د. "حبيب": التضييق الأمني على الإخوان عملية روتينية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. "حبيب": التضييق الأمني على الإخوان عملية روتينية

[13-09-2003]

مقدمة

- المناخ السياسي العام سيئ ولابد من ديمقراطية تنبع من داخلنا.

- التضييق الأمني على الإخوان عملية روتينية.

- ندافع عما نعتقد أنه صحيح ولا ننكر حق الاختلاف معنا.

- زيارة "منتصر" و"عارف" للإخوان حمّلها البعض أكثر مما تحتمل.

- أمريكا لا تريد الديمقراطية.. بل حماية مصالحها فقط.

لم يكد الحديث عن جماعة الإخوان المسلمين في مصر يخبو قليلاً حتى يأتي حدث يطفو به إلى السطح ويعيده إلى بؤرة الأحداث مرة أخرى، ويبدو أن الانتخابات التي جرت مؤخرًا بنقابة الصحفيين وفاز فيها الإخوان بحوالي ثلث مقاعد المجلس- وما قيل عن دورهم في إسقاط مرشح الحكومة لمنصب النقيب- كان هو الحدث الذي تسبب هذه المرة في أن يحتل الإخوان صدر الصفحات الأولى في الصحف وثار لغط كبير في الأوساط السياسية حول قوة الجماعة ومدى تأثيرها في الشارع، والازدواجية التي تتعامل بها الحكومة مع الجماعة, ففي الوقت الذي تؤكد فيه (أي الحكومة) أنها (أي الجماعة) غير شرعية يذهب مرشحها لمنصب نقيب الصحفيين لزيارة المرشد العام بمكتبه في المنيل، وعندما تدّعي أنها "محظورة" تسمح لها بتنظيم مظاهرة "الاستاد"؛ مما جعل البعض يتساءل: إلى متى ستظل العلاقة بين الحكومة والإخوان متركزة في منطقة (المشروعية والحظر).. كل هذا دفعنا لإجراء هذا الحوار مع الدكتور "محمد السيد حبيب"، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان المسلمين والرئيس السابق لنوادي أعضاء هيئة التدريس بالجامعات المصرية وأستاذ الجيولوجيا بكلية العلوم جامعة أسيوط....، فكان هذا الحوار التالي:

