حوار مع مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حوار مع مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان

[11-07-2004]


المقدمه

الصوراني: ما حدث في "أبو غريب" يحدث أبشع منه في السجون الصهيونية

إقامة الدولة الفلسطينية أمر مستحيل بعد إقامة الجدار الفاصل

شارون قال إنه سيُبقي عرفات تحت الحصار حتى عامه 120

شارون يفوض ملف أمن غزة للحكومة المصرية لحماية جنوده

ما يحدث في غزة هو إعادة انتشار وليس انسحابًا

حوار- محمد هاني

على مدى عشرة أيام متواصلة ارتكبت قوات الاحتلال الصهيونية مجزرةً من أبشع مجازرها في بيت حانون أودت بحياة العشرات الفلسطينيين، وأصابت آخرين في حالات خطرة دون أن تتحرك الأنظمة العربية أو المجتمع الدولي لوقف تلك المذابح التي ينتهجها الكيان الصهيوني ليلَ نهارَ في الأراضي المحتلة.

هذا ما أشار إليه راجي الصوراني- مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان- مؤكدًا أن ما حدث في "أبو غريب" يَحدث أبشعُ منه في السجون الصهيونية، كما أكد أن إقامة الدول الفلسطينية أصبح مستحيلاً مع استمرار وجود الجدار الفاصل الذي يضم 58% من أراضي الضفة الغربية، وقال: إن شارون يريد تفويض ملف أمن غزة للحكومة المصرية؛ لحماية جنوده بعد إعادة الانتشار في غزة.. ومع مزيد من التفاصيل عبر أسطر هذا الحوار:


نص الحوار

أحد شهداء المقاومة
  • بدايةً.. نريد أن نتعرف على أهم أهداف ونشاطات المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان؟
المركز الفلسطيني منظمة مهنية مستقلة معنية بحقوق الإنسان تنشط بها مجموعة من المحامين والباحثين، وهي تعمل على أجندة الاحتلال الصهيوني وعلى أجندة السلطة الوطنية الفلسطينية، والمركز مقره قطاع غزة، ولكنه معني بتغطية الأراضي الفلسطينية بصورة عامة، والمركز حائز على أربع جوائز دولية، هي جائزة كندي لحقوق الإنسان من الولايات المتحدة، وجائزة الجمهورية الفرنسية لحقوق الإنسان، وجائزة (كونا كريسكي)، وجائزة الخدمة الدولية لحقوق الإنسان في العام الماضي، ونحن أعضاء بلجنة الحقوقيين الدوليين، والفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان.
  • ماذا قدمتم كمركز لحقوق الإنسان في مجزرة بيت حانون الأخيرة؟
الكيان الصهيوني ارتكب مجزرة ومذبحة بشعة في بيت حانون على مدى عشرة أيام ماضية ومتواصلة، جاء نتيجتها قتل العشرات من الفلسطينيين، وجرح آخرين بإصابات خطيرة، كما هدمت قوات الاحتلال ما يقرب من 30 منزلاً في خان يونس جنوب القطاع، ولقد هرعنا إلى مناطق القصف لرصد انتهاكات وجرائم قوات الاحتلال، وأصدرنا بيانًا مع بلدية بيت حانون باسم المواطنين، نطالب فيه المجتمع الدولي والأمم المتحدة التدخلَ لوقف جرائم وبطش الإرهابي "شارون" وحاشيته القذرة، وأشرنا في البيان أن قوات الاحتلال عزلت البلدة عن العالم الخارجي، وهددت حياة سكانها وجرفت أراضيهم.
  • المعلومات تؤكد أن ما يحدث في السجون الصهيونية يقارب ما يحدث في سجن "أبو غريب" العراقي.. فما تعليقكم؟ وما دوركم؟
ربما شكل ما حدث في "أبو غريب" جزءًا بارزًا من جبل الثلج، وبتقديري هذا استنساخ لما حدث ويحدث داخل السجون الصهيونية؛ لذلك ومن خلال صور كل مَن مارس التعذيب من قبل الصهاينة وأجهزة المخابرات الصهيونية نعرف بأن هذه الامور مُورست مع الفلسطينيين بشكل وقح وقذر إلى مدى بعيد، وإننا كمركز لحقوق الإنسان نرصد تلك الانتهاكات، ومعنا مراكز أخرى فلسطينية وصهيونية مثل اللجنة الأهلية لمناهضة التعذيب ومؤسسة (بتسابق) الصهيونية وغيرها من المراكز.


