محمد محمود الصوَّاف (1915 - 1992) دراسة في سيرته ودوره الديني والسياسي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
محمد محمود الصواف (1915 - 1992)


دراسة في سيرته ودوره الديني والسياسي


مقدمة

رسالة تقدم بها جاسم محمد عبد الله نجم اللهيبي

إلى مجلس كلية الآداب في جامعة الموصل

وهي جزء من متطلبات نيل شهادة الماجستير في التاريخ الحديث

باشراف أ.م.د.زهير علي احمد النحاس

1426هـ - 2005م

MOHAMMED MAHMOOD AL SAWAF

(1915-1992)

A STUDY IN HIS BIOGRAPHY, HIS RELIGIOUS

AND POLITICAL ROLE

A Thesis Submitted

By

Jassim Mohammed Abdullah Najem Al Leheebi

To

Council of the Collage Arts

University of Mosul

In Partial Fulfillment of the Requirements

For the Degree of Master

In

Modern History

Supervised By

Assistant Professor

Dr. Zuheer Ahmed Ali Al Nahhas

[[2005]] A. D. 1426 A. H.

إقرار المشرف

أشهد بأن هذه الرسالة قد جرى اعدادها تحت إشرافي في جامعة الموصل وهي جزء من متطلبات نيل درجة الماجستير في التاريخ الحديث .

التوقيع:

المشرف: أم.د. زهير علي احمد النحاس

التاريخ: / / 2005

إقرار المقوم اللغوي

أشهد بأن هذه الرسالة الموسومة "محمد محمود الصواف (1915-1992) نشاطه الديني والسياسي" تمت مراجعتها من الناحية اللغوية وتصحيح ما ورد منها من أخطاء لغوية وتعبيرية ، وبذلك أصبحت الرسالة مؤهلة للمناقشة بقدر تعلق الأمر بسلامة الأسلوب وصحة التعبير .

التوقيع:

الاسـم: د. فراس عبد العزيز عبد القادر

التاريخ: / / 2005

إقرار رئيس لجنة الدراسات العليا

بناء على التوصيات المقدمة من قبل المشرف والمقوم اللغوي أرشح هذه الرسالة للمناقشة .

التوقيع :

الاسم : أ.د. هاشم يحيى الملاح

التاريخ : / / 2005

اقرار رئيس قسم التاريخ

بناءا على التوصيات المقدمة من قبل المشرف والمقوم اللغوي ورئيس لجنة الدراسات العليا أرشح هذه الرسالة للمناقشة .

التوقيع:

الاسم: أم.د. عصمت برهان الدين عبد القادر

التاريخ : / / 2005

إقرار لجنة المناقشة

نشهد بأننا أعضاء لجنة المناقشة ، اطلعنا على الرسالة الموسومة بـ "النشاط التجاري في العراق في عصر الخليفة هارون الرشيد (170-193هـ/786-809م" وقد ناقشنا الطالب في محتوياتها وفيما له علاقة بها بتاريخ / /2005 ، وأنها جديرة لنيل شهادة الماجستير في اختصاص التاريخ الاسلامي .

توقيع رئيس لجنة المناقشة

أ. د. بهجت كامل عبد اللطيف كلية الاداب جامعة بغداد

توقيع عضو لجنة المناقشة أ.د. طه خضر عبيد كلية التربية - جامعة الموصل

توقيع عضو لجنة المناقشة م.د. محمد صديق حسن كلية الاداب جامعة الموصل

توقيع عضوأ ومشرفا أ.م.د. موفق سالم نوري كلية الاداب - جامعة الموصل

قرار مجلس الكلية

اجتمع مجلس كلية الاداب بجلسته .... المنعقدة بتاريخ / /2005 وقرر:

التوقيع

مقرر مجلس الكلية

د. زهير علي النحاس

توقيع عميد الكلية

أ.د. محمد باسل قاسم

إطار البحـث

دأبت الدراسات العليا لاقسام التاريخ في الجامعات العراقية في السنوات الاخيرة ، في تناول سير الشخصيات السياسية والفكرية ، ممن كان لها دور واضح في تاريخ العراق السياسي المعاصر ، والتي أزاحت تلك الدراسات الكثير من الخفايا واعطت بدورها ، واعطت بدورها صورة واضحة لكل شخصية .

إنّ تناول شخصية ذات ابعاد دينية - سياسية ، كما هو حال لأنموذج "محمد محمود الصواف" كان يلفها الكثير من الغموض والصعاب ، وهذا ما جعلني أتردد كثيراً في الاقبال على دراسة هذه الشخصية لاسباب ، أولها ، ان باب الولوج لمثل هذه الشخصية كان مؤصداً لاسباب لا مجال لذكرها هنا ، وهذا يعني بالنتيجة قلة الدراسات الموضوعة عنها ، وشحة المصادر التي تعزز من دراستها ، وهذا ما عانيته طيلة مدة البحث والاستقصاء عن تلك الشخصية .

ثانيها ان دراسة الحركات الاسلامية ذات المغزى السياسي تحتاج من الدارس التمعن والتعمق في دراسة الاصول الفكرية والمذهبية لها ، لأن الفهم الخاطئ او القاصر لاصول تلك الحركات ، ورؤيتها الفكرية والسياسية ، سيذهب بالباحث الى القاء شتى الاردية عليها ، وبالتالي يكون قد جنى عليها ويصيبها التشويه ، وعليه فان الدارس لها كمن يسير في حقل الغام ، وهذا ما يشكل صعوبة بالغة له .

ثالثها ان دراسة الشخصية - ويشاطرني هذا الرأي على ما اظن كل من تناول سيرة شخصية – لا يمكن الاحاطة بكل جوانبها ، اذ لابد من ان يكون لها نشاط هنا او موقف هناك ، قد خُفي على الدارس لها . وبالتالي تكون الدراسة قاصرة بعض الشيء ، رابعها شخصي بحت وهو تباين الرؤى عما أؤمن وارغب في دراسة مثل تلك الشخصيات ، الا ان كل هذا سرعان ما تلاشى ، وطرحته جانبا ، اثر التشجيع المستمر والمتواصل من استاذي المشرف الدكتور زهير علي احمد النحاس الذي غرس في نفسي رغبة عميقة في خوض الصعاب لأجلها .

وعلى ان أكون حيادياً قدر المستطاع ، وهذا ما فعلته عندما أقدمت على الخوض في دراسة هذه الشخصية . إرتكزت الدراسة على مقدمة ، وأربعة فصول قسم الباحث كل فصل منها الى مبحثين وخلاصة .

جاء الفصل الاول بمبحثين تناول الاول نسب الصواف وولادته ونشأته الاجتماعية ودراسته الاولية الدينية في مدارس مدينته الموصل وجوامعها ، ودراسته في المدرسة الفيصلية الوقفية ونشاطه الوظيفي في مجال التعليم ، وبعثته الاولى والثانية الى الجامع الأزهر في مصر ، في حين تناول المبحث الثاني ، انتماء الصواف في بداية حياته الى بعض الجمعيات الدينية في كل من مدينتي الموصل وبغداد ، منها جمعية الشبان المسلمين ، وجمعية الآداب الاسلامية ، والهداية الاسلامية .

اما الفصل الثاني فبحث دراسة نشاط الصواف في مجال الدعوة الاسلامية (دعوة جماعة الإخوان المسلمين) فتعرض المبحث الاول للمحاولات الاولى لتكوين جماعة الإخوان المسلمين قبل التأسيس الرسمي ، كما تناول دعوة جماعة الإخوان المسلمين بعد التأسيس الرسمي

وتأسيس الصواف لتنظيم متكامل للتشكيلات الادارية والدعوة لجماعة الإخوان المسلمين ، في حين تناول المبحث الثاني المشكلات التى واجهتها جماعة الإخوان المسلمين في العراق منها : الانشقاقات الحاصلة في صفوفهم عبر مسيرتهم التنظيمية ، وصراعهم مع بعض الاحزاب مثل حزب التحرير ، والحزب الشيوعي العراقي .

في حين عالج الفصل الثالث مواقف الصواف الوطنية والقومية ، فالمبحث الاول ، عالج موقف الصواف للكثير من الاحداث الوطنية التي مرت على العراق ، منها : موقفه من حركة مايس 1941 ، ومشروع مارشال (Marshall) الامريكي وتأثيره في العراق وموقفه من حلف بغداد عام 1955 ، وترشيحه للانتخابات النيابية عام 1958 ، وموقفه من ثورة 14 تموز عام 1958 ، وحركة الشواف عام 1959 وتداعياتها وتأثيرها في وجوده في العراق وخروجه منه الى سوريا

وتناول المبحث الثاني مواقف الصواف ازاء العديد من الاحداث القومية منها :

انتماؤه الى الحزب القومي العربي السري ، وموقفه من القضية الفلسطينية ، وجهوده الكبيرة في دعم قضيتها بالمجالين المادي والمعنوي ، وكذلك دوره واشتراكه في عقد المؤتمر الاسلامي في القدس عام 1953 ، وموقفه من الاعتداءات الصهيونية على سوريا عامي 1951 و1955 ، وكذلك موقفه ازاء العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 ، كما تناول موقفه تجاه بعض الاحداث في المغرب العربي منها موقفه من خلع الملك محمد الخامس عام 1953 ، والثورة الجزائرية عام 1954 ، ودعمه المادي والمعنوي لها .

اما الفصل الرابع بحث نشاط الصواف خارج العراق ، فقد عرض المبحث الاول مشاركة الصواف في المؤتمر الاسلامي عام 1952 في الباكستان ، ودوره في بعض احداث أفغانستان اثر غزو الاتحاد السوفيتي (السابق) لها عام 1979 ، وإشغاله العضوية للعديد من المنظمات الاسلامية في المملكة العربية السعودية لدى اقامته فيها ، منها رابطة العالم الاسلامي ، ومنظمة الشباب الاسلامي ، والمجلس الاستشاري للجامعة الاسلامية في المدينة المنورة

وكذلك رحلاته الى بعض الاقطار العربية ، ومعظم الاقطار الافريقية لدعم وتعزيز اهداف دعوة التضامن الاسلامي ، التي أطلقها الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود ، كما تناول الايام الاخيرة لحياة الصواف ووفاته ، في حين تناول المبحث الثاني جهود الصواف في مجال التأليف والنشر الصحفي والاعلامي من خلال تقديم شرح موجزٍ لأهم مؤلفاته المنشورة ولمعظم المقالات المنشورة ، في صحف ومجلات عراقية وعربية ، وكذلك جهوده في تقديم البرامج الاذاعية .

نظرة الى المصادر:

اعتمدت الدراسة على مصادر عديدة ومتنوعة ويمكن ملاحظتها عن طريق الهوامش ، وقائمة المصادر ، واهم هذه المصادر هي :

1. الوثائق (غير المنشورة):

تمكن الباحث من الحصول على وثائق (غير منشورة) ذات اهمية بالغة ، وذات صلة وثيقة بمعظم مباحث الدراسة ، وتأتي في المقدمة منها ، الوثائق التي بحوزة كل من المحامي غازي الصواف ، وبحوزة الدكتور وائل النحاس ، والدكتور عبد الفتاح البوتاني في حين كانت وثائق دار الكتب والوثائق لا تقل عن سابقتها ، وتوجد نسخ مصورة منها ، بحوزة الدكتور مجول محمد محمود جاسم العكيدي ، وكان القسم الآخر مودعا لدى مركز دراسات الموصل والمكتبة المركزية في جامعة الموصل ، واحترز الباحث عن ذكر اسم المصدر الخاص الذي زوده ببعض الوثائق المهمة (غير المنشورة) وذلك رغبة منه حول عدم ذكر اسمه الصريح .

2. الوثائق المنشورة:

كانت للوثائق المنشورة أهمية كبيرة في رفد الدراسة ، وخاصة ما يتعلق منها بجمعية انقاذ فلسطين ونشاطها ، والوثائق الصادرة عن مكتب قادة الإخوان المسلمين في الدول العربية في دمشق .

3. المذكرات الشخصية:

تعد المذكرات الشخصية من المصادر المهمة للباحثين ، على الرغم من انها تمثل وجهة نظر صاحبها ، وكانت مذكرات الصواف الشخصية ، بمنزلة العمود الفقري للدراسة لانها حوت على الكثير من المعلومات ، فيما يخص حياته الشخصية ، او الدراسية ، او الوظيفية ، او نشاطه السياسي ، او الدعوي ، وسيلاحظ القارئ الكريم مدى حجم الاعتماد على مذكراته من خلال الهوامش ، كما كانت مذكراته عن رحلاته الى القارة الافريقية دورً لايقل عن الاولى فيما يخص نشاطه الاسلامي بعد خروجه من العراق ، واستقراره في السعودية .

4. المقابلات الشخصية:

تؤدي المقابلات الشخصية للشخصيات التي تعاصر الحدث التاريخي ، او تسهم فيه دوراً مهماً للباحث وذلك لقيامها بالكشف والتوضيح لكثير من الامور غير المدونة في وثائق او مصادر ، وبما ان مجابهة طالب البحث العلمي للصعوبات يعد شيئا اعتياديا ، الا ان الباحث واجه صعوبات من نوع آخر في مجال المقابلات الشخصية منها : عدم احتفاظ معظم الشخصيات التي تمت مقابلتها للوثائق او المخطوطات او المصادر التي تخص عمل وتنظيم جماعة الإخوان المسلمين

خشية الوقوع في ايدي الاجهزة الامنية لجميع انظمة الحكم التي تعاقبت على حكم العراق ، ومن ثم نوالهم مالا يحمد عقباه ، وامتناع البعض من استقباله الاّ بعد التأكد من هوية الباحث وميوله الفكرية والسياسية ، وامتناع ذوي البعض الآخر منهم لسوء حالتهم الصحية ، وبالتالي يكونون غير قادرين على استقبال الباحث ، وامتناع البعض من الذين قابلهم عن الحديث في بعض الاحداث التي عاصروها ، لادعائهم بالنسيان ، او احترازهم لذكر بعض اسماء الاشخاص

وتفسيرهم لذلك بانه يسبب الاحراج والضيق ، او يعدها من باب كشف المستور ، وبالتالي تركها افضل ، او امتناع البعض عن ذكر أي شيء ، الا بعد التأكد مما قاله الآخرون للباحث بشأن احداث عاصروها ، او تضارب للاقوال والروايات التي ذكروها ، وهذا ما سبب صعوبة للباحث في تمييزه لدقة الروايات الا انه مع هذا فقد استفاد الباحث كثيراً من بعض الاشخاص الذين قابلهم وتعليقاتهم وتوضيحاتهم للكثير من الامور فيما يخص عمل ونشاط جماعة الإخوان المسلمين ، وسيجد القارئ الكريم ذلك مثبتاً في الهوامش .

5. المصادر العربية والمعربة:

على الرغم من شحة المكتبة العربية للمصادر التي تتناول تاريخ الحركات الاسلامية السياسية ، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين في العراق ، الاّ ان الباحث تمكن من الاستفادة من بعض المصادر ، التي كان لها دور مهم في الدراسة منها مؤلفا الدكتور محسن عبد الحميد (تاريخ جماعة الإخوان المسلمين في العراق 1945-1965) على الرغم من عدم دقة بعض المعلومات الواردة فيه ، وكذلك (الحزب الاسلامي العراقي-مرحلة التأسيس 1960)

في حين كانت لبعض مؤلفات الصواف دور مهم في استفادة الباحث من معلوماتها منها : (صفحات في تاريخ الدعوة الاسلامية في العراق) ، و(العلامة أمجد الزهاوي شيخ علماء العراق المعاصرين) ، و(رحلاتي الى الديار الاسلامية – افريقيا المسلمة) ، وكذلك رسالة الماجستير المنشورة (الحياة الحزبية في الموصل 1928 -1958) للدكتور عبد الفتاح البوتاني ، ومصادر عربية بشكل او بآخر ، وكذلك بعض المصادر المعربة واهمها مؤلف (الإخوان المسلمون) لريتشارد ميتشل وغيرها .

6. الرسائل الجامعية:

اعتمد الباحث على العديد من الرسائل والاطارح الجامعية لتعزيز الدراسة بشكل او بآخر ، وابرزها رسالة الماجستير الموسومة بـ (علماء الدين الاسلامي في الموصل ومواقفهم تجاه ابرز القضايا الوطنية والقومية 19211958) لمجول محمد محمود جاسم ، وكذلك اطروحته للدكتوراه الموسومة (أمجد الزهاوي 1883 – 1967) دراسة تاريخية .

7. الصحف والمجلات:

كان للصحف والمجلات العراقية والعربية نصيبها في رفد الدراسة بالكثير من المعلومات ، وخاصة النشاطات التي قام بها الصواف داخل العراق وخارجه . وتأتي في المقدمة منها مجلتا الاخوة الاسلامية ، ولواء الاخوة الاسلامية ، وكذلك مجلة الهداية الاسلامية وبعض الصحف العراقية منها : صحيفة السجل ، والزمان ، ولواء الاستقلال ، وفتى العراق، ونصير الحق ، وبعض الصحف ، والمجلات العربية ، وخاصة السعودية وصحف المهجر وسيلاحظ القارى الكريم حجم استعمال الصحف والمجلات في الدراسة من خلال الهوامش .

المبحث الأول: نشأته وحياته الدراسية والوظيفية

نشأته وحياته الدراسية والوظيفية

نسبه:

هو ، محمد بن محمود بن عثمان بك بن بكربك بن محمد بن عبد الله بن سليمان بن قطب بن حمد بن حلكوم بن حريث الطائي (1) ، وطيء هي جزء من قبيلة شمر نزحت من منطقة حائل بالجزيرة العربية الى الموصل قبل اكثر من مئتي سنة(2) ، وتعد طئ من الامارات العربية التي وجدت لها مكانة في العراق قبل الاسلام (3)

ولادته:

ولد الصواف (4) في مدينة الموصل في الاول من شوال عام 1333 هـ الموافق 12 آب 1915م (5) في منطقة باب البيض (6) ، ثم انتقلت عائلته بعد ذلك الى محلة الإمام عون (7)

أسرته:

كان جده عثمان بك من الشخصيات المرموقة في مدينة الموصل ابان الدولة العثمانية، وكانت له مكانة اجتماعية متميزة في المدينة ، فكان رجلا حكيما ، مقبول الرأيّ لدى أغلبية تجارها ، ومزارعيها (8) ، وقد حمل لقب البكوية (9) كما هو والده بكر بك من ايام الدولة العثمانية (10) ، وكذلك عمه عمر بك (11) اما والده فهو محمود عثمان ، فانه رجلا صالحا على جانب من الرقة والرحمة والمساعدة ، وكان اذا ألمْت بشخص ما كربة او عسرة اتى اليه الناس ليجمع له ، ويمشي معهم ويساعدهم. (12)

وقد عمل بتجارة الصوف ، كما هي مهنة والده عثمان بك ، ومن هنا جاء لقبه بالصواف وعائلته كذلك ، التي أسست سوقا لتجارة الصوف سمي بسوق الصوافة (13) . ويذكر الصواف ان جميع تجار الصوف في الموصل تقريباً هم من أقربائه ، واهله ، واخوته ، واشهرهم الحاج داود الصواف الذي كان يصدّر الصوف الى الولايات المتحدة وبريطانيا (14)

كما كان اخوه لأبيه علي محمود الصواف من كبار تجار الصوف في الموصل ، اذ يملك محلا كبيرا في سوق الصوّافه ، ويصدّر الصوف الى بريطانيا. (15) وكذلك ولده حسين علي الصواف ، الذي كان من جملة المصدرين للصوف الى الولايات المتحدة عام 1943. (16)

تزوج والد الصواف محمود عثمان الصواف من امرآتين أنجبت الأولى له خمسة اولاد (17) في حين أنجبت الثانية وهي أم الصواف اكثر من عشرة اولاد ، ولم يبق منهم الا عزيز ، واحمد ، ومحمد (18) وكان تسلسله بين أفراد أسرته هو الرابع عشر (19)، وقد توفي والده عام 1933م ؛

أما والدته فهي نجمة حاج فتاح محمد (20) ، كان والدها الحاج فتاح محمد رجلا صالحا ومشهودا له بالاستقامة والعبادة ، وأدى فريضة الحج سبع مرات ، حتى كان يقول الموصليون عن الصواف ، ان صلاحه وتقواه على جده لامه (21) ، وكانت والدته تحبه حبا شديدا ، وتملك قلبا طيبا رقيقا ، كما كان الصواف كثير الحب ، لها ويساعدها وَيبرُّ بها ، ويقبّل يديها وقدميها ، ورأسها عندما يخرج من البيت ، وحينما يعود اليه (22)

وحينما ذهب الصواف في بعثته الثانية الى الجامع الأزهر (23) في القاهرة ، خرج اهله واصدقاؤه ومحبوه ليودعوه في محطة قطار الموصل ، واصفا ذلك بقوله "وقفت على الشباك لاسلم عليهم ، فلما تحرك القطار قامت والدتي تركض وراء القطار والدموع تقطر من عينيها" (24)

وظل الصواف يذكر والديه خيراً ففي محاضرة له بعنوان "بناء الرجال" وكان قد دخل السبعين من عمره "والله أنا بهذا العمر لم أنس والدي يوما ، ولا والدتي ويوميا أدعو لهم" (25) ، ولما عاد من بعثته الثانية من الأزهر ، وأقام في بغداد بعد تعيينه مدرسا في كلية الشريعة ، أخذ والدته ، وأسكنها معه في بيته وبقيت حتى عام 1947 ، اذ انتقلت الى الدار الآخرة ، فنقلها من بغداد الى الموصل فوارى جثمانها الثرى الى مثواها الاخير. (26)

بيئته الاجتماعية:

نشأ الصواف وترعرع في أسرة متواضعة متحابة فيما بينها ، قوية الصلات مع جيرانها ، وكانوا يسكنون في دارٍ واحدة ، كان أصل بنائها مدرسة كبيرة ، وقد اشتراها أخواه لابيه "ذنون وعلي" ، وسكنوا فيها جميعا اخوة واشقاء ، وحينما يقدم الصواف الى الموصل ، كان ينزل في تلك الدار ، ويطلق عليها دار (عمو الحجي) ، ويعني (ذنون الصواف) (27) ، الذي احتضنه في طفولته وتولاه بالرعاية والحنان

ويعقب الصواف بقوله على ذلك

"لما كنت صغيرا كان اخي الكبير ذنون الذي كانوا يسمونه (عمو الحجي) يحضنني في الشتاء ذي البرد القارص ، ويضعني في سروال له ، ويربطه علي ، ويحملني على كتفه ، ويصعد بي الى غرفته ، وفي الصيف الى السطح خوفا من (عبود) (28) الذي كان يسرق الاطفال ويقتلهم ايام المجاعة في الموصل
وكان قفل الباب أعلى مني ، فإذا جئت الى جانب الباب ، كان أهلي في الدار ، ينهونني ، ويقولون لي "فوت لا يأكلك عبود" (29) ، وكان يُعقد في فناء هذه الدار الكبيرة ما بين العصر والعشاء مجلسا كبيرا ، يحضره بعض أهالي الموصل ، والوجهاء والعلماء وبعض المسؤولين. (30)

لم يؤثر الصواف الجلوس في البيت ، كما في سني أقرانه ، بل عمل مع والده في سوق الصوافة في الموصل (31) كما عمل في محل أحد الصاغة في سوق الذهب لأحد أصدقاء والده نقاشا على الذهب. (32) ، وكان محل والده قريبا من محل الحاج نجم الدين الاطراقجي في سوق الصوافة ، الذي أحبه حبا كثيرا ، وهو لا يزال في ريعان الشباب ، ورأى فيه بوادر الصلاح والتقوى والاخلاص والنشاط ، وكان يوجهه ويحثه ويشحذ هممه على طلب العلم ، ويأخذه الى مجالس العلماء والوجهاء في المدينة

مما حدا به ان يزوجه ابنته الكبرى في عام 1937 ، بعد تخرجه من المدرسة الفيصلية الوقفية (33) ، وقد رزق منها بولد سمّاه (نوفل) ، لكنها أصيبت بعد الولادة بمرض ، توفيت على أثره هي وولدها ، وكان الصواف حينئذ طالبا في الجامع الأزهر ، في بعثته الاولى ، وكانت وفاتها في نهاية الثلث الأخير من عام 1939 (34) ، كما لحقها والدها في السنة ذاتها الى الدار الآخرة ، ودفنوا جميعاً في مقبرة عائلة الاطراقجي في محلة النبي شيت (35)

كان لوفاة زوجته الاولى وولدها وابيها الاثر في نفسية الصواف ، اذ سمع بوفاتهما وهو في القاهرة ، مما كان له الاثر السيء في تحصيله الدراسي كما سنرى لاحقا ، وان وضعه المفجع هذا ، دفع بأحد اصدقائه الى ان يشاركه أحزانه التي ألمت به ، ففي رسالة بعث بها رفيقه في البعثة محمد علي عزة

اذ أفصح الاخير عن عزائه للصواف بقوله "قل لي يا أخي ما تشاء ، وبث لي شكواك ، وزدني ألماً ، وحدثني عن نفسك الملتاعة ، وقلبك المتصدع ، وجسمك النحيل ، وأضف الى ذلك الالم آلاما أخرى ، فان لها في نفسي صدىً ، وان لم أكن ممن يشاركك أحزانك وأفراحك ، فمن سيكون أجدر مني واحرى". (36)

لم يبق الصواف أسير التشتت العائلي ، بل تقدم بطلب الزواج من شقيقة زوجته الاولى ، وكان هذا الزواج بناءً على وصية من زوجته الاولى ، فقبل سفره الى مصر للدراسة في الأزهر عام 1939 ، أسرّته زوجته الاولى بانه سيسافر هذه السنة وأوصته بالزواج من شقيقتها بعد وفاتها بقولها "سترجع وستراني قد توفيت ، فتزوج بشقيقتي الثانية". (37)

وفي عام 1941 تزوج الصواف من زوجته الثانية ، وقام بعقد العقد لزواجه هذا الشيخ جلال الحنفي (38) ، وبحضور الشاهد الشيخ محمد القزلجي . (39) وقد رزق الصواف من زوجته الثانية بأحد عشر ولداً ، خمسة من الذكور وستة من الاناث. (40)

ملامحه الشخصية وصفاته:

كان الصواف رجلا طويل القامة ، ممتلئ الجسم ، وذا بسطة فيه ، ذا بشرة بيضاء مشربة بحمرة خفيفة اذا كان هادئا ، لينا ، هينا ، الا انه اذا استغضب في الله كان كالأسد الهصور ، يحمر وجهه ، وتنتفخ اوراده (41) جهورا في صوته مما يسهل عليه السيطرة على من يجالسه في مجلس ما. (42)

جمع الصواف العديد من المزايا والصفات الحسنة ، كان لها الأثر في ان يكون قريبا من اصدقائه ، وزملائه ، ومعارفه ، والذين كانوا يحبونه حبا جما ، وكان لبشاشته ، وسعة صدره ، وحسن دخوله للامور أثر طيب في ذلك. (43)

كان الصواف شديد التواضع ، فقد عاتب ذات يوم الشاعر وليد الأعظمي (44) على قصيدة له القاها في لقاء عُقد في جامع الازبك (45) (قرب وزارة الدفاع القديمة) مرحبا بها بعودة الصواف من سفره الى الباكستان ، جاء في مطلعها :

يا مرشدي عدتم وعاد النور
اللب أنت وما سواك قشور

وقد اعتذر عن الحضور لعدم اطلاعه على القصيدة قبل أن تُلقى (46) ، كما كان يحترم الكبير ، ويعطف على الصغير ، رحيما ، يحزن اذا وقع احداً في مصيبة ، ويفرح لفرح الاهل والاصدقاء (47) ، ويعمل على حل الكثير من المشكلات العائلية العالقة في عائلة الصواف عند قدومه من بغداد الى الموصل. (48)

وكان بسيطا في مأكله ، فلا يعترض على أي أكل يقدم له (49) ، كما اعتاد على تناول طعامه بأصابعه مستهجنا استخدام الملعقة ، او الشوكة ، كما هو معروف . وكثيرا ما يؤكد على المثل القائل بان (الثريد سيد الطعام) (50)

وفي ملبسه كانت البساطة هي الغالبة عليه ، وكان يخيط له جبة صيفية واحدة واخرى شتوية ، في العام الواحد ، لدى خياطٍ له في الموصل اسمه عبد المنعم (51) وقد روي للباحث ، عطا الله محمد سعيد ، بأنه صلى وراءه ذات يوم في مصلى جمعية الاخوة الاسلامية(*) في باب المعظم في بغداد ، وكان في الصف الاول خلف الامام (الصواف) ، فرأى بأن جوربيه ممزقة من عقبيها. (52)

وكان الصواف عفيفا في يده وفي لسانه ، فعندما أدخل السجن عام 1948 ، أرسل اليه احد اقاربه مبلغا من المال ، الا انه رفض ذلك وارجعه اليه ، لعفته ، مع انه كان بحاجة ماسة اليه (53) ، وكان يؤثر على نفسه ، ولا يغتاب احدا ، ولا يقبل ان يُذكر احدا بسوء أمامه ، ولا يعرف الحسد والحقد في قلبه. (54)

كان الصواف كريماً الى أقصى حد ، فاذا نزل عنده ضيف يشعر الضيف بالخجل الشديد لقدر اكرام الصواف له ، وكان منزله في مكة المكرمة ، مضيفا للكثير من الحجاج العراقيين وخاصة الموصليين (55) ، كما كان كريما مع جميع المسلمين اينما كانوا يقيمون ، وقبل وفاته عام 1992 بأشهر ، وحينما سمع الصواف ما حل بالمسلمين من أهل البوسنة والهرسك ، تبرع لهم باعانه مالية قدرها عشرة الاف دولار دعما لقضيتهم. (56)

وذات مرة زار الصواف قرية بتركيا ، والتقى رئيس بلدية القرية ، وشرح له الاخير بأن أهل القرية يريدون بناء جامع في احدى القرى التي ليس فيها جامع ، ولكنهم يحتاجون الى المال اللازم ، فأخرج الصواف من محفظته مبلغا قدره ستمائة دولار فأعطاهم أياه ، وكان يردد دائما "اللهم اجعل المال في أيدينا ، ولا تجعله في قلوبنا" (57)

وكان الصواف محباً للهجته الموصلية ، التي تغلب عليه حتى في محاضراته وخطبه ، على الرغم من اختلاطه بمختلف الشعوب من دول العالم المختلفة ، ويعتز بها اعتزازاً بالغاً ، وكان محبا للعراق واهله ، ودائما ما يذكر بان العراق وطنه العزيز (58) ودائما يقول "لم ار مثل اهل العراق عامة ، وأهل الموصل خاصة". (59)

وقد وصف بانه عالم فاضل ، وخطيب مفوه ، وكاتب بارع ، واستاذ متضلع ، متمسك بآداب الاسلام (60) ، وقد وصفه احد اصدقائه محمود المهاوش الكبيسي (61)

قائلا

"يا مَنْ صدع بمواعظه قلوب المؤمنين في سائر اقطار الدنيا ، يا مَنْ جاوز الوعاظ والخطباء ، بهجة المتكلمين وفخر الواعظين ، شمس العلماء والمدرسين وبدر الفضلاء والمختصين ، من حوى جميع الفضائل ، وحاز من الشيم ما لم تحزه الاوائل والآواخر ، لا زالت بلاغته ساطعة على الادباء وفصاحته مشرفة على البلغاء ، يا من تتلى على مسامعنا لطائف وعظه الرائق ومن لطائف نصحه الفائق ، لا زالت مواعظه نعم الانام من خاص وعام". (62)

ووصفه صديقٌ آخر قائلا

"أنت الخطيب الذي يهز القلوب بوعظه ، ويهدي النفوس بحكمته ، ويثقف العقول بعلمه ، ويسمو بالارواح الى معارج القدس والكمال". (63)

تعليمه

واصل الصواف العلم منذ صغره (64) ففي السابعة من عمره ، دخل المدرسة الاسلامية في الجامع الكبير في الموصل ، وكان معلمه في هذه المدرسة الشيخ محمد طاهر افندي ، الا انه لاسباب يجهلها لم يكمل مشواره الدراسي فيها (65) ، غير أنه دخل بعد ذلك المدارس الليلية في تلك المدة ، كما دخل المساجد ليتلقى تعليمه على يد كتابها ، وأول مسجد قصده هو مسجد الرضواني. (66)

وكان يتسابق لحضور صلاة الفجر مع الصغار والكبار ، وكان يبقى مشغولا بذكر الله وقراءة القرآن ، حتى الضحى على يد الشيخ محمد الرضواني (67) ، ثم قصد مسجد سوق الحنطة (68) ، اذ ختم القرآن الكريم على يد الحاج ياسين (69) ثم دخل مدرسة جامع باب الطوب (70) (قرب سوق الصوافة) بضعة سنوات ، فدرس فيها النحو والصرف والبلاغة والفقه (71) على يد الشيخ محمد صالح الجهادي (72) الملقب بالبرير. (73)

دراسته في المدرسة الفيصلية وحصوله على الاجازة العلمية

كان صاحب فكرة تأسيس مدرسة اسلامية هو مصطفى الذهني (74) ، الذي اتصل مع بعض علماء الدين والوجهاء في المدينة لاقرار انشاء المدرسة (75) ، فشكلت هيئة عليا لها مكونة من محمد رؤوف الغلامي (76) ، وياسين العريبي وضياء يونس (77). وفي شهر تشرين الاول عام 1919 افتتحت المدرسة أبوابها بقبول الطلاب في الجامع الكبير ، وخصصت لكل طالب 20 روبية(*) في الشهر (78) ، وفي صباح يوم الثلاثاء 13 تشرين الاول

1921 زارها الملك فيصل الاول (79) عند زيارته لمدينة الموصل (80) . وفي 24 كانون الثاني عام 1924 أمر الملك فيصل الاول برفع درجة المدرسة ، وجعلها شعبة تابعة لجامعة آل البيت (1922-1930) (81) وفي 17 تشرين الثاني عام 1924 ألحقت بالاوقاف. (82)

وفي 22 أيلول عام 1928 صدرت الارادة الملكية ، بتبديل اسمها الى المدرسة الفيصلية (83) . وفي 31 كانون الثاني عام 1929 اصبحت تسمى المدرسة الفيصلية الوقفية. (84) وفي 1 تموز عام 1931 تم تبديل اسمها من المدرسة الفيصلية الى المدرسة الدينية (85) وهي مدرسة دينية اسلامية متوسطة يُقبل خريجوها في ثانوية بغداد الدينية (86)، ثم يقبلون في كلية الشريعة. (87)

وفي 27 آب عام 1931 عينت الاوقاف مصطفى البكري (88) ، وعبد الله النعمة (89) ، الذي تولى ادارة المدرسة ، حيث لعب دورا رئيسا في بقائها نظرا للضائقة المالية التي ألمت بها ، والتمس عدة وسائل للحصول على الموارد المالية لاكمال مسيرتها التعليمية (90) ، كما نقلها من الجامع النوري الكبير (91) الى مدرسة حسين باشا. (92)

وتكونت هيئتها التدريسية من محمد طاهر الفخري ، ومحمد رؤوف الغلامي ، وضياء يونس ، وياسين العريبي ، وعبد القادر كمالي آل رسول آغا ، ومحمد علي مصطفى ، ومحمد نوري قصاب باشي (93) . وقد لعبت المدرسة الاسلامية دورا كبيرا في اثارة الشعور الوطني والدعوة الى الاستقلال بين صفوف طلبتها(94) ، كما ادخلت عشرين طالبا من طلاب المدرسة الخضرية في صفوفها بعد أن طردهم الكابتن (بيسن) مفتش معارف اللواء. (95)

وفي عام 1930 دخل الصواف المدرسة الفيصلية على الرغم من انتهاء القبول فيها ، فراجع مديرها الشيخ عبد الله النعمة في منزله في شارع الغزلاني ، الذي استقبله بلطف وأدب رفيعين ، وأظهر له رغبته في دخوله تلك المدرسة ، وأجرى له امتحانا شفهيا في منزله ، ثم جعله في القبول الاحتياطي ، وبعد عدة أيام أبلغه النعمة بالموافقة على قبوله في المدرسة بعد فشل احد الطلاب المتقدمين اليها. (96)

وقد سُرّ الصواف بهذا ، فذهب الى والده ليبشره بقبوله في المدرسة ، فسرَّ هو الاخر بذلك ، وكان يجلس الى جانبه صديق له ، وحسبما يذكر الصواف في مذكراته قال ، قال الرجل لوالده "يا محمود أين أدخلته ؟ فقال : دخل في مدرسة دينية ليتخرج ان شاء الله عالما يفيد الناس ويفيد المسلمين ! فهز الرجل يده مرتين او ثلاثا ساخرا وقال ! "واي … واي … يا محمود أيش ها العقل عندك .. أيش ..!!

تريد تميته من الجوع؟ تريده عالما لا راتبا ، ولا وظيفة ، خليه يطلع مهندس .. يطلع معلم .. ضابط .. موظف"؟ هكذا قالها باللهجة العراقية الموصلية (97) ، لكن هذا الكلام لم يثنه عن عزمه ، واشار في الرد عليه قائلا : "ما يقوله هذا الرجل لا يهم ، الرزق بيد الله الى ان أتعلم وبعد ذلك فان الله لن ينساني" (98)

تمكن الصواف من الاستمرار في دراسته في المدرسة الفيصلية ، وكان من الطلبة المتفوقين فيها ، فدرس علوم الصرف والبلاغة والنحو والبيان وتاريخ الادب العربي ، والعلوم الدينية ، والفقه ، والعقائد ، والحديث والتفسير ، وتخرج فيها عام 1936 ، الا انه منح شهادة المدرسة الفيصلية الوقفية في 21 اب عام 1937. (99)

وبعد انهاء الصواف دراسته في المدرسة الفيصلية (100) حصل على الاجازة العلمية على يد الشيخ عبد الله النعمة ، الذي تلا الاجازة العلمية لأربعة تلاميذ ، وجرى الحفل لهم في فناء المدرسة الاعدادية في الموصل وهم كل من الشيخ احمد حسين المسدي ، والشيخ عمر النعمة (101) ، والشيخ محمد علي السيد عزيز ، والشيخ محمد محمود الصواف. (102)

وقد جرت العادة عند منح مثل تلك الاجازة ، ان يقام حفل كبير ، يدعى اليه كبار القوم ورجال الدولة ، ويُسأل الطالب المنوي منحه الاجازة ، من قبل لجنة خاصة عن اسئلة فقهية ودينية شتى ، ثم يلقي بعد ذلك كلمةٍ الى الجمهور (103) ، ويطلق على كل طالب (صفه) اضافة الى اسمه ، فسمي الصواف جمال الدين محمد بن محمود الصواف. (104)

وقد القى نعمة الله النعمة (105) قصيدة بمناسبة حفل منح الاجازة العلمية في المدرسة الاعدادية وذلك في يوم 3 ايار 1945 جاء فيها :

الا في مديح العلم ما أنا قائل
وبالعلم قدما قد أشاد الاوائل

اولئك فتيان لهن فضل همة

وكل فتى يرنو الى العلم فاضل

هو الشهم عبد الله من ال النعمة

على خلقه الممتاز قامت دلائل. (106)

كما أرخ الاديب أسماعيل قصي آل فرج (107) ذلك الحدث في أبيات شعرية جاء فيها :

بزغوا بدورٍ في سما الاوطان
وتقمصوا ثوب الهدى النوراني

عمر واحمد والاديب محمد

والفاضل الاسمى (علي) الشأن (108)

ممارسته التعليم في الموصل

كان الصواف قد قدم طلبا للتعيين في اذار عام 1936 على ملاك معارف منطقة الموصل ، الا ان المعارف رفضت طلب تعيينه ، لاحتسابها ان دراسته كانت دون الدراسة المتوسطة (109) ، لكن وزارة المعارف اعلنت فيما بعد عن اجراء امتحان لمن يرغب في تدريس مادة اللغة العربية والتربية الدينية ، واشترك الصواف فيه ، ونال على درجة 92%. (110)

لذلك تم تعيينه وكيل معلم على الملاك الابتدائي في مدرسة تلعفر الابتدائية الثانية ابتداءً من 12 تشرين الاول عام 1936 وبراتب قدره (8) ثمانية دنانير (111) الا انه وبناءً على مقتضيات المصلحة العامة نقل من تلك المدرسة الى مدرسة تلعفر الابتدائية الاولى ابتداءً من 1 تشرين الثاني عام 1937 (112)، ثم نقل بعد ذلك من مدرسة تلعفر الابتدائية الاولى الى مدرسة سنجار الابتدائية ابتداءً من 1 تشرين الاول عام 1938. (113)

وفي شهر مايس عام 1939 أُبلغ الصواف لترقيته من وكيل معلم الى معلم ، عليه ان يدخل للامتحان المقرر لوكلاء المعلمين (114)، ثم نقل بعد ذلك معلما الى مدرسة زاخو (115) الابتدائية ، ثم طلبت منه مديرية الاوقاف العامة في تشرين الاول عام 1939 تقديم استقالته الى وزارة المعارف على اثر قبوله في بعثتها الى الجامع الأزهر. (116)

بعثته الاولى الى الجامع الأزهر عام 1939م

أعلن حسن رضا مدير الاوقاف العامة عام 1939 عن نية مديرية الاوقاف العامة ارسال بعثة طلابية على نفقتها الى الجامع الأزهر (117) ، وتم اختيار عشرة طلاب لتشكيل هذه البعثة (118) اختير الصواف ليكون على رأس تلك البعثة. (119)

وفي الحقيقة ان الصواف على اثر تخرجه في المدرسة الفيصلية ، كان قد اتصل بالجامع الأزهر مع صديقه (طه الحاج داود) للدراسة فيه ، وحصلت الموافقة على القبول ، الا انّ ظروفه المادية حالت دون ذلك (120) . وعند وصول البعثة العراقية الى القاهرة

تم الاجتماع بها مع المسؤولين في الادارة العامة للمعاهد الدينية المصرية (مكتب شيخ الجامع الأزهر) في 30 تشرين الاول 1939 ، وقُبل الصواف في كلية اللغة العربية بعد نجاحه في الامتحان التحريري الذي اجري له. (121) وقد هيأت الادارة العامة لاعضاء البعثة ، مساكن في عمارة الاوقاف في شارع الموسكي (122)، ومنحتهم المكافات لمخصصة لطلاب البعثات. (123)

لقى وصول البعثة الى القاهرة صدى طيباً في الصحافة ، فقد نشرت احدى الصحف لقاءً موسعاً مع اعضاء البعثة (124) ، كما نشرت صورة جماعية لها يتوسطهم فضيلة شيخ الأزهر (125) الا ان هذه البعثة لم يكتب لها النجاح بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية (1939-1945) ، اذ اغلقت الجامعات والمعاهد ابوابها كافة في مصر ، فضلا عن كثرة المشاحنات والخلافات بين اعضاء البعثة. (126)

كما انها لم تكن ذات تكوين متجانس ، وقد خلفت دعاية واثار لا تحمد عليها (127)، الاّ انّ الصواف كان مثالا للأخلاق الطيبة والفاضلة ، وكان فوق الشبهات ، على الرغم من التصرفات السيئة التي لاقاها من اعضاء البعثة التي كان يرأسها

ونستخلصها من قصيدة بعثها اليه صديقه وزميله في البعثة جلال الحنفي في 17 تموز 1940 جاء بها :

أمحمد ولأنت اكرم من رأت
عيني بها من فتنة انجاب

اهديك برهان الوفاء قصيدة

تختال بها من حب ومن اعجاب

اشكو بها لك ما لقيت من الاذى

في عشرة الإخوان والاصحاب

فقد كرهتمهوا ولم أكَ لحظةٍ

اسلو همو في غيبة وأياب

ووفيت جهد المستطاع فلم انل

غير الجحود لاتفه الاسباب

اني لعمر ابيك من انكى الورى

حظا بمن عاشرت من احبابي

ولقد اضعت العمر غير مكافأً

منهم بغير شتائم وسباب

ولقيت من ثقتي بهم ما لم يرشى

لسواي رائش اسهم وحراب

أُجزى على حسن الصنيعة مساءة

واثاب عند القوم شر ثواب

خلق اللئام المنطوون على الاذى

والخائنين للعهد والاوساب

متملقين وليس في جلبابهم

الا العداء يغوص في الجلباب

أمحمد أكبرت خلقا بينهم

ما أنت بالباغي ولا الكذاب

تعطي الصحاب حقوقهم موفورة

بحضورهم وتصونهم بغياب

وعلاقة الصحابة ان بنيت على

الاخلاص فوق علاقه الانساب. (128)

كانت الظروف السيئة التي رافقت البعثة ، فضلا عن تلقيه خبر وفاة زوجته الاولى وطفله ، قد ألقت بظلالها الكئيبة على تحصيل الصواف الدراسي ، حيث جاءت نتيجته الفشل بعد تلقيه كشفا بدرجاته من عميد كلية اللغة العربية (129) لذلك اصبحت البعثة بحكم الملغاة من قبل مديرية الاوقاف العامة (130) وطلبت من المفوضية الملكية العراقية في القاهرة ، بيع أمتعة وحاجيات طلاب البعثة (131) ورجعت الى العراق في نهاية تموز من عام 1940 (132) تجر جميعها اذيال الخيبة والفشل. (133)

نشاطه الوظيفي بعد بعثته الاولى

طلب الصواف من وزارة المعارف بعد عودته من القاهرة في تموز عام 1940 ، اعادته الى وظيفته السابقة (معلم) ، الا انها رفضت ذلك (134)، لذلك تقدم بطلب الى الاوقاف العامة في 18 تشرين الاول عام 1940 ، لتعيينه واعظا سيارا في الموصل ، الا انه لم يحصل على نتيجة (135)، لذلك استوسط بالشيخ امين بو مخملجي ، الذي تربطه بعائلة الصواف علاقة مصاهرة

وكانت له حظوة كبيرة لدى رئيس الوزراء انذاك رشيد عالي الكيلاني (136) الذي خيره بين مهنة التعليم ، او وظيفة واعظٍ سيارٍ في الموصل ، الا انه اختار وظيفة الواعظ السيار براتب قدره (5) خمسة دنانير (137) وقد ألقى خلال تلك المدة من عمله الكثير من المحاضرات والارشادات الدينية وخاصة في منطقة تلعفر ، كانت محط اعجاب وتقدير المسؤولين هناك. (138)

الا أن الصواف لم يستمر في عمله هذا ، ويبدو ان احداث حركة مايس عام 1941 اثرت في ذلك فيما سنرى لاحقا ، لذلك عمل خطيبا لجامع يونس أفندي (139)، فضلا عن قيامه بتدريس مادة اللغة العربية في الاعدادية الاهلية (140) الذي كان محط تقدير الادارة له لادائه الجيد في التدريس (141). وفي الاول من آذار عام 1942 اعيد الى وظيفته السابقة واعظاً سياراً (142)، وبقي فيها حتى كلفه الوجيه الموصلي مصطفى الصابونجي (143) بالوعظ والارشاد في جامع محمد باشا الصابونجي (144) في شهر رمضان المبارك لعام 1363 هـ (1943م) (145)

بعثته الثانية الى الجامع الأزهر عام 1943م

في عام 1943 توثقت علاقة الصواف مع الوجيه الموصلي مصطفى الصابونجي ، الذي كلفه من جانبه باختيار عشرة اشخاص لإرسالهم في بعثة دراسية الى الجامع الأزهر على نفقته الخاصة (146) ، ادراكاً منه لاهمية العلم والعلماء وتقييماً لمكانتهم ، وتكريماً للعلم بشخوصهم (147) ، وتم في تموز عام 1943 اختيار اعضاء البعثة ، وجُعل الصواف على رأسها. (148)

وبعد اكمال اعضاء البعثة اجرآءات السفر ، اقام لهم الصابونجي مأدبة عَشاء ، زودهم خلالها بنصائحه ، وشجعهم على التحصيل الدراسي (149) ، وجرى توديع حافل لاعضاء البعثة ، شارك فيه ذووهم ، واصدقاؤهم ، فضلا عن الوجيه مصطفى الصابونجي ، وألقى الصواف كلمة موجزة ، كرر فيها شكره للصابونجي ، اصالة عن نفسه ، ونيابة عن زملائه مجدداً عزمه على السعي والجد والتحصيل (150)، ثم غادرت البعثة الموصل بالقطار مساء يوم الاثنين 25 تشرين الاول متوجهة الى بغداد ، ومنها الى عمان ، ثم القدس ، ثم الى مصر. (151)

ومن المفارقات ان شخصاً أطلق على نفسه اسم (قلب يحترق) ، ارسل رسالة الى الصابونجي ، يتوسل فيها الاخير ، ان يتراجع عن ارسال الصواف الى الأزهر ، لانه سوف يجنى على زوجته وطفله البالغ سنة واحدة ، وذكرّه بموت زوجته الاولى عند ذهابه الى الأزهر في بعثته الاولى ، واصفاً نفسه بأنه من أعز أصدقاء الصواف. (152)

كان وصول البعثة الى مصر محط أنظار الصحافة المصرية ، فقد نشرت بمجلة مصرية خبر وصولها وصورة جماعية لاعضاء البعثة (153)، كما استقبلها الامير عبد الاله الوصي على عرش العراق اثناء مروره بالقاهرة ، عائدا من انكلترا الى وطنه (154) وقد انتظم طلاب البعثة في ثلاث كليات هي كلية اللغة العربية ، وكلية الشريعة ، وكلية أصول الدين ، وقد انتظم الصواف في كلية الشريعة. (155)

أظهر الصواف تفوقا ملحوظا في تحصيله الدراسي ، وقطع مراحل الدراسة الست سنوات في ثلاث سنوات (156) وصدرت بحقه ثلاثة قرارات من المجلس الاعلى للازهر (157). ففي 3 نيسان 1944 عرض على المجلس الاعلى للازهر ، وبناءً على رغبة الصواف ، مذكرة تضمنت رغبته في الدراسة في السنة الثانية بدلاً من السنة الأولى ، ووافق المجلس عليها ، لِمَا كان للصواف من المؤهلات العلمية أنْ يكون في عداد طلبة السنة الثانية. (158)

وفي نهاية تلك السنة الدراسية ، نجح جميع اعضاء البعثة ، واقامت لهم جماعة انصار السنة المحمدية في القاهرة حفلاً تكريمياً ، بمناسبة عودتهم الى الوطن ، حضره جمهرة من علماء الدين في القاهرة ومفكريها ، واختتم الصواف هذا الحفل بكلمة له شكر فيها جمعية انصار السنة على تكريمهم هذا. (159)

ووصلت البعثة الى الموصل يوم الخميس 13 تموز 1944 ، بعد ان تخلف هناك صالح الحاج احمد ، وعبد الله عمر لمهام خاصة (160)، وقد أُستقبلت البعثة استقبالا حارا في محطة قطار الموصل من جمهور غفير من العلماء والادباء من ابناء المدينة (161)، وقد بعث شيخ رواق الاكراد والبغداديين في الجامع الأزهر الشيخ عمر وجدي في 13 تموز 1944 كتابا الى الوجيه الصابونجي ، يهنئه به على تفوق طلاب بعثته ، وعلى اصابة رأيه ، وحسن اختياره لهم. (162)

كما ابرق الوزير العراقي المفوض لدى القاهرة (تحسين العسكري) الى وزارة المعارف في بغداد يشعرها بنجاح وتفوق طلاب البعثة (163)، وفي السنة الثانية ادى الصواف امتحاناً نقل فيه الى السنة الثالثة ونجح في ذلك ، وكان ترتيبه الاول على الطلبة الاجانب والثامن على الطلبة المصريين ، وحصل على معدل 90% (164)، مما حدا بالمفوضية العراقية ان تبعث الى الصابونجي بكتاب تشعره بنجاح الصواف الباهر. (165)

وفي السنة الثالثة قرر المجلس الاعلى للازهر نقله الى السنة الرابعة (166)، لما لوحظ فيه من جده ونشاطه في أداء امتحان الصف الثالث بنجاح باهر (167)، وعند انتشار الخبر ارسل العديد من اصدقائه ، برقيات محبة تهنئه فيها على رفعه اسم الموصل عالياً مما حدا بالصواف ان يرسل جواباً على تلك البرقيات محملة بأسمى آيات الشكر والتقدير لهم. (168)

وبذلك أكمل الكلية في سنتين بدلا من اربع سنوات ، وقد بعث شيخ رواق الاكراد والبغداديين كتاباً الى المفوضية الملكية العراقية بالقاهرة ومصطفى الصابونجي ، عدّ فيه هذه البعثة من خيرة البعثات الاسلامية بالجامع الأزهر ، في انكبابها على طلب العلم ، والاهتمام به والنجاح السنوي

والمحافظة على التقاليد والآداب الاسلامية (169)، في حين أشعرت وزارة المعارف العراقية الوجيه مصطفى الصابونجي بنجاح طلاب بعثته في الأزهر وتفوقهم ، وحسن رأيه باختيارهم وخاصة الصواف (170)، كما نشرت صحيفة فتى العراق (الموصلية) في 8 تشرين الاول عام 1945 تقريرا عن نتائج امتحان أعضاء البعثة. (180)

وفي دراسته (للماجستير) ، تخصص الصواف في القضاء الشرعي ، وصدر قرارا من الشيخ مأمون الشناوي (181) شيخ جامع الأزهر وكالة ، بنقله الى السنة الثانية ، وعندما حضر لاداء الامتحان قابله عميد الكلية (أحمد حمروش) غاضبا وقال له "ايه ده .. ماذا تريد ؟ تريد ان تطوي الزمن طيا ؟ أي ده ؟ " (182)

لذلك شكل أحمد حمروش لجنة من اربعة علماء الأزهر وهو خامسهم ، لاختبار الصواف ، الذي استغرق ثلاث ساعات اخبروه بعدها بنجاحه ، الا ان ادارة الأزهر ألغتْ هذا الامتحان ، فشكلوا لجنة أخرى خاصة برئاسة الشيخ محمد السايس لامتحان الصواف مرة ثانية ، فدخل الامتحان ونجح فيه نجاحا باهرا. (183)

وحصل على مجموع (310) درجة من اصل (460) درجة (184) ، واصدر الشيخ مصطفى عبد الرازق (شيخ جامع الأزهر) القرار النهائي بنجاحه ، كما استقبله في مكتبه استقبالا حارا ، وقال له "لقد فعلت يا بني ما يشبه المعجزة ، وسننت سنة لم تكن في الأزهر" (185)، ثم منح الملك فاروق (ملك مصر) الصواف إجازة عالمية في القضاء الشرعي. (186) .

عاد الصواف الى بلده العراق في نهاية تموز عام 1946 ، بعد ان احدث نجاحه صدى واسعاً ، وتابعت الصحافة العراقية والعربية خبر نجاحه ، واعضاء البعثة العراقية (الموصلية) ، الذي غدا موضع تقدير وثناء الاوساط الأزهرية (187)، كما أقام له اهالي الموصل حفلة تخرج كبيرة في صيف عام 1946 في باحة الجامع النوري الكبير ، شارك فيه ذووه واصدقاؤه وجمع كبير من أهالي المدينة. (188)

ممارسته التدريس في بغداد عام 1946 - 1948

على أثر رجوع الصواف من الأزهر ، عرض عليه الصابونجي ان يفتتح معهدا على غرار الجامع الأزهر ، لتخريج فئة من العلماء من بلدة الموصل ، الا ان الصواف اعتذر عن ذلك ، ورغب في التدريس بكلية الشريعة ، التي كانت قد تأسست حديثا في بغداد (189)، لذلك ذهب الى بغداد ، واستأجر الدار المرقمة 23/18 أ من الحاج حمدي الاعظمي في محلة السفينة في الاعظمية في تشرين الثاني عام 1946 بايجار سنوي قدره (140) مائة واربعون دينارا (190)

ثم ذهب وقابل وزير العدل (191)، الذي عرض عليه من جانبه منصب قاضٍ للمحكمة الشرعية في بغداد طبقاً لتخصصه الدراسي ، الا انه رفض ذلك ، الامر الذي ادى الى استغراب الوزير عن رفضه لعرضه (192) ، فخرج من هناك ، وذهب الى مدير الاوقاف العام تحسين علي ، الذي عرض عليه فكرة التدريس في كلية الشريعة (193) ، فوافق الصواف على ذلك (194) الا انّ مديرية الاوقاف العامة تلكأت في تعيينه مدرسا في الكلية المذكورة

وأرسلت الى وزارة المعارف كتابا تطلب فيه معادلة شهادة الصواف الحاصل عليها من الأزهر ، وتصديقها (195) مما جعل مجلس المعارف ، يقر اعتبار دراسة الصواف موازية للدراسات العالية الأخرى ، التي مدتها ست سنوات بعد الدراسة الثانوية (196) ، لذا عُيّن مدرسا سيارا على ملاك الاوقاف العامة براتب قدره (15) خمسة عشر دينارا (197)

كما تم تكليفه من وزارة المعارف ، بالقاء محاضرات في دروس مادة التربية الدينية ، على طالبات ثانوية الاعظمية للبنات (198) ، ودار المعلمات الابتدائية الاولية (199)، ويبدو ان علاقته الحسنة مع مديري الاوقاف العامة ، تحسين علي ، وبعده عبد الرحمن خضر ، وقد جلتهما يكلفانه بالكثير من المهام في المديرية المذكورة ، فطلبت منه مديرية أوقاف بغداد بإقامة الوعظ والارشاد خلال شهر رمضان

المبارك في جامع الشيخ صندل (200) وان يكون مرشداً دينيا لمرتين للقافلة الثالثة للحجاج العراقيين (201)، ولم يثبت بوظيفة مدرس في كلية الشريعة الا في 24 أذار 1948 (202). وعلى الرغم من تلك العلاقة الحسنة بين الصواف ومديري الاوقاف العامة ، الا أنه لم يستقر على وظيفة واحدة في الاوقاف العامة ، بل كان كثير التنقل في وظائفه

ويبدو ان سبب ذلك يعود لاشتراكه في المظاهرات الوطنية ، اثر اعلان تقسيم فلسطين عام 1947 ومعاهدة بورتسموث عام 1948 ضد الحكومة (203) مما حدا بها الى إخراجه من كلية الشريعة ، وتعيينه مفتشا للمعابد براتب قدره (35) خمسة وثلاثون دينارا (204) فضلا عن تكليفه بالقاء محاضرات على طلبة المتوسطة الدينية (205) ومدرسة تعليم القرآن (206)

محاولته الحصول على عضوية نقابة المحاميين العراقيين عام 1949م

اثر اخراجه من وظيفته في الاوقاف العامة قدّم الصواف طلبا الى نقابة المحاميين في 24 مارس عام 1949 للحصول على اجازة محاماة لممارستها في القضايا الشرعية طبقا لتخصصه الدراسي في القضاء الشرعي من الأزهر ، الا ان الهيئة الادارية لنقابة المحاميين رفضت طلبه ، وعدته غير مستوف للشروط الواردة في قانون نقابة المحاميين (207)

لكن وزارة العدلية اعترضت على قرار الهيئة الادارية لنقابة المحاميين برفضها طلب الصواف المقدم اليها ، بعد اشعارها بذلك ، واسترعت من جانبها انتباه النقابة ، بانها سبق وان منحت العضوية للملا نجم (208)، ولم يكن قد حصل على شهادة عليا في القضاء الشرعي ، كما هو الحال لدى الصواف ، لذلك اعترضت على قرار الهيئة الادارية لنقابة المحاميين برفعه الى رئاسة محكمة التمييز (209)

في حين شكلت رئاسة محكمة التمييز من جانبها ، محكمة لتنفيذ طلب وزارة العدلية ، الا ان المحكمة رأت بعد المداولة والتدقيق ان القرار المميز هو مطابق لقانون نقابة المحاميين ، وصدر القرار ، باتفاق الاعضاء في 6 اب 1949 (210)، وبذلك حُرم الصواف من حصوله على اجازة المحاماة من نقابة المحاميين العراقيين .

المبحث الثاني: انتماؤه الى الجمعيات الدينية الاسلامية

عضويته في جمعية الشبان المسلمين في الموصل

انتمى الصواف في بداية مراحل حياته الى الكثير من الجمعيات والنوادي الاسلامية ، وخاصة في مدينتي الموصل وبغداد ، وكان اول انتمائه الى جمعية الشبان المسلمين . جاءت فكرة انشاء الجمعية بعد مقال كتبه احد الادباء ، دعا فيه الشباب العراقي الى تكوين جمعية غرضها الاصلاح وشعارها حب الوطن (211)، والوقوف بوجه نشاط المبشرين في الموصل (212)

وعندما أُسست جمعية الشبان المسلمين في بغداد في 10 شباط 1929 (213) تحمس عبد المجيد شوقي البكري (214) لتشكيل فرعٍ لها في الموصل ، واطلع محمد رؤوف الغلامي على رغبته تلك (215) فاتصلا بدورهما بحسن رضا رئيس الجمعية في بغداد ، وأشعراه برغبتهما في الانتساب اليها (216)، فأرسل اوراق الانتساب الى محمد رؤوف الغلامي ، وعبد المجيد شوقي البكري ، وعبد الله النعمة (217)

كما اوفد حسن رضا ممثلا عن الجمعية يدعى ابراهيم عثمان الى الموصل لتشكيل فرعها (218)، فاجتمع مع الغلامي ، وعبد الله النعمة ، واحمد حامد القلية جي (219)، وعبد المجيد شوقي البكري ، وإسماعيل حقي آل فرج لتشكيل اول هيئة مؤسسة للفرع (220)، ثم قرر المؤسسون عقد اجتماعٍ عامٍ في 15 تموز 1930 ، ووجهت الدعوة الى سبعين شخصا

كما جعلت عامة لاهالي الموصل ، وانتسب الى هذه الجمعية في هذا الاجتماع اربعة وستون عضواً ، وتم انتخاب هيئة ادارية جديدة للفرع ، وهم عبد الله النعمة ، ومحمد رؤوف الغلامي ، واحمد سامي الدبوني ، وعبد العزيز حمو القدو ، واحمد سعد الدين زيادة (221) وعبد العزيز النوري ورؤوف النقيب وبشير الصقال (222) ومحمد الشاكر وعبد المنعم الغلامي (223) وتوفيق الدباغ ومحمود النائب (224)

وحضر مراسيم تشكيل الفرع نائب الرئيس اسماعيل الواعظ (225)، الذي أرسل رسالة الى مركز الجمعية في بغداد في 15 آب عام 1930 ، يعلمهم فيها بتأسيس فرع لجمعية الشبان المسلمين في الموصل (226) واتخذت الجمعية في الموصل ، اول الامر من بناية جمعية القصابين في باب الطوب مقرا مؤقتا لاجتماعاتها ، وجرى اول اجتماع لها يوم 16 تموز عام 1930 ، لانتخاب هيئة ادارية كانت نتيجته ان اصبح عبد الله النعمة (رئيساً)

ومحمد امين الشاكر (نائباً للرئيس) ، وبشير الصقال (كاتماً للسر) ، وعبد العزيز حمو القدو (أميناً للصندوق) (227) ، ثم أجري انتخاب آخرَ في 18 تشرين الثاني عام 1930 لتشكيل هيئة ادارية جديدة ، ففاز عبد الله النعمة (رئيساً) ، وابراهيم الحاج ياسين (نائبا للرئيس) وبشير الصقال (كاتماً للسر) وهاشم الجليلي (أميناً للصندوق) (228)

وفي عام 1935 منحت الحكومة الجمعية قطعة ارض لتشيد عليها مقرا لها قبالة بناية متصرفية الموصل (229). كما طلبت الاخيرة من مديرية الاوقاف العامة ، تقديم المساعدة لها في سبيل انجازها (230) وقد بوشر في بنائها عام 1938 (231)، كما تبرع الملك غازي (232) بعشرة دنانير مساهمة منه لبنائها (233)، وتم تشييدها وغدت مركزا للجمعية حتى عام 1957 (234)، وكانت الجمعية تهدف الى بث الآداب الاسلامية والاخلاق الفاضلة ، والسعي لانارة الافكار بالمعارف بطريقة تناسب روح العصر ، والأخذ من محاسن الحضارتين الشرقية والغربية ، وبما يتلائم وشمولية الاسلام (235)

لا يعرف بالتحديد تاريخ انتماء الصواف الى الجمعية ، الا انه اصبح عضوا في هيئتها الادارية في تشرين الاول 1935 بعد استقالة عضوها جميل بكر خياط وسفره الى الخارج (236)، وأسندت اليه مهمة جباية الاشتراكات من اعضائها المنتسبين ، لما كان يتصف به من نشاط وحركة على الرغم من انه اصغر اعضاء الهيئة الادارية للجمعية سنا (237)، مما مهد له الاتصال المباشر بالكثير من الناس

وخاصة ضباط الجيش الذي كان يزورهم كل شهر ، لجباية اشتراكاتهم ، ومنهم محمد فهمي سعيد (238) وقاسم مقصود ، وصبري عبد القادر ، وطارق سعيد ومحمود الدره (239) ، كما اختير عضوا في لجنة مكافحة الخمر والميسر ، بعد ان رأت الجمعية فيه غيرة صادقة على المؤسسات الاسلامية والرغبة في اسعادها (240) ، وطلبت اللجنة بدورها من متصرفية اللواء رفع اماكن الخمارة القريبة من المساجد والجوامع (241)

ورغبة في دفع الاعضاء الى تقديم الافضل الى الجمعية ، فقد أقامت الاخيرة مسابقة لتقديم افضل الاقتراحات ، وشكلت لجنة للتحكيم ، التي قررت بالاجماع عدّ مقترحات العضو الصواف اكثر فائدة للجمعية (242)

وهذه المقترحات هي :

  1. إلقاء المحاضرات الدينية والتوجيهية على السجناء في السجون .
  2. فتح مدرسة لمكافحة الأُمية لكبار السن .
  3. إلقاء محاضرات علمية واسلامية وتأريخية على الضباط والجنود في المعسكرات (243)، وفعلاً تم تنفيذ الاقتراحات هذه كلها . أما مدرسة مكافحة الأمية ، فقد افتتحت في المدرسة الفيصلية في محلة الرابعية (244)، وحثت الجمعية الراغبين من أهالي الموصل بالتسجيل في المدرسة بمراجعة كاتم السر للجمعية في الساعة العاشرة والنصف من يومي الخميس والجمعة ، واشترطت ان لا يقل عمر الطالب عن 18 عاما (245) وقد قام محمد زكي البكري مدير الزراعة في الموصل ، وأحد أعضاء الجمعية ، باهداء الصواف كتاب (المنجد) لفوز مقترحاته والعمل بها. (246)

عضويته في لجنة اسعاف الفقراء في الموصل

أختير الصواف ليكون عضوا في لجنة اسعاف الفقراء ، فأرسل اليه متصرف لواء الموصل كتابا يطلب منه الحضور الى ديوان المتصرفية ، لأجل التشاور ، في جمع الاعانات لاسعاف الفقراء (247)، لذلك اجتمعت اللجنة الاصلية والفرعية في ديوان متصرفية لواء الموصل يوم 17 تشرين الثاني 1942

وقررت انتخاب احمد الجوادي (248) (رئيساً) ، وخير الدين العمري (249) (نائباً للرئيس) ، وعبد الله النوري (سكرتيراً) ، وبكر خياط (أميناً للصندوق) ، وجميل الفخري ، والشيخ محمد نوري الفخري (250)، ونجيب الجادر النائب ، والمحامي عبد الله الجليلي ، وابراهيم محمود الجلبي (251) وعبد القادر ، ومحمد علي الحاج يونس ، ومحمد محمود الصواف ، والخوري سليمان الصائغ ، واحمد سعد الدين زيادة ، والقس سليمان القس متي (اعضاءً) (252) ولم يعثر الباحث على شيء عن نشاطات تلك اللجنة رغم البحث عنها طويلا .

انتماؤه الى جمعية الهداية الاسلامية في بغداد

تأسست هذه الجمعية في بغداد بداية شهر آب عام 1929 (253)، وكانت تهدف الى نشر حقائق الاسلام باسلوب يلائم روح العصر ، والسعي لتوثيق الرابطة بين الشعوب الاسلامية ، ومقاومة الالحاد والدعايات غير الاسلامية بالعراق بالطرق المشروعة ، ومقاومة الرذائل والاخلاق الفاسدة (254)، وكانت الهيئة الادارية الاولى مكونة من (15) عضواً منهم ابراهيم الراوي (255) (رئيساً) ، وبهاء الدين شيخ سعد (256) (نائباً للرئيس) ، وكمال الدين الطائي (257) (سكرتيراً للجمعية) (258)

وقد اصدرت الجمعية عدة مجلات ، عطلت اكثرها وهي :

الهداية الاسلامية ، وصدى الاسلام ، وتنوير الافكار ، والاحكام ، والصراط المستقيم ، والكفاح ، والذكرى المحمدية (259) ، وكانت لجمعية الهداية الاسلامية الكثير من النشاطات ، فقد اقامت الجمعية في شعبها وفروعها ، مآتم على إثر وفاة الملك فيصل الاول (260) ، كما وجهت نداءً الى جماهير المسلمين ، تحذرهم فيها من الكوارث التي تحيق بأولى القبلتين وثالث الحرمين ، كما دعت الى العمل الجدي لانقاذ البلد المقدس (فلسطين) ، وأهله من قوى الشر واليهود. (261)

لا يعرف بالتحديد تاريخ انضمام الصواف الى جمعية الهداية الاسلامية ، لكن يبدو انه انضم اليها بعد ان اقام في بغداد عام 1946 ؛ اذ قررت الجمعية ارسال وعاظ ومرشدين دينيين الى خارج العاصمة ، ومنهم الصواف والذي ارسل الى مدينة بعقوبة (262) للوعظ والارشاد فيها (263)، كما أنتدبت الجمعية الصواف ليلقي خطبة الجمعة في مسجد الفلوجة (264)

انتماؤه الى جمعية الآداب الاسلامية في بغداد

جاء تأسيس جمعية الآداب الاسلامية في بغداد ، بعد نداء وجهه الشيخ أمجد الزهاوي (265) الى الشعب العراقي بعد تكليفه من بعض علماء الدين الاسلامي لأجل التحلي بالآداب الاسلامية ، ومنع الفوضى وانتشار الرذائل ، اذ حث المسلمين على تسجيل اسمائهم في مركز الجمعية المؤقت في المدرسة السليمانية (266) الملاصقة لجامع الدهان (267) قرب دائرة البريد المركزية (268)

وقدمت الهيئة المؤسسة التي ضمت الشيخ أمجد الزهاوي ، وعبد الرحمن خضر ، ومحمد طه الفياض (269) ، وعبد العزيز البغدادي ، وفؤاد العمري ، وناجي معروف ، وابراهيم عطار باشي (270) ، وعبد الرحيم الكردي ، والدكتور صبري مراد (271)، وكمال الدين الطائي ، وعبد الوهاب السامرائي ، والملا معتوق (272)، والصواف وغيرهم طلباً الى وزارة الداخلية ، لتأسيس جمعية باسم (جمعية الآداب الاسلامية) مرفقا به نظامها الداخلي بتاريخ 23 رمضان 1365هـ الموافق 22 آب 1946 ، فوافقت الوزارة عليه ، وأذنت للجمعية بمزاولة نشاطها (273)

وجرى انتخاب الهيئة الادارية للجمعية مساء يوم الأحد 4 ايلول 1946 اصبح على اثرها الشيخ أمجد الزهاوي (رئيساً) ، وعبد الرحمن خضر (نائباً للرئيس) ، وطه الفياض (سكرتيراً) ، وناجي معروف (محاسباً) ، وعبد العزيز البغدادي (أميناً للصندوق) (274). ومن مهام الجمعية العمل بالاداب الاسلامية وفضائلها الاجتماعية والاخلاقية ، ونشر حقائق الاسلام بما يتلائم وروح العصر ، ومكافحة الدعايات الالحادية. (275)

ويبدو ان للصواف نشاطاً بارزاً في جمعية الآداب الاسلامية ، اذ أرسلته الجمعية ليمثلها في افتتاح فرع لها في الموصل في 31 تشرين الاول عام 1947 (276) على قاعة المدرسة الاعدادية ، اذ اختتم الحفل المقام في الفرع بخطاب مطول (277)، الا ان الصواف لم يستمر في هذه الجمعية ، بل شكّل مع عدة شخصيات جمعية الاخوة الاسلامية فيما بعد .

عضويته في رابطة علماء العراق

رغب الشيخ أمجد الزهاوي في أن يؤسس رابطة لعلماء الدين في العراق عام 1953 (278) على غرار رابطة علماء الدين الجزائريين ، أثر تعرفه على رئيسها محمد بشير الابراهيمي (279) واطلاعه على النظام الداخلي لتلك الجمعية وانجازاتها في الجزائر (280)، لذلك تقدم بطلب رسمي إلى وزارة الداخلية ، التي وافقت بدورها على طلب التأسيس في 26 كانون الاول 1954. (281)

اجتمعت الهيئة التأسيسية (282) لجمعية رابطة العلماء يوم الاثنين 12 كانون الثاني 1955 لانتخاب هيئتها الادارية (283)، وفاز الشيخ أمجد الزهاوي (رئيساً) ، ونجم الدين الواعظ (284) (نائباً للرئيس) ، ونوري الملا حويش (معتمداً وأميناً للصندوق) ،وعبد الرحمن الدوري (محاسباً) (285)

ويبدو للمتتبع ، انه لم يكن للصواف دور فاعل في تأسيس هذه الرابطة ، اذ لم يرد اسمه في الهيئة التأسيسية لها ، ولا في هيئتها الادارية المنتخبة ، الا انه على الاغلب كان له دور مشترك مع بقية اعضائها في العديد من مواقفها ونشاطاتها ، اذ كانت رابطة العلماء هي الجهة التي رشحته للانتخابات النيابية التي جرت في مايس عام 1958 ، ليكون مندوبا عنها في المجلس النيابي . بعد ان رأوا فيه خير من يقوم بهذه المسؤولية ،كما جاء في ندائها (286)

وعلى اثر قيام الملك محمد الخامس (1927-1961) بتنصيب نجله الحسن الثاني ولياً للعهد في تشرين الاول 1957 ، رفع الصواف برقية مشتركة مع جمهرة من رابطة علماء الدين في العراق (287) جاء فيها "سلام أسنى ، وتحيات حسنى يبعثها علماء العراق الى مقامكم الكريم مهنئين ومباركين بتنصيب نجلكم الامثل وليا للعهد ومغتبطين ومبتهجين بتلك الوصية الخالدة التي منحتموها اياه في يوم توليته" (288)

وقد عبر العلماء عن ابتهاجهم حسبما ذكروا ، مما جاء قولهم "لقد ابتهج علماء الدين عند اطلاعهم على هذه الوصية الراشدة التي نهجتم فيها نهج الخلفاء الراشدين والملوك المؤمنين المقسطين ، ولقد رسمتم لنجلكم الاكرم فيها طريق النجاح وهديتموه لاكسير الفلاح" (289)

في حين شكر الملك محمد الخامس علماء الدين على ما جاء في برقيتهم على لسان مدير الديوان الملكي المغربي (مسعود الشيكر) بالبرقية التي بعثها اليهم ، ومما جاء فيها ان الملك "لفخور بوجود طائفة من العلماء أمثالكم تتبع بمزيد الاهتمام والتشجيع كل حركة ترمي الى اعلاء شأن الاسلام" (290)

وفي كانون الاول عام 1957 رفع الصواف مع جمهرة من علماء الدين في العراق (291) برقية الى الملوك والرؤساء العرب منهم الملك فيصل الثاني (العراق) ، والملك سعود بن عبد العزيز (السعودية) ، والملك الحسين بن طلال (الأردن) ، والملك محمد الخامس (المغرب) ، والرئيس جمال عبد الناصر (مصر) ، والرئيس شكري القوتلي (سوريا) ، بعدما تناقلت الاذاعات عن خلافات بين قادة الدول العربية واتهام بعضها للبعض الآخر

ومما جاء في البرقية

"ان الخلافات القائمة بين بعض الدول العربية اقلق شعوبها ، وسائر رجال الدين ، وواجب العلماء الامر بالمعروف واصلاح ذات البَيْنِ . لذا فهم يناشدون حكام العرب التبصر والتفكير في عواقب الامور وخطر المستقبل ، ويرجون الكَفَّ عما يزيد في الضغائن والاحقاد والعمل على ازالة الخلافات عاجلا التي لا ينتفع بها الا العدو الغاشم الذي يتربص بنا الدوائر (292)، الامر الذي ادى بالملك سعود الرد على تلك البرقية ، الذي شكر فيها جهودهم في ذلك ، موعدا اياهم ببذله الجهود للقضاء على هذه الخلافات التي لا تفيد الا اعداء المسلمين والعرب. (293)

فيما بعث الملك الأردني الحسين بن طلال برقية رد مماثلة لبرقية الملك سعود بن عبد العزيز الى علماء الدين في العراق ، يشكرهم فيها شعورهم الصادق ، ونخوتهم العربية الصادقة محملا القيادة المصرية المسؤولية عن تلك الخلافات ، ومما جاء في رده "ان القدر قد أبلى مصر ببعض من باعوا انفسهم للشيوعية ، ومن يتاجرون بالقومية العربية ليحتفظوا بمناصبهم ويصرفوا شعب مصر عما تتخبط به بلادهم من كبت للحريات ، وهتك للعدالة ، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية" (294)

وفي ايلول عام 1957 عندما قامت تركيا بتحشيد قواتها على الحدود السورية الشمالية ، وممارسة الضغط عليها ، بحجة انتشار الشيوعية على اراضيها ، وتأزم الموقف بين الدولتين ، لولا ان مارس الاتحاد السوفيتي الضغط على تركيا ، الأمر الذي ادى بها الى سحب قواتها في كانون الاول عام 1957. (295)

ابرق الصواف مع بعض علماء الدين في العراق (296) الى رئيس الجمهورية التركية (جلال بابار) (297) وجاء في البرقية "ان تأزم الحالة بينكم وبين سوريا اقلق جميع الشعوب العربية والاسلامية ، وانهم يتوجهون إليه آملين الكَفَّ عما يسببه إراقة الدماء ، واثارة حرب يكون اول ضحاياها الديار الاسلامية ، ويأملوا في تركيا المسلمة ان لا تكون عونا للكفار على المسلمين ، وان اخطارها سيعم شررها العالم اجمع" (298)

المبحث الأول:جماعة الإخوان في العراق قبل التأسيس وبعده

الدعوة الاسلامية "جماعة الإخوان" في العراق قبل التأسيس - المحاولات الأولى للتكوين

تعد جماعة الإخوان المسلمين من أهم الجماعات والتنظيمات الإسلامية ذات المغزى السياسي (299)، التي تأسست على يد شخصية عبأتْ نفسها لمسؤولية تكوين الجماعة الاٌم في - مصر - أولاً ، ثم في مختلف البلدان العربية والإسلامية ثانياً (300) وهي حسن أحمد عبد الرحمن البنا الساعاتي

الذي ولد في شهر تشرين الأول من عام 1906 ، ببلدة المحمودية التي تبعد 150 كيلومترٍ شمال غرب القاهرة ، وعندما بلغ الثامنة من عمره دخل مدرسة الرشاد الابتدائية ، وفي سنته الثانية عشرة إلتحق بالمدرسة الاعدادية ، وفي سنته الرابعة عشرة إلتحق بمدرسة المعلمين الاولية بدمنهور ، الواقعة جنوب بلدته المحمودية. (301)

وبعد اكماله مدرسة المعلمين تقدم في عام 1923 الى دار العلوم في القاهرة – القسم العالي - وقضى فيها اربع سنوات حتى تخرج فيها في حزيران عام 1927 ، وكان ترتيبه الاول على دفعته. (302) وفي يوم الاثنين 19 ايلول عام 1927 سافر حسن البنا الى مدينة الاسماعيلية لتسلم وظيفته الجديدة بوصفه تدريسياً في مدرسة الاسماعيلية الابتدائية الأميرية. (303)

إنضم حسن البنا ، منذ صغره الى عددٍ من الجمعيات وخاصة الدينية ، فقد أسس أحد معلميه الشيخ (محمد عبد الخالق) جمعية الاخلاق الأدبية ، التي كان هدفها ايقاظ شعور اعضائها ازاء المخالفات الخُلقية ، كما كانت تفرض غرامات باهضة على الاعضاء الذين يشتمون زملائهم او يشتمون الاّهل ، ولم تمض مدة طويلة حتى اصبح البنا رئيسا لها (304)، ثم أسس مع زملائه "جمعية منع المحرمات" التي كانت ترسل خطابات تحذيرية الى كل من ترى انه يخالف تعاليم الاسلام في حياته المعيشية. (305)

وفي مدينة دمنهور تشبع البنا بالافكار الصوفية ، وخاصة الطريقة الحصافية ، حيث مقر ضريح الشيخ حسنين الحصافي ، شيخ الطريقة الاول ، الذي أندمج من جانبه في هذا الوسط ، وحرص على حضوره في ليالي حلقات الذكر المقامة في مسجد الجيش (306) ولتأثره الشديد بذلك أسس في بلدة المحمودية جمعية اسلامية سميت "الجمعية الحصافية الخيرية"

واختير أحمد أفندي السكري ، الذي تعرف عليه في احدى حلقات الذكر تلك رئيسا لها ، في حين اصبح البنا سكرتيرا لها ، وكانت الجمعية تدعو الى الأخلاق الفاضلة ، ومحاربة الفساد ، والمنكرات ، والمحرمات ، ومقاومة الارساليات التبشيرية الانكليزية (307) وفي القاهرة انضم البنا الى "جمعية مكارم الاخلاق الاسلامية" بعد انتسابه الى دار العلوم العالية (308)

وفي اجواء الإسماعيلية ، حيث الاحتلال البريطاني لمصر ومعاملته لاهلها بالاذلال وفرض القيود والاهانة ، قام ستة من عمال المعسكر البريطاني (309)، الذين تأثروا بمحاضرات ودروس البنا في مسجد الاسماعيلية ، بزيارته في منزله في أحد أيام شهر آذار من عام 1928 ، مقترحين عليه تأسيس نادٍ او جمعيةٍ او نقابةٍ ، الا أنّ البنا ترك تلك المسميات ، بل قال نحن "الإخوان المسلمون" فجاءت بغتة وذهبت مثلاً ، إذ أٌسستْ اول تشكيلة للإخوان المسلمين من هؤلاء الستة. (310)

ثم أنشأت بعد ذلك مقراً رئيساً لها في الإسماعيلية ، ثم بنى مسجدا فيها عام 1930 ، ثم مدرسة للأولاد واخرى للبنات ، ثم مد نشاطها الى المناطق المجاورة عام 1932 ، إذ شرعت بتأسيس فروع لها في مدينتي بور سعيد والسويس ومناطق اخرى عديدة ، في حين كان فرع الإسماعيلية يعمل بوصفه فرعاً قيادياً. (311)

وفي عام 1932 نُقل البنا وظيفيا الى القاهرة بناءً على طلبه ، وبدوره نقل نشاطه الدعوي هناك بعد اندماج جمعيته مع جمعية اخيه عبد الرحمن (جمعية النهضة الاسلامية) مكونتاً أول شعبة للإخوان المسلمين في القاهرة. (312)، وفيها عقدت خمسة مؤتمرات حتى قيام الحرب العالمية الثانية عام 1939

وعقد المؤتمر الاول في مارس عام 1933 ، والثاني في كانون الاول عام 1933 ، والمؤتمر الثالث في اذار عام 1935 ، والرابع في عام 1937 ، في حين عقد المؤتمر الخامس في كانون الثاني عام 1939 ، وكرست تلك المؤتمرات لمعالجة المسائل التنظيمية للإخوان ، ومقارعة النشاط التبشيري الإنكليزي. (313)

أراد البنا من تأسيس حركته هذه ، الخلاص من الشرور والآثام التي تحيط بالمجتمعات العربية باعتبار أنّ الاسلام قدم نظرية متكاملة لبناء المجتمع اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً (314) وبناءً على ذلك فان دعوة الإخوان المسلمين هي حسب تعبير مؤسسها البنا "دعوة سلفية ، وحقيقة صوفية ، وهيئة سياسية ، وجماعة رياضية وثقافية ، وشركة اقتصادية وفكرة اجتماعية" ( )

أي انها تنظم شؤون الدنيا والآخرة ، فهي عقيدة ، وعبادة ، واخلاق ، وتشريع ، ووطن ، وجنسية ، ودين ، ودولة ، وروحانية ، وعمل ، ومصحف ، وسيف (315) ويرفع الإخوان هتافهم المعروف عنهم ، الذي يرددونه في أعقاب أي لقاء يتم بينهم "الله غايتُنا ، الرسول قدوتُنا ، القرآن دستورُنا ، الجهاد سبيلُنا ، الموت في سبيل الله أسمى أمانِينا" (316)

أصدر (الإخوان المسلمين) في مصر عدة صحف منها مجلة (الإخوان المسلمون) الاسبوعية عام 1933 فضلا عن صحيفة (الإخوان المسلمون) اليومية ، ثم صحيفة (النذير) عام 1938 ، ثم مجلة (الشهاب) الأسبوعية عام 1947 (317)، ثم مجلة (الكشكول) الاسبوعية (318) ، كما كانت هناك صحف تعبر عن رأي الإخوان ، وتروج لأفكارهم إلاّ أنّها لم تكن لسان حالهم الرسمي منها (منبر الشرق) وهي مجلة أسبوعية ، ثم (المباحث) وهي مجلة أسبوعية إخبارية (صدرت في حزيران 1950 ، واغلقت في تموز 1952)

ثم (مجلة الدعوة) وهي مجلة أسبوعية (صدرت في كانون الثاني 1951 حتى 1956) (319) ومجلة (منزل الوحي) وهي أسبوعية ، ومجلة (المسلمون) ويترأسها د.سعيد رمضان (320) وهي شهرية (321) ، وامتد نشاطها في سوريا منذ عام 1937 فتأسست في حلب (دار الأرقم) وفي دمشق (الشبان المسلمون) وفي حمص (جمعية الرابطة) وفي حماه (الإخوان المسلمون) ، إلا ان الحركة استكملت شكلها التنظيمي الموحد في كل المدن السورية عام 1944 (322)

وبعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 ، انتقل فكر جماعة الإخوان المسلمين الى بعض الأقطار العربية منها الأردن عام 1945 برئاسة عبد اللطيف أبو قورة (323)، والسودان عام 1946 برئاسة علي طالب الله (324). في حين أصبح مشهور الضامن مراقباً عاماً للاخوان في فلسطين (325)، كما امتدت دعوة الإخوان المسلمين الى تونس للعلاقة القوية بين البنا وعبد العزيز الثعالبي (326)

وكذلك الى الكويت إذ اختير عبد العزيز العلي المطوع (327) مراقباً عاماً هناك ، وأختبر مصطفى حسين السباعي عام 1945 ليكون مراقبا عاما للإخوان في سوريا (328)، في حين أصبح المهندس عمر الداقوق مراقبا عاما للإخوان في لبنان .

بدايات جماعة الإخوان المسلمين في الموصل

بدأت تأثيرات انتشار دعوة الإخوان المسلمين في مصر على العراق في نهاية الثلاثينيات ، وخاصة في مدينة الموصل ، إذ كانت موطنا لحركة توحيدية سلفية قادها الشيخ عبد الله النعمة (329)، فضلا عن طبيعة المدينة المحافظة وتكوينها الاجتماعي ، وخصوصية موقعها الجغرافي ، وكونُها أحد أبرز المراكز التي وجدت فيها الإرساليات التبشيرية الأوربية. (330)

وفي الحقيقة يعد الصواف من اوائل الاشخاص الذين تأثروا بدعوة جماعة الإخوان المسلمين في مصر من العراق ، بعد قبوله ببعثته الاولى في تشرين الاول عام 1939 في الجامع الأزهر ودراسته هناك ، وكان كثير التردد الى الجمعيات الاسلامية ، وخاصة الى المركز العام للإخوان المسلمين في منطقة الحلمية. (331)

ويشير الصواف عن كيفية لقائه الاول مع حسن البنا في القاهرة بقوله

"سألنا عنه فقيل لنا إنه يخطب في مسجد محمد فاضل باشا في باب الخلق ، فقصدناه أنا وشباب البعثة ، وحضرنا خطبته ، وكان عجيباً في كلامه ، شدنا إليه ، وتكلم كلاماً بعث فينا روح الحماس والجد والأمل ، فشعرت بجسمي يتحرك فيه ما كنت أصبو إليه ، وما كنت أدعو اليه في شبابي وأنا ما أزال بأول الشباب" (332)

لم تكرر اتصالات الصواف بالبنا كثيراً ، وذلك لرجوعه قافلاً مع البعثة ، بعد فشلها الى العراق في تموز عام 1940 ، لكنه شرع يمارس نشاطاً دعوياً بارزاً في بعض مساجد الموصل ، عن طريق اتصاله بالشباب وبعض الرجال المؤثرين ، مُنشئاً بذلك نشاطاً اخوانياً في المدينة (333)، ثم تقدم بطلب رسمي الى متصرفية لواء الموصل ، للسماح له بفتح جمعية باسم "جمعية الإخوان المسلمين"

إلا أنّ السلطات رفضت ذلك ، بحجة أنّ التسمية مقلدة لاسم جمعية اخرى في بلد آخر. (334) ، لذلك بدأ بتأسيس "جمعية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر" بالاشتراك مع عبد الرحمن السيد محمود ، وعبد الرحمن محمود الارحيم (335) لتكون واجهة لنشر دعوة الإخوان في الموصل ، الا ان الجمعية تعثر عملها بسبب انتماء الصواف الى الحزب القومي العربي السري في تلك المدة

ومهما يكن من أمر فان الصواف استمر في نهجه الدعوي ، خاصة بعد تعيينه واعظاً سياراً ، اذ أخذ يلقي الكثير من المحاضرات الدعوية خارج مدينة الموصل، خاصة بلدة تلعفر (336)، وكذلك في مسجد الوجيه مصطفى الصابونجي في (منطقة باب الطوب) الذي كلّفه بالقاء الوعظ والارشاد طيلة شهر رمضان المبارك من عام 1943. (337)

إنّ جهود الصواف هذه ، التي تكللت بالنجاح في تكوين رأي عام يسير وفق منهج جماعة الإخوان المسلمين في مدينة الموصل ، تزامنت مع جهود عبد الرحمن السيد محمود والمعروف بعبد الرحمن (أي-بي-سي) الذي كان يملك متجراً لبيع العطور في شارع نينوى في الموصل ، وكانت له صلات تجارية مع شركة الشبراويشي لتجارة العطور في القاهرة وهي شركة اخوانية مساهمة ، تعرّف عن طريقها على حسن البنا ، إذ توثقت العلاقة بينهما ، أثر الزيارات المتكررة التي قام بها عبد الرحمن السيد محمود الى القاهرة. (338)

وفي احدى زياراته طلب منه البنا أنّ يتولى مهمة نشر دعوة الإخوان في العراق ، وتنظيم نواة لها الا ان عبد الرحمن اعتذر عن ذلك لتفرغه للعمل التجاري ، غير أنه وعده بدعم مَنْ سيتولى هذه المهمة ، كما قام بتكليف أحد معارفه وهو عبد الرحمن محمود الارحيم ببيع مجلة (الإخوان المسلمون) المصرية في محله الكائن في شارع النجفي قبالة المكتبة العصرية. (339)

وفي عام 1942 أنتدبتْ مصر عدداً من الاساتذة المصريين للتدريس في العراق بناءً على طلب وزارة المعارف العراقية ، ومنهم د.حسين كمال الدين مدير عام فرقة الجوالة (340) التابعة للإخوان المسلمين في مصر ، وكان يدرس (علم المساحة) في كلية الهندسة (ببغداد) ومحمد عبد الحميد أحمد (341) مدرسٌ في صناعة بغداد ، إذ كلفا بتكوين تنظيمٍ لجماعة الإخوان في العراق (342)

وعلي عبد الحفيظ مدرس (علم الري) في كلية الهندسة (ببغداد) ومحمود يوسف مدرسٌ للغة العربية في المدارس الثانوية (343)، وأحمد كامل المنوفي ، الذي يقوم بالتدريس في ثانوية صناعة الموصل إذ كُلف بإنشاء تنظيم للاخوان في الموصل الا أنه لم يتمكن من ذلك (344) واكتفى بتشجيع الطلبة على قراءة مجلة (الإخوان المسلمون) والاشتراك فيها (345)

مما دفع حسن البنا بتكليف عبد الرحمن السيد محمود ثانية ، غير أن الأخير أشار عليه بالصواف الذي كان يدرس في الجامع الأزهر في تلك المدة ، على رأس بعثة الوجيه الموصلي مصطفى الصابونجي ، الا أنّ الصواف اعتذر عن ذلك ، بسبب وجوده خارج العراق ، وتفرغه لدراسته ، ووعد بالموافقة بعد اكمال دراسته وعودته الى العراق (346)

الامر الذي دفع البنا بالايعاز الى كل من د. حسين كمال الدين ، ومحمد عبد الحميد أحمد بزيارة مدينة الموصل ، والاتصال بعبد الرحمن السيد محمود ، لتسهيل مهمتهما ومساعدتهما في المباشرة بتشكيل التنظيم (347). وفعلا قاما بزيارة المدينة ، إذ وصلاها يوم الأربعاء 24 أيار عام 1945 وقد حَلاّ ضيفين في منزل عبد الرحمن السيد محمود لمدة ثلاثة أيام ، وتعرفا على معظم علماء الدين في المدينة ، وزارا المدرسة الفيصلية الدينية ، وبعض المدارس ، والجامع النوري الكبير ، ومرقد نبي الله يونس (348)

وألقيا عدداً من المحاضرات الدينية ، ثم غادرا الموصل مساء يوم الجمعة 26 آيار بقطار المساء الى بغداد (349)، كما شرعت صحيفة فتى العراق (الموصلية) بنشر مقالات بثلاث حلقات ، عن جمعية الإخوان المسلمين في مصر بعد زيارة الوفد المصري من جماعة الإخوان ، الى مقر ادارة الصحيفة ، بعد أنْ قدّما الى صاحبها ، كراساً يتضمن تعريفاً بالجمعية واهدافها ومجالات عملها (350)

وفي أيلول من عام 1945 زار الموصل ثانية د.حسين كمال الدين ، ونزل ضيفاً في دار السيد عبد الرحمن السيد محمود ، ومكث فيها عدة ايام ، التقى خلالها عدداً من الشخصيات ، ووجوه المدينة ، غير ان تلك الزيارات واللقاءات لم تتمخض عن تشكيل أية نواة لتنظيم الإخوان المسلمين الى ذلك الحين (351)

وفي موسم حج عام 1366هـ (1946م) تعرف بعض حجاج الموصل بوساطة عبد الرحمن السيد محمود ، إلى حسن البنا ، الذي كان قد قصد الحج في العام نفسه منهم : محمد علي ذنون الخشاب (تاجر) (352)، وسالم سليمان ، والحاج محمد البكري ، وعبد الله الاربيلي (عالم ديني) (353)، وعبد الله سعيد ، وعبد الوهاب رشيد ، ومحمد نجيب علي البزاز (تاجر تزوج من امرأة سورية من حلب واقام في المدينة وتوفي هناك) ، وعبد المنعم الزرري (خياط) (354) وغيرهم فقد حضر هؤلاء الحجاج غالبية الاجتماعات التي عقدها البنا ، واستمعوا الى خطبه وتأثروا بأفكاره (355) على الرغم من قيام الحكومة السعودية بمنعها ممارسة أي نشاط دعائي او القاء محاضرات بواسطة مكبرات الصوت. (356)

وبعد انتهاء الموسم الدراسي 1945-1946 رجعت البعثة المصرية (بعثة حسين كمال الدين) الى مصر ، وقد التقى بها حسن البنا في مركز دار الإخوان المسلمين في الحلمية ، والقى محمد عبد الحميد أحمد ، كلمه عن انطباعاته في العراق ، وعدم استطاعته بث الدعوة هناك ، "على الرغم من مكوثه أربع سنوات ، بسبب الفساد الذي استشرى فيه ، والإلحاد الذي انتشر" حسب ادعائه

مما حدا بالصواف الذي كان حاضرا في تلك الجلسة بتفنيد ادعائه وتوجيه اللوم عليه في أسباب فشله ، واعداً إياهم بأن الدعوة ستكون في كل بيت ، وفي كل قرية ، وفي كل مدينة بالعراق ، الامر الذي طلب منه البنا ، توليه لتشكيل التنظيم في العراق ، كما أعطاه كتابا خاصا ، يتضمن انتخابه عضواً في الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين في مصر. (357)

وفي الحقيقة ان الصواف كان كثير الصلات اثناء دراسته الثانية في الجامع الأزهر في القاهرة بالجمعيات الإسلامية ، فقد أتصل بجمعية الاخوة الاسلامية ومؤسسها الشيخ طنطاوي جوهري (358)، وجمعية الهداية الاسلامية ، حيث القى الصواف كثيراً من المحاضرات في مقرها في مناسبات عدة (359) ، وجمعية الشبان المسلمين ، والجمعية الخطابية (360) كما أنتخب عضوا لمجلس جماعة انصار السنة المحمدية. (361)

أما دار الإخوان المسلمين في الحلمية ، فكان الصواف كثير التردد إليها ، إذ توطدت علاقته بحسن البنا كثيرا ، وكان شديد الإعجاب بنشاطه وأسلوبه في الدعوة ، كما أسس قسم الاتصال بالعالم الإسلامي (362) بالتعاون مع كل من الحفيظ الصيفي من مصر والفضيل الورتلاني (363) من الجزائر ، وإسماعيل مندا من إندونيسيا (364)، مما مهد للصواف ان يتعرف على الكثير من الشخصيات الاسلامية في مختلف بلدان العالم. (365)

وعندما عاد الصواف الى العراق في تموز عام 1946 ، بعد ان أحدث نجاحه صدىً واسعاً في الاوساط الصحفية والشعبية العراقية (366)، قدم طلبا مع جماعة من الشبان الى متصرفية لواء الموصل بفتح جمعية باسم "الإخوان المسلمين" الا ان وزارة الداخلية لم توافق على ذلك (367) لكن العمل لم يتوقف ، إذ استمرت الاتصالات والاجتماعات ، التي اتسمت بالحذر الشديد لتنبه عيون رجال الأمن الى بدء نشاط جماعة الإخوان في الموصل ، بين الأصدقاء والصواف منهم : عبد الرحمن السيد محمود ، وعبد الرحمن محمود الارحيم ، ومحمد علي الخشاب ، والسيد حسن السيد مرعي (مختار محلة خزرج) ، وعبد الله زهدي الدملوجي (مهن حرة) (368) واسماعيل حقي (عسكري) (369)

وفي شهر آب عام 1946 قرر الصواف ترك مدينة الموصل والذهاب الى بغداد ، بعد الاختلاف في وجهات النظر بينه وبين عبد الرحمن السيد محمود ، بشأن اسلوب نشر الدعوة (370) ولرغبته في التعيين بكلية الشريعة ، التي تأسست حديثاً في بغداد (371) الا انه لم ينقطع عن زياراته الى بلدته الموصل بين مدة واخرى ، إذ افتتح مكتبة في شارع النجفي باسم مكتبة "الإخوان المسلمون" وعهد بإدارتها الى اسماعيل حقي (372)

كما كان (للجماهير الإخوانية) دورٌ كبيرٌ في اقامة الحفلات التأبينية لشهداء وثبة كانون ، إذ اقيم تجمعٌ كبيرٌ في الجامع النوري الكبير ، الذي يعد معقلا اخوانياً ، حيث القى عددا من (الإخوانيين) كلمات بهذه المناسبة ، منهم ، غانم سعد الله حمودات ، وعبد الحافظ سليمان (373) إذ انطلقت لاول مرة هتافات جماعة الإخوان علناً منها "الله غايتنا .. والرسول قدوتنا .. والقران دستورنا" (374)

وفي انتخابات المجلس النيابي في حزيران عام 1948 ، كان لحضور الجماهير الإخوانية في الموصل دورٌ واضحٌ في فوز عبد الجبار الجومرد (375) (مستقل) عن المنطقة الانتخابية الأولى ، ومحمد حديد (الحزب الديمقراطي) (376) ، إذ أقاموا تجمعاً كرس للانتخابات النيابية تلك في الجامع النوري الكبير ، والقى علاء الدين خروفة. (377)

(وكان من جماعة الإخوان) كلمة حول انتخاب الجومرد (378)، مما حدا بمحيي الدين أبي الخطاب (379) (صاحب جريدة الاديب انذاك) الذي فشل في تلك الانتخابات ان يشن حملات دعائية قاسية على الإخوان المسلمين لتعاونهم مع الشيوعيين في تلك الانتخابات. (380)

بدايات جماعة الإخوان المسلمين في بغداد

ان أول تأثير لنشاط دعوة الإخوان المسلمين في العراق ، قد ظهر في بغداد عن طريق الاعداد المتوافرة من مجلة (الإخوان المسلمون) المصرية في مكتبات بغداد ، إذ قام عبد الهادي با حسين في عام 1941 بشراء أحد اعداد هذه المجلة ، وأعجب بالموضوعات التي وردت فيها مع صديقه خليل العقرب ، الذي من جانبه أعاره أياها

الامر الذي قاد عبد الهادي با حسين بأن يكتب رسالة الى حسن البنا (رئيس تحريرها) طالبا منه الاشتراك فيها وبدوره أرسل البنا رسالة جوابية له ، قَبَل اشتراكه فيها ، مرسلا المجلة اليه (381) ، الا ان الاحتكاك الرئيس كان عن طريق وصول البعثة المصرية (المذكورة آنفا) برئاسة د.حسين كمال الدين ، الذي أتصل بأحد طلابه في كلية الهندسة ، وهو عبد الوهاب الحاج حسن فزوده بعدد من مؤلفات حسن البنا منها ، (بين الأمس واليوم)

و(من أين نبدأ) التي بدورها أثرت في افكار عبد الوهاب الحاج حسن ، ناشراً تلك الافكار بين صفوف بعض طلبة كلية الهندسة وخارجها ، إذ بدأ باستقطاب العشرات من زملائه منهم : توفيق الوتاري (382) . وتحسين عبد القادر ، وعدنان رانيه ، وعبد الله الحاج سليم ، وحامد حسين ، ونافع حمودات( ) .

وبعد انتشار الدعوة بين صفوف طلبة كلية الهندسة وخارجها بدؤا بعقد اجتماعات اسبوعية في داري ، الملا معتوق ، وعدنان رانيه ، في محلة السفينة في الاعظمية ، وكان يترأس تلك الاجتماعات حسين كمال الدين ، ملقيا عليهم محاضرات في شرح مبادئ الاسلام وفي مختلف شؤون الحياة (384) ، ثم انتقلت تلك الاجتماعات الى حدائق وقاعات جمعية الشبان المسلمين ، بعد ان كثُر اتباع الدعوة

إذ ضمت عدداً من طلبة الكليات منهم : ياسين المسعودي (كلية الحقوق) ، واحسان شيرزاد (كلية الهندسة) ، وعبد الله العنيزي (كلية الطب) ، ونشأت محمد (دار المعلمين) ، وعادل شاكر (دار العلوم) وسليمان القابلي (كلية الحقوق) ، ونظام الدين عبد الحميد (دار العلوم) (385)، وكان نشاط الدعاة وطلبتهم في هذه المدة يأخذُ اتجاهين ، الأول : نشر الوعي الاسلامي بين الناس ، والثاني : مقاومة الشيوعيين وافكارهم في المدارس وخارجها (386) الامر الذي تم تكليف نظام الدين عبد الحميد بالتصدي للتوجهات الشيوعية عن طريق محاضراته ، أو مجادلة الطلبة الشيوعيين ومناقشتهم. (387)

وبعد انتقال الصواف الى بغداد في آب عام 1946م ، انضم الى جمعية الآداب الاسلامية ، ثم وثق علاقته مع امينها الشيخ أمجد الزهاوي ، الذي وصفه الصواف (بالكنز) ، إذ انطلقا الى العالم الاسلامي وفي كل ميدان ، كما بدأ بنشاط اسلامي مكثف ، عن طريق إلقائه الخطب في المساجد ، التي وجدت آذانا صاغية لدعوته (388)، او عن طريق القائه المحاضرات في دار المعلمات الابتدائية (389) ، او على طالبات ثانوية الاعظمية للبنات (390)، او مدرسا في كلية الشريعة (391)، او في مدارس اخرى ، او عن طريق افتتاحه للمكتبات منها : مكتبة (الإخوان المسلمون) في شارع حسان بن ثابت في منطقة الميدان (392)

وتولى ادارتها محمد طه الفياض الذي تبرع باثاثها ، وكانت تستخدم نظام الاعارة لكتبها لجمهرة من المستفيدين من الشباب الإخواني (393)، كما كان يزود مكتبة (المثنى) لصاحبها (قاسم الرجب وابراهيم الاعظمي) باعداد من مجلة وصحيفة (الإخوان المسلمون) المصرية لبيعها على العامة (394). الا أنّ كل نشاطه هذا لم يكن يُلبِّ طموحه ، الامر الذي ادى به ان يقدم طلبا الى وزارة الداخلية في آذار عام 1948 ، للحصول على اجازة فتح جمعية باسم "جمعية الإخوان المسلمين" إلاّ أنّ الوزارة رفضت ذلك. (395)

بدايات جماعة الإخوان المسلمين في أنحاء العراق الاخرى

كانت بداية دعوة جماعة الإخوان المسلمين في البصرة عام 1944 عن طريق مجلة (الإخوان المسلمون المصرية) التي كانت تصل الى بعض المشتركين فيها (396)، ثم توالى وصولها بكميات كبيرة عام 1946 عن طريق مكتبة (الإخوان المسلمون) في البصرة لصاحبها يعقوب عبد الوهاب ومكتبة (الإخوان المسلمون) لصاحبها عبد الرزاق الصائغ (397)، ومكتبة (الإخوان المسلمون) لصاحبها أحمد رجب الدخيل في الزبير (398)، كما كان لجولات الصواف وخطبه اثر بالغ في نشر دعوة الإخوان في البصرة والزبير بين الاهالي هناك (399)

أما في مدينة العمارة ، فكانت بداية انتشار دعوة جماعة الإخوان عام 1945 عن طريق عبد الجبار داود البصري (400) (الشاعر المعروف) الذي كان يوزع اعداداً من مجلة (الإخوان المسلمون) على كثير من زملائه في ثانوية العمارة منهم : إبراهيم منير المدرس ، وكان عبد الجبار داود البصري كثير الاتصال بالدعاة هناك ، ومنهم عبد الهادي با حسين ، وشقيقه يعقوب با حسين ، وعبد الصمد الرديني ، وعبد الله الذكير ، ومحمد فاضل ، وطه البصري ، وعبد العزيز المناصير ، وعبد الحميد الرديني وغيرهم ، إذ تولى قسمٌ منهم نشر الافكار الإخوانية في البصرة والزبير وابي الخصيب (401)

أما أربيل فقد انتقلت تأثيرات دعوة جماعة الإخوان المسلمين اليها ، في صيف عام 1945 على يد ابنائها من الطلبة الدارسين في كليات بغداد منهم : عبد الوهاب الحاج حسن (كلية الهندسة) ، واحسان شيرزاد (كلية الهندسة) ، وتم الاتصال بالعالم الديني الملا صالح الكوزه (إمام مسجد نور الدين) ، وقدم لهم كثيراً من التسهيلات منها : إقامتهم لقاءات يومية لشرح أهداف الدعوة الإخوانية في ذلك المسجد (402)، ثم انتقل نشاط الدعاة الى تكية الشيخ محيي الدين صالح البرزنجي بعد ان كثر اتباعها (403)

كما قام الدعاة هناك بكثير من النشاطات منها :

فتح مدرسة لمكافحة الامية في مدرسة أربيل الاولى الواقعة (قرب مصرف الرافدين) ، إذ تطوع كثير من جماعة الإخوان في اربيل للتدريس فيها مجانا منهم : نشأت محمد صفوت ، وعادل مصطفى ، وعبد الله الحاج سليم ، وجهاد عبد الرزاق ، وأنور محمد الدباغ ، وعبد الوهاب الحاج حسن ، وكذلك حملات التوعية لنشر الدعوة في القرى القريبة من أربيل ، واقامة الاحتفالات في المناسبات الدينية ، مثل المولد النبوي الشريف ، وهجرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ، ومعركة بدر الكبرى ، ومعركة أحد ، وفتح مكة ، وليلة الاسراء والمعراج وغيرها. (404)

أما في السليمانية فكان اول احتكاك بدعوة جماعة الإخوان المسلمين عام 1946 عند تعيين نظام الدين عبد الحميد مأمورا للإحصاء فيها (405)

الدعوة الاسلامية (جماعة الإخوان) في العراق - بعد التأسيس - الهيكل التنظيمي المزدوج لجماعة الإخوان المسلمين

الواجهة الرسمية - جمعية الاخوة الاسلامية

بعد ان انتسب الصواف الى جمعية الآداب الاسلامية ، عين محاضرا فيها ، واستثمر دوره هذا في الجمعية ، لَبثّ دعوة الإخوان المسلمين ، عن طريق محاضراته التي كان يلقيها في المساجد والجوامع ، إذ اقبل الشباب على الاستماع اليها (406)، مما ضاق به ذرعاً بعض اعضاء الجمعية منهم : كمال الدين الطائي واسماعيل الراشد ، اللذان كانا كثيرا النقد في مجالسهم للصواف. (407)

كما أتوا بعناصر غريبة عن الجمعية ، وأجروا الانتخابات في غير موعدها مما ادى الى اسقاطه من عضويتها بعد تزويرها ، الامر الذي أدى به ان يصطحب بعض رفاقه ، والذهاب بهم الى الشيخ أمجد الزهاوي (408) الذي آزره من جانبه وفتح له ولانصاره مدرسته (السليمانية) ، كما نظم لهم دورة في العقيدة والتدريب على الخطابة ، واصول الدعوة في ايام الجمع. (409)

وفي هذه الاثناء تم توجيه الدعوة الى عدد من الشخصيات للتداول في أمر انشاء جمعية ترعى الدعوة الاسلامية (410) منهم : فضلا عن الصواف ، أمجد الزهاوي ، ومحمد عاصم النقيب ، ومحمد القزلجي ، وابراهيم مصطفى الايوبي (411)، ومحمد طه الفياض (صاحب صحيفة السجل) ، والمحامي عبد الرحمن خضر (مدير الاوقاف العامة) ، ود.تقي الدين الهلالي (استاذ جامعي مغربي الجنسية) (412) الذين شكلت منهم لجنة لوضع النظام الداخلي لها (413)

كما قدموا طلبا الى وزارة الداخلية ، إذ حمل طلب التأسيس الشيخ أمجد الزهاوي الى رئيس الوزراء نوري السعيد (414) الذي لا يرد له طلبا (415)، فأجازت وزارة الداخلية الجمعية في 13 ايلول عام 1949 باسم جمعية الاخوة الاسلامية (416) وليس باسم جمعية "الإخوان المسلمين" لانه لم يكن باستطاعة أحد ان يؤسس جمعية بهذا الاسم ، لكونها مؤسسة خارج العراق ، وهذا غير مسموح به ضمن القانون العراقي آنذاك (417)

وفي اول اجتماع عقدته الهيئة المؤسسة تم انتخاب أمجد الزهاوي (رئيسا) ، ومحمد عاصم النقيب (نائبا للرئيس) ، والصواف (سكرتيرا عاما) ، وابراهيم الايوبي (أمينا للصندوق) ، ود. تقي الدين الهلالي ، والمحامي عبد الرحمن خضر ومحمد طه الفياض (أعضاء) .

وفي 27 ايلول عام 1953 اجريت عملية انتخاب هيئة ادارية جديدة فاز فيها أمجد الزهاوي (رئيساً) ، وعبد الرحمن خضر (نائبا للرئيس)، والصواف (سكرتيرا عاما) ، وعبد القادر الجنابي (أمينا للصندوق) ، وتحسين عبد القادر (محاسبا) . أما عبد الكريم زيدان (418)، وعبد الغني شنداله (419) ، وعدنان رانيه ، ومحمد سالم زيدان (420) ، أصبحوا (أعضاءًُ) (421)

وفي مساء يوم الجمعة ، الثالث من أيلول عام 1954 ، شُكلت اخر هيئة ادارية للجمعية قبل ان تغلقها الحكومة العراقية ، وهي مكونة من أمجد الزهاوي (رئيساً) ، وعبد القادر الجنابي (نائبا للرئيس) ، والصواف (سكرتيرا عاما) ، ومحمد امين حسن (محاسبا) ، وأمين السامرائي (امينا للصندوق) ، وكل من عبد الغني شنداله ، وعدنان رانيه (أعضاء) (422)

اتخذت الجمعية الوليدة اول الامر من مدرسة السليمانية مقرا لها ، ثم انتقلت بعد ذلك الى مسجد السراي (423) مقابل سراي الحكومة (القشلة) (424)، ثم انتقلت الى جامع الوزير (425) (مقابل وزارة الداخلية القديمة) خلف مديرية الاوقاف العامة ، ثم انتقلت الى جامع الازبك (داخل سياج وزارة الدفاع القديمة بباب المعظم) (426)

وفي عام 1951 قام الصواف بشراء دار جعفر العسكري (427) في باب المعظم بـ (6150) دينارا جمع مبلغها من تبرعات الإخوان والمحسنين ، اصبحت فيما بعد مقر جماعة الإخوان المسلمين الرئيس في العراق (428) وكانت تتكون من طابقين ، وفناء واسع ، ضمت عدداً من الاقسام الرئيسة للجماعة إذ كانت تضمُ ، المطبعة الاسلامية ، ومسجدا للصلاة ، وجناحا خاصا لضيافة الزوار والوفود ، والمكاتب الرسمية للمراقب العام ووكيله ، واللجنة المركزية ، والهيئة الادارية لجمعية الاخوة الاسلامية ، وادارة مجلة الاخوة الاسلامية (429)، كما كانت سكنا داخليا لبعض الطلبة من الإخوان الدراسين في كليات بغداد (430)

لعبت جمعية الاخوة الاسلامية دوراً مؤثراً في المجالين السياسي والفكري في العراق (431)، إذ أصبحت الواجهة العلنية المسموح بها رسميا للعمل على نشر فكر جماعة الإخوان المسلمين بين صفوف العراقيين. (432)

وقد لعب الصواف دوراً كبيراً اثناء وجوده سكرتيراً عاما للجمعية في نشر فكر جماعة الإخوان المسلمين في العراق ، وخاصة بين اوساط الطلبة والشباب ، إذ كان يلقي مساء كل يوم خميس محاضرة عامة في جامع الازبك (433) ، وفي جامع القزازة (434) في منطقة باب الشيخ ، وجامع الشيخ صندل في منطقة الكرخ ، فضلا عن الدروس المتواصلة في المركز العام للجمعية (435)

أما جامع السراي فقد كان ملتقى لعددٍ كبيرٍ من شباب مناطق الكرخ والاعظمية والكاظمية ، اذ كان يلقي عليهم الصواف النصح والارشادات الدينية (436) الامر الذي طلبت منه السلطات الكف عن مثل تلك الاعمال ، والا تعرض لاجراءات قانونية بحقه (437)

في حين استخدم الصواف اسلوب الشدة لحمل الطلبة العرب الدارسين في دار المعلمين العالية في بغداد على الانضمام الى جمعية الاخوة الاسلامية وحضور اجتماعاتها التي تقيمها مساء كل يوم خميس في جامع الازيك (438) مما حدا بالسلطات ان تنبهه بأن يتجنب الاتصال بالطلبة ، وان يتحاشى اغراءهم على مالا يتفق وسياسة الحكومة ، وان لا يكون سببا لانصراف الطلاب عن الدراسة الجدية وحرمانهم لمستقبلهم. (439)

كما تولى الصواف نشر دعوة جماعة الإخوان المسلمين في مناطق مختلفة من العراق اثناء جولاته خاصة مع الشيخ أمجد الزهاوي (440). ففي مدينة المقدادية بمحافظة ديالى ، القى خطبة الجمعة ليوم 19 تشرين الاول عام 1951 في جامع المدينة حاثا الناس فيها على الانضمام الى جمعية الاخوة الإسلامية

كما وزع كراسَ نظام الجمعية عليهم (441)، وزار المدينة ثانية ، والتقى مع كامل الإسكافي ، والحاج محمد صالح البزار ، والحاج صالح مهدي (موظف صحي في مستشفى المقدادية) ، وعباس محمود (عامل سراير) ، والحاج حسين احمد (سائق سيارة) ، وأمين خليل ، والحاج عبد الوهاب عجاج وحميد مهدي (صاحب محل) ، لتدارس اسلوب نشر الدعوة هناك (442)

أما اربيل فقد سافر اليها مع لفيف من جماعة الإخوان في الموصل وأربيل في تموز عام 1953 لافتتاح شعبتها بحضور الشيخ محيي الدين البرزنجي (443) كما سافر اليها في 28 ايلول عام 1956 بصحبة الشيخ أمجد الزهاوي التقيا مع محيي الدين الشيخ صالح ، وقاضي اربيل محمد صادق المختار (444)، والحاج علي الملا عبد الله ، والشيخ مصطفى النقشبندي ، والملا صالح الملا عبد الله ، والقى عليهم محاضرة في جامع الملا صالح الملا عبد الله داعيا إيّاهم الى اتباع نصوص القرآن الكريم ، والشريعة الاسلامية. (445)

أما مدينة الموصل والمناطق المحيطة بها ، فقد تكررت زيارات الصواف اليها ، ففي 15 شباط عام 1953 قام بزيارة الى شعبة الموصل ، والقى دروسا في الدعوة الاسلامية وطرق معرفتها وتلقينها (446)، كما زارها في يوم الخميس الثاني من تموز عام 1953 قاصداً شعبة جمعية الاخوة في الموصل ، وخطب في أعضائها ، كما القى محاضرة مساء الجمعة في الجامع الكبير شرح فيها رسالة الجمعية. (447)

وفي 18 شباط عام 1953 زار قضاء تلعفر برفقة محمد علي الخشاب (احد اخوان الشعبة) والقى محاضرة في جامع الشيخ عجيل الياور عن الاخوة الإسلامية ونصرة دعوتها (448)، وكذلك قضاء سنجار وبعض القرى المجاورة ، وبرفقة عبد المنعم الزرري ، وعزيز الحاج عزيز اغا ، واحمد الحسو ، وغانم حمودات ، والقى خطبة في جامع الحاج عبد الله. (449)

أما قضاء دهوك فقد زاره الصواف برفقة محمد علي الخشاب في 23 شباط عام 1953 والقى محاضرة في الجامع الكبير حضرها قائم مقام القضاء برهان الدين اسعد وجمهور كبير من أهل المدينة (450).كما زار الصواف مدينة تكريت ، والقى خطبة في الجامع الكبير شارحا فيها دعوة جماعة الإخوان وأعمالها في العراق وأهدافها. (451)

أما مدينة الفلوجة فقد حظيت هي الاخرى بزيارة الصواف إليها ، إذ خطب لصلاة الجمعة في الجامع الكبير خطبة حماسية ألهبتْ مشاعر الحاضرين (452)، كما زار مدينة الرمادي ، والقى محاضرة في الجامع الكبير على الحاضرين هزت مشاعرهم. (453)

لم تقتصر جولات الصواف على المنطقة الشمالية من العراق ، بل ، زار معظم مدن المنطقة الجنوبية ، فقام مع الشيخ أمجد الزهاوي بزيارة الى مدينة الديوانية في يوم 3 حزيران عام 1953 ، وكان في استقبالهما متصرف اللواء إذ ألقى محاضرة مبشراً بالدعوة وعقد آواصر الاخوة الاسلامية (454)، كما زار لواء المنتفك مركز محافظة ذي قار (مدينة الناصرية) والقى خطبة بمناسبة ذكرى غزوة بدر الكبرى في جامع الناصرية الكبير ، كانت لها اثرٌ بالغٌ في نفوس الحاضرين ، اعقبها خطبة كبرى في قضاء سوق الشيوخ والشطرة والجبايش. (455)

أما البصرة فقد زارها الصواف في الثالث والعشرين من آذار عام 1953 لتفقد شؤون الدعوة هناك (456) ، كما زارها في الاول من تشرين الاول عام 1953 إذ اقام فرع جمعية الاخوة الاسلامية في البصرة حفلة كبرى في مقرها ، القى الصواف خطابا ، بيّن فيه مبادئ الاخوة الاسلامية ، ثم افتتح مسجد الامطيحه الجديد ، الذي تبرع ببنائه الوجيه الزبيري الحاج أحمد العنيزي

كما اشرف على انتخابات الهيئة الادارية لفرع جمعية الاخوة الاسلامية فيها ، ثم زار قضاء الزبير ، واقامت شعبة الزبير حفلاً كبيراً القى اثناءه الصواف كلمة في جامع النجادة شارحا فيها مبادئ الدعوة الاسلامية (457)، كما أصبحت الجمعية ملتقى لكبار علماء الدين للعالم الاسلامي (458)، وكثيرٍ من الوفود العربية والاسلامية التي تزور العراق (459)

أما القضايا العربية فكان لجمعية الاخوة الاسلامية دورٌ مشهودٌ في هذا المجال ، وخاصة قضيتي فلسطين والمغرب العربي ، إذ قدمت الجمعية كثيراً من الدعم المادي والمعنوي لها. (460)

أما في المجال الفكري ، فيعد التصدي للشيوعية من أهم بنود منهاج عمل جمعية الاخوة الاسلامية ، إذ استغلت المناسبات الدينية التي كانت تقيمها فروعها في مختلف مدن العراق، منها المولد النبوي الشريف ، والاسراء والمعراج ، وغزوة بدر الكبرى ، ومناسبات اخرى ، للوقوف بوجه التيار الشيوعي ، وفضح منهجه الفكري والأيدلوجي (461) وقد الغيت جمعية الاخوة الاسلامية وفروعها في العراق بناء على المرسوم ذي رقم 19 لسنة 1954 ، الذي تم بموجبه إلغاء الجمعيات والنوادي المجازة في العراق كافة (462) إذ كلفت وزارة الداخلية محكمة بداءة بغداد لتولي مسؤولية تصفية أموالها. (463)

النظام الداخلي للجمعية

شكلت الهيئة المؤسسة للجمعية لجنة منها لوضع النظام الداخلي لها (464)، وتميز النظام الداخلي للجمعية في العراق بالقصر في مجمل مواده عنه في نظام جمعية الإخوان المسلمين في مصر ، إذ كان لا يتعدى النظام الداخلي للجمعية في العراق على (14) مادة (465)، في حين تجاوز مواد اللائحة الداخلية لجمعية الإخوان في مصر على (90) مادة ، فضلا عن كثرة التعديلات على موادها اثناء مسيرة عملها في مصر (466)، كما سميت اللائحة الداخلية لجمعية الإخوان المسلمين في مصر تشكيلات هيكل الادارة كافة ، الذي تميز بالتوسع والتعدد في المناصب الادارية. (467)

في حين لم تُسمَ اللائحة الداخلية لجمعية الاخوة الاسلامية في العراق تشكيلات الهيكل الاداري لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين في العراق (468)، كما جاء في المادة الثالثة ان الجمعية لا تتعرض للشؤون السياسية (469). في حين كان البنا من اشد الثائرين على النص الذي يتصدر دائما قوانين الجمعيات الاسلامية ، وهو أنّ "الجمعية لا تتعرض للشؤون السياسية"

وكان يقول

"ان المسلم مطالب بحكم إسلامه ، ان يُعنى بشؤون أمته ، وَمَنْ لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ، وان المسلم لن يتم اسلامه الا اذا كان سياسيا بعيد النظر في شؤون أمته ، وان على كل جمعية اسلامية ان تضع في رأس برنامجها الاهتمام بشؤون أمتها السياسية ، والاّ كانت هي نفسها تحتاج الى ان تفهم الاسلام" (470)

حوى النظام الداخلي للجمعية على (14) مادة ، أشارت المادة الاولى ، الى تكوين جمعية اسلامية في العراق باسم (جمعية الاخوة الإسلامية) ، يكون مركزها العام في بغداد ، في حين تشير المادة الثانية ، الى أغراض الجمعية في العمل على تثبيت العقيدة الاسلامية الصحيحة ، ومكافحة روح التفرنج والانحلال ، وبعث الاخوة الحقيقية بين ابناء الامة الاسلامية ، في حين تذكر المادة الثالثة إن الجمعية لا تتعرض للشؤون السياسية في عملها ، أما المادة الرابعة فتشير إلى ان الجمعية تعمل بالطرق المشروعة المتاحة لها .

أما المادة الخامسة والسادسة والسابعة والثامنة والتاسعة والعاشرة والحادية عشرة والثالثة عشرة ، فإنها تشير الى كيفية تكوين الهيئة العامة ، والهيئة الادارية للجمعية ، وأعمالها وشروط العضوية فيها . وحقها في انشاء فروع لها داخل العراق ، أما المادة الثانية عشرة ، فتشير الى طرق تحصيل ماليتها وكيفية انفاقها والتصرف بها ، في حين تشير المادة الرابعة عشرة الى أسماء اعضاء الهيئة التاسيسية للجمعية. (471)

فروع الجمعية

شعب بغداد:

انتشرت مقرات فروع جمعية الاخوة الاسلامية في مختلف مدن العراق ، ومنها بغداد ، (العاصمة) ، إذ كانت تضم ثلاث شعب فضلا عن الشعبة النسوية ، الاولى هي شعبة الاعظمية التي تعد من أقدم الشعب وأكبرها ، حيث تكونت أسرها الاولى على يد د. حسين كمال الدين ، التي استمرت وتوسعت بعد مجيء الصواف الى بغداد وتعيينه في كلية الشريعة. (472)

وتعد شعبة الاعظمية من انشط الشعب الإخوانية في بغداد ، إذ كانت تضم قسما للعمال برئاسة حسن أحمد الصالح ، وقسما للناشئة برئاسة ابراهيم طه ، وقسما للطلاب برئاسة عدنان رانيه (473)، كما كانت تضم مكتبة واسعة في مقرها في جامع الصليخ (474) في حين تم إنشاء مسبحين لمنتسبي الشعبة ، الاول قرب المقبرة الملكية (475)، والثاني في نهاية شارع (20) على شاطئ دجلة في منطقة الاعظمية (476) كما أسسوا ناديا رياضيا سمي نادي (التربية الرياضية) ونقل الى شارع المغرب (477) تُمارسْ فيه مختلف الالعاب الرياضية وخاصة كرة القدم (478). وتولى رئاستها حسين أحمد الصالح المعروف بـ (حسين أبو علي) (479)

أما الشعبة الثانية فهي شعبة الكرخ ، كان مقرها في جامع الشيخ صندل (480)، وتولى رئاستها مصطفى الوهب ، ثم اعقبه عبد الخالق عثمان (481)، أما الشعبة الثالثة فكانت شعبة باب الشيخ ومقرها في جامع القزازة (482)، وتولى رئاستها محمود الجبوري (483)

الشعبة النسوية

أهتم الصواف بالمرأة اهتماما كبيرا ، لذا انتشرت دعوة جماعة الإخوان في الاوساط النسائية ، بعد النشاط الدعوي الواسع الذي قام به الصواف ، اثناء إلقائه المحاضرات الدراسية في ثانوية الاعظمية للبنات ، ودار المعلمات الابتدائية ، لذلك تمكن من انشاء فرع نسائي لجمعية الاخوة الاسلامية في بغداد واخذ على عاتقه نشر وتوسيع الدعوة الإخوانية في الوسط النسائي في المجتمع العراقي


وقد تكونت اول هيئة ادارية للفرع النسائي للجمعية مكونة من نهال الزهاوي (484) (رئيسة للفرع) ، وعدوية الشواف (نائبة للرئيس) ، ونظيرة علي صائب (سكرتيرة عامة) ، وفاطمة الباجه جي (امينة للصندوق) ، ونظيرة الخوجة (محاسبة) (485)، ونجيبة خضر ، وصفية الزهاوي ، وزهرة خضر (486)، وخيرية المفتي ، ومديحة شاكر ، وصفية نجم الدين الاطرقجي ، وآمنة محيي الدين شيخ العرب ، وآمنة محمد (أعضاء) (487)

تم بناء مقرٍّ للجمعية النسائية بعد حصولها على قطعة ارض من الاوقاف الخيرية بالاجارة الطويلة (488)، في حين حصلت على موافقة وزارة الداخلية باجراء اكتتاب عام في انحاء العراق كافة لجمع المبلغ المطلوب لتشييدها (489)، وتبرع عبد العزيز العلي المطوع (المراقب العام لجمعية الارشاد الاسلامية في الكويت) بمئة دينار ، والشيخ يوسف بن عيسى القناعي (خمسين دينارا) ، والوجيه سيد علي سيد سليمان بـ (خمسين دينارا) للغرض نفسه (490) في حين وجه فرع الجمعية ، نداءً الى الاغنياء والمحسنين لتقديم المساعدات لتمكينها من بناء فرعها المذكور. (491)

وعلى أثر قيام الاتحاد النسائي في العراق ، المدعوم من الشيوعيين في تشرين الاول عام 1953 ، ما سمي باسبوع المراة (492) أقام الفرع النسائي للجمعية ، رداً على (اسبوع المرأة) احتفالاً اسبوعياً في بغداد سمّته (اسبوع الفضيلة) (493) كان محط اعجاب جمهور غفير من العلماء والإخوان الذين حضروه وفي مقدمتهم الصواف الذي ألقى خطبة بيّنَ فيها مكانة المراة في الاسلام (494)

كما قام الفرع النسائي لجمعية الاخوة الاسلامية بحملة لجمع التبرعات العينية (ملابس جاهزة) ، وتوزيعها على منكوبي المناطق التي تعرضت الى الفيضان (عام 1954) وخاصة منطقة (سلمان باك) (495). وعلى الرغم من الغاء جمعية الاخوة الاسلامية في بغداد وفروعها وتصفيتها في ايلول عام 1954 (496)، إلاّ أنّ النشاط النسوي ظل يواصل عمله ، وذلك بعد حصوله على اجازة وزارة الداخلية بفتح جمعية نسوية باسم (جمعية الاخت المسلمة) في عام 1955. (497)

شعبة الموصل:

أتسع نشاط الإخوان المسلمين في بداية الخمسينيات في الموصل (498)، لذلك تقدمت جمعية الاخوة الاسلامية (المركز العام) بطلب رسمي في 4 تشرين الاول عام 1952 الى متصرفية لواء الموصل للموافقة على فتح شعبة للجمعية في مركز اللواء (499)، وقد وافقت بدورها المتصرفية على ذلك ، الامر الذي ادى الى عقد اجتماع للجمعية في الجامع الكبير

واختيرت الهيئة الادارية المتمثلة بـ عبد الله الاربيلي (رئيساً) ، وعبد المنعم الزرري (سكرتيرا) ، ومحمد نجيب علي (امينا للصندوق) ، وعطا الله محمد سعيد (محاسبا) (500)، وقامت الشعبة بعقد اجتماعات دينية لغرض الوعظ والارشاد مساء كل يوم خميس في الجامع النوري الكبير بموافقة مديرية الاوقاف العامة في بغداد (501)، إلاّ أنّ متصرفية اللواء اعترضت على ذلك وعدته يتعارض وقانون (الاجتماعات العمومية)

بعد ان اشعرت وزارة الداخلية بذلك ، الذي جاء ردها بأن على الشعبة أخذ موافقة المتصرفية قبل عقد مثل تلك الاجتماعات (502)، لذلك قامت الشعبة باستأجار الدار المرقمة 56/42 في محلة الجولاق قرب الجامع الكبير ليكون مقرا لها (503)، في حين استأجرت داراً أخرى في محلة باب النبي بمجاور جامع الجريسي في شارع النبي جرجيس (504) وتعد شعبة الموصل من الشعب الإخوانية الكبيرة (505)

إذ ضمت عددا كبيرا من العاملين الناشطين فيها منهم : عبد الوهاب الشماع (عالم ديني وخطيب حاليا) ، وغانم سعد الله حمودات (مدرس حاليا) ، وعبد الحافظ سليمان ، واحمد عبد الله الحسو ، وحازم عبد الله خضر (استاذ جامعي متوفى) ، وسالم شاهين السراج ، ومحمد وجيه الشاكر ، وعبد الرزاق الحاج قاسم الصفار (506) ، وطه الشيخ فتحي ، ونامق علي ، وعبد الله فتحي السليم (مهن حرة) ، ومحمد ياسين السنجاري (507)

وذنون يونس مصطفى الاطرقجي (استاذ جامعي حاليا) (508) ، وحكمت سليمان التحافي (معلم متقاعد حاليا) (509)، وهاشم يحيى الملاح (استاذ جامعي حاليا) ، وشمس الدين عبد العزيز حاتم (عالم ديني وخطيب حاليا) (510)، وابراهيم عبد الله شهاب (موظف متقاعد حاليا) (511) ، ود. أكرم العبيدي (مقيم في دولة الإمارات حاليا) ، ود. عبد الحافظ مجيد (طبيب اطفال حاليا) ، وحميد مجيد ، ويحيى علاوي (متوفى)

وصلاح مجيد (مدرس)، وعبد العزيز العزاوي (مهن حرة) ، وعبد المحسن المشهداني (متوفى) ، وعبد العزيز الحاج علاوي (موظف متقاعد حاليا) (512) ، ووعد الله توفيق ، ووليد مصطفى العجوز (ظابط متقاعد ويعمل في المقاولات فيما بعد) ، وحسن خضر (اللواء الركن الطيار فيما بعد واعدم مع مجموعة من الضباط عام 1993) ، وسالم حمدون (513) .

وكان لشعبة جمعية الاخوة الاسلامية في الموصل نشاطات عدة ، منها : اقامتها للمخيمات الكشفية في شمال العراق ، ففي عام 1954 اقيم اول مخيم تدريبي في مصيف (سواره توكا) ، اشترك فيه حوالي مئة مشارك من الإخوان (514) ، وحضر الصواف الى المخيم برفقة سعد الدين الوليلي (سكرتير حسن البنا سابقا) (515)

واقيم المخيم الثاني في منطقة (زاويته) عام 1955 ، في حين يُعد المخيم الثالث هو الافضل من حيث الاعداد والتنظيم من سابقيه ، إذ أُقيم في منطقة (جومان) بمحافظة أربيل عام 1956 ، وبلغ عدد المشاركين فيه (150) مشاركا من الإخوان (516) ، وكان المشرف العام على المخيم المهندس عبد الغني شنداله، في حين كان نجيب عبود (ضابط متقاعد حاليا) مشرفاً عسكرياً ، وعبد الرزاق الصفار مشرفاً ادارياً ، وحازم عبد الله مشرفا على الارزاق والاعاشة (517)

كما أقامت الشعبة مسبحا صيفيا (جرادغ) على الساحل الايسر لنهر دجلة في تموز عام 1953 ، وقد افتتحه الصواف وقال كلمة في المناسبة منها "ارجو من الله ان يكون هذا المسبح مصنعا تُصنع فيه الرجال الدعاة الذين سيقوم بناء الدعوة على اكتافهم" (518) ، كما اقامت مسبحا آخر في (عين كبريت) قبالة منطقة يحيى أبي القاسم (519) على الساحل الايمن لنهر دجلة في صيف عام 1957 ، وحضره الصواف ، والشيخ أمجد الزهاوي (520)

لعبت شعبة الموصل دوراً كبيراً في نشر دعوة الإخوان المسلمين ، اذ كانت ترسل عددا من الدعاة الى الاقضية والنواحي والقرى المحيطة بمدينة الموصل ، واصبح للجمعية تنظيماتٌ في مناطق ، دهوك ، وزاخو ، وعقرة ، وتلعفر (521) وناحية حميدات (522) والشرقاط والقيارة والزاب الأسفل (523)

كما لعبت شعبة الموصل دوراً كبيراً في جمع التبرعات المادية للقضية الفلسطينية والثورة الجزائرية (524) ، وقد ألغيت شعبة الموصل على اثر إلغاء الجمعية (المركز العام) في ايلول عام 1954 ، وكلفت محكمة بداءة بغداد المحامي يوسف الحاج الياس ، ليكون مصفّياً رسميا لاموال وممتلكات شعبتي الموصل وسنجار (525)

شعبة سنجار:

تقدم لفيف من اخوان قضاء سنجار وعلى رأسهم الحاج طه حسن ، بطلب الى جمعية الاخوة الاسلامية (المركز العام) في بغداد لفتح شعبة للجمعية في قضاء سنجار ، تقرر الموافقة على الطلب في 20 تموز من قبل المركز العام ، على ان تكون تلك الشعبة مرتبطة مباشرة بشعبة الموصل. (526)

لذلك شكلت اول هيئة ادارية لها مكونة من طه حسن (رئيسا) ، ويونس الذنون (نائبا للرئيس)، وعبد الله فتحي السليم (سكرتيرا) ، وحسين شريف (محاسبا) ، وجرجيس يونس (أمينا للصندوق) (527) ، ثم تولى رئاستها فيما بعد عبد الله فتحي السليم (528)، واتخذت الشعبة من الجامع الكبير مقرا لها ، كما افتتحت فيه مكتبة اسلامية باسم مكتبة الاخوة الاسلامية. (529)

شعبة أربيل:

أفتتح الصواف شعبة اربيل في يوم السبت الحادي عشر من تموز عام 1953 ، وتولى رئاستها محمد صادق المختار (530)، وقد أتخذت من تكية الشيخ محيي الدين البرزنجي مقرا لها (531) ومن أهم العاملين فيها ، خليل عبد الله ، ومحسن مجاهد ، واحمد العباسي ، وعبد الوهاب الحاج حسن (532) ورائق سيد جميل ، وعادل شاكر ، وميسر صالح الامين ، وخليل سليمان. (533)

شعبة كركوك:

أفتتح الصواف شعبة كركوك في يوم الجمعة العاشر من تموز عام 1953 (534). وجعلت من جامع نور الدين الواعظ (535) مقرا لها (536) كما اتخذوا أماكن اخرى لعقد اجتماعاتهم منها : محل سيد محسن الاطرقجي ، ومكوى احمد في شارع أطلس ، ومكتبة الاخوة الاسلامية لسليمان القابلي (537)، وتولى رئاستها المحامي نور الدين الواعظ (538)

ثم اعقبه لرئاستها سليمان محمد أمين القابلي (539)، وكان للشعبة جهاز استنساخ (رونيو) بمسؤولية سالم شاهين السراج (كاتب عدل في محكمة بداءة كركوك) تستخدمه لطبع التوجيهات والمنشورات الخاصة بها. (540) وقد الغيت الشعبة على اثر الغاء المركز العام ، وكلفت وزارة الداخلية محكمة بداءة كركوك لتولي مهمة تصفية اموال الشعبة وممتلكاتها (541)

شعبة تكريت:

تعد شعبة تكريت من أقدم الشعب الإخوانية في العراق تأسيسا ، إذ أُسست عام 1950 على يد أحد ابناء المدينة ، وكان من تلامذة الصواف في كلية الشريعة وهو محمد سمير العباسي ، إذ اتخذ شقة في سوق (وحيد المصلاوي) في وسط المدينة وجعلها مقرا لها ، ثم انتقلت عام 1952 الى الجامع الكبير (قرب البريد القديم) (542)

وتولى رئاستها عبد المالك عبد اللطيف الصميدعي وكانت تعقد اجتماعاتها في داره (543) ، ثم أعقبه في رئاستها الحاج صالح محمد الجمالة امام الجامع الكبير (544) ، ومن اهم أعضائها العاملين ، إسماعيل عبد اللطيف الصميدعي ، وعبد الموجود الصميدعي ، وجبر المحامي ، والدراجي المحامي. (545)

شعبة الرمادي:

تأسست شعبة الرمادي في تشرين الثاني عام 1952 (546)، وكان من المؤسسين لها فاضل محمد اللافي الذي تولى رئاستها (547)، وعبد النبي شبيب حمزة ، ويوسف الدروبي ، وعبد العزيز عواد الكبيسي ، وحسن علي العبد الناصر الساطوري ، وخلف عبيد الفراجي ، ومخلف حواس الذيباني ، ومحمد محمود البنا العسافي. (548)

ومن اعضائها الآخرين حاكم العاني ، ويوسف العاني ، ونافع جمعة الراوي ، ود. كاظم الراوي ، وعبد الرحمن محمد صالح العاني ، ود. محمد صالح سعيد العاني ، وخليل اسماعيل عفان آل جعفر ، ومحمود ولي آل جعفر ، وصائب ولي آل جعفر ، وعبد الجليل الهيتي. (549)

كان لشعبة الرمادي نشاطٌ بارزٌ في المجالين السياسي والاجتماعي ، برقعتها الجغرافية ، إذ تصدت للنشاط الشيوعي في مدينة الرمادي ، ففي أحدى خطب الجمعة التي ألقاها عبد الجليل الهيتي ، وبتأثير من عبد النبي حمزة حرّض فيها اهالي الرمادي على الشيوعيين ، لذا خرجت مظاهرة اخوانية صاخبة دمرت مقر الحزب الشيوعي واحرقت ممتلكاته. (550)

كما أخذت الشعبة على عاتقها نشر دعوة جماعة الإخوان في نواحي وارياف الرمادي ، او عن طريق الاتصال بمعظم شيوخ العشائر ووجهائها منهم : الحاج نوار (رئيس عشيرة البو عساف) ، والحاج عيادة رفيّع (عشيرة البو جليب) ، وجميل المهنا (عشيرة البو علوان) ، والحاج فيصل (عشيرة البو نمر) ، ومن الوجهاء : المحامي يوسف ، والحاج هوبي حمادي ، والحاج طه حمادي ، والحاج سالم الكبيسي ، والحاج هميم ، والحاج أحمد هميم ، والحاج جاسم (من أهالي هيت) ، والحاج عبد الرزاق (من اهالي حديثة) ، والحاج محمد الشبلي (من أهالي عانة) (551)

او عن طريق القاء المحاضرات ، وعقد الندوات الجماهيرية في المناسبات الدينية مثل الهجرة النبوية ، والمولد النبوي الشريف ، وايام شهر رمضان المبارك ، وغزوة بدر الكبرى التي كان يتولى القائها الشيخ عبد الجليل الهيتي ، والشيخ عبد الستار الكبيسي (552) ، والحاج فاضل ابو الجير ، والسيد فاضل (553)، وتقديم المعونات المادية للعوائل الفقيرة والمتعففة (554) كما اسست ناديا رياضيا هو نادي (التربية) والذي تولى تأسيس مختلف الفرق الرياضية للاخوان. (555)

شعبة البصرة:

تأسست شعبة البصرة في بداية الخمسينيات ، وكان من المؤسسين لها ، عبد الصمد الرديني ، وعبد الله الذكير ، وعبد الهادي با حسين ، ويعقوب با حسين ، ومحمد فاضل لفتة ، وعبد العزيز المناصير ، وعبد الله العقيل ، وخليل العقرب ، وعبد القادر الابراشي ، ومطشر السعدون (556)، وقد اتخذت الجمعية من مدرسة الرحمانية الدينية في محلة السيف مقرا لها (557) وفي يوم الاحد الرابع من تشرين الاول عام 1953

تشكلت هيئة ادارية لشعبة البصرة ، مكونة من ، عبد الله الذكير (رئيسا) ، وعبد الرايح (نائبا للرئيس) ، وخليل العقرب (سكرتيرا) ، وكمال الخضيري (محاسبا) ، وعبد العزيز المناصير (امينا للصندوق) ، وعبد الله الخان البدر ، وعبد الله المنصور أبي الخيل (اعضاء) (558) وقد لعبت شعبة البصرة دورا كبيرا في نشر دعوة الإخوان في المنطقة الجنوبية من العراق بالتعاون ، مع شعبة الزبير عن طريق الاحتفالات الدينية التي تقام في مقر شعبتيهما او بعض جوامع المدينة (559)

وقد أُلغيتْ كل من شعبتي البصرة والزبير في ضوء ما جاء بمرسوم الجمعيات ذي الرقم 19 لعام 1954 ، إذ كلفت وزارة الداخلية محكمة بداءة البصرة بالتولي لمهمة تصفية أملاك الشعبتين (560). كما كانت هناك كثير من الشعب الصغيرة المنتشرة في معظم مدن العراق منها : شعبة سامراء ويترأسها محمد سعيد أحمد (561)، وشعبة المقدادية ويترأسها عبد الرحمن علي (562) ، والديوانية ، والزبير (563) والحقلانية ، وحديثة ، وعانة ، وسلمان باك ، وبعقوبة (564)

الواجهة غير الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين

لقد أنشأ الصواف هيكلا تنظيميا اخوانيا آخر في ظل الواجهة الرسمية (جمعية الاخوة الاسلامية) . وفي الحقيقة فان هذا الهيكل التنظيمي يعد التنظيم الرئيس والحقيقي لجماعة الإخوان المسلمين في العراق ، ويبدأ هذا الهيكل بـ :

1.الهيئة التأسيسية:

وتتكون من (60) عضوا يمثلون شعب العراق كافة (20 شعبة) إذ يُمثل في الهيئة التأسيسية رئيس الشعبة ونائبه ، وأحد أعضائها البارزين. (565) . ومهمتها انتخاب اللجنة المركزية في مؤتمر عام تعقده سنويا في دار المركز العام لجمعية الاخوة الإسلامية ، كما تنظر في سير الدعوة العام والمشكلات التي تعترضها. (566)

2. اللجنة المركزية:

وهي أعلى هيئة في تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في العراق من حيث الاختصاص والمسؤولية ، فهي تقوم برسم سياسة الجماعة والأمر بتنفيذها (567) . وتتكون اللجنة من تسعة أعضاء ، وهم من كبار مؤسسي الدعوة (568) ، وكل عضو يكون مسؤولا عن قسمٍ من أقسام اللجنة المركزية


وهذه الاقسام هي : قسم نشر الدعوة وشغله عبد الكريم زيدان كثيرا (569) وقسم الاخوات وشغلته نهال الزهاوي ، وقسم العمال ، وقسم الطلاب وقسم الإخوان الموظفين ، وقسم الرياضة إذ يتولى الاهتمام والاشراف على الفرق الرياضية ، والقسم الاداري والمالي ، وقسم التربية البدنية ، ويتولى الاشراف على المعسكرات والمخيمات الكشفية (570) ، وقسم الاتصال بالعالم الاسلامي ، وشغله تحسين عبد القادر. (571)

وقد تناوب على عضوية اللجنة المركزية فليح السامرائي ، وإبراهيم منير المدرس ، وسلمان داود العيثاوي ، وعبد الغني شنداله (572) ، ونور الدين الواعظ ، وعبد الكريم زيدان ، وعدنان رانيه ، وفاضل القاضي ، ونعمان عبد الرزاق السامرائي ، وغانم حمودات (573)

3. المراقب العام:

شغله الصواف منذ تأسيسه للتنظيم الإخواني حتى لحظة خروجه من العراق في ايلول عام 1959 ، ويتولى المراقب العام الاشراف الكامل على سير ما يتعلق بتنظيم جماعة الإخوان ونشاطاتها كافة (574) ، اذ كان يتولى الاشراف على افتتاح شعب الإخوان ، وعلى عملية انتخاب هيئاتها الإدارية

كما كان يشرف على نشاطات الشعب الثقافية والرياضية والمعسكرات الكشفية اثناء الزيارات التي كان يقوم بها الى تلك الشعب (575) ، كما أنّ المراقب العام يمثل جماعة الإخوان المسلمين في العراق في المؤتمرات واللقاءات الرسمية في الخارج (576) ، وتنتخبه اللجنة المركزية. (577)

4. وكيل المراقب العام:

وينوب عن المراقب العام بواجباته ومهامه كافة في حالة غيابه ، لأي سبب كان ، وتنتخبه اللجنة المركزية ايضا (578) وكثيرا ما شغل هذا المنصب عبد الرحمن خضر ، وكامل القيسي (579)

5. رئيس الشعبة:

ويكون مسؤولا عما يتعلق بالشعبة وعملها كافة ويساعده في ذلك نائب الرئيس فضلا عن الهيئة الادارية للشعبة ، وعلى الرغم من ان اختياره يأتي عن طريق عملية الانتخاب المباشر في الشعبة ، الا انه يؤخذ في الحسبان عند الاختيار ، ان يكون ذا نشاط واسع في شعبته ، ومستوى ثقافي ديني جيد ، ومن الرعيل الاول للدعاة. (580)

كما ان للمراقب العام دورٌ في اختيار رئيس الشعبة ، إذ يتدخل في بعض الاحيان لتعيينه بدون اجراء انتخاب له في الشعبة ، كما في حالة أبي علي في شعبة الاعظمية (581) ومصطفى الوهب في شعبة الكرخ (582)

مكونات الشعبة

توصف الشعبة المنظمة في عملها ونشاطها بمنزلة مركز عام مصغر ، إذ انّ لمجلس الادارة حرية في رسم برنامج عمل الشعبة ، بالرغم من تقيده بالقرارات المتعلقة بسياسة المركز العام (583) ، منها ما يتعلق بالبنية التنظيمية لاقسام الشعبة ، وتعد الاسرة أصغر وحدة تنظيمية في الهيكل التنظيمي الإخواني ، إذ ابتدأت بالتكوين والانتشار منذ اوائل بداية الدعوة في العراق (584)

ويختلف عدد اعضاء الاسرة في النشاط السري عنها في النشاط العلني ، إذ لا يتجاوز عدد اعضائها في النشاط السري عن خمسة اعضاء مثل تنظيم اليد الواحدة ، فيما يبلغ عدد اعضائها من عشرة الى خمسة عشر عضواً في النشاط العلني (585)، ويراعى في تكوين الأسر التقارب والتجانس الوظيفي والعمري والثقافي إذ يدخل في عضوية الأسرة بدرجة اخ عامل

ويكون مسؤولا عن الاسرة أخٌ بدرجة نقيب (586) ، في حين يكون الرقيب مسؤولا عن عدة رؤساء اسر (نقباء) ، ويكون دوره اشرافياً على تنظيم الاسر ، وينقل انطباعاته عن عملها الى مرجعه الاعلى كونه حلقه وصل بين روؤساء الأسر والمرجع الاعلى (587) . أما مجموعة عدة رقباء فيكون عضو الشعبة المركزية مسؤولا عنها ، ويعيّنه رئيس الشعبة (588)

لجنة الاصلاح الدائمة (محكمة جماعة الإخوان المسلمين)

بناءً على حرص الابقاء على روابط الود والاخاء بين جماعة الإخوان ، وإزالة كل خصومة قد تنشأ بينهم ، وحفاظا على مصلحة الدعوة ، فقد تم تكوين لجنة من ثلاثة أعضاء تسمى "لجنة الاصلاح الدائمة" (589) ، ويكون مقرها الدائم في بغداد ، كما يحق لها ان تعقد اجتماعاتها في أي مكان تراه مناسبا (590) ، وتجتمع لجنة الاصلاح الدائمة بناءً على طلب يقدم اليها من أي عضو له خصومة ، او طلب من المراقب العام

وتكون قراراتها ملزمة لجميع الاطراف المتخاصمة ، في حين تكون وقائع المحاكمة سرية او علنية ، حسب ما ترتأيه اللجنة (591) ويخول المراقب العام بتبديل اعضاء اللجنة ـ أو بعضهم لاي سبب كان (592) ، الاّ أنه يبدو ان هذه اللجنة لم يفتح لها المجال لممارسة عملها في ضوء ما جاء في النظام الاساسي لتأسيسها ، بل اخذت جهات أخرى تمارس دورها منها : اللجنة المركزية التي كانت تقرر فصل ومقاطعة الاشخاص الذين يتخذون موقفا انفصالياً ، او سلبيا من الدعوة. (593)

كما كلف اكثر من مرة عبد الكريم زيدان ليكون حكما في مشكلة حدثت للتنظيم بين الصواف وأحد رؤساء الشعب في بغداد ، او مع بعض الاعضاء الآخرين على الرغم من ان عبد الكريم لم يكن منتميا اليه وقتئذ (594)

التمويل المالي لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين

يعد التمويل المالي من الضرورات الواجبة لاي تنظيم سياسي ، وقد اهتمت جماعة الإخوان المسلمين في هذا الجانب ، لذا شكلوا أقساما مالية ضمن الهيكل الاداري التنظيمي لهم تتولى مهمة التمويل المالي لمختلف اوجه النشاطات التي يقومون بها ، وفي الحقيقة فعلى الرغم من امتلاك جماعة الإخوان (المصرية) كثيراً من الشركات الاستثمارية لمختلف اوجه النشاط الاقتصادي في مصر (595) في تمويل نشاطاتها

الا ان الشبهات دارت حول مصادر تمويلها ، فقد اتهم حسن البنا بأنه تلقى عام 1930 مبلغا قدره خمسمائة جنيه مصري تبرعت به شركة قناة السويس الفرنسية لبناء مسجد في مدينة الاسماعيلية (596)، كما اتهم بانه تلقى مبلغا قدره (40) الف دولار مع سيارة هدية من بريطانيا عام 1947 لقاء خدمات قدمها للتصدي للفئات الشيوعية في مصر (597)

ويبدو ان هذه الشبهات قد انسحبت على نزاهة التمويل المالي للتنظيم الإخواني في العراق ، إذ أتهموا من جهات عديدة بتلقيهم أموالا من شركات دولية ووكالات تجارية (598)، ومن بعض التجار الذين يتظاهرون باسم الدين (599) ، الاّ انّ جماعة الإخوان في العراق رفضوا تلك التهم الموجه اليهم بهذا الشأن ، ونفوا انهم تلقوا اية امدادات مالية من خارج العراق ، او داخله ما عدا تبرعات الإخوان والمحسنين من مؤيديهم. (600)

وفي الحقيقة فقد تنوعت مصادر التمويل المالي لجماعة الإخوان في العراق الى عدة مصادر منها :

  1. اشتراكات آلاف الاعضاء من التنظيم ، وتبلغ (50 فلسا) اسبوعيا او (200) فلسٍ شهريا، إذ توضع هذه المبالغ المستحصلة في صندوق تعاوني يخصص جزءا منه للانفاق على بعض المتطلبات الضرورية للاعضاء ، على انها قروض الزواج للمحتاجين ، او مساعدات طبية للمرضى والفقراء ، فيما ينفق المبلغ المتبقي على نشاط الدعوة. (601)
  2. التبرعات التي يقوم بها الوجهاء والمحسنين والمؤيدين للتنظيم ، فقد تبرع مثلا نوري فتاح باشا (بمئة دينار) والحاج صبيح الخضيري ، واسماعيل الجوربه جي ، وعبد الحميد الدهان (خمسون دينارا) ، وابراهيم محمود الشابندر (ثلاثون دينارا) ، وحمد عبد العزيز البسام (عشرون دينارا) ، وعلي خيري الامام (عشرة دنانير) (602) فيما تبرع الوجيه الموصلي مصطفى الصابونجي مبلغا قدره (مئة) دينار الى المركز العام للتنظيم. (603)
  3. في بداية الخمسينيات تم تأسيس مطبعة اسلامية في بغداد ذات صبغة تجارية خاصة لجماعة الإخوان سميت بـ (شركة المطبعة الاسلامية) ، وقد تولى الصواف ادارتها (604) ، وكانت تقوم بطبع الكتب الاسلامية والعلمية والتاريخية والفقهية المتنوعة ، وقد شكل هامش أرباح طبعها هذا مصدرا لتمويل الجماعة. (605)
  4. انشاء شركة الخياطة الفنية الاسلامية إذ تم افتتاح مركزٍ تسويقيٍّ لمنتجاتها في شارع الرشيد (منطقة الحيدر خانه) (606) وكانت تنتج عدة انواع من الملابس ، كما كانت تسوق مختلف انواع الاقمشة بالجملة والمفرد. (607)
  5. انشاء جمعية الإخوان التعاونية الاستهلاكية ، وكان مقرها في منطقة الاعظمية ، وكانت تُسوق للجمهور مختلف انواع السلع والبضائع. (608)
  6. المبالغ المستحصلة من بيع الكتب والقرطاسية في المكتبات التابعة للجماعة التي أفتتحت في بغداد وبعض مدن العراق الاخرى (609)، ومن مداخيل بيع مجلة الاخوة الاسلامية بعدما سمحت وزارة المعارف العراقية دخول المجلة الى المدارس والسماح للطلبة بشرائها اختياريا (610) ، وكذلك من مبيعات المجلة خارج العراق في سوريا ، والأردن ، ولبنان والسعودية والكويت والبحرين (611)، وكذلك من اجور الاعلانات والمطبوعات التجارية الاخرى مثل التقاويم. (612)
  7. أما المصدر التمويلي الأخير فقد كان عن طريق المُنح المالية التي تقدمها مديرية الأوقاف العامة الى الجمعيات الاسلامية والخيرية ومنها : جمعية الاخوة الإسلامية إذ كانت تحصل سنويا على منحة قدرها (200) مائتي دينار. (613)

النشاط الصحفي لجماعة الإخوان في زمن الصواف

لا شك ان للاعلام دورا كبيرا في بلورة ، ودفع الرأي العام تجاه الافكار ، ونشرها بين الجماهير ، وتعميق التحرك الذهني لهم ، لتقبُل والايمان بمعتقدات جديدة (614)، وقد أدرك الصواف منذ وقت مبكر لدور الاعلام بتعميق ونشر دعوة الإخوان بين أوساط المجتمع العراقي ، فمنذ ان كان طالبا في جامعة الأزهر في بعثته الثانية (1943) كلف صديقه عبد الرحمن السيد محمود بتأسيس صحيفة ومطبعة اسلامية عن طريق الاكتتاب العام

الا أنّه يبدو انّ هذا المشروع تعثر ، ولم يكتب له النجاح (615)، وعليه فإن الصواف استثمر عدة طرائق قبل ان يُنشئ صحافة خاصة بالإخوان منها برنامجه اليومي "على مائدة القران" الذي كان يذاع من دار الاذاعة اللاسلكية العراقية لمدة ما يقارب اثنتي عشرة سنة (1946 - 1958) ، وكذلك النشرات التي يصدرها المركز العام لتنظيم جماعة الإخوان ، التي تسمى "التوجيهات الاسبوعية"

اذ كانت بمنزلة برامج ثقافية موجهة الى افراد حلقات التنظيم الدنيا والوسطى وفق منظور الفكر الإخواني ، في حين كانت هناك صحف اسلامية تصل الى متناول جماعة الإخوان ، منها مجلة الباكستان الاسلامية (616)، وصحيفة (الإخوان المسلمون) المصرية الاسبوعية (617) الا انه يبدو ان كل هذا لم يُلبِّ طموح الصواف ، لذلك أراد ان يكون للجماعة لسانٌ ينطق باسمها وصحيفة للناس تحمل فكرتها ، وتنقل اليهم اخبارها وفكرها ومبادئها. (618)

لذا أنشأ الصواف صحافة رئيسة تحت مسؤوليته المباشرة منذ العهد الملكي ، والمتمثلة بمجلة "الاخوة الاسلامية" ، وفي العهد الجمهوري والمتمثلة بمجلة "لواء الاخوة الاسلامية" ، في حين كانت هناك عدد من النشرات التي لم تكن تحت مسؤوليته المباشرة ، إنما تولى عدد من أعضاء التنظيم تحريرها .

الصحافة الرئيسة :

1. مجلة الاخوة الاسلامية :

قدم الصواف طلبا الى وزارة الداخلية للحصول على اجازة اصدار مجلة اسبوعية اسلامية عامة باسم "مجلة الاخوة الاسلامية" ، فوافقت الوزارة على ذلك الطلب (619)، وصدر العدد الاول في يوم الجمعة الرابع من ربيع الاول لعام 1372هـ ، 21 تشرين الثاني عام 1952 . وجاء في ترويستها انها مجلة اسبوعية تصدر في بغداد ، وهي لسان دعوة الحق والقوة والحرية ، وان صاحبها ورئيس تحريرها محمد محمود الصواف ، ويشرف على اصدارها نخبة من الشباب المسلم. (620)

كانت مجلة الاخوة الاسلامية تدعو حسبما جاء في افتتاحية العدد الاول منها ، الى

"الكشف عن محاسن الاسلام ومزاياه ، ورفع صوت الاسلام عاليا في العراق ، وتحميه وتذود عنه ، وتبشر به وتدعو اليه ، وتعرض احكام الاسلام العظيم على المسلمين عرضاً فطرياً سهلاً مجرداً من الشوائب والبدع والخرافات مقتفية في العرض أثر رسول الله وأصحابه الكرام ، كما تحارب النعرات الفكرية ، والاجتماعية والعصبيات والاقليات والطائفيات في حدودها الضيقة" (621)

لعبت مجلة الاخوة الاسلامية دورا كبيرا في نشر فكر جماعة الإخوان المسلمين في العراق وخارجه ، كما استطاعت استقطاب العشرات من كتاب ومفكري جماعة الإخوان من العراق والوطن العربي والعالم الاسلامي للاسهام في تحريرها. (622)

كانت مجلة الاخوة الاسلامية تصدر بحجم 27 سم × 20 سم وحوى غلافها الخارجي على شعار الإخوان المسلمين وهو عبارة عن سيفين متقاطعين على شكل X وفي وسط تقاطع السيفين صورة لكتاب مفتوح كتب عليه "انه لقرآن كريم" في حين كانت كلمة "الله اكبر" على اليمين وعلى اليسار كلمة "لله الحمد" فيما كانت بين قبضتي السيفين كلمة "وأعدوا" وجعل السيفين المتقاطعين داخل دائرة .

أما الصفحات الداخلية للمجلة فقد حوت موضوعات سياسية عامة ، وفقهية واجتماعية تتناول دور الفرد والاسرة والمشكلات الاجتماعية الاخرى ، واقتصادية ، وفكرية ، وكلها تنطلق من منطلق اسلامي وفق منظور فكر جماعة الإخوان ، كما تضمنت ابواباً اخرى منها ما هو مخصص لنشاط جماعة الإخوان الثقافية والرياضية والسفرات والدعوات بين شعب الإخوان تحت اسم في "محيط الإخوان" وباب الفتاوى

كما كان للمراة حضور على صفحات مجلة الاخوة الاسلامية ، إذ أسهمت عدد من العناصر النسوية الإخوانية في المشاركة في تحريرها ، خاصة ما هو مخصص للمراة ودورها الاجتماعي والفكري والاسري في المجتمع وفق منظور اسلامي ، كما حوت على بعض الاعلانات من بعض دوائر الدولة. (623)

ويعزو جماعة الإخوان المسلمين في العراق غلق المجلة جاء بعد ان نشرت قصيدة لشاعر الدعوة وليد الاعظمي هاجم فيها بشدة نوري السعيد بعد ان منعت وزارته (624) دخول المرشد العام للإخوان المسلمين حسن الهضيبي (625) الى العراق (626) لكن يبدو ان الغلق جاء تنفيذا لما جاء بالمرسوم ذي الرقم 24 لسنة 1954 والخاص بالمطبوعات إذ أصدرت وزارة الداخلية في 12 كانون الاول عام 1954 أمرا بالغاء اجازات الصحف والمجلات الممنوحة من العمل (627) وقد صدرت عن مجلة الاخوة الاسلامية في السنة الاولى لصدورها (24) عددا في حين صدر في السنة الثانية (14) عددا ، وانّ آخر عدد صدر منها يوم الاثنين 9 آب عام 1954 .

2. مجلة لواء الاخوة الاسلامية:

قرر الصواف بعد ثورة 14 تموز عام 1958 اصدار مجلة اسلامية لترد على الصوت الشيوعي في الشارع العراقي بعد ان استفحل أمرهم حسبما ذكر (628)، لذلك تقدم الى الجهات المسؤولة للحصول على رخصة لاصدار تلك المجلة ، وسرعان ما حصلت الموافقة على ذلك ، وتم اصدار العدد الاول منها في 22 كانون الثاني عام 1959. (629)

وتتميز مجلة لواء الاخوة عن شقيقتها (الاخوة الاسلامية) بأنها أكبر حجما منها (40سم × 30 سم) وخالية من شعار الإخوان (السيفين المتقاطعين) وأقل في عدد الصفحات (لا تتجاوز 16 صحيفة) ، كما انحسر عدد الكتاب والمشاركين في تحريرها من جماعة الإخوان من الوطن العربي والعالم الاسلامي قياسا مع مشاركتهم في مجلة الاخوة الاسلامية

كما كانت تتصدر صفحاتها الاولى صورتا الفريق محمد نجيب الربيعي رئيس مجلس السيادة (630) والزعيم عبد الكريم قاسم (631) مع مقتطفات من أحاديث وخطب سابقة لهما (632)، ولا تختلف ابواب المجلة عن سابقتها . فيما تتناوله من مواضيع سياسية واقتصادية وفكرية واجتماعية وفقهية ، كما كانت تضم ابوابا للرياضة ولأسئلة القراء المختلفة .

نالت مجلة لواء الاخوة الاسلامية رضا وإعجاب الجهات العليا ، إذ استقبل الفريق محمد نجيب الربيعي ، الصواف في مكتبه ، في اليوم الثاني لصدور المجلة وأبدى اعجابه بها، وشجعه على ما تناولته من موضوعات ومقالات في صفحاتها (634) الا ان المجلة لم تستمر في الصدور بعد ان اخذ الصواف يهاجم الشيوعيين على صفحاتها (635)

وقد تزامن ذلك مع حركة الشواف 7 – 8 اذار 1959 ، الامر الذي دفع وزارة الإرشاد الى اصدار قرار الغاء امتيازها بناءً على مقتضيات المصلحة العامة كما أدعت (636) الا ان الصواف يحمل (ذو النون ايوب) (637) مدير الدعاية العام تعطيل المجلة والغاء امتياز صدورها (638)

الصحافة الثانوية:

1. صوت الإخوان:

نشرة شهرية تصدر من شعبة الاعظمية ، وهي على شاكلة مجلة لواء الاخوة الاسلامية في حجمها والمواضيع التي تتناولها ، ولكن بشكل مختصر ، وتوالى على الاسهام في تحريرها عدنان رانيه ، وحسن احمد الصالح ، ووليد الاعظمي ، واسماعيل المجلد ، وسعيد عبد الله ، وعبد الملك أمين. (639)

2. لواء الإخوان :

نشرة شهرية تصدرها شعبة الكرخ ، وقد صدر عددها الاول في نيسان عام 1953 ، وتوالى على الاسهام في تحريرها عبد الكريم زيدان ، وفاضل صالح السامرائي ، وفاضل دولان ، وصالح عبد الله سرية (فلسطيني) ، وعلي السعدون ، وطارق الدروبي ، وطالب اسماعيل ، ومحمد عبد الرحمن ، وجاسم العاني ، وعبد الرحمن محمد سعيد .

تناولت النشرة في صفحاتها مقالات سياسية وتاريخية ودعوية وفقهية واجتماعية متنوعة وفق منظور اسلامي (640)

3. نشرات أُخَرَ :

كما كان هناك بعض النشرات التي تصدر من جهات عديدة منها نشرة (مجلة الطريق المستقيم) يصدرها الطلبة من الإخوان في كلية الحقوق (بغداد) ، ونشرة (البعث) يصدرها الطلبة من الإخوان في اعدادية الموصل ، وكذلك نشرة (صدى الدعوة) التي يصدرها قسم نشرة الدعوة في المركز العام .

كما تولت لجنة النشر لاخوان الكليات في المركز العام اصدار نشرات دعوية مثل نشرة (دعوتنا دعوة البعث والانقاذ) ، ونشرة (ما هو الاسلام) ونشرة (الاسلام دين ودولة) ، كما اصدرت شعبة الموصل نشرة (الرابطة) .

وفي عام 1954 وعند فيضان نهر دجلة اصدر المركز العام للاخوان نشرة باسم (نكبة الفيضان) تولى الاشراف عليها المؤرخ عباس العزاوي (641) ، ورصد ريع بيعها لمنكوبي الفيضان الذي بلغ ما يقرب من سبعة وأربعين دينارا وثمانمائة وتسعين فلسا. (642)