عزب مصطفى: سأخوض الانتخابات ويكفيني حب الناس
[10-06-2004]
مقدمه

أجرى الحوار: سيف علي
لست نادمًا على محاربة الفساد وما حدث معي كان متوقَّعًا
نواب الإخوان بذلوا كل جهدهم في الدفاع عن قضايا الوطن
أخشى تكرار كارثة الرمل ودمنهور في الجيزة
في يوم السبت 12/6/2004م سيتم الإعلان عن فتح باب الترشيح في انتخابات مجلس الشعب على مقعد العمال في دائرة الجيزة، التي سيخوضها عزب مصطفى- نائب الإخوان المسلمين السابق- والذي أبطلت عضويته في مسرحية هزَلِية قادتها الحكومة بأجهزتها الأمنية، وصدَّق عليها البرلمان، وهو نفس المشهد الذي سبق وتكرر مع د.محمد جمال حشمت- نائب دمنهور- وكأن الحكومة المصرية ترفع شعار.. "أخرجوهم من مجلسكم إنهم أناس يتطهرون".
وما حدث مع عزب مصطفى طرح كثيرًا من التساؤلات عن أسباب هذا الإجراء، خاصةً وأن البرلمان لم يتبقَّ عليه سوى عام واحد، كما أنها خطوةٌ تأتي في وقت رفعت فيه كل الأجهزة المسئولة بمصر شعار الإصلاح السياسي، إضافةً لتساؤلات كثيرة حول شعور المواطنين من أهالي الدائرة مما حدث مع نائبهم!! وكيف استقبلوا المؤامرة؟ وما الخطوات القادمة التي يعتزم النائب عزب مصطفى اتخاذها، وغير ذلك من القضايا التي نتناولها عبر سطور هذا الحوار..
نص الحوار
- لو بدأنا بالأسباب المجهولة في هذه المؤامرة التي حدثت ضدَّك.. ماذا تقول؟!
- الأمر يكاد يكون واضحًا؛ فمنذ ترشَّحتُ في انتخابات 2000م وهناك ضغوط كثيرة مارستْها الأجهزة المعنية في الدولة لكي أتنازل عن الترشيح، ويكفي أن البعض عرض عليَّ أكثر من 2 مليون جنيه مقابل عدم ترشيح نفسي في هذه الانتخابات، وحدث معي ما حدث مع غيري من مرشَّحي الإخوان في هذه الانتخابات، وكانت النهاية فوزي بمقعد العمال في مرحلة الإعادة لأكون النائب رقم 17 في قائمة نواب الإخوان المسلمين ببرلمان 2000م.
- وبعد الانتخابات مباشرةً كانت هناك مساومات من نوعية الانضمام للحزب الوطني، وعندما فشلت مثل هذه الأمور تمَّ تلفيق قضية تموين لشقيقي في محاولة للضغط عليَّ، كما تم اعتقال عدد من أفراد عائلتي؛ ولذلك فإن ما حدث من مسرحية إبطال العضوية أمرٌ في مجمله ليس مستبعَدًا أو جديدًا على أيِّ نائب من نواب الكتلة، وهو ما حدث منذ عام ونصف تقريبًا مع زميلي النائب السابق الدكتور محمد جمال حشمت؛ مما يؤكد أن الأمر في النهاية هو أن الحكومة عندما تجد الفرصة لتقليص وجود الإخوان في المجلس لن تتوانَى أبدًا في استغلال هذه الفرصة وإخراجها في شكل مسرحية هزلية، لا تصبُّ إلا في خانة السمعة السيئة لهذا الوطن.
قضايا ساخنة
- ولكن البعض يرى أن إبطال العضوية كان لأسباب متعلِّقة بنشاطك البرلماني؛ ولأنك تجاوزت الخطوط الحمراء في طرح بعض القضايا الحساسة..؟!
- أولاً ليس هناك مناطق ملغومة في عمل النائب، وليس هناك خطوط حمراء أو سوداء؛ لأنني من اللحظة التي أقسمت فيها بقسم المجلس تحمَّلت مسئولية الدفاع عن هذا الوطن، وأن أضَعَ حلاَّ وعلاجًا لهمومه، وأن أُناقش كل شيءٍ وفي أي وقت، طالما كان ذلك في صالح المواطن والوطن أيًّا كانت النتيجة، وحتى لو كلفني ذلك عضويتي كما حدث؛ لأن الأساس عندي وعند كل نواب الإخوان المسلمين هو الدفاع عن المصالح العامة، ولا يهمنا عضوية برلمان أو غيره، طالما نعمل لوجه الله تعالى، وهذا الأساس هو الذي تحرَّكْتُ من خلاله في كل نشاطي، سواءٌ المحلِّي أو الإقليمي أو الدولي.
