عبدالفتاح نافع يكتب: النقاء النفسي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عبدالفتاح نافع يكتب: النقاء النفسي


عبدالفتاح نافع.jpg

( 16 أكتوبر 2017)


هو ذلكم الإحساس الرقيق الذي يتسلل إلي القلب ويتوغل في حناياه ، ويأتي علي كل إثم داخل القلب فيغسله بالاستغفار وبصدق التوجه إلي الله ، وبالبكاء بين يديه ، وصدق الرجاء في رحمته ومغفرته ورضاه .

وبتمرير كل آيات القرآن آية آية لتزيل عنه الران الذي استغرقه ، فتغسله الآيات غسلًا وتُعيد إليه بياضه الذي غبرته الذنوب.

هو ذلكم الصفاء النفسي الذي يحدث بعد التحرر من ربقة الشهوات ومن قيود التعلق التي تجعل القلب مغتربًا ، وتجعل الحزن فيه يختلط بتلكم الدماء التي تصل إلي خلايا الجسم فينشر بداخلها الحزن كما ينشر بداخلها الحياة ، هذا الحزن ليس معلوم السبب تحديدًا ولكن التعلق بالأشياء قد يكون أهم أسباب هذا الحزن الدفين المنتشر في كل ربوع الجسد ، ولا يزول إلا بالخلاص من التعلق بكل الأغيار وتوجيه التعلق إليه وحده سبحانه وتعالي ، فينشط القلب نشاطًا نورانيًا ليسحب الحزن من الخلايا التي أوشكت أن تموت ويبدله بسكينةٍ تُحييها ، وبفرحةٍ مبعثها التعلق بالله وحده ، فيؤهل نفسه للقبول إذا ما دعا ربه بحسن الخاتمة ، فمن يطلع علي القلوب ويعلم سرها ، إذا رأي منها براءة من كل ما سواه ، رزقها ولاء له صافيًا نقيًا لا يغادرها حتى يستقر بها في الخاتمة التي يرضاها الله لقلب صفا له وخلا من كل حب إلا حبه.. سبحانه وتعالي..

هو ذلك التخلص من كل ظلم جلب إلي القلوب قساوتها ، فأصبحت لا تبالي بدقيق الذنوب ولا بعظيمها ، وكأنها قد يئست من رحمة الله ، فاستبيعت للخطيئة والمعاصي وألفتهما ، وعاشت هائمة لا تبالي منتظرةً لعذاب ربها ، متناسيةً رحمته التي كتبها علي نفسه ، متناسيةً ذلك الكلام الرباني العذب.. قل يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم... إن علمت ذلك وتحقق بداخلها يقينًا ، حققت ما بعده وأنابت إلي ربها وأسلمت له.. فأسلمها ربها إلي صفائها ونقائها ، وهداها إلي التخلص من كل ظلم جلبته علي نفسها في غمرات الخطيئة وسنوات التيه في ظلمات البُعد عن الله ، وأنيبوا إلي ربكم وأسلموا...

نقاء النفس يتحقق إذا آمنا ببشريتنا ، وعرفنا أننا خطاءون ، وعرفنا أن خير الخطاءين التوابون ، فما استعصت علي الاستغفار معصية ، غير الكفر وغير الشرك ، إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء..

فنقاء النفس يتحقق بصدق التوبة وبالإصرار عليها مهما كان الذنب ومهما كانت المعصية ، فتوبوا إلي الله جميعًا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ... فالله أكبر منك مهما ظننت نفسك كبيرًا ، ورحمته أكبر من معصيتك وغفرانه أكبر من ذنبك ولكن إذا عُدت إليه ترجوه ، فلا يصدنك عنه أمد القطيعة وطول الانفصال ، فالوصل بالله يعود بنداءٍ صادقٍ في جوف الليل ، وبجبهة علمت قِصر المسافة بالسجود.. فسجدت ترجو الاقتراب طاعة لـ.. كلا لا تطعه واسجد واقترب.. فمن سجد متقربًا يبتغي وجه الله بالاقتراب عاد من سجدته متزينًا بالقبول ، وبالرضا ومتشبعًا بالهدوء وبالسكينة.

إذا أردت ربك فانسي كل أدوات النداء وتوجه إليه بقولك.. رب أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين..

اللهم توبة إليك من جميع ذنوبنا ، ورحمة منك ورضوانًا تهدينا بهما إلى حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يقربنا إلي حبك.. رفقة النبي الأعظم في الجنة نسألك فلا تحرمنا..

يا رب العالمين.

المصدر