علماء الأمة: وحدة المسلمين خيار المرحلة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
علماء الأمة: وحدة المسلمين خيار المرحلة
25/1/2011

كتب- أسامة عبد السلام:

المتحدثون في المؤتمر

طالب كبار علماء المسلمين شعوب الأمة بالتكاتف وطرح مبادئ لوحدتها ونبذ فرقتها، مشددين على أن الأمة الإسلامية التي بلغت المليار ونصف المليار يجب أن تترك الغثائية، وتبعث في نفسها الريادة والنهضة على ميثاق السلف الصالح ومذهب أهل السنة والجماعة.

جاء ذلك خلال الجلسة التحضيرية للملتقى العالمي السادس لخريجي الأزهر، مساء أمس، تحت عنوان "دعوة إلى الوحدة الإسلامية والتسامح ونبذ الفرقة والتطرف"

وشددوا على ضرورة مواجهة الخلافات المذهبية والطائفية بين أفراد الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة، التي تتعرَّض فيها إلى هجمةٍ عسكريةٍ وسياسية واقتصادية وفكرية ودينية من أعدائها في الشرق والغرب.

وأكد العلامة الشيخ يوسف القرضاوي أن الدول الأوروبية توحَّدت تحت راية منظمة الاتحاد الأوروبي، وتناسوا ما كان بينهم من صراعات ومعارك شرسة وقع فيها آلاف القتلى، وفضَّلوا تلاقي مصالحهم حتى أصبحوا قوةً سادت العالم، متسائلاً: "متى يحين الوقت الذي تتوحد فيه الدول العربية والإسلامية للتصدي للخطر الغربي الصهيوني الذي يحيطها من كل جانب قبل أن يفتك بها تمامًا بعد العراق وفلسطين والسودان".

وأوضح أن الأمة الإسلامية لديها جميع مقومات الوحدة؛ من حيث الموقع والتاريخ والموارد التي تؤهلها لاستعادة ريادتها ومجدها السابق، بتوحدها على كتابها الواحد ودينها الواحد وأهدافها الواحدة في مواجهة أعدائها المتحدين ضدها، مؤكدًا أهمية دور الأزهر في تخريج قادة الأمة في العلم والثقافة والفكر، الذين يعملون على حمل راية الأمة ومشعلها في مشارق الأرض ومغاربها لتوحيدها صفًّا واحدًا.

ودعا إلى المزج بين الفئات الإسلامية كلها بدءًا من تسليف الصوفية وتصويف السلفية؛ لأن السلفية لديهم الانضباط لكنهم يعانون من الجمود، فيحتاجون إلى الجانب الروحي بينما الصوفية لديها الجانب الروحي وتعاني من الخلل؛ لذلك تحتاج إلى الانضباط، محذرًا من دعاوى المتعصبين والمغالين الذين يتبعون أعداء الأمة في إثارة الفتن والقلاقل بين المسلمين؛ لأنهم مصدر فرقة الأمة وتشرذمها.

وقال: "الأمة الإسلامية تحوي مذاهب "الأشاعرة، والماتريدية، وأهل الحديث"، ومن يُخرِّج الأشاعرة والماتريدية من الإسلام يهدف إلى تضليلها والنيل منها؛ لأنهما إذا خرجا فماذا بقي للأمة؟!، ولا يجب أن نسمع للمغالين ونُقدِّم الأعذار لكل إمامٍ على اجتهاده؛ حيث من المعروف أن تاريخ الأمة الفكري والثقافي قاده الفقهاء ولم يقده المحدثون".

ودعا العلماء إلى تثقيف الشباب تثقيفًا جيدًا يحول دون وصول دخلاء العلم إليهم لبثِّ سموم الانحراف والشذوذ عن المنهج الإسلامي الوسطي المعتدل، وتجميع شمل الأمة وبنائها على أسس قويمة وسوية تمنعها من الفرقة والانهيار.

الدكتور أحمد الطيب

وأكد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر أن الأمة الإسلامية سبق لها أن قادت الإنسانية إلى الحق والخير والكمال، وانتشلت العقول من الضلال والأوهام والانحراف، موضحًا أن الأمة الآن تداعت عليها الأمم الحاقدة كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها فعانت من الأمراض العضال والوهن والأمية والفرقة والخلاف المذهبي والطائفي حتى أصبحت فريسةً سهلةً لأعدائها.

وأضاف أن الأمة الإسلامية رغم ضعفها وركودها في الوقت الراهن إلا أنها تقلق الغرب من سرعة انتشار الإسلام واتساع رقعته في دول العالم؛ حيث إن الغرب يخشى قوة الإسلام إذا اتحدت دولته لذلك يحيك المؤامرات والدسائس لتفتيتها وإجهاض وحدتها وبقائها منشغلة بالمأكل والمشرب وخلافاتها الداخلية من خلال شعاره "فرق تسد"، كما حدث في العراق وفلسطين والسودان أخيرًا.

وطالب بضرورة تربية شباب الأمة على الأصول الإسلامية في توحيد الأمة ونبذ الفرقة لمواجهة أعدائها ودحر الاحتلال، محذرًا من جرأة بعض طلبة العلم على التكفير والتفسيق واستباحة النفوس، داعيًا علماء الأمة إلى تضافر الجهود في مواجهة التطرف والتكفير والفرقة ودعم الوحدة الإسلامية.

وأكد د. سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة (الإسلام اليوم) أن الأوضاع في العالم الإسلامي تبعث على القلق؛ حيث إننا في أمسِّ الحاجة إلى نموذجٍ واحدٍ يؤكد لنا كأمة إسلامية أننا قادرون على التقدم ومقارعة الغرب بالعلم دون الحديث عن أسلافنا وماضينا.

وشدد على أن ضعف الأمةالإسلامية ليس عائدًا على وجود اتجاهات مختلفة؛ لأن الاجتهاد سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما عائدٌ لغياب فقه الاختلاف وعدم الاتفاق على الأسس والأصول والكليات، في الوقت الذي يتعمد الغرب إثارة الخلافات حول أمور يمكن النقاش والتحاور والاجتهاد فيها.

وحذَّر د. سعيد رمضان البوطي أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة دمشق من الدعاوى الغربية الآثمة الرامية إلى التفريق بين مذاهب الأمة وإثارة الفتن بينها، مؤكدًا أن الخلافات التي تثور بين المذاهب جميعها خلافات لفظية اجتهادية لا يجب أن تُصعِّد أو تضخم حتى لا تزرع التشرذم في الأمة وتوغر صدور المسلمين من بعضهم البعض.

وأشار المفكر الإسلامي الكبير د. محمد عمارة عضو مجمع البحوث الإسلامية إلى أن الأمة الإسلامية تملك من الثروات والقدرات ما يجعلها في الصدارة، لكنها أهدرت كل هذه الإمكانات بالفرقة والخلاف، متسائلاً: كيف نُعيد للأمة ريادتها وقيادتها ونهضتها وكيف نحول القوميات والخلافات إلى جزرٍ في المحيط الإسلامي؟.

ودعا العلماء إلى تربية الأمة على فقه الأولويات بنصرة فلسطين والعراق والتصدي لتمزيق السودان والاتعاظ بما حدث للأندلس في الماضي، مؤكدًا أن الأمة الإسلامية تحتاج إلى وحدة منهجية موصولة بالعلم وليس الكلام الذي يخاطب العواطف فقط وفكر خلاق وخريطة ورؤية ثاقبة نستطيع من خلالهم تحقيق الهدف النبيل بتوحيد الأمة العربية والإسلامية على قلب رجل واحد.

وطالب د. أحمد الريسوني، خبير أول بمجمع الفقه الإسلامي الدولي بجدة، علماء الأمة بضرورة إنشاء مركز لدراسات الوحدة الإسلامية بالأزهر الشريف يضمُّ في عضويته جميع علماء مؤتمر الوحدة الحالي لمواجهة الصراع الفكري الوافد، مؤكدًا أن أقوى المداخل لمداواة تفرُّق الأمة وتشرذمها هو المدخل العقدي، والذي على أساسه يكون علاج الأمة من داء الفرقة سليمًا يطرد المفاهيم المشوهة.

وأوضح د. عصام البشير وزير الأوقاف السوداني السابق أهمية مواجهة الصراع العرقي والفكري والمذهبي بالوحدة الإسلامية حتى لا تنتقص أرض الإسلام، كما حدث في السودان مؤخرًا، مؤكدًا ضرورة مجابهة التحديات بتحقيق الإصلاح الشامل بكل مضامينه بدءًا من الحكم الرشيد والعدالة الإسلامية وإزالة التخلف من عقول المجتمعات وتحقيق الكرامة للمواطنين، وردم الفجوة بين الحاكم والمحكوم، وتحقيق إرادة التغيير والنهضة الشاملة للأمة كلها.

وأضاف: "إذا لم نستطع تحقيق الحوار في هذه المحاور فلن نستطيع توحيد الأمة؛ حيث إن عقل الأمة في غيبوبةٍ يحتاج إلى إعادة صياغته من خلال مفاهيم قويمة، وتوحيد الكلمة، ورفض إقصاء المخالفين، وحسن التعاطي معهم وقبولهم، حتى نُقدِّم نموذجًا فريدًا من الحوار مع الذات إلى الحوار مع الآخر؛ لأن هذا هو التحدي الأكبر الذي يواجه الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة".

وشدد د. عبد المجيد النجار، رئيس مجلس الإفتاء الأوروبي، على ضرورة توافر أربعة محاور لتحقيق الوحدة الإسلامية أولها أن توجه العقول إلى الأخطار التي تهدد الأمة الإسلامية، واستعادة وظيفة الأمة الإسلامية أمام الأمم والشعوب الأخرى بأن تكون شاهدةً عليهم، ثم تحرير مناطق الخلاف بين مكونات أهل السنة المتناحرة، وآخرها تربية جموع أهل السنة على منهجية التفكير واحتواء الآراء المخالفة وحسن النقد والتحليل.

وشدد د. حسن الشافعي، رئيس الجامعة الإسلامية العالمية بباكستان، على ضرورة توحيد وسائل الدعوة داخل العالم الإسلامي وخارجه بعد أن تضاعفت نسبة الأمية به، والتي كانت أحد الأسباب الرئيسية في الخلاف والفتنة الدائرة في دول الأمة، مؤكدًا أهمية اعتراف العلماء بخطئهم في إدارة الخلاف وضرورة العودة إلى مبادئ أهل السنة والجماعة.

إخوان اون لاين