رموز الصحافة والدعوة: جابر رزق نموذج الصحفي الداعية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
رموز الصحافة والدعوة: جابر رزق نموذج الصحفي الداعية
اخبار5652011.jpg
منصة المتحدثين في حفل التكريم

كتب- أحمد مرسي:

أجمع المشاركون في احتفالية نقابة الصحفيين بذكرى الكاتب الإسلامي الكبير الراحل جابر رزق على ريادته المهنية والأخلاقية خلال رحلته في عالم الصحافة، وأكدوا أنه كان يدافع عن جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها بأرفع الأساليب وأرقى العبارات، ويحتفظ بعلاقات ممتازة مع كل الخصوم الذين يجابههم بكل قوة وأدب.

حضر الاحتفالية د. محمود عزت نائب المرشد العام للإخوان المسلمين، ود.عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة، والكاتب الكبير د. حلمي القاعود، وصلاح عبد المقصود نقيب الصحفيين بالإنابة، ومحمد عبد القدوس مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين، والكاتب الصحفي عادل الأنصاري، والإعلامي حازم غراب مدير عام قناة (مصر 25)، وأحمد عز الدين مدير تحرير جريدة (الشعب) السابق، والمربي الكبير سيد نزيلي مسئول المكتب الإداري للإخوان بمحافظة الجيزة، وعبد العظيم مناف رئيس تحرير جريدة (الموقف العربي) والكاتب الصحفي حسنين كروم، وقطب العربي.

وأكد د. محمود عزت أنه يحضر هذا الاحتفال وفاءً لجابر رزق؛ حيث تعلم منه الكثير، موضحًا أن أصحاب الرسالات لهم صفات أربع توفرت في جابر رزق أولها: إرادة صلبة لا تلين، وتضحية بكل غالٍ ونفيس، ووفاء لا ينتهي ولا يعدو عليه تلون ولا تبديل، وإيمان بالمبدأ ومعرفة به تعصم من الانحراف عنه.

وأضاف أنه شاهد الفقيد في مواقف ابتلاء كثيرة سواء في السجن الحربي أو الحياة حتى فقد القدرة على النطق؛ ولكنه كان صابرًا محتسبًا يرفع يده إلى السماء ويشير في رضا وأمل.

وكشف د. عصام العريان أن الراحل هو أول من حثه على كتابة أول مقال نشر له عام 1979م، موضحًا أنه لم يكن مجرد صحفي إنما كان صاحب رسالة يعلم ويربي ويدرب ويكتشف المواهب وينميها.

وقال: قرأت كتابه (مذابح الإخوان في سجون ناصر) ومع ذلك وجدته صديقًا حميمًا لعبد العظيم مناف وحسنين كروم؛ لأنه كان حريصًا على العلاقات الإنسانية المتسامية عن الاختلافات السياسية، وعندما سُجنَّا سويًّا في عام 1981م، وكنا في التحفظ في سجن طره وجدنا أخلاطًا من المعتقلين مثل التكفير والهجرة، وجماعة الفرماوية، ومشايخ عديدين، وأناسًا كانوا في المظاهرات، وكنا نجد عنتًا شديدًا من كثير من تلك الشرائح، ولكنه كان يحثنا على الصبر والتحمل واستيعاب الغير".

وأضاف محمد عبد القدوس: إننا نحتفل ولا نؤبن الفقيد الكبير؛ لأن الراحل كان قدوة، وكان يعتبر مهنة الصحافة رسالة وليست وسيلة للارتزاق، وكان ذا خلق حسن مع الجميع وترك بصمة في مجلة (الإذاعة والتليفزيون)؛ حيث كان أخًا أكبر لجموع الصحفيين وكان يحمل هموم الآخرين: "مضيفًا أنه سيتم تنظيم صالون شهري باسم "جابر رزق" يديره أحد تلامذته وهو الصحفي قطب العربي.

وأكد صلاح عبد المقصود أن الراحل كان أحد الذين ينطبق عليهم قول الله عزَّ وجلَّ: ﴿مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)﴾ (الأحزاب).

وأوضح أن الراحل كان أول من قاد الإخوان إلى العمل النقابي وكان يعقد كل ثلاثاء لقاءً في نقابة الصحفيين؛ لتداول هموم المهنة والنقابة، مشيرًا إلى أنه لم يعرف عبد العظيم مناف وحسنين كروم إلا من خلال جابر رزق رغم الاستقطاب الحاد الذي كان واقعًا بين الناصريين والإخوان في ذلك الوقت.

وأكد أن الراحل كان منفتحًا على كل الأطياف السياسية، وكان يعلم صحفيي الإخوان أن يبدءوا يومهم مبكرًا؛ حيث كان هو يأتي إلى مقر مجلة (الدعوة) في السادسة صباحًا، ثم يقرأ ورده القرآني ثم يقرأ جميع الجرائد ويشير علينا بما يجب أن نقرأه.

وأكد أحمد عز الدين أحد تلاميذ الراحل أنه كان شخصية كبيرة تهتم أن تجعل كل من حولها كبارًا وكنا صغارًا من حوله؛ ولكنه كان يستشيرنا في أموره الخاصة، وكان أول من يأتي إلى الدار وآخر من ينصرف عندما أغلقت مجلة (الدعوة) كان يشكو أن قلمه يعلوه الصدأ.

وقال: إن ما نحن فيه هو ثمار لجهود جابر رزق وافتقدناه سريعًا؛ لأن وفاته جاءت مفاجئة، وكان يقول إن أبناء الكار الصحفي لديهم غيرة؛ ولكننا يجب أن ننزع تلك الغيرة من صدورنا ونأخذ بيد بعضنا.

وتمنى د. حلمي القاعود أن لو أن جابر رزق موجود بين الحضور؛ ليرى كيف أثمر جهاده في أن تظفر مصر بحريتها، وأن يطلق سراحها وتنعم لأول مرة بأن يكون لها وجود حرّ مستقل وصوت خاص، وهذا ما قدمه جابر رزق وأثمر في شهر فبراير الماضي".

وأوضح القاعود ملامح الديمقراطية والحرية التي أسسها جابر رزق في صدور تلاميذه قائلاً: كنا نجلس جميعًا لنناقش عدد مجلة (الدعوة) بكل سلبياته وإيجابياته، ويقول كل منا رأيه رغم صغر سننا في مشهد ديمقراطي جميل لا أعتقد أن له مثيل بمثيل هذه السماحة والرحابة في أماكن أخرى".

وأشار إلى أن جابر رزق كان خدومًا وكان يؤمن بأن المروءة لا تتجزأ وأنها ليست للإخوان فقط، وإنما لكل إنسان يحتاج إلى المساعدة والعون، مؤكدًا أنه في ذات الوقت كان له بصمة في مهنة الصحافة؛ ظهرت مع تأسيسه مجلة (الأمة القطرية)، والتي أحدثت نهضة إسلامية عريضة في أنحاء العالمَين العربي والإسلامي.

اخبار5662011.jpg

وأوضح أن ثروت أباظة عندما سمح لجابر أن ينشر كتب مذابح الإخوان في سجون ناصر مسلسلاً في مجلة الإذاعة والتليفزيون فإن الحلقات عندما نشرت أحدثت رواجًا كبيرًا وملحوظًا للمجلة.

وقال حسنين كروم: تعرفنا عليه بعد الإفراج عنه عام 1974م عندما قدم إلينا في مجلة (الإذاعة والتليفزيون)، وحدث بيننا أعنف المعارك وهاجمنا بعضنا بمنتهى الضراوة على صفحات جريدة (الأحرار)؛ ولكننا ظللنا أصدقاء وكان رئيس تحرير جريدة (الأحرار) وحيد غازي ومدير التحرير سعيد عبد الخالق يتعجبون من صداقتنا، لدرجة أنه كان يسعى في قضاء حاجتي الخاصة أنا وزوجتي".

وأشار كروم إلى وجود تركيبة خاصة لجابر رزق متمثلة في الأمانة والموضوعية والمهنية والتمسك بما يؤمن به والدفاع عن جماعته بمنتهى القوة، ومع ذلك لا يكف عن إطلاق النكات مع خصومة السياسيين والحديث معهم بكل حبٍّ؛ من أجل ذلك كان سابقًا لعصره في علاقته بالمخالفين له في الرأي.

وقال عبد العظيم مناف: أنا وجابر خضنا رحلة العمل الصحفي معًا، وأول مهمة صحفية لي كانت معه، وكان يقبل هاشًّا باشًّا صادقًا كفجر الجبل، ويؤكد أن صورته ما زالت في مخيلته ضحوكًا يصافحني وكنا مختلفين وظللنا على مبادئنا ونموذجنا في ذلك الإمام الشافعي حين يقول: (رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب).

وأضاف قائلاً: "لقد هاتفته في رحلة مرضه الأخير، وقلت له إن شاء الله تعود إلينا في صحة وعافية وإني أتذكره في هذه الأيام بالذات؛ لأنه كان يجسد الوئام ويبحث عن القاسم المشترك بدلاً من اجترار الآلام، وكان ضد العنف والبلطجة من أجل ذلك فإننا نبحث عن تلاميذ لجابر رزق".

وأكد سيد نزيلي أنه لم يأتِ كتابه حول مذابح الإخوان في عهد عبد الناصر من فراغ، وإنما من معايشة ومكابدة بالدماء وكان ديدنه في هذه المحنة الصبر، وكان متعبدًا لله، وكان يذكر الله أثناء التعذيب وفي كل أوقات المحنة حتى يعلِّم الإخوان ذلك ويحول أوقات التعذيب إلى وقت للذكر وتحصيل الأجر، وحفظنا منه أجزاء من القرآن الكريم

وأضاف أن الراحل كان ذا عاطفة جياشة محبًّا، وكنا لذلك نتوقع أن يصير شاعرًا غير أن الكتابة السياسية أخذته بعيدًا؛ ولكنه كان عاطفيًّا في كل أموره، مشيرًا إلى أن جابر رزق كان يستمع إلى آراءنا ويناقش ويتيح الفرصة لكلٍّ منا للنقاش.

وقال نزيلي: لو كان جابر يبننا الآن فإنه كان سيهش ويبش ويشارك في الثورة من أولها، وأظنه كان يطلب من الجميع أن يتوافقوا ويتحدوا حتى تقف مصر على قدميها وتمضي قدمًا في طريق الإصلاح والتنمية؛ لأنه كان يأخذ كل أمر بحماس وقوة.

وأشار إسماعيل الفخراني الكاتب بـ(الأهرام) إلى موقف عايشه مع جابر رزق في أبو ظبي عندما قدم هو والأستاذ عمر التلمساني وتلقى التلمساني شيكًا بمبلغ 25 ألف درهم نظير محاضرة ألقاها؛ ولكن جابر رزق جاء إليه بالشيك وقال نحن نتبرع به إلى المجاهدين حتى يعلم الناس أن الإخوان لا يتقاضون أجرًا على دعوتهم، وذلك كان درسًا بليغًا تعلمته من جابر رزق.

واختتم الحفل بكلمة أيمن جابر رزق، شكر فيها من قام بهذه الاحتفالية التي لم تحدث منذ 23 عامًا، وقال إننا لم نشبع من أبي؛ لأنه باع نفسه ووقته وماله لله.

المصدر