاهرة عنوانه " ثمن الحياة" قال فيه: - " ليس فى لاعالم منذ فجر التاريخ قضية أعدل من قضية فلسطين ولا ظلم أفدح ولا أفظع من العدوان عليها. - اضطركم عدوان العصابات الصهيونية على عرب فلسطين إلى أن تهبوا لنجدتهم وتؤيدوا حق الروابط التى تربطكم بها فبادورا إلأى أداء الواجب كاملا غير منقوص".وتم التنسيق بين جيش مصر وكتائب الإخوان لاتى كانت تقوم بإشغال السمتعمرات الاسرائيلية حتى لا تنقض من الخلف على الجيش المصرى. - أعلنت الولايات المتحدة ان الحالة فى فلسطين تهدد السلم وتنذر بالخطر وطلبت إلى مجلس الأمن وقف القتال.

- وأيدت بريطانيا ذلك فوافق المجلس فى 22 من مايو بعد أسبوع من بدء المعارك على وقف القتال وأن تبقى لاقوات فى أماكنها. ولا يحاول طرف تحسين وضعه العسكرى.. ولا تجرى تحركات للقوات والمعدات ولا تدخل قوات جديدة إلى ميدان القتال.

- رفض العرب وقف القتال بينما قررت إسرائيل – على الفور – الاستجابة لنداء الهدنة .قالت صحيفة الإخوان المسلمين:

- " فيم الهدنة التى دعا إليها مجلس الأمن إن الجيوش العربية استطاعت برغم مناعة استحامات الصهيونيين. ومقاومتهم المستميتة أن تسيطر على زمام الموقف فى فلسطين سيطرة تامة وتوشك كماشتها أن تطبق على تل أبيب.وقف القتال فى هذه الآونة العصبية معناه إتاحة الفرصة للعناصر الإرهابية اليهودية الإجرامية لتنتعشمن جديد وتدعم من مراكزها ومواقعها. وإصرار مجلس الأمن على فرض وقف القتال على القوات العربية فى هذا الظرف إعنات لا يمكن أن يحمل إلا على أنه خديعة مكشوفة يراد بها شل الجيوش العربي وغضاعة ثمرة تضحياتها".

- كانت المبادرة فى أولها من نصيب الجيوش العربية كما تقول وزارة الدفاع المصرية ولكن تمت جميع العمليات بلا تنسيق أو تعاون استرا تيجى بين هذه الجيوش ... ورغم ذلك كانت جميع المعارك فى صالح لاعرب.واستطاع الجيش المصرى دخول غزة فى اليوم التالى واشتبك مع بعض المستعمرات اليهودية واحتل بعضها وترك وحدات تحاصر مستعمرات أخرى.

- ووصل اليش المصرى إلى المجدل ودخلت قوات المتطوعين المصرين بيت لحكم التى لا تبعد عن القدس إلا خمسة أميال وسقطت القدس العربية بعد 11 يوما من القتال ورفع اليهود العلم الأبيض مستسلمين يوم 28 من مايو.

- وفى 7 من يونيو كان الجيش المصرى قد احتل ثلث فلسطين وهدد بعزل القوات الإسرائيلية فى جنوب النقب وأصبح على بعد 16 ميلا من تل أبيب التى صارت على مرمى المدفعية المصرية تهدد خطوط دفاعها.

- وأغارت الطائرات المصرية على المدينة وألقت عليها بعضالقنابل فتحولت بعض شوارعها الكنية إلى أكوام من الأنقاض وأصاب الذعر السكان. وكان الإستيلاء على تل أبيب التى يسكنها مع ربع مليون نسمة يعنى نهاية الحرب بالنسبة لإسرائيل.

- ويعترف الإنجليز فى تقاريرهم الرسية.

" لم يتضمن الحرب فى مراحلها الأولى أية إرهاق أو تضحيات كبيرة للقوات المصرية".وقال تقرير للسفير البريطانى فى القاهرة.

- " وكنا نلعب دور المتفرجين بالنسبة لتقدم الأعمال العسكرية"ز

- طلب بيفن إلى سفيره فى القاهرة إبلاغ الحكومة المصرية بأن الهجمات على الأهداف المدنية فى تل أبيب تسبب ضررا بالغا للقضية العربية لأنها تظهر العرب للعالم الخارجى .. كمعتدين .وعقد اجتماع طويل بين السفير البريطانى وفاروق بعد 4 أيام من القتال قال السفير رونالد كامبل:

- - العرب يهاجمون المواقع اليهودية فى تل أبيب ويقصفونها بالمدافع قال فاروق متحديا:

سيتعرض اليهود للهجوم فى أية مواقع محصنة, قال السفير :وماذا سيكون رد العرب إذا اعتبرت الأمم المتحدة ذلك اعتداء "

- قال الملك:

- العرب مصممون على القتال حتى النهاية , وإلى آخر رجل من قواتهم النظامية.

- قال السفير:

- بما يجتمع مجلس الأمن ليقرر وقف إطلاق النار وفرض عقوبات .

- قال فاروق:

- يمكن لمصر أن تتحمل ثمانية اشهر دون أن تتاثر اقتصاديا ولا أعتقد أن مجلس الأمن سيجتمع لوقف القتال.

- وقال فاروق : أعتقد أن بريطانيا مثلى تكره بشدة أن ترى دولة صهيونية شيوعية تتأسس فى الشرق الأوسط.

- قال السفير: ليس هناك شك فى مشاعرنا تجاه إقامة دولة شيوعية . قال فاروق :

- أية دولة صهيونية ستكون شيوعية. - واضاف صاحب الجلالة.

ستجرى معارك ضارية. ولكن يوجد كثير من الحماس الدينى فى مصر ضد العمليات الوحشية التى تعرض لها المسلمون فى فلسطين . والتأمين العاديون متحمسون لدخول المعركة كأقصر طريق إلأى الجنة.

- وقال فاروق للسفير:

- هل تستطيع بريطانيا إمدادى فى سرية تامة بأية مساعدة من الإمدادات العسكرية ... فإن بريطانيا تمسكت بقرار الحظر على تصدير السلحة إلى الشرق الأوسط لمنع اتساع القتال.

- وقال فاروق :

تركيا مدينة لكم بالكثير فهل تستطيعون التلميح لها بمنع أية سفينة تابعة لروسيا أو الدول الدائرة فى فلكها إذا كانت تحمل عتادا حربيا أو متطوعين إلى الصهاينة من عبور الممرات المائية .. لبوسفور والدردنيل؟

رد السفير :

ليست هناك حالة حرب نظامية بلانسبة لتركيا للتدخل فى الملاحة وستكون حريصة على عدم انتهاك المعاهدة وإثارة قضية الممرات.

قال السفير:

- ما موقفكم إذا رفعت الولايات المتحدة الحظر الذى فرضته على بيع السلاح للشرق الأوسط؟

- قال الملك:

- لن يكون ذلك ميزة للعرب. إن اليهود كانوا بدولاراتهم فى الولايات المتحدة, ومصر لديها قليل من الدولارات فهل تستطيعون مساعدتنا بالدولارات؟ - ق السفير :

- لا أجد فرصة ممكنة لذلك!

- رغب النقراشى باشا والدكتور نجيب اسكندر وزير الصحة فى زيارة جبهة القتال فرفض حيدر!ّ وأعلن وزير الدفاع – بعد ثورة يوليو 1952 – أن القصر الملكى كان يدخل فى العمليات العسكرية ويأمر بتحرك القوات للإستيلاء على مناطق جديدة قبل تأمين المناطق الأولى.

- وقال العسكريون المصريون – بعد الثورة وعزل فاروق – إن حيدر باشا كان على اتصال مباشر بالملك شديد الاعتزاز بذلك ويرفض أن يتصل بصاحب الجلالة أحد غيره فى شئون فلسطين نصح بيفن العرب بقبول قرار وقف القتال وأبلغ سفراؤهفى العواصم لاعربية هذه النصيحة للجميع.

