الفرق بين المراجعتين لصفحة: «قالب:تاريخ الإخوان في لبنان»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
سطر ٢: سطر ٢:


'''إعداد: [[موسوعة الإخوان المسلمون|ويكيبيديا الإخوان المسلمين]]'''
'''إعداد: [[موسوعة الإخوان المسلمون|ويكيبيديا الإخوان المسلمين]]'''
[[ملف:إخوان-لبنان.gif|تصغير|250بك|<center>مسيرة للإخوان المسلمين فى لبنان</center>]]
'''<center><font color="blue"><font size=5> تاريخ [[الإخوان المسلمين]] في [[لبنان]]</font></font></center>'''


*'''بقلم / عبده مصطفى دسوقي'''


== مقدمة ==
'''<center><font color="green"><font size=4>كيف بدأ؟</font></font></center>'''
[[ملف:إخوان-لبنان.gif|center|420بك|تصغير|<center>مسيرة [[للإخوان المسلمين]] في مصر لدعم الإستقلال فى [[لبنان]]</center>]]
لقد حرص [[الإخوان]] بالعناية على نشر دعوتهم في كل مكان وكل بقعة من الأرض، وقد استغلوا وجود بعض الوفود من الدول فكانوا يحتفلون بهم ومنهم وفد [[لبنان]]، الذي حضر احتفال [[المركز العام]] [[للإخوان المسلمين]] بتكريم أعضاء الوفود العربية بمجلس الدول العربية.


'''و[[لبنان]] بها طوائق كثيرة ولذا حرص [[الإخوان]] على تنمية روح الوحدة والتعايش بين أبنائها، فقاموا بأمور منها:'''
*'''[[إخوان ويكي]]'''


1- الإشادة بكل موقف إيجابي يساعد أو يتفق من قريب أو بعيد مع تحقيق هدف الوحدة والترابط بين الشعوب العربية والإسلامية.
==تقديم==


2- انتقاد كل المواقف السلبية التي صدرت من الحكومة اللبنانية، وخاصة التي كانت مخالفة لحقوق العروبة والجوار ومناصرة قضايا الأمة العربية.
بلاد الشام هو اسم تاريخي لجزء من المشرق العربي يمتد على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط إلى حدود بلاد الرافدين، حيث تشكّل هذه المنطقة اليوم بالمفهوم الحديث كل من [[سورية]] و[[لبنان]] و[[الأردن]] و[[فلسطين]] التاريخية.


3- الوقوف بقوة بجانب الحقوق ال[[لبنان]]ية الخاصة بالاستقلال التام وخروج الاحتلال الفرنسي منها.
والجمهوريّة اللبنانية هي إحدى الدول العربية الواقعة في الشرق الأوسط في غرب القارة الآسيوية، حيث تحدها [[سوريا]] من الشمال والشرق، و[[فلسطين]] من الجنوب، وتطل من جهة الغرب على البحر الأبيض المتوسط، وهي بلد ديمقراطي جمهوري طوائفي غني بتعدد ثقافاته وتنوع حضاراته، وقد حصل على الاستقلال في 22 [[نوفمبر]] [[1943]] حيث اعتمد اسم "الجمهورية اللبنانية".


4- حرص [[الإخوان]] على قوة العلاقة بينهم وبين اللبنانيين حكومة وشعبًا، ففي الأسبوع الثاني من المحرم عام 1363 ه الموافق [[يناير]] [[1944]] استقبلت دار [[الإخوان]] وفدًا لبنانيًّا كان على رأسه رئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح بك.
==اهتمام [[الإخوان]] ب[[لبنان]]==


ولقد نشأة دعوة [[الإخوان]] في [[لبنان]] متزامنة مع نشأتها في سوريا، حيث يؤكد الأستاذ [[عمر بهاء الأميري]] ذلك في مجلة [[الإخوان المسلمين]] اليومية عام [[1948م]] فيقول: "في عام 1356ه /[[1937م]] أسس في حلب أول مركز مرخص لجماعة [[الإخوان]] رغم تضيق الاستعمار الفرنسي الغاشم، وبدأت منذ ذلك الوقت الاتصالات الوثيقة مع [[الإخوان]] في [[مصر]] ولاسيما فضيلة [[المرشد العام]].
كانت الساحة اللبنانية تتنازعها القوميات المختلفة، والأحزاب السياسية المتعددة التي شكلت الطابع السياسي والذي غلب عليه الطائفية، والصراعات بين الأحزاب المختلفة خاصة بعد استقلال البلاد.


== مشاركة [[الإخوان]] في المظاهرات لدعم [[سوريا]] و[[لبنان]] ==
لقد دفع هذا التعدد الطائفي ب[[لبنان]] إلى صراع طائفي شديد، ربما وقف حائلاً دون ترابطه مع باقي الشعوب العربية المجاورة.


ثم تتالى تأسيس المراكز المرخصة في دمشق وحمص وحماة واللاذقية ودير الزور في محافظات [[سوريا]]، وفي [[لبنان]] أسس مركز بيروت وطرابلس".
ولقد قدّر [[الإخوان]] هذه الأحوال وفهموها جيدًا؛ لذلك بدأ [[الإخوان]] خطواتهم تجاه هذه البلاد بسياسة تناسب كل بلد على حدة، مما أوجد آثارًا تختلف من قطر إلى آخر رغم اهتمام [[الإمام البنا]] بقضاياها وتقديمها على بعض القضايا إيمانًا منه بأن هذه البلاد هي الامتداد الطبيعي لنشر فكر [[الإخوان]] ونشاطهم.