نص الحوار

  • فُسّرت زيارةُ المرشّحَين لمنصب نقيب الصحفيين للمرشد العام قبيل إجراء الانتخابات تفسيراتٍ متباينةً، فالبعض قال إن الحكومة أعطت بذلك شرعيةً للجماعة, والبعض الآخر اعتبر ذلك إعطاءَ حقٍّ لقيادة الإخوان بالتدخُّل في الشأن الصحفي، وهكذا.. فما حقيقة ذلك؟
أي شخصية مرشحة لمنصب نقيب، ولديها وعي سياسي، ورؤية صادقة وواقعية- عن تأثير ووجود الإخوان على مستوى الشارع المصري كله- لابد وأن تفعل ذلك، وليست هذه- كما نعلم- هي المرة الأولى, فقد سبق أن زار الأساتذة "كامل زهيري", و"مكرم محمد أحمد", و"إبراهيم نافع".. صاحبَي الفضيلة الأستاذ المرشد/ محمد حامد أبو النصر, والأستاذ/ مصطفى مشهور- رحمهما اللّه تعالي-لنفس السبب, ولم يتحدث أحد عن ارتباط ذلك بشرعية الجماعة من عدمه، وقد يتصور البعض أن قيادة الإخوان تُصدر أوامرها للإخوان النقابيين لاختيار هذا المرشح أو ذاك، وهذا التصور يخالف الواقع، خاصَّةً أن الإخوان ليس لديها المعلومات الكاملة عن شخصيات المرشحين (من حيث فكرهم, ومواقفهم, وتاريخهم) حتى تحكم لهم أو عليهم, وإنما هذا شأن يختص به العاملون في حقل المهنة، وهم أدرى الناس به، كما أن الذين يتحمَّلون عبءَ نجاح هذا المرشَّح أو ذاك هم النقابيون أنفسهم, ومن ثم لابد أن يكون لهم رأيهم في الاختيار.. نعم قد تحدُث مناقشة بينهم وبين قيادة الإخوان فيما يخصُّ الأفضل بين المرشحين للارتقاء بمستوى المهنة وخدمة المهنيين, لكن القرار- أولاً وأخيرًا- يرجع إلى النقابيين.
وفي تصوري يرجع اختيار النقيب إلى مجموعة من العوامل، أهمها: تاريخه النقابي, ومواقفه بالنسبة للمهنة والمهنيين, واستعداده للدفاع عن مكتسبات المهنة, وحسن تقديره وإدارته للأمور, والتزامه بالديمقراطية, وحرصه على اتباع اللوائح المنظمة لعمل النقابة, ومدى استعداده أيضًا لاحترام وتنفيذ توصيات وقرارات الجمعية العمومية، وكان من سياسة الإخوان- خلال العقود الماضية- الحرص على عدم ترشيح أحد منهم لمنصب النقيب، لكن مراعاةً للظروف والأوضاع السياسية حرص الإخوان النقابيون على أن يكون لكافة القوى السياسية والحزبية تمثيل في مجلس النقابة.
  • من وجهة نظركم... هل أثمرت السياسة الأمنية التي تتعامل بها الحكومة مع جماعة الإخوان- بهدف تحجيمها- في شلّ فاعليتها في التغلغل والانتشار داخل المجتمع؟ أم كان لها نتائج عكسية؟
هذا الكلام يحتاج في الواقع إلى بيان وتوضيح، فمسألة التضييق الأمني على الإخوان ليست وليدة اليوم، وإنما هي عملية تكاد تكون شبه روتينية منذ بداية التسعينيات وحتى الآن، ومن الواضح أنها تتم وتجري في حدود مرسومة، والهدف من ورائها واضح ومعروف، وهو محاولة تحجيم الإخوان, وهي سياسة عامة متبعة قد تنشط حينًا وقد تهدأ حينًا آخر، وهذا يرتبط بأوضاع وظروف محلية وإقليمية وعالمية، وهذا لا يمنع أن (الإخوان المسلمون) موجودون ولهم تأثيرهم في الشارع المصري, وإن لم يكونوا في صعود فهم ليسوا في هبوط أو أُفول, وليرجع مَن يريد إلى جنازة المرشد العام الأستاذ/ مصطفى مشهور- رحمه اللّه- وكيف كانت من حيث العدد والنظام والدقة والانضباط, رغم التضييق الشديد والحيلولة دون وصول الإخوان من المحافظات المختلفة إلى القاهرة..، وليرجع أيضًا مَن يريد إلى تظاهرة (الاستاد) في القاهرة بعد ذلك بأشهر قليلة، وكانت مثالاً حضاريًا يؤكد حرص الإخوان على أن يتواصلوا وينسقوا مع كافة القوى السياسية في القضايا ذات الصلة بالشأن العام, وقد ظهر ذلك واضحًا وجليًا إبان العدوان على العراق.
الهجوم على الإخوان لا ينتهي حتى يبدأ, لكن من الملاحَظ أن الهجوم عادةً ما يكون في مناسبات ويأخذ شكل حملات مركزة ومتتابعة، أحيانًا ما تستهدف الأستاذ المرشد العام، وأحيانًا ثانية تستهدف قيادات الجماعة وتَخيُّل وجود صراع قائم بينها، وأحيانًا ثالثة تستهدف الفكرة, أو المنهج، أو الهدف, أو الموقف.. وأحيانًا أخرى تستهدف قضايا قديمة انتهى أوانها.

والذين يهاجمون الإخوان يمكن تصنيفهم إلى فئات أربع:

  1. فئة تجهل الكثير عن الإخوان، وهذه لها علينا حق الشرح والتفسير والتوضيح والتعريف.
  2. فئة مغرَّرٌ بها ولديها معلومات مغلوطة عن الإخوان, وهذه أيضًا تحتاج منَّا إلى جهد لإزالة هذا اللبس أو الغموض الموجود لديها.
  3. فئة تجتزئ أو تبتسر التاريخ أو المواقف خارج سياقها العام؛ بهدف إلحاق النقيصة أو إثارة الغبار أو الشبهات حول الإخوان عن عَمد, وهذه كذلك تستلزم أن ندعوها إلى الالتزام بالإنصاف والموضوعية والمنهجية العلمية في تناولها للأحداث والمواقف.
  4. فئة تقوم بخلط الأوراق وإلقاء التّهَم وصبّ قذائف المدفعية الثقيلة- حقدًا وكراهية- على الإخوان (الذين كشفوا زيفهم، وأماطوا اللثام عن فسادهم), وهذه الفئة ندعوها إلى أن تفيء إلى رشدها, وأن تتقي اللّهَ في وطنها وأمتها.