- قابل السفير البريطانى أحمد خشبة باشا وزير الخارجية لإقناعه بالمزايا التى تتحقق للدول العربية بإعلانها قبول قرار مجلس الأمن كما فعل اليهود.

- قال الوزير:أعتقد أن الرد العربى سيكون على النحو التالى :

ط لاترغب الدول العربية فى مواصلة القتال ولا فى إراقة الدماتء . وهى مستعدة للموافقة على وقف اطلاق النار إذا استطاعت القوى الكبرى أن تضمن عدم وصول تعزيزات من – أفراد وأسلحة – إلى اليهود .

وأعرب الوزير عن عدم الثقة فى نزاهة اليهود".

قال السفير :

سيكون العرب فى وضع سيئ بالنسبة لليهود إذا كان قبولهم مشروطا وكان قبول اليهود غير مشروط. الشرط العربى معقول لأن الخطر الذى يهدد العرب فادح وأكيد قال السفير:

- ساعدمنا على تحقيق تسوية وفقا لمبادئ العدالة وتشجيع عناصر فى الولايات المتحدة ترغب فى إعادة السياسة الأمريكية إلى الخطج الصحيح .

- قال الوزير:

- - مصلحتنا فى رفض اقتراح وقف اطلاق النار, لأن اليهود سيدعمون مواقفهم.

- ولكن بيفن يبلغ الحكومات العربية الرسالة التالية:

" إنى أعتمد على رجال الدولة والإحساس الطيب للحكام العرب والسياسيين العرب. وأعرف أين تكون المصلحة الحقيقية للدول العربية إن هذه الخطة حرجة بالنسبة للأسر المالكة ولانظم السياسية فى البلاد العربية. ويجب على الزعماء أن يختاروا بين إجراء وقتى مضلل للتحدى يتبعه الدمار والإنقلاب السياسى .

وبين التصرف كرجال دولة يقبلون الشروط التى أمكن لنا الحصول عليها فى مواجهة الضغو المشتركة للولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى",

فكرت الولايات المتحدة فى رفع لاحظر على توريد السلاح للمنطقة ... أى إسرائيل ومن أخذ السفير البريطانى بعدد لوزير خارجية مصر مزايا وقف إطلاق النار:" القرار لا يتجاوز حقوق ومطالب ومواقف أى من الجانبين.

" يأتى وقف اطلاق النار فى وقت عجزت فيه القوات العربية عن التقدم إلأى حد كبير وكان اليهود يستعدون لهجوم مضاد قوى.

" يكفل القرار تعهدا من جانب اليهود بأنهم لن يدعموا قواتهم المسلحة ولن يؤثر ذلك على موقف العرب فهم لا يرغبون فى إحضار قوات مقاتلة إلى بلادهم من الخارج.

استمرار فرض حظر تصدير السلاح للشرق الأوسط وإلا فإن فلسطين ستغرق فى فيضان من السلحة الأمريكية القاتلة. وبالإضافة إلى ذلك فإن روسيا وأتباعها سيرسلون امدادات كبيرة من المواد الحربية . وسيشجع ذلك اليهود على غزو الأراضى المخصصة للعرب فى التقسيم.

ينص القرار على إشراف محايد على وقف القتال.

وإذا قبل العرب القرار ونفذوه , ولم يقبله اليهود , أو قبلوه ولم ينفذوه فإن كل ثقل المشاعر والضغوط الدولية ستكون إلى جانب العرب.

ويعتبر ميزة للعرب انتهاك اليهود لتعهداتهم وهذه هى الفرصة الأخيرة لكسب الرأى العام الدولى لصفهم وكنا – أى الإنجليز – نجاهد بمفردنا لضمان شروط معقوله للعرب. وقد عرضنا للخطر علاقتنا مع لولايات المتحدة فقد جعلناها توافق على ما نعتبره شروطا عادلة.وإذا رفض العرب الفرصة فلن يكون بمقدورنا القيام بأية جهود جديدة نيابة عنهم وسنترك الأمور تسير فى مجراها.

وسيؤدى استمرار الصراع غلى تدهور فى موقف العرب العسكرى وإلى فقدان التأدييد الدولى الذى يتمتعون به الآن , وما يؤدى إليه تزايد الاجراءات الدولية القاسية ضدهم وتفكك أنظمتهم السياسية والاقتصادية.

إن هدنة الأسابيع الأربعة يمكن أن تستخدم كأفضل ما يكون فى محاولة حققية للوساطة وهذه أفضل الوسائل أمام العرب لتحقيق أهدافهم السياسية .

قالت صحيفة الإخوان إن الجماعة ترفض مبدأ هدنة من أساسه وكتب البنا يقول:

" الجيوش العربية منصرة مظفرة بيدها زمام الموقف, والحقائق تفرض على الدول العربية أن ترفض كل اقتراح يشير إلى هدنة أو شبه هدنة إلا بعد أن تدخل جيوشها تل أبيب وتطرد العصابات الآثمة.

وهل حقيقة ما يقال من أن بريطانيا أرادت الهدنة لتصل إلى ما تريد وأنها تلعب على الحبلين , وتظن أنها أرضت العرب بتظاهرها بالوقوف إلى جانبهم حينا من الزمن ثم حاول ارضاء اليهود بتشجيع الهدنة التى يستطعيون فى ظلها أن يتنفسوا مما هم فيه من ضيق.

والصحيح أن قادة العرب أنفسهم هم الذين يريدون الهدنة بعد الإستيلاء على القدس القديمة". وقال: "... هل صحيح أن حكام الشعوب العربية مازالوا مغرمين بالأساليب السياسية كارهين لكل ما يتصل بالحرب والجهاد".

واضاف :

" إننا متشائمون من هذه الهدنة لا نرضى بها و توافق عليه. ونحمل الذين اختاروا هذا الطريق تبعة عملهم بين يدى الله والناس".

دولة العصابات

كان بيفن يعانى ضغطا من الولايات المتحدة التى تؤيد اليهود بشدة والسوفيت الذين اعترفوا بدولة إسرائيل.

وفى ذلك الوقت بدأ السوفييت حصار برلين الغربية..ز بريا واتجهت جهود الولايات المتحدة وبريطانيا إلى هذه المدينة والموقف المتوتر فيها وضرورة مد سكانها بالطعام وكل يحتاجون إليه بالطائرات.

وزادت مخاوف الدولتين اشتعال حرب عالمية فجأة وكان يهمهما استمرار التحالف بينهما.

اجتمع مجلس الأمن مرة أخرى يوم 29 من مايو وقرر وقف القتال ملوحا بسلطته فى فرض الجزاءات على الجانب الذى يرفض القرار. وفى كل مرة كان اليهود يوافقون على الهدنة لموقفهم العسكرى السئ أما العرب فكانوا يرفضون.

ولكن مع التهديد بالعقوبات والضغوط البريطانية تقرر أن يجتمع رؤساء الحكومات ووزارة الخارجية العرب فى عمان يوم أول يونيه 1948.

اعتذر عبد الرحمن عزام أمين الجامعة العربية عن عدم حضور الاجتماع بدعوى وعكة صحية وكان رأيه الذى عبر عنه لأحمد خشبة باشا وزير خارجيةمصر رفض قرار مجلس الأمن , ومواصلة لاقتال خسية استغلال اسرائيل للهدنة المؤقتة مواقعها وإمكاناتها الحربية.

واعتذر النقراشى عن عدم مغادرة مصر فى تلك الظروف الحرجة ومثل مصر خشبة باشا الذى طار إلى عمان يرافقه وحيد رأفت مستشار الرأى بمجلس الدولة لوزارة الخارجية.

فى مذكراتوحيد رأفتوصف لما جرى فى الاجماعين اللذين عقدتهما اللجنة السياسية فى عمان قال:" بدأت اللجنة بمراجعة تقارير ممثلى الدول العربية فى نيويورك وقد أجمعت على أن الولايات المتحدة ستقوم بعمل لصالح إسرائيل إذا رفض العرب الهدنة مثل رفع الحظر على تصدير السلاح ... إلأى إسرائيل.


