عبد الفتاح نافع يكتب: ليلة القيامة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عبد الفتاح نافع يكتب: ليلة القيامة


عبدالفتاح نافع.jpg

( 16 ديسمبر 2017)


ما أروع اختلاط المشاعر ...

إحساس لا يوصف ، حينما تقف بقلبك علي مسافة واحدة من الخوف والرجاء ، حينما يراودك حلمك بالحرية وبعودتك لحياتك الطبيعية وانتقالك برغبتك حيث شئت ووقتما شئت دونما قيود ، ويكون بابك مفتاحه بيديك تفتحه وقتما شئت وتغلقه وقتما شئت ، وترتدي ما شئت من أثواب ومن ألوان .

وحينما تُمسك بزمام حلمك حتى لا ينطلق ويشرد منك في كل أودية الحرية ، و تعود بعدها لتجد نفسك قد أعطيتها أملًا تلاشي مع إجرام كلمات ينطقها قاض باع نفسه وباع ضميره لخوفه وللتقارير التي يأمل أن تكون مُبقية عليه في منصبه ، فتعود بعدها وقد سئمت النوم والأحلام والأماكن...

رجاء وأمل وخوف وترقب ... ومجبرٌ أنت علي العدل بينهم وعلي مكانك منهم حتى لا تظلم نفسك .

ولكنك تتجول بين جموع المنتظرين لنور الصبح بشوقٍ ما عرفته قلوب العاشقين قبلهم ، وكأن صبح الغد من فرط شوقهم إليه لن يأتي ، وإن أتي فقد يأتي خاليًا من آمالهم ومن رجائهم وأحلامهم .

والانتظار والترقب يفرضان جلالهما علي المكان وعلي العقول وعلي القلوب ، فلا تسمع إلا همس الدعاء وهمس الأمل الذي يسري برفق بين الجموع حتى لا يتسرب من النفوس ويرهقها ذهابه.

والدموع في مآقيها حائرة ، أتكون من حزن أم من فرط الفرح ، أتتساقط بلا ألم ، أم تكون جارحه..

الكل في عالمه ، وحينما تحاول اقتحامه ، يعطيك تلك الابتسامة التي تجعلك من خلالها تغوص في أفكاره ، فترد أنت بابتسامة مُطَمْئِنة مبشرة ، فيتعلق بك بناظريه وكأنه يسألك هل لديك مزيد من الأمل .

وتتساقط علي جدران قلبك دموعه التي تجعلك لا ترجو من الدنيا إلا أن يحقق الله له أمانيه حتى ولو كان الثمن أن تظل أنت مكانه لينعم بالحرية هو.

ما أروع البضاعة التي يريدونها ، وما أغلاها ، وما عرف قيمتها إلا الذي منها قد حُرم .

ما أطول الليل الذي يمر وكأنه قد سأم المسير ، ما أقسي هذا المرور وكأن عقارب الساعة تدور إلي الوراء ، وتنظر في ساعتك فتجدها السابعة وتمر أوقات وأوقات وتعاود النظر فتجدها كما هي لا زالت عند السابعة ، فتنزعها من يديك خشية أن تراها في المرة الثالثة قد عادت إلي السادسة ، وتنظر إلي الساعات بكراهية وتتمني أن لو أنها لربها قد ذهبت وعقاربها قد تحطمت ، وكأنها عليك قد تآمرت.

لا شيء يشغلك عن الشعور بالوقت مهما حاولت ، ومهما كانت شجاعتك فقتله قد استعصي عليك ، ما مر من شهور لم تشعر بثقلها ومر العام الأول وأنت مندهش وتتساءل كيف مر ، والثاني قد أوشك علي الانقضاء وعلي الذهاب وأنت لا تشعر به ، وكأن العاميين قد اختزلا طولهما وثقلهما لهذه الليلة التي لن تمر...

في هذه الليلة قد تجسد أمامنا المعني المتوحش للوقت والذي لا يغلبه أحد ، ولم يغلبه أحد..

فالجميع قد استسلم لأنيابه ومخالبه..

اللهم براءة من جنايات ملفقة.

المصدر