أبناء الشوارع .. كيف يعيشون

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أبناء الشوارع .. كيف يعيشون


عنوان ترتعد له فرائص كل حر"أبناء الشوارع"، فمن يكونون ؟، ومن أين جاءوا ؟، وكيف يعيشون؟، ومن المسئول عمل يحدث لهم؟.

كنت مع أولادي في إحدي الحدائق نلعب ونمرح، أنظر إليهم فأجدهم زهور تزدهر وسط زهور الحديقة، وأثناء جلوسي مر علي طفل لا يتجاوز عمره سبعة أعوام يتسول، فارتجف قلبي وهز كيانى، فأسرعت بالنظر إلي أولادي وسرح خيالي فيما لو كان ابنى هو الذي يسير ويتسول مكان هذا الطفل، ووجدت الحزن والهم قد ملك كل جوانبي ، وما شعرت بنفسي إلا وأنا أنتفض إنتفاضة المذعور وأسرع إلي أبنائى أضمه إلي صدري، وما زال الحزن يملك علي كل مشاعري مما يحدث لأبناء وطني الصغار في الوقت الذي ينادي مجلس الطفولة برعاية الأطفال وعدم عملهم في الصغر، ولكني أدركت أن هذا المجلس مكون من علية القوم ومن ثم فهو يعمل من أجل رفاهية أبناء علية القوم لا هؤلاء الأطفال الذين نبذهم مجتمعي، وأخذت أراقب هذا الطفل الصغير حتي انشقت الأرض وابتلعته ليتوه في أعماقها.

ومشيت وكلي هموم وأسأل من يكون هذا الطفل ومثله أطفال كثيرون؟، وما الذي دفعه لفعل ذلك؟، وأي جريمة اقترفها حتي يحدث له ذلك؟، ولماذا يرتدي هذه الملابس التي لا تكاد تستر عظم جسده؟، ولماذا ترك القاذورات تتراكم علي جسده؟.. وتحولت الفسحة ليوم حزين.

وأثناء سيري استوقفني مشهد آخر أشد فزعا من سابقة، فقد وجدت إمرأة تجاوزت الستين من عمرها تجلس تحت لهيب الشمس لتبيع الفاكهة، فاقتربت زوجتي منها لشراء بعض الفاكهة، وناولتها ورقة من فئة العشرين جنية وانتظرت الباقي فأعادت إليها العجوز ورقة من فئة العشرين والعشرة والخامسة، فقالت لها ما هذا، الحساب ليس صحيح، فرددت عليها وصوتها كله حزن: سامحيني ياإبنتي فأنا منذ الصباح وأنا جالسة تحت لهيب الشمس فأتعبني حرها، فقلت في نفسي سامح الله حكومة هذا الوطن المعذب التي أهانت أبنائها في صغرهم وكبرهم، ودفعت أبنائها للهرب في شبابهم ليموتوا في البحر غرقا أو حرقا أو في سجون العم سام.

كل يوم يمر يزداد فيه عدد المشردين من أبناء الشوارع، ونسمع كل يوم عن ضحية جديدة من أولئك الذين قست عليهم الليالي والأيام، وجني عليهم المجتمع، فليس لهم مأوي إلا الشوارع ينامون علي قارعتها، ولايجدون ما يستر جسدهم الهزيل ويدفع عنهم برد الشتاء وحر الصيف، ولا يجدون من يخفف عنهم ما هم فيه من آلام إلا مطاردة الشرطة لهم، ولم يجدوا إلا اشمئزاز أصحاب الطبقة العليا وكثير من الناس منهم، وسرح خاطري وتذكرت وضع المقربيين من السلطان وامتلاكهم الملايين من الدولارت في البنوك الأجنبية والتي لو وزعت علي أهل مصر لكفتهم، وقلت ماذا لو كان أحد أبناء هؤلاء من أبناء الشوارع؟ ماذا سيكون حاله، ولماذا لا يضعون ما يحمي هؤلاء مثلما يضعون ما يحمىكلابهم المدللة.

هؤلاء الأطفال الذين لا يطلبون شىء أكثر من أن يعيشوا حياة آمنة لا مطاردة فيها من الشرطة بسبب بحثهم عما يقمن صلبهم، في الوقت الذي نجد فيه رجال الشرطة يحمون الكباريهات التي تعج بأبناء الطبقة العليا والذين ينفقون أموالهم التي حصلوا عليها بكل يسر علي الراقصات وبنات الليل، في الوقت التي أصبحت فيه بلدي تعج بهؤلا الأطفال المحرومين حتي من الحياة.

كل ذلك والحكومة والنظام لا يهمها إلا توفير الحياة المرفهة لأبناء طبقة الأغنياء المرضي عنهم من النظام، وتوفير القطارات الفاخرة والطرقات الممهدة لعزبهم، كما أنها انشغلت للترويج عبر كل الوسائل المرئية والمسموعة بالتعديل الدستوري أو كما يسمونه"تحديث الدستور"ليخدم طبقة واحدة، ولإيجاد آلية لتوريث الحكم، أما هؤلاء الأطفال الجوعي فلا سبيل لهم لأنهم ليسوا من أهل هذا البلد.

سؤال يحيرني، المسئولين في وطني يصرحون تصرحات رنانه من أجل هؤلاء الأطفال، لكن السؤال ،كيف سيري المسئول الكبير هؤلاء الأطفال والطريق يغلق من أجله منذ أن يخرج من منزله حتي يصل إلى مكتبه؟، كيف سيراهم وهو لا يرتداد أماكن الفقراء ولا أحياء الفقراء بل كل تردده على أماكن فيف استار فكيف سيراهم ويشعر بهم؟، كيف سيراه ويحس بهم وأطفاله السيارات المكيفة تأخذهم من علي أعتاب سلالم الفيلا حتي أماكن دراستهم ثم تعود بهم مرة آخرى ومش مهم إن كانت هذه السيارات تابعة للدولة أم لا؟، لقد ظهر التوربيني - التي أغلق ملفه فأصبح الناس لايسمعون عنه الأن- لكن سيظهر مليون توربيني مادام هؤلاء الأطفال في طي النسيان لا يذكرهم أحد، وأبائهم محاربون في أرزاقهم إن كان لهم أباء.

مسكين والله هذا الوطن المعذب ، ألم يأن له أن يتخلص من هذا الشقاء، وينحرر من هذا الذل؟.

ألم يأن له أن يجد القلوب المخلصة والعزائم الصادقة التي تأخذ بيده إلي الرخاء وترفع عنه هذا الذل والهوان؟.

ألم يحن الوقت لتأتي الحكومة الصادقة التي تحس بآلام هؤلاء، وتشعر بهذا العذاب الذى يعيش فيه الوطن فتعمل علي العلاج؟.

هل جهل المتشدقين بالإصلاح في حكومتنا جعلهم ينسون هؤلاء، وماذا كفل لهم الدستور الجديد؟.

إن العلاقة الظالمة والمتجنية بين أصحاب الأموال وبين الملايين الكثيرة من الأجراء من الفلاحين والعمال هي التي دفعت أبناؤهم لهذه الحالة، وهي التي دفعت الأم لتبيع أبن من أبنائها لتستطيع إطعام إخوته الآخرين، فلو صحت العلاقة بين الغني والفقير وقام الغني بواجبة نحو الفقير، وقامت هذه العلاقة علي أساس صحيح من العدل والرحمة والعطف لصلح كل شىء في هذا الوطن.

لا نريد لجان ولا مؤتمرات تعقد وينفق فيها ببذخ، لكي تخرج أوراق مليئة بالقرارات التي لا تنفذ وتظل حبيسة الأدراج، لماذا ؟ لأنها تعالج مصالح الفقراء وهؤلاء لا قيمة لهم،لكن إذا كانت هذه المؤتمرات تعقد من أجل علية القوم لنفذت القرارات في اليوم التالي.

لقد قامت الدنيا ولم تقعد عندما قدمت هالة سرحان ثلاث فتيات في برنامجها تحت عنوان فتيات الليل-ولا يستوقفني إذا كان الأمر صحيح أم لا بالرغم من أنني لا أسمع برامجها- وأهتم النائب العام بتحويلها للقضاء وأقامت الصحافة لها مذبحة وذلك لأن البنات ذكرن تورط بعض كبار القوم في مثل هذه العمليات وكان هذا كل هم النظام انها فضحت الكبار ولم ينظروا ما الذي دفع هؤلاء البنات ومثلهن الكثير لذلك؟ انها لقمة الطعام التي حرموا منها، إنها الحاجة للكساء الذي فقدوه، فهذا الذي دفعهم لبيع أنفسهن، ولم يتحرك أحد لعلاج ذلك وتجفيف منابع الفساد من البداية، لكن النظام مشغول بتجفيف منابع الإصلاح وكل ما يرموا إلي الإصلاح بحجة تجفيف منابع الإرهاب، ونسي بأنه يقترف أبشع جريمة إرهاب في حق أبناءه، بعد أن زج بالمصلحين في السجون خلف القضبان وصادر أموالهم ويحاول تشريد أبنائهم، وذلك حتي يستقر نظام ملكه.

إن انتهاك عرض بنت من الفقراء، وتشريد الملايين منهم أهون علي حكومتنا من أن يصاب أحد ابناء الكبراء، فالكبراء فيك ياوطني في واد وشعبك المظلوم في واد آخر يجأر إلي الله بالدعاء.

والبقية في حياتك ياوطني، ولا عزاء للشعب.

المصدر