ومن المحتمل أيضا أن يساعد الاتحاد السوفيتى إسرائيل بعد اعترافه بها , كما أن بريطانيا لا تستطيع الوقوف مع الدول العربية خشية الصدام مع الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى خاصة بعد اتهام الدوائر الصهيونية للحكومة البريطنية علنا بمناصرة العرب.

ورأت اللجنة السياسية الوقوف على آراء القادة العسكريين قبل اتخاذ أى قرار وشكلت لجنة من رئيس وزراء الأردن توفيق أبو الهدى وأحمد خشبة باشا لسماع أقوال العسكريين.وغضب سيف الإسلام عبد الله لعدم اختياره عضوا فى اللجنة وعزا ذلك إلى سابق اتهام البعض له بإفشاء المداولات السرية!

استمعت اللجنة إلى الجنرال جلوب باشا قائد الجيش الأردنى وقائد االقوات العراقية والعقيد سعد الدين صبور نيابة عن قائد الوات المصرية فى فلسطين.

قال القادة الثلاثة إن الجيوش العربية نقصها الذخيرة . ولذلك فهى مضطرة لوقف القتال كما أن المعارك الحاسمة لم تبدأ بعد والمعاقل الحصينة ما زالت بين الاسرائيليين.

وينته الاجتماع بالموافقة على وقف القتال مدة أربعة أسابيع مع تحفظات تمنع الهجرة اليهودية وتحديد مهمة الوسيط الدولى الكونت برنادون وتشديد الرقابة على جميع منافذ فلسطين! وعلقت الصحف البريطانية على الهدنة فقالت :

إنها هدنة عسيرة التنفيذ وغير مأمونة !

ويكتب عمر عزمى فى صحيفة الإخوان:" أيقنت الصهيونية أن أحلامها تتبدد تحت ضربات الجيوش العربية الباسلة فراحت تلعب لعبتها فى مجال السياسة العالمية حتى أفلحت أخيرا فى حمل مجلس الأمن على الضغط على الدول العربية بصورة لم يسبق لها مثيل فى تاريخ المشاكل الدولية فتوقف الجهاد العربى لإنقاذ أمل الهصيونية الدولية".

توقف القتال على كل الجبهات فى 11 من يونيو بعد معارك استمرت 26 يوما لتبدأ مهمة الكونت برنادوت الوسيط الدولى الذى عينته الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 14 من مايو لحل مشكلة فلسطين. وكان الكونت برنادوت – 53 سنة – وهو ابن عم جوستاف ملك السويد وسيطا بين النازيين الألمان والحلفاء فى أواخر شهور الحرب العالمية الثانية وكان لى برنادوت حل المشكلة فى خلال أسابيع الهدنة الأربعة.

قال مايكل رأيت الوكيل المساعد لوزارة الخاارجية البريطانية :

- ستكون معجزة لو استطاع ذلك الوسيط الدولى!

- قال السير جون ترواتبيك مدير المركز البريطانى فى الشرق الأوسط :

- " على بريطانيا إقناع العرب بقبول دولة العصابات "!

- لم يعرف العرب أن الهدنة أبعادا أكبر من مجرد وقف القتال .

كانت الهدنة تعنى كما قال السير رونالد كامبل السفير البريطانى ط إن المرحلة الأولى فى إيجاد حل لمشكلة فلسطين ... قد تحققت". ولم يكن الحل مرضيا للعرب.زز بحال

قال السفير فى برقية طويلة إلى بيفن:

" سيتعين على العرب أن يقرروا ما غذا كانوا سيذعنون للتقسيم أن سيستأنفون الأعمال الحربية. وسيكون زعماؤهم فى موقف خطير فإذا أذعنوا فإن كل كلماتهم الرائعة ستريد إلى وجوههم.

وسيعتين عليهم ان يشرحوا للرأى العام فى بلادهم أنهم ذهبوا إلى الحرب من أجل حلم كسول وأن الانتصارات الهائلة المسجلة فى بياناتهم اليومية لم تقدم شيئا. ومن الناحية الأخرى إذا قرروا استئناف القتال فمن الواضح تماما انهم سيلقون الهزيمة". وحذر السفير حكومته قائلا:

" بدأت أسطورة جديدة تضرب جذورها بالفعل , وهى أن الجيوش العربية كانت على وشك الانتصار الكامل ولكن لم يحل بينها وبين ذلك إلا :(1) تدخلنا لفرض الهدنة.

(ب) رفضنا تسليم الأسلحة التى دفع ثمنها أو تم توقيع عقودها.

.... ومعروف أن العرب يعانون من عجز شديد فى الذخيرة وأفضل خط يمكن أن ننتهجه أن نقول إننا شركاء فى المصيبة فى هذه المسألة فإقامة دولة يهودية ليس من مصلحتنا بأكثر مما هو ضد مصلحة لاعرب. ويمكن أن نشيرمخلصين إلى أنه لا نحن ولا العرب سواء منفصلين او متعاونين نستطيع الوقوف أمام القوة المجتمعة للولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى.

وليس من مصلحة أحد أن تتحطم الأمم المتحدة على هذه الصخرة ويمكن التخفيف من الأمر بتقديم تأكيدت من جانبنا للعرب بأننا سنساندهم إذا حاولت الدولة اليهودية التوسع أكثر فى الأراضى العربية".

وكان الإنجليز قد اقتنعوا نهائيا بقبول فكرة التقسيم. وبنوا قرارهم على الموقف العسكرى الواقعى . وظنوا أن قيام دولة يهودية قد بدفع العرب للوحدة وراء الإنجليز.

وآمنت بريطانيا بأن الدولة اليهودية لن تكون إلا دولة شيوعية فاللاجئون إما عملاء للسوفييت أو مهاجرونمن دول شرق أوربا الشيوعية آمنوا بفلسفة الحكم فى روسيا وشرق أوربا.

وأعتقد الإنجليز أن العرب سيكرهون الشيوعية ما دامت توجد دولة شيوعية متاخمة لهم.

وتوقع الإنجليز أنه إذا لم يتوقف القتال فإن الاتحاد السوفييتى سيتدخل ويرسل أسلحة وقوات لاسرائيل من موانى البحر الأسود!خرفت إسرائيل اهدنة بعد ساعات من قيامها قبل وصول مراقبى الأمم المتحدة لقطع خطوط المواصلات على العرب وقد عرفت حرب فلسطين باسم حرب" خطوط المواصلات " كما يقول إبراهيم محمد شكيب فى رسالة الدكتوراه عنوانها " مصر وحرب فلسطين عام 1948".

وبلغ عدد المخالفات التى ارتكبتها إسرائيل لشروط الهدنة 11مخالفة فى اليوم الأول. أما المجموع خلال فترة الهدنة فقد بلغ 150 مخالفة رغم كل التأكيدات البريطانية.

ولكن الولايات المتحدو اتهمت العرب, علانية فى مجلس المن بأنهم معتدون احتلت إسرائيل بلدة " العسلوج"." وقرية" الجسير" شمال الفالوجة التى أصبحت محاصرة.

ونجحت خلال – الأسابيع الأربعة – للهدنة فى تدعيم مواقعها شمال فلسطين شرق الجليل و غربه.وكان مقررا = طبقا للتقسيم – أن يكون غرب الجليل ضمن حدود الدولة الفلسطينية العربية.


وجاء السلاح الاسرئيللى من تشيكوسلوفاكيا ودول أخرى: دبابات ومدفعية وطائرات وأعادت إسرائيل تنظيم وتدريب قواتها واستيعاب الأسلحة الجديدة التى تدفقت عليه وظهرت هذه الأسلحة فى الميدان!

