قالب:حادث إغتيال صلاح شحادة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

حادث إغتيال القائد صلاح شحادة

توطئة

الشهيد المجاهد صلاح شحاده

"يجب أن نرتقي إلى المحاربة بالدماء، وسنواصل المقاومة مهما كلفَتْنا، وإن فقدنا السلاح فسنقاتلهم بأيدينا، علينا أن ندرك أن الشعوب المضللَة لا تستيقظ إلا بدفع الضريبة من دماء المسلمين".


هذه كلماتٌ مضيئةٌ قالها صلاح شحادة- القائد العام لكتائب عز الدين القسام (الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس)- قبل استشهاده، فرغم مرور ثلاث سنوات على الجريمة الصهيونية لاغتيال شحادة إلا أن كلمات الشهيد التي حفرها بمداد من نور لا زالت تصدح في أرجاء فلسطين المحتلة، ولا زال تلاميذ وأشبال "أبو مصطفى" القساميون- الذين تعلموا على يديه معنى الجهاد والتضحية- يحملون الراية دفاعًا عن الأقصى الأسير والأرض المباركة التي دنسها الصهاينة.


لقد استشهد شحادة- الذي كان المطلوب الأول للصهاينة- بعد حياة عسكرية وجهادية استمرت قرابة عشرين عامًا ترك خلالها مؤسسةً عسكريةً قويةً، زرعت الخوف والرعب في نفوس جنود الاحتلال الصهيوني وقطعان مغتصبيه، حتى أشرف على اغتياله رئيس وزراء الكيان الصهيوني ليكون بحق رجلاً تحاربه دولة.. إنه الرجل الذي أسس كتائب القسام، وابتكر اقتحام المغتصبات، وطوَّر السلاح، بدءًا من الهاون والمضادات للدبابات ثم القذائف والصواريخ.


لقد لقي "أبو مصطفى" ربه شهيدًا بعد أن أذاق الصهاينة صنوف المرارة جرَّاء عملياته التي نشرت الذعر في أرجاء الكيان الصهيوني في جريمة بشعة ومذبحة منكرة يشيب لهولها الولدان بمدينة غزة، راح ضحيتها 15 شهيدًا، معظمهم من النساء والأطفال في 23 يوليو 2002م، فلقد كان القائد الأول للقسام نموذجًا للقائد الرباني الذي أمضى حياته مجاهدًا للأعداء، وكان أبًا عطوفًا وأخًا متواضعًا سخَّر وقته وجهده في خدمة والدفاع عن أبناء شعبه.


فكان لنا في (إخوان أون لاين) في هذه الذكرى التي تحمل لنا رياح الجنان ورائحة المسك من شهيد سار على الدرب فوصل.. أن نتعرف على فصول من جهاده عن قرب، ونستعرض لمحاتٍ من حياة رجل من الذين قال الله تعالى فيهم: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ (الأحزاب: 23).


تفاصيل عملية الاغتيال الجبانة

هذا ما تبقى من جسد الشهيد

كشفت الصحافة الصهيونية بعض التفاصيل حول المجزرة البشعة التي ارتكبها جيش الاحتلال في غزة ليلة الإثنين 22/7/2002م، والتي أدت لاستشهاد القائد العام لكتائب القسام ومساعده زاهر نصار وأكثر من خمسة عشر آخرين، وإصابة ما يزيد عن 150 فلسطينيًا.

وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أنه بعد الحادث مباشرة رنَّ الهاتف في منزل أرنون فرلمان- المستشار الإعلامي لشارون- سأله شارون إذا كان على علمٍ بآخر المستجدات ورد فرلمان: "نعم.. تقصد الاستقالة المتوقعة لداليا رابين فيلوسوف نائبة وزير الدفاع؟! لا.. رد شارون: "أقصد اغتيال صلاح شحادة في غزة"..!!


مراقبة طويلة

وأشارت الصحيفة إلى أنه في الأشهر الأخيرة- وذلك في 2002 قبل اغتيال الشهيد شحادة- كثَّف جيش الاحتلال من مراقبة تحركات القائد العام لكتائب القسام، مستخدمين بذلك أحدث الوسائل والتقنيات التكنولوجية إلى جانب العملاء.


وأضافت الصحيفة أن الفوَّهة الصهيونية كانت تتعقَّب شحادة.. هذه حقيقة كانت تعرفها حماس ويعرفها كل من تتبع قرارات الطاقم الوزاري، بعد عملية يونيو التي استهدفت حافلة ركاب عند مفترق بات في القدس، عزز الكيان الصهيوني من جهوده؛ لضرب قادة حماس في غزة.


الشيخ الشهيدأحمد ياسين

وكشفت الصحيفة أن الحكومة الصهيونية اتخذت قرار اغتيال قادة حماس السياسيين والعسكريين، باستثناء مؤسس حركة المقاومة الإسلامية حماس الشيخ أحمد ياسين- التي اغتالته طائرات الاحتلال الصهيوني في مارس 2003م- وذلك في جلسة للطاقم الوزاري، وأودع القرار بأيدي الجيش من أجل تنفيذه.. أما المصادقة النهائية على تنفيذ العمليات فقد أنيطت برئيس الحكومة وبوزير الدفاع، ودعم بيريز أيضًا العمليات ضد قادة حماس، لكنه رفض بعد ما حدث أن يقول ما إذا كان يؤيد اغتيال شحادة أم لا.


استخدام إف 16

وكتبت الصحيفة نقلاً عن شارون قوله لوزراء حكومته: "لقد شوهد شحادة أربع مرات في الأسبوع الماضي عبر فوهات نيران طائرات (إف 16) الصهيونية"، وقال شارون: "لقد كان على مرمى الإصابة وتقرر عدم إطلاق الصاروخ عليه؛ خشية إصابة المواطنين الذين تواجدوا في المكان"!!


يوم الإثنين ليلاً قبل عودته من إجازة خاصة وقصيرة في لندن استُدعي بنيامين بن أليعازر وزير الدفاع إلى الهاتف، على الجانب الثاني كان سكرتيره العسكري العميد مايك هرتسوغس: "لقد توفرت الفرصة العسكرية المناسبة.. أطلب مصادقتك عليها"، وسأله بن أليعازر عدة أسئلة، ومِن ثم صادق على ضرب الشيخ شحادة.


وكما هو متعارف عليه سارع ضباط الجيش إلى المقر الرسمي لرئيس الحكومة شارون في القدس، وعرضوا الخطة أمامه، وقال رئيس شعبة المخابرات العسكرية الجنرال أهرون زئيف فركاش إن شحادة يتواجد في بيت جديد يتألف من طابقين في غزة، وأُطلع ضباط المخابرات وشارون على صور جوية تُظهر موقع المبنى.


قتل متعمَّد للنساء والأطفال

وحسب المعلومات المتوفرة لدى الجيش كان شحادة يتواجد في البيت مع زوجته وابنته- ابنة الـ14- ومساعده زاهر ناصر، وأفاد أبي ديختر- رئيس الشاباك (جهاز الأمن العام الصهيوني)- أن شحادة ورجلين آخرين يتواجدون في المنزل، ووصف ضباط المخابرات المنزل بتفاصيله وأشاروا إلى أنه محاط بساحة.


وحسب إحدى الروايات أشار الضباط إلى "وجود خرائب أخرى وراء الساحة تُستخدم للسكن"، وتقول رواية أخرى رواها أحد المشاركين في اللقاء إنه لم يتم التحدث لدى شارون عن وجود أناس في الخرائب الملاصقة للبيت، وأوصى الجيش بتدمير البيت عبر قصفه بصاروخ تطلقه طائرة (إف 16)؛ لأنه يمكن هكذا فقط ضمان نجاح العملية واغتيال شحادة.


الإرهابي شارون

بعد 20 دقيقة من منتصف الليل تلقى شارون أول تقرير عن العملية: هُدم البيت الذي يقيم فيه شحادة، ولم يكن من الواضح إذا كان شحادة قد قُتِل أو لا، وقرابة الساعة الثانية والنصف فجرًا سمع شارون من سكرتيره العسكري الجنرال يوآب غلانط أن العملية تُوِّجت بالنجاح، فلقد تم التعرف على جثة شحادة، ومع ذلك أُبلغ شارون أن مدنيين من النساء والأطفال قُتلوا في العملية.


قائمة الشرف

واتهمت الصحيفة الشهيد بأنه من كبار المطلوبين لإسرائيل (الكيان الصهيوني)، وأن أيديه ملطخةٌ بدماء الصهيونيين، وعمل حتى يومه الأخير في تخطيط العمليات الاستشهادية في الكيان الصهيوني، وأشارت يديعوت أن جهاز الشاباك أَعَدَّ مسبقًا قبل عملية الاغتيال قائمةً بكل التهم والعمليات المنسوبة للشيخ الشهيد شحادة؛ كي يتم توزيعها على وسائل الإعلام عندما يحين الوقت المناسب.


وردًا على السؤال حول ما الذي سيجنيه الكيان الصهيوني من اغتيال شحادة في وقت تُعلن فيه حماس أن الكيان الصهيوني كله أصبح هدفًا الآن قال منسق أعمال الحكومة في المناطق الجنرال عاموس جلعاد: لقد كان شحادة ينوي أصلاً تحويل حياة الصهيونيين إلى جهنم.


إعدام أحد عملاء الصهاينة

تعتبر ظاهرة العملاء الفلسطينيين الذين يعملون من قبل المخابرات "الصهيونية" أحد المهام الأولية لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، وهذه الدراسة السرية للجهاز تكشف عن عدة أساليب للعمل لدى المخابرات الصهيونية، وعن كيفية تجنيد وتشغيل العملاء، وعن تدريبهم خلال لقاءات في المغتصبات، وعن الثمن الذي يستلمه العملاء في المقابل.


ويعتبر أحد العملاء الذين تم استغلاله جنسيًا من قبل المخابرات "الصهيونية" هو الذي أدى إلى تصفية أحد كبار حماس وهو صلاح شحادة.


ساحة التصفيات.. نظرة من الداخل

قرر جهاز الأمن الوقائي أن يعرض بالنص جميع المعلومات التي بين أيدينا حول ما يتعلق بتصفية الشهداء وأحد الأبطال البارزين في التاريخ الفلسطيني الشهيد صلاح شحادة، وكما تم الوعد فقد تم الكشف عن الدراسة الخاصة والأكثر سريةً، والتي قد كُتبت في قسم الشئون "الصهيونية" لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني في قطاع غزة، وموضوع الدراسة "تشغيل العملاء من قبل الشاباك".. لقد قرر العدو تصفية النواة الصلبة للتنظيمات الفلسطينية، وذلك بواسطة إنزال العقاب على الناشطين في الصراع الفلسطيني، ونحن من جانبنا سنبذل كل جهدنا ولوجه الله تعالى من أجل إحباط نوايا العدو، رغم قلة الوسائل المتواضعة التي بحوزتنا بالمقارنة مع الوسائل المادية والتكنولوجية الضخمة والمتقدمة والتي يمتاز بها العدو.


ونحن نشير وبفخر أن جهاز الأمن الوقائي نجح باعتقال أحد الضالعين في هذه المذبحة خلال أيام قليلة من وقوعها، ونحن نعلم أن هناك عملاءَ آخرين يقومون بمهمات أكثر أهميةً مما قام بها الحقير أكرم الزطمة، وعاجلاً أم آجلاً سنعتقل هؤلاء وسنرسلهم إلى مزابل التاريخ.


هذه الوثيقة التي تم كشفها من قبل الاستخبارات "الصهيوينة" ضمن عمليات الاقتحام الأخيرة لقطاع غزة كانت مُعَدةً لشخص رئيس جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني (رشيد أبو شباك)، وهذه الوثيقة التي يُكشف عنها لأول مرة تحتوي على تحليل شامل عن عمليات تشغيل العملاء من قِبَل "الكيان الصهيوني" ووجهة نظر السلطة الفلسطينية على موضوع التصفيات، مصادر فلسطينية أشارت أن جهاز الأمن الوقائي ينوي إنتاج فيلم إرشادي من أجل تعليم وإرشاد الفلسطينيين عن كيفية منع التصفيات وتجنيد العملاء من قِبل "الكيان الصهيوني".


إنها دراسة شاملة مشبعة بالتهكمات والإرشادات السياسية، إلى جانب تحليل عملي وتفصيل استخباراتي دقيق يتعلق بتصفية صلاح شحادة قائد الذراع العسكري لحركة حماس في الليلة التي بين 22 و23/7/2002، وكما هو معروف فقد قُتل مع صلاح شحادة 14 شخصًا آخرين من بينهم أطفال ونساء، وهذه العملية أصبحت نقطةً مهمةً في المواجهة بين الكيان الصهيوني والفلسطينيين داخل الكيان الصهيوني نفسه.


إن هذه الوثيقة مهمة من عدة نواحٍ: من ناحية الخلاف والمواجهة بين أجهزة السلطة وحركات المعارضة، وتكشف عن أسلوب العمل لجهاز الشاباك وعن طريق تشغيل العملاء، وهذه التفاصيل ممنوعٌ نشرُها من قِبَل الصحافة "الصهيونية"، وتكشف أيضًا عن إدارة الأمن على الأرض لدى الفلسطينيين، وهنا أهمية أخذ الدرس للمستقبل؛ حيث يبرز الأمن الوقائي من خلال هذه الوثيقة، وحقيقة المكانة لصلاح شحادة الناشط العسكري مهمة من الناحية العسكرية وليس من الناحية الدينية أو السياسية، والذي يعتبر من أبرز رجال التاريخ الفلسطيني.


وفي الجانب الآخر فإن جهاز الأمن الوقائي لا يرى أي مشكلة في العمليات التي قام بتنفيذها صلاح شحادة، وهذا الجهاز لا يرى على نفسه أي التزام في إحباط عمليات يتم ارتكابها من قِبل المنظمات الفلسطينية، والعكس هو الصحيح في نظر كاتبي هذه الدراسة، فإن جهاز الأمن الوقائي يوظف الشعب الفلسطيني، وعلى رأس هذه الأمور إحباط الاختراق الاستخباري للعدو الصهيوني للتنظيمات الفلسطينية أيًّا كانت بما فيها حماس والجهاد.


وتظهر هذه الوثيقة عدم وجود ملاحظات أو أي اعتذار، وتوضيحات عن عدم قدرة المخابرات الفلسطينية من إحباط محاولات الاغتيال ومنع المخابرات "الصهيونية" من تجنيد عملاء، على الرغم من وجود جهاز الأمن الوقائي.


ولم يمنع الصراع الظاهر من هذه الوثيقة بين السلطة وحماس جهاز الأمن الوقائي من أن ينظر إلى قادة العمليات العسكرية التابعين لحماس، والذين تم قتلهم من قبل "الكيان الصهيوني" خلال الانتفاضة كأبطال ماتوا موت الشهداء من أجل فلسطين.


جذب العملاء

العملاء وسيلة الصهاينة للاختراق

وتوضح الوثيقة أن على رأس أولويات جهاز الأمن الوقائي في نطاق العمل الاستخباراتي هو تحديد المتعاونين مع "الكيان الصهيوني" و لم يكن إحباط "العمليات التفجيرية" من أولويات الجهاز في هذه الوثيقة، وعلى خلفية الأهداف المشتركة والتعاون بين المنظمات على الأرض مكنت أجهزة الأمن التابعة للسلطة منظمات المعارضة من بناء (دوائر أمنية) خاصة من أجل الدفاع عن المطلوبين التابعين لها، وعلى ضوء ذلك تدعي الوثيقة أن تصفية صلاح شحادة هو في الحقيقة فشل مهني من قبل حركة حماس.


والنص التالي يوضح في بداية الدراسة أن الشهيد صلاح شحادة سقط ضحية معلومات دقيقة من مصادر مختلفة عميلة أوصلتها للمخابرات "الصهيونية" وجزءٌ من هذه المعلومات لم يكن عن الشهيد، وهذا أمر طبيعي أن يحصل للقيادات المهمة والذين يقضون جل وقتهم من أجل فلسطين والشعب الفلسطيني، وترى أن "الكيان الصهيوني" يبذل جهدًا كبيرًا من أجل زرع العملاء المقربين من القيادات أو في دائرة أوسع، وبعون الله سنصل إليهم عاجلاً أم آجلاً.


وهذه الدراسة فيها انتقادٌ من الفلسطينيين؛ حيث تقول "ونحن كفلسطينيين نعاني من مرض التفاخر بحمل الأسلحة"، فعلى الرغم من أن حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله يعتبر كبير المطلوبين "للكيان الصهيوني" فلا ترى حرسه الشخصي أبدًا على شاشات التلفزيون يحملون السلاح، ومن خلفه يقف شخصان حارسان له، وكل واحد منهم له مسدس في مغمده، وهو خلافٌ لما تراه في غزة.. ففي الوقت الذي يتحرك به زعماء الفصائل السياسية والعسكرية المختلفة فترى من حولهم رجالاً مسلَّحين ببنادق أوتوماتيكية من جميع الأنواع!!


وأن حركة المطلوبين للعدو "الصهيوني" تشكل دائرةً مهمةً، فحينها يرصد العدو "الصهيوني" أسماءً لمساعديهم- أي المطلوبين- مما يسهل على أجهزة الأمن التابعة للعدو من تحديد المطلوبين وأماكنهم، وذلك من خلال مساعديهم، والذين في الأغلب يتحركون وهم مكشوفون، وهذا التفاخر ليس في مكانه!!


ونشب خلاف في جهاز الأمن الوقائي حول الإعلام عن أجزاء من هذه الوثيقة، وكتب أحد مساعدي رشيد أبو شباك في 28 أكتوبر 2002م أن كتابة كراسة تكشف عن الاحتلال الصهيوني البغيض يعتبر أمرًا غير عادي، في حين أن هذه المادة ستُلقي الضوء على الطبيعة الشريرة للاحتلال والأسلوب الخبيث الذي يستغل به العدو أبناء شعبنا، ويجعلهم أداةً مسلطةً على رقاب شعبهم وعن تمرد وعداء العملاء وتعاونهم مع الاحتلال الصهيوني من خلال المهمة الخائنة التي يقومون بها.. هذه الدراسة جديرة بأن تجد ارتياحًا في عيون الكثير من أبناء شعبنا؛ لأن ظاهرة العملاء جعلتهم لا يذوقون طعم النوم.