ليسوا ملائكة

  • لكن قد يكون الهجوم بسبب مواقف أو تقديرات خاطئة للإخوان؟
من حق أي إنسان أن يختلف مع الإخوان، وأن يكون له رأيه الخاص في موقف أو حدث صدر عن الإخوان, وبِصرف النظر عن صواب أو خطأ هذا الرأي فإن الإخوان يرحِّبون به ولا يرفضونه، شريطةَ أن يكون رأيًا موضوعيًا من باب "رحم اللّه امرأً أهدى إليَّ عيوبي"، من حق الإخوان أن يدافعوا عن وجهة نظرهم، وأن يتيسر لهم سبل ووسائل الدفاع، إذ من الملاحَظ أن كثيرًا من النقد الموجَّه إلى الإخوان تُفرَد له مساحات ضخمة في وسائل الإعلام, فإذا أراد الإخوان أن يردُّوا أُغلقت دونهم الأبواب.
الإخوان ليسوا ملائكة, ولا هم أنبياء أو رسل, وإنما هم بشر غير معصومين، يجتهدون فيصيبوا ويخطئوا، وللمجتهد إذا أصاب أجران وإن أخطأ أجر واحد, وهم على استعداد أن يقولوا للمخطئ فيهم أنت أخطأت, كما هم على استعداد أيضًا أن يقولوا للمُحسن من غيرهم أنت أحسنت, ولا ينبغي أن يُعزَل أيُّ حدث أو موقف عن سياقه التاريخي أو العام, وأن تراعَى الظروف والأحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تمر بالبلاد وقت وقوع هذا الحدث أو ذاك.
  • قيل إن التظاهرات التي جرت إبان العدوان على العراق كانت من باب محاولة الإخوان استثمار ظروف العدوان لإظهار قوتهم والإعلان عن وجودهم، فما رأيكم؟
هذا ادعاء مغلوط, فالإخوان أعقل وأعمق من أن تكون مواقفهم من أجل كسب رخيص, خاصةً في ظل ظروف صعبة وخطيرة تتعرض لها أمة الإسلام, والإخوان أصحاب دعوة ورسالة لها من السموّ والرقيّ ما يجعلهم حريصين على أن يكون أداؤهم قريبًا من مستوى عظمة هذه الرسالة من ناحية, ومتناسبًا أيضًا مع المصائب التي تحلّ بالشعوب والأوطان من ناحية أخرى, ويجب ألا ننسى تلك التظاهرات المليونية التي جرت في أماكن شتى من العالم, في أوروبا، وآسيا, واستراليا, بل وفي الولايات المتحدة ذاتها, وذلك ضدَّ محاولة الإدارة الأمريكية فرضَ هيمنتها وسيطرتها على العالم كلِّه, وتحدّيها السافر للمنظمات الدولية، وانتهاكها واعتدائها على القانون الدولي، لقد شعر الناس في كل أنحاء العالم بأن أمنهم مهدد وحياتهم في خطر, وأن العالم أصبحت تحكمه عصابة أو مجموعة من البلطجية لا يدري أحد إلى أين تقوده ولا في أي طريق يمضي ولا إلى أين ينتهي به المطاف؟!!
هناك صلةٌ ورابطةٌ أخوية بين الشعب المصري والشعوب العربية والإسلامية وبين شعب العراق, كما أن هذه الشعوب هي جزء من هذا العالم، ولابد أن تعلن احتجاجها وتعبّر عن انزعاجها لهذا الأمر, خاصةً أن أوطانها تتعرَّض للاعتداء والاحتلال، وثرواتها يتم سلبها ونهبها أمام العالم، ولا أحد يستطيع أن يحرك ساكنًا, فإذا عجزت الحكومات عن صدّ العدوان وحماية المقدسات والثروات فلابد أن يكون للشعوب دور أي دور.
والإخوان المسلمون من منطلق إخلاصهم لعقيدتهم وفهمهم لإسلامهم وتحقيقًا لأهدافهم التي قاموا من أجلها في طليعة هذه الشعوب, وهم- من ثمَّ- حريصون على حرُمات ومقدسات الأوطان, وتُدمي قلوبهم تلك الفواجعُ التي يرونها ويسمعون عنها, ويشعرون بالأسى والحزن العميق لما يَحيق بأمتهم من كوارث ومصائب سوف يكون لها أفظع النتائج على مستقبلها، وبالرغم من أن الإخوان لديهم الاستعداد الكامل لفداء أوطانهم بأرواحهم, إلا أنهم لا يجدون سوى التضييق والحصار, وليس أمامهم - للأسف- إلا التعبير عن مشاعرهم في تظاهُرة أو مؤتمر أو ندوة.