جدار الضم العنصري

الجدار العنصري
  • قضية الجدار الفاصل.. كيف ترى أنها تمثل انتهاكًا لحقوق الفلسطينيين؟
موضوع الجدار الفاصل بموجب المادة (49) والمادة (147) من اتفاقية جنيف الرابعة يشكِّل- وبكل المعايير- انتهاكًا خطيرًا وجريمةَ حرب.
وليس من حق دولة الاحتلال أن تعمل على ضم أرض لها بالقوة، والكيان الصهيوني يسعى إلى ضم 58% من أراضي الضفة الغربية إلى أرضهم، وسوف يترتب على ذلك تشريد أكبر عدد من الفلسطينيين منذ عام 1948م حتى الآن؛ أي ما يُعادل 600 ألف فلسطيني، والمياه الجوفية في الضفة الغربية سوف يتم الاستيلاء عليها بالكامل، وبالتالي ستفتق مصدر المياه، بالإضافة أن المنطقة الزراعية الوحيدة هي ضمن المناطق المصادرة داخل الجدار.
وسوف تتحوَّل باقي مدن ومخيمات الضفة الغربية إلى بوندستانات وكنتونات من الصعوبة بمكان الحركة بها، ومهمة إقامة الدولة الفلسطينية هي مهمة مستحيلة، ونحن كنا أول مَن حذر من قضية جدار الضم العنصري، واتفاقية جنيف الرابعة وُجدت لحماية المدنيين الفلسطينيين من ممارسات الاحتلال وتوفير الأمن والحماية لهم وليس العكس، وما يدعيه الكيان الصهيوني هو مغالطة بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
  • هل تتوقع أن يلتزم الكيان الصهيوني بإزالة الجدار في حالة إدانته من محكمة العدل الدولية؟
سياسة الكيان الصهيوني القديمة والجديدة هي سياسة الأمر الواقع وفرضه، وهذا هو نهجه في الاستيطان، وضم الأراضي، وبالتالي فالجميع يعلم أن قضية الجدار لم ولن تكون مؤقتةً كما يدعون، فهي سياسية هدفها ببساطة ضم 58% من أراضي الضفة الغربية داخل الكيان الصهيوني؛ لكن هذا لا يجب أن يدفعنا إلى أن نسلم بما يمارسه الكيان الصهيوني من جرائم، وذلك يشكل بموجب المحكمة الجنائية الدولية في روما جريمة، فبالإمكان ملاحقة الكيان الصهيوني ومحاسبة المسئولين عن هذه الجرائم.
الكيان الصهيوني لا يجب أن يكون فوق القانون الدولي، فحق العودة حق مكفول ومضمون بموجب الشرعية الدولية، وموجب القانون الدولي الإنساني، والمشروعية الخاصة بحق اللاجئين في العودة، وبقرارات الأمم المتحدة والحق القانوني بالمستوى النظري هو مضمون وموجود وتطبيقاته، كما هو واضح حتى اللحظة نتيجة الموقف الأمريكي، والذي يجعل الكيان فوق القانون الدولي مهمة مستحيلة، فأمريكا توفر الحاضنة السياسية والقانونية للكيان الصهيوني، والتي تجعله فوق القانون الدولي، وفوق المحاسبة لكن لن يستمر هذا للأبد، فنحن علينا حق وواجب أن نقوم بتوثيق كل ما يُمارسه الاحتلال من جرائم، ونعمل على ملاحقة ومحاسبة مجرمي الحرب في الكيان الصهيوني، كما لاحق اليهود النازيين بعد أكثر من ستين عامًا.