ولقد بعث الإمام [[البنا]] الأستاذ [[عبد الرحمن الساعاتي]] والأستاذ [[محمد أسعد الحكيم]] إلى [[سوريا]] و[[فلسطين]] و[[لبنان]] لنشر الدعوة وتوضيح الفكرة في بلاد الشام، فكانت أول بعثة [[للإخوان المسلمين]] في الأقطار الشقيقة وكان ذلك في 5من جمادى الأولى 1354هـ الموافق 5 [[أغسطس]] [[1935م]]،وبعد تلك الرحلة المباركة، رشح ا[[لإمام الشهيد]] أحد كبار [[الإخوان]] وهو الأستاذ [[محمد الهادي عطية]] المحامي ليقوم بتدريس الشريعة الإسلامية والفلسفة بكلية المقاصد الخيرية في القطر الشقيق بيروت فسافر في أكتوبر سنة [[1935م]] وقد ودعته جريدة الإخوان تحت عنوان: "الأستاذ الهادي في طريقه إلى بيروت".
حيث حرص [[الإخوان]] على تنمية روح الوحدة والتعايش بين أبنائها، فقد انتقدوا المواقف السلبية التي صدرت من الحكومة اللبنانية، وخاصة التي كانت مخالفة لحقوق العروبة والجوار ومناصرة قضايا الأمة العربية [[#المراجع|(1)]].


وكان في عام [[1937م]] كان نائب شعبة [[بيروت]] الشيخ [[أنيس الشبح]].
لقد كان من أهداف [[الإخوان]] محاربة المستعمر الأجنبي الموجود في البلاد الإسلامية، ولذا حرص [[الإخوان]] على الوقوف بقوة بجانب الحقوق اللبنانية الخاصة بالاستقلال التام وخروج الاحتلال الفرنسي منها، فعندما رفضت الحكومة اللبنانية قرارات المندوب الفرنسي، سارع [[الإخوان]] بتأيد ما جاء في بيانها حيث قالت: "إن حق التشريع في [[لبنان]] ينحصر في السلطات اللبنانية وحدها [[#المراجع|(2)]].


وفي سنة [[1943م]] عقد مؤتمر في حمص اشترك فيه ممثلو المراكز في [[سوريا]] و[[لبنان]]، وأقر بقاء (دار الأرقم) في حلب مركزًا رئيسيًّا، واتخذ قرارات ذات لون جديد، كإحداث منظمتي السرايا والفتوة في كل مركز، والعناية بالناحيتين الرياضية والاقتصادية إلى جانب النواحي الثقافية والاجتماعية والأخلاقية والقضايا الإسلامية والعربية العامة.
لقد حرص [[الإخوان]] على قوة العلاقة بينهم وبين اللبنانيين حكومة وشعبًا، ففي الأسبوع الثاني من المحرم عام 1363 ه الموافق [[يناير]] [[1944]] استقبلت دار [[الإخوان]] وفدًا لبنانيا كان على رأسه رئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح بك حيث وقف الأستاذ [[عبد الحكيم عابدين]] مفتتحًا الجلسة بقوله: '''"شاء الله ألا ينال [[لبنان]] حريته منحة، فكان أن انتزعها انتزاعًا حتى لا يكون للغير فضل فيه، فنحن نكرم [[الجهاد]] في دولة رياض الصلح بك رجل [[الجهاد]]"'''، ثم ألقى فضيلة المرشد كلمة بليغة قال فيها: '''"ونريد أن نكون عمليين فندع أعمالنا تعبر عن فكرتنا"'''، ثم تكلم عن وحدة العرب قائلاً: '''"إنها حقيقة قائمة ليست بحاجة إلى تأكيد، وما صنعته يد الله لا تفرقه يد إنسان، فنحن وحدة جغرافية ووحدة لغوية، ووحدة اقتصادية ووحدة ثقافية جمعتنا الآلام والآمال أجيالاً عديدة''' [[#المراجع|(3)]].


وفي صيف [[1944م]] انتدب قسم الاتصال بالعالم الإسلامي الأخوين الأستاذ [[عبد الرحمن الساعاتي]] أفندي والأستاذ [[عبد الحكيم عابدين]] أفندي لزيارة الأقطار العربية الشقيقة ب[[الشام]] و[[العراق]]، وقد كان لهذه الزيارات والوفود المتبادلة بين [[مصر]] وبلاد [[الشام]] الأثر الكبير في توحيد العمل بينهما بعد ذلك، وقد أشار الأستاذ [[عمر بهاء الدين الأميري]] لذلك فقال: "ومنذ عام (1364ه/[[1944]]-[[1945م]]) ازدادت العلائق والاتصالات بين إخوان مصر وسوريا على أثر تبادل الزيارات والوفود والبعثات التي أفادت كثيرًا في توحيد أساليب العمل، وتنسيق وجهات النظر العامة والخاصة، حتى أصبحت دعوة [[الإخوان]] في [[مصر]] اليوم دعامة معنوية عظيمة [[للإخوان]] في [[سوريا]] و[[لبنان]]".
وحينما وقعت الحوادث الدامية بين قوات المحتل الفرنسي والشعب السوري واللبناني عقب الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام [[1945]]م ندد [[الإخوان]] بتلك الوحشية التي استخدمتها القوات الفرنسية ضد الشباب اللبناني، فكتب [[حسن البنا]] يحث الحكام العرب على اتخاذ إجراءات لحماية الشعوب فكتب يقول: إن [[سوريا]] و[[لبنان]] لا ترضيان بغير هذا الاستقلال بديلا، ولقد أدت [[سوريا]] و[[لبنان]] ما وجب عليهما، وبقى بعد ذلك على الأمة العربية أن تعمل حتى تصل إلى أهدافها وتتحقق مطالبها وآمالها والله مع العاملين [[#المراجع|(4)]].


ولقد اهتم [[الاخوان]] بقضية [[سوريا]] و[[لبنان]] ضد [[فرنسا]] فنجد [[الاخوان]] يدعمون قضيتهم فيقول الامام [[البنا]] في خطابًا أرسله إلى سعادة وزير لبنان المفوض بتاريخ 28/5/[[1945م]]، يعلن فيه استعداد [[الإخوان]] لإرسال عشرة آلاف متطوع للجهاد بجانب إخوانهم اللبنانيين"، كما ارسل بعثة طبية ل[[سوريا]] و[[لبنان]] بعد اعتداء [[فرنسا]] عليها وكان على رأسها الدكتور [[محمد سليمان]].
كما كتب مذكرة في موضع أخر منددا بهذه الحوادث جاء فيها:


'''حتى أن  الشاعر [[إبراهيم عبد الفتاح]] حيي [[سوريا]] و[[لبنان]] على ما نالا من الاستقلال عن [[فرنسا]]، فقال:'''
إن اعتداء فرنسا على [[سوريا]] و[[لبنان]] ليس ظاهرة عرضية، بل هو مظهر مؤلم لفكرة رجعية عنيفة تسيطر على عقلية بعض الساسة الفرنسيين الذين يظنون أن البلاد العربية ميدان صالح للاستعمار السياسي العتيق، وأن الشعوب العربية شعوب همجية تقبل الاستعباد وترضاه، ويظنون أنهم يستطيعون أن يكونوا لهم إمبراطورية استعمارية في البلاد العربية على حساب العرب، دون اكتراث بحيوية هذه الشعوب ومدنيتها، ولا بمبادئ الحرية التي آمنت بها جميع الشعوب الحديثة واعتنقتها الأمم المتمدينة، ولا بمبادئ القانون الدولي التي تفرض عليهم احترام تعهداتهم والتزامهم، بل ودون أي تقدير لمبادئ الإنسانية التي تأبى استعمال القوة والعنف ضد الشعوب العزلاء [[#المراجع|(5)]].


'''قف حيي [[سوريا]] بما نالت ولبنانا'''
ثم يؤكد على دعم [[الإخوان]] للقضية ال[[سورية]] واللبنانية، فيقول: وإن [[الإخوان المسلمين]] يؤيدونكم بكل قواتهم ويقدمون لكم أرواحهم وأنفسهم لتقذفوا بها فى ميدان العمل، وقد رأوا أن من واجب هيئتهم  أن تطالبوا حكومات الجامعة بالوقوف في هذه القضية موقفا حازما حاسما حتى تحرر [[سوريا]] و[[لبنان]] من الفرنسيين المستعبدين نهائيا باتخاذ ما يأتي:
:::::'''قطرين قد لبسا بالفوز تيجانا'''


'''حيي العروبة في القطرين حافظة'''       
# قطع العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع الحكومة الفرنسية ووضع الأموال الفرنسية تحت الحراسة.
:::::'''تراث قحطان أو ميراث عدنانا'''
# مساعدة الجمهوريتين العربيتين [[سوريا]] و[[لبنان]] على تكوين جيشيهما بأسرع ما يمكن بكل المساعدات الفنية والمالية.
# أن تساهم جيوش الدول العربية والمتطوعين في شرف تحرير [[سوريا]] و[[لبنان]] وطرد الفرنسيين منها إلى آخر رجل.
# محاكمة جميع الفرنسيين الذين اعتدوا على الأهالي السوريين المدنيين والمدن ال[[سورية]] المفتوحة اعتداءات يحرمها القانون الدولي وتأباها الإنسانية على هذه الجرائم، ومعاقبتهم مع مجرمي الحرب الأوربية، وتعويض جميع الأضرار التي أحدثوها للأهالي والمدن من أموال الفرنسيين في البلاد العربية [[#المراجع|(6)]].