- ولكن بالتأكيد أنت أثَرتَ قضايا سبَّبت إحراجًا للحكومة، وأدت إلى إخراجك من المجلس..!!
- قد يكون ذلك صحيحًا.
- في نظرك ما أبرز هذه القضايا؟!
- أعتقد أن أول هذه القضايا هو التصدِّي لبيع جزيرتَي الذهب والورَّاق؛ حيث كانت هناك مؤامرة تريد بعض الجهات تنفيذها في الخفاء حول هاتين الجزيرتين، وبفضل الله تعالى وبمعاونة الأهالي تمكنَّا من إيقاف هذه الكارثة التي كان سيروح ضحيتها مئات الآلاف من المواطنين، وصرفت الحكومة نظرها عن بيع جزيرة الذهب، وكان هذا أول اختبار فعلي لي كنائب، وقد نجحت فيه والحمد لله، ويكفي أن هناك الكثير من أهالي الدائرة طلبُوا منِّي أن أسامحهم لأنهم لم ينتخبوني.
- هناك أيضًا مشكلة مساكن المستقبل في مدينة السادس من أكتوبر، التي أثرتُها في البرلمان، وصدر بشأنها تقرير مستقل أنهى مشكلة الآلاف من أهالي الجيزة، إضافةً لمشكلة رسوم النظافة التي تمَّ فرضُها على فاتورة الكهرباء، وبفضل الله تعالي تمكَّنْت من وقْفِها بالدائرة، وهناك أيضًا مشكلة أصحاب المساكن المنهارة، الذين فشلوا في الحصول على مسكن بديل، وغير ذلك من موضوعات ومشاكل كان يعاني منها أبناء الدائرة طوال عشرات السنوات، وتم بحمد الله حلُّها بمساعدة كثير من التنفيذيين المخلصين في مختلف الإدارات.
- لكن البعض يقول إن جهاز الأمن تحديدًا كان له دور مباشر في إخراجك من المجلس لما أثَرتَه في المجلس من قضايا تعذيب؟!
- هناك قضية المواطن مسعد قطب، الذي تم تعذيبه بمقرِّ أمن الدولة بالجيزة؛ مما تسبَّب في وفاته فقدمت بيانًا عاجلاً وطلبًا للإحاطة حول هذا الموضوع، وطالبت بالتحقيق مع المسئولين عنه، وفتح ملف التعذيب في مراكز وأقسام الشرطة ومقارِّ مباحث أمن الدولة والسجون في مصر بشكل عام، كما تقدمتُ بعدةِ طلبات إحاطة حول منع المواطنين من المرور بالشوارع المحيطة بمقرِّ السفارة الأمريكية بالقاهرة، وطالبت بحضور وزيرَي الداخلية والخارجية لتوضيح أسباب هذه الإجراءات الأمنية التي أعاقت مصالح المواطنين في المنطقة.
- كما تقدَّمت ببيانٍ عاجلٍ لوزير الخارجية عن تدخُّل السفير الأمريكي في الشئون الداخلية المصرية، وهجومه على الصحفيين لنقدهم المستمر له، كما أنني تقدمت مع زملائي من أعضاء كتلة الإخوان المسلمين بالعديد من طلبات الإحاطة والأسئلة والبيانات العاجلة لطرد السفير الصهيوني من القاهرة، وغلق سفارة الصهاينة، وحذَّرت من خطورة تواجد الملحَقَين الصهيونيَّيْن على الأمن القومي المصري؛ حيث إنهم في الغالب أعضاء في "الموساد" الصهيوني ويتخفون في زيِّ الدبلوماسيين.
- لكن كيف استقبل أهل الدائرة خبر إبطال العضوية؟!
- لم أكن متوقعًا أن يكون الغضب بهذا الشكل، سواءٌ من المواطنين أو من التنفيذيِّين؛ حتى إن أحدهم قال لي بالحرف:
- "يعني النائب اللي شايف مصالح المواطنين ونزيه وإيده نظيفة وملوش مصالح شخصية يعملوا معاه كده، ونواب الشيكات والنقوط واللي ملهومش دعوة بالسياسة وبتوع البيزنس همَّ اللي قاعدين.. والله الدنيا حالها مقلوب!!"، وهذا الشعور من المواطنين وسامٌ حقيقيٌّ على صدري، حتى لو لم أوفَّق في الانتخابات مرةً أخرى، ويكفيني أن نواب دائرتي سيذكُرونني دائمًا بالخير، كما أنني أمام ربي وأمام نفسي أشعُر بالرضا؛ لأنني قدمت ما وعدت به قدر استطاعتي.
بروفة
- هل تتوقع أن تكون انتخابات الجيزة امتدادًا للرمل ودمنهور، وأنها "بروفة" لما يمكن أن تكون عليه انتخابات 2005؟!
