الحمداوي: التضييق على الحركات الإسلامية بإيعازٍ أمريكي
الرباط - عبدلاوي لخلافة
اعتبر محمد الحمداوي - رئيس حركة التوحيد والإصلاح المغربية - أن التضييق على الحركات الإسلامية في الدول العربية والإسلامية ما هو إلا ضوء أخضر أمريكي غربي للانقلاب على التعايش بين الحركة الإسلامية والأنظمة، وعلامة على تفضيل الغرب للدكتاتورية المجربة على الديمقراطية مجهولة النتائج والتداعيات بالنسبة إليهم!!.
وأكد الحمداوي- في افتتاح مجلس شورى حركة التوحيد والإصلاح الذي يُمثِّل أعلى هيئة تقريرية بالحركة، يومي 20 و21 أكتوبر الجاري- أن تجربة الانفتاح الذي دشنتها جماعة الإخوان المسلمين لم يقابلها استعداد للتعايش من قِبل النظام الحاكم في مصر، وقال: "وها هي مصر التي لم تمض بها إلا سنوات قليلة على أهم مشاركة سياسية للإخوان، أشَّرت في حينها على انطلاق مرحلةٍ جديدةٍ بعنوان الإصلاح والانفتاح، قبل أن يتحول كل ذلك إلى سرابٍ على هدير الملاحقات الأمنية التي بدأت بالطلاب وانتهت بالقيادات من الصف الأول، ولم تستثنِ حتى رجال الأعمال الناجحين، الذين يساهمون بشكلٍ فعَّال في الاقتصاد الوطني المصري، وكل ذلك فيما يمكن اعتباره ضوءًا أخضرَ أمريكيًّا أو غربيًّا للانقلاب على هذا التعايش، وعلامة على تفضيل الدكتاتورية المجربة، على ديمقراطيةٍ مجهولةِ النتائج والتداعيات بالنسبة إليهم".
وأوضح أنه: "خلافًا لما شاهدناه في السنوات الأخيرة من مناداةٍ بضرورة الحوار مع الإسلاميين وبأهمية إشراكهم في الحياة السياسية لبلدانهم، نرى أن التعايش، الذي طبع العلاقة بين الأنظمة والحركة الإسلامية في بعض البلدان، التي لطالما قُدمت كمثالٍ على ذلك، تحوَّل إلى توترٍ يُنذر بأزمةٍ سياسيةٍ خانقة، كما يجري في كلٍّ من الأردن بعد مقاطعة الحركة الإسلامية للانتخابات المحلية، وترددها بخصوص الانتخابات النيابية السابقة لأوانها".
ولم يكتفِ الحمداوي برصد العلاقة بين الحركة الإسلامية والأنظمة بما يحصل في مصر والأردن، بل قدَّم لمحاتٍ عن واقع الارتداد في الحالة اليمنية، وقال: "وفي اليمن، التي كانت فيه الحركة الإسلامية جزءًا من النظام وسنده الشعبي والسياسي خصوصًا في القضايا الوطنية الكبرى، وأبرزها قضية انفصال الجنوب، أصبحت الحركة الإسلامية الآن طرفًا في عملية شد وجذب مع الحزب الحاكم في وقتٍ تمرُّ فيه البلاد بأزماتٍ اجتماعيةٍ وسياسيةٍ خانقة".
جوانب بيضاء
وفي سياقٍ مقابل، دعا الحمداوي إلى تعزيز واقع التعايش بين مكونات المشهد السياسي الموجود بين الأنظمة والحركة الإسلامية في بلدان المغرب العربي: "بدءًا بالجزائر التي يشارك فيها فصيلٌ من الإسلاميين في الائتلاف الحاكم، إلى موريتانيا التي قطع فيها التيار الإسلامي مرحلةً معتبرةً بالانتقال من وضع الحظر والاضطهاد.. والتطور اللافت في تونس بإبطال القضاء التونسي للمنشور الذي يحظر ارتداء الحجاب على النساء والفتيات في الإدارات والمؤسسات التعليمية، مما يُؤشر على بداية الميل نحو الانفتاح والخروج من حالة الانسداد السياسي الذي عمر طويلاً، ويفصح بما لا يدع مجالاً للشك عن فشل خيار تجفيف المنابع وعن استحالة استمرار الأداة الأمنية فاعلاً واحدًا في التعامل مع حالة التدين التي يعرفها المجتمع التونسي".
ولفت إلى نجاح حزب العدالة والتنمية الإسلامي بالمغرب في تحقيق نتائج مشهودة رغم بعض المؤاخذات، التي شابت تحركاته، مؤكدًا على خيار التمايز، الذي تحاول الحركة نهجه مع حليفها السياسي.
وأرجع الحمداوي المفارقة الصارخة بين ما يجري في علاقة الأنظمة بالإسلاميين إلى عدة أسباب ذكر منها: استحقاقات أمريكا وحلفائها في المنطقة بمنع وصول الإسلاميين إلى السلطة في هذه البلدان رعاية لمصالحها وحماية وكيلتها المدللة ممثلة في دولة العدو الصهيوني.
عدم جدية إدارة المحافظين الجدد في دعوات الإصلاح ومساعي نشر الديمقراطية، خصوصًا بعد نتائج الانتخابات في كلٍّ من فلسطين و مصر وبعد الأداء العسكري والسياسي والإعلامي للمقاومة الإسلامية في لبنان وأمام الفشل الذي تعيشه القوى التي راهنت عليها لبناء ما يُسمَّى بالعراق الجديد".