إعادة الانتشار

  • كيف ترى قضية محاصرة الرئيس عرفات وعملية نقله إلى غزة بعد الانسحاب الصهيوني منها؟
كما ذكرت لا يوجد شيء اسمه "انسحاب" في القانون الصهيوني، ولكن الصهاينة يتحدثون عن إعادة انتشار في قطاع غزة؛ لأن الانسحاب هو مصطلح سياسي قانوني وصارم ومحدد، والكيان الصهيوني بعد عشر سنوات أو أكثر من توقيع اتفاقية "أوسلو" يعود للمربع رقم صفر، ويتحدث عن إعادة انتشار في قطاع غزة، وهذه هي شهادة كوندا ليزا رايس، وفيس كلاس مستشار شارون، ورسائل بوش وشارون الواضحة والمنشورة، والتي بموجبها سيبقى الاحتلال مشكلة المادي والقانوني في داخل قطاع غزة، ويبقى السيطرة على البحر والسماء والمعابر وعلى حرية الحركة للأفراد والبضائع، ويبقى على حق في المطاردة الساخنة لكل من يمس بالأمن الصهيوني، وعرفات رئيس شرعي منتخََب، موجود في داخل مقر اعتقاله، ويملك الحركة في ساحة السجن في منطقة المقاطعة، والتي لا تزيد عن مساحة ضيقة، وشارون قال إنه سيُبقي عرفات حتى عامه 120 إذا ما قدر له العيش تحت الحصار.
وفي تقديري أن الصهاينة لا يفكِّرون في فك الحصار عن الرئيس عرفات، ويريدون أن يدمروا الشرعية الرئاسية الفلسطينية، وبالتالي فالحديث عن ذهاب عرفات إلى غزة أمر مستبعد.
  • عمليات التدمير والتخزيب والتجريف التي تحدت في غزة وفي رفح.. هل ترى أنها تنفيذ لسياسة الأرض المحروقة قبل الانسحاب منها؟
لقد كنت في رفح أثناء الحصار وبعده، وألمس ما يحدث من جرائم، ولدينا قناعه في المركز منذ يناير 2001م أن الكيان يريد خلق منطقة عازله بين جمهورية مصر العربية وقطاع غزة؛ ولهذا السبب عاد الكيان الصهيوني في بلوك Oعلى تدمير 59 منزلاً، وهذا ما دمرته من منازل منذ ذلك الحين حتى ما قبل الاجتياح الأخير حوالي 2000 منزل بعد الاجتياح، وشردوا ما يقرب من 21 ألف مواطن فلسطيني في الفترة الأخيرة.
وعندما أعلن وزير الحرب الصهيونية- شاؤل موفاز- عن رغبته في اقتحام رفح وتدمير 600 منزل توجَّه المركز الفلسطيني إلى محكمة العدل الصهيونية، وتمكن من تأجيل الاجتياح لرفع لمدة 48 ساعة، وبعد هذه المدة اقتحم الجيش الصهيوني منطقة السلطان ورفح؛ بحجة البحث عن أنفاق يتم تهريب الأسلحة منها من مصر إلى غزة، والبحث عن مطاردين مطلوبين لسلطة الاحتلال، وما حدث عمليًّا هو تدمير واسع النطاق غير مسبوق للبُنى التحتية، وتدمير شبكات المياه، والصرف الصحي، والكهرباء، والتليفونات بالكامل في المنطقتين، وقتل ما يقرب من 69 مدنيًّا، واستخدام المدنيين كدروع بشرية أثناء الاقتحامات، والانتقال من منزل إلى منزل من قِبَل قوات الاحتلال، ومنعت المياه والأدوية عن المواطنين.
كما منع توصيل الحالات المصابة والحرجة من الوصول إلى المستشفيات، وترك الجرحى ينزفون حتى الموت على قارعة الطريقة وروَّع كثيرًا من الناس بالإضافة إلى تدمير المنازل وتجريف الأراضي.. باختصار ما حدث هو جرائم ضد الفلسطينيين بكل المقاييس، وحالةٌ من الإرهاب الجماعي، وكان ذلك بسبب عملية تدمير حافلة الجيش الصهيوني في قافلة تقلهم على الحدود فانتقم الجيش من المدنيين.


الدور الأمني المصري

  • قضية الدور الأمني المصري في غزة.. كيف تراها؟ وما المحاذير منها؟
في الحقيقة.. واضح أن شارون يريد إعادة الانتشار، ويريد أن يحقق أكبر درجة من الراحة الأمنية لقواته، ويريد أن يفوض ملف قطاع غزة إلى الحكومة المصرية وقوات الامن المصرية، والكيان لم يرد بالإيجاب على الجانب المصري في طلبهم بقدر علمي في أمور محددة، كموقف المطاردات الساخنة للناشطين الفلسطينيين، ووقف الاغتيالات السياسية، مثلما حدث مع الشيخ ياسين والدكتور الرنتيسي، والكيان الصهيوني رفض ذلك الأمر، ومصر طالبت أن يعمل الكيان الصهيوني على إنهاء وجودها في ممر صلاح الدين- الشريط الحدودي بين البلدين- ورفض الصهاينة ذلك.
وطلبت بالنسبة للمعابر أن يكف الكيان الصهيوني يده عنها، وأن يسلمها، وقد رفض الصهاينة ذلك بدورهم، وبذلك فإن الكيان الصهيوني طلب من مصر دورًا أمنيًّا محددًا، وأنا أتصور أن هناك ترددًا كبيرًا في قبول الدور المصري وفقًا للرؤية الصهيونية من قبل الجانب المصري.
  • وماذا حول الخندق المائي الذي يعتزم الصهاينة حفره حول غزة؟
هذا بالتأكيد ما قصدته بأن الكيان الصهيوني ليس لديه نوايا في الانسحاب، ويصر على إعادة الانتشار، بالإضافة إلى أنه يمثل خرقًا للسيادة المصرية، فهو لا يمثل المساس بالأراضي الفلسطينية، ولكنه يمثل مساس بالأراضي المصرية إذا تم حفره فسوف تتسلل المياه وتؤثر على الأراضي المصرية.


المقاومة حق وواجب

  • مقاومة الفصائل الفلسطينية البعض يشكك في شرعيتها ومدى علاقتكم بالفصائل، باعتبارها أكثر من يتعرض إلى الانتهاكات؟
نحن منظمة مهنية مستقلة، نعتقد ونؤمن أن المقاومة حق واجب للشعب الفلسطيني لمقاومة الاحتلال، وهو موضوع مشروع لأي شعب محتل.
  • هل ترى أن القمم العربية قدمت ما يفيد للقضية الفلسطينية؟
نحن لا نريد من الأنظمة العربية تصريحات جوفاءَ، ولكن نريد عملاً؛ لأن هناك حاجة ملحة وماسة من قبل الشعب الفلسطيني بالذات؛ لأنه على سبيل المثال ما حدث في رفح من قبل وبيت حانون الآن والعالم وقف أمام ما مورس في جنين وما دمر في جنين ما يقارب من 400 منزل، وكنت أقول قبل هذه الانتفاضة دمر2000 منزل في الاقتحام الأخير لرفح، وشرد 21 ألف أسرة، وهؤلاء للمرة الثانية أو الثالثة لاجئون في حياتهم، وكذلك في بقية المدن، مثل خان يونس والمنطقة الوسطى كجبالية وبيت حانون، وهناك دمار بطولكرم ونابلس والخليل وقلقيلية، فيجب أن يكون هناك مساعدت من قبل العالم العربي لمساعدة الشعب الفلسطيني؛ للاستمرار في تصديه وصموده، وعدم دفعه للمجرة ثانية من وطنه.
أنا في تقديري أن هذا موضوع رخيص ومبتذل، فالعالم العربي ودول مختلفة تستخدم فلسطين والعراق كذريعة، فنحن تحت الاحتلال نمارس النقد للسلطة الفلسطينية، رغم ما لدينا من مشاكل وعلى ضرورة بناء مجتمع يسوده البناء والديمقراطية وسيادة القانون، واستقلال القضاء هو موضوع في منتهى الأهمية والضرورة، لا يمكن أن نقبل بتقييد حرية الرأي والتعبير بالاعتقالات التعسفية للمعارضة السياسية، ولا يمكن أن نقبل بالتعذيب داخل السجون.. كل ذلك نقوم به في فلسطين ولا ننتظر إقامة الدولة الفلسطينية حتى نحقق ذلك.. فكيف بنا في العالم العربي؟!

المصدر