- لابد أن نعترف أن الموضوع ليس سهلاً بالمرة، وأن هناك احتمالات كثيرة بأن الانتخابات لن تكون نزيهةً وإلا لما خرجت من المجلس من الأساس، وكثيرٌ من المؤشرات تقول إن تجربة الرمل ودمنهور ممكن جدًّا أن تتكرر في الجيزة، طالما قررت خوض الانتخابات، وأعتقد أنه لو تكرَّرت تجربة الرمل ودمنهور في الجيزة فإن هذا معناه أنها ستكون "بروفة"- كما تقول- لانتخابات 2005م إذا شارك فيها الإخوان، وهو الأمر الذي يدعو للتساؤل عن حقيقة الإصلاح السياسي الذي تتشدَّق به الحكومة كل يوم، وأنها لا تتدخل في الانتخابات، وأنها تعمل بحياد تام في ظل الإشراف القضائي، وأنا انتهز هذه الفرصة لأوجِّه دعوةً لكل المهتمِّين بالحياة السياسية المصرية إلى مراقبة انتخابات الجيزة؛ حتى يكون ذلك بمثابة الشهادة على التجربة السياسية والانتخابية بمصر، وأنا أخشى فعلاً على سمعة مصر لو تكررت كارثة الرمل ودمنهور في الجيزة.
- هل تتوقع أن يكون الطعن الذي ستنظُره المحكمة الدستورية يوم20 يوليو القادم له تأثير على سير الانتخابات في الدائرة؟!
- هو ليس طعنًا واحدًا، بل هو ثلاث قضايا: الأولى استشكال في حكم القضاء الإداري، والثانية دعوة منازعة بين حكم القضاء الإداري بإجراء الانتخابات بين الطاعن وبيني، والثالثة حول عدم تنفيذ الأحكام الأخرى الصادرة في الدائرة، وهذه القضايا ستنظر يوم20 يوليو القادم، أي بعد الانتخابات بأيام قليلة، وأنا لا أعرف ماذا سيكون موقف مجلس الشعب لو حكمت المحكمة لصالحي هل سأعود لمكاني مرةً أخرى؟ أم أن هناك رأيًا آخرَ لمجلس الشعب؟!
- لكن علي أي أساس تقدمت بهذا الطعن؟!
- قدمت مذكرةً قانونيةً وافيةً تؤكد أن قبول الطعن في مقعد العمال فقط مخالف للدستور، وفيه تفرقةٌ في تنفيذ أحكام القضاء؛ لأن الدائرة المختصة بالطعون الانتخابية في محكمة النقض انتهت إلا أن الجهة الإدارية أخطأت عندما لم تنفذ حكم محكمة القضاء الإداري بتغيير صفة مرشح الحزب الوطني "بدر محروس" من عمال إلى فئات، وأضافت محكمة النقض أنه يترتب على ذلك بطلان الانتخابات في الدائرة على مقعديها، ومن هنا فإن التفرقة بين قبول الطعن في مقعد دون آخر مخالف للدستور ولأحكام القانون، كما يعدُّ أمرًا تعسُّفيًّا ضدِّي، كما أنه بذلك يعدُّ منافيًا للعدالة ولأي معيار أخلاقي.
تقييم المجلس
- بعيدًا عن الطعن الذي قبله المجلس، وبعيدًا عن الانتخابات القادمة والمتوقع لها أن تكون حاميةً كيف تقيِّم مجلس الشعب خلال الفترة التي قضيتَها فيه، وهي أربع سنوات؟
- نظريًّا لمجلس الشعب دوران رقابي وتشريعي، والمجلس أدى كلا الدورين خلال الفترة الماضية, إلا أن مدى تفعيل هذا الدور أو غيابه يرتبط بلائحة المجلس، وأعتقد أن المجلس ممكن أن يكون دوره أكثر فاعليةً وله تأثير في المجتمع لو نفَّذ ما في اللائحة بشكل حقيقي، وهذا لا يمنع أنه كان هناك إصرار من بعض النواب على استخدام حقوقهم الدستورية والبرلمانية في إظهار أخطاء الحكومة، كما حدث في قضية روايات وزارة الثقافة الثلاث، التي أثارها الدكتور محمد جمال حشمت واستجابت الوزارة بمصادرتها؛ حرصًا على آداب المجتمع، وغيرها من المواقف الكثيرة.
- لكن هناك انتقادات كثيرة توجَّه للائحة المجلس، والتي كنتَ أنت شخصيًّا ضحيةً لها.. فلماذا لم تطالبوا- كنواب- بتغييرها؟!
