قانون الطوارئ في مصر لم يعد طارئًا!
اذهب إلى التنقل
اذهب إلى البحث
قانون الطوارئ في مصر لم يعد طارئًا!
25-05-2005
حوار مع أ. محمد السيسي- المحامي
- قانون الطوارئ أداة السلطة لإرهاب المعارضين لها
- الدستور يوجب تحديد الطوارئ بمدة محددة وبعدها يصبح غير دستوري
كثير من الانتهاكات تتم بدعوى قانون الطوارئ.. مطالب متزايدة ومظاهرات هنا وهناك تطالب بإلغاء قانون الطوارئ.. المشكلة أنَّ الكثيرين منا لا يعرفون عن قانون الطوارئ سوى أنه قانون القهر وربما يظن البعض أنَّ هذا القانون يتيح للنظام ارتكاب كل المخالفات بلا ضابط ولا رابط بداية من الاشتباه مرورًا بالاعتقال العشوائي وانتهاء بالتعذيب وانتهاك حقوق الإنسان.
التقينا في هذا الحوار محمد السيسي- المحامي- ليكشف لنا الخروقات الحكومية لكافة القوانين بما فيها قانون الطورائ نفسه!
- يتحدث الكثير سواء من النظام أو من المعارضة عن قانون الطوارئ، ورغم ذلك فإن معظم الشعب لا يعرف ما قانون الطوارئ الذي يُحكم به منذ أكثر من نصف قرن.. نريد التعريج عليه سريعًا؟
- قانون الطوارئ هو قانون استثنائي يتم تطبيقه بقرار من رئيس الجمهورية طبقًا للمادة 148 من الدستور ثم يتم الموافقة عليه من مجلس الشعب، ويكون لمدة محددة طبقًا للحالة الاستثنائية التي استدعت فرضه، ولا يجوز مد هذه المدة إلا بموافقة مجلس الشعب، ويتم العمل بقانون الطوارئ أثناء حدوث الكوارث الطبيعية مثل الزلازل والبراكين والسيول والحرائق، أو وجود أحداث طارئة مثل حالة الحرب أو تفشي بعض الأمراض والأوبئة التي تستلزم اتخاذ إجراءات استثنائية لا تتوفر في القانون العادي سبل مواجهتها، وكذلك في حالات الفوضى والإضرابات الشديدة التي تحدث في بعض الأحيان.
- معنى ذلك أن تمديد قانون الطوارئ لمدد متعاقبة دون تحديد وقت لوقفه أمر عادي؟
- لا.. فقانون الطوارئ من اسمه هو لوضع استثنائي والذي يكون لمدة محددة، أما الاستمرار بالعمل به لمدة تزيد عن أربعة وعشرين عامًا كما يحدث الآن في مصر فهو أمر غير دستوري، بل إنَّ هذا يعتبر مخالفًا للدستور والذي يقضي أن تكون حالة الطوارئ محددة بمدة ولمواجهة حدث طارئ وضروري لا تصلح لمواجهته القوانين العادية، وإلا فإنه يصبح قانونًا عاديًّا مثل باقي القوانين المستمرة وتنتفي عنه صفة الطارئ.
- لكن السلطة تبرر استمرار العمل بهذا القانون أنه لا يُطبق إلا على الإرهاب والمخدرات، ولا يضير ذلك عموم المواطنين؟
- هذا التعلل مخالف للواقع؛ حيث إنه استعمل ويستعمل باستمرار لمواجهة قوى وطنية بهدف تحجيمها وتقليص أنشطتها لأهداف سياسية بحتة، ومع ذلك لم يطبق قانون الطوارئ بشكله القانوني المنصوص عليه، وإنما أسيئ استعماله، فلا يوجد نص في قانون الطوارئ يتيح لرجل الأمن اعتقال المشتبه به واحتجازه في مقرات أمن الدولة لمدد غير محددة وخارج إطار قانون الطوارئ ذاته ودون قرار اعتقال وتعرضه للتعذيب والقتل أحيانًا، وأصدق دليل على ذلك ما حدث مع المواطن مسعد قطب.
- ماذا ينص قانون الطوارئ في حالة القبض على مَن خالف القانون أو الإجراءات الاستثنائية؟
- في حالة القبض على المواطنين في هذه الحالة فإنَّ قانون الطوارئ ينص على ضرورة إبلاغ الشخص المعتقل بقرار الاعتقال وسببه والجهة التي يتم اصطحابه إليها وإعطائه الحق في الاتصال بمَن يرى إبلاغه سواء كان محاميه أو أحد أقاربه، وهذا ما لم يحدث واقعيًّا بل يتم اقتحام غرف النوم على أصحابها دون مراعاة لحرمة، وتقييد وتكبيل الناس والاعتداء عليهم داخل بيوتهم أمام النساء والأطفال، وترويع الآمنين في حملات دهم بوليسية مع إجراء تفتيش صاخب يتم فيه تكسير محتويات المساكن وإتلافها وسرقة الأموال، وبقاء الناس في أماكن غير معلومة دون تمكين أحد من زيارتهم، ودون تمكين الجهات القضاية المختصة مثل النيابة العامة للانتقال لهذه الأماكن وتفتيشها أو المحاكم العادية، وهذا مخالف لكل القوانين والمواثيق الدولية والمعاهدات التي وقَّعت عليها مصر وأصبحت قانونًَا داخليًّا.
- كما أنه في حالة الاعتقال طبقًا لقانون الطوارئ فيحق للشخص المعتقل وذويه أن يتقدَّم بتظلمٍ من قرار الاعتقال بعد مرور مدة ثلاثين يومًا من تاريخ الاعتقال، ويقدم هذا التظلم إلى مكتب النائب العام لشئون المعتقلين، ويُحدد لذلك جلسة أمام محكمة أمن الدولة للنظر في أمر الاعتقال وتصدر قرارها بعد الاطلاع على أسباب الاعتقال من واقع مذكرة المعلومات التي تقدمها وزارة الداخلية، وتصدر المحكمة قرارها إما برفض التظلم أو بقبوله والإفراج عن المعتقل.
- لكن هل يتم الإفراج عن مواطنين بتظلم عن طريق محكمة أمن الدولة؟
- للأسف فإنه حتى في حالة القرار بالإفراج لا ينفذ إلا بعد مرور 15 يومًا ويحق لوزير الداخلية خلالها أن يعترض على قرار المحكمة، وفي حالة اعتراضه تحدد جلسة أمام دائرة أخرى من تاريخ اعتراض وزير الداخلية، فإذا أصدرت قرارها برفض اعتراض وزير الداخلية والإفراج النهائي عن المعتقل يتم التحايل عليه بالإفراج عن المعتقل على الورق وإصدار قرار اعتقال جديد ليظل المعتقل في محبسه يائسًا من كثرة التظلمات وقرارات الإفراج التي لا تُنفذ ويتم بسببها تغريبه ليتنقل بين عدة سجون جزاءً على استخدام حقه القانوني في التظلم.
- في المظاهرات الأخيرة التي خرجت للشوارع مطالبة بإجراء إصلاحات حقيقية في مصر تمَّ اعتقال أكثر من 2500 شخص من الإخوان المسلمين، فهل يحق للنظام أن يعتقل هذا العدد بسبب المطالبة بحقوقهم السياسية؟
- طبقًا للمادة 54 من الدستور يحق للمواطنين التجمع السلمي للتعبير عن أرائهم في قضايا الوطن، وليس أهم من التعديل مادة من مواد الدستور حتى يخرج الشعب بكافة فئاته للتعبير عن رأيه بشكل حضاري في الإصلاح، وهو في ذلك يستخدم حقًا مكفولاً له طبقًا للدستور، خاصةً بعد رفض وزارة الداخلية قرار التصريح لعمل مسيرات للتعبير عن الرأي.
- وهل قانون الطوارئ يتيح للنظام هذا الاعتقال المخالف للدستور؟
- للأسف فقانون الطوارئ قانون مبهم؛ حيث إنه لم يحدد على وجه التفصيل المخالفات التي يبتعد عنها الناس، وإنما يترك للجهات الأمنية أن تحسب مدى الإجرام لشخص ما مع عدم وجود نص يمكن تطبيقه لمواجهة هذا الخطر، ولقصور في التشريعات والقوانين تضمن الدستور بابًا للحريات ونص في المواد (40،41) على أنَّ المواطنين متساوون في الحقوق والواجبات، وأكد على حقهم في التعبير وتكافئ الفرص بينهم ولا يمكن اختزال هذه النصوص تبعًا لهوى الأجهزة الأمنية ينطبق قانون استثنائي ليلغي كافة الحقوق المقررة دستوريًّا بالشعب، وطبقًا لاختصاص نيابة أمن الدولة في التعامل مع القضايا السياسية فإنها تعطي اختصاص القاضي الجزئي وهو ما تقرره الطوارئ في حبس المتهمين لمدد تصل إلى 6 أشهر بعدها يُحال إلى محكمة الجنايات للنظر في أمر الحبس ليتم مد الحبس إلى فترات لا نهايةَ لها.
- ولا يوجد حد أقصى للحبس الاحتياطي في قضايا أمن الدولة، وهذا يخالف الدستور وقانون الإجراءات الجنائية في التفرقة ما بين القضايا الجنائية العادية وقضايا أمن الدولة باعتبار أنَّ الحبس الاحتياطي المطلق يعتبر عقوبة سالبة للحرية ولا تستند لأية مشروعية دستورية أو قانونية، كما أنَّ مبررات الحبس الاحتياطي تنتفي بشأن نوعية المحبوسين على ذمة هذه القضايا حيث إنهم إما طلاب جامعات أو شخصيات نقابية ومهنية مرموقة لا يمكن لها أن تهرب أو ترفض القبول أمام جهات التحقيق في أي وقت.
- ظهر مؤخرًا قيام قوات الأمن باعتقال بعض تلاميذ المرحلة الثانوية، فهل هناك نص يسمح للسلطات الأمنية اعتقال التلاميذ خاصة في قضايا الرأي؟
- قانون الطوارئ لا يفرق بين الأطفال والكبار في المعاملة وإن كان كل ذلك غير دستوري؛ حيث إنَّ الحبس الطويل لطلاب الجامعات والمدارس يتناقص مع حقهم الدستوري في طلب العلم والتحصيل الدراسي وحضور المحاضرات والامتحانات الدراسية؛ لأن حق التعليم المستمر مكفول لكل المواطنين وفي المعتقلات حُرِمَ الكثيرُ من الطلاب من حضور الامتحانات رغم حصولهم على أحكام نهائية من القضاء الإداري بتمكينهم من الامتحان داخل السجن أو في كلياتهم خاصةً طلاب الكليات العملية والتي يشترط فيها على الطالب حضور نسبة من المواد العملية داخل العامل وفي السكاشن، ولا يتمكنوا من دخول امتحان النظري إلا بعد حضور المواد العملية، ومع ذلك مُنعوا من الامتحانات.
- تقوم قوات الأمن بخطف المواطنين بعد انتهاء المظاهرات و أثنائها من الشوارع فخل لذلك مرجعية قانونية؟
- خطف المواطنين من الشارع بلا سبب غير قانوني إلا في حالة حدوث تكسير للمنشئات أو إحداث فوضى أو انحراف المتظاهرون عن حقهم المكفول لإبداء الرأي إلى اقتراف جرائم، ويحق للأمن القبض عليهم ويحيله للقاضي الطبيعي، أما المسيرات السلمية لا تستوجب القبض العشوائي من الشوارع أو من البيوت، بل يجب على الدولة أن تحمي هذه المظاهرات وأن تؤمن سيرها وتمنع الغوغاء من إحداث الشغب بها.
المصدر
- مقال:قانون الطوارئ في مصر لم يعد طارئًا!إخوان أون لاين