وفى نهاية عام [[1945م]] قامت فرق جوالة [[الإخوان]] بتكريم وفود الجوالة العرب أعضاء وفود الكشافة ب[[لبنان]] ويافا ب[[فلسطين]] وفريق التهذيب الإسلامى وفريق الكشافة بحيفا، وقد حضر هذا التكريم لفيف من أعضاء [[مكتب الإرشاد]].
بل عندما حضرت الوفود العربية إلى [[مصر]] عام [[1945]]م لدعم [[سوريا]] و[[لبنان]] في محنتيهما ضد فرنسا استقبلها [[الإخوان]]، وحياهم الأستاذ السكري باسم [[الإخوان]]، وفي اليوم التالي احتشد [[الإخوان المسلمون]] في جامع إلكخيا بميدان الأوبرا في صلاة العصر، وصلى بهم الأستاذ المرشد إمامًا، وبعدها دعا [[الإخوان]] إلى صلاة الغائب على أرواح الشهداء، فأدوا الصلاة، وخرجوا بعدها في جموعهم وقد رفعوا أعلامهم وانتظموا في مظاهرة سارت من مسجد إلكخيا إلى ميدان إبراهيم باشا، فشارع إبراهيم باشا، وكان الأخ [[حامد شريت]] سكرتير [[الإخوان]] ب[[أسيوط]] يركب سيارة، ومعه المذياع، فأخذ يهتف وسط الجموع فيرد [[الإخوان]] هتافه بحماسة بالغة وشعور فياض، فدوى الهتاف بحياة [[سوريا]] المجاهدة و[[لبنان]] الباسلة، وسقوط فرنسا الغاشمة، كما هتف [[الإخوان]] بمبادئهم: الله غايتنا، والنبي إمامنا.


ولقد شارك [[الإخوان]] في [[سوريا]] في حرب [[فلسطين]] عام [[1948م]] تحت قيادة الشيخ [[مصطفى السباعي]] حتى دخلت الجماعة في [[مصر]] في محنى الحل والاعتقال.
ووصلت طلائع المتظاهرين إلى فندق شبرد حيث كانت الوفود العربية مجتمعة، بينما كانت المؤخرة ما زالت أمام مسجد إلكخيا، وتحولت الشوارع إلى كتل بشرية تخفق من فوقها أعلام [[الإخوان المسلمين]] من أنحاء القطر المختلفة، ومن فوق فندق شبرد أطل فضيلة [[المرشد العام]] وقد أمسك بيده المذياع وارتجل كلمة حماسية ألهبت الشعور، وأطلقت الحناجر بالهتاف والتهليل والتكبير استهلها بقوله: '''«لا حياة مع الذل، ولا عيش مع الاستعباد يا [[مصر]] المجاهدة، ها أنت ممثلة في هذا الشباب -شباب [[الإخوان]]- يا من جاهدت وستجاهدين، ها أنت تحيين المجاهدين من أبناء [[سوريا]] و[[لبنان]]»'''.


وفي مطلع الخمسينات كانت الحركة الإسلامية في عدد من أقطار العالم العربي قد نمت وباتت تشكل تياراً فكرياً وسياسياً واضحاً على الساحة العربية. كانت مؤلفات [[حسن البنا]] و[[سيد قطب]] و[[مصطفى السباعي]]، وما جرى تعريبه ونشره من كتب أبي الأعلى المودودي في [[باكستان]]، وإصدارات [[الإخوان المسلمين]] كمجلة "الدعوة" و"المسلمون" من [[مصر]] و"الشهاب" من [[سوريا]] و"الكفاح الإسلامي" من الأردن بدأت تشكل تياراً فكرياً وسياسياً إسلامياً في مختلف المناطق اللبنانية. وقد ساعد على بلورة هذا التيار في [[لبنان]] لجوء الدكتور [[مصطفى السباعي]] (المراقب العام [[للإخوان المسلمين]] في [[سوريا]]) إلى [[لبنان]] عام [[1952]] خلال فترة حكم العقيد أديب الشيشكلي في [[سوريا]] حيث استطاع تأصيل الفكر الإسلامي الملتزم لدى صياغة دراسات فكرية وحركية لكل من "جماعة عباد الرحمن" التي تشكلت في [[بيروت]] وكان أسسها الأستاذ [[محمد عمر الداعوق]] عام [[1950]]، ولدى مجموعة من الشباب بطرابلس كان أبرزهم النائب السابق فتحي يكن.
وقال أيضًا: "يا زعماء العرب، ها أنتم ترون بأعينكم هذه القلوب المتوثبة وهذا الشباب المتحفز، إنهم جميعًا يتطوعون بدمهم وأرواحهم في سبيل نصرة [[سوريا]] و[[لبنان]] والعرب في كل مكان، ستخبرون وتمتحنون وتضعون أول قرار فلا تهنوا وقولوا كلمتكم والله معكم [[#المراجع|(7)]].


وقد تأكدت صلات هذا التيار الإسلامي اللبناني بحركة [[الإخوان المسلمين]] خلال زيارة [[المرشد العام]] [[للإخوان]] في [[مصر]] ([[حسن الهضيبي]]) إلى [[لبنان]] عام [[1953]]، وانعقاد المكتب التنفيذي لقادة [[الإخوان المسلمين]] في مصيف بحمدون حيث حضره إضافة إلى الهضيبي ([[مصر]]) والسباعي ([[سوريا]]) و[[محمد عمر الداعوق]] ([[لبنان]]).. كل من الشيخ [[محمد محمود الصواف]] ([[العراق]]) و[[محمد عبد الرحمن خليفة]] ([[الأردن]]) وغيرهم.
وخطب سعد الله بك الجابري مندوب [[سوريا]] فقال: '''"إخواني، هذا الشعور الفياض الذي تستقبل به [[مصر]] العزيزة قادة الأمم العربية يدفعنا نحن أبناء الشام لكي نزيد في التضحية في سبيل وحدة العرب، وإنني أشكركم وأحيي [[الإخوان المسلمين]]"'''.  