ويبرق قنصلا الولايات المتحدة فى حيفا والقدس إل واشنطن بأن شحنات ضخمة من ألسلحة والآف الجنود المدربين يتدفقون على إسرائيل من أوربا الشرقية كما أن إسرائيل ترغم أسرى الحرب على بناء التحصينات.

وفى كتاب " الانحياز" قال الكاتب الأمريكى ستيفن جرين ": إسرائيل لم تنتصر فى القتال بل كسب اليهود معركتهم خلال الهدنة الأولى"!

فشل العرب فى التنسيق بين قواتهم ووضع خطة موحدة أو تسوية خلافاتهم وأمضت القوات العربية فترة الهدنة ... فى استرخاء!

كتبت صحيفة الإخوان تقول " إن عصابات اليهود تمضى فى خرق ما يسمونه الهدنة بينما تبالغ الدول العربية فى الصبر"!

حاولت الولايات المتحدة وبريطانيا مد الهدنة اجتمعت الجامعة العربية فى القاهرة لبحث اقتراح مد الهدنة وتوجه رئيس وزراء العراق إلى السفارة البريطانية للإجتماع بالسفير البريطانى السير رونالد كامبل.

قال السفير:

لا يرغب أرنست بيفن فى غقامة دولة يهودية . ولكن أليس من الأسلم للعرب أن يكون لليهود دولة صغيرة داخل حدود معروفة بدقة وإذا حاولوا توسيعها اعتبرذلك عدوانا؟

واقترح السفير بناء على تعليمات حكومته أن تضم الدولة اليهودية الجليل الغربى مقابل ممر بين مصر والدول العربية فى آسيا.

حذر السفير الوزير لعراقى قائلا:

فى استئناف لاعمليات العسكرية مخاطرة للعرب. واحتمال النصر مشكوك فيه للغاية لأن اليهود دعموا مواقفهم و يمكن للعرب القضاء على لدولة اليهودية بالقوة.

وقال السفير:

ستكون المسئولية على العرب إذا استئونفت المعارك فى 9 من يوليو. رد رئيس وزراء العراق قائلا:

هل ستكون الحكومة البريطانية مسئولة أمام العرب عن النتائج باعتبارهم حلفاء إاذ وافقوا على هذه النصيحة.

تخلص السفير من الجواب قائلا:

لا أعتقد أن الحكومة البريطانية تتعهد بذلك. ولكن غذا قيل العرب نصيحتها يستمر مستر بيفن فى تأييدهم بقوة والعمل على غيجادحل أفضل أما إذا ارتكبوا خطأ فلن نساعدهم.

رفض العرب مد الهدنة

وطلب النقراشى من الإنجليز تزويد مصر بالسلاح والمعدات العسكرية ولكن بريطانيا تمسكت بالحظر الذى فرضه مجلس الأمن قال رئيس وزراء مصر وهو يبلغ السيفر البريطانى رفض مد الهدنة:


أذكرك بواجب مصر تجاه عرب فلسطين جاءت أسابيع الهدنة الأربعة فى صالح اليهود عسكريا.ولكن السفير البريطانى يكتب لحكومته قائلا:


النقراشى باشا يندفع خائفا من الظهور بمظهر الذى انصاع للضغوط البريطانية.


ويستمر تدفق الأسلحة الأمريكية على إسرائيل عن طريق أمريكا اللاتينية فى اليوم الأخير للهدنة – 8 من يوليو – يقدم الأدميرال هيلينكوبتر مدير المخابرات المركزية الأمريكية تقريرا للرئيس الأمريكى قال فيه:

" هناك شك فى نجاح القوات العربية فى تعويض انقص الحاد فى ذخيرتها وإذا لم يرغم العرب إسرائيل على تقديم تنازلات سياسية خلال شهرين فسيضطرون إلى سحب معظم وحداتهم العسكرية من فلسطين فإن القوات الإسرئيلية أصبحت صعف القوات العربية فى فلسطين والأراضى المجاورة لها".

استؤنف القتال فاستطاعت القوات الاسرئلية التقدم فى 3 جبهات أساسية قامت بتطويق " اللدد ," الرملة " فانسحب الجيش الأردنى منهما ويقول " ستيفن جرن": إن الفليق العربى فى الأردن كان بلا ذخيرة ولا أمل لديه فى امدادات جديدة.

قالت وزارة لادفاع المصرية " ظهرت رغبة شرق الأردن فى الإنسحاب من القتال وترك الجيوش الأخرى تتحمل الهجوم وحدها. ,اصدر الجيش الأردنى أمرا لقواته فى 14 من يوليو بإيقاف جميع العمليات الهجومية واتخاذ موقف الدفاع".

وزاد الضغط على القوات المصرية التى أخذت تواجه مطالب الجيش المصرى والجيش الأردنى وتحاول طرد إسرائيل من لامواقع التى احتلتها – دون قتال _ أثناء فترة الهدنة.

قام يادين القوات الاسرائيلية بمحاصرة الجيش المصرى الذى يقف على مشارف تل أبيب وهاجم قواته من الخلف.

وقع اضطراب داخل الخطوط المصرية ولكن يمكن تدارك الموقف لولا الخدعة التى لجأ إليها يادين. عقد مؤتمر صحفيا أعلن فيه أنه " قطع خطوط إمدادات القوات المصرية بقوات إسرائيلية عارمة".

صدقت ذلك القوات المصرية فى القاهرة – والأرجح أنه الملك – فطلب من محمد نجيب سحب قواته المتقدمة .. وكان من السهل على الجيش المصرى والقوات العربية احتلال فلسطين كلها فى تلك الأيام الأولى من الحرب.

وكان هذا الانسحاب من العوامل الحاسمة فى سير القتال لصالح إسرائيل استطاع اليهود فتح ممر إلى قواتهم فى جنوب النقب وتمكنت القوات المصرية فى آخر لحظة من استعادة بلدة العسلوج.

قال جوزيف ساتر ثويت مدير مكتب الشرق الأدنى بالخارجية الأمريكية:

" ربما تؤدى الهزائم العسكرية التى تتعرض لها الجيوش العربية إلى الإطاحة ببعض الحكومات العربية .. فإن العرب كانوا يرون النصر فى قبضتهم ..

وستؤدى حالة الاضطراب السائدة إلى توفير التربة الصالحة لنمو الشيوعية كما تفقد القوى الغربية لامنشآت الاستراتيجية التابعة لها فى الشرق الأدنى وتؤول إلى الاتحاد السوفيتى".

فشلت إسرائيل فى الاستيلاء على الفالوجة مساء 17 من يوليو. وفى اليوم التالى 18 من يوليو أوقف مجلس الأمن القتال بعد أن هدد بفرض عقوبات اقتصادية.

نجح اليهود خلال أيام القتال التسعة فى الحصول على ثلاثة أضعاف التى فازوا بها خلال الشهر الأول للمعارك.

قالت المخابرات المركزية الأمريكية:

" نتج عن الهدنة تطور ضخم فى القدرات اليهودية إلى حد أن اليهود ربما وصلوا إلى درجة من القوة نمكنهم من شن هجوم واسع النطاق وطرد الجيوش العربية خارد فلسطين".

فشل العرب مرة اخرى فى التنسيق فيما بينهم وتبادلوا الاتهامات كعادتهم .. السوريون يشكون فى أن العراقيين والبنانيين لم يقدموا لهم مساعدات كافية.

والمصريون يتهمون الآردنيين بأنهم تخلوا عن اللد والرملة دون مقاومة جدية بينما كانوا – أى المصريين – فى حاجة إلى هجمات أردنية لتخفيف الضغط على الخطوط المصرية الطويلة .

وحاولت إسرائيل توسيع الممر المؤدى إلى جنوب النقب وفشلت فى ذلك فشلت فى اختاق الفالوجة أو"عراق المنشية" فقد نجحت القوات المصرية فى فتح طريق شرق العسلوج للمرور فيه حتى تكون خطوط المواصلات المصرية متصلة من العريش غلى رفح والعوجة ومنها إلى بير سبع .. ولكن يقتل المقدم أحمد عبد العزيز

– يوم 22 من أغسطس – برصاصة خاطئة من جندى مصرى. ويخطب مناجم بيجن زعيم عصابة ارجون فى الاسرائيليين المحتشدين بميدان صهيون بالقدس يوم 3 من أغسطس فيقول:" القدس كلها , لا القدس العربية وحدها , يجب أن تكون جزءا من دولة إسرائيل ".تمزقت الجبهات العربية.

