الشوبكي: 2004م عام فاصل في تاريخ الإخوان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الشوبكي: 2004 م عام فاصل في تاريخ الإخوان


مقدمة

حوار: عبد الله الطحاوي

  • على الإخوان أن يبحثوا عن حلفاء جدد بعيدًا عن الأحزاب الجامدة
  • الإخوان هو التنظيم السياسي الوحيد الذي يحوي بداخله أجيالاً متنوعة
  • إستراتيجية الدولة تجاه الإخوان تكاد تكون ثابتة في ربع قرن الأخير
  • من حق الإخوان ألا يكشفوا كل أوراقهم التنظيمية في هذا التوقيت
  • أتوقع حصول الإخوان على 25 مقعدًا في البرلمان القادم

كشفُ حسابٍ يقدمه الباحث الدكتور عمرو الشوبكي- الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية- لعامٍ مضى على جماعة الإخوان.. جرت فيه مياه كثيرة في النهر؛ بدايةً من توديع المرشد الراحل الأستاذ الهضيبي وتولي الأستاذ عاكف، وما واكب ذلك من أحداث تخللتها فواصل من الشجى والأسى؛ تمثل في استشهاد أحد الإخوان إهمالاً أو تعذيبًا (أكرم زهيري) في سياق ردٍّ أمنيٍّ بليغٍ على حركية وفاعلية الإخوان ومرشدهم الجديد.

ويرى الشوبكي أن الإخوان منذ بداية عام 2004م وهم في حالة استنفارٍ شديد من أجل دعم مركزهم على الساحة بخطابٍ أكثر سياسية وجرأة في منهجٍ أشبه بحالة التمرد على قالب التهميش الذي تحاول السلطة احتجازهم داخله، وبالتالي اتسم أداؤهم بإيقاعٍ أكثر جسارة، وبدا عقلهم السياسي في أشد حالاته نضوجًا وإدراكًا، وهو ما بدا جليًّا في مبادرة "الإصلاح" الأخيرة، التي حوت من ناحيةٍ تصورًا سياسيًا كاملاً لقضايا المجتمع، وأثارت من ناحية أخرى جدلاً في الأوساط السياسية في الداخل والخارج، وأكدت من ناحية ثالثة حضورهم وثقلهم الفاعل.

