خالد مشعل: معركتنا مفتوحة داخل فلسطين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
خالد مشعل: معركتنا مفتوحة داخل فلسطين

[25-04-2004]

مقدمة

الأستاذ خالد مشعل

• اغتيال قادة حماس يزيد التعاطف مع الحركة

• نحن لا نعيش تحت الأرض وحماس تستعصي على الاجتثاث

فلسطين ليست قضية الفلسطينين وحدهم بل قضية الأمة كلها

أكَّد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) الأستاذ خالد مشعل أن معركتنا مفتوحة داخل فلسطين منذ عام 1948م، وحذَّر من أن إمعان رئيس الوزراء الصهيوني أرييل شارون في جرائمه، ووقاحة إدارة الرئيس جورج بوش سيوسعان دائرة المبادرات في الساحتين العربية والإسلامية كنوع من الدفاع عن الذات, لافتًا إلى عدم وجود تنظيمي للحركة في العراق؛ بل هناك أنصار ومحبون لنا.

واعتبر أن الحركة تزداد قوة على رغم النزيف المتواصل في القيادات والكوادر، وأن عدد المنتسبين إليها ازداد أخيرًا, مؤكدًا أنه يأخذ على محمل الجد التهديدات الصهيونية باستهدافه بعد اغتيال مؤسس حماس- الشيخ أحمد ياسين- ممَّا أدى عمليًّا إلى اتخاذ إجراءات أمنية إضافية، والإبقاء على اسم خليفة الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي في قيادة الحركة في غزة سرًّا مع حرصنا على أن تعيش الحركة فوق الأرض.

ودعا إلى برنامج وطني يعالج مشكلة العملاء المستشري خطرهم في الأراضي المحتلة يتضمن عناصر كثيرة، من بينها تصفية العملاء؛ لكنه أكد عدم وجود أي قلق على الوحدة الوطنية؛ بسبب وعي الشعب الفلسطيني.


نص الحوار

الشيخ ياسين والدكتور الرنتيسي
لن يضعف الحركة بإذن الله، لدينا ثقة بأنفسنا, أما الحركة فهي تستعصي على الاجتثاث، ولا تضعف في ظل المواجهة، وفي تاريخ شعبنا الفلسطيني لم يكن الضعف منبعه من المواجهة، أو من استشهاد القادة أو الكوادر، وإنما من الانحرافات عن المسار السياسي، ودخول بعض الأطراف ساحة الابتزاز والمساومات, بالتالي إضاعة الجهود في مسارات خاطئة.
لا شك أن رحيل شيخنا المؤسس الشيخ أحمد ياسين، وقائدٍ وفذٍّ بحجم الدكتور الرنتيسي هما خسارة كبيرة في المعنى المادي؛ لكن الحركة كونها حركة مؤسسية هي قادرة على التعويض، وقادرة على ترتيب أمورها الداخلية، وامتصاص واحتواء أقصى الضربات الخارجية إن شاء الله، كما أن دماء الشهداء عادة ما يكون لها مفهوم إيجابي كبير على حركات المقاومة، وخاصة إذا كانت هذه الدماء دماء قادة عظام بحجم الشيخ ياسين والرنتيسي.
  • بعد اغتيال الشيخ ياسين وعدت حماس بردٍّ موجعٍ؛ لكن هذا لم يحصل إلى الآن.. هناك مَن يعتقد بأن هذا بسبب ضعف الحركة.. ما رأيك؟
لا، الحركة وعدت قبل ذلك وأوفت وعدها، بحسب سجل حماس فإنها عند وعدها وعند التزاماتها, علمًا أن المقاومة لدينا لا تتحرك بعقلية ثأرية؛ بل تتحرك وفق برنامج قائم على الدفاع عن شعبنا ومواجهة الاحتلال، وحين يصعِّد الاحتلال عدوانه تُصعِّد المقاومة عملياتها، هذا هو القانون الطبيعي، وأن تتأخر العمليات أو لا تتأخر هذا عائد إلى الظرف الميداني، وكل الناس يدركون صعوبة الظرف الميداني, بالتالي هذا الشيء طبيعي، وهذه ليست أول حالة تحدث، ففي حالة الشهيد يحيى عياش عام 1996م تأخر الرَّد 50 يومًا؛ لكن الردَّ جاء قويًّا كما يعلم الجميع.
لا خوف على المقاومة في فلسطين, ولا خوف على حركة حماس، ولا على المجاهدين على أرض فلسطين، وهم قادرون على الصمود، وهم اختاروا خيار الصمود على رغم فارق الإمكانات بينهم وبين عدوهم.
من يمارس لعبة الانتظار عليه أن يسـأل نفسه: ما دوره, وماذا قدم لهذه القضية التي هي قضية ليست بحجم فلسطين، والشعب الفلسطيني؛ لكن بحجم الأمة.


تهديدات الصهاينة

  • بعد اغتيال الرنتيسي قال الصهاينة: :إن الهدف الثاني هو خالد مشعل.. هل أنت خائف من هذه التهديدات؟ هل اتخذتم إجراءات أمنية إضافية بعد هذه التهديدات؟
هذا ليس جديدًا، كنت هدفًا في الماضي؛ بل جرت ضدي محاولة اغتيال فاشلة، ولله الحمد العام 1997م، وظللت في مرمى الهدف الصهيوني منذ ذلك الوقت، إذن هذا ليس جديدًا، ونحن ندرك جدية التهديد الصهيوني ضدي وضد قيادات من حماس، ومن فصائل المقاومة في الداخل والخارج، وهذا جزء من الطبيعة الإرهابية الإجرامية الصهيونية.
  • هل هذا يخيفك؟
هذا لا يخيفنا.
  • اتخذت إجراءات أمنية إضافية؟
    • بالتأكيد نحن نأخذ بكل إجراءات الوقاية والاحتراس والاحتياطات اللازمة، نحن نأخذ الأمور على محمل الجد، ليس هناك أدنى درجة من درجات التهاون؛ لكن مع أخذنا لهذه الإجراءات نحن مطمئنون، ولدينا القدر الكبير- بفضل الله- من الثقة بالنفس والطمأنينة والشجاعة، لأننا نعرف أن الآجال بيد الله، وأن الذي ينهي الأجل هو ربنا تعالى وليس شارون.
يتكهن الآخرون كيفما يريدون، من الضروري أن يبحث الناس وأن يتكهنوا؛ لكن نحن في حماس- وفي ظل قراءتنا لحجم المعركة ولمراميها- اخترنا أن نأخذ بجملة من الاحترازات ومن الاجتهادات المتعددة، منها طريقة التعاون مع القيادة الجديدة للحركة في قطاع غزة، الحركة في يوم استشهاد الدكتور الرنتيسي- رحمه الله- اختارت قائدًا لها في غزة؛ لكنها آثرت ألا تعلن اسمه لاعتبارات وجدت المصلحة فيها في هذه المرحلة.
  • هل هو من الشخصيات العامة المعروفة أم أنه شخص كان يعيش في الظل؟
هذا أمر لا مجال للحديث عنه- كما قلت- فليتكهن مَن يتكهن، إنما الحركة لديها قائد، والجميع مجمعون عليه والأمور مرتبة عندنا ترتيبًا كاملاً بفضل الله، ولا يعنينا أن يبحث الناس من هو هذا الشخص، للحركة عدد كبير من الرموز المعلنين والمعروفين لأبناء شعبنا، نحن حركة لا تعيش تحت الأرض، تعيش فوق الأرض، وبين أبناء شعبنا في كل شئون حياتهم.


المعركة خارج فلسطين

بالنسبة لنا في حماس لا تزال معركتنا داخل فلسطين، وضد العدو الصهيوني، وهذه سياسة ما زلنا عليها ولا تغيير فيها؛ لكن معركة فلسطين هي بحجم الأمة جميعًا، والخطر الصهيوني يتهدد الأمة كلها، طرف المعركة اليوم لم يعد الكيان الصهيوني وحده؛ بل خلفه الإدارة الأمريكية بصورة غير مسبوقة.
السفاح شارون
الدعم الأمريكي كان قائمًا سابقًا؛ لكن في الفترة الأخيرة وصل الدعم والغطاء الأمريكي لجرائم شارون، ولمشروعه العدائي على الأمة إلى درجة من التلاحم, خصوصًا بعد زيارة شارون الأخيرة لواشنطن، وموقف بوش الأخير؛ أي هناك تحالف معروف بين اليمين المحافظ المسيحي المتصهين في الإدارة الأمريكية وبين المشروع الصهيوني.
هذا يجعل المعركة بحجم الأمة جميعًا, لذلك من الطبيعي أن تكون هناك ردود فعل، وأن تكون هناك استجابات ومبادرات في الساحة العربية والإسلامية من الأسماء التي ذكرتها ومن غيرها؛ لأن الوعي أصبح راسخًا من الجميع أن الخطر الصهيوني لا ينحسر داخل فلسطين، وإنما يهدد الأمة جميعا؛ لذلك- انطلاقًا من هذه الرؤية- يبادر بعضهم إلى مثل هذه الخطوات.
واعتقد بأن إمعان شارون في الجريمة وإمعان الإدارة الأمريكية في وقاحة مواقفها، وفي دعمها المطلق للجرائم الصهيونية سيوسعا دائرة المبادرات في الساحة العربية والإسلامية كنوع ليس فقط من دعم الشعب الفلسطيني؛ ولكن أيضًا كنوع من الدفاع عن الذات؛ لأن الجميع بات يشعر بالخطر من هذا التحالف الأثيم بين الكيان الصهيوني وبين اليمين المتصهين في الإدارة الأمريكية.
  • هناك قلق من أن تجرَّ المقاومة الفلسطينية إلى فخ الوصم بالإرهاب.. أنتم تقاومون الاحتلال االصهيوني و(القاعدة) تحارب أمريكا.. هل باتت المعركة واحدة؟
هذا شأنهم في القاعدة، هم قالوا هذا، وهذا أمرهم، ولا يستطيع أحدٌ أن يمنع أحدًا من أن يتصرف بقناعاته، أنا قلت لك: إن قضية فلسطين هي قضية الأمة جميعًا، ومن حق كل عربي ومسلم- بل أي حر في الدنيا حتى أحرار الدنيا من غير عرب أو مسلمين- من حق كل واحد أن يتصرف وفق قناعاته ووفق رؤيته لطبيعة الخطر الصهيوني وامتداداته على مستوى العالم، هذا شيء طبيعي؛ لكن معركتنا كما تعلم محصورة داخل فلسطين وضد الاحتلال الصهيوني.
  • هل يمكن استهداف الصهاينة خارج فلسطين؟
بالنسبة لنا في حماس لا تغيير على السياسة، نحن نقاتل على أرض فلسطين المحتلة، وضد الاحتلال الصهيوني، أما الصهاينة أو الإسرائيليون خارج فلسطين، فهذا شأن العرب والمسلمين والأحرار في العالم.
  • في داخل فلسطين ما أهدافكم المشروعة بشريًّا وجغرافيًّا؟
الأهداف مفتوحة، طالما أن العدو يخوض ضدنا حربًا مفتوحة، من حقنا أن ندافع عن أنفسنا بحرب مفتوحة.
  • أي جميع الصهاية داخل أراضي 1948م؟
مفتوحة من حيث الشرائح الصهيونية المتعددة.


حماس في العراق

نحن كـ(حماس) تنظيمنا في الداخل، أما في الخارج نحن قيادات ورموز سياسية وإعلامية للحركة, ولدينا أنصار ومؤيدون ومحبون كُثُر في كل الساحات بما فيها العراق, لكن ليس لنا وجود تنظيمي لا في العراق ولا في غيرها.
  • بعد اغتيال الرنتيسي تحدثت عن وجود عملاء, ماذا تقصد؟ هل لديك دليل على تورط بعض الشخصيات في عملية الاغتيال؟
لا أتحدث هنا عن موضوع الشخصيات.. أنا أترك هذا لوعي الشعب الفلسطيني الذي يدرك ما يجري على الساحة الفلسطينية, وإنما أتحدث عن العملاء بمعناه المباشر للعملاء، هناك أعداد من العملاء استشرى خطرهم على الأرض الفلسطينية؛ لأنها أمِنت العقوبة، كان شعبنا بفصائله يتعامل مع هؤلاء العملاء بسياسة حازمة في الانتفاضة الأولى العام 1987م؛ لكن عندما جاءت اتفاقات أوسلو، وجاءت معها السلطة الوطنية الفلسطينية توقف برنامج تأديب العملاء؛ لأن السلطة رفضت ذلك، وكانت النتيجة أن أمِن هؤلاء العملاء المجرمون تفادي العقوبة، فتصرفوا بمنطلق الحرية وتنامي خطرهم الذي استهدف الجميع في حماس والجهاد وفتح، وجميع العناصر الوطنية المجاهدة والمخلصة.
لذلك بات من الضروري بعد 10 سنوات, من العام 1994م إلى 2004م, أن يكون هناك برنامج فلسطيني وطني في الساحة الفلسطينية يعمل على معالجة هذه الظاهرة معالجة حاسمة؛ لكن معالجة شاملة تشمل التأديب والزجر والتصفية خصوصًا للرؤوس الكبيرة والعملاء، كما تشمل كذلك الكتابة والمعالجة الثقافية والاقتصادية حتى نضيِّق هذه الظاهرة إلى أضيق نطاق.
  • هل يمكن أن تقوم حماس في هذه المهمة في ضوء تراجع أو ترهل السلطة؟ هل يمكن أن تقوم حماس بمعاقبة أو تأديب أو استتابة العملاء؟
الموضوع ليس له علاقة بتراجع السلطة أو ترهلها، الموضوع له علاقة بتفشي خطر هؤلاء العملاء وتناميه، نحن ندعو بكل صدق وإخلاص الجميع إلى المبادرة إلى هذا الموقف، نحن في حماس سنتحمل مسئولياتنا تجاه هذا الأمر.


الوحدة الفلسطينية

  • شارون قال إنه ينوي الانسحاب من غزة.. وفي حال قيامكم ببرنامج معالجة مشكلة العملاء, هل أنتم واثقون بأن ذلك لن يؤدي إلى تهديد الوحدة الوطنية الفلسطينية؟
الوحدة الوطنية الفلسطينية مصونة، والجميع حريص عليها، الخطر عليها ليس من أي فصيل أو طرف فلسطيني, الخطر على الوحدة الوطنية هو من شارون، ومن الاحتلال فقط.
نحن أبناء فلسطين لدينا درجة عالية من الوعي واستشعار المسئولية، وسنحافظ على هذه الوحدة ونصونها، ونعمل على تقويتها وتطويرها إلى صيغ في التعاون والتنسيق والتوافق على الأهداف والبرامج السياسية، وعلى آليات القرار الفلسطيني, وشدة المعركة مع العدو تدفع الفلسطينيين إلى مزيد من التلاحم والالتفاف إن شاء الله.
  • هل يمكن أن تملأ حماس الفراغ الذي سيتركه الانسحاب من غزة؟
الشعب الفلسطيني يملأ الفراغ بشكل طبيعي، نحن شعبٌ حرٌّ قادر على أن يقود نفسه، ولسنا في حاجة إلى احتلال يدير شأننا، مصيبتنا ومشكلتنا هي وجود الاحتلال نفسه, فليرحل الاحتلال وهذا حقنا الطبيعي.
ليست حماس وحدها, وإنما الشعب الفلسطيني, بجماهيره وقواه وفصائله الوطنية مجتمعة وكل الشخصيات ومؤسسات المجتمع الفلسطيني, يملأ الفراغ ويدير الشأن الفلسطيني بأحسن صور الإدارة، ويمارس حالة وطنية موحدة، وحالة ديمقراطية بمستوى رفيع إن شاء الله.
  • هل تعتبر الانسحاب مفصلاً يستدعي إعادة النظر في النظام الداخلي لحماس, أقصد مبدأ تحرير كل فلسطين؟
رغم أن شارون تحدث منذ فترة عن الانسحاب من قطاع غزة؛ لكن ينبغي أن ندرك المتغيرات التي تلت ذلك، هناك أولويات فرضت نفسها قبل الانسحاب، شارون يخوض الآن معركة استئصال، ويريد أن ينسحب ليترك غزة فارغة من كل العناصر الوطنية والإسلامية، بدءًا من حماس وانتهاءً بكل مناضل مخلصٍ صامدٍ على أرض غزة, وكذلك في بقية المناطق في فلسطين المحتلة، إذًا هذه الحرب حرب الاستئصال والاجتثاث، هذا السحق الذي يمارسه شارون يفرض علينا أولوية أخرى غير قضية الانسحاب من غزة.
  • ما هي؟
كيف ندافع عن أنفسنا.. كيف نواجه هذا العدوان الاستئصالي الصهيوني المدعوم من الإدارة الأمريكية، بعد ذلك عندما نجتاز هذه المرحلة نفكر بالخطوات التالية؛ لأن موضوع الانسحاب من غزة هو مبادرة وطُعم أعلنه شارون، ونحن نعلم سياقه السياسي؛ لذلك لا نريد أن نتعاطى معه بمعزل عن مراميه وعن مقدماته كذلك، الانسحاب من غزة أمرٌ لا بد منه؛ سواء بادر شارون أم لم يبادر، المقاومة وحدها هي التي ستجبر شارون على أن ينسحب من غزة ومن الضفة، ومن كل بقعة أرض فلسطينية محتلة.


أولويات

المقاومة الفلسطينية ورد مرتقب
  • الأولوية بالنسبة إليكم هي الدفاع عن المقاومة, الدفاع عن حماس؟
الدفاع عن حماس والمقاومة بشكل عام، وعن شعبنا وتوحيد الصف الفلسطيني في هذه المعركة والاستعداد لما هو قادم بكل مفاجآت، انسحاب شارون من طرف واحد ضمن خطة فك الارتباك من قطاع غزة, هذا خيار محتمل، وهناك أيضًا مفاجآت أخرى قد تكون فضلاً عما هو قائم حاليًا من إبادة يشنها شارون علينا، هذه تستدعي منا أن نضع ذلك في حساباننا في كل أولوياتنا التي نتصدى لها.
  • اقترحت في حديث صحفي أخيرًا تحصين المدنيين من الصراع, هل هذه المبادرة جدية؟ هل يوجد فيها جديد؟
هذا ليس اقتراحًا جديدًا، هو تأكيد لمبادرة سابقة منَّا في الحركة ومن قوى فلسطينية مجاهدة أخرى؛ لكن للأسف ليست هناك استجابة لا من الطرف الصهيوني ولا من أي اطراف أخرى معنية بهذا الموضوع، هذا جرى من طرفي في سياق الرد على أسئلة, لكن طالما الطرف الآخر لا يستجيب فلسنا في مجال إعادة عرضها بشكل جديد لأنه ليست هناك نية لاستجابة الطرف الآخر، عندما يعلن الطرف الآخر أنه مستعد لتحييد المدنيين من الطرفين في الصراع يمكن أن نجدد عرض المبادرة من جديد.
  • عدم الرد على هذه المبادرة هل بسبب الضربات التي وُجهت إلى حماس ووجود اعتقاد بأنها في حالة ضعف؟
على كل حال الأيام هي الفيصل وهي الشاهدة، وأنا واثق بأننا لم نضعف ولن نضعف بإذن الله تعالى، المواجهة تزيدنا قوة وصلابة، إذا كان شارون كما قال أحد قادة العدو وأعلنها بصراحة إنهم- الإسرائيليين- يستهدفون قادة حماس، ونحن نعلم طبيعة برنامجهم وأهدافه من أجل "التنظيف في غزة" وتهيئة الساحة من ناحية، وأيضًا في سياق محاولة القضاء على حماس باعتبارها- كما يرونها- خطرًا إستراتيجيًّا على الكيان الصهيوني، أقول: هذا لن يكون الإضعاف الذي يهدف إليه شارون، لن يتحقق، بالعكس نحن نزداد قوة رغم هذا النزيف المتواصل بكوادرنا وقياداتنا.
ومن يشاهد الساحة الفلسطينية في الداخل والخارج, والعربية كذلك, يجد التعاطف الهائل مع الحركة، والحركة زادت شعبيتها وأنصارها، زاد المنتسبون والمنتمون إليها، زادت الطاقات التي تجنِّد نفسها لصالح الحركة بشكل خاص، ولصالح مشروع المقاومة بشكل عام.
  • ماذا تقصد؟
هم (الإسرائيليون) يخدمون المقاومة من حيث لا يقصدون بفضل الله، هذا دليل على حيوية الشعب الفلسطيني، واستجابة واعية وجادة وإيجابية للتحدي؛ لذلك نحن لسنا ضعفاء.
أما موضوع الرد فهو- كما قلت- سيأتي في وقته وفي مكانه المناسبين، وهذا عائد إلى الجناح العسكري، والشعب الفلسطيني عوَّد أمته، وعوَّد العالم كله- ومن خلال فصائله المجاهدة- أنه إذا قال فعل، وإذا وعد أوفى، المقاومة الفلسطينية ليس عنوانها الوحيد موضوع الرد، هذا الرد يأتي في سياق اتجاهات المعركة، هم يصعِّدون العدوان، ونحن نصعد المقاومة، هم يعتدون علينا، ونحن ندافع عن أنفسنا، المقاومة لها مشروع إستراتيجي هو العمل على استعادة الحقوق وتحرير الأرض.
  • كل الأرض؟
بالتأكيد نحن نعتبر أن هذه أرض فلسطين, هذه لا يستطيع أحد أن يساوم عليها؛ لكن من الطبيعي نحن نعتبر أن تحرير الأرض لا يتم خطوة واحدة، هذا يتم بالتدريج، ومرحلة بعد مرحلة؛ لكن بمنهج التحرير، وليس بمنهج المساومة، ولا منهج البيع والشراء، ولا منهج التنازل أو ما يُسمى بالحلول السلمية؛ لأن كل مشاريع التسوية والحلول السلمية قائمة على أن تأخذ جزءًا وأن تتنازل عن جزء، أما نحن فنسير على طريق التحرير، ومن الطبيعي أن يكون برنامج التحرير متدرجًا، ومرحلة بعد مرحلة.
  • إذًا برنامجكم هو برنامج لاجئي 1948م؟
برنامجنا برنامج يقوم على الحقوق الفلسطينية مجتمعة، منها حقوق الأرض، ومنها القدس، ومنها حق العودة، ومنها جميع حقوق شعبنا، هذه هي عدالة قضيتنا، والعالم كله قَبِل من الشعوب الأخرى أن تناضل عشرات السنوات.. بعضها ناضل أكثر من مائة عام حتى نال حقه بالكامل, لماذا يريدون للشعب الفلسطيني وحده أن يقبل بجزءٍ من حقه ليكون ثمنًا للسلام؟!

نقلاً عن جريدة (الحياة) بتاريخ 22/4/2004م.

المصدر