كانت الأمم المتحدة تحمى اليهود فى بداية الهدنة , من القوات العربية القوية. وبالذات فى القدس . ولكن فى أغسطس , تغير الموقف تماما فقد أخذ الاسرائيليون فى إطلاق النار على قوات الأمم المتحدة لأنها رأت فى الوسيط الدولى وقوات الهدنة عقبة تمنعها من الانتصار فى القدس . وفى أغسطس كلها.

كتبجميس ماكدونالد القنصل الأمريكى فى القدس :" ترى إسرائيل فى الكونت برنادوت وقاته عقبة لمنع غزوهم للقدس وربما باقى فلسطين "

كتب مارشال وزير الخارجية الأمريكى إلى ترومان فى 13 من أغسطس " " سيفرض تجدد القتال بين الأردن وإسرائيل على بريطانيا احترام معاهدتها مع الأردن .. والنتيجة أن كلا من بريطانيا والولايات المتحدة ستعاون دولتين متحاربتين ولن يفيد إلا الاتحاد السوفيتى".

وأضاف مارشال :" تخترق إسرائيل الهدنة بانتظام , وتحرك قواتها وتطلق النار على المواقع العربية , وتخالف قرار حظر تصدير السلاح.

لقد أصبحت إسرائيل معتدية"

ويبعث البنا برسالة إلى النقراشى يوم 18 من أغسطس يستنكر فيها خرق إسرائيل للهدنة وانتقال عصابات أرجون شتيرن للقدس .

قالت الرسالة :" يتيح مراقبو الهدنة لليهود الانتفاع بها لتقوية أنفسهم وتحسين مراكزهم وإفلات مائة ألف يهودى كانوا مهددين من الحصار وإمدادهم بالأسلحة والذخائر والرجال.

وقد توقف الجيش الأردنى عن القيام بأى عمل رغم ما يتكرر أمام سمعة وبصره من الإعتداءات اليهودية مما يعنى أن اليهود رتبوا الهجوم المفاجئ على القدس فى أية لحظة لتشريد أهلها ه وهدم المسجد الأقصى تبعة هذه النكبة المنتظرة التى لا يسلتزم دفع عارها عن الأمة العربية أكثر من تقوية حامية القدس وإمدادها بالمجاهدين والذخائر اللازمة.

بدأت مشكلة اللاجئين.

قالت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية:

" كان الشعب العربى واثقا من النصر كما أكد له زعماؤه. وقد تنعكس المرارة التى تشعر بها الشعوب العربية على شكل أعمال عنف ضد حكوماتهم أو ضد القوى الغربية أو الإثنين معا:

وإذا صبت هذه الشعوب سخطها على قادتها فإن بعض الحكومات العربية قد تلجأ فى مواجهة ذلك إلى السعى لاستئناف الحرب فى فلسطين . وعلى أية حال فإن الزعماء العرب سيبذلون قصارى جهدهم لتحويل غضب الشعوب ضد المم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا بل ربما ضد بعضهم بعضا".

قابل الكونت برناودت الوسيط الدولى رئيس وزراء مصر.

قال النقراشى :لا يمكن الموافقة بأى حال من الأحوال على دولة يهودية

سأله الكونت : وكيف تمنع وجودها عمليا؟

قال النقراشى:

ستتجاهل مصر وجود الدولة اليهودية بكل الطرق الممكنة . قال الكونت : أعتقد أن الأمم المتحدة ستقر وجود الدولة اليهودية . ويطير الكونت برنادوت إلى ردوس ليشترك فى اجتماعات سرية مع البريطانيين والأمريكين يوم 13 من سبتمبر لمدة 48 ساعة يتفق فيها على التقسيم الذى أقرته الأمم المتحدة مع إعطاء النقب للعرب والجليل لإسرائيل وتدويل القدس.

وكان الهدف من هذه الاجتماعات أن يقدم برنادوت الحل للطرفين المتحاربين حتى يقال إن الحل " صنع فى السويد" ولم تصنعه وشنطن أو لندن ! عاد برناوت إلى إسرائيل يوم 16 من سبمتبر فيتهمه موسى شاريت وزير خارجية إسرائيل – فى نفس اليوم – بالإنحياز إلى العرب.

وتغتال العصابات الصهيونية الوسيط الدولى – بعد 24 ساعة من اجتماعات رودس – دخل مدينة القدس يوم الجمعة 17 من سبتمبر .اعترضت موكب الوسيط الدولى فى الخامسة والنصف مساء سيارة جيب يستقلها أربعة أشخاص أطلقوا النار – من مدفع – على راسه فمات فى الحال ومع ذلك أطلقوا النار على قلبه وفر الأربعة.

وصرح متحدث باسم عصابة شتيرن أنه سعيد بالاغتيال وراض عنه وكانت إسرائيل ترى فى برنادوت أداة ومخلب قط للإنجليز . وكان الرجل فى حقيقة الأمر .

يرى العدل مع العرب ولذلك كان متعاطفا معهم ولكنه لم يفكر فى الحل العادل وحده. ولا تنشر الصحف الأمريكية نبأ اغتيال برمادوت بإفاضة صحف أوربا. وبينهم ماكدونالد القنصل الأمريكى بالقدس فى برقيته إلى واشنطن عصابة " شتيرن " بأنها مسئولة عن ارتكاب الجريمة. وتقبض الحكومة الإسرائيلية على 30 من أفراد " شتيرن " اتهموا باشتراك فى ارتكاب الجريمة ولكن القنصلية التشيكية تمنحهم تأشيرات دخول مساء اليوم نفسه وخلال يومين تسمح الحكومة الاسرئيلية للقتلة بالسفر سرا إلى براج .

ورجح الملحق الجوى الأمريكي فى عاصمة تشيكو سلوفاكيا أن عملية اغتيال برنادوت خططت وأعدت فى تشيكوسلوفاكيا وأن فرقة الاغتيال طارت إلى إسرائيل لهذا الغرض.

واعترفت إسرائيل فى 3 من مايو 1949 بأن القتلة أفرج عنهم بعد أسبوعين من الحادث وباقى المتهمين صدر عنهم عفو عام فى 14 من فبراير 1949 لأن القضاء العسكرى الاسرئيلى لم يتحقق من أن الجريمة تمت بأوامر من عصابة شتيرن .

ولم يحاكم القتلة.. ابدأ.

ويذاع تقرير برنادوت بعد ثلاثة أيام من وفاته وفيه يقترح تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية .. على أن يأخذ العرب منطقة النقب ويأخذ اليهود منطقة الجليل.

استعدت القوات اليهودية للحرب مرة أخرى فقامت بضرب عراق المنشية والفالوجة وقامت بتحصين مواقعها القريبة من الخطوط المصرية. دعا مجلس الأمن الطرفين إلى التوقف عن القتال ولكن استؤنف يوم 15 من أكتوبر على نطاق واسع فى الجبهة فقد أصبحت القوات الإسرئيلية فى النقب وحدها تعادل الجيش المصرى المحارب كله.

وركز اليهود هجومهم لفتح طريق لتموين مستعمراتهم الجنوبية فى النقب لعزل القوات المصرية عن بعضها وقطع خطوط مواصلاتها وهاجموا طريق رفح – العوجة.

وزادت شحنات الأسلحة والقوات من تشيكو سلوفاكيا فقالت الأمم المتحدة إن الرابطة التشيكية الصهيونية تمثل تدخلا من قوة أجنبية فى الشرق الأوسط.