- المشكلة ليست في اللائحة، ولكن في حالة الانسداد السياسي الموجودة بمصر منذ أكثر من 25 عامًا، وهي حالة ليس سببها ضعف القوانين ولائحة مجلس الشعب، وإنما السبب المباشر أن الحزب الحاكم ليس مستعدًّا لسماع الآخر وتداول الرأي والسلطة، وهو يستخدم كل أدوات المجتمع لصالحه بما في ذلك الشرطة، وهذا لا يمنع أن بعض مواد اللائحة الموجودة يحتاج إلى تعديل، ولكن في مجملها ليس بها مشاكل، لكن المهم هو تطبيقها؛ ولذلك فالمسألة ليست في اللائحة وإنما في قناعة أولى الأمر والمسئولين بالدولة والحزب الحاكم بتطبيق قرارات المجلس، واستعداده لتوسيع دائرة المشاركة السياسية؛ ولذلك أتساءل: متى يكون للمجلس وكلاء ورؤساء لجان من غير الحزب الحاكم؟!
قناة اتصال
- توقع المراقبون أن يكون نواب الإخوان قناةَ اتصال بين الجماعة والحكومة؛ نظرًا لقربهم من شخصيات مهمة في النظام.. فهل تحقق ذلك؟!
- أعتقد أن ما حدث معي ومن قبلي مع الدكتور جمال حشمت إضافةً لحالات الاعتقالات الكثيرة والمتواصلة، التي يتعرض لها أعضاء الجماعة.. تجيب على تساؤلك، ورغم ذلك فقد أصبح واضحًا أن الإخوان المسلمين كجماعة وقوة سياسية موجودة في المجتمع تفتح الأبواب والنوافذ لمن يريد أن يتعاون معها, وتمد يدها لمن يريدها ونحن لسنا منعزلين عن المجتمع، ولسنا تنظيمًا سريًّا كما يصفنا البعض، وإنما نعمل في النور ولا نخرج عن القانون، ولا نخالف الدستور، ونود أن نشارك في بناء مجتمعنا، وأن نكون مواطنين ذوي فاعلية، وليس لدينا حساسية ولا نريد أن نزحزح أحدًا أو أن نأخذ مكانه.
- والقضية أن هناك أزمة سبَّبها النظام الحاكم وليس الإخوان، فلا يتصور أحد أن يكون الإخوان ثاني تكتل في البرلمان بعد الحزب الحاكم، ووصلوا للمجلس في انتخابات قالت عنها الحكومة إنها نزيهة، رغم كل ما اعتراها، ثم يقال بعد ذلك إننا مجموعة الـ17 ثم الـ16، والله أعلم.. هل سيكونون الـ15 أم لا؟! فلماذا تسمية الأمور بغير أسمائها وحقائقها?! والجميع يتصل بنا، سواء وكالات أنباء أو صحفيون أو فضائيات.. على أننا نواب الإخوان، والحكومة تقول إنها لا تريد التفاهم، ونحن نرد عليهم بأن أبوابنا مفتوحة.
- كيف تقيِّم تجربة نواب الإخوان في هذا المجلس، خاصةً أن معظمهم يدخل مجلس الشعب لأول مرة؟!
- التجربة كانت مليئة بالإيجابيات، منها منع حدوث بعض التجاوزات من بعض المؤسسات وخاصةً الإعلامية والثقافية والسياسية، كما أن نواب الإخوان تعاملوا مع كل القضايا دون استثناء، وقدموا العديد من الاستجوابات المهمة، مثل استجواب انهيار عمارة مدينة نصر، واستجواب قطار الصعيد، واستجواب شركة النقل والهندسة، واستجواب عن مدينة بور سعيد، واستجواب عن بحيرة المنزلة، ثم استجواب الدَّين العام، بالإضافة لمشروعات قوانين هامة جدًّا.. منها مشروع قانون أتاح لطلاب الثانوية الأزهرية الالتحاق بكلية الشرطة، ومشروع قانون لإنشاء كلية للثروة السمكية، ومشروع قانون لإنشاء المحكمة الاقتصادية، وقوانين أخرى كثيرة.
- هذا بالإضافة إلى أن الإخوان هم الذين اعترضوا على عدم تنفيذ الأحكام القضائية الخاصة بعدم فتح باب الترشيح في انتخابات نواب التجنيد، رغم أنه لم يكن للإخوان في هذا الموضوع ناقة ولا جمل، هذا بالإضافة لاستخدام كل أدوات الرقابة البرلمانية المتاحة أمامنا من سؤال، وطلب إحاطة، واستجواب، وطلب مناقشة، وبيان عاجل، واقتراح مشروع قانون؛ حيث بلغ عدد الأسئلة وطلبات الإحاطة التي قدمناها أكثر من خمسة آلاف سؤال وطلب إحاطة، واستجواب، وبيان عاجل.
المصدر
- حوار: عزب مصطفى: سأخوض الانتخابات ويكفيني حب الناس موقع اخوان اون لاين