الفرق بين المراجعتين لصفحة: «الاستطلاعات «المضروبة»!»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
(أنشأ الصفحة ب'<center> <font size="5">الاستطلاعات «المضروبة»! </font></center> '''30 يونيو 2009''' '''بقلم: عماد الدين حسين''' فى منت...')
 
ط (حمى "الاستطلاعات «المضروبة»!" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد)))
 
(لا فرق)

المراجعة الحالية بتاريخ ١٩:٤٧، ١٧ أبريل ٢٠١١

الاستطلاعات «المضروبة»!

30 يونيو 2009

بقلم: عماد الدين حسين

فى منتصف التسعينيات فى القرن الماضى كان هناك صحفى مصرى يصدر صحيفة، يمكن أن تطلق عليها وأنت مستريح الضمير أنها من صحف «بير السلم».

ولأن ترخيص الجريدة لم يكن مصريا.. ولأن الرجل لم يكن مدعيا لبطولة أو مناضلا وصاحب قضية، فقد كان كل همه هو فقط الحصول على إعلان من أى شركة ليصدر به العدد. بعد فترة بدأت الإعلانا تقل، فتفتق ذهنه عن حيلة ماكرة وهى إجراء استطلاعات رأى «مضروبة» تكون نتيجتها أن فلان هو أفضل وزير، وعلان هو أفضل شخصية برلمانية فى مصر خلال العام.

الرجل فوجئ أن المعلومات «المضروبة» التى كتبها له بعض العاملين معه فى عشر دقائق، تم بثها على وكالات الأنباء، وتلقفتها محطة تليفزيون، بل واستضافت خبراء للتعليق على نتائجها ومغزاها، ودور هذا المسئول المحورى فى كل شئون الحياة.

أما الأكثر إثارة للضحك أو للبكاء فهو أن المسئولين الذين اختارهم الرجل باعتبارهم الأفضل فى الاستطلاع احتفلوا رسميا بهذه الألقاب، وجرت تهنئتهم من آخرين.

هذا الصحفى الظريف اكتشف أن الأمر مسل ومربح وبسيط فقرر تكراره العام التالى، مع توسيع دائرة الفائزين، ثم أضاف الأمير فلان باعتباره شخصية العام العربية والأمير علان باعتباره شخصية العام الخيرية.

وكانت المفاجأة الأكبر أن الوكالات الرسمية بثت الخبر أيضا والتليفزيون استضاف الخبراء والمهنئون هنأوا الفائزين. الذى أثار انتباهى وقتها هو «التواطؤ الجميل» بين كل المشاركين فى اللعبة، فالذى أجرى الاستطلاع يعرف أنه مضروب، والذى فاز أكثر علما بذلك، لكن الجميع يحتفل.

ولم يخل الأمر من طرافة، فالصحفى الذى يضع علم مصر على مدخل صحيفته كان يكتب فى صفحته الأولى كل عدد اعتذارا للقراء بأنه لم يستطع طبع أكثر من 400 ألف نسخة لظروف فنية وبالطبع فهو لم يكن يطبع أكثر من 400 نسخة يوزعها على السفارات والوزارات وبعض موزعى الصحف فى وسط العاصمة.

مرت الأيام واكتشفت أن هذا الصحفى كان رائدا فى مجاله، وفتح فتحا مبينا لكثيرين بعده، لكن بعض الزملاء اللبنانيين تفوقوا فى الأمر عربيا، وهكذا صارت شركة طيران تدفع لمجلة كى تصبح الأفضل، وشركة عقارات تدفع لصحيفة أخرى كى تكون الأحسن.. ثم توسع الأمر وصار هناك أقرب ما يكون إلى «السوبر ماركت»، حيث تستطيع كشخص أو هيئة أو وزارة أن تشترى أى لقب طالما كنت قادرا على الدفع.

بالطبع لن تجد من يسمع لك لو تحدثت معه عن القواعد الصارمة لإجراء استطلاعات رأى دقيقة وعلمية والعينة الممثلة، إلى آخر هذا الكلام الذى يبدو لهم هرطقة وتجديفا.

كنت أعتقد أن فهلوة بعض الإعلاميين والأكاديميين وبعض المعاهد «المضروبة» قد انتهت مع زيادة وعى الناس وانتشار وسائل الإعلام، لكن للأسف فإن التواطؤ مستمر. طرف نصاب، وطرف يجب أن تنصب عليه.

والأكثر مدعاة للحزن أو العبث أن من يحدثونك عن المهنية هم الذين ينشرون أحيانا أن الصومال واحة الأمان، وأن روبرت موجابى نصير للديمقراطية، وأن المرحوم عمر بونجو كان الأفضل فى فهم السياسة الخارجية.

ليست صدفة أننا متخلفون.. ولن تكون مفاجأة أن يستمر هذا التخلف.

المصدر