"حشمت": التيارات المعتدلة حماية للدولة من التطرف

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"حشمت": التيارات المعتدلة حماية للدولة من التطرف

[25-01-2004]

مقدمة

• عنف الدولة يدفع المواطنين نحو العنف المضاد.

• الحديث عن الإصلاح مجرد شعارات لإرضاء الغرب.

• هناك تعتيم إعلامي على أداء نواب (الإخوان).

الدكتور "محمد جمال حشمت" أحد أبرز نواب جماعة (الإخوان المسلمين) في مجلس الشعب المصري (البرلمان)، وممن كان لهم دور بارز في العمل البرلماني, فجَّر العديد من القضايا، وتسبب في إقالة 7 مسئولين حتى خرج من المجلس بمسرحية هزلية من إخراج النظام المصري, ولم يكتف النظام بإخراجه من البرلمان، بل ألقوا القبض عليه وبضيافته ستة من الأصدقاء بتهمة الانتماء إلى جماعة (الإخوان المسلمين)، والاجتماع لإحياء نشاط الجماعة من جديد.

التقينا به بعد قضاء أربعة أشهر داخل السجون المصرية؛ لنتعرف على الأسباب الحقيقية لإلقاء القبض عليه، وهل كان لأدائه البرلماني البارز دور في القبض عليه، وتلفيق اتهامات له؟ الإجابة عن هذا السؤال وغيره من الأسئلة في تفاصيل هذا الحوار:


نص الحوار

  • في البداية نريد أن نعرف أسباب القبض عليكم ومعاملة السلطات المصرية معكم بهذه الصورة؟
في تقديري الشخصي أن ما فعلته الحكومة معي تصرف خاطئ، فقد جاء هذا التصرف بنتائج عكسية, فما حدث في المجلس من إبطال عضويتي بصورة ظالمة، ثم محاصرة دائرتي الانتخابية بقوات الأمن المركزي لمنع الجماهير من الإدلاء بأصواتها كلها أمور جعلت الجماهير تصاب بإحباط ويأس من التغيير السلمي، وزاد في الوقت ذاته من شعبيتي وتعاطف الناس معي, ومن ثمّ رأوا ضرورة أن يتخذوا إجراءً ينهي هذا الأمر، ويشعر الناس بأن من تختاره الدولة هو الذي سينجح، وأن من ترضى عنه هو الذي سيبقى, وقد أبلغت المسئولين أن هذا التصرف صنع رد فعل خطير لدى الناس؛ حيث شاهدوا أن نموذج الدكتور "محمد جمال حشمت" الهادئ الموضوعي، الذي يتحرك في القنوات الشرعية، ولا يجرح هيئات أو أشخاص يتعاملون معه، كما يتعاملون مع أهل العنف دون تمييز.
  • وما هي الخطورة في ذلك على النظام؟
نتيجة هذا الخلط، بدا أن الدولة تقف ضد الإسلام، وبالتالي قدموا المبرر للبعض لممارسة العنف، وذلك بعدما شاهدوا من يؤمنون بالتداول السلمي للسلطة، والعمل السياسي الشرعي، يعاملون معاملة أهل العنف؛ فلم إذن يسير المعتدلون في طريق الاعتدال؟!
ولذلك فعليهم الآن أن يدافعوا عن هذا الكيان، خاصة أن هذه الممارسات الخاطئة سوف تعمل في أقل من عشر سنوات على إنبات بؤر تطرف وعنف أشد تطرفًا مما سبق، بعيدةً كل البعد عن الجماعات الإسلامية؛ وذلك نتيجة التعامل بهذه الصورة مع التيار السلمي المعتدل.
ومن الأمور الأخرى التي تصنع تطرفًا مضادًّا أن الدولة تحمل شعار الإسلام نظريًّا، وتخالف هذا المبدأ في تطبيقها، ويظهر ذلك بوضوح في مسائل الإعلام والتعليم، وتقييد الحريات، وعسكرة المجتمع، وكل هذه الأمور تصيب الشباب بالتوتر، وربما لا يجد هذا الشباب طريقة إلى التيار السلمي؛ حيث أغلقت قنواته، فيلجأ إلى العنف نتيجة فهمه للآيات والأحاديث بصورة خاطئة.