وفي الحقيقة وإذا كانوا مهتمين لمعرفة من يقف خلف هذه المذبحة فعليهم أن يكونوا على استعداد أن يزودونا بكل معلومة لديهم؛ من أجل تحديد كل من لهم علاقة في هذا الأمر، ولكن من مصلحتهم إظهار ضعف السلطة في هذا الأمر؛ من أجل ربح نقاط إضافية لصالحهم، وإن الأمر المهم الأخير هو أنهم يعتقدون أن التعاون في المجال الأمني في نهاية الأمر سيؤدي إلى اختراق أمني للجناح العسكري لحماس، والحقيقة أنهم قد فشلوا في الدفاع عن قائد لهم في هذا المستوى مثل الشهيد" صلاح شحادة ".


وهذه الدراسة افتتحت بالدوافع التي مهدت لها أن ما حصل في الدرج هو مذبحة بكل ما في الكلمة من معنى، ومن منطلق إيماننا بدمائنا وأرواح الشهداء الذين قُتلوا في هذه الجريمة البشعة قررنا أن نكتب للعامة وللجماهير الفلسطينية وإلى أبناء أُمتنا العربية والإسلامية أحد فصول الحرب الاستخباراتية بيننا وبين العدو" الصهيوني".


وستكون هناك حاجة لهذه الأمور الموثقة للأجيال القادمة، وستكون أمنيةً استخباراتيةً للتمهيد لإنهاء الاحتلال والصراع الفلسطيني بصورة واضحة، وهكذا سيكون النصر واضحًا بعون الله، ونحن نعلم أننا موجودون في حرب مكشوفة حرب العقول الأدمغة والمعلومات الاستخباراتية أمام العدو، ويساعد هذا الحوار الدائر في هذا المجال على تأكيد وتخطيط القضايا الأمنية لصالح أبناء شعبنا من أجل معالجة مثل هذه القضايا في المستقبل من خلال التصور العالمي ضد ما يسمى (بالهوس الأمني).


وتحت هذه الأمور تأتي قائمة مفصلة من الأسماء المتعاونين البارزين الذين تم اعتقالهم بسبب الخيانة، مثل محمد ثابت الراعي وكتب عنه أنه قام بتسليم معلومات لكل أعضاء التنظيمات الفلسطينية بواسطة جهاز بث وجد في حوزته، وآخر مثل محمود محمد الشريف والذي اعترف بأنه قام بدور مركزي في تصفية الشهيد محمود الخواجة وتمت مصادرة جهازي اتصال كانا بحوزته كان قد استخدمهما لهذه الأغراض، إضافةً إلى أمور حساسة أخرى.


قوات أمن فلسطينية

لماذا لا تستطيع أجهزة الأمن الفلسطينية إحباط محاولات اغتيال؟! يتساءل المحقق ويسرد عددًا من التبريرات لنجاح المخابرات الصهيونية..


  • نحن نعلم أن الشارع الفلسطيني بجميع أطيافه الوطنية مصمم على كشف العملاء بعد تنفيذ عمليات الاغتيال، وأيضًا لماذا لا تقوم هذه الأجهزة بتنفيذ عمليات وقائية في المنطقة تفشل محاولات الاغتيال قبل وقوعها.
  • يخطئ من يظن أن السلطة بأجهزتها تعلم من هو على قائمة الاغتيال للعدو" الصهيوني"، ويسعى المعولون إلى خلق دوائر أمنية مغلقة للحفاظ على أنفسهم، وفي نفس الوقت تسعى المخابرات "الصهيونية" للدخول إلى هذه الدوائر الأمنية؛ من أجل جمع المعلومات.
  • إن الشاباك يسعى إلى إيقاع أناس في الفخ الأشبه عليهم في نظر العامة، وأصحاب ماضٍ نقي وليس لهم أي سوابق أمنية وأخلاقية، ولا يخشاهم عناصر التنظيمات بأي شيء، وفي بعض الأحيان تتنافس عليهم التنظيمات الفلسطينية في تشغيلهم داخل هيئاتهم الخاصة على خلفية التنافس التنظيمي القائم على الشارع الفلسطيني.. المذكرة توصل وتوضح مدى التأييد من جانب أجهزة الأمن التابعة للسلطة مع المعارضة الفلسطينية؛ في محاولاتها مرارًا وتكرارًا لدحض الادعاءات بالتعاون مع الكيان الصهيوني.
  • أجهزة الأمن الفلسطينية مكَّنت جميع التنظيمات الفلسطينية من الدفاع عن عناصرها وبناء دوائر أمنية للدفاع عن مطلوبيها، وقد كشفت الانتفاضة أن الكيان الصهيوني لم يكن باستطاعته الوصول إلى معظم المقاتلين الذين تم تصفيتهم دون مساعدة من خارج الدوائر الأمنية أو من داخلها.

كاتبو هذه الوثيقة يعربون عن شعورهم تجاه حقيقة أن حركة فتح التي جاء معظمهم من رحمها أصبحت ومن سنة تأسيسها عام 1964م مخترَقةً بشكل كبير من قبل المخابرات "الصهيونية"، ومحاولتهم التوضيح في الفرق بينها وبين الحركات الأخرى بررت ذلك بسبب قدم الحركة في تاريخ نشأة الصراع الفلسطيني، ونحن نعترف أن حركة فتح قد فقدت العشرات من قادتها العسكريين خلال هذا الصراع بسبب العملاء الذين تم زرعهم داخل الحركة وخارجها.

هناك ثلاث مراحل أساسية قبل عملية التصفية للمطلوب الفلسطيني يوضحها قسم الشئون "الصهيونية" للمخابرات الفلسطينية.


المرحلة الأولى: تعميم اسم الشخص في قائمة المطلوبين، بعد ورود معلومات أكيدة حول مهمته ونشاطه التنظيمي والمركزي، ويتم دفع الاسم إلى الحكومة الأمنية والسياسية؛ من أجل الموافقة على عملية التصفية.