  • بدايةً ما التغيرات التي طرأت على جماعة الإخوان المسلمين في العام الماضي مقارنةً بالأعوام السابقة، وأين مركز الإخوان في الحياة السياسية هذا العام؟
بالنسبة لعام 2004م كان الإخوان أكثر سياسةً وأكثر تفاعلاً مع القضايا السياسية عن الأعوام السابقة- وربما عن العقود السابقة-، تجلى ذلك في خطوةٍ على درجةٍ كبيرة من الأهمية وهي مبادرة الإخوان للإصلاح؛ فلأول مرة يتحدث الإخوان بشكل مباشر في القضايا السياسية.
وأعتقد أن الإخوان كانوا على أكثر من مستوى وفي أكثر من موقف قادرين على إبراز الوجه السياسي للحركة، وكما نعلم الإخوان هي حركة لها وجهان أحدهما دعوي والآخر سياسي، وفي كثيرٍ من الأحيان كان المراقبون يرون أن الوجه الدعوي يغلب على الوجه السياسي في مراحل كثيرة من تاريخ الإخوان، ولكن في الفترة الأخيرة وبالتحديد في هذا العام بدأ الوجه السياسي يتضح دون أن يتعارض مع المفاهيم الدعوية والحركية للجماعة.
  • وكيف تقرأ المبادرة ذاتها؟
استطاعت جماعة الإخوان أن تطرح في المبادرة رؤى متعددة تمثل كل ألوان الطيف السياسي في حديثها عن الإصلاح بما جعلها تصلح كتصور سياسي لا يخلط بين السياسي والديني والدعوي، كما أنها تصلح كرؤية متكاملة عكست مجموعة من النقاط التي كانت بها أفكار متقدمة إلى حدٍّ كبير، بالإضافة إلى نقاط أخرى أنا شخصيًا كنت أختلف معها إلا أنها في النهاية عكست عقلاً سياسيًا وإدارة سياسية واعية للواقع السياسي في مصر.
  • بخلاف المبادرة هل كان للعقل السياسي الإخواني حضور في الحياة السياسية في العام الماضي؟
نعم كانت هناك علامات أخرى منها: الحضور الإعلامي والسياسي والحشد الدائم في القضايا المتعلقة بالاعتداءات الصهيونية على فلسطين، وفي الحرب على العراق؛ حيث كان الإخوان موجودين كطرفٍ فاعل في معارك الأمة ضد العدوان الأمريكي الصهيوني، وأيضًا كانوا متواجدين في موضوع الإصلاحات السياسية.
بالإضافة إلى ذلك فقد تفاعل الإخوان بشكل أكبر مع الأحزاب السياسية وقوى المجتمع المدني، وإن لم يكن تفاعلاً إيجابيًا من جهة الأحزاب حيث حاول الإخوان أن يكونوا جزءًا من جبهة المعارضة التي تشكلت، ولكن للأسف الشديد فإن هذه الجبهة اختارت أن تستبعد الإخوان، وهذا يحتاج من الإخوان إلى أن يبحثوا عن وسائل أخرى للتنسيق السياسي؛ بالتفاعل مع النقابات المهنية، والانفتاح على أجيال أخرى داخل الحركة السياسية مثل "الغد" و"الكرامة"؛ بحيث لا يبدو الإخوان المسلمين وأنهم دائمًا في جانب الأحزاب السياسية الكبيرة الجامدة التي تعاني من أزمات داخلية لمجرد أنها تمتلك ورقة شرعية، وفي هذا أنا أعتقد أنه حان الوقت أن يبحث الإخوان عن حلفاء جدد خارج إطار المعادلة الشرعية القانونية دون أن يعني ذلك خروجهم على الشرعية.
  • ومن تقصد بالحلفاء الجدد؟
أقصد أن هناك قوى أخرى كبيرة يمكن التحالف معها بخلاف الأحزاب، على رأسها النقابات المهنية بشرط إعادة صياغة الإستراتيجية المتبعة في العمل داخل النقابات، وخاصةً في الصحفيين والمحامين، كذلك ممارسة درجة أكبر من التنسيق بين القوى السياسية المعارضة الأخرى، وأن يحلوا مشاكلهم مع نقيب المحامين، وزيادة التفاعل مع التيارات المعارضة في نقابة الصحفيين وغيرها.
وأعتقد أن هذا سيكون أجدى للإخوان من التحاور مع حزب التجمع أو الناصري أو الوفد؛ لأن هذه الأحزاب غائبة أصلاً عن الحياة السياسية، ولن يُضاف للإخوان شيء أن يكونوا التيار الثامن أو التاسع في جبهة أحزاب المعارضة التي تعاني من أزمات، حتى لو قلنا أن هناك 3 أحزاب منهم موجودة (الوفد، التجمع، الناصري) فهناك خمسة آخرون غائبون بالمعنى الكامل للكلمة.
وأيضًا أوجه النقد إلى أحزاب المعارضة التي اختارت أن تتحالف مع قوى سياسية غير موجودة، وجاءت نتيجة قانون هي ترفضه، ورغم ذلك فإن القوى التي اختارتها للتحالف معها جاءت عبر هذا القانون، وهذه القوى تتمثل في الأحزاب الورقية أو ما نسميها أحزاب القرار الإداري.
وبذلك يمكن القول إن الإخوان لم يمتلكوا خيالاً سياسيًا في البحث عن حلفاء جدد خارج معادلة الأحزاب القانونية المهزومة، وأحزاب المعارضة الرئيسية أيضًا لم تحاول أن تبحث عن شركاء حقيقيين موجودين في الشارع، ولم يستطيعوا أن يحصلوا على الشرعية القانونية نتيجة القانون الذي ترفضه هذه الأحزاب.