  • لكنْ تردَّد أن السلطة سمَحت للإخوان بالتظاهر في محاولة لإخافة أمريكا منهم، على أنهم يمثلون البديل للسلطة الموجودة, وبالتالي تُصبح المحافظة على هذه السلطة ودعمها بكل الوسائل- ماديًا ومعنويًا- أمرًا حيويًا واستراتيجيًا للإدارة الأمريكية. فما رأيكم؟
هذا الأمر لا يعدو أن يكون أحد التصورات المطروحة، إن الإدارة الأمريكية لديها من المعلومات عن الحركة الإسلامية بشكل عام- والإخوان بشكل خاص- ما يجعلها تقيّم الأمور بما يتفق مع مصالحها وينسجم مع مشروعها, وأظنُّ أن التنسيق والتعاون الآن (خاصةً بعد 11 سبتمبر2001م) قائم بين الأجهزة الأمنية في الولايات المتحدة الأمريكية ومثيلاتها في جميع الدول العربية والإسلامية, بل وفي العالم كله، فيما يتعلق بكافة الأنشطة الإسلامية وتحركاتها واستراتيجياتها ووسائلها وأهدافها، ثم يجب ألا نغفل أن (جماعة الإخوان المسلمون) تمثل كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث, وما كتب عنها وعن حجمها وتطورها وتأثيرها في مجتمعاتها من مؤلفات ودراسات وبحوث ليس بالقليل، وهو ما يجعلها في بؤرة الضوء والاهتمام من قِبَل الأجهزة الأمنية في كل دول العالم، وأعتقد أن الإدارة الأمريكية ليست بالسذاجة أو السطحية للدرجة التي ينطلي عليها مثل هذا التصرف على فرض حدوثه جدلاً، وعلى النقيض قد تلجأ السلطة في مصر أو في أي دولة عربية أخرى إلى استثمار مشاعر الإخوان على هذا النحو المذكور في مثل هذه الظروف الحساسة والأوضاع المتردية, خاصةً أن الإدارة الأمريكية دأبت على تهديد الأنظمة العربية والسعي إلى تغييرها- والنموذج العراقي لا يزال ماثلاً أمام الأعين- ما لم تقم هذه الأنظمة بالإجراءات والتعديلات المطلوبة, أما ما تردَّد من أن هذه الأنظمة هشَّة ومتهالكة أو تَعدَّت عمرها الافتراضي إلى الدرجة التي أصبحت تَخشى على نفسها من فصيل شعبي كالإخوان, وبالتالي حاجتها إلى دعم الإدارة الأمريكية عن طريق إخافتها بالبديل فهذا أمر ينقصه الدليل.
  • هل تقبلون بدور سياسي في إطار التعديلات والإجراءات التي تسعى إليها الإدارة الأمريكية ضمن مسألة تصديرها للديمقراطية وحقوق الإنسان للمنطقة؟
هل أمريكا تريد الديمقراطية حقًا, أم أنها تريد تحقيق مصالحها؟ ولعلنا لا ننسى أن أمريكا هي الداعم الحقيقي والأكبر لكل أنواع الديكتاتورية والاستبداد في العام، طالما ذلك يتعلق بمصالحها، نحن نريد ديمقراطية بإرادتنا نحن, إلا أن تفرض علينا، ثم ما هو الثمن الذي سوف تحصل عليه أمريكا في مقابل هذه الديمقراطية؟
وبصرف النظر عمن قام بكارثة سبتمبر 2001م فإن الإدارة الأمريكية استغلت هذا الحدث لخطف المجتمع الأمريكي وخطف العالم كله، ومحاولة السيطرة عليه لتحقيق مآربها في ضرب الإسلام المقاوم واستنزاف ثروات وموارد الأمة العربية والإسلامية تحت ستار محاربة الإرهاب.
وأتصوَّر أن الإخوان لا يستطيعون نسيان ما حدث ويحدث في أفغانستان, أو في العراق, أو ما يجري على أرض فلسطين من انحياز كامل ودعم بغير حدود للكيان الصهيوني الذي يقوم باغتيال القيادات والتصفية والإبادة للشعب الفلسطيني، وإذا كان الإخوان قد أعلنوا قبولهم بالديمقراطية لكنهم لن يتنازلوا عن ثوابتهم فيما يتعلق بضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية, وأن الجهاد حق مشروع للشعوب في مواجهة الاعتداء والاحتلال, وأن مسألة (الأمركة) التي تسعى لتغيير هوية الشعوب والانسلاخ عن خصوصياتها الثقافية مرفوضة بكل المقاييس، ويجب أن تقاوَم بشتي الوسائل، ورغم أن الإخوان حِيف بهم كثيرًا, والسلطة ظلمتهم ونالت منهم على مدى تاريخهم، لكنهم لا يتصورون أنه يمكنهم أن يضعوا أيديهم في أيدٍ أجنبية مهما كانت الظروف.
الذين يثيرون ذلك يغفلون- أو يتغافلون- عن مجموعة من الحقائق المهمة التي تثبت- بما لا يدع مجالاً للشك- حرص السلطة على استمرار الوضع على ما هو عليه، من التخلُّف والتردي، وعدم إتاحة الفرصة لأي تطور ديمقراطي, ومن يدعون ذلك أقول لهم: هل الإخوان مسئولون عن تغوّل السلطة التنفيذية على حساب السلطتين التشريعية والقضائية؟ أم عن الحصار الشديد المفروض اليوم على مؤسسات المجتمع المدني (من أحزاب ونقابات وجمعيات) وشلّ فعالياتها, بحيث لم تعُد قادرةً على القيام بأي دور إلا بما تسمح به السلطة?! فالأحزاب- حتى التي لها تمثيل على الساحة، بصرف النظر عن حجم هذا التمثيل- توضَع العوائق في طريقها وتُمنَع من ممارسة دورها في الاحتكام إلى الجماهير وعرض برامجها عليها, والنقابات تُفرض الحراسة عليها وتتحول إلى مقرات خاملة خامدة, والجمعيات تُحلّ لمجرد أنها لا تسبح بحمد السلطة, أم أن الإخوان يتحملون مسئولية استمرار العمل بقانون الطوارئ (رغم اتفاق الجميع على عدم وجود مبرر له) والقوانين الاستثنائية الموسومة بأنها سيئة السمعة والتي تحد من الحريات العامة للمجتمع والأفراد، من حيث تكوين الأحزاب، وإصدار الصحف، وما إلي ذلك...!
هذه القوانين تمثل سيوفًا مصلتة على رقاب المواطنين, الأمر الذي جعل الغالبية العظمى منهم تؤثر الصمت، وتنأي بنفسها عن أي مشاركة ولو من بعيد.
وهل نحمّل الإخوان مسئولية تزييف إرادة الشعب من خلال تزوير الانتخابات العامة (نيابية, وشوري, ومحليات) بطريقة تثير الضحك والاشمئزاز في آن واحد؟, أم أن المشكلة تكمن في أن هناك عناصر من السلطة أدمنت مسألة التزوير لأنها الحل الوحيد لوجودها وبقائها, ومن ثمَّ فهي لا تستطيع أن تعيش بدونها?! وهذا أدى إلى شعور المواطنين بفقدان الانتماء وانعدام الثقة فيما يجري مع ضياع الأمل في الإصلاح.
ومن المسئول عن عدم احترام أحكام القضاء ووضع كافة العراقيل أمام تنفيذها؟ بل والتحايل عليها؛ مما يهيئ مناخًا سياسيًا سيئًا تضيع فيه الأمانات وتهدر فيه الحقوق!!
ومن المسئول عن إجراء المحاكمات العسكرية لمواطنين مدنيين لم يثبت في حقهم القيام بأي عنف أو حتى التفكير فيه, بل إن هؤلاء كانوا- ولا يزالون- في الخندق المواجه للعنف، وقاموا بدورهم بالتصدي له ومقاومته عن طريق النشرات والمؤتمرات والندوات والحوارات، وكل ذلك مسجل ومعلوم للناس جميعًا.
هل يتحمل الإخوان المسئولية عن شيخوخة أناس بأعيانهم في سدة الحكم واستمرارهم على رءوس الهيئات والمؤسسات لآماد طويلة, برغم وجود العديد من أصحاب الكفاءات والقدرات والمواهب؟!

حزب للإخوان

  • يقول بعض المحللين السياسيين إنه في حالة ما إذا استطاع الإخوان تقديم أنفسهم كتيار سياسي له برنامج مدني مستمَد من الإسلام- وليس هو التيار الذي يمثل الإسلام وما عداه خارج من الإسلام-, فسوف يكونون مقبولين من السلطة وكافة القوى السياسية.. فما تعلقيكم؟
الإخوان يمثلون جماعة من المسلمين وليسوا جماعة المسلمين, ولم يقل أحد منهم يومًا إنهم يعبّرون وحدهم عن الإسلام وإن ما عداهم خارج عن الإسلام، فهذا هو فكر التكفير.
الإخوان- وللّه الحمد- برآء منه وأبعد ما يكونون عنه, ولهم في التصدي لهذا الفكر ومناقشته وبيان انحرافه عن منهج أهل السنة والجماعة صولات وجولات, وقد أصدروا في ذلك كتابًا معروفًا هو كتاب "دعاة لا قضاة"، الذي يعتبر من الوثائق المهمة والمعتمدة لديهم في المسائل المتعلقة بالعقيدة؛ لذا يعتقد الإخوان أن فكرتهم ومنهاجهم ووسائلهم وأهدافهم مستمدة أساسًا- كما قلنا من قبل- من الفهم الدقيق والصحيح للإسلام، ومع ذلك فهم ليسوا فرقة, أو طائفة, أو فئة تنتمي لمذهب معين.. ففيهم الشافعية, والحنفية, والمالكية, والحنابلة، والظاهرية.. إلخ، فهم يجتمعون على الأصول ويسمح بنيانهم بوجود الاختلاف في الفروع.
وفيما يخصُّ ضرورة أن يقدم الإخوان أنفسهم كتيار سياسي لهم برنامج سياسي مدني مستمد من الإسلام فإن الإخوان يتمنَّون ذلك, ويسعَون بكل الوسائل والطرق لتمكينهم من إنشاء حزب سياسي يعبّر عن أفكارهم وطروحاتهم ورؤاهم في المشكلات التي تعانيها الشعوب ويقدم أساليب ووسائل حلها ومعالجتها, لكن العقبات تقف في طريقهم والتحديات التي تواجههم في هذا الأمر أكثر من أن تُحصَى.
ثم إن القضية ليست في تشكيل حزب, أو في ماهية هذا الحزب من حيث أفكاره وبرنامجه وقياداته وهياكله ولجانه.. إلخ, المشكلة تكمن في المناخ العام في مصر، من حيث عدم احترام الدستور والقانون وعدم السماح بوجود تعددية سياسية حقيقية بالمعنى المتعارف عليه, ويكفي أن نرصد نظرةَ وممارسات السلطة تجاه الأحزاب، وكيف أنها تحتاج فعلاً إلى تغيير جذري.
فأي حزب لا يُسمح له بعقد لقاء جماهيري إلا في حدود مقره أو الشقة التي يقطن فيها وما عدا هذا فممنوع, كما لا توجد هناك أية مشاركة سياسية من أي نوع أو بأي حجم لأي حزب من الأحزاب ويُكتفى فقط بحضور ممثلين عنها في الأحفال العامة, وحتى هذا لا يسمح لأحد منهم بإلقاء أية كلمة، والمشاركة الوحيدة التي يُسمح فيها لبعض الأحزاب من خلال عضوية مجلس الشورى هي أن يمثَّل الحزب بفرد واحد لا غير كديكور ديمقراطي، وهذا الحزب لا يضفي على أعضائه أي نوع من أنواع الحماية, فعضو الحزب معرض كغيره- وربما أكثر- للقبض أو الاعتقال فجأة وبدون مقدمات.
إن هو تجاوز الخط الأحمر (الذي لا تدري أين هو) والذي وضعته السلطة, شأنه في ذلك شأن أي مواطن آخر, وحتى عضو مجلس الشعب الذي له حصانة- أو هكذا نتصور- يُضرب, ويُهان, ويُقبض عليه بعد يومين من الضرب ويتم تحويله إلى نيابة أمن الدولة العليا, دون المرور بالإجراءات المعتادة لرفع الحصانة عنه، وهو أمر سهل ميسور...
لقد كانت العملية التي تعرض لها الأستاذان "حمدين صباحي" و"محمد فريد حسانين" من أولها إلي آخرها عبارة عن رسالة موجهة إلى المجلس وإلى الشعب بأن السلطة التنفيذية تفعل ما تريد، ولا أحد يقف أمامها، وأصبح تزوير الانتخابات يجري- كقاعدة - لحساب حزب السلطة، ولا يُسمح لأي حزب آخر بتخطِّي العدد المحدد له.

السيرة الذاتية للدكتور "حبيب"

الاسم: د. محمد السيد أحمد حبيب

تاريخ ومحل الميلاد: 9/3/1943دمياطمصر

العمل: أستاذ متفرغ بقسم الجيولوجيا – كلية العلوم – جامعة أسيوطمصر

الحالة الاجتماعية: متزوج وله أربع بنات وولدان وثلاثة أحفاد

التطور العلمي

- تخرج في كلية العلوم – جامعة أسيوط – بامتياز مع مرتبة الشرف عام 1964م، وعين مُعيدًا بقسم الجيولوجيا بالكلية نفسها في 5/9/1964م.

- حصل على الماجستير عام 1968م، والدكتوراه في فلسفة العلوم "جيولوجيا" من جامعة أسيوط عام 1972م، ثم عُيِّن مدرسًا بالكلية نفسها في العام ذاته.

- سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1978م، حيث درس علم الاستشعار عن بُعد وتطبيقاته، خاصةً في مجال الثروة المعدنية.

- حصل على درجة أستاذ مساعد عام 1979م، ثم درجة أستاذ عام 1988م.

- أشرف على عشرات من رسائل الماجستير والدكتوراه، وله بحوث كثيرة في مجال تخصصه وهو الصخور والاستشعار عن بُعد.

تاريخ العمل السياسي

- عضو الجمعية الإسلامية للدعوة وتنمية المجتمع بأسيوط.

- كان ضمن الـ1536 شخصًا الذين اعتقلهم السادات في 2/9/1981م وأفرج عنهم في 27/1/1982م.

- فصل من الجامعة بقرار من السادات في 5/9/1981م، وعاد إليها مرة أخرى عن طريق القضاء في أكتوبر عام 1982م.

- انتخب رئيسًا لمجلس إدارة نادي أعضاء هيئة تدريس جامعة أسيوط ثلاث مرات في الفترة من 1985م إلى 1997م.

- انتخب عضوًا بمجلس الشعب المصري "عن الإخوان المسلمين" في الفترة من 1987م: 1990م.

- انتخب عضوًا بمجلس نقابة العلميين منذ عام 1994م، وحاليًا رئيس شعبة الجيولوجيا بالنقابة، والأمين العام المساعد للنشاط.

- قُدم للمحاكمة العسكرية عام 1995م وحُكم عليه بالسجن 5 سنوات؛ بتهمة الانتماء للإخوان المسلمين.

- قُدم لنيابة أمن الدولة العليا في 15/5/2001م للتهمة نفسها، وتعرض للحبس الاحتياطي لمدة عام وثلاثة أشهر، وأُخلي سبيله في 21/8/2002م.

المصدر