في عام [[1956]] تأسس أول مركز لجماعة عباد الرحمن في [[طرابلس]]، وكانت الجماعة في [[بيروت]] تنشر فكرها وتوسع نطاق عضويتها دون أن تعتمد مساراً سياسياً محدداً، في حين كان مركز طرابلس يصدر مواقف سياسية من الصراع الداخلي اللبناني خلال فترة حكم الرئيس كميل شمعون ومن القضايا الإقليمية كالموقف من الوحدة العربية ومشروع إيزنهاور وحلف بغداد والصراع العربي الإسرائيلي، واصدرت نشرات غير رسمية كمجلة "الفجر" عام [[1957]] و"الثائر" عام [[1958]]، وعندما اندلعت أحداث [[1958]] وما صاحبها من فرز وطني وطائفي كان لجماعة عباد الرحمن بطرابلس موقع سياسي وعسكري واضح، فأنشأت معسكراً للتدريب وأقامت محطة إذاعة "صوت [[لبنان]] الحر" كانت هي الوحيدة  في الشمال حتى الشهور الأخيرة للأزمة، بينما اكتفت الجماعة في بيروت بدور اجتماعي إغاثي، مما أدى أوائل الستينات إلى أن يستقل العمل الإسلامي في الشمال عن عباد الرحمن، وأن يبدأ تشكيل جماعة جديدة تلبي تطلعات الحركة الإسلامية بشكلها الشمولي تحت مسمى الجماعة الإسلامية ، وكان من قادة الجماعة أمينها العام المؤسس الشيخ[[فتحي يكن]]، إضافة إلى بقية المؤسسين ومنهم القاضي المستشار الشيخ [[فيصل مولوي]]....'''[[تاريخ الإخوان في لبنان|تابع القراءة]]'''
ثم تكلم عن [[لبنان]] النائب أميل لحود قائلاً: "لقد سمعتم [[سوريا]] وما يختلف صوت [[لبنان]] عن صوت [[سوريا]]، فنحن لا نفرق بين عربي وعربي، وإننا جسم واحد" [[#المراجع|(8)]].
 
كما أرسل [[الإمام البنا]] خطابًا إلى سعادة وزير [[لبنان]] المفوض بتاريخ 28/5/[[1945]]م، وفيه يعلن استعداد [[الإخوان]] لإرسال عشرة آلاف متطوع للجهاد بجانب إخوانهم اللبنانيين، وقد أرسل فضيلته خطابًا مماثلاً في نفس التاريخ إلى سعادة وزير [[سوريا]] المفوض يعلن فيه استعداد [[الإخوان]] لإرسال عشرة آلاف متطوع، فيكون مجموع المتطوعين للدفاع عن [[سوريا]] و[[لبنان]] عشرين ألف متطوع [[#المراجع|(9)]].
 
وفى نفس العام أرسل [[الإخوان]] بعثة طبية، وتألفت البعثة الطبية من الدكتور محمد سليمان رئيسًا، والأستاذ علي محمود مطاوع والدكتور عبد الوهاب البرلسي والحاجة زبيدة أحمد ممرضة، وصاحبهم الأستاذ [[عبد الحكيم عابدين]] سكرتيرًا للبعثة، وسافرت البعثة بعد أن ودعهم مكتب الإرشاد وإخوان [[القاهرة]] وفرق الجوالة بالقطار إلى [[فلسطين]] ما عدا الأستاذ عابدين الذي تخلف عنهم؛ لأن حكومة الانتداب البريطاني في [[فلسطين]] لم تعطه تأشيرة بالسفر، فاضطر إلى السفر بالطائرة في اليوم التالي إلى بيروت رأسًا.
 
وقد وصلت البعثة الطبية إلى دمشق، وافتتحت عيادة خارجية بلغ عدد الذين يختلفون إليها يوميًّا نحو مائتين، يجرى لهم الكشف الطبي، ويمنحون الدواء بلا مقابل، وقد أقامت بعض الجمعيات حفلات تكريم [[للإخوان]] منها «الجمعية الغراء»، و«جمعية الشبان المسلمين» [[#المراجع|(10)]].
 
بل أن جوالة [[الإخوان]] قامت في نهاية عام [[1945]]م بتكريم وفود الجوالة العرب أعضاء وفود الكشافة ب[[لبنان]] ويافا ب[[فلسطين]] وفريق التهذيب الإسلامي وفريق الكشافة بحيفا، وقد حضر هذا التكريم لفيف من أعضاء مكتب الإرشاد، وكان من كبار المدعوين لذلك الحفل حضرات وحيد باشا يسرى والسيد محمود الحبرى والسيد محمد على الجعبرى رئيس بلدية الخليل ورئيس [[الإخوان]] ب[[فلسطين]] والأستاذ الفضيل الورتلانى سكرتير لجنة الدفاع عن شمال أفريقيا [[#المراجع|(11)]].
 
وكان هذا من حرص [[الإخوان]] على توطيد العلاقة مع الدول الإسلامية عامة والأشقاء العرب خاصة.
 
وحينما أطلقت السلطات الفرنسية يوم 22 تشرين الثاني/ [[نوفمبر]] [[1943]]م سراح رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة اللبنانية رياض الصلح وسلمت بمنح [[لبنان]] الاستقلال التام، ثم حصولها بالفعل على الاستقلال في 31 [[ديسمبر]]/ كانون أول [[1946]]م ثم اختيار بشارة خوري رئيسا للبلاد، كتب [[الإمام حسن البنا]] برقية جاء فيها:
 
:'''"فخامة بشارة الخورى رئيس جمهورية [[لبنان]]"''':
 
إلى [[لبنان]] الشقيق أجمل التهاني بإعادة انتخابكم. حقق الله آمال الوطن العزيز والعروبة المجيدة في ظل رياستكم الرشيدة [[#المراجع|(12)]].
 
'''ولقد كتب الشاعر إبراهيم عبد الفتاح يُحيي [[سوريا]] و[[لبنان]] على ما نالا من الاستقلال عن فرنسا، ويبارك تضحياتهم في سبيل التحرير، فقال:'''
 
'''<center>
قف حيي [[سوريا]] بما نالت و[[لبنان]]ا
::::قطرين قد لبسا بالفوز تيجانا
 
حيي العروبة في القطرين حافظة
::::تراث قحطان أو ميراث عدنانا
 
جاءت فرنسا تريهم كيف عزتها             
::::من بعد رقدتها في الذل أزمانا
 
كم ثورة في أخ ردت عزيمته                 
::::لو سار للحرب في [[سوريا]] و[[لبنان]]ا
 
سيروا على بركات الله واغتنموا             
::::نصرًا من الله مكفولاً ورضوانا [[#المراجع|(13)]].
</center>'''
...'''[[تاريخ الإخوان في لبنان|تابع القراءة]]'''

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٣:٢٤، ٢٢ أبريل ٢٠٢٠

الإخوان المسلمين في لبنان

إعداد: ويكيبيديا الإخوان المسلمين

مسيرة للإخوان المسلمين فى لبنان
تاريخ الإخوان المسلمين في لبنان


كيف بدأ؟

تقديم

بلاد الشام هو اسم تاريخي لجزء من المشرق العربي يمتد على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط إلى حدود بلاد الرافدين، حيث تشكّل هذه المنطقة اليوم بالمفهوم الحديث كل من سورية ولبنان والأردن وفلسطين التاريخية.

والجمهوريّة اللبنانية هي إحدى الدول العربية الواقعة في الشرق الأوسط في غرب القارة الآسيوية، حيث تحدها سوريا من الشمال والشرق، وفلسطين من الجنوب، وتطل من جهة الغرب على البحر الأبيض المتوسط، وهي بلد ديمقراطي جمهوري طوائفي غني بتعدد ثقافاته وتنوع حضاراته، وقد حصل على الاستقلال في 22 نوفمبر 1943 حيث اعتمد اسم "الجمهورية اللبنانية".

اهتمام الإخوان بلبنان

كانت الساحة اللبنانية تتنازعها القوميات المختلفة، والأحزاب السياسية المتعددة التي شكلت الطابع السياسي والذي غلب عليه الطائفية، والصراعات بين الأحزاب المختلفة خاصة بعد استقلال البلاد.

لقد دفع هذا التعدد الطائفي بلبنان إلى صراع طائفي شديد، ربما وقف حائلاً دون ترابطه مع باقي الشعوب العربية المجاورة.

ولقد قدّر الإخوان هذه الأحوال وفهموها جيدًا؛ لذلك بدأ الإخوان خطواتهم تجاه هذه البلاد بسياسة تناسب كل بلد على حدة، مما أوجد آثارًا تختلف من قطر إلى آخر رغم اهتمام الإمام البنا بقضاياها وتقديمها على بعض القضايا إيمانًا منه بأن هذه البلاد هي الامتداد الطبيعي لنشر فكر الإخوان ونشاطهم.

حيث حرص الإخوان على تنمية روح الوحدة والتعايش بين أبنائها، فقد انتقدوا المواقف السلبية التي صدرت من الحكومة اللبنانية، وخاصة التي كانت مخالفة لحقوق العروبة والجوار ومناصرة قضايا الأمة العربية (1).

لقد كان من أهداف الإخوان محاربة المستعمر الأجنبي الموجود في البلاد الإسلامية، ولذا حرص الإخوان على الوقوف بقوة بجانب الحقوق اللبنانية الخاصة بالاستقلال التام وخروج الاحتلال الفرنسي منها، فعندما رفضت الحكومة اللبنانية قرارات المندوب الفرنسي، سارع الإخوان بتأيد ما جاء في بيانها حيث قالت: "إن حق التشريع في لبنان ينحصر في السلطات اللبنانية وحدها (2).

لقد حرص الإخوان على قوة العلاقة بينهم وبين اللبنانيين حكومة وشعبًا، ففي الأسبوع الثاني من المحرم عام 1363 ه الموافق يناير 1944 استقبلت دار الإخوان وفدًا لبنانيا كان على رأسه رئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح بك حيث وقف الأستاذ عبد الحكيم عابدين مفتتحًا الجلسة بقوله: "شاء الله ألا ينال لبنان حريته منحة، فكان أن انتزعها انتزاعًا حتى لا يكون للغير فضل فيه، فنحن نكرم الجهاد في دولة رياض الصلح بك رجل الجهاد"، ثم ألقى فضيلة المرشد كلمة بليغة قال فيها: "ونريد أن نكون عمليين فندع أعمالنا تعبر عن فكرتنا"، ثم تكلم عن وحدة العرب قائلاً: "إنها حقيقة قائمة ليست بحاجة إلى تأكيد، وما صنعته يد الله لا تفرقه يد إنسان، فنحن وحدة جغرافية ووحدة لغوية، ووحدة اقتصادية ووحدة ثقافية جمعتنا الآلام والآمال أجيالاً عديدة (3).