بؤر تطرف

  • هل يمكننا أن نقول إن التجاوزات التي تقوم بها السلطات المصرية على هذا النحو يمكن أن تكون سببًا في عودة التطرف والعنف من جديد للساحة المصرية؟
أنا أتوقع أن يعود العنف مرة أخرى طالما استمر هذا المنهج في التعامل مع المواطنين ومع التيارات الإسلامية المعتدلة, فبؤر التطرف القديمة سوف تنتهي، وتنبت بؤر تطرف أخرى نتيجة انفصام الدولة في علاقتها بالدين الإسلامي، وفي تعاملها مع التيارات الإسلامية دون تمييز.
  • في تقديرك الشخصي هل يتعارض مسلك النظام هذا مع ما يدعيه من حين لآخر عن حرصه على الإصلاح السياسي الداخلي؟
أنا أظن أن الدولة مضغوطة بضغوط خارجية تحتم عليها ضرورة أن يكون هناك إصلاح "بيدي لا بيد عمرو"، ولكن في الوقت ذاته، النظام فضل الظلم ولم يتعود الرأي الآخر، أو معالجة مشاكله مع الآخرين بمنهجية, ولم يتعود أن يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار، بل يسعى للحفاظ على مصالحه الشخصية وعلى كرسيه, ومن ثم يتحدث رجال النظام عن فكر جديد وحقوق إنسان وديمقراطية وإصلاح، إلا أنها لا تعدو أن تكون مجرد شعارات لترضية الغرب الذي لن ينخدع بهذه التصرفات.


أزمة حقيقية

نحن نعيش أزمة حقيقية؛ حيث يعاني النظام الحاكم من شيخوخة وجميع قنوات الاتصال لديه مسدودة، وفوق كل ذلك نرى أن هذا الفكر الذي شاخ هو الذي يسيطر على الحياة، وتنفيذ برامجه بواسطة رجال تربوا على كل الموائد، وفي كل العصور، ليس لهم مصلحة في التغيير.
  • هل يمكننا أن نقول إن الرسالة التي وجهت إلى الدكتور "حشمت" هي رسالة لكل نواب (الإخوان)؛ حتى لا يستمروا في أداء دورهم بفاعلية؟
تجارب جماعة (الإخوان المسلمين) في الماضي والحاضر وفي المستقبل- بإذن الله- تؤكد أنهم لم ولن يتنازلوا عن شيء، بل إن التضييق عليهم يخرج أجيالاً جديدة، فهي دعوة ولود، ولن تتأثر بهذا التضيق؛ ولذلك فأنا أعتقد أن هذه رسائل سلبية، لن تكون في صالح النظام بقدر ما هي في صالح الجماعة.
  • من أكثر المعارك التي أدرتها هي معركة الكتب الثلاثة، وقد رأى البعض أن المصير الذي تعرضت له قد يتعرض له النائب "مصطفى محمد" بعد أن أثار قضية كتاب "وصايا في عشق النساء"؛ فما رأيك؟
أنا أظن أن الروايات الثلاثة ليست هي السبب فيما تعرضت له، وأظن أنها سبب من ضمن الأسباب، وهناك أسباب أخرى كثيرة، منها: التسبب في إقالة 7 مسئولين من خلال تقديم بعض الأسئلة وطلبات الإحاطة, خاصة بعد أن اكتشفت أن الوزراء الطامحين يتمنون أن يقدم ضدهم استجوابات حتى يقوموا باستعراض أمام التليفزيون؛ ولذلك تقدمت بأسئلة وطلبات إحاطة بنفس قوة الاستجوابات, وانتهى الأمر في النهاية بإقالة المسئولين.
والأمر الآخر الذي أوجعهم أننا كنا نتكلم بلغتهم، ولم نتكلم بلغة الواعظ كما كان يظن البعض، بل نتكلم بالقانون والدستور، وبالتالي كان الأمر من وجهة نظرهم يحتاج إلى إعادة نظر, كذلك أعتقد أن سفري لإيطاليا، والالتقاء بالمصريين في الخارج للتعرف على همومهم، يبدو أنهم قد اعتبروه أحد أدوار العظماء فقط.


