السعيد الخميسى يكتب: "العدالة الإجتماعية " , الفريضة الغائبة..! ؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
السعيد الخميسى يكتب: "العدالة الإجتماعية " , الفريضة الغائبة..! ؟

بتاريخ : الأحد 02 مارس 2014

  • يقول الباحثون الاجتماعيون ، إن أول شروط قيام العدالة الاجتماعية في حكم الناس، هو قيام حكومة عادلة يتولى أمرها حاكم عادل تتوفر فيه شروط العدالة، من حيث الصفات والمؤهلات ومختار من قبل شعبه، يسانده رجال مؤمنون صادقون في إيمانهم ووطنيتهم، مؤهلون في خدمة من يتولون أمر رعايتهم وحكمهم دون تفريق ولا تمييز بين فئة وأخرى، إلا بالعمل الصالح والنافع للأمة.

دخلت فاطمة زوجة عمر بن عبد العزيز عليه فإذا هو فى مصلاه سائلة دموعه .

فقالت : ياأمير المؤمنين : ألشئ حدث..؟ فقال رضى الله عنه " يافاطمة إني تقلدت أمر أمة محمد صلى الله عليه وسلّم فتفكرت في الفقير الجائع، والمريض الضائع، والعاري المجهود، والمظلوم المقهور، والغريب المأسور، وذي العيال في أقطار الارض، فعلمت أن ربي سيسألني عنهم، وأن خصمي دونهم محمد صلى الله عليه وسلم، فخشيت أن لا تثبت لي حجة عن خصومته، فرحمت نفسي فبكيت.

  • لقد ضرب عمر عمر بن الخطاب رضى الله عنه المثل الأعلى فى العدالة الإجتماعية والشفافية التى يرى ظاهرها من باطنها أمام رعيته .

يقول ابن عمر رضي الله عنهما: كان عمر إذا نهى الناس عن شيء جمع أهله وقال" إني قد نهيت الناس عن كذا وكذا وإنهم إنما ينظرون إليكم نظر الطير إلى اللحم فإن وقعتم وقعوا.

وإن هبتم هابوا، وايم الله لا أوتي برجل منكم فعل الذي نهيت عنه إلا أضعفت عليه العقوبة، لمكانه مني فمن شاء فليتقدم ومن شاء فليتأخر." أمير المؤمنين يتوعد بعقوبة من يتجاوز حدوده ويتعدى دائرة الحلال إلى الحرام .

وهو بذلك يضرب المثل الأعلى والقدوة الحسنة لكل حكام المسلمين فى تحقيق العدالة بين الناس .

  • كما أن عمر رضى الله عنه يوضح للناس فى وجود الولاة وهم "المحافظون " مهمة المسئول فيقول لهم فى خطبة بليغة ليعرفوا حقوقهم و واجباتهم قائلا: " إني لم أستعمل عليكم عمالي ليضربوا أبشاركم، و يشتموا أعراضكم، و يأخذوا أموالكم و لكن استعملتهم ليعلموكم كتاب ربكم و سنة نبيكم عليه الصلاة و السلام، فمن ظلمه عامله بمظلمة فلا إذن له على يرفعها إلى حتى أقص منه.

فقال عمرو بن العاص: ياأمير المؤمنين أرأيت إن أدب أمير رجلا من رعيته أتقصه منه؟ فقال عمر: و مالي لا أقصه منه و قد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقص من نفسه " . إنها العدالة الناجزة التى تعطى كل ذى حق وحقه وليس كيومنا هذا الشعب كله معتقل ومتهم على ذمة التحقيق ..! ؟.

  • إن الناس جميعًا في نظر الإسلام سواسية، الحاكم والمحكوم، الرجال والنساء، العرب والعجم، الأبيض والأسود، لقد ألغى الإسلام الفوارق بين الناس بسبب الجنس أو اللون أو النسب أو الطبقة، والحكام والمحكومون كلهم في نظر الشرع سواء، وهذا مايسمونه اليوم " بالمواطنة " وهى لاتعنى غير المساواة والعدالة الأجتماعية بين كل أطياف المجتمع .

إن التفرقة العنصرية بين طبقات وشرائح المجتمع نتج عنه اختلال ميزان العدلة الإجتماعية على نطاق واسع . فأصبحنا نرى من يسكن القصور وشرائح كبيرة تسكن القبور مع الاموات .

وشاهدنا شرائح من الناس انتفخت بطونهم من الشبع وآخرون يتضورون جوعا وألما من الفقر والفاقة. وأناس يتلاعبون بالمليارات المنهوبة وآخرون لايجدون قوت يومهم .