وحينما وقعت الحوادث الدامية بين قوات المحتل الفرنسي والشعب السوري واللبناني عقب الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945م ندد الإخوان بتلك الوحشية التي استخدمتها القوات الفرنسية ضد الشباب اللبناني، فكتب حسن البنا يحث الحكام العرب على اتخاذ إجراءات لحماية الشعوب فكتب يقول: إن سوريا ولبنان لا ترضيان بغير هذا الاستقلال بديلا، ولقد أدت سوريا ولبنان ما وجب عليهما، وبقى بعد ذلك على الأمة العربية أن تعمل حتى تصل إلى أهدافها وتتحقق مطالبها وآمالها والله مع العاملين (4).

كما كتب مذكرة في موضع أخر منددا بهذه الحوادث جاء فيها:

إن اعتداء فرنسا على سوريا ولبنان ليس ظاهرة عرضية، بل هو مظهر مؤلم لفكرة رجعية عنيفة تسيطر على عقلية بعض الساسة الفرنسيين الذين يظنون أن البلاد العربية ميدان صالح للاستعمار السياسي العتيق، وأن الشعوب العربية شعوب همجية تقبل الاستعباد وترضاه، ويظنون أنهم يستطيعون أن يكونوا لهم إمبراطورية استعمارية في البلاد العربية على حساب العرب، دون اكتراث بحيوية هذه الشعوب ومدنيتها، ولا بمبادئ الحرية التي آمنت بها جميع الشعوب الحديثة واعتنقتها الأمم المتمدينة، ولا بمبادئ القانون الدولي التي تفرض عليهم احترام تعهداتهم والتزامهم، بل ودون أي تقدير لمبادئ الإنسانية التي تأبى استعمال القوة والعنف ضد الشعوب العزلاء (5).

ثم يؤكد على دعم الإخوان للقضية السورية واللبنانية، فيقول: وإن الإخوان المسلمين يؤيدونكم بكل قواتهم ويقدمون لكم أرواحهم وأنفسهم لتقذفوا بها فى ميدان العمل، وقد رأوا أن من واجب هيئتهم أن تطالبوا حكومات الجامعة بالوقوف في هذه القضية موقفا حازما حاسما حتى تحرر سوريا ولبنان من الفرنسيين المستعبدين نهائيا باتخاذ ما يأتي:

  1. قطع العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع الحكومة الفرنسية ووضع الأموال الفرنسية تحت الحراسة.
  2. مساعدة الجمهوريتين العربيتين سوريا ولبنان على تكوين جيشيهما بأسرع ما يمكن بكل المساعدات الفنية والمالية.
  3. أن تساهم جيوش الدول العربية والمتطوعين في شرف تحرير سوريا ولبنان وطرد الفرنسيين منها إلى آخر رجل.
  4. محاكمة جميع الفرنسيين الذين اعتدوا على الأهالي السوريين المدنيين والمدن السورية المفتوحة اعتداءات يحرمها القانون الدولي وتأباها الإنسانية على هذه الجرائم، ومعاقبتهم مع مجرمي الحرب الأوربية، وتعويض جميع الأضرار التي أحدثوها للأهالي والمدن من أموال الفرنسيين في البلاد العربية (6).

بل عندما حضرت الوفود العربية إلى مصر عام 1945م لدعم سوريا ولبنان في محنتيهما ضد فرنسا استقبلها الإخوان، وحياهم الأستاذ السكري باسم الإخوان، وفي اليوم التالي احتشد الإخوان المسلمون في جامع إلكخيا بميدان الأوبرا في صلاة العصر، وصلى بهم الأستاذ المرشد إمامًا، وبعدها دعا الإخوان إلى صلاة الغائب على أرواح الشهداء، فأدوا الصلاة، وخرجوا بعدها في جموعهم وقد رفعوا أعلامهم وانتظموا في مظاهرة سارت من مسجد إلكخيا إلى ميدان إبراهيم باشا، فشارع إبراهيم باشا، وكان الأخ حامد شريت سكرتير الإخوان بأسيوط يركب سيارة، ومعه المذياع، فأخذ يهتف وسط الجموع فيرد الإخوان هتافه بحماسة بالغة وشعور فياض، فدوى الهتاف بحياة سوريا المجاهدة ولبنان الباسلة، وسقوط فرنسا الغاشمة، كما هتف الإخوان بمبادئهم: الله غايتنا، والنبي إمامنا.

ووصلت طلائع المتظاهرين إلى فندق شبرد حيث كانت الوفود العربية مجتمعة، بينما كانت المؤخرة ما زالت أمام مسجد إلكخيا، وتحولت الشوارع إلى كتل بشرية تخفق من فوقها أعلام الإخوان المسلمين من أنحاء القطر المختلفة، ومن فوق فندق شبرد أطل فضيلة المرشد العام وقد أمسك بيده المذياع وارتجل كلمة حماسية ألهبت الشعور، وأطلقت الحناجر بالهتاف والتهليل والتكبير استهلها بقوله: «لا حياة مع الذل، ولا عيش مع الاستعباد يا مصر المجاهدة، ها أنت ممثلة في هذا الشباب -شباب الإخوان- يا من جاهدت وستجاهدين، ها أنت تحيين المجاهدين من أبناء سوريا ولبنان».