المرحلة الثانية: وضع خطة التنفيذ- العملية والمفصلة- من قِبل أجهزة الأمن "الصهيونية"، وتشمل الخطة: معلومات استخباراتية، طريقة التصفية، الظروف والاحتمالات، عوائق مختلفة، ومثل هذه الخطة يجب أن تمر من خلال موافقة وزير الدفاع، وفي بعض الأحيان رئيس الحكومة، وفي مراحل أخرى ضمن مشاورات على مستوى أمني رفيع المستوى مثل الحكومة المصغرة تحت اسم "مشغار" أو ما يسمونه بالمفاوضات والمقصود (عمليات وغارات).


المرحلة الثالثة: مرحلة التنفيذ؛ حيث يتم التنفيذ فجأةً وبدون سابق إنذار عندما تحين الفرصة؛ لذلك تزود كل من المخابرات "الصهيونية" والمخابرات العسكرية- سوية أو منفردين- بمعلومات مطلوبة للجيش وإلى سلاح الجو الذي يقوم بتنفيذ العملية، وهذا الأمر يتطلب موافقة وزير الأمن ورئيس الحكومة.


استغلال جنسي

جامعة الأزهر بغزة

وتوضح الوثيقة أن تعميم اسم صلاح شحادة في قائمة المطلوبين بعد حصول "الكيان الصهيوني" على معلومات استخباراتية من مصادر خفية ومصنفة، وحسب هذه المعلومات فإن صلاح شحادة يقف على رأس الجهاز العسكري التنفيذي لحركة حماس، المهمة التي أُلقيت على أكرم الزطمة بموت صلاح شحادة كانت الأكثر مركزيةً.. هكذا كُتب في الوثيقة "المتعاون الحقير الزطمة طالب لغة إنجليزية في جامعة الأزهر.. أعزب واعتقل من قبل الجهاز الأمني في 26/7/2002م".


الزطمة وحسب الوثيقة بدأ ارتياد المركز الثقافي البريطاني في غزة؛ وذلك من أجل تحسين قدرته في اللغة الإنجليزية، وفي شهر لأغسطس 2000 التقى في المركز بشخص طوله 180سم متوسط الحجم لون وجهه أبيض يميل إلى الصفار وشعره ناعم ويميل إلى الشقار في 38 من عمره، يلبس بنطالاً أمريكيًّا لونه بيج وبلوزة بيضاء، هذا هو عميل الشاباك الذي عرض نفسه باسم" تري من أصل كندي"، محاضر في جامعة اتوى وصل إلى قطاع غزة من أجل عمل دراسة اجتماعية اقتصادية.


وحسب هذه المذكرة عرض تري على الزطمة استخدامه كمترجم بحكم معرفته على اللغة الإنجليزية مقابل 10 دولارات في اليوم، وافق الزطمة فورًا على العقد وأبلغ تري الزطمة أنه متزوج من كندية اسمها (سارة) في الثلاثين من عمرها، وتزوج بها قبل سنتين وقد خرجت لنزهة إلى مصر.


وبعد تفصيل واسع لظروف الأمكنة التي تجول الاثنان بها سويًّا، وكان الأمر حول ما يتعلق بموضوع البحث لـ(تري) في مخيم الشاطئ للاجئين، وفي مطعم على شاطئ البحر، وسوق الزاوية، وسوق الشجاعية، وأفادت أيضًا أن (تري) اقترح على أكرم إعطائه تصريح دخول إلى "الكيان الصهيوني" وافق أكرم وتوجه إلى وزارة الشئون المدنية الفلسطينية من أجل استلام هذا التصريح، وحينها بدأت سفريات الاثنين إلى "تل أبيب" عن طريق الضفة الغربية، وقام (تري) بتحضير الأوراق والوثائق لأكرم في المنزل الجديد، هكذا ادعى في حي السفارة الكندية، وقام أيضًا (تري) بالتنزه معه في القدس ويافا وتل أبيب وحتى في بيته.


في شهر أغسطس 2000م وصلت سارة زوجة تري إلى غزة، وهي شقراء لطيفة بنت 30 سنة كما ورد في الوثيقة، وفي بداية سبتمبر 2000م وفي تل أبيب قام (تري) بتعريف أكرم على صديق جديد واسمه ديفيد في 45 من عمره، وسافر الثلاثة إلى شاطئ البحر في تل أبيب، وادعى ديفيد أن جنسيته كندية، وقام بتسجيل رقم الهاتف الخلوي الخاص بأكرم.


وهنا وحسب ما تقول الوثيقة جاءت اللحظة الحاسمة من مرحلة تجنيد أكرم؛ حيث وصل ديفيد وتري إلى قطاع غزة عدة مرات بصحبة أكرم وإلى القدس وإلى الضفة الغربية وحتى سافروا إلى مصر، وفي إحدى المرات جاء (تري) إلى قطاع غزة بصحبة شابين وفتاتين، وقبل أسبوع من اندلاع الانتفاضة اتصل ديفيد بأكرم وتم اللقاء بينهما في قطاع غزة، وتحدث ديفيد مع أكرم حول العلاقة ما بين الشباب والشابات وأراه صورة شاب وفتاة في حالة ممارسة الجنس، وفي اليوم التالي ذهب بصحبة ديفيد إلى شاطئ البحر في قطاع غزة، وعرض عليه مرة أخرى نفس الصورة، ولكن وضع بمكان رأس الشاب الأصلي الذي كان يمارس الجنس مع الفتاة رأس أكرم، وهكذا وُجد انطباعٌ لدى أكرم كان يمارس الجنس مع الفتاة في الصورة.


وتحت التأثير الفاضح لهذه الصورة، وكما قيل في الوثيقة أبلغ ديفيد أكرم أنه ضابط استخبارات "صهيوني" وأن اسمه (أبو محمد)، وقال لأكرم حول ما يتعلق بالصورة إن أحدًا لن يراها، وقد جهزت صورًا كثيرة أخرى أكثر حرجًا ونحن سنساعد إذا قمت بمساعدتنا.


ديفيد أعطى لأكرم 300 دولار؛ على شرط أن يتصل عليه أكرم عن طريق التليفون الخلوي بعد اللقاء، وبعد ذلك اتصلت سارة على (أكرم)، وطلبت منه أن يفتح له رقم حساب خاص به في البنك؛ وذلك من أجل أن ترسل له مساعدات مادية، وبدأت بإرسال مبلغ وقدره 100 دولار شهريًا.