المرشد والسياسة

  • وفي هذا الإطار هل تعتبر أن التحول السياسي للجماعة أو الظهور السياسي الواضح في العام الماضي ارتبط بشخص المرشد الجديد وتوجهاته السياسية؟ أم أن الأحداث الإقليمية والدولية فرضت ذلك؟
أعتقد أن الاثنين معًا: مرشد جديد أكثر سياسة وأكثر فهمًا للواقع السياسي وأكثر مقدرة على إبراز رؤى الإخوان السياسية كان له دور، في نفس الوقت نحن أمام واقع عالمي وإقليمي ومحلي يتحدث عن قضايا الإصلاح باعتبارها قضايا محورية، وبذلك فالتحول في توجه الجماعة جاء نتيجة الاثنين فنهاك مرشد له رؤى سياسية وهناك واقع يسمع ويستجيب لهذه الرؤى سواء من جانب المثقفين أو منظمات المجتمع في الداخل والخارج أو حتى الحكومة والمعارضة؛ حيث إنه لم يعد يكفي المواطن المصري أن يقول له فقط نحن ضد الكيان الصهيوني وضد اعتداءاتها على الفلسطينيين وضد الاعتداءات الأمريكية على العراق، ولكنه ينتظر أن تحدثه عن قضايا الإصلاح السياسي وعن الأزمات الاقتصادية وحالة الفساد في مصر.
وبالتالي فالمناخ السياسي فرضَ على الجميع- بما فيهم الإخوان- أن يكون لهم رأي تفصيلي في قضايا تتعلق بالإصلاح السياسي دون أن يكتفي بمواقفه المبدئية أو العامة تجاه مجموعة من الثوابت القومية.
  • وهل امتلك الإخوان هذه الرؤية التفصيلية لقضايا الإصلاح؟
نعم؛ حيث كانت رؤية الإخوان واضحة وبها درجة كبيرة من التفصيلية حتى على مستوى "المبادرة"، أنا شخصيًا كانت لديَّ بعض الانتقادات على "المبادرة" نتيجة أنها دخلت في تفاصيل سياسية، وهذه التفاصيل وارد أن يكون فيها رؤى مختلفة واجتهادات مختلفة، منها الكلام بشكل قاطع من تولي المرأة للإمامة الكبرى، ولكن الدخول في تفاصيل في حدِّ ذاته أمر إيجابي؛ لأنه يعني أنك تمتلك رؤية سياسية وتطرحها في ظل واقع مستعد أن يستمع لهذه الرؤية ويتفاعل معها إيجابًا أو سلبًا، ومن حق أي فرد أن يكون عنده مرجعية ليبرالية أو مرجعية إسلامية، وأن يقدم برنامجًا سياسيًا مستمدًا من الإسلام، وقائمًا على أفكار الشريعة ولكن يشترط أن يعي أن هذا هو اجتهاده الشخصي أو اجتهاد الجماعة، وأن يقبل انتقادات واختلافات قوى سياسية أخرى.
  • لكن هل تعتقد أن حركية الأستاذ مهدي عاكف وحضوره الإعلامي والسياسي قد أقلق الحكومة؟
الحركية الزائدة في صالح أي تيار سياسي وليست ضده، ولا أستطيع أن أدين تيارًا سياسيًا لأنه حركي، إذا كانت هناك مشكلة فالمشكلة لدى الحكومة وليست لدى هذا التيار.
فإذا كان الإخوان يتميزن بالحركية الزائدة فمن الطبيعي أن يكون الحزب الوطني أو الحكومة قادرة على مجاهدة هذا التحرك بوسائل سلمية وليست بوسائل أمنية سواء؛ تنشيط كوادرها أو تطرح خطابًا يتناقض مع خطاب الإخوان، أو أنها تتصارع مع الإخوان في ساحة السياسة وساحة المجال السلمي.
ولكن اتهام أي تيار سياسي بالحركية الزائدة سواء الإخوان أو غيره هذا معناه وجود خلل في النظام القائم، وعدم قدرته على مجاراة من يعملون، وليس ذنب الآخرين أن كوادر الحزب الوطني عاجزة عن التحرك الشعبي أو أن كوادرها محدودة الكفاءة وتنقصها الخبرة والتدريب، واللوم على الحركية الزائدة في هذا السياق يعني أن هناك انتشارًا للثقافة البيروقراطية على حساب فكرة العمل والخيال.
  • البعض يرى أن القرار السياسي الإخواني يخضع لحساب المكسب والخسارة والتحرك في إطار الممكن وأنه تارة يغازل الحكومة وتارة يخطب وُدها؟
هذه مسألة أنا اعتبرها مشروعة، وإذا رأى الإخوان أنه ليس مطلوبًا أن يزيد عدد المرشحين وقاموا بموائمات سياسية كما حدث في الانتخابات الأخيرة ورشحوا 70 فقط وليس 200، أو أنهم لا يراهنون على موقع النقيب في أي نقابة فهذه كلها موائمات من حق أي تيار أن يحسبها وِفق حسابات المكسب والخسارة، وهذا أمر لا يمكن أن يُلام عليه أي تيار سياسي.
  • شهد العام الماضي ظهورًا مكثفًا لأجيال الوسط المنشقة من داخل التيارات السياسية كحزب الغد وحركة الكرامة فكيف تقيِّم قدرة الجماعة على إدارة التعدد والتنوع داخلها لاسيما جيل الوسط؟
تستطيع أن تقول إن الإخوان هو التنظيم السياسي الوحيد في مصر الذي بداخله مجموعة من الأجيال المتنوعة على عكس الأحزاب الأخرى التي خرجت عنها أجيال كاملة؛ فجيل الوسط خرج من الناصري وشكَّل حزب الكرامة, وكذلك جيل الشباب خرج من الوفد وشكَّل حزب الغد، ولكن هذا الخروج الكلي لم يحدث في الإخوان، وبالتالي لا تستطيع أن تقول أن الوسط خرج عن الإخوان؛ لأن رموزه ما زالت داخل الإخوان على عكس الناصرين والوفد وهذا يعكس درجة من الحداثة داخل الجماعة ودرجة من التوطين المؤسسي بداخلها.