وقال أيضًا: "يا زعماء العرب، ها أنتم ترون بأعينكم هذه القلوب المتوثبة وهذا الشباب المتحفز، إنهم جميعًا يتطوعون بدمهم وأرواحهم في سبيل نصرة سوريا ولبنان والعرب في كل مكان، ستخبرون وتمتحنون وتضعون أول قرار فلا تهنوا وقولوا كلمتكم والله معكم (7).

وخطب سعد الله بك الجابري مندوب سوريا فقال: "إخواني، هذا الشعور الفياض الذي تستقبل به مصر العزيزة قادة الأمم العربية يدفعنا نحن أبناء الشام لكي نزيد في التضحية في سبيل وحدة العرب، وإنني أشكركم وأحيي الإخوان المسلمين".

ثم تكلم عن لبنان النائب أميل لحود قائلاً: "لقد سمعتم سوريا وما يختلف صوت لبنان عن صوت سوريا، فنحن لا نفرق بين عربي وعربي، وإننا جسم واحد" (8).

كما أرسل الإمام البنا خطابًا إلى سعادة وزير لبنان المفوض بتاريخ 28/5/1945م، وفيه يعلن استعداد الإخوان لإرسال عشرة آلاف متطوع للجهاد بجانب إخوانهم اللبنانيين، وقد أرسل فضيلته خطابًا مماثلاً في نفس التاريخ إلى سعادة وزير سوريا المفوض يعلن فيه استعداد الإخوان لإرسال عشرة آلاف متطوع، فيكون مجموع المتطوعين للدفاع عن سوريا ولبنان عشرين ألف متطوع (9).

وفى نفس العام أرسل الإخوان بعثة طبية، وتألفت البعثة الطبية من الدكتور محمد سليمان رئيسًا، والأستاذ علي محمود مطاوع والدكتور عبد الوهاب البرلسي والحاجة زبيدة أحمد ممرضة، وصاحبهم الأستاذ عبد الحكيم عابدين سكرتيرًا للبعثة، وسافرت البعثة بعد أن ودعهم مكتب الإرشاد وإخوان القاهرة وفرق الجوالة بالقطار إلى فلسطين ما عدا الأستاذ عابدين الذي تخلف عنهم؛ لأن حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين لم تعطه تأشيرة بالسفر، فاضطر إلى السفر بالطائرة في اليوم التالي إلى بيروت رأسًا.

وقد وصلت البعثة الطبية إلى دمشق، وافتتحت عيادة خارجية بلغ عدد الذين يختلفون إليها يوميًّا نحو مائتين، يجرى لهم الكشف الطبي، ويمنحون الدواء بلا مقابل، وقد أقامت بعض الجمعيات حفلات تكريم للإخوان منها «الجمعية الغراء»، و«جمعية الشبان المسلمين» (10).

بل أن جوالة الإخوان قامت في نهاية عام 1945م بتكريم وفود الجوالة العرب أعضاء وفود الكشافة بلبنان ويافا بفلسطين وفريق التهذيب الإسلامي وفريق الكشافة بحيفا، وقد حضر هذا التكريم لفيف من أعضاء مكتب الإرشاد، وكان من كبار المدعوين لذلك الحفل حضرات وحيد باشا يسرى والسيد محمود الحبرى والسيد محمد على الجعبرى رئيس بلدية الخليل ورئيس الإخوان بفلسطين والأستاذ الفضيل الورتلانى سكرتير لجنة الدفاع عن شمال أفريقيا (11).

وكان هذا من حرص الإخوان على توطيد العلاقة مع الدول الإسلامية عامة والأشقاء العرب خاصة.

وحينما أطلقت السلطات الفرنسية يوم 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1943م سراح رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة اللبنانية رياض الصلح وسلمت بمنح لبنان الاستقلال التام، ثم حصولها بالفعل على الاستقلال في 31 ديسمبر/ كانون أول 1946م ثم اختيار بشارة خوري رئيسا للبلاد، كتب الإمام حسن البنا برقية جاء فيها:

"فخامة بشارة الخورى رئيس جمهورية لبنان":

إلى لبنان الشقيق أجمل التهاني بإعادة انتخابكم. حقق الله آمال الوطن العزيز والعروبة المجيدة في ظل رياستكم الرشيدة (12).

ولقد كتب الشاعر إبراهيم عبد الفتاح يُحيي سوريا ولبنان على ما نالا من الاستقلال عن فرنسا، ويبارك تضحياتهم في سبيل التحرير، فقال:

قف حيي سوريا بما نالت ولبنانا

قطرين قد لبسا بالفوز تيجانا

حيي العروبة في القطرين حافظة

تراث قحطان أو ميراث عدنانا

جاءت فرنسا تريهم كيف عزتها

من بعد رقدتها في الذل أزمانا

كم ثورة في أخ ردت عزيمته

لو سار للحرب في سوريا ولبنانا

سيروا على بركات الله واغتنموا

نصرًا من الله مكفولاً ورضوانا (13).

...تابع القراءة