مضيفًا أن دعوات الإصلاح المرفوعة لم تكن سوى ورقة ابتزاز في حق الأنظمة لمزيدٍٍ من الإخضاع والتنازل، خصوصًا في ملف التسوية مع الصهاينة بعد أن جمدت الموقف العربي منذ كامب ديفيد الثانية عند حدود القدس واللاجئين والجلاء عن جميع الأراضي المحتلة عام 67.
وللخروج من حالة التنازع بين الإسلاميين والأنظمة، طالب الحمداوي الحركات الإسلامية: "بإبداع الصيغ والمداخل لتحصيل استثمارٍ جيدٍ لرصيدها الشعبي، وبناء علاقات مقدرة ووازنة مع باقي مكونات المجتمع وفعالياته، وهو ما سيُمكنها من تقوية عودها وصلابتها المجتمعية في وجه الاستهداف الخارجي والداخلي لها، وتجاوز حالة "العزلة" التي يراد أن تكون عليها من قِبل الخصوم والمنافسين"، مقدمًا التجربة التركية، التي لم تمنع روادها لا الشروط الدستورية الخانقة ولا القبضة الأمنية المستحكمة ولا الانقلابات المتكررة على التجربة ومكتسباتها، من أن تفرض نفسها.
مواقف محلية
وعلى المستوى المحلي بالمغرب، قدَّم الحمداوي مجموعة ملاحظات حول مسار الإصلاح الديني بالمغرب، مؤكدًا أن قوة وفاعلية الشأن الديني "هي في انفتاحه وتكامله مع الفعاليات، التي يزخر بها المجتمع، ولن تكون بحالٍ من الأحوال في إقصائهم أو التضايق من مساهماتهم، أو التوجس منهم ومن أنشطتهم".
وطالب رئيس حركة التوحيد والإصلاح بإنصاف المعتقلين في أحداث 16 مايو الدامية وتجاوز واقع المماطلة في إنصافهم، وخاطب الحاضرين من أعضاء شورى الحركة بقوله: "ها أنتم تتابعون كيف يماطل المسئولون في معالجة ملف المعتقلين على خلفية أحداث 16 مايو الإرهابية، والتي لم يشفع لهم لا الإقرار رسميًّا على أعلى مستوى بحصول تجاوزات، ولا المواقف الصريحة المدينة للإرهاب والرافضة لأي عنفٍ يستهدف الأبرياء، التي عبَّر عنها بعض هؤلاء المعتقلين. ففي الوقت الذي يتم فيه جبر أضرار جماعات العنف السبعيني وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في تلك الحقبة، لا تفتأ تقارير منظمات حقوق الإنسان وشهادات المعنيين ومقالات الصحفيين، تتحدث عن مستوى من الفظاعات التي ترتكب تعذيبًا وانتهاكًا للحرمة الآدمية للمعتقلين؛ إلى جانب ما يتداول على نطاقٍ واسعٍ على المستوى الإعلامي ومن طرف هيئات الدفاع من اختطافات واعتقالات سرية بهذه المناسبة أو تلك".
ودعا المسئولين إلى تدارك "الفرصة لطي نهائي منصف لهذا الملف الشائك، الذي أضر بسمعة البلاد وساهم في تشريد مئات الأسر البريئة، خصوصًا في ضوء الإضراب الأخير الذي دخل أسبوعه الثالث دون أي تحركٍ جديٍّ لمعالجة الوضع".
وجدد الحمداوي رفض حركته للتجاوزات التي تعرَّضت لها جماعة العدل والإحسان بالتضييق على بعض أعمالها وأنشطتها، وكذلك رفضها لما تتعرض له حرية التعبير والنشر من ضغوطات وصلت حد الاعتقال المتكرر للصحفيين، والتسبب في متاعب مالية لعددٍ من المنابر الصحفية.
وأضاف أن حركة التوحيد والإصلاح تتابع بانشغالٍ عميق المسِّ بالحقوق الاجتماعية في موجة الغلاء التي ألهبت أسعار المواد والخدمات الأساسية، وما نجم عنها من احتقان وأحداث خرجت عن طابعها السلمي في بعض الأحيان، نتيجة مستوى العجز ودرجة البطء في تدخل المؤسسات المختصة تاركة المجال للمقاربة الأمنية التي لا يؤدي الاقتصار عليها وحدها سوى إلى تأجيج الموقف وصب الزيت على النار، كما وقع في مدينة صفرو خلال الأيام الأخيرة".
تجدر الإشارة إلى أن حركة التوحيد والإصلاح ، جاءت نتيجة وحدة اندماجية بين حركتين إسلاميتين هما: رابطة المستقبل الإسلامي وحركة التجديد والإصلاح في سنة 1996 م، وتمثل اليوم الحليف الإستراتيجي لحزب العدالة والتنمية، الذي احتلَّ المرتبة الأولى من حيث عدد الأصوات في الانتخابات الأخيرة والثانية من حيث المقاعد.
وبهدف تحصيل نوع من التمايز بين الهيئتين وقراراتهما، قرر مجلس شورى الحركة قبيل الانتخابات بشهور منع ترشح مسئولي الحركة ونوابهم مركزيًّا وجهويًّا في مسئوليات سياسية بالحزب الحليف، سواء في الانتخابات أو المسئوليات داخل الهيئات.
المصدر
- خبر:الحمداوي: التضييق على الحركات الإسلامية بإيعازٍ أمريكيإخوان أون لاين