  • يطالب البعض من الإخوان أن يقوموا بكشف كل الأوراق والحسابات والوثائق وأسماء كوادرهم الخاصة بهم حتى يتحرروا من ربقة السرية فهل تتفق مع هذه المطالبة؟
الكشف عن بعض الأوراق الخاصة ليس له مبرر الآن- وهو أمر وارد- ولكن الكشف عن كل الأوراق يأتي في حالة تحول الإخوان المسلمين إلى حزب سياسي وقبول الدولة بأن يكون للإخوان حزب سياسي ذو مرجعية إسلامية، وبشرط ألا يكون هناك خلط بين خطاب الإخوان والإسلام، ولكن أما بخصوص كشف معظم الأوراق فمعظم مَن هم في مكتب الإرشاد وقيادات الجماعة معروفون، وأيضًا إذا كان الإخوان تراضوا أن يكشفوا عن بعض الأوراق هذا لن يكون ضارًا، ولكن من حقهم أن يحتفظوا ببعض الأوراق الخاصة بهم.
  • شهدت الفترة الأخيرة المزيد من الاعتقالات لأعضاء من جماعة الإخوان أبرزهم مجموعة الـ 59، كما شهد موت اثنين بسبب التعذيب والإهمال وإلصاق بعض تهم الإرهاب الدولي للإخوان.. فهل يعني ذلك أن هناك تحولاً في إستراتيجية الدولة تجاه قمع الإخوان؟
الدولة لم تخرج كثيرًا عن إستراتيجيتها تجاه الإخوان في الربع قرن الأخير، وهي سياسة قائمة على أحداث استيعاب جزئي للإخوان داخل العملية السياسية بشترط ألا يتحول هذا الاستيعاب الجزئي إلى عملية دمج كاملة، وبالتالي فحين ينشط الإخوان أكثر من اللازم عن وجهة نظر الدولة بصورة يبدو معها هذا النشاط مقلقًا تتدخل الدولةُ لإعادة الإخوان في نفس المساحة التي حددتها لها الحكومة داخل الساحة العامة في مصر، وأنا لا أرى ما حدث في الأشهر الماضية أكثر مما حدث في عام 95.
  • وكيف نفسر تعذيب بعض الأفراد، وهل هذا حدث لأن الإخوان كانوا أكثر فاعلية أم أن هناك نية لاستئصالهم؟
قد يكون ليست الفاعلية الزائدة للإخوان، ولكن لا أستطيع أن أقول بأن هناك اتجاهًا عامًا في الدولة لمحاولة استئصال الإخوان، وما يحدث هو أنه حينما ينشط الإخوان تتدخل الدولة لتحجيم نشاطهم مرة أخرى؛ حيث تسعى الدولة لأن يكون الإخوان تيارًا موجودًا ولكن بدون فاعلية أو ذا فاعلية محدودة أو تحت التحكم، وبالتالي تعتقل أفراد وتفرج عن آخرين بحيث تظل نسبة الاعتقالات تكاد تكون ثابتة.
  • ألا يعتبر موت اثنين من الإخوان على يد أجهزة الأمن مؤشرًا لاتجاه الدولة نحو استئصال الإخوان؟
التعذيب حتى الموت شيء مدان ومرفوض ويحدث مع الجميع، ولكن تستطيع القول إنَّ الإخوان دفعوا الثمن الأكبر لأنهم التنظيم الأكبر، ولكنه لا يعتبر من وجهة نظري تحول جذري في إستراتيجية الدولة نحو استئصال الإخوان.
  • وماذا عن إلصاق تهم الإرهاب الدولي بالإخوان والإيحاء أنهم يساندون بعض الحركات التحررية مثل حماس؟
هذا جزء من الدعاية المضادة ضد الإخوان سواء في مصر أو في الخارج، وفي رأيي أن الإخوان المسلمين ليس لهم أي علاقة بالإرهاب الدولي؛ لأن هذا النوع من الإرهاب تقوم به جماعات محددة ومعروفة، كما أن إلصاق تهم الإرهاب بما تقوم به حماس في فلسطين واتهاماتها بتفجير فندق طابا هو تفسير أمريكي للموضوع، والجميع يعلم أن حماس والجهاد ليس لهما علاقة بتفجيرات طابا، كما أنَّ دعم الإخوان لحماس أو للفلسطينيين هذا في رأيي ليس له علاقة بالإرهاب الدولي.
  • ألا تتفق معي في أنه لا توجد مساحة محدودة أو هامش معروف للعب السياسي بين الإخوان والحكومة لدرجة أن المراقب لا يستطيع أن يحدد الخطوط الحمراء التي لا يجب تجاوزها؟
هناك خطوط حمراء لدى الحكومة وهي قدرة التيار الذي أمامها على الفاعلية من عدمه فإذا كان هذا التيار فاعلاً ومؤثرًا في الشارع المصري ويمكنه أن يحشد رأيًا عامًّا عالميًّا أو إقليميًّا أو محليًّا، فإنك تكون قد تجاوزت الخطوط الحمراء، وإذا كنت تيارًا هامشيًّا فإنك لا تُحاسب، وهناك بعض التيارات التي تستخدم السباب الجارح للدولة والهجاء وكتابة مقالات على النت وتتكلم كلام خارج عن القانون فهذه تيارات لا تُحاسب لأنها غير مؤثرة وليس لكلامها أي مردود لدى الرأي العام.
  • لكن من الواضح هذا العام أنَّ المجابهة الحكومية امتدت نحو المساجد والشعائر الدينية؟
أنا ضد القول بأن الدولة تُحارب الإسلام، ولكن ما يحدث أن الدولة تحد من فاعلية الإخوان، وهذه ظاهرة موجودة من القديم، وفكرة أنَّ الدولة لديها مؤسساتها الدينية الرسمية ليست جديدة، ومصدر القلق للحكومة أعتقد أنه يتركز في وجود خطاب سياسي يطرحه تنظيم مؤسسي وهو الإخوان.


انتخابات 2005

شعار الاخوان
  • كيف ترى فرصة الإخوان في الحصول على عدد أكبر من المقاعد في انتخابات 2005م؟ وما السيناريوهات المتوقعة لهذه الانتخابات؟
في رأيي أنَّ الإخوان سيحصلون على نسبة كبيرة من المقاعد في الانتخابات القادمة؛ وذلك نتيجة الضغوط الخارجية على الحكومة؛ حيث ستسمح بدرجة كبيرة من النزاهة مثل الانتخابات السابقة؛ حيث سيكون هناك إشراف قضائي بالنسبة لداخل اللجان، أما خارج اللجان سيترك للأمن الذي سيقوم بدور الفلتر، حيث يدخل مؤيدو الحكومة ويمنع أنصار المعارضة، وستكون هذه النسبة ما بين 20 إلى 25 مقعدًا، وربما هناك أحزاب أخرى ستحصل على عدد من المقاعد مثل حزب الغد وكذلك الكرامة إذا ظهر وبشكل عام سيكون الإخوان بعيدًا عما حدث في انتخابات 87 وقريبًا مما حدث في انتخابات 2000م نتيجة الضغوط الحكومية.
  • وما النسبة المتوقعة إذا تركت الانتخابات نزيهة 100%؟
لو تُركت الانتخابات نزيهة بصورة كاملة سيحصل الإخوان في أول مرة على عدد مقاعد لن يقل عن 50 مقعدًا؛ وذلك يرجع إلى طبيعة الانتخابات في المجتمع المصري التي تحكمه العصبية القبيلية والترابط العائلي، بالإضافة إلى قدرة الحزب الوطني والوفد وغيره على إقامة تحالفات مع هذة الأنماط والاستفادة منها.
  • وماذا عن الخط الأحمر لدى الحكومة بالنسبة للانتخابات؟
الخط الأحمر لديهم ألا تتعدى المعارضة كلها الثلث.


