أحمد مفتى زاده..شيخ السنة بإيران

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
أحمد مفتى زاده..شيخ السنة بإيران

مقدمة

مثلت قضية الزعيم الروحي لأهل السنة في إيران وأحد قيادات الإخوان المسلمين في إيران الشيخ أحمد مفتى زاده أحد القضايا الشائكة التى جمدت أو عقدت العلاقات بين الإخوان والثورة الايرانية الناشئة، فكان تعامل ايران مع الشيخ أحمد مفتى زاده مبعث قلق لدى الإخوان المسلمين ، وبرغم الوساطة الإخوانية عبر أحد الوفود الإخوانية والتى شارك فيها وكشف عنها الاستاذ يوسف ندا فى حواره للجزيرة .

إلا أن فشل تلك الوساطة كشف عن مذهبية الثورة الجديدة وأسلوب التعامل مع أهل السنة حتى لو كانوا من محركى هذه الثورة وأكبر داعميها، وكان الشيخ مفتى زاده أحد رموز ومؤسسى الفكر الإسلامى الوسطى السنى فى منطقة الأكراد، وساهم بقوة فى الثورة الايرانية، ولكن قادة الثورة لم يحفظوا له الجميل وانقلبوا عليه وعلى علماء أهل السنة بايران.

نبذه عن حياته

الزعيم الإسلامي السني في إيران , الشيخ , الفقيه , العالم , الداعية , العلم ،رئيس التجمع في الحركة الإسلامية في إيران .

ولد العلامة مفتي زاده عام 1352هـ في عائلة عريقة في الدين في مدينة سنندج عاصمة إقليم كردستان، وكان والده محمود مفتي وعمه من أكابر علماء كردستان إيران. وجده الشيخ العلامة عبد الله الدشي أيضا كان من كبار علماء هذه المنطقة، وقد ذكره الشيخ عبد الكريم في كتابه "علماءنا في خدمة العلم" من كبار علماء الأكراد.

هاجر العلامة عبد الله جد مفتي زاده من قرية دشه التي كانت من توابع مدينة "باوه" إلى مدينة سنندج لأول مرة ورجح أن يقيم فيها لنشر التعاليم الإسلامية والعلوم الشرعية. كان للعلامة عبد الله ست من الأولاد كل واحد منهم صاحب اختصاص وحامل راية الخدمة في ناحية من أنحاء العالم الإسلامي:

1- ماموستا ملا محمد رشيدي كان عالما كبيرا توفي في بيروت.

2- ملا خالد مفتي كان قاضيا القضاة في إقليم كردستان إلى أن توفي.

3- ملا محمد مهري الملقب ببرهان الإسلام كان أستاذ الحقوق واللغة العربية في جامعة إستانبول.

4- الدكتورمحمد صديق مفتي زاده كان أستاذا في جامعة طهران.

5- الدكتور عبد الرحمن مفتي زاده.

6- وماموستا محمود مفتي (والد الشيخ أحمد مفتي زاده) كان أسن أولاده، وله مهارة وبراعة في غالب العلوم الشرعية خاصة في الفقه والأصول والفلسفة، واختير في حياة والده مفتيا وقاضيا لكردستان، ويعد أحد أبرز أساتذة الفقه الشافعي في جامعة طهران.

إن الأوضاع والأجواء والعوامل المستجدة التي وزعت بلاد الأكراد في أكثر من دولة وكذلك ضياع حقوقهم كشعب ذو ثقافة مستقلة من قبل معظم الدول المؤسسة على القومية، كانت تسوق كل شاب كردي في ذلك الوقت إلى أن ينضم إلى ألوية حركات المقاومة .

والتي تسعى أو تنادي على الأقل بهتافات الحرية، حيث انضم "أحمد مفتى زاده" كغيره من الشباب إلى الحزب الديمقراطى الذي كان الحزب الوحيد والناشط في المنطقة، وألقي في السجن بتهمة انتماءه إلى هذا الحزب سنة 1341هـ ش.

ويرى "أحمد مفتى زاده" مناما في السجن يؤثر تأثيرا كبيرا في تغيير منهجه الفكري في الحياة، فيصل في السجن إلى أن الطريق الوحيد والعامل الأساسي للنجاة والفلاح هو الإيمان، وأكبر أزمة تتحدى البشرية هي الإبتعاد عن القرآن والسنة.

بعد مدة يطلق سراح "أحمد مفتى زاده" ويبدأ نشاطه الديني سنة 1342هـ ش في مسجد السيد المصطفى في مدينة سنندج ويقول عن ذلك: "بعد مضي مدة طويلة في ضمن الأحوال والظروف المهيأة أدركت عبث وقشرية نشاطاتي السابقة، ومن سنة 1342هـ ش أجمعت أن أواصل الخط الأخضر والخط الأصلي للثورة الإسلامية التي رسمه النبي عليه الصلاة والسلام".

تزوج "أحمد مفتى زاده" أولا من ابنة خالته عندما كان متعلما في العراق، ثم يتوافقان على الفراق ، والزوجة الثانية التي لم يتزوج بعدها أبدا هي خديجة بنت الحاج عبدالرحمن أحد كبارعلماء كردستان.

خديجة رغم انتماءها إلى أسرة غنية كانت أسوة للنسوة في الزهد في الدنيا والصبر والإستقامة والتي كانت قرينة وصاحبة صابرة بجنب زوجها المقاوم البطل إلى أن توفيت سنة 1350هـ ش، ولم يتزوج الشيخ أحمد بعد وفاتها بل استمر في جهوده للدفاع عن القرأن والسنة.

ظل الشيخ أحمد مدة كمدرس في "دار الإحسان" في مدينة سنندج، ثم اشتغل بعد ذلك في مكتب في طهران، واشتغل أيضا كأستاذ في جامعة طهران، وتوجه مدة إلى النشاط في إذاعة طهران وكردستان،

ومن سنة 1342هـ ش التي اختار فيها طريق الدين للخدمة إلى الناس يتبدل وضعه المعيشي تبعا للأفكار والمناهج الجديدة التي اختارها ورجح العيش البسيط وعيش الفقراء والمساكين.