رأت إسرائيل تحويل الأنظار عن الجسر الجوى الذى ينقل السلاح إليها من تشيكوسلوفاكيا فادعت أنها تتعرض لغزو من قوات بريطانية تتدفق من العراق والأردن وليبيا.

وكان النبأ مختلفا من أساسه.

وفى نوفمبر لم تكن إسرائيل على غزة فى حاجة إلى السلاح التشيكى. قال الخبراء البريطانيون إن إسرائيل أصبحت تملك ما بين 150 و 160 طائرة يقودها جميعا – طيارون أجانب.

وأغارت الطائرات الاسرائيلية على غزة والمجدل والعريش. وأرغموا المصريين على الانسحاب جنوبا إلى غزة فقد كان الجيش المصرى , وحده يحارب!

ويستمر القتال أسبوعا واحد اخترقت إسرائيل خلاله النقب واحتلت مدينة الحليقات وبير سبع ودخلت إيلات على خليج العقبة.

وانسحبت قوات الدول العربية نحو حدودها مما أتاح لليهود تحويل قواتهم إلأى الجبهة المصرية.

واضطرات القوات المصرية إلى الإنسحاب من اسدود والمجدل وقطع اليهود خطوط الامدادات من مصر عن القوات المصرية فحوصر 4000 جندى مصرى فى الفالوجة وعراق المنشية يقودهم العقيد سيد طه...

وكان نائبه البكباشى – المقدم - جمال عبد الناصر.حاولت لجنة الهدنة إقناع إسرائيل السماح بتموين القوات المحاصرة بالطعام والماء ورفضت إسرائيل السماح لهذه القوات بالخروج من الفالوجة.

ويوافق مجلس الأمن فى 3 من نوفمبر على هدنة تنفذ اعتبارا من 13 من نوفمبر ولكن إسرائيل توالى حصارها للفالوجة أربعة أشهر لم تستسلم خلالها القوات المصرية المحاصرة فى الفالوجة حتى وقعت اتفاقية الهدنة فى رودس فى 24 من فبراير 1949.


قال الكاتب اليهودى جون كيمش:

" هذه العملية أدت إلى قطع الأصبع المصرى الممتد إلى تل أبيب"!

وقبل أسبوعين من موعد انتخابات الرئاسةة فى الولايات المتحدة أعلن توماس ديوىمنافس الرئيس ترومان أ،ه يرفض مقترحات برنادوت التى التزمت بها الولايات المتحدة فى نوفمبر فاضطر ترومان غلى اتخاذ موقف أكثر تطرفا لمصلحة اسرائيل قبل اسبوع من يوم التصويت.

أعلن ترومان أنه يؤيد التقسيم كما قررته الجمعية العامة للأمم المتحدة ويوافق على تعديل الحدود طبقا لما تقبله إسرائيل ... وبذلك نسف ترومان خطة برنادوت , وأعطى إسرائيل بعد فوزه فى الإنتخابات التى جرت فى نوفمبر شيكا دبلوماسيا على بياض!

ويبعث السير هيلم ممثل بريطانيا من تل أبيب يقول:" ولدت إسرائيل عن طريق القوة التى فرضت بتصميم مجرد من الضمير عن مصالح الآخرين , كما أن النجاح السهل الذى حققه هذا الشعب والذى يسرته الدول القوية فى العالم أكد إيمانهم بأ،ه بلنسبة لهم لم ينته عصر المعجزات".

قالا كلاتون رئيس القسم المصرى فى وزارة الخارجية البريطانية للويس دوجلاس السفير الأمريكى فى لندن: الهياج الأخير فى مصر بشأن فلسطين يستغله الإخوان والشيوعيون وأضاف :

يحتمل أن تذعن مصر إنشاء إسرائيل . وستتعامل معها بمرور الوقت وقال :

المصريون يعبرون عن إعجابهم المشوب بالحسد " للمهارة الشيطانية " التى أغرت بها بريطانيا الجيوش العربية على دخول فلسطين ثم تركتها تغرق!

وفى نظر المصريين أن هذه المناورة البارعة تستحق أحترام المصرين كما تستحق الولايات المتحدة المتحدة قدرا من الاححترام لمساندتها للجانب الفائز!

لم تحترم إسرائيل قرار وقف اطلاق النار الثالث كما عبثت بالقرارين السابقين واستمرت تهاجم وتحتل مزيدا من الأراضى الفلسطينية, وكان جيش إسرائيل قد وصل إلى رقم اسطورى وهو مائة ألف مقاتل ولديه السلاح , وروح القوات عالية نتيجة للإنتصارات.

حاولت بريطانيا – دون جدوى – الاتفاق مع الولايات المتحدة على العودة إلى قرار التقسيم ولكن ترومان رفض.

وحاولت بريطانيا خطة بانش – الذى خلف برنادوت كوسيط – بإعطاء الجليل لاسرائيل والنقب للعرب فرفض ترومان أيضا.

واكتفت بريطانيا بأن تطلب أن يكون جنوب النقب للعرب أو منحهم ممرا يصل بين مصر والأردنن.

ولكن بن جوريون أبلغ ما كدونالد ممثل الولايات المتحدة فى تل أبيب بأ،ه لن يوافق على انسحاب إسرائيل من النقب وعودة السيادة المصرية إلى بير سبع أو أو آخر من صحراء النقب.

ودعا الرئيس الإسرائيلى حاييم وايزمان ممثل الولايات المتحدة ماكدونالد إلى مأدبة غذاء وطلب منه أن ينقل رسالة إلى ترومان وفيها يقول وايزمان:

- لن تستسلم إسرائيل على الإطلاق وكل يهودى سيقاوم حتى الموت. قرار النقب.

- ولعب وايزمان دوره بمهارو فى ظل الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتى.

- قال: سياسة بريطانيا منذ اقتراح الرئيس ترومان توسيع نطاق الهجرة اليهودية إلى فلسطين عام 1945 قامت على أساس أن إسرائيل ألعوبة فى يد الروس.

وهذا الاتهام غيرصحيح تماما لأن إسرائي تتجه إلى ال غرب. وتؤمن بأنها لا يمكن أن تنمو وتحتفظ بحريتها إلا من خلال تاونها مع الولايات المتحدة.وإسرائيل ترحب بتأييد الروس لها فى الأمم المتحدة . وتتوجس خيفة من معانقتهم. ويمكن للنفوذ الروسى هنا أن يصبح خطيرا إذا ساندت كل من الولايا المتحدة والأمم المتحدة إذلال إسرائيل والتضحية بها من أجل مصالح الامبريالية البريطانية.واختتم وايزمان رسالته قائلا:

أناشد الرئيس ترومان , الذى يحظى لدينا بمكانة لا تعادلها مكانة رجل دولة آخر أن ينقذنا مما أصابنا من يأس.ويزكى ماكدونالد رسالة وايزمان فيشير إلى أهمية آرائه لأنه معتدل وتكون نتيجة الرسالة مزيدا من تأييد ترومان لاسرائيل!

طلبت بريطانيا إلى سفيرها فى واشنطن أوليفر فرانكس أن يتوجه إلى البيت الأبيض لمقابلة ترومان وإقناعه بضرورة تأييد قرار النقبر .

ولكن ترومان وبخ أوليفر فرانكس قائلا:

لا يوجد ما يدعو لانزعاج البريطانيين وقلقهم . إن هذه الأرض الصغيرة , لا يصح أن نختلف بشأنها معكم.

ولن أستسلم لبريطانيا فى مسأل يعطونها جانبا من الأهمية الاسنراتيجية, ولن تؤثر فى استراتيجيتنا.

وقال جميس ماكدونالد ممثل الولايات المتحدة فى تل أبيب:أمريكا تؤيد اسرائيل ولا تؤيد العدل. قال أورم سارجنت الوكيل الدائم للخارجية البريطانية:

ترومان ضعيف عنيد كثير الشكوك, ولكن بيفن عبر عن موقف بريطانيا فقال:

لن يؤيدنا الرأى العام البريطانى إذا حاربنا فى النقب . وليست لدينا الولايات المتحدة معناز ولم يقل بيفن إنه صار على بريطانيا أن تتعامل مع إسرائيل بشروطها وأوضح بيفن فى مذكرات رسمية سياسية ترومان . قال:ترومان يرى أن تقوم دولة إسرائيلوكل شئ فيما عدا ذلك – يذهب للجحيم.