الإصلاح الدستوري

  • هل ترى أنه من مصلحة الإخوان المناداة بإصلاحات دستورية، خاصةً أنَّ الدستور الحالي يحوي أكبر إنجازٍ حققه الإخوان عبر تاريخهم، والنص على أنَّ الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع؟
تردد الإخوان في الحديث بشكلٍ مباشرٍ عن الإصلاح الدستوري، فهي مسألة ليست إيجابية، ولا أعتقد أنَّ البند الثاني في الدستور المصري الذي ينص على أن الشريعة الإسلامية هي أساس التشريع قابلة للتغيير في الفترة القادمة في ظل أي تعديل دستوري، وأتصور أن المناخ العام في مصر اليوم أكثر إسلاميًّا مما كان عليه في 71، وأعتقد أنَّ الأزمة الحقيقية في الدستور تتمثل في الصلاحيات المبالغ فيها لرئيس الجمهورية وانتخاباته.
  • الإخوان حركة تُوصف بأنها حركة عالمية.. فكيف ترى تفاعلها الحالي مع العالم الخارجي؟
أعتقدُ أنَّ تفاعلَ الإخوان مع الخارج مازال غيرَ كافٍ.
  • هل الاتجاه نحو تكوين تكتلات برلمانية إسلامية أو أحزاب إسلامية على مستوى العالم العربي بديلاً عن التنظيم الدولي كما ينادي البعض أجدى وأكثر أمنًا؟
أؤيد هذه التكتلات إذا أرد الإخوان أن يحتفظوا بالتنظيم الدولي، وهذا حقهم، ولكن لابد من إيجاد صيغ جديدة يكون للإخوان طرفٌ فيها ضمن أطراف أخرى بمعنى أنهم يكونوا ضمن كتل برلمانية إسلامية بعضهم من الإخوان والبعض الآخر من آخرين حيث لابد أنَّ يكون هناك تجمع أكثر مرونةً للأحزاب الإسلامية تضم قوى متوافقة على حد أدنى من الرؤى، وهذا مطلوب في الفترة القادمة مثل المؤتمر القومي الإسلامي.
  • وهل يعني ذلك أنَّ قدرة الإخوان على التفاعل الدولي الآن مازالت محدودة؟
أعتقد أنها محدودة وتحددها مجموعة من العوامل منها الريبة المتبادلة بين الإخوان والولايات المتحدة، والسياسات الاستعلائية والاستخباراتية لأمريكا في المنطقة سواء في فلسطين أو العراق.. كل هذا يُعطل درجة أكبر من التنسيق بين الإخوان والخارج في قضية إصلاح الداخل، لكن من وجهة نظري المطالبة الوطنية إذا جاءت من أي نوع من الخارج لا بأسَ بها طالما أنها لا تعرض أجندتها الخارجية علينا، ولا تتعارض مع أجندتنا الداخلية ولا بأسَ من التفاعل مع القوى الخارجية بشرط التمسك بالأجندة الوطنية.
  • حتى لو كان التفاعل مع الخارج يحمل نوعًا من المغازلة.. فهل تقبله؟
أنا اعتبر لو أنَّ هناك مغازلةً بين الجانبين حول رؤى الإخوان الإصلاحية فهذا لا يعد شيئًا سلبيًّا.
  • ما تعليقك على وصف لجنة الحريات الدينية الأمريكية لجماعة الإخوان بأنها مع الجماعات المضطهدة؟
أمريكا لديها أجندة واسعة ومرتبة من حيث المبدأ، وإذا كان أي تيار سياسي يتحرك بدافع وطني من أجل الإصلاح السياسي في مصر ولاقى رضًا من أي قوى خارجية سواء من أمريكا أو أوروبا عليه أن يستمر في مشروعه الوطني حتى لو تلاقى هذا المشروع مع نوايا قوى خارجية فهذا ليس مدعاة للانسحاب أو التراجع، ولكنك تستمر وتتحاور مع كل الناس وتتفاعل مع القوى والمنظمات غير الحكومية؛ لأن فكرة التحاور في حد ذاتها غير مدانة ولكن التحالف قضية أخرى.
  • وكيف تُقيِّم رفض الإخوان لمطالب لجنة الحريات الدينية الأمريكية التي جاءت لمصر؟
هذا التصرف شيء سلبي؛ لأن الحوار من حيث المبدأ ليس مدانًا ولكن بشرط ألا تُفرَض عليك أجندةٌ أخرى من الخارج، وتهمل أجندتك في الإصلاح وتتجه لأجندة أخرى كالشرق أوسطية، ولكن أن تطرح مبادرة نقاطها موجودة مع المبادرات الخارجية فهذا لا يعني أنك مخطئ أو تُغازل.

المصدر