بعد ما استقال ماموستا خالد مفتي عم الشيخ أحمد مفتي زاده من منصب قاضي التمييز الشرعي سنة 1355 هـ ش، طرح مجموعة من قضاة المحكمة على الشيخ مفتي زاده هذا المنصب، والشيخ رفض في البداية قبول هذا الإقتراح،

لكن كانت هناك عوامل هامة دفعته إلى قبول هذا المنصب، فإنه لو لم يقبل لشغله أشخاص لا تتوفر لديهم الأهلية لمثل هذا المنصب الهام ويكونون في المستقبل أسباب فتنة وشر في المنطقة بسبب خطاياهم في الفتوى والعمل.

أدرك نظام الشاه سنة 1356هـ أنه قد ارتكب خطأ كبيرا لأن الشيخ أحمد كان له نضال مع النظام منذ زمن طويل ولم يكف نشاطاته السياسية ضد الحكومة، وكانوا بسبب كونه قاضي التمييز الشرعي لا يقدرون على اعتقاله و أصبح ذلك معضلا كبيرا لهم.

فخططوا مؤامرة لعزل الشيخ رحمه الله، لكن الشيخ مفتي زاده هذه المرة استنكف من قبول طلبهم لا لأجل منافعه الشخصية بل لأجل أن يواصل الكفاح والنضال، ولم يزل عبء هذه المسئولية على كاهله إلى أن استقال في أوائل الثورة عنها بسبب المشاغل الكثيرة.

أنشأ محضناً للجيل المسلم باسم مكتب القرآن فالتف حوله شباب منطقة كردستان وعموم شباب إيران من أهل السنة والجماعة ،كما أسس مجلس شورى أهل السنة والجماعة ( شمس )

اشتهر بمنحاه السلفي ونجح في توضيح أن أهل السنة في إيران ليسوا فقط من الأكراد ( 4ملايين ) وإنما هناك مليونان في خراسان ومثلهم من البلوشي إضافة إلى التركمان الذين يقيمون على حدود الجمهوريات الإسلامية شرق بحر قزوين وكذلك قوم طوالش الذين يقطنون الحدود الشمالية الغربية من الجمهوريات الإسلامية.

وهو من المتبحرين في العلوم الشرعية يتميز بسلوك إسلامي مترفع عن الترف والاستكبار والعلو في الأرض ساهم وإخوانه في الثورة على الحكم الامبراطوري وكرس جهوده لدعم الثورة بتوعية أهل السنة والنهوض بهم لمسايرة إخوانهم الشيعة في وجه الطغاة وساهموا في الثورة مساهمة فعالة وقدموا في سبيل ذلك قافلة من الشهداء من خيرة أبنائهم , وقد وقف هذا التجمع ضد التنظيمات الكردية الأخرى ذات الميول الانفصالية .

الشيخ والثورة

كان أحمد مفتي زاده عضواً في مجلس الثورة ومجلس الشورى الإسلامي في إيران .

وكانت الوعود المقدمة لهم بأن عهد الفرقة والظلم قد ولى واقترب عهد النور والسعادة ولكن نبذت العهود وراء الظهور وزج بمفتي زاده وأتباعه في السجون أواخر عام 1982م , لأنه طالب الحكومة بإزالة بعض المواد من الدستور الجديد حتى تتحقق المساواة وتلغى التفرقة المذهبية بين الشعوب وطالبت الحركة الإسلامية بإيجاد مجلس شورى إسلامي عالمي يشكل من إيران دولة إسلامية لكل المسلمين لإيجاد الخلافة الإسلامية.

إلا أن ذلك لم يتحقق ثم مالبث الخلاف أن ظهر بين الحركة الإسلامية في كردستان والحكومة الإيرانية بعد تمسك الحكومة بخطها وعدم تجاوبها مع مطالب السنة مما أدى إلى سجنه مع حوالي 200 من أعضاء الحركة الإسلامية الكردية .

الشيخ والسجن

وبعد أن دخل السجن حكم عليه بالسجن خمس سنوات وقد تعرض خلال سجنه لأقصى أنواع التعذيب النفسي والبدني فمرت عليه الشهور والشهور في زنانين الخميني المظلمة التي لايدخلها شعاع الشمس وحجز لأربعة أشهر متوالية في دورة المياه ثم ترك يقاسي آلام مرضه دون تخفيف أو معالجة حتى أصبح لايستطيع أن يحرك يديه للصلاة

وحتى قال الأطباء : إنه على مقربة من الموت , ورضي لنفسه أن يحاور وأن يناظر أو يدعى إلى محاكمة علنية واتهم ولم يسمح له بالدفاع عن نفسه ولم يسمح لأحد بزيارته .

ومضت السنوات الخمس وتوقع الذين يحسنون الظن أن يفرج عنه لكن ذلك لم يحدث لقد طلبوا منه أن يوقع مكتوباً يلزمه بأن لايعود لمثل ما كان عليه وأبى الداعية العزيز ذلك وهو الذي اتصف بالاستقامة والتمسك بالحق ورفض التخلي عن الحق طلباً للنجاة بنفسه .

ومع كل هذه المعامـلة الوحشية لأبناء الحركـة الإسلامية , فإن أعضاء الحركة لم يحملوا السلاح ضد إيران المسلمة ويتمسكون بمطالبهم وأسلوبهم في الحوار ودعوة الحكومة إلى تغيير أسلوب التعامل معهم . وأخيراً فقد أفرج عنه بعد قضاء 10 سنوات في السجن وكان قد اشتد عليه المرض وأصيب بالعمى حتى توفاه الله , وكان آخر وصاياه : أوصيكم ألا تخافوا إلا الله.

الشيخ فى الادبيات الإخوانية

تناولت مجلة الدعوة المهاجرة عام 1982 قضية الشيخ أحمد مفتى زاده شارحة تفاصيلها ومنتقده اسلوب النظام الايرانى فى التعامل معها فكتبت تحت عنوان (علماء ومجاهدون فى سجون اسلامية) تقول:

خلال زيارة كان يقوم بها وفد يمثل جماعة الإخوان المسلمين الى ايران فى الذكرى الأولى لانتصار الثورة الإسلامية فيها، علم الوفد ان جوا من التوتر يسود العلاقة بين قيادة الثورة وحرسها وبين جماعة اسلامية فى المنطقة الكردية بقيادة الشيخ المجاهد أحمد مفتى زاده،

يومها أجرى وفد االإخوان اتصالا مع رئيس الجمهورية آنذاك - أبو الحسن الصدر- وعدد من المسئولين الايرانين من اجل ازالة التوتر القائم ، لاسيما وأن قائد المجموعة الإسلامية يتصدى للحركات الماركسية والانفصالية فى المناطق الكردية فى الوقت الذى كانت فيه قوات الثورة تخوض معركة مع هذه الاتجاهات

ولقد رحب المسؤولون الايرانيون يومها بهذا الجهد فذهب بعض أعضاء الوفد الى المعاقل الجبلية واتصل بالشيخ أحمد مفتى زاده الذى انتقل الى ساننداج وبعد ترتيب منسق مع الحكومة حضر الى طهران حيث التقى رئيس الجمهورية وزعماء الثورة وانتهى الامر الى تنسيق فى المواقف وقيام تعاون بناء من أجل رد كيد الأعداء عن الثورة الإسلامية وعدم اتاحة الفرصة امام اى اتجاه للتفرقة المذهبية أو القومية وجرى ترتيب خطوات ميدانية فى هذا السبيل.

ثم انتدبت الثورة الإسلامية يومها الدكتور ابراهيم يزدى ممثلاً لها فى المناطق الكردية فقام بالتنسيق معه كذلك بمايخدم المصلحة الإسلامية واهداف الثورة وعندما شكلت لجنة الخبراء من اجل صياغة دستور اسلامى وعملت اللجنة على تنقيح الصيغة المطروحة بذلت جهود كبيرة من اجل تعديل المادة 12 فى الدستور

التى تنص على ان دين الدولة الرسمى هو الإسلام وهو المذهب الشيعى الاثنى عشرى فى سبيل ان تكون الثورة اسلامية لامذهبية وحتى تكون امل المسلمين فى كل مكان.

ويومها حمل الدكتور ابراهيم يزدى هذا الرأى الى الامام الخمينى الذى وعد خيرا وأعلن انه يمكن اعادة النظر فى هذه المادة من قبل مجلس الشورى الإسلامى.

وتمر الايام وتتوالى الاحداث ويتاكد الاتجاه المذهبى للدولة يوما بعد يوم، صحيح ان الاعلام الخارجى الايرانى يركز على تجاوز الحس المذهبى، وانه يتناول الإسلام وقضايا المسلمين كلها دون تفريق والكن الممارسة العملية بقيت غير هذا ولا سيما فى مجال التعامل مع المناطق الايرانية الإسلامية السنية.

لانريد معالجة موضوع كهذا من منطلق طائفى او مذهبى وكنا نتمنى لو وفرت الحكومة الايرانية على نفسها وعلينا هذا الجهد من خلال انفتاح المذاهب والتسميات، ولكن الامر لايجوز اغفاله بعد ان مرت شهور على اعتقال الشيخ أحمد مفتى زاده وعدد من الإخوان بتهم ملفقة ودون تحقيق ولامحاكمة.

لقد حاول المسلمون السنة جاهدين ان بلتقوا فى حركتهم الإسلامية مع مؤسسات الجمهورية الإسلامية وخاصة فى مجالات التوجيه والاعلام، ولكن الاتجاه المذهبى كان يسئ الى مشاعر المسلمين ويتصادم مع شعار الوحدة الإسلامية الذى كانت ترفعه حكومة الثورة وتدعو اليه.

ولقد حاول الشيخ أحمد مفتى زاده تجاوز سلبيات هذه الممارسة المذهبية من خلال اقامة مؤسسات اسلامية تدعو الى الإسلام وترعى شؤون المسلمين وتنشر الوعى الإسلامى متجاوزة الحساسية القومية والمذهبية،

فجرى اعتقاله أول مرة ثم وضع بالاقامة الجبرية بحجة المحافظة على حياته بعد محاولة جرت لاغتياله، ثم رفعت عنه الاقامة الجبرية تحت ضغط المطالبة الإسلامية من كل انحاء ايران باطلاق حريته كاملة.

ثم قرر المسلمون تشكيل مجلس شورى مركزى فى محاولة ايجابية بناءة لتلافى أخطار الممارسات المذهبية، ومن أجل اقامة مؤسسات اسلامية ترعى شؤون المسلمين فى المناطق السنية وتخلصهم من الانجراف فى تيار الحركات الماركسية والقومية، بعد ان تخلت الدولة فى مناطقهم عن هذا الواجب.

وعقد مجلس الشورى جلسات علنية فى طهران يومى 30-31مارس 1981 حضرها مندوبان عن وزارة الداخلية، واتخذ قرارت مكونة من شت عشرة مادة رفعها الى الدولة من أجل تصحيح مسار الثورة الإسلامية.

وهنا قامت حملة مضادة ضد المجلس واتهم أعضاؤه بالنزعة المذهبية والتبعية لمؤتمر الطائف، الى غير ذلك من الاتهامات وجرى اعتقال الشيخ أحمد مفتى زاده وعدد كبير من اخوانه العلماء فى مختلف انحاء ايران مما اضطر عدد من العلماء الى الهجره من ايران او التوارى عن الانظار.

نعود فنؤكد أننا لا نعالج الموضوع من منطلقات مذهبية، وانما حرصاً منا – كحرص الإخوان المسلمين السابق- على وحدة الصف الإسلامى فى مواجهة أعداء الإسلام داخل ايران وخارجها فلايجوز بحال أن يكون دعاة الإسلام وعلماؤه فى سجون دولة اسلامية..

ولايجوز بحال الحجر على حرية العاملين فى الحقل الإسلامى لمجرد انهم يخالفون الحاكمين فى وجهة نظر،سواء كانوا مصيبين أو مخطئين.. ولولا الحرص على وحدة المسلمين أن تتمزق وعلى حق الانسان المسلم فى الحرية والكرامة ماجرت مناقشة هذا الموضوع.. فالإسلاميون يضطهدون فى كل مكان ويسحقون ويودعون السجون والمعتقلات، افيكون هذا فى ايران الإسلامية كذلك.

اننا نهيب بجمهورية ايران الإسلامية ان تطلق سراح الشيخ المجاهد أحمد مفتى زاده واخوانه العلماء، وان تطلق حرية العمل الإسلامى فى كل مجالاته وميادينه .. ونحسب ان رجال الثورة الإسلامية الايرانية يدركون أكثر من أى انسان آخر أن السجن والكبت لايحل مشكلة ولاينهى قضية، لاسيما اذا كان موجها الى علماء مسلمين مجاهدين .

وبعد مرور عام من تناول "الدعوة " لقضية الشيخ زاده عادت لتناولها مرة أخرى وكرد على مجلة "الطليعة الإسلامية" التى تصدر فى لندن والمقربة من الثورة الدولة الايرانية فتحت عنوان (مرة أخرى قضية الشيخ المجاهد أحمد مفتى زاده) كتبت تقول:

منذ عام تبنت "الدعوة" قضية الشيخ أحمد مفتى زاده مع عدة مئات من اخوانه فى ايران بعد مؤتمر عام دعا اليه عددا كبيرا من العلماء، ناقشوا فيه قضايا اسلامية تهم المسلمين (السنة) فى ايران، ورفعوا الى الامام الخمينى قائمة بمطالب يرونها ذات أهمية بالغة للمسلمين فى مناطقهم من أجل تطوير الوعى الإسلامى فيها.

طالبت "الدعوة" يومها باطلاق سراح الشيخ واخوانه لأنه لايجوز أن يكون مجاهدون اسلاميون بحجم الشيخ أحمد فى سجون اسلامية.

مؤخراً وصلت "الدعوة" الأعداد الخمسة الأولى من مجلة "الطليعة الإسلامية" التى تصدر فى لندن وفى أحدها عرض لقضية الشيخ أحمد من وجهة النظر الأخرى، وحتى لانكون منحازين إلا للحق فإننا نعيد نشر فقرات من الرد الذى نشرته الطليعة الإسلامية، مع ابداء وجهة نظرنا مجدداً فى الموضوع.

قالت:( القضية الأهم هى مسألة الشيخ الكردى السنى أحمد مفتى زاده الذى وضع منذ شهور تحت الاقامة الجبرية فيما سجن بعض أتباعه ولم يتقرر بعد هل سيقدمون للمحاكمة ام سيفرج عنهم بعد حين.. الخبر نشرته الشقيقة الكبرى"مجلة الدعوة" تحت عنوان مثير على صفحتين..

والحق يقال أننا فى الطليعة الإسلامية قد قررنا ان نرفع صوتنا فى هذا العدد ضد تصرف الحكومة الايرانية فالرجل ليس قاسملو ولاعزالدين الحسينى، والجميع يعرف انه وقف مع الثورة الإسلامية منذ الايام الاولى ولكننا خلال الاسابيع الماضية قمنا بتحرى الأمر والتدقيق فيه من عدة مصادر ووجهات نظر فوجدنا أن الأمر مختلف الى حد ليس ببسيط عما نشرته "الدعوة"(..)..

ثم ذكرت المجلة أن والد الشيخ أحمد كان عالماً جليلاُ وانه تسلم مكانة والده بعد وفاته وانه وان لم يكن فى حكمة وعلم والده الا أنه وقف منذ بداية الثورة الإسلامية فى ايران مع خط الامام الخمينى وأن اتباعه قاتلوا مع الحرس الثورى ضد أتباع الثورة المضادة(..) وأنه أرسل مبعوثاُ إلى أى الاعلى المودودى يسأله الرأى فكان جوابه" ياشيخ أحمد هذا وقت الواجبات فأدوا واجبكم تجاه ثورة الإسلام، وبعد أن يستقر حكم الإسلام طالبوا بالحقوق".

تقول المجلة: ولكن الشيخ سرعان ما أعلن قائمة بالمطالب معطيا الحكومة خمسة عشر يوماً للاجابة. وكان من هذه المطالب: إنشاء جامعة فى ساننداج تحت اشرافه، وعدة مشاريع ثقافية وعمرانية.

وكان المرحوم ىية الله بهشتى على علاقة دائمة بالشيخ أحمد وقال يومها: الشيخ أحمد جيد لكنه عجول. المهم أنه تمت تهدئة الوضع..

لكن الأمور لم تستمر على ماهى عليه مع الشيخ أحمد مفتى زاده.. واذ به يعلن أنه دعا بعض العلماء السنة من ساننداج وبلوشستان وتركمانستان (من عشرين الى ثلاثين) اضافة الى حوالى (200-300) من أتباعه الى اجتماع فى منزله بكرمنشاه..

وأن قائد الحرس ومحافظ كرمنشاه نصحاه بألا يفعل فى مثل ذلك لكنه رفض طلبهم وأصر على عمله، وفى الاجتماع تلا بيانا شديد اللهجة مطالباً بمجلس شورى جديد فى البلاد يتقاسمه الشيعة والسنة بالتساوى وتعديلات فى الدستور، وتغيير الأذان فى كل أنحاء البلاد ..

مهدداً فى بيانه باستخدام السلاح ضد الحكومة ان لم تنفذ المطالب فوراً. بعدها اضطر المحافظ والحرس الى التدخل لفض الاجتماع واعتقل الموجودين، وافرج عن معظمهم بعد قليل.

• هذه هى الرواية التى نقلتها الطليعة الإسلامية عن اعتقال الشيخ المجاهد أحمد مفتى زاده واخوانه. وقبل أن نعاتبها لأنها لم تضم صوتها الى صوت "الدعوة" مطالبة الحكومة الايرانية باطلاق سراحه نود تسجيل الملاحظات التاليه:

1- الرواية التى أوردتها الطليعة لاتختلف فى الجوهر عما نشرته الدعوة، فلامطعن بالشيخ ولا بموقفه، وقد كانت له مطالب جرى من أجلها اعتقاله، ومانشرته الدعوة اعتمد على نص الخطاب الذى ألقاه الشيخ فى المؤتمر والمطالب التى تقدم بها الى الحكومة وليس فيها تهديد باستعمال السلاح ولاانذار بتغيير الآذان ولامطالبة بالمناصفة فى التمثيل.

2- سواء وضع الشيخ بالاقامة الجبرية أم بقى مسجوناً حسب معلوماتنا فان المهم هو أنه جرى احتجاز عالم جليل من أجل مطالب محقة، حسب النص المطبوع الذى تحت يدنا لمقررات المؤتمر.

3- حسب قائمة المطالب التى سبق للدعوة نشرها فانه لاذكر للمطالب التى أوردتها رواية الطليعة. فاذا كان من حق المسلمين السنة فى ايران ان يعتمدوا أذاناً للصلاة دون اضافات فلا يعقل أن يهددوا باعلان الثورة من أجل فرضه على سواهم.

كذلك موضوع التمثيل فى مجلس الشورى لقد طالبوا بتصحيح التمثيل ولكنهم لم يشترطوا المناصفة. علماً بأن الخلل فى التمثيل على كل صعيد واضح وكبير، طالما أن الدولة هى التى اعتمدت الخط المذهبى.


4- أما موضوع تعديل الدستور فيما يتعلق بمذهبية الدولة او حقوق اتباع المذاهب الأخرى فانه خلل واضح كذلك، وقد يبق أن اقترح تصحيحا لهذا الوضع مندوب رئيس الجمهورية بمنطقة كردستان، وقبل الامام الخمينى مبدأ النظر فى التعديل لهذا الجانب وأحاله على مجلس الشورى، ولم نسمع بعد ذلك شيئاً عن هذا الموضوع.

5- ومع ثقتنا بحسن نية مجلة الطليعة ازاء الرواية التى استقتها من مصادر ايرانية رسمية أو شبه رسمية، إلا أن أى تحليل منطقى يستبعد ان يعلن الشيخ مطالبه التى وردت ويهدد باعلان الثورة المسلحة من أجلها ثم يجرى اعتقاله مع مئات من اخوانه دون أن يبدوا أية مقاومة. والجميع يعلمون أن الشيخ لو أراد الثورة المسلحة لسلك طريقها فى غير قاعة مؤتمر يحضره علماء جاؤوا من أنحاء ايران ليتدراسوا شؤون المسلمين.

بعد هذه الملاحظات لابد من تسجيل موقف ازاء نقطة هامة أوردتها المجلة فى روايتها ، هى أنه جرى اعتقال الشيخ أحمد مفتى زاده مع مئات من اخوانه العلماء منذ أكثر من عام من أجل مطالب إسلامية كانشاء جامعة اسلامية أو تصحيح الدستور او ماشابه، وأن ذلك أعلن على الملأ وبطريقة سليمة..

دون تقديم المتحجزين إلى أى محكمة تفصل فى شرعية هذا الاعتقال، نعلم أن هذا الاجراء مخالف لنصوص الدستور الايرانى المعلن، إلا إذا كانت الذريعة هى حالة الحرب القائمة، وبعد هذه المدة الطويلة من الاحتجاز غير الشرعى تتكرم الرواية الواردة فى المجلة-

والتى يفترض أنها أنها منسوبة لمصادر رسمية- بالقول:"ان القضية بأكلمها مازالت امام رأيين، الأول أن يفرج عن الجميع ، والثانى ان يقدموا للمحاكمة وعلى فقه السنة وامام قاضى سنى كما ينص الدستور بتطبيق فقه المذاهب الإسلامية حيث تتواجد أكثرية من اتباع المذهب".

اما أملنا الثانى فهو ان تعمل المؤسسات الايرانية، السياسية والقضائية والرأسمالية، على اخراج أصدقاء جمهورية ايران الإسلامية من الحرج ، نتيجة ممارسات غير مفهومة ولامبررة ،

منها قضية الحريات التى يعانى منها أهل السنة فى ايران، وحرصاً على سعة التطبيق الإسلامى نقترح على الحكومة الايرانية أن تأتى بالشيخ أحمد مفتى زاده وامثاله من الزعماء المسلمين الموثوقين ليخاطبوا الوفود الإسلامية التى تدعى الى ايران لمناسبة أسبوع الوحدة أو يوم المستضعفين لتكون الوحدة قائمة فعلاً.

اننا حين نطالب بهذا فليس من منطلق طائفى أو مذهبى وإنما هو الحرص على مواجهة سيل من المعلومات يتسرب الى خارج ايران عن اوضاع المسلمين السنة فيها وحرص مواز على حرمة الانسان المسلم ان لا تنتهك كرامته أو تغتصب حريته،

ونؤكد ما نوهنا به سابقاً من أن حرية العمل الإسلامى يجب أن تكون مصانة ولو خالفت خط الدولة أو مذهبها أو اختلف العاملون معها فى رأى أو موقف لأن البديل عن هذا هو ان يتشرذم المسلمون خارج نطاق البوتقة الإسلامية لتستوعبهم تيارات ماركسية أو قومية عنصرية تسعى كلها – وخاصة فى المنطقة الكردية- الى هدم الجمهورية الإسلامية فى ايران.

لا نطالب بذلك تعميقاً لاتجاه مذهبى كنا نتمنى لو يزول ويحل محله اتجاه اسلامى توحيدى ولكنه الأمر الواقع الذى لابد من علاجه واستدراكه قبل أن يستفحل.

العلامة أحمد مفتي زاده المفكرين تأثيرا، مع العلم الإسلام والسنة في إيران التي لديها أنشطة في كردستان. كان الزعماء الدينيين والشخصيات السياسية الاعتبار أن يأتي وقت طويل نسبيا في السجن، ومحمد رضا شاه بهلوي ونظام الجمهورية الإسلامية تنفق. معظم مطالبهم إصلاح الدستور، واستعادة النظام الشورى، كان في المجتمعات الإسلامية .

بعض رسائل وبيانات الشيخ

هذا كما وجه الشيخ مفتى زاده العديد من الرسائل سواء للخومينى أو لبنى صدر أول رئيس للجمهورية الايرانية بعد الثورة لشرح أوضاع السنة ومعاناتهم وخاصة بعد صدور الدستور الايرانى.

رسالة الشيخ أحمد مفتى زاده للخومينى

{ قل أعوذ برب الناس . ملك الناس إله الناس . من شر الوسواس الخناس . الذي يوسوس في صدور الناس . من الجنة والناس } . قائد الثورة الإمام الخميني ! صورة إلى : شعب إيران المؤمن المؤثر على نفسه ! سمعت عن طريق الراديو يوم (24/1/1360-198113/4/ )

كلماتكم في لقاء الزائرين الكركانيين معكم ، التي كانت فيها – كما يبدو – إشارات إلي الشورى المركزية للسنة . وكذلك رأيت قبل ذلك وبعده مراراً نفس تلك الكلمات أو عبارات شبيهة بها في الجرائد ، وسمعتها من الراديو والتلفزيون ،

ومن ألسنة زمرة يستغلون الراديو والتلفزيون لنشر المطالب الخادعة للناس ، ويخافون من وصول قول الحق إلى أسماع الشعب ن منهم رئيس ما يسمى ( بالمحكمة العليا ) ورئيس مجلس الشورى ورئيس الوزراء ، وكذلك إمام ( يوم الجمعة طهران ) ( كره أن يسميه إمام الجمعة – ج ) في كلماته التي أدلى بها في المجلس وكلماته التي تسمى خطب صلاة الجمعة ! وأذاع الراديو مرات أخرى أيضاً كلمات منكم كانت تشير إلى ( عملية التفريق ) .

حقاً لولا كلماتكم التي من شأنها – نظراً لوضعكم القيادي للثورة – أن يكون لها أثر خطير في التحقيق رغبة السادة المولعين بالسلطة لحد عبادتها ، في إيقاد نار الحرب ، لما كنت راغباً – بعد إمضاء سنتين في الكتابة والتكلم بلا جدوى – أن أتلف وقتي بالمناقشة حول أكاذيب وافتراءات السادة ، لأن كل إناء يترشح بما فيه .

وكنت قد اطلعت من أوائل الثورة على رغائب هؤلاء الذين هم إخوان حالة الضعف وأعداء حالة القوة . وقد سمعت من افتراءاتهم وبهتانهم على كل من لا يخدم رغائبهم الاستكبارية بالدين وبالناس ، ما لم يبق معه أمل في أن يكون للجواب جدوى .

بل جواب كل ذلك الكذب والبهتان والتزوير ، الذي يشغل الأوقات كلها وصحائف الجرائد وأجهزة الإعلام العامة تقريباً ، والذي لوث جو إيران السياسي والخلقي و الاعتقادي بسم الكفر والشرك ، لا هو جائز ولا مقدور .

وأود أن تطمئنوا قبل كل شيء إلى أن كتابة هذه الرسالة ليست دفاعاً عن نفسي خوفاً من الافتضاح الذي أشرتم إليه .

لأنه لا يوجد – بحمد الله – في - سابقتي السياسية منذ أن انعم الله عليَّ بنعمة الإسلام ما يفيد أي احترام لطاغوت من الطواغيت إلى ما قبل نهضتكم في 15/3/1342 قبل ثمانية عشر عاماً – ج . من جميع رجال الدين الكبار حتى آية الله البروجردي الذي يقال أنكم تدعونه استاذاً لكم .

وكذلك ليس خوفاً على النفس والمال . لأن المسلم لا يكون من الغباوة وعدم الفهم بحيث لا يقبل على التجارة الكثيرة الربح التي دعا إليها قوله تعالى { إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } .

ولا يليق بنا وقد كنا أخذنا في الطريق المؤدي إلى هذه التجارة في زمن النظام السابق في سبيل الإسلام والمسلمين ، أن هذا النظام إنما قدم بتلك الثورة الرفيعة العظيمة الثمينة ، ولكن عُبّاد السلطة الظافرين بها ضررهم للإسلام والمسلمين ونفس الثورة كذلك أكثر بكثير من النظام السابق .

وكذلك أود أن تطمئنوا إلى أن سبب كتابة هذه الرسالة ليس عن بواعث تشكيل الشورى وأهدافها الذي هو مطلب خاص .

لأن نظرة عابرة في سابقة أمري في السنوات قبل انتصار الثورة وبعده ، وفي طريق عمل السادة من يوم ظفروا بالسلطة ، تكشف بسهولة عن هذه الحقائق وهي : من الذين يعملون لإثارة الشقاق ويدبرون المؤامرات ويسببون سقوط الثورة ،

ومن الذي يسعى لإزالة مظاهر التفرق والتفرقة ويقوم في وجه المؤامرة والمؤامرين الخائنين للثورة ؟

وعلاوة على هذا فإن إلقاء نظرة على قرار الاجتماع الأول المنعقد بشأن تشكيل الشورى يوضح جيداً أنها تسعى من الآن كذلك لإزالة الألوان المختلقة للأثرة والتفرقة بين أجزاء الأمة الإسلامية ولإحياء تلك الوحدة والأخوة التي أوجدناها قبل انتصار الثورة بين الأخوة السنيين والشيعيين ، ولكن – ويا للأسف – أماتها السادة المولعون بالقوة بدستورهم وبأعمالهم .

ومن البديهي أن الأثرة والظلم يجتمعان مع الأخوة و الوحدة ، و حين يوجد بين أخوين أثرة ( وبخس ) ، فالتكلم عن الوحدة والخلة ليس إلا أمنية كاذبة أو خداعاً ساذجاً .

وهذا هو السبب لقيام أولئك العباد للسلطة الذين يرون بقاء سلطتهم في الفتنة والحرب ، ودعماً لسلطتهم يسرقون ويبذرون كل هذا الاسرف والتبذير في أموال وانفس هذا الشعب ( إذ يرون الأمن والفراغ والوحدة والأخوة بينهم باعثاً لطغيان الشعب وسقوطهم هم ) .

هذا هو السبب لمناصبتهم إيانا العداء ومع كل المخلصين للثورة في كل إيران حتى مع علماء الشيعة أيضاً فإنه لسنا نحن فحسب هدف سهام البهتان والافتراء من السادة .

انظروا كيف يتهم أخلص المخلصين الخادمين للثورة الذين هم في مقدمة زحفها من الأفراد ذوي العزم الشيعين أيضاً بنفس الأوصاف التي إنما تليق بالمسلطين على رقبة الثورة وأياديهم المعروفين ، لمجرد انهم لا يميلون إلى المدهنة مع المسلطين عليها .

وهذا ليس بمستطاع حقاً أن يعرف أن هؤلاء الوارثين للثورة بلا حق ، وكل أولئك المعارضين ، أي فريق منهما هو صادق وأي هو كاذب ؟ وأي هو مخلص للثورة .

وهل ليس بمستطاع أن يعرف أن كل هذه الأكاذيب والافتراءات المصاحبة للاستئثار بأجهزة الإعلام ووضع الرقابة عليها والإرهاب والأخذ والأسر ضد أشهر الوجوه المخلصة للثورة ونظام الجمهورية الإسلامية ، لا يمكن أن يكون لها سبب إلا خوف الخائنين من اكتشاف الحقائق وبلوغ وصايا وكلمات الرجال الصادقين إلى آذن الناس ؟

إن الباعث لكتابة هذه الرسالة بعد كل ما قلته وكتبته شيئان اثنان :

الأول : إني قد سمعت ممن يوثق بهم أشياء عن معيشتكم الساذجة والبعيدة عن الترف وعن تقواكم بل وتهجدكم ، وكذلك قد سمعت من أولئك ومنكم أيضاً عبارات كثيرة صريحة أو غير صريحة عن قلقكم العميق من تسلط المستأثرين بالثورة بغير حق عليها .

ونحن جميعاً مطلعون على جهودكم ضد نظام الظلم والاستبداد السابق أيضاً طوال سنين . ومن المؤسف وأنتم تتمتعون بهذه الصفات الطيبة أن تدافعوا عن الخائنين وتعلنوا حرباً على المخلصين ( في الرسالة التي كتبتها إليكم قبيل الحرب الأخيرة توضيح كاف في هذا الشأن ) .

الثاني : أن شعب إيران البطل ، ظفر بهذه الثورة وهذا النظام بعد أن دفع الثمن باهظاً ، وأملاً في قيام دولة إسلامية بمعني الكلمة .

وعدا عن أمل كان للعالم الإسلامي في هذه الثورة ، فإنه مؤسف جداً أن تكون نتيجة بذل الأنفس من هذا الشعب المؤمن ، اسماً بلا مسمى وشكلاً بلا محتوى .


لهذين السببين كررت الفعل الذي كررته بغير جدوى فيما مضى ، مرة أخرى بهذه الطريقة وإن كان الظاهر أن شروط التكليف { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } قد انعدمت بعد كل ما قد قلته وكتبته ( وكذلك قاله وكتبه الآخرون ) .

ومع هذين السببين نكتتان مهمتان أخريان أيضاً توجبان إصراري على إدامة طريقة ( طريقة الدعوة إلى الخير ) .

النكتة الأولى : أن قدر هذه الثورة يبلغ من العلو درجة ، وخطر سلوك الوارثين بغير حق لها يبلغ من العظمة حداً ، يجعلان التوسل بأي عمل يرجى منه ولو أقل رجاء أن يكون ذا تأثير في انقاذ الثورة من شر المستأثرين بها بلا استحقاق واجباً .

النكتة الثانية : أن العواطف الناشة من الاشتباكات والاختلافات المذهبية بين المسلمين بعضهم مع بعض ، كما أنها كانت دائماً في أيدي المستكبرين لبقائهم هم واستضعاف الناس ، فهي الآن أيضاً وسيلة في أيدي هؤلاء المستكبرين المستأثرين بالثورة بغير حق ، يستفيدون منها لتبرير استمرار سلطتهم وتحميلها على الناس .

( قد أشرت قبل هذا في رسالة أخرى أيضاً إلى مقالة الشباب المخدوع حول برنامج ( تقتيل أهل السنة) الذي هو حلم البائعين للدين القدماء منهم والجدد ( كان أحد الذين يسمونه حراس الثورة قد لقي حين دخولهم كردستان بعض من رآهم حول المساجد وكان قبل ذلك ألقي في قلبه أن كل مسلم فهو شيعي فعلى هذا ظنه شيعياً

وقال له نحن جئنا لأخذ ثأر الدماء التي أراقها الأمويون ، المترجم ) وكذلك قد سمعنا من الراديو قول أحد حجج الإسلام بنفس المعنى في تبرير إدامة الحرب مع العراق إلى أن تصدر الثورة إليها وتقوم هناك حكومة شيعية ) .

وعلماً بهذه النية المولعة بإيقاد نار الحرب التي ينطوي عليها ذوو الإثارة الأعداء للناس والتي قد كشفت عنها جيداً – علاوة على ما قد أشرنا إليه إلى الآن من الشواهد – سجل تدوينهم الدستور وأعمالهم طوال هاتين السنتين ،

أشعر بواجبي العظيم في الحزم و الاحتياط ، والذي أراه هو الانتقال من مواجهة هذه السلطة باعتبارها دولة إسلامية إلى مواجهتها باعتبارها دولة غير إسلامية ، لأن موقفاً كهذا يعطي السادة الحجة الكاملة في إيقاذ نار الحرب بين الأخوة .

وقد رأينا في السنتين الماضيتين وفي كل التاريخ أن الذين يتحملون خسارات هذه الحروب هم عامة الناس ، لا الموقدون لنار الحرب المترفون . وحين يريد أحد الطرفين إيقادها وإبادة أنفس الشعب وأمواله ، يضطر الطرف الآخر إلى أن يكون في جهوده محتاطاً أكثر ما يمكن . وحقاً لولا ذلك لما وجد سبب شرعي لإدامة طريقة ( الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )

في مواجهة الحكومة التي تسلط على عمرها مستكبرون مراؤون .

قد تكلمت وكتبت كثيراً قبل هذا بشأن أسباب إيقاد المستأثرين بالثورة نار الحرب ، وكذلك بشأن كون ضرر هؤلاء أكثر من النظام السابق لهذا أكرر مرة أخرى – بدل هذا العمل الذي له قصة لا متناهية – تلك المقولة السابقة وهي :

إنني راغب تماماً ومستعد للاشتراك في بحث ومناقشة مباشرة وعلى مرأى من الناس لإثبات كون ماقلته إلى الآن حقاً واثبات أن المستأثرين بالثورة كاذبون وغير مسلمين . وبوجه خاص أؤكد بشدة على شيئين :

الأول : بشأن ( الشورى المركزية للسنة ) وزعمكم أنها مرتبطة بجهات خارجية هنا وهناك ( حقاً أن الكافر يظن الكل على ملته ) .

والثاني : بشأن الدستور ، حتى يظهر أن هذا المعجون لا يتفق ولا مع الفقه الجعفري أيضاً ! فإن كان السادة المستأثرون بالثورة صادقين في أنهم مسلمون وأن دستورهم وأعمالهم إسلامية ، وصادقين في أننا أهل المؤامرة والاغتيال وعملاء البعث والروس والأمريكان ومكبرات صوت النظام البهلوي و … فبديهي أنه لا ينبغي أن يساورهم خوف من المناقشة والمحاسبة .

لأن الحق والصدق والصواب لا يغشى أبداً من مواجهة الباطل والانحراف والفساد والذي يفر من المناقشة العلنية على مرأى من الناس وهو حتماً لا يثق بأنه هو على الصواب والحق .

فإن خشي هؤلاء من تلك المناقشة { فإن تولوا فإن الله عليم بالمفسدين } [ آل عمران / 63 ] … وهب إنهم بالفرار من المناقشة والاستئثار بأجهزة الإعلام ، أخروا افتضاحهم عند الخاصة والعامة أياماً معدودات أخر .

فهذه محاولة غير مجدية لأمرين :

أولاً : إن هذا الشعب البطل الذي أظهر حماسه الإيماني في هذه السنين الأخيرة لا أظن أن يكون غير آبه بمصيره . وعلى أي حال – ولو أثيرت الحرب والفتنة لصرف الأنظار عن الحقيقة – سيعرف ماهية أعداء الثورة المسلطين عليها .

وثانياً : قريب جداً يوم الفصل الذي يصرح فيه الخائنون المبهوتون من رؤية أعمالهم قائلين : { ما لهذا الكتاب لا يغدر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها }

وأؤكد مرة أخرى على أنه إن كان السادة يخافون من المناقشة العلنية ، فكلفوهم أنتم بهذا الأمر بما أنكم تتمتعون بقيادة الثورة لكي يظهر لكم ولكل الناس الصدق والكذب والخدعة والخيانة . وحقاً ، إن القضية خطيرة جداً وعدم المبالاة بها هو عين الرضا بسقوط الثورة .

في انتظار اتخاذكم القرار الحاسم . أحمد مفتي زادة طهران 3 / 2 / 1360 – 23 / 4/ 1981

رسالة زادة لبني صدر

وفي أواخر فصل الربيع من السنة الماضية أرسل الأستاذ مفتى زادة رسالة إلى بني صدر رئيس الجمهورية آنذاك بإلحاح من ثلة من الإخوان المسلمين جاؤوا من خارج إيران وطلبوا منه أن يوضح رأيه حول ما يجرى في كردستان وليرشد الرئيس إلى الطريق لحل معضلاتها .

وقدم إليه معها مجموعة من الاقتراحات بشأن إصلاح الدستور . وهانحن نذكر بعض ما جاء في الرسالة أولاً ونترجم المجموعة بعد ذلك بأجمعها إنشاء الله ، فإن فيها طائفة هامة من الأسرار والحقائق يجب إطلاع الاخوة عليها .

وسنرى فيهما – وفي كل ما كتبه وقاله الأستاذ مواجهاً به الطاغوت السابق أو اللاحق – كيف يستنكف المؤمن من خفض الرأس أمام قوى البغي والطغيان ولو كانت بعضها لبعض ظهيرة ! ولقد كانت تلبية أهل السنة لزعيمهم المؤمن ضربة قاصمة في ظهر النظام السابق الذي طالما طمع أن يجعل منهم وسيلة لضرب الثورة ومنعها من التقدم .

وما أحلها من دعوة وما أروعها من تلبية ! إنهما كانتا تنبثقان من أمل كبير في عودة حكم الله بعد ذلك الفراق الطويل ليظلل مرة أخرى هذه البقعة من أرض الله بظله الظليل وليمتد منها إلى الأقطار المعمورة .

ولكن إبليس بدأ شوطاً آخر في الإفساد بإغواء إخوانه المسيطرين على الثورة بغير حق ، فذهبت الآمال لتستقبل القلوب من جديد هموماً ومآسي كانت يسيرة عليها لو لم تكن بأسم الدين ، ولو لم تكن آتية من أيدي أعداء يظهرون بمظهر الأخوة الناصحين ، فإنها لم يخل يوم من أيامها من هم ومأساة .

ذكر له أولاً أنه بعد هجرته من سنندج امتنع بالمرة من الاتصال برجال السلطة وما كان ليتصل من جديد ولا بإرسال هذه الرسالة لولا إلحاح أولئك النفر ووثوق كان له برئيس الجمهورية من أجل ما شاهد من موقفة فيما يسمي بمجلس الخبراء . وحذره من أن يكون كمساوم في سوق الساسة ويظن أن هذا العمل إنما هو لكسب الجاه .

ثم ذكر انه كان يؤكد في أكثر رسالاته وخطاباته إلى بضعة أشهر بعد انتصار الثورة ، على الشيئين :

أحدهما : إن أكثر الحكومات تسير نحو الاستبداد تدريجياً ، فإنها تخطئ وتخطيء ولكن انانيتها لا تدعها تعترف بأخاطئها وتسعى لإصلاح ما أفسدت بل تجعلها تجتهد لإسكات الناس بوسائل مختلفة وينجر الأمر شيئاً فشيئاً إلى سفك دماء المعترضين في طريقها ، كما شاهدناه في كردستان .

والثاني : إن الاستئثار بالسلطة ومحاولة إخضاع الغير لسلطان النفس أكبر باعث للشقاق و التفرقة و أخطره كما تراه اليوم حيث يزداد التحزب والتفرق يوما ً بعد يوم من جراء استئثار هؤلاء بالسلطة .

ثم أمل قادة الثورة في صيرورة هذه الثورة عالمية ، وبين كيف ساهم هو أيضاً في دعماها بما أوتي من الامكانيات بآمال كثيرة ، وإن كان يرى أن تحقيقها بعيد لأسباب كثيرة أهمها عدم اجتياز الثورة المرحلة الأولى لأي ثورة إسلامية وهي التوعية والتربية والفردية .

وبعد ذلك ذكّره بما فعله طوال عام وبضعة أشهر قبل وبعد انتصار الثورة جرياً وراء تلك الآمال وذكره بما يلي :

1-نشر عشرات البيانات في المناطق السنية وغيرها ، وأحياناً في بعض البلاد الإسلامية وغيرها البعيدة والقريبة ، لعموم الناس ، ولقادة الثورة وتعريفها لهم بالمنهج الذي عليهم أن يسلكوه .

2-إصدار البيانات إلى كل منطقة من المناطق السنية كان النظام السابق وأياديه يريدون إثارة الفتن الدامية فيها .

3-عقد اجتماعات للبحث حول المؤامرات التي يدبرها المثيرون للشقاق المتربصون الفرص المناسبة ، ولإلقاء الأضواء على جوانبها .

4-المناقشات مع علماء الشيعة وشخصياتهم الذين كانوا يزورون كردستان في مسألتين : أولاً – توجيه قادة الثورة إلى أن الانتصار الحق لهذه الثورة بحاجة إلى زمن طويل وعمل دائب ووضع للبرامج الدقيقة وتنظيم للقوى .

ثانياً : ترسيخ معاني العواطف والأخوة الإسلامية أكثر ما يمكن .

5-الاتصالات المباشرