الشرنوبي يكتب: حسن الحيوان.. من ظلم العباد إلى رحمة رب العباد

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الشرنوبي يكتب: حسن الحيوان .. من ظلم العباد إلى رحمة رب العباد
الشرنوبى.jpg

بلا شك سقطت ثقافة الاستبداد والاستعباد والذل.. التي ترفعها الأنظمة في مواجهة الشعوب.. سقطت وداستها أقدام قرابة عشرة آلاف من بني آدم أو يزيد احتشدوا مشيعين من كل أرجاء مصر شبابًا وشيوخًا.. طلابًا وأساتذة.. عمالاً ومثقفين.. الكل يسير بين أزقةِ قرية ربما سمعوا بها للمرةِ الأولى تحمل اسم "الروضة" التابعة لمركز "فاقوس" محافظة الشرقية، لم يلتقِ كثيرون منهم بصاحب الجسد المُسجَّى داخل "نعش" مسجد القرية لكنهم سمعوا عنه وربما منه.. طالعوا صورته أو قرأوا سيرته.. تابعوا أخباره في الصحف: مجرمًا تارةً.. ومسئولاً عن نشاط الجماعة المحظورة ثانيةً.. ونموذجًا للمناضلِ الذي تخرج المظاهرات تهتف ضد ظالميه ثالثةً..

وتارةً رابعةً ربما رآه أحدهم يسير في طرقاتِ كلية طب الزقازيق التي كان أستاذًا بها.. أو ربما حملته أقدامه إلى عيادته المتواضعة التي تراكمت بها خبرته في علاج أمراض الصدر بسعرٍ زهيد.. أو قد يكون لمَحَه في ظلمات الليل بمحبسه بطرة قائمًا يطيل القيام ساجدًا يحبس أنفاسه المتهدِّجة بالبكاء؛ حتى لا تصل إلى قاطني عنبر سجنه بمزرعة طرة.

لم تكن لتربط أيًّا من الذين ساروا في جنازة حسن الحيوان مصلحةٌ تُلقي بظلالها من نعشه السائر، كما لم يكن هناك عطاءٌ ماديٌّ يوازي الدموع التي انسابت تغسل ما بقي من حياةٍ في بدن هذا العصر المتيبِّس بفعل الصمتِ العاجز والقهر المتنامي.. وأيضًا لم يكن الهاجس التنظيمي- الذي يطنطن به كُتَّاب السلطان وحائكو إعلامه- هو الدافع لهذا الحشد البشري.

" حسن الحيوان " القيادي الإخواني.. نائب مسئول القسم السياسي بجماعة الإخوان المسلمين .. لم يعرفْه إعلامنا إلا متهمًا في قضية بلطجة، استطاع حماة أمننا القومي أن يدبروها له بليلِ الوطن الدامس الجاثم على العيون والصدور والخطوات.. واقتحموا بيته قبل قرابة العام.. واحتجزوا زوجه لساعاتٍ، ودمَّروا عيادته ومكتبته بمنزله، وحملوا ما استطاعوا من سكاكين المطبخ ويدًا خشبيةً "لمكنسة" واعتبروها أحرازًا.. ومضوا..!! وحملته زنازين عديدة خلال عشرة أشهر، شاهد أستاذ الجامعة طبيب الصدر خلالها مصرَ الأخرى.. مصرَهم لا مصرَنا.. أمَّهم لا أمَّنا... أمنَهم لا أمنَنا.. وحُوكم وبرَّأته المحكمة.

وبدأت رحلته نحو سجننا الكبير وقبل أن تطأه قدماه صدر ضده قرار اعتقال.. وراضيًا عاد.. وراضيًا خرج من محبسه إلى سجننا الكبير أيامًا ضنَّت بعدها ديمقراطية الوطن الحزب والوطن السجن والوطن الحر والوطن المخبر والوطن المختزل في زنزانةٍ وتقريرٍ.. ضنَّت أن يرى المواطن حسن الحيوان نورَ الحرية، فقررت إعادة محاكمته ليعود إلى السجن ولتبرِّئه المحكمةُ مرةً أخرى وليخرج إلى سجننا الكبير يوم الأربعاء الماضي.

هل لنا أن نرى في وفاةِ د. حسن الحيوان هجرةً دون الحصول على إذن السلطات؟! أو نرى فيها طلب "اللجوء" من عالمنا بأسلوبٍ يسيء إلى أجوائنا الديمقراطية؟!

أيها السادة الجلاَّدون.. المتحكِّمون.. الجاثمون على صدرِ الوطن: مات حسن الحيوان فحاكِموا مَلَكَ الموت لو تستطيعون؟ واطلبوا منه إقرارًا و"كشف عائلة "حتى يتأكَّد لكم أنه لا يتعامل أو يرتبط أو يؤيد أو يُوافق على أفكار الإخوان المسلمين!!

كانت معركة ربح فيها حسن الحيوان ، خرج منتصرًا مرفوع الهامة، لم تلن له عزيمة، ولم يهن منه عود، خرج وجراح الوطن محفورة في قلبه، وابتسامته الرائقة مرسومة على ثغره، وبقايا مرح رُوحه تُجدد قدرته على القلوب من حوله، وسكينة نظراته ترميك في نهرٍ عذبٍ ينتصر على كل جفاف الأيام وملوحة الأنظمة الميتة.

كانت معركة أراد حسن الحيوان أن يُنهيَها كما يريد، فقضى الخميس والجمعة مع زوجه وأهله وإخوانه ومحبيه، ثم نوى صيام السبت ليكمل الست البيض من شوال، وتوجَّه للقاء المرشد العام وإخوانه في مقرهم في 20 شارع الملك الصالح، وراح يُداعب هذا ويضاحك ذاك، وعاد إلى بيته بالشرقية ليفطر ويجلس منتظرًا صحبةً طال الشوق للقياها وليقطع على زوَّار الفجر كلَّ أملٍ في العودةِ وليطلب اللجوء لمَن لا يضيع عنده لاجئ ولا يُستدعى ولا يُختطف ولا يُعتقل ولا يُتهم بالبلطجة، وجاءه القدر وقوله تعالى ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ﴾ (إبراهيم: 42).

سلامٌ عليك حسن الحيوان ، طبيب الصدر، المناضل المظلوم، المبتسم المطارد، وهنيئًا لك البراءة.

المصدر

قالب:روابط حسن الحيوان