  • لقد جاءوا لعمر بن عبد العزيز بالزكاة فقال أنفقوها على الفقراء والمساكين فقالوا ما عاد في أمة الإسلام فقراء ولا مساكين، قال فجهزوا بها الجيوش، قالوا جيش الإسلام يجوب الدنيا، قال فزوجوا بها الشباب, فقالوا من كان يريد الزواج زوج.

وبقي مال فقال : اقضوا الديون على المدينين، قضوه وبقي المال, فقال: انظروا في أهل الكتاب(المسيحيين واليهود) من كان عليه دين فسددوا عنه ففعلوا وبقي المال، فقال: أعطوا أهل العلم فأعطوهم وبقي مال، فقال: اشتروا به حباً وانثروه على رؤوس الجبال, لتأكل الطير من خير المسلمين . ونحن نتساءل أين الخير اليوم ومعظم الشعب يئن تحت خط الفقر ورقابهم تحت سيف الفقر والفاقة ينتظر أن تنزل عليهم فى أى لحظة..! ؟

  • إن العدالة الإجتماعية هى الفريضة الغائبة فى كل النظم السياسية التى حكمت مصر فى السنوات العجاف الخالية . ولو طبقت تلك العدالة تطبيقا عادلا ماوجدنا متسولا فى الشوارع .

وماوجدنا فقيرا يكابد فقرا . وماوجدنا مريضا يموت ولايجد من يداويه . وماوجدنا جائعا لايجد من يطعمه ويسقيه .

وما وجدنا مشردا لايجد بيتا يأويه . وماوجدنا موظفا عموميا شريفا ينفق راتبه فى أول ثلاثة أيام ثم بقية الشهر يبحث عن من يقرضه ويعطيه .

وما وجدنا مصريا يهجر وطنه عشرات السنين بحثا عن راتب يكفيه .

وما وجدنا اضرابات عمالية وفئوية تعطل الإنتاج وتضره وتؤذيه .

إن عدد لصوص المال فى مصر يساوى عدد الفقراء ولو رد كل لص مانهبه ماوجدنا فقيرا واحدا فى مصر ولو ضعت الحبوب فوق رؤوس الجبال لتأكل منها الطير..! .

  • لن تستقر سفينة الوطن وسط أمواج الحياة الهائجة, ولن يستقر أى نظام سياسى مهما كان بطشه وجبروته , ولن يهنا أى رئيس بكرسى الرئاسة , ولن تستمر أى حكومة قادمة , طالما أن ميزان العدالة الإجتماعية مختل ومعوج .

فلايعقل أبدا أن يتقاضى بعض كبار الموظفين الملايين من خزينة الدولة شهريا دون وجه حق , وآخرون يتقاضون الملاليم , وهذا مواطن وذاك مواطن .

لكنه الظلم الإجتماعى البشع الغبى الذى فرق بين المواطنين فى الحقوق والبواجبات بل وجعل هولاء عبيد وهولاء أسياد .

الدولة القوية ترتكز على أعمدة العدالة وتستمد قوتها من قانون المساواة .

والدول الهشة الضعيفة كريشة فى مهب الريح توجهها حيث تشاء وتصبح مرتعا خصبا للفتن والاضطرابات الفئوية اليومية .

  • مصر .. هى أمى .. ولو أن أمى فقيرة تعانى من الفقر لتحملتها إلى آخر نفس فى حياتى وآخر نبضة فى قلبى وما حملتها فوق طاقتها وماطالبتها بما لاتستطيع.

لكن أمى الكبيرة .. مصر .. غنية بمواردها الطبيعية وبأرضها وموقعها الجغرافى المتميز وبكنزوها وخيراتها ونيلها وثرواتها البشرية وقوتها الشبابية .

لكن للأسف نهبها الناهبون , وسرقها السارقون , وتسلط عليها المتسلطون , وجار عليها الباغون , ومص دماءها مصاصو الدماء , وأكل لحمها آكلو لحوم البشر .

ثم يطالبونى بعد ذلك ان أرضى بالقليل وأن أعيش على الكفاف , وإذا تناولت طعام الإفطار , فلاأنتظر الغذاء , وإذا تناولت الغذاء فلاانتظر العشاء من باب "يابخت من نام خفيفا..! .

" هذه مفاهيم مغلوطة وتصورات خاطئة لكى استسلم للأمر الواقع وأرضى بما قسمه لى اللصوص والناهبون .

لكن شعب مصر اليوم.. أكثر من أى يوم... مصمم على استرداد حقوقه السياسية والإقتصادية كاملة غير منقوصة والتى اندلعت من أجلها شرارة ثورة يناير المجيدة ولن يضيع حق وراءه مطالب مهما طال الزمان وتوالت الأيام .

ويسألونك متى هو ..؟ قل عسى أن يكون قريبا .

المصدر