أداء النواب

إنهم يبذلون مجهودًا ضخمًا، إلا أن هناك تعتيمًا إعلاميًّا على نشاطهم.. وأداؤهم في المجلس يتحسن من عام لآخر, لكن هناك بعض المعوقات، مثل المناخ داخل المجلس، الذي لا يساعد على البذل والعطاء, إضافة إلى المناخ العام، الذي يعرف الجميع أنه سيئ، ومن ثمَّ فدور (الإخوان) توضيح الصور وتقديم المقترح، إلا أنهم لا يجدون آذانًا صاغية في حكومة تمتلك أغلبية عمياء، وترفع الالتزام الحزبي فوق مصالح الوطن العليا.
  • هل يمكننا أن نقول إن هذه الأوضاع هي التي تجعل البعض يروج أن (الإخوان) ليس لهم أي إنجازات ملحوظة داخل البرلمان؟
لابد في البداية أن نحدد ما هو المطلوب من 17, أو 16 نائبًا من بين 454 إجمالي أعضاء مجلس الشعب, فمن يظن أن هناك تغييرًا تشريعيًّا يتم فهو مخطئ، وإذا كان يتوقع أن يكون هناك تغيير في السياسات والأشخاص فهو مخطئ أيضًا، لكننا نجحنا في رفع مستوى الأداء في المجلس، فاضطر المتحدثون إلى أن يحضروا جيدًا، إضافة إلى أن كل القوانين التي قدمت كان يراعى أن تكون مطابقة للشريعة الإسلامية.
وبالرغم من ذلك، فإن هناك كثيرًا من المشاريع تمرر بواسطة الأغلبية المطلقة, هذه الأغلبية التي ليس لديها عقل تدرس به ما سوف يحدث في المستقبل لهذا البلد تحت وطأة هذه القوانين، مثل ضريبة المبيعات، والبنوك، وكثير من التشريعات الضخمة التي تم إصدارها ومن شأنها أن تسبب مزيدًا من المشكلات الاقتصادية، إضافة إلى القوانين الأخرى التي صدرت، وتقييد الحريات والعمل الأهلي، والشعب وحده هو الذي يدفع الثمن.


رفع المظالم

  • طالما أنكم تدركون أن دوركم لن يكون مؤثرًا بالصورة المطلوبة؛ فلماذا يقدِّم (الإخوان) كل هذه التضحيات للوصول إلى البرلمان؟
البرلمان مكان مهم في الدولة لابد أن يصل إليه من هم حريصون على مصلحة هذا البلد, فلا يمكن أن نقف عند حد الكلام النظري؛ ولذلك إذا أتحيت الفرصة لتقديم نموذج عملي لرفع المظالم عن الناس، ولأداء الدور الرقابي، فلابد أن أستثمر هذه الفرصة، ولا يجب أن تقول "طالما إنني لن أفعل شيئًا، فلن أدخل البرلمان"، فهذا كلام غير عملي، فإذا كان لدينا 16 نائبًا اليوم، فغدًا- بإذن الله- سيكون 60، وهكذا.. وعلينا ألا نقلل من الجهود التي تبذل.
  • هناك اتهام عادة ما يوجه إلى نواب (الإخوان) بأنهم مشغولون بالقضايا الثانوية، مثل: الترقب لبعض الكتب والروايات، على حساب كثير من القضايا الهامة والملحة، مثل: الوضع الاقتصادي؛ فما رأيك؟
هناك بعض الفئات والاتجاهات السياسية هي التي تروج لمثل هذا الكلام، والدولة تناصرهم فيه، وتروج أن الإسلاميين مشغولون بقضايا هامشية، وهذا الكلام غير صحيح؛ لأن مثل هذه القضايا ليست ثانوية أو هامشية؛ لأنها تمس أخلاق وعقيدة الشعب المصري؛ ولذلك كنا حريصين على الوقوف ضد هذا التيار المتطرف، الذي يهدد ثوابت الأمة، ويهدد أخلاق الشعب وتقاليده، ورغم ذلك، فإن نواب (الإخوان) تعرضوا لقضايا أخرى تخص الموازنة والوضع الاقتصادي والقطاع العام والحريات وغيرها.


"حشمت" في سطور

- هو أستاذ مساعد بمعهد البحوث الطبية- جامعة الإسكندرية.

- حاصل على بكالوريوس الطب والجراحة عام 1980م.

- حاصل على الدكتوراة في الأمراض المتوطنة عام 1993م.

- حاصل على دبلوم علوم سياسية ودراسات برلمانية يوليو 2003م.

- خاض انتخابات مجلس الشعب عام 2000م.

- فاز بأحد مقاعد محافظة البحيرة.

المصدر