إن قصة كمين أو "فخ العسل" الذي وضع فيه أكرم يضر بقيمة الوثيقة؛ لأن هذه الأمور ببساطة غير صحيحة، ففي "الكيان الصهيوني" لا يتشوقون في مثل هذه الأمور والأساليب لأسباب مهنية، فمن المتوقع أن يكون الزطمة قد نجح في تضليل محققيه الفلسطينيين، وأن يعرض نفسه بأنه سقط ضحية استغلال وابتزاز "صهيونية"، وتوقعات أخرى هي أن الفلسطينيين قد خجلوا من هذه الخيانة فبرروها على أنها شيطانية العدو، هذه الوثيقة تحاول توضيح كيفية نجاح الصهاينة مع شخص (زطمة)، فإن أكرم من عائلة فلسطينية متواضعة، ودخلها بسيط ومحدود، وإن تطلعات أكرم الشخصية هي أن يعيش حياةً غربيةً مختلفةً عن حياة ثقافة شعبه وعاداته العربية، فهو فطن جدًا وسريع الذكاء، وقد حاول خلال تعلمه في الأزهر أن يبدأ مع بعض الفتيات لكنه فشل، ومن الواضح جدًا أن جهاز الشاباك درس عقليته ووضع أكرم قبل أن يستلمه (تري)؛ ولذلك فإن محاولات (تري) بالتقرب من أكرم كانت هادئة ويسودها الصبر.


المبالغ القليلة التي تعود (تري) أن يعطيها لأكرم أكدت على العلاقة القوية معه، فقد أخذوا بالحسبان أنه طالب وفي حالة اقتصادية صعبة، لقد تعود تري أن يذهب للصلاة في الكنيسة، ونجح في أن يقنع أكرم أنه مسيحي وبجنسية كندية، وهنا استخدم (تري) الأسلوب القديم في إعطاء هدايا لأكرم، مثل جهاز تليفون خلوي، نظارات، جاكيت فرو من جلد النمر؛ وذلك من أجل خلق جو من الأمان بينهما.


وفي البداية كان من الصعب على أكرم فهم الأهداف الحقيقة لـ(تري) و(ديفيد)، ولكن بعد وقت قصير فهم أكرم أنه سيصبح عميلاً للشاباك "الصهيوني" وأن أصدقائه الاثنين ما هما إلا ضباطا مخابرات "صهيونية"، وفي الوقت الذي سافر به أكرم مع الاثنين في شارع "تل أبيب" كان من الواضح أن الاثنين كانا يعرفان الشوارع جيدًا وأنهما ليسا سائحين في الكيان الصهيوني، وفي حديث أكرم ركز ديفيد حول مواضيع تتعلق بالنساء.


فهذا أمر بمثابة جرس إنذار لكل فلسطيني وطني ذكي، وفي اللحظة التي كانوا يتجولون بها في شوارع القدس التقى (ديفيد) بجنود "صهيونيين" وتأسف أمام الجنود "الصهيونيين" باللغة العبرية، فسأله أكرم هل تتكلم اللغة العبرية فرد عليه ديفيد أنه يعرف قليلاً، وفي كل الأحوال التي سافر بها أكرم إلى الضفة الغربية وإلى الصهاينة كان (ديفيد وتري) يحمل وثائق أكرم من أجل الحواجز "الصهيونية"، وفي كل مرة كان يذهب للجنود "الصهيونيين" ويعود بعد ربع ساعة ومعه تصريح بالدخول من الحواجز، وعن هذه الظاهرة كان يجب على أكرم أن يبدي تساؤله في نفس المكان.


وفي اللحظة التي عرف فيها أكرم أن ديفيد هو رجل مخابرات "صهيوني" كان عليه أن يبلغ عن ذلك لأي جهة كان أكرم يثق بها، مثل صديق أو قريب أو أي عنصر يخدم في أجهزة الأمن الفلسطينية، ولو حصل ذلك فمن المتوقع أن يكون باستطاعتنا عمل شيء من أجل إنهاء هذه القضية من البداية.


وتحت عنوان لقاءات أكرم مع ضابط المخابرات "الصهيوني" يرِد ذكر تفصيل جميع اللقاءات لما دار فيها من حديث وإبلاغ للمعلومات، وبعد أن هدد (ديفيد) (أكرم) مرةً ثانيةً بأن يكشف صوره، وعرض عليه مساعدة نقدية كبيرة؛ وذلك من أجل السفر والهجرة إلى كندا، وتقابل الاثنان قبل يوم واحد من اندلاع الانتفاضة في إحدى المغتصبات في الضفة الغربية، وخلال اللقاء أبلغ ( أكرم) (ديفيد) بمعلومات وشهادات عن مواجهات الفلسطينيين وجنود الاحتلال في رفح، وفي اللقاء الثاني كان في نفس المغتصبة، وقد ارتبط هنا (أكرم) بعميل مخابرات جديد واسمه (أبو مفيد) والذي أعطاه الاسم المشفر باسم (علي) وأبو مفيد، وأعطى لأكرم رقم الهاتف وأعطاه 600 دولار، وبعدها ذهب أكرم إلى رفح، وهنا كان يتصل أبو مفيد يوميًا وذلك من أجل متابعة تحركات الفلسطينيين الذين يطلقون النار ومتابعة نشطاء الانتفاضة في منطقة رفح.


وفي فبراير 2001م وصل أكرم للقاء أبو مفيد في إحدى المغتصبات في غزة، وفجأةً دخلت شابة إلى غرفة أكرم حيث مارس معها الجنس في الغرفة، وبعد ذلك دخل أبو مفيد إلى الغرفة وخرجت الشابة بسرعة، وطلب ضابط المخابرات من أكرم متابعة تحركات عدد من نشطاء الانتفاضة وتحديد أماكن بيوتهم، وقام بتسليمه مبلغ 1000 دولار!!


واستمرارًا لهذه اللقاءات وفي إحدى المغتصبات تعرف أكرم على ضابط مخابرات جديد واسمه (أبو أيوب)، وعرض أمامه فيلم فيديو يظهر به أكرم مع الفتاة التي ذُكرت سابقًا، وهدده ضابط المخابرات "الصهيوني" بنشر فيلم الفيديو؛ إذا لم يحافظ على علاقته مع الاستخبارات "الصهيونية"، وبعد ذلك أوكلت إليه مهمة متابعة وتعقب عدة فلسطينيين الذين يطلقون النار على "الصهيونيين"، وأن يتعقب أيضًا عدة خطباء المساجد.


فهم جهاز المخابرات "الصهيوني" أن أكرم قد تعوَّد أن يستلم منه المال في البداية مساعدةً، وبعد ذلك كأجرة في المراحل اللاحقة، وبذلك أثَّروا على إدارته وعلى مستوى حياته التي يحلم بها، وأدت اللقاءات التي أجراها أكرم مع ضباط المخابرات في المغتصبات إلى قناعة لدى أكرم أنه وصل إلى مرحلة اللاعودة، خاصةً بعد ممارسة الجنس والتي أصبحت ضده عند المخابرات، ومع ذلك فإن ضابط المخابرات اعتاد على تذكير أكرم بالضحايا "الصهيونيين" الذين سقطوا نتيجة "عمليات تفجيرية"، ووضوح هذا الأمر على أكرم؛ وذلك من أجل التأثير على انتمائه الوطني، وحتى يصبح مع مرور الوقت أحمقَ بليدًا، ولكي يكون صهيونيًا أكثر من مشغله، فقد بدأ بنفسه بالمبادرة والاتصال من أجل الإبلاغ عن نشطاء الانتفاضة دون أن يطلب منه ذلك.


وتؤكد الوثيقة أنه وفي كل مرة كان يأتي بها الزطمة وبقية المتعاونين إلى المغتصبة؛ وذلك من أجل مقابلة ضابط المخابرات كانوا يتصرفون مثل (الكلاب)؛ ففي البداية كانوا يفتشونهم وبعد ذلك يوضع على رؤوسهم غطاء أسود؛ كي لا يتعرفوا على الطريق التي يسلكونها عبر المغتصبة وفي بعض الأحيان طلبوا منه في السيارة أو في الجيب العسكري الاستلقاء لكي يكون قريبًا من نعالهم أو تحتها.


وفي شهر يوليو 2002م أرسل "أبو إيهاب" الزطمة إلى تعقب "صلاح شحادة" والتي أدت في نهاية الأمر إلى تصفية صلاح شحادة أحد كبار حماس.. ففي يوم الإثنين 22 يوليو اتصل أبو إيهاب على أكرم، وطلب منه أن يخرج إلى مسجد الصحابة فخرج أكرم إلى المسجد، ورأى جموعًا من المصلين تخرج من المسجد ولكن الشيخ شحادة ما زال هناك، وفي حوالي الساعة العاشرة والنصف ليلاً جاءت معلومات من أبو إيهاب لأكرم أن يخرج إلى منطقة سكن الشيخ شحادة، وهناك شاهد سيارتين من نوع (فولفو وسوبارو) وكان شحادة من بين ركابهم ودخلوا إلى بيت شحادة المكان الذي تجسس عليه كثيرًا قبل ذلك.


وحينها كما تقول الوثيقة طلب أبو إيهاب من أكرم الزطمة ترك المكان والعودة إلى بيته، وبعد وقت قصير سمع أكرم أو سمعت معه مدينة غزة بأكملها صوت رعد من الانفجارات هزت أنحاء المدينة في ساعات المساء، وبعد ذلك توجه أكرم بصحبة أحد أصدقائه؛ وذلك من أجل مشاهدة المكان وحينها فهم أن البيت الذي تم قصفه هو البيت الذي طلب منه أن يتعقبه، ورأى الدمار ولم يستوعب ما رأى من الدمار الرهيب؛ ولذلك لم يستطع النوم في تلك الليلة، وفي الساعة الثالثة قبل الفجر اتصل أكرم على أبو إيهاب وأبلغه أنه خائف بسبب ضلوعه في هذه العملية، فقال له أبو إيهاب لا تخف فإنه ليس لك أي علاقة في الأمر، فرد عليه أكرم لقد قتل هناك أبرياء فرد عليه لو بقي صلاح على قيد الحياة فربما يقتل أبرياء أكثر فليس هناك مفر من قتله ولكن قُتل معه ضحايا أبرياء، فعاد وقال أنا خائف فرد عليه لا تخف ستأخذ مني هدية محترمة، وفي يوم الجمعة من نفس الأسبوع حدد الاثنان لقاءً في مغتصبة رفح (رفيع- يم)، ولكن وبعد تحديد الموعد اعتقل الزطمة من قبل قوات الأمن الوقائي.


حالة الطوارئ في جهاز الأمن الوقائي

إن تحليل التصفية من جهة الاستخبارات الفلسطينية أظهرت النتائج التالية:

أن الزطمة لم يعرف شيئًا عن حالة وظروف الشيخ شحادة، عندما بدأ الزطمة في تعقبه، فقد بدأ بالتعرف عليه فقط من خلال الأوصاف التي أخبره عنها ضابط المخابرات "الصهيوني"، ومن الواضح أن لجهاز الاستخبارات "الصهيوني" معلومات سابقة عن الشقة التي كان يسكن بها الشيخ شحادة، بالإضافة إلى معلومات لها علاقة إلى تحركات الشيخ وعدد من السيارات التي يتحرك بها، وهذا الأمر من مصادر "صهيونية"، والمذكرة تقتطف بحذر أنه ليس هناك معلومات عن هذا الأمر قد ظهرت في الصحافة "الصهيونية" حول هذا الموضوع، ولكنها من مجموعة الاعترافات التي أبلغها الزطمة.


من شهداء مجزرة غزة

لقد أكد العدو الصهيوني على عنجهيته مرةً أخرى؛ بارتكابه لمجزرة بشعة راح ضحيتها 15 شخصًا بينهم 10 أطفال، إن مجزرة ببشاعة مجزرة غزة ليس من السهل أبدًا على الأيام أن تمحو آثارها، فأشلاء الشهداء ربما تنتهي بدفنها وركام البيوت قد يجلو برفعها، ولكن ما لا يمكن محوه أبدًا هو ما خلفته تلك المجزرة البشعة من آهات وصيحات على ذكريات اندثرت بلحظة واحدة دون سابق إنذار، ولسوف تبقى تلك الآهات والدمعات شاهد عيان على تلك المجزرة الصهيونية ضد أبناء شعبنا.


معجزة إلهية

نادية الحويطي (24 عامًا) والتي تحققت فيها معجزة إلهية، بعد انتشالها من تحت الأنقاض حيةً ترزق تقول بكلمات مسحوبة من صدرها لقد كنت نائمةً مع أولادي في سبات عميق، وبينما أنا كذلك فزعت على صوت انفجار لا يوصف مصحوبًا بنيران حمراء كالبركان، وتتابع بأنها وجدت نفسها داخل حفرة تحيط بها الحجارة من كل جانب، وتضيف لقد أصبت بذهول شديد حتى أنني ظننت نفسي أحلم أو في عالم الخيال.


وتضيف نادية أنها أصبحت تحاول رفع الركام من فوقها ولكن بلا جدوى، ولم تتمكن من الصراخ؛ لطلب النجدة بعد أن فقدت صوتها من هول ما شاهدت عندها، لم يخطر ببالي إلا نطق الشهادتين، فالموت هو النتيجة الحتمية لما أنا فيه، ولكن فجأةً سمعت أصواتًا خارج الحفرة وكأنها تنادي علي، وإذا بالنور ينبثق داخل الحفرة شيئًا فشيئًا وأصوات الشباب في الخارج تكبر وتهلل، ومن ثم قام الشباب بانتشالي وستري بملابسهم بعد أن تمزقت ملابسي عن جسدي.


كل شيء راح

خضر الصعيدي (70 عامًا) في حالة فقدان وعي كامل، يقول ابنه نبيل:" أبي يفضل الجلوس عادةً في المظلة أسفل البيت، ولذلك كانت إصابته بالغة؛ حيث سقط عليه الركام، وقد أُصيب جميع أفراد أسرتي بجراح وهم 15 فردًا معظمهم أطفال"، ويضيف أنه بعيد القصف لم ير شيئًا أمامه غير دخان كثيف أسود اللون كان يملا المكان، وأصبح يجري في كل اتجاه وينبش في الأرض في محاولة يائسة للبحث عن أفراد أسرته إلى أن أغمي عليه، وعندما أفقت وجدت بيتنا قد أصبح أثرًا بعد عين.. لقد ذهب البيت وبقيت ديون بنائه.. وتساءل: "ما الذي حدث؟ أين ابنتي دينا؟ أين زوجتي؟ ماذا يقولون في الأخبار؟"

ويقول رامز بينما أنا نائم فزعت على صوت عظيم فوجدت حائط الغرفة فوق جسدي وعندها أغمي علي تمامًا، ومحمود مطر الذي يقابله في السرير يقول: كنت أشاهد التلفاز مع جدتي، وعندما قمت لإغلاق التلفاز لأنام وجدت نفسي بين الركام، ويؤكد محمود أن ما حدث لم يكن لديه أدنى شك في أنه زلزال بأعلى درجات الريختر.


ثمرة الشهادة

بإمكان كل إنسان التلذذ بمنظرها أو حتى تمنيها، ولكن أحدًا لا يمكن أن يدعي القدرة على قطفها حتى ولو كان أدنى الناس منها.. تلك الكلمات تضعها قصة مروان زينو في مصاف الحقائق.. في تلك الليلة السوداء وساعة القصف كان مروان واضعًا ركبتيه إلى ركبتي رفيق دربه يوسف الشوا يتسامران فوق سطح منزله، وضع مروان كأسين من الشاي على الطاولة التي كانت بجوارهما، وفي وقت واحد تناولا قليلاً من الشاي ثم أعادا الكأسين إلى موضعهما، بدأ مروان حديثه لصديقه التي كان يصغي له باهتمام عن وضعه المادي الصعب؛ حيث إنه بلا عمل منذ عامين، لقد كان اللقاء هادئًا جدًا ويتخلله جو من الألفة والوفاق، ولكن ما كان لذلك اللقاء ليطول كثيرًا؛ فلقد حانت ساعة الفراق بين الصديقين وبين كأسي الشاي للأبد بصاروخ واحد كتب ليوسف الشوا لقاء ربه شهيدًا ولمروان زينو الإقامة في المستشفى جريحًا، والأدهى والأمرُّ أن البيت الذي يحوي ذكرياتهما ما عاد بيتًا.


مروان يعاني الآن من آلام شديدة في جميع أنحاء جسمه بعد إصابة جميع أنحاء جسمه بشظايا الصاروخ.. يقول مروان ما حدث لا يمكن أن يتصوره عقل؛ لقد كنت أتحدث مع صديقي عن المعاناة وإذا بالمعاناة تزداد وتصبح مائة معاناة ومعاناة!!


ويتابع مروان بكلمات تقطر ألمًا عندما حدث القصف اختفيت عن الوجود وظننت أن القيامة قد قامت، ولم أصحُ على نفسي إلا بعد يومين، ويشير مروان إلى أنه يعاني من آلام هائلة تجعله في حالة ثوران وتخبط، ووسط الدموع الحارة يقول مروان مطأطئًا رأسه لقد أصبح بيتي الذي عملت طوال 20 عامًا لبنائه أكوامًا من الرمال وقليلاً من الحجارة، ويؤكد مروان بأنه لا حل إلا بالعودة إلى الله وتوجه برأسه إلى سقف الغرفة وردد "حسبي الله ونعم الوكيل.. حسبي الله ونعم الوكيل".


تلاميذ شحادة على الدرب سائرون

"إننا على دربك يا قائدنا صلاح شحادة لسائرون" بهذا الشعار تؤكد كتائب القسام الوفاء بالعهد ومواصلة الدرب على طريق الجهاد والاستشهاد، وهي تخترق كافة الحواجز الأمنية من جديد؛ لتضرب في العمق الصهيوني في عملية نوعية جديدة بكل المقاييس رغم قلة القتلى فيها.. إلا أنها إثبات جديد تقدمه كتائب القسام على قدرتها النوعية.