ما هي قصة السنتين هذه؟!
بقلم:معتصم حمادة
سنتين للحل
بدأ الحديث عن السنتين سقفا للحل على لسان سولانا ثم جاء الحديث عن تجميد الاستيطان لسنتين،مترافقا مع مشروع فياض لإقامة مؤسسات الدولة الفلسطينية خلال سنتين. فما هي قصة السنتين هذه؟!
في الفترة الأخيرة تكررت عبارة «السنتين» على لسان أكثر من مرجع سياسي،ووضعها أكثر من طرف سقفا زمنيا لانجاز الصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي.
- وردت عبارة «السنتين» على لسان سولانا،المرجع الأوروبي المعروف.
- وردت في خطة رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض لاستكمال بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية.
- ووردت.. أخيرا، وليس أخرا، في اقتراح لحركة حماس بتمديد ولاية الرئيس عباس والمجلس التشريعي الثاني.
فما هي قصة «السنتين» هذه؟
- خبر صغير أوردته وسائل الإعلام منذ فترة قصيرة،واحتل مكانا هامشيا في صفحات الصحف،يقول إن سولانا، الذي بات خبيرا،من موقعه الأوروبي، بشؤون الشرق الأوسط،وخاصة القضية الفلسطينية،دعا مجلس الأمن الدولي إلى تبني قرار بإعلان قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة والقطاع،بعد سنتين،دون الربط بين هذا الإعلان وبين وصول المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي إلى الاتفاق على الحل الدائم.
وأضاف سولانا أن على مجلس الأمن أن يكون جرئيا ولا يخضع الحل في الشرق الأوسط لادارة إسرائيل وحدها.لذلك اقترح أن يتحدد السقف الزمني للمفاوضات بين الجانبيين الفلسطيني والإسرائيلي بسنتين،يكون بعدها مجلس الأمن مخولا اتخاذ قرار بقيام دولة فلسطينية معترف بها دوليا.
الملاحظ أن هذا الاقتراح،رغم ما فيه من إثارة سياسية لافتة للنظر،مرّ مرور الكرام وكأن هناك من أراد التغطية عليه لسبب أو لآخر.
- في سياق الجدل المفتوح إعلاميا حول الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الفلسطينية،بما فيها القدس الشرقية،تسربت أنباء تقول إن إدارة أوباما تعتزم أن تقترح وقف الاستيطان لمدة سنتين.
وإن هذا الاقتراح سوف يرد في خطة الرئيس الأميركي للحل في الشرق الأوسط،والتي طال انتظارها.وهناك من يقول إن الرئيس أوباما سوف يعرض مشروع خطته هذه على الرئيس المصري حسني مبارك في زيارته إلى واشنطن،فضلا عن أن الإدارة الأميركية أجرت مشاورات موسعة مع الأطراف العربية والإقليمية المعنية بالحل في الشرق الأوسط.
اقتراح اسرائيلي
الأنباء تتحدث بالمقابل عن اقتراح إسرائيلي بالقبول بتجميد الاستيطان لثلاثة أشهر فقط، تكون كافية ـ حسب تقديرات تل أبيب ـ لتوفير الأجواء المناسبة لإطلاق العملية التفاوضية مرة أخرى.
تقول هذه الأنباء في الوقت نفسه،إن حكومة نتنياهو تطالب،مقابل تجميد الاستيطان بخطوة عربية إستراتيجية،تقود إلى تطبيع العلاقات العربية،الإسرائيلية،حتى قبل الوصول إلى حل إسرائيلي مع الفلسطينيين.
وهناك من يهمس أن مطلب إسرائيل بتطبيع العلاقات يشكل تمهيدا لتمديد فترة تجميد الاستيطان،شرط أن تقبض تل أبيب الثمن مسبقا باعتراف وتطبيع عربيين بها،دون أية استدراكات.
وهناك من يؤكد أن طلب «السنتين» كما سيرد في المشروع الأميركي ليس صدفة،لأن واشنطن ستقترح أن تكون السنتان القادمتان هما الزمن الضروري والكافي لولادة دولة فلسطينية،وأن واشنطن تربط بين تجميد الاستيطان وبين السقف الزمني المطروح للمفاوضات.
ويبدو هذا الرأي قابلا للتصديق،ومعقولا،خاصة إذا ما ربطناه بموقف سولانا الذي دعا مجلس الأمن الدولي للتدخل لصالح قيام دولة فلسطينية إذا لم تسفر السنتان القادمتان عن حل دائم بين الأطراف المعنية في الشرق الأوسط.
- في السياق نفسه وضع رئيس حكومة السلطة الفلسطينية،سلام فياض مشروعا لاستكمال بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية خلال السنتين القادمتين،واعتبر فياض أن بناء هذه المؤسسات شرط لازم لقيام الدولة،وأن إعلان الدولة،وبدون مؤسسات سيبقى خطوة ناقصة،بل ربما مضرة أحيانا.
بدوره ثمن الرئيس عباس خطة فياض،وحضر مؤخرا إلى جانبه اجتماع الحكومة في خطوة فسرت أنها تأييد من عباس لرئيس وزرائه،وتأييد من عباس لخطة فياض،ونفي،مباشر،لما قيل عن تغيير حكومي قادم في السلطة الفلسطينية.
وهناك من يقول إن فياض هو المرشح لأن يبقى رئيسا للحكومة الفلسطينية خلال السنتين القادمتين، مهما دخل على هذه الحكومة من متغيرات، بما في ذلك المتغيرات التي سوف تتأتى عن نتائج الانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة.
ففياض،والقول لمصادر مطلعة،هو الشخص المنتدب،فلسطينيا،وإقليميا ودوليا،لبناء مؤسسات السلطة الفلسطينية وإن هذا كله يتم بترتيب مدروس،وبناء لمعلومات مؤكدة أن فترة السنتين القادمتين هما اللتان ستلدان دولة فلسطينية.
وهذا ما يفسر على سبيل المثال،تأكيد الرئيس عباس (17/8/2009) أن السبيل إلى الدولة هو المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي،ولا شيء أخر.
حماس لا تخفي رغبتها

- وعلى هامش هذا كله يلاحظ المراقبون أن حماس،في اللقاءات المغلقة، لا تخفي رغبتها في تمديد ولاية المجلس التشريعي ورئاسة السلطة لسنتين قادمتين،وذريعتها في ذلك أنها لم تأخذ فرصتها في الحكم بسبب الحصار الإسرائيلي.
كما يلاحظ أنها لا تكف عن تجميع الذرائع لرفض إجراء الانتخابات التشريعية (والرئاسية) في موعدها المقرر في 25/1/2010.
آخرها كان حديث إسماعيل هنية متسائلا عن الضمانات لانتخابات دون غش أو تلاعب،في الوقت الذي يشكو فيه ناس من فتح من غش وتلاعب طال انتخابات المؤتمر السادس للحركة،وهناك من يؤكد أن حماس تتلمس،من خلال الاتصالات المختلفة،أن طبخة الحل موضوعة على النار،وان التوقيت الزمني لانجازها هو سنتان،لذلك هي تتمسك بموقعها في التشريعي (وفي الحكومة المسماة) مقالة،لتبقى جزءا من «الشرعيات» الفلسطينية (كما يحلو لها أن تصف الشرعية الفلسطينية وهو توصيف لا وجود له إلا في قاموس حماس السياسي) وتبقى بالتالي جزءا من العملية التفاوضية،وجزءا من الحل، وجزءا من الدولة الفلسطينية المرتقب قيامها، علما أن حماس باتت تدعو إلى دولة في الضفة والقطاع،والقدس،وتوافق في الوقت نفسه،على تعليق قضية اللاجئين ووضعها في البراد، والقبول بهدنة مع إسرائيل تدوم أربعين عاما.
إذن، نحن أمام كلمة سر تتردد في الأوساط السياسية هي «مدة السنتين» بالطبع،ما من حريص على المصلحة الوطنية إلا و يرحب بوضع سقف زمني للمفاوضات.وهذا مطلب وطني بامتياز.
كذلك نلتقي مع دعوة سولانا لقيام دولة فلسطينية بعد السنتين، لقطع الطريق على مماطلة الجانب الإسرائيلي ومخططه الذي يبقي موعد قيام الدولة الفلسطينية في عالم المجهول.
غير أن هذا لا يدعونا، بالمقابل، لأن نتهاون في شروط قيام الدولة الفلسطينية (حدود الرابع من حزيران وعاصمتها القدس) وكذلك تأكيد التمسك بحق اللاجئين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا منها منذ العام 1948،وضمان هذا الحق ورفض أي تطبيع عربي مع إسرائيل،قبل انسحابها من كل الأراضي العربية المحتلة في عدوان حزيران (فلسطين ـ سوريا ـ لبنان).
في كل الأحوال،تؤكد المؤشرات أن الأجواء السياسية الإقليمية والدولية حبلى بمولود ما يتعلق بقضية الشرق الأوسط،وعلى الفلسطينيين، وكذلك العرب،أن يكونوا متأهبين لاستقبال هذا المولود،والتصرف بما تمليه المصلحة الوطنية والقومية العربية،أيا كان هذا المولود،وأيا كان موعد ولادته
المصدر
- مقال:ما هي قصة السنتين هذه؟! موقع : المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات