هو فيه إيه؟!!!
بقلم: عبده مصطفى دسوقي
هذا السؤال يراود كل مصري الآن يمسي ويصبح على الأحداث الجارية، ودائما ما يسأل نفسه أو يسأل غيره هو فيه إيه؟
هو فيه إيه وما يجري؟
هل هي انتخابات تشريعية لمجلس تشريعي أم أنها حرب شعواء للحصول على كرسي داخل هذا المجلس؟
هل رغبة كل هؤلاء توفير تشريع يحمي المواطن ويوفر له سبل المعيشة الكريمة أم هناك أهداف وأغراض أخرى تدفعهم لأن ينفقوا الملايين على الدعاية والرشاوى والبلطجة من أجل دخول هذا المجلس؟
حقا البلاد تعيش الآن زخم أحداث الانتخابات البرلمانية القادمة والمقرر لها أن تجرى يوم 28/ 11،
ومنذ أن اقتربت الدورة الأخيرة في البرلمان الحالي على الانقضاء وأعلن رئيس الدولة إجراء انتخابات جديدة وقد سارع إليها الكثيرين ليرشحوا أنفسهم للحصول على كرسي داخل هذا المجلس التشريعي.
ومنذ أن انطلق ماراثون هذه الانتخابات وقد انطلقت معها رصاصة الحرب الأولى، حرب التصريحات، وحرب التهديدات، وحرب الاعتقالات، حتى أصبح كل مصري لا يؤمن على نفسه ولا أهله حتى ولو مستكين داخل مسكنه.
فلماذا إذا كل هذا؟
وما مفهوم البرلمان عند كل من سارع ورشح نفسه وجهز أسلحته وبلطجيته وأمواله ليقتص من غريمه هذا الكرسي.
من الواضح أن مفهوم ودور البرلمان قد تغيير لدى المرشح ولدي الناخب ولدى النظام نفسه المخول له حماية النفس والأعراض والأموال، غير أن ذلك أصبح ليس له وجود الآن.
فالنظام يشن حرب شعواء على المعارضة عامة وعلى جماعة الإخوان المسلمين خاصة، وذلك حماية للكرسي الذي يجلس عليه من عشرات السنين،
ولا يريد أن يفترق عنه إلا مع مجيء ملك الموت، وقد استخدم النظام وسخر كل إمكانيات الدولة للدفاع عن هذا الكرسي، من خلال التصريحات النارية الصادرة من قياداته،
فمثلا نجد السيد جمال مبارك أمين السياسات- والذي يريد النظام فرضه كوريث للكرسي
- يتخلى عن كونه يؤهل ليكون مسئول عن شعب كامل فيخرج بتصريح عبر التليفزيون والصحف أن هذه الانتخابات لن تكون مثل انتخابات عام 2005 م وأنها ستشهد تغيرات كثيرة لن يحقق فيها المعارضة أية نجاح.
وليس هذا فحسب فقد رأينا السيد صفوت الشريف الأمين العام للحزب الوطني يؤكد على ذلك فى أكثر من تصريح، مما جعلنا نتساءل هل هم ينافسون على الكرسي بشرف أم أنهم يجبرون المواطنين على اختيار مرشح بعينه وهو مرشح الحزب الوطني.
ولم تتوقف التصريحات عند هؤلاء فقط بل دخل أحمد عز بثقله مهددا جماعة الإخوان المسلمين والمستقلين والمنشقين عن الحزب بالويل والثبور وأنه لا فرصة لهم في دخول البرلمان وأن البرلمان سيكون حزب وطني مائة في المائة،
وخرجت قيادات الحزب بصريحات لا حصر لها سواء القيادات العامة أو قيادات الحزب في الأقاليم،
وكان أخر هذه التصريحات، ما خرج به علينا اليوم الدكتور على الدين هلال أمين الإعلام بالحزب الوطني، بقوله:
إن هالة القداسة التي كانت تحيط بمرشحي جماعة الإخوان سقطت خلال الخمس سنوات الماضية، بعد أن شعر المواطن بأن أداءهم فى البرلمان لم يكن على المستوى المطلوب".
ولا أدري بما يقصد بأدائهم، هل الأداء التشريعي أم الداء الخدمي، وهل مجلس الشعب مجلس خدمي أم مجلس تشريعي، وإن كان الإخوان قاموا بما في استطاعتهم من التصدي لكثير من التشريعات المشينة، وقاموا في حدود قدراتهم بخدمة أبناء الدائرة.
وإن كنت أعلم أن الأمور الخدمية لكل مواطن تتكفل بها الوزارات والمجالس المحلية والأجهزة التنفيذية وليست التشريعية أو الرقابية.
لم تتوقف الصراعات حول الكرسي على ذلك بل كان لكل مرشح أداة ووسيلة للحصول على هذا الكرسي،
فنجد الكثيرين يدفعون الآلاف فقط لينالوا بركة المجمع الانتخابي في الحزب الوطني وليأتي على قوائمه،
حتى أن الكثيرين ممن أنعم عليهم المجمع باختيارهم أقاموا الأفراح والزغاريد لحصولهم على هذه البركة العظيمة.
وحينما حلت النكبة على مرشحي الحزب الوطني بأن يجدوا أمامهم الخصم اللدود من مرشحي الإخوان المسلمين في المنافسة،
غير أنه كان في السابق يوجد لديه بعض المميزات من أن النظام والحزب الوطني هيزور له الانتخابات ويأتي به حتى ولو لم يحصل على صوت واحد،
لكن الحسرة الكبيرة في هذه الانتخابات أنه وجد مع منافسته لمرشحي الإخوان مرشح أخر من الحزب الوطني على نفس الكرسي نال أيضا بركة الحزب الوطني بمجيئه في قوائمه ومن ثم اشتعلت حرب الخطف والتهديدات والصراعات وتكسير العظام ليس بين الإخوان ومرشحي الحزب الوطني وذلك لأن النظام كفل لهم الأمر بأن أطلق عنان وزارة الداخلية تقتل وتخطف وتعتقل وتمنع أوراق وتهدد وتحجب توكيلات وتمزق الدعاية وتمنع المسير لمرشحي الإخوان.
لكن كان لزاما على مرشح الحزب الوطني أن ينتصر على رفيقه في الحزب وأن يخطف الكرسي منه، ولذا وجدنا مثلا مرشح الحزب الوطني في دائرة مصر القديمة يهدد ويبعث ببرقيات تهديد لرفيقه في الحزب والمرشح على نفس المقعد، بل وصل الأمر في المنصور إلى قتل أنصار بعضهم البعض،
بل وإحراق سيارات بعضهم البعض، وليس ذلك فحسب بل تقديم بعضهم طعون في صفة رفقائهم في الحزب، ولذا لا أدري كيف سيدخل قاتل أو نصاب أو مزور مجلس سيشرع فيه لحماية النفس والعرض والمال وهو جاء بعد انتهك كل هذه الأمور.
ولو نظرنا لحال الناخب سنجده ينظر إلى مجلس الشعب على أنه مجلس خدمات فحسب وليس مجلس تشريعي، وليس مجلس خدمات للمجتمع بل مجلس خدمات لنفسه وأولاده وعائلته، فالناخب ينظر لكل مرشح كيف سيستفيد منه، وكيف سيحصل من جراء ترشيحه على كل المميزات سواء من تعيينات أو أموال وغيرها، وهذا هو من سيرشحه.
فقد رأينا الكثيرين من يقولون للمرشحين ماذا قدمت لنا؟، وماذا ستفعلون من خدمات لنا؟ ومن منكم سيعينني ويعين أبنائي وأحفادي، وغيرها من أحلام كل مواطن.
ومن ثم السؤال الآن: ما هو دور مجلس الشعب؟ هل هو دور خدمي أم دور تشريعي؟
لقد تبدل عند الجميع هذا المفهوم من كونه مجلس تشريعي يحمي البلاد ويصون الوطن إلى مجلس خدمات خاصة، فالحزب الوطني يريد أن يسيطر عليه كاملا من اجل الحفاظ على الكرسي ومن أجل الحفاظ على رجاله الأوفياء الأثرياء من السؤال أو المحاسبة، وإعطائهم حصانات تكفلهم لفعل أية شيء.
وكل مرشح يريد أن يدخل المجلس ليسن لنفسه قانون "أنا فوق الجميع" ومصلحتي فوق الوطن، ومن ثم يحتمي في حصانة هذا المجلس وقدسيته فيفعل ما يشاء، حتى ظهر لنا نواب القروض، ونواب سميحة، والنائب المختلس والمرتشي والقاتل.
لقد أصبح كل واحد يسعي بكل قوته لينال هذه الحصانة ليس لخدمة وطنه أو تشريع يسن لحماية الوطن من الأخطار الخارجية بل دخل ليمنح لنفسه مجدا، ويستطيع أن يفتح الأبواب المغلقة أمامه لينهل منها ما يشاء تحت حصانة المجلس.
ليس كلامي يقصد به على العموم لكن لقد دخل المجلس أناس فهموا الدور المنوط بهم فأدوه على خير وجه بقدر استطاعتهم،
ولست أقصد الإخوان فحسب أو بعض المعارضة لكن في المجلس أيضا شرفاء فهموا قضية وطنهم فعاشوا من أجلها،
وهؤلاء هم الذين يستحقون أن يكونوا في البرلمان لحماية الوطن من التهديدات الخارجية والداخلية، ولحماية النفس والمال والعرض.
لابد أن يدرك كل مواطن أن حقوقه مكفولة لدى كل وزارة من الوزارات الكثيرة وأيضا في المجالس المحلية، التي استشرى فيها الفساد، أما مجلس الشعب فهو مجلس تشريعي لحماية الجميع، ولابد لكل واحد يدافع عن هذا الحق.