مدحت الحداد: الضبابية السياسية تثير القلق على مستقبل مصر
بقلم:محمد مدني-الإسكندرية
أكد المهندس مدحت الحداد، مسئول المكتب الإداري للإخوان المسلمين في الإسكندرية، أن المرحلة التي تمر بها مصر مليئةٌ بالضبابية؛ بسبب عدم وضوح الرؤية، وعدم وجود سيناريو واحد، مشيرًا إلى أن الإدارة الحاكمة- سواء المجلس الأعلى للقوات المسلحة أو مجلس الوزراء- لا تملك رؤيةً محددةً للمستقبل في ظل عدم وجود جدول زمني لتسليم السلطة لإدارة مدنية.
وألمح خلال المؤتمر الذي عقدته جماعة الإخوان المسلمين، مساء أمس، بمسجد عصر الإسلام، أن استمرار المجلس العسكري منذ الثورة وحتى الآن في السلطة التشريعية والتنفيذية أصبح مصدر قلق والتباس ليس عند القوى السياسية فقط، ولكن عند شعب مصر، حتى إن الشعب المصري بات يسأل: "إلى أين نحن ذاهبون؟".
وشدد على أن الموقف المتباطئ من المجلس العسكري وكذلك الحكومة يشكل خطرًا على الثورة في تحقيق أهدافها وقال: "الظاهر والمرئي أن فلول النظام قد أصبح لهم ثمانية أحزاب بموافقات قانونية، وجميعها تطالب العسكري أن يستمر في حكم البلاد حتى يستقر الأمن"، وفى الوقت نفسه، الذي تثبت فيه التحقيقات أن هذه الفلول بمعاونة من قوى خارجية تسعى إلى إحداث الفوضى نجد في المقابل تهاونًا مع البلطجية وإطلاق أيديهم في الشارع، بالتزامن مع بدء ظهور عناصر أمن الدولة وجمع بيانات خاصة للشباب، فضلاً عن تحول شهود الإثبات في قضايا قتل المتظاهرين إلى شهود نفي، وضغوط وإغراءات مالية على أسر الشهداء للتنازل عن القضايا.
وأضاف: "تتكامل هذه المنظومة بالإصرار على إعلان مبادئ فوق دستورية تعلو هوية الأمة، وتمهد لاستمرار حكم العسكر، بالإضافة إلى استمرار فلول النظام بأجهزة الدولة والجامعات، وتعيين محافظين من أمن الدولة، فضلاً عن أحداث أخرى عن تجرؤ الشرطة على أفراد من الشعب، وتكرار جرائم التعذيب والقتل التي تقوم بها الشرطة، وتنصت على التليفونات، وتعدٍّ على رموز الوطن.. وبدلاً من إحكام القبضة بقانون الغدر الذي يمنع تسلل الوطني وأمن الدولة نرى الإعلان عن تفعيل الطوارئ والعمل به، على الرغم من وعد العسكري بإنهاء حالة الطوارئ قبل الانتخابات التشريعية رغم الخطأ القانوني الذي لا يمر إلا بدستور شعبي".
وأضاف أن من أهم الظواهر التي تحدث في مصر الآن هو أن قوى خارجية تبحث عن إجهاض الثورة وتبذل الأموال من أجل مد المرحلة الانتقالية، وتسخِّر إمكاناتها المتاحة لفرض الوصاية من أجل إنفاذ تصورها للنظام الجديد والحد من تنامي قوى شعبية يلتف الناس حولها.
وأرسل "الحداد" 11 رسالة قال: إنها رسائل الشعب المصري لمن يهمه الأمر، جاء من أبرزها التحذير من أي محاولة لتأجيل الانتخابات في ظل تخبط وتضارب المواعيد حول موعد الانتخابات كما حذر من المبادئ فوق الدستورية وإقرارها رغمًا عن إدارة الشعب.
الرسالة الثالثة التي وجهها الحداد هي أن الشعب المصري يرصد زيارات ليس فوق مستوى الشبهات من الخارج لا نعرف مضمونها، لكنها تحدث ارتباكًا في القرارات والتصرفات بعد ذلك من جهات الإدارة المختلفة والجميع يسأل: لمصلحة من يتم ذلك؟!
وتابع: لا تخطئوا في تقدير ثورة هذا الشعب، فهذا الشعب أحفاد الذين هزموا الرومان على أرضه، وهزموا الصليبيين والتتار والقائد نابليون الذي هرب من الإسكندرية سرًّا عبر البحر، وتصدَّى للإنجليز عام 1981 ولولا الخيانة العسكرية ما هزم جيش مصر خير أجناد الأرض الذي لا يهزم إلا بخيانة أو معصية، وهذا الشعب الذي تصدى للإنجليز بثورات أهمها ثورة 1919 التي جمعت مصر بمسلميها ومسيحييها، وحمى حركة الضباط في يوليو، وأيدها قبل أن تنقلب على الديمقراطية وهذا الشعب الذي حقق انتصارًا في عام 1973، ثم كاد يقضي على الكيان الصهيوني، وهو الذي خرج يوم 28 يناير ينادي الشعب يريد إسقاط النظام.
وعن الرسالة الرابعة التي وجهها الحداد، قال: إن الشعب يرى أن عناد النظام وكبر قادته هو الذي قاد النظام إلى الهاوية، والشرعية لا تستمد إلا من الشعب، فلا تستمد من أمريكا ولا غيرها، كما شدد على أن الصراع على الهوية لن يصب في النهاية إلا لانتماء الشعب.
وفي رسالته الخامسة قال: إن الفرصة ما زالت قائمة للقائمين على شئون البلاد لكتابة أسمائهم بأحرف من نور إذا ما راعوا مصالح هذا البلد وكذلك مزبلة التاريخ جاهزة في حال العكس.
وحذر مسئول المكتب الإداري من محاولة تقسيم الشعب من الخارج، والتي لن تكون ولن تمر بأي حال من الأحوال، وقال: بعض الجهات الخارجية تحاول تحويل هذا الربيع العربي إلى فرصة لتنفيذ مخطط للتقسيم، كما حدث في العراق والسودان ومحاولات في مصر وسوريا واليمن، ونقول لهؤلاء:
لقد نجحتم حينما حكمت الشعوب بقوانين أجنبية، وهيهات أن تنجحوا، فهذا الشعب يمتلك جيشًا وأفرادًا يستطيعون صد كل ما تحاولون فعله.
وتابع: يرى الشعب أن تقسيم الدوائر الانتخابية والذي يقصر الدوائر الفردية على المستقلين يفتح الباب لأمن الدولة والفلول، مشيرًا إلى أن القوائم التي تم تجهيزها حتى الآن بشكل غير رسمي تقول:
إن عدد ضباط أمن الدولة 1400 ضابط، وعلى الداخلية أن تنهي الأمر بإعلان قائمة وحق أصيل للشعب أن يعرف أين ذهب جلادوه؟ وهل يقومون بالعمل نفسه أم يقومون بأعمال أخرى لا يعرفها الشعب؟
وكذلك مصر لن تخسر إذا أبعدت 10 آلاف من الحزب الفاسد عن الحياة السياسية، منتقدًا ما أسماه "التعمية" والإخفاء على هؤلاء والسماح لهم بتكوين أحزاب، مشددًا على أن هؤلاء لم يكونوا من أبناء الثورة وإنما من المفسدين.
وأشار إلى أن الإخوان لا يقصدون كل من حصل على كارنيه الحزب الوطني أن يتم استبعاده، وإنما قياداته التي تحكمت وأفسدت وزوَّرت، مشددًا على أن رأي الإخوان الاكتفاء بالعزل السياسي، وقال:
لن نحاسبهم على أعمالهم التجارية أو نقطع أرزاقهم كما قطعوا أرزاقنا، مشيرًا إلى أن عدم تفعيل قانون الغدر يعد حماية للمفسدين.
من جانبه قال الداعية الكبير محمد حسين، عضو مجلس الشورى العام لجماعة الإخوان: إن الثورة قائمة وستتم بإذن الله، ولا بد أن يكون عندنا يقين في أن الله الذي ألهمنا هذه الثورة لن يضيعها، ولا بد أن يكون لدينا قناعة ويقين بأن لكل شيء سببًا، ونزولنا الشارع في الثورة أسباب رتبها الله الذي بيده ملكوت كل شيء، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وأضاف: الشعب هو الوسيلة التي يغير بها الله، والله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، والثورة غضبة جماهيرية قوية للتغيير، فما بالكم بشعب الله معه؟!.. تخيلوا لو أن الدنيا تقف ضد واحد وهذا الواحد معه الله فلمن ستكون الغلبة؟!
وتابع: التغيير لم يتم، والثورة لا تزال قائمة، وإياكم أن تظنوا ذلك؛ فهناك من يريد إيهام الشعب أن الثورة انتهت، وبالمفاهيم التاريخية والدينية والقانونية لا بد أن يكون هناك تغيير في الأنظمة من دستور وقانون، وهذا لم يحدث بعد، فلا بد أن تستمر الثورة.
وشدد على أن الإخوان يرفضون كل أنواع المحاكمات الاستثنائية، مع تأكيدهم على ضرورة تغيير من طبقوا قوانين الظلم والاستبداد؛ لأنهم أناس أخذوا على الظلم وإهانة كرامة مصر والمصريين، وظنوا أنهم أسياد الشعب فيجب أن يتغيروا، لا ننتقم منهم.. لكن نقول: كفاكم..
سنعدل بينكم، حتى الظالم الحاكم الذي حاكم الإخوان استثنائيًّا مع ذلك نرفض له المحاكمة الاستثنائية فهي غضبة بعدل دون انتقام.
ودعا إلى التفريق بين بقايا والنظام والشرطة والجيش؛ لأن جميعهم مصريون وهم أولادنا وإخواننا، مشيرًا إلى أن هناك من يريد أن يفرق ويحدث فتنة، ومسئولية الجميع أن يثبت عكس ذلك؛ لأن هذه الشرطة قائمة على الأمن الداخلي، والبيت الواحد يكون فيه ضابط أو طبيب أو عامل لا يفرق بينهم في السكن شيء، فالجميع واحد ومواطن واحد وفقط، كل منهم يرتدي زيًّا مختلفًا ليؤمِّن حدودًا أو مهنة أو صحة أو عيشًا وكسبً؛ فالجميع يتعاون من أجل أمن مصر، وقال:
إذا كانت التفرقة بين الشعب والجيش والشرطة غير مقبولة، فلماذا لا نفرق بين المهندسين والأطباء؟ ولماذا لا نقول: الجيش والمهندسين أو الشرطة والمحامين.
وأشار إلى أن الجيش المصري على مر العصور، وثورات الشعب المصري، كان له تعاون مع الشعب؛ لأنه جزء منه مثل ثورة عرابي التي حررت الشعب، فوقف بجوار عرابي، وكذلك الحركة العسكرية عام 1952 التي أيدها الشعب؛ لأنها كانت ضد الظلم والفساد، فأصبح الجيش والشعب والآن ثار الشعب ووقف الجيش معه؛ لأنها وظيفته.
وتابع: الأمن المركزي فقط كان مخدوعًا بعد تسمم أفكاره، وآن لنا الآن أن نستيقظ.. لا نفرق بين شرطة وجيش وشعب، فليسوا يدًا واحدة، ولكنهم روح واحدة وشعب واحد، وهذا ما لا بد أن نفهمه ولا بد من اليقين أننا ما زلنا ثائرين، ولا ندري ما سيحدث فنُري الله من أنفسنا خيرًا وإرادة الله أن يغير بنا فنري الله منا خيرًا؛ لأن الثورة روح لا بد أن تسري في أوصال الأمة فتكون ثائرة من أجل للحق.
المصدر
- مدحت الحداد: الضبابية السياسية تثير القلق على مستقبل مصر موقع إخوان أون لاين