والولايات المتحدة تريد السلام بأى ثمن ولتتوصع اسرائيل مهما كانت النتائج.

وقال السير جون تراتبيك بنظرة واعية عميقة إلى المستقبل:

أرجأت إسرائيل عزو قلب فلسطين – الضفة الغربية – وباقى القدس – أى القدس العربية – إلى موعد آخر!

قالت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية فى تقرير سرى:

سياسةالولايات المتحدة قضية فلسطين تتلخص فى تأييد اليهود بدلا من الحذر منهم وكسبهم إلى صف الولايات المتحدة بدلا من احتواء إسرائيل أو معاداتها ووقف التسلل الشيوعى والحيلولة دون هيمنة الاتحاد السوفيتى عليها وتوجيهها بعيدا عنه.. إلى الغرب"ز

ويقرر مجلس الأمن يوم 16 من نوفمبر إعلان الهدنة الدائمة فى جميع أنحاء فلسطين وتكتب السفارة البريطانية تقريرا عن الجيش المصرى فى هذه الحرب على ضوء النتائج النهائية للقتال.

قال التقرير: " لم يكن الجيش مستعدا للحرب حتى على النطاق الصغير نسبيا الذى حدث. وبغض النظر عن الافتقار لوجود أية تنظيم إدارى فلم توجد أى وحدات متكاملة أكبر من الكتيبة .

وتم على عجل دفع لواء شكل حديثا أضيف إليه بعض المدفعية وتحرك هذا التشكيل المفتقر لوسائل القوة إلى سيناء دون وجود فكرة واضحة عما سيقوم به . وزادت مهمته صعوبة نتيجة الإفتقار إلى التلاحم السياسى والعسكرى بين الجيوش العربية.

وكما بدأ على " الطريق الخطأ" فقد افتقد التوازن حتى النهاية وكان من حسن حظه أنه لم يصب بنكسة أسوأ من التى تكبدها بالفعل. وفشل فى الاتصال بالفليق العربى على يمينه وسمح للإسرائيليين بالوصول إلى التلال فى الشرق واختراق الخطوط العربية.


وأدى ذلك إلى تخلى القوة المصرية عن جناحها الشرقى والارتداد إلى الحدود الدولية المصرية بعد أن تركت قطاعات ضيقا فقط حول غزة فى أيد مصر غير ثابتة تماما.وقال التقرير إن الفشل المصرى يعزى إلى :

1- عدم الاستعداد للحرب على هذا النطاق.

2- الإفتقار للإدارة فى القاعدة وخطوط المواصلات..

3- وجود قيادة للتنسيق مع الحلفاء العرب

4- مجال المخابرات الضعيف.

5- التركيز الزائد فى القيادة. وقال التقرير " إن إحدى الصعاب التى لافكاك منها تتمثل فى أن القيام بأية عملية على الحدود المصرية أو وراءها يتطلب خطوط مواصلات تمتد مئات الأميال عبر الصحراء.

وأدت النكسة الحقيقية والضربات التى وجهت للشرف العسكرى المصرى إلى التصويت على اعتماده 50 مليون جنيه وافق عليها البرلمان خصصت للقوات المسلحة".قالت وزارة الدفاع المصرية " كانت الحرب بالنسبة لعدد كبير من ضباط الجيش المصرى , تجربة من نوع مرير. فقد ذهب البعض إلى الجبهة يشوبه حماس متقد . ثم عاد وقد انزاحت عنه الأوهام".

" ومن الأمور الكاذبة القول بأننا تركنا العهرب يهزمون أو قصرنا فى الوفاء بأى التزام تجاههم. نحن لم نحرضهم على التدخل بالقوة فى فلسطين . ولم نعدهم بالمساعدة إذا فعلوا ذلك.


لقد فعلوا على الأمر بمحض إرادتهم دون إبلاغنا بما عزموا عليه ويبين النجاح العسكرى المحدود الذى حققوه أن قواتهم غير مجهزة وغير قادرة على القيام بالعمليات العسكرية الكبرى التى كانت ضرورية لتحقيق الهدف المعلن للدول العربية وهو القاء اليهود فى البحر.وأغرقت الحكومات العربية شعوبها فى أوهام".ولكن بيفن بعد توقيع الهدنة الدائمة بين العرب وإسرائيل. فضحموقف بلاده وإنتهازيتها الكاملة إزاء القضية الفلسطينية .

قال فى مذكرة رسمية

" تقبل الحكومة البريطانية دولة إسرائيل كحقيقة واقعة تنوى الاعتراف بها كدولة شرعية عندما تأتى أول لحظة مناسبة.


وتعتبر الحكومة البريطانية ان اتجاه إسرائيل صوب الغرب وقيامها بدورها فى الدفاع عن الشرق الأوسط ضد التسلل الشيوعى والعدوان السوفيتى أمر على درجة كبيرة من الأهمية.

ولهذا الغرض فإن الحكومة البريطانية ستبذل قصارى فى تكوين علاقات صداقة ومنفعة متبادلة معها. أى مع دولة إسرائيل.

وفى الوقت نفسه تتجه إلى الإهتمام بصداقتها وتحالفها القائم مع الدول العربية خاصة ان هذه الدول أكثر رغبة فى الوقت الحالى من إسرائيل فى الإهتمام غلأى العسكر المعادى للشيوعية.وسيكون ثمنا غاليا لصداقتنا مع إسرائيل أن تتعرض قاعدتنا فى مصر.

ووارداتنا من بترول الشرق الأوسط للخطر إذا نفرنا العرب منا.ولكن يمكننا القول بأن هذه المصالح مضمونة دائما فالحكومة تسعى بشدة لا إلىتنشيط السلام فحسب بينإسرائيل والدول العربية بل لا ترى مانعا أمام تطوير علاقات تجارية طبيعية بين إسرائيل وجيرانها العرب على أساس من الاستقلال الكامل.

ولكن الحكومة البريطانية لا تعتبر من مصلحتها أن تحصل إسرائيل على مزيد من ألأرض العربية دون مقابل أو أن تمضى فى علاقاتها الاقتصادية مع الدول العربية إلى حد السيطرة عليها اقتصاديا وربما سياسيا فتفرض أفكارها الخاصة على حياد العالم العرب.

والحكومة البريطانية فى موقف كهذا لن تقدم مساعدات لتحقيق هذه الطموحات بل وستقدم للعرب عونا حقيقيا لمعاونتهم على مواجهتها".

ومعنى هذا أنه يكفى إسرائيل ما حصلت عليه!

رئيس الوزراء يبكى

وقاد البكاشى عبد الجواد الكتيبة الثانية.

وقاد الشيخ محمد فرغلى مجموعة من متطوعى الإخوان , وقد حوكم محمد فرغلى أمام محكمة الثورة بعد ذلك وأعدم بتهمة الإشتراك فى محاولة اغتيال جمال عبد الناصر!

عزز الإخوان الدفاع عن القدس وبيت لحم قبل وبعد الهدنة الأولى وحاصروا المستعمرات اليهودية أثناء الهدنة.

وأغاروا على القوافل اليهودية وشبكات التموين وقطعوا المياه عن اليهود ومنعوهم من تسميم آبار المياه فى المناطق التى استولت عليها القوات المصرية ووفروا لهذه القوات الحماية أثناء انسحابها من فلسطين. وساعدوا القوة المصرية المحاصرة فى الفالوجة مما جعلها تقاوم الحصار فقد أمدها الإخوان بالمؤن. وقبل الإخوان أن يعملوا تحت قيادة الجامعة العربية ورغم ذلك لم يحصلوا على مرتبات ولم تصرف لهم ملابس! قال أحمد عبد العزيز فى تقرير رسمى:" كانت للإخوان أفكار حربية وجيهة".

وفى كتاب " الإخوان المسلمون فى حرب فلسطين " روى قائدهم كامل الشريف – وهو مدنى – مئات البطولات عن معارك مستعمرة " تل بيوت" واقتحام " تبة اليمن" التى اسموها تبة الإخوان المسلمين ,"التبة 86" جنوب دير البلح. ولولاهم لعزل الجيش لامصرى فى غزة وقطعت المواصلات عنه..

وكذلك استيلاؤهم على قرية العسلوج , والأبطال الذين كانوا يزحفون على الإشواك تحت تهديد الرصاص كيلوا مترات وأسماء كثيرة عبد المنعم عبد الرءوف وخالد فوزى ومكاوى سليم ومحمد قارون وإبراهيم عبد الجواد وعبد الحميد بسيونى خطاب ويحيى عبد الحليم... ومئات السماء .. الخ.... الخ وعندما كان لكلجندى من متطوعى الإخوان أربعة أرغفة كل يوم كانوا يقدمون واحدا منها للعرب المهاجرين.

وقد أتيح لأبطال الإخوان أن ينطقوا بكلمات قبل الشهادة.

كانوا يرددون : هبى ريح الجنة .... هبى.

ولكن غذا كانت الجيوش النظامية قد هربت من إسرائيل فإن متطوعة الإخوان لاقوا الموت من إسرائيل والإضطهاد من حكومتهم!

ولكن ... كان للحكومة المصرية رأى أخر فى دور الإخوان المسلمين فى حرب فلسطين عبرت عنه النيابة العامة فى مرافعتها فى قضية اغتيال لانقراشى قالت " لما أخذت مشكلة فلسطين مظهرها الخطير وجد أعضاء الجمعية السرية – الجهاز السرى للإخوان – فرصة ذهبية للفت الأنظار إليهم , وإرهاب المصريين , وإظهار السلطات بمظهر العاجز عن حفظ الأمن وحماية أرواح المصريين والأجانب .. فدبروا سلسلة من الحوادث الإرهابية أطلقوا فى بعضها الرصاص على اليهود .. واستعملوا فى بعضها المواد المتفجرة لنسف محالهم ".وفى مذكرات الدكتور حسين هيكل قال:

" اعتبر الإخوان الحرب بين العرب واليهود حربا دينية فتطوع عدد غير قليل منهم خاضوا غمارها.

وكان من متطوعيهم عدد من الشبن المتعلمين رأوا ما كان من عبث فى ميادين القتال.

وكيف كانت الاسلحة فاسدة والمدد غير منتظم , وكيف أدى ذلك إلى اخفاق المجهود المصرى وإلى عقد الهدنة المؤقتة ثم إلى عقد الهدنة الدائمة فعادوا إلى وطنهم ساخطين على طريقة حكمه , مؤمنين بأن أطراد الأمر على هذه الوتيرة يجر على الوطن أبلغ الضرر. فرضت اهزيمة فى فلسطين شروطها على السياسة الداخلية فى مصر بعث جيفرسون باترسون القائم بالأ‘مال الأمريكى فى 3 من أغسطس 1948 إلى واشنطن :" برقية رقم 1089"

هناك شائعات تدل على عدم الاستقرار فى الموقت السياسى المصرى. تقول هذه الشائعات إن الفريق محمد حيدر باشا وزير الحربية , المشهور بفظاظته , وقسوته سيستدعيه الملك ليخلف النفراشى باشا فلإضطراب الراهن يستدعى وجود يد اقوى من قبضة النقراشى.

إن الجيش يدين بالولاء أساسا للأسرة المالكة . ولكن من الخطر ترك العسكريين فى فلسطين إلى ما نهاية. ومن الخطر أيضا إعادتهم لمصر لاحتمال أن تثور رغبة لدى الضباط الذين تفيض روحهم بالطموح والإستياء, ليعطوا أنفسهم فرصة أكبر من تلك التى يعطيها لهم الدستور.

وهناك حاجة لرجل قوى مثل حيدر باشا ليتعامل معهم"..

وما تنبأ به القائم بالأعمال الأمريكى عن غضب العسكريين فى فلسطين تحقق بعد 4 سنوات ! وإذا كان الجيش قد انظر هذه الفترة فإن الطامعين فى الحكم من رجال السياسة ظلوا يوالون بالسفارة البريطانية يطلبون وساطتها وتدخلها فقالة النقراشى أو إرغامه على الإستقالة.

أبرق تشابمان أندروز إلى لندن:

" حسين سرى طموح جدا ويتطلع لأن يكون رئيسا للوزراء مرة أخرى ولو فى حكومة مؤقتة".

أوضح لنا أكثر من مرة أن هناك حاجة للتدخل البريطانى.

أى إقالة النقراشى , أو استقالته. وتعيين حسين سرى رئيسا للوزارة بدلا منه! وفى 12 من أغسطس كتب اندروز غلى لندن:

" الأمور السياسية المتعلقة بالعلاقات الإنجليزية – المصرية فى حالة جمود تام" ومن غير المجدى على افطلاق أن أحاول, أنا أو أى شخص آخر مقابلة النقراشى إلا للدخول فى شجار ليس ممتعا إلأى الحد الذى أسعى وراءه ونفس الشئ , وإن يكن بصورة مختلفةينطبق على أحمد خشبة باشاوزير الخارجية , فليس هناك مجال للشجار.

ولكن ما جدوى التعامل بأكثرها مما هو مطلوب بالضبط مع وزير خارجية لن يوافق زملاؤه على شئ يقرره!

ولذلك فالأمور متوقفة تماما فى الوقت الراهن.

ولم يكن رصيد النقراشى فى البلاد منخفضا على أفطلاق كما هو الآن وأعتقد أن الملك والنقراشى والوزارة ودائرة لمستشارين الصغيرة المحيطة بالملك, على قناعة بأنه سيتعين عليهم الإذعان لقرار الأمم المتحدة بشأن فلسطين والذى يؤكد وجود دولة يهودية:

أقصد " الإعان " وليس القبول.

ومشكلتهمكيفية جعل عامة الشعب يفكرون بنفس الطريقة دون أن يفقد الملك أو النقراشى ماء وجوههم بالكامل".

ويلتقى فاروق بالسفير الأمريكى الجديد جيفرسون كافرى فيتحدث ملك مصر بحرارة عن رفض الأمريكيين مد خشبة بالسلاح.

قال – لقد رفضتم كل شئ طلبته. واضاف :

فى الظروف التى حارب فيها الجيش فإنه قام بعمل عسكرى ممتاز حاربوا بصدور عارية ضد الدبابات والعربات المدرعة.

وقال :

فعل الجيش المصرى ذلك من أجلى وحدى ولم يدرك صاحب الجلالة أن ما فعله الجيش فى فلسطين وما جرى له هناك كان بداية التحرك ضده ... وحده!

قالت دراسة الضابط الكندى الكابتن ج.ب. هاردى عن جهد الإخوان المسلمين فى فلسطين:

" لا جدال فى أن متطوعى الإخوان فى هذه الحرب كانوا – بفضل نظامهموتدريبهم – بين النجاحات البارزة للقوات العسكرية المصرية. وكانت النجاحات العربية فى حرب فلسطين ضيئلة بصورة واضحة وتم رد القوات المصرية وواصيبت بخسائر فادحة وانتشرت إشاعة فى دوائر الإخوان بأن الحكومة السعدية هى المسئولة عمدا عن الخسائر فى قوات الإخخوان لأنها بدأت تشعر بخطر هذه القوات على استقرار مصر" ويقول هاردى: ربما كان هناك بعض ما يبرر هذا القول".

وفى كتاب اسحق موسى الحسينى " الإخوان المسلمون : كبرى الحركات الإسلامية الحديثة" قال: