الاحتقان والإحباط يسيطران على المصريين بعد زيادة الأسعار!

تقرير-أحمد صالح
07-05-2008
سيطرت حالة من الاحتقان الشديد والإحباط على المواطنين المصريين؛ بعد أن فوجئوا بزيادة جديدة في تعريفة النقل لسيارات الأجرة التاكسي والميكروباص، وسط مخاوف من قرارات مفاجئة بزيادة أسعار تذاكر المترو وقطارات السكك الحديدية وأتوبيسات هيئة النقل العام بالقاهرة.
في الوقت الذي أكد فيه النواب في مجلس الشعب تطبيق محطات البنزين في جميع المناطق الأسعار اعتبارًا من ليلة الثلاثاء، لاحظ النواب- كما سجلتها بيانات وطلبات إحاطة عاجلة- تناقص كميات البنزين (أوكتين 80)؛ الذي لم يزد سعره وفقًا للقانون الذي أقره البرلمان، في حين بدا واضحًا وجود وفرة في البنزين (أوكتين 90، 92 ، 95)؛ التي زادت أسعارها بنحو 40%.
وطبق التجار فورًا عقب تسرُّب الأنباء من مقر البرلمان عن الزيادات الجديدة أسعار السجائر المحلية والأجنبية على الكميات التي حصلوا عليها بأسعار الجملة السابقة، وأكد النواب أن الأسعار الجديدة تم تطبيقها قبل أن يقر البرلمان القانون الجديد.
واتهم نواب الإخوان المسلمين والمعارضة الحكومةَ بإصابة جميع العاملين بالدولة بالإحباط وكتْم فرحتهم بالعلاوة الجديدة بنسبة 30%، والتي يبدأ الجميع صرفها مع مرتبات مايو اعتبارًا من 20 مايو الجاري.
وأشاروا إلى أن ارتفاع أسعار الوجبات الشعبية وساندوتش الفول والطعمية أصبح حتميًّا في ظل ارتفاع تكلفة النقل، وأن ارتفاع أسعار البنزين والسولار سينعكس فورًا على حركة البناء والتشييد؛ نتيجة ارتفاع تكلفة النقل لمواد البناء، وهو ما يؤكد أن أسعار الوحدات السكنية سوف تشتعل من جديد، وأكدوا أن زياة الأسعار الجديدة قد أعادت الأسر المصرية إلى نقطة الصفر من جديد، وأعادت الموقف إلى الصراع من جديد بين المواطنين والغلاء.
في الوقت نفسه انتشرت فرق الأمن السرية وبكثافة غير مسبوقة في كافة نقاط الارتكاز تحسبًا لحدوث انفلات في الأعصاب في الشارع المصري، خاصةً وقد سجلت أسعار الخضر والفاكهة واللحوم ارتفاعات جديدة إضافية؛ اعتبارًا من يوم الإثنين، كما اعتاد التجار ابتلاع ما تبقى للمواطنين من آثار العلاوة الاجتماعية الجديدة.
وأكد النواب أن الحكومة نجحت في استرداد العلاوة قبل أن تصرفها بشهر كامل، وساهمت بصورة فعالة في إصابة المواطنين بالفقر، وكان النواب قد حذَّروا الحكومة من تكرار سيتاريو أحداث الانتفاضة الشعبية التي وقعت يومي 17، 18 مايو عام 1977م عندما رفضت الحكومة أسعار عدد من السلع، ورفض النواب تأكيدات الدكتور أحمد نظيف رئيس الحكومة أن محدودي الدخل لن يتأثروا إلا بنسبة 10% فقط من الزيادات الجديدة، بينما سيحصلون على فائض من دخولهم بقيمة العلاوة الجديدة بنسبة 90% منها.
وكان تصويت البرلمان على قانون الزيادات الجديدة في الأسعار قد كشفت هروب نحو 30 نائبًا من نواب الحزب الوطني من التصويت الذي تم نداءً بالاسم؛ حيث بلغ من وافقوا عليه 297 نائبًا وهم جميعًا من نواب الحزب الوطني من بين نحو 327 نائبًا من الحزب الوطني، بينما يسعى نواب الأغلبية الموالون للحكومة لإظهار الموقف على أنه غياب 29 نائبًا من المعارضة عن التصويت، بينما كانت القاعة مكتظة بالنواب؛ تنفيذًا لتعليمات أمانة التنظيم التي يقودها المهندس أحمد عز الذي وزَّع كارنيهات خاصة على النواب لإثبات الحضور، وكان محمد مصطفى شردي هو الوحيد الذي امتنع عن التصويت.
وكان عز قد رفض فتح اجتماع لجنة الخطة والموازنة السري الذي عقدته السبت الماضي في حضور وزير المالية للصحافة؛ حيث خصص اللمسات الأخيرة على مشروع القانون وإدخال التعديلات النهائية تمهيدًا لعرضه بصورة مفاجئة على البرلمان.
وقد تم إلغاء عدد آخر من الإعفاءات الضريبية من أجل تدبير الموارد لصرف علاوة 30%، كما أقرها الرئيس مبارك وزيادة الحوافز للعاملين في الإدارة المحلية إلى 80%، وتعزيز دعم الموارد البترولية بقيمة 4 مليارات جنيه وزيادة مقررات السلع في البطاقات التموينية بمبلغ 200 مليون جنيه وزيادة المعاشات المدنية والعسكرية بمبلغ 600 مليون جنيه، كما تضمنت الإجراءات رفع أسعار الغاز الطبيعي للصناعات كثيفة الاستخدام للطاقة؛ من 36 قرشًا للمتر المكعب إلى 57 قرشًا بنسبة 85%؛ بغرض تخفيف الضغوط والأعباء التي تتحملها الموازنة للدولة، وقررت الحكومة فرض رسوم تنمية موارد على الطَّفلة المستخرجة من المحاجر بواقع 27 جنيهًا عن كل طن، وتضمنت الإجراءات إنهاء تراخيص مشروعات الاستثمار بنظام المناطق الحرة في مجال الصناعات الثقيلة كثيفة الاستخدام للطاقة، وتوقعت الحكومة أن تزيد حصيلة الضرائب في المناطق الحرة بنحو 600 مليون جنيه سنويًّا.
وشملت حزمة الإجراءات الجديدة زيادة رسم تنمية الموارد على تجديد رخص السيارات وفقًا لـ"سي سي"؛ كما تم زيادة ضريبة المبيعات على السجائر بنسبة لا تتجاوز 25% لكافة أنواع السجائر المحلية التي يستهلكها محدود الدخل، وفي المقابل احتجَّ وزير المالية الدكتور يوسف يطرس غالي بأن هذه الزيادة قد تساهم على عزوف المواطنين في مصر عن التدخين؛ الأمر الذي يؤثر إيجابيًّا في الحفاظ على صحة الشعب المصري، وتوقع أن تبلغ حصيلة الضرائب على السجائر 1.3 مليار جنيه سنويًّا.
ورغم إصرار الحكومة على ثبات قيمة تذاكر المترو وأتوبيسات النقل العام؛ إلا أن الزيادة التي فرضتها ضريبة المبيعات على البنزين والسولار والكيروسين بواقع 45 قرشًا لبنزين 90 و92، وجنيه لبنزين أوكتين 95 قد تؤثر بالسلب؛ فيما أكدت الحكومة عدم المساس ببنزين 80 وأنابيب البوتاجاز، كما توقع نواب لجنة الزراعة بمجلس الشعب المصري زيادة أسعار الخضر والفاكهة داخل السوق المصري؛ على إثر زيادة الضريبة على الكيروسين والسولار بواقع 35 قرشًا للتر.
في حين أكدت لجنة الخطة والموازنة بمجلس الشعب، والتي قامت بإعداد التقرير، بأن زيادة أسعار الكيروسين لن يترتب عليها زيادة ملموسة في حصيلة إيرادات الدولة؛ وأشارت إلى أن الزيادة في أسعار السولار تحقق موارد تساهم في زيادة الأجور والدعم السلعي والمعاشات، لكنها تلقي بآثار سلبية على تكلفة الانتقالات.