حارث الضاري: العراقيون لا يطالبون القمة بشيء

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حارث الضاري: العراقيون لا يطالبون القمة بشيء

[05-05-2004]

مقدمة

القاهرة- محمد الشريف

• احتُلت العراق استجابةً للمخطط الصهيوني في المنطقة

• الحكومات العربية تتعرض لضغوط وعليها ألا تستسلم

• من الضرورات الحتمية العمل مع كل القوى الخيِّرة

• إطلاق سراح الرهائن برهَن على وطنية المقاومة ونُبل قضيتها

• الاحتلال دمر مقومات الدولة العراقية

هيئة علماء المسلمين بالعراق إحدى أهم الهيئات التي برز دورها مؤخرًا في الشأن العراقي.. كان على رأسها الحفاظ على الهوية الإسلامية من الفوضى التي تعيشها العراق، وبرز تأثير هذه الهيئة في استجابة المقاومة العراقية لمطالب الهيئة بالإفراج عن الرهائن الأجانب.

تقابلنا بالشيخ حارث سليمان الضاري- أمين عام هيئة علماء المسلمين بالعراق- وتحدَّث إلينا عن نشأة الهيئة، والدور الذي تلعبه في دعم القضية العراقية عبر الدور السياسي والديني والاجتماعي، مشيرًا إلى الدور الذي تلعبه الهيئة في إطلاع الدول العربية على حقيقة الأوضاع الراهنة في العراق، وما وصلت إليه من تدمير طال السواد الأعظم من البيئة الأساسية، ولتأكيد أن العراق ما زال حيًا، وأن العراقيين ليسوا في حاجة إلى أموال الحكومات العربية أو سلاحها؛ وإنما يحتاجون فقط إلى موقفهم السياسي الداعم لقضيتهم.


نص الحوار

  • بدايةً.. فضيلة الشيخ حارث، نريد التعرف على ظروف نشأة هيئة علماء المسلمين بالعراق، وما الهيكل الذى تتكون منه؟!
نشأت الهيئة بعد احتلال بغداد، وتشكَّلت باسم الهيئة الشرعية لعلماء المسلمين في 14/4/2003م، وركَّزت الهيئة بدايةَ نشأتها على الأمور التي دعت إلى تشكيلها سريعًا؛ كدفن الشهداء، وعلاج الجرحى، والحفاظ على المساجد، ثم انشغَلت الهيئة بالحفاظ على المساجد، وخاصةً مساجد السنة، إلى أن استقرَّ رأي أعضاء الهيئة على التوجُّه إلى ما هو أهم من الأمور المستحدثة.
ولا تمثِّل الهيئة حزبًا أو نمَطًا سياسيًّا، وإن كان من مهامِّها ما هو سياسي إلى جانب الديني، فنحن نقوم الآن بأدوار متعددة، منها:
السياسي، والديني، والإعلامي، والاجتماعي.. فعلى الصعيد السياسي بدأت الهيئة في الاتصال بالدول العربية لتُطلِعهم على واقع ما يجري من أمور، خاصةً أن الشهور الأولى للعدوان على العراق قد شهدت جهل العالم العربي بما يجري في العراق.
وتتألف الهيئة من هيئة عامة، ومجلس شورى، وأمانة عامة، وتتألف الهيئة العامة من الأعضاء المنتسبين، ويتألف مجلس الشورى من 45 عضوًا من كبار المنتسبين إلى هذه الهيئة، وتتألف الأمانة العامة من 13 عضوًا يتم انتخابهم من قبل مجلس شورى الهيئة، وانتخب أمينها العام من قبل مجلس الشورى.
  • وما الجهود التي بذلتها الهيئة لإثارة القضية العراقية؟
كانوا يظنون أن العراق انتهى وسقط في أيدي الأمريكان والعدو الصهيوني؛ ولذلك سعينا لتوضيح الإدارة الراهنة، فشكلت الهيئة وفدًا جاء لجامعة الدول العربية، وتقابل بالأمين العام، وسمع ما قلنا، وطلبنا منه طلبَين رئيسَين، أولهما:
ألا تدخل الدول العربية إلى جانب قوات الاحتلال في العراق؛ حتى لا تكون مشاركة لها، وبالتالى ينظر لها الشعب على أنها متعاونة مع الاحتلال، وكان طلبنا الثاني: عدم الاعتراف بمجلس الحكم الانتقالي.
إضافةً إلى ما سبق، فقد قمنا بعدة زيارات إلى العديد من البلدان العربية لإثارة القضية ونقل الواقع، ولنؤكد لكل الدول العربية أن العراق ما زال حيًّا، وينتمي إلى أمته، وأن به رجالاً، ولندعوهم بألا ينهزِموا بالإعلام الأمريكي والصهيوني الذي يهدف إلى إبعاد العراق عن محيطه العربي والإسلامي.


جرائم لا يمكن كتمانها

  • تذكرون أن من أهداف جولاتكم في المنطقة العربية نقل الصورة الحقيقية لما يحدث في العراق؛ فما هذه الصورة؟
حاول الاحتلال كتمان ما يجري من إجرام فاقَ ويفوق ما كنا نقرؤه في التاريخ؛ ولكن لبشاعة هذه الجرائم لا يمكن أن يستمر هذا الكتمان، وهاهو اليوم الذي تكشفت فيه بعض الأعمال البشعة والممارسات الإجرامية التي قام بها الاحتلال، والتي أدت إلى فقدان العراق لكل مقومات الدولة، وأصبحت مرشحةً لفتنةٍ كبيرةٍ بين أبناء العراق؛ حيث عملت قوات الاحتلال وبعض الجهات الداخلية والخارجية- وفي مقدمتها الموساد الصهيوني وبعض دول الجوار- إلى تمزيق العراق.


مجلس الحكم

  • مجلس الحكم منذ أن أعلن عن تكوينه أثار كثيرًا من الجدل.. فما موقفكم من هذا المجلس؟
الاحتلال يتعامَل مع العراقيين من خلال هذا المجلس الذى عيَّنه واختار له رموزًا معظمهم لا يعملون لصالح العراق بقدر عملهم لمصالحهم الشخصية وللجهات التي مكَّنتْهم من الوصول إلى هذا الموقع، وقد ظهر ذلك بوضوح فيما أعلن مؤخرًا على لسان عضوة في هذا المجلس تحدثت عن الفساد المالي والإداري داخل مجلس الحكم.
  • الفلوجة.. كلمة صغيرة استطاعت أن تجذب أنظار العالم.. لماذا؟
الفلوجة سكانها لا يزيدون عن 350 ألف نسمة، واجهوا عدوانًا شرسًا من قبل قوات الاحتلال بعد أن تم تطويقها بالمدرعات والحشود العسكرية؛ ولذلك سعى الحزب الإسلامي لوقف مذابح الفلوجة، وانتُقدنا من الذين لا يعرفون بواطن الأمور، واتصل الإخوة في الحزب الإسلامي بالاحتلال للاتفاق على هدنة، وكنا لا نريد التدخل لأننا لا نثق في الاحتلال، وتعثرت المفاوضات، واعتقد الكثيرون- ونحن منهم- أن الأمريكان لا يريدون سوى الحل العسكري؛ ولذلك يسوِّفون في تفاوضهم.
واليوم يبدو أن الضغوط الداخلية والخارجية على سلطات الاحتلال أوجدت مخرجًا من ورطة الفلوجة باختيار أحد اللواءات من أهل المنطقة لإدارة الفلوجة، وأرى أنه إذا توقفت العمليات العسكرية فإن ذلك يدل على نجاح الفلوجة في إحباط مخطط التدمير، ومن ثمَّ تفتح الباب أمام كل المجاهدين، خاصةً وقد ترتب على المقاومة الباسلة في الفلوجة أن الذين لا يفكرون في المقاومة بدأوا في التفكير في المقاومة، وأصبح الجميع يقاتلون، وهذا التطور يكشف كذب الادعاءات الأمريكية التي تحاول التأكيد على أن من يقوم بالمقاومة في الفلوجة هم عناصر عربية، في الوقت الذي لا يزيد فيه العرب داخل الفلوجة عن40 شخصًا.. وكان من فضل هذه المقاومة أنها أوجدت نوعًا من التوحيد بين السنة والشيعة؛ حيث جاءنا كثير منهم بالمعونات.


المقاومة العراقية

المقاومة العراقية
  • للمقاومة دور بطولي- كما نعلم جميعًا- فما موقفكم منها؟
نؤمن بالمقاومة، وهي مشروعة لكل الشعب العراقي وليست بدعة، فالمقاومة حق مشروع لكل الشعوب المحتلة، ونحن- كجزء من الشعب- لابد أن نعترف بها، ولا ننكر المقاومة على من يريد أن يقاوم، ونحن حقيقه لا نشارك في المقاومة، ولم يكن لنا دعمٌ مباشرٌ لها؛ وإنما نشترك معهم بشعورنا الذي يتمركز حول ضرورة مقاومة الاحتلال.
نحن مع العراق.. ندافع عن بلدنا.. نقف في وجه من يريد الإساءة لهذا البلد، وإن كانت المقاومة تريد الدفاع عن هذا البلد فنحن نلتقي معها في مطالبة الاحتلال بالرحيل، وتسليم العراق لأبنائه ليحكموا بأنفسهم دون ولاية أو وصاية من أحد.
  • بعد نجاح المقاومة في الفلوجة.. هل تتوقعون أن تؤدي هذه المقاومة إلى تحرير العراق من الاحتلال؟
كل ذلك في علم الله- عز وجل- ولكننا نشعر بأنها تقوم بواجبها.
  • هناك من يؤثِر المقاومة السلمية، بينما يرى البعض أن المقاومة المسلَّحة هي الخيار الوحيد للعراقيين؛ فما تقديركم؟!
الخيارات متعددة، والمقاومة أنواع، والرسول- صلى الله عليه وسلم- قال في حديث شريف: "من رأى منكم منكرًا فليغيره.."، وهذا الحديث النبوي الشريف يبين لنا أن الدفاع عن الوطن أنواعٌ متعددةٌ، منها المقاومة باليد؛ أي بالسيف، ومنها المقاومة بالكلمة والدعوة، وهناك المقاومة بالقلب.. كالدعاء على الأعداء، وعدم الرضا عن وجودهم، وعدم الراحة لأعمالهم، إضافةً إلى وسائل أخرى؛ كالتظاهر، واستخدام الوسائل الإعلامية.


مقاومة منضبطة

  • كان واضحًا مدى استجابة المقاومة العراقية لدعوة هيئة علماء المسلمين الخاصة بإطلاق سراح الرهائن الأجانب.. ماذا يحمل هذا الموقف من دلالات؟
في ظروف أزمة الفلوجة حدثت احتجازات للمدنيين الأجانب، ورأت الهيئة أنه من المناسب أن نناشد المقاومة التي تحتجز الرهائن، وأن نطلب منهم الرفق بهم والإحسان إليهم؛ لأن ديننا يدعو إلى حسن معاملة الأسرى حيث قال تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ (الإنسان: 8)، وطالبنا بإطلاق سراح من لم يثبت تعاونه مع قوات الاحتلال، واستجابت المقاومة مشكورة لندائنا، وأطلقت سراح عدد من المحتجزين، فكان ذلك خيرًا للمقاومة؛ حيث أثبتت أنها مقاومةٌ عراقيةٌ وطنيةٌ، وأن الهدف من عمليات الاحتجاز هو إعلان العالم بقضيتنا، وما نعانيه من الاحتلال، وأن الاحتجاز ليس بهدف المال أو العنصرية، كما يفعل البعض.


السنة والشيعة

  • ذكرتم أن من الإيجابيات التي نجمت عن الاحتلال توحيد السنة والشيعة.. فهل لكم دور في التقريب بين الطرفين، خاصةً أن تقوية الجبهة الداخلية أصبحت ضرورةً حتمية في الوقت الراهن؟
من الضرورات الحتمية في هذه الظروف العمل مع كل القُوى الخيِّرة لجمع كلمة العراقيين، وتوحيد صفوفهم؛ منعًا للفتنة التي يحاول أعداء العراق في الداخل والخارج إحداثها.
  • ننتقل من الوضع داخل العراق إلى خارج حدودها، ونود أن نعرف رؤيتكم لموقف الشعوب والأنظمة العربية من القضية العراقية..
الشعوب العربية والإسلامية موقفها إيجابي، وهي مشكورة، ومشاعرها بالتأكيد معنا، ونحن نقدر لها هذا.. أما الحكومات فنعلم أنها تتعرض لضغوط، ولكن ينبغي عليها ألا تستسلم لهذه الضغوط، لاسيما وأن الشعب العراقي شعب حيٌّ وواقف على قدميه وهو لا يريد من الدول العربية المال أو السلاح أو القوات المسلحة وإنما يريد منها الموقف والنصرة السياسية والإعلامية، وللأسف فإن كل هذا لم نسمعه، وعلى كل حال الشعب العراقي ماضٍ في طريقه، سواءٌ ناصرَه إخوانه أو خذلوه.


القمة العربية

  • من المقرر أن تعقد القمة العربية نهاية الشهر الجاري.. ما هي مطالبكم منها؟
لا نطالب القمة بشيء؛ لأننا لا نتوقع منها شيئًا.
  • رغم المجازر التي تُرتكب في حق العراق إلا أنه لازال هناك بعض الأصوات التي تؤيد ادعاءات أمريكا في حرصها على الديمقراطية والحرية.. فما رأيكم؟
نعم هي صادقة في دعواها..!! وخير دليل على ديمقراطيتها ما نشرته أجهزة إعلامها من نماذج قليلة مما تقوم به من تطبيق عملي للديمقراطية في سجن أبو غريب وغيره.
  • بعد مرور عام على احتلال العراق.. هل نجحت أمريكا في تنفيذ السيناريو الذي خططت له؟
حصاد هذا العام في تقديري هو جناية جنَت بها أمريكا على نفسها وعلينا معًا، ولم تستفد شيئًا ولم نستفد نحن وإذا استمرت على هذا الحال فهي خاسرة.


الدور الصهيوني

  • طالعتنا وسائل الإعلام بوجود أصابع صهيونية في العراق.. ما مدى صحة هذه المعلومة؟!
الدور الصهيوني في العراق كبير ومؤثر، وأقل ما فيه أنه كان يحرِّض على احتلال العراق، وما كان الاحتلال إلا استجابةً للمخطط الصهيوني في المنطقة، بل هو هديةٌ من الإدارة الأمريكية الحالية لحكام تل أبيب، وهم الآن يصولون ويجولون في العراق ولهم شركات وتجارة تباع وتُشترى بأسماء عربية ومن خلال دول عربية مجاورة.

المصدر