تيه الخرس والصم

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تيه الخرس والصم
توفيق الواعي.jpg

بقلم: د. توفيق الواعي

هناك مخطط "إسرائيلي" معروف ومدروس في ضرب دولنا وشعوبنا، وقد يتساءل الجميع: ولكن أين مخططنا نحن حتى في الدفاع عن أنفسنا؟! كم عُقدت مؤتمراتٌ عربيةٌ وإسلاميةٌ، وكانت جميعها انهزاميةً وصوريةً، وأنا أجزم بأنه ليس لدينا مخططات لضرب شعوبنا والقضاء على كوادرها الفاعلة، والانتقام منها لحب بلدها وأمتها وشعبها.

وأستطيع أن أذكر ملامح المخطط "الإسرائيلي" في نقاط:

أولاً: ضرب الجماعات الإسلامية بالإساءة إليها وإلى سمعتها، واتهامها بكل باطل، والتحريض المستمر عليها؛ لأنها القوى الفاعلة في الأمة، وأولاها الجماعات المعتدلة، وتسمع كثيرًا الاستفهامات المتكرِّرة حتى من أكبر دولة في العالم: كيف اكتسبت " الإخوان " الشعبية الكاسحة في المجتمع المصري والدول العربية؟ وكيف وقفت الشعوب مع الإسلاميين في الانتخابات والاعتصامات؟!

ويذهبون في التحريض أكثر وأكثر بتحريض كل شعب وسلطة عليها في جميع أنحاء العالم؛ فنراهم مثلاً يقولون: "غزو الإخوان المسلمين لأوروبا"؛ حيث تجذَّر الفكر الإسلامي في تلك الديار، واكتسب شرعيةً مهمةً ونفوذًا قويًّا؛ ففي ألمانيا على وجه الخصوص يفصح عن أن الإخوان المسلمين قد أحرزوا نفوذًا مهمًّا وقبولاً سياسيًّا أكثر من أي مكان آخر في أوروبا.

هذا وقد شمَّر الإعلام الصهيوني وجوقته المتصهينة في الشرق الأوسط للنَّيْل من تلك الجماعة، ولكن الله سبحانه فعَّال لما يريد.

ثانيًا: ضرب الوحدة الفلسطينية في مقتل، وتشجيع الاحتراب والانقسام؛ حتى ينشغل الفلسطينيون بأنفسهم، ويتركوا العدو الجاثم على صدورهم، الذي يتوسَّع كل يوم ويبني المستعمرات، ويقيم الحواجز والجُدُر التي تقوم بتقسيم الوطن إلى كانتونات صغيرة يسهل ابتلاعها والسيطرة عليها.

ثالثًا: تشجيع الاقتتال الفلسطيني الفلسطيني بشتى الوسائل؛ حتى يتعوَّد الناس على إهدار الدم، وينفضَّ المتعاطفون عنهم، وتذهب قواهم أدراج الرياح، قال تعالى: ﴿وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ (الأنفال: من الآية 46)، وإدخال الحكومات والسلطات في المنطقة على هذا الخط؛ فمنهم من يدرِّب جند طائفة منهم، ومنهم من يسلِّحها، ومنهم من يمدُّها بالمال جهارًا نهارًا، بمباركة العدو الصهيوني ومساعدته حتى على صعيد القتال.

رابعًا: الحصار الخانق وقطع الكهرباء وكل أسباب الحياة ومقوماتها عن الفصيل الغزاوي، الذي لا يشك أحدٌ في إخلاصه ووقوفه في وجه الصهاينة، وردهم في أكثر المعارك حدَّةً على أعقابهم، وقد وصل الحصار إلى أن بلغ لقمة العيش وضرورات الحياة، حتى مات من مات ولا يجد الدواء، أو الطعام تحت سمع الدنيا وبصرها.

خامسًا: تشجيع الاقتتال الفلسطيني ومدُّه بالتأييد والسلاح، وتشجيع فريق على فريق، واختيار الفريق الموالي والذي تحت الحذاء الصهيوني بالمال والطعام، وتعزيز إمكاناته وحرمان غيره من أي صمود أو مهادنة أو حتى التقاط الأنفاس، وإباحة كل المحرمات في سبيل هزيمته.

سادسًا: القيام بالمذابح بين الحين والحين والتذرُّع بالأسباب الواهية لذلك، وعدم ترك الساحة لتستقر ولو للحظة واحدة، واستعمال كل الآلات الحربية وأدوات الدمار الشامل لتركيع حماس وإغراقها في المشكلات، ودعوة الناس للثورة عليها لصمودها ووقوفها حجرة عثرة في وجه التوسع الاستيطاني وابتلاع الأرض، ولتقوم الطائرات بضرب العُزَّل من النساء والأطفال والشيوخ، وتعمُّد ذلك والتصريح به أمام العالم.

ليعلم العالم الذي لا يعي أن "إسرائيل" في إجرامها أشدُّ من النازيين وألعن من فرق الإبادة الجماعية، وأن هذا الشعب يراد زرعه في قلب الأمة ليفعل بها الأفاعيل.

سابعًا: ضرب كل من يستطيع المساهمة في تخفيف المعاناة عن الشعب الأعزل المحاصر:

زفراتي طوفي سماء بلادي وانهلي من شعاعها الريان

أطفئي لوعتي واغمسي رو حي فيها وبرِّدي ألحاني

والافتراء على المحسنين أمر ميسور، واتهامهم شيء مرغوب فيه، وقد تعلَّم العالم الذي يقال عنه "حر" الكذب والبهتان والنفاق والتجني.

ثامنًا: الوصف بـ"الإرهاب" البدعة الجديدة التي لا يعرف كنهَها أحدٌ حتى مخترعوها، وإنما هي كلمة تردِّدها ببغاوات النفاق، وتطلقها شياطين القهر والدمار، وتطبقها إرادة الطامعين الأقوياء لتحقيق الشهوات، ولنهب خيرات الآخرين من المستكينين المسالمين الفقراء الذين لا حول لهم ولا قوة.

ودعوى القوي كدعوى السباع من الناب والظفر برهانها

تاسعًا: تركيع السلطات حتى لا تستطيع أن تغيث ملهوفًا، أو تساعد مظلومًا، أو تنتصر لأخ، ولقد رجعت شعوبنا إلى دركٍ أسفل من الجاهلية، وألعن من مخالطة الكفر والكافرين، وقد رأينا أبا طالب ينصر النبي صلى الله عليه وسلم وهو على دين قومه، ويتفانى في الدفاع عنه وحمايته.

عاشرًا: تحريض الصحف والإعلام وإطلاق السهام المسمومة صوب المجاهدين؛ حتى يهنوا ويضعفوا ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (آل عمران: من الآية 139)، وهذا في الحقيقة من الهموم التي ما كان أحد ينتظرها، خاصةً من الأهل ومن مثقفين في قمة السلم الوطني، وهم معنيُّون قبل غيرهم برفع الهموم ومواساة الجراح، وليس بنبشها وجمعها لتكون وسائل توهين وضعف، وفي هذا الكثرة الكاثرة من المصاعب.

ولو كان همًّا واحدًا لاحتملته ولكنه همٌّ وثانٍ وثالثُ

وأخيرًا.. هذه مخططات العدو وما أكثرها! فما مخططاتنا؟! دلوني على مفردة واحدة من مخطط تلتزم به الأمة وتعمل، وإلا فقولوا لي: كيف تعيش هذه الأمة؟! ولِمَ تعيش؟! ولست مبالغًا إذا قلت: إنه فرض على كل مسلم أن يساعد أخاه المسلم في كل أصقاع الأرض، فضلاً عن الفلسطينيين الذين يدافعون عن المسجد الأقصى، وقال صلى الله عليه وسلم: "ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع وهو يعلم به"، فما بالك إذا كان جائعًا خائفًا مراق الدم وتطير أشلاء أولاده وأسرته من حوله؟!

أهذا إيمان؟! وهذه صلاة تلك التي يتعبَّد بها أخرس، لا يستطيع حتى أن ينطق بكلمة واحدة أو باحتجاج يتيم؟! ثم كيف تضحِّي ما تسمى بالحكومة الفلسطينية بنصف شعبها في غزة، وتصادق الصهيونية ولا تحاول أن تلمَّ شمل شعبها!! وإذا لم تكن هذه خيانة.. فماذا تكون؟!

المصدر

قالب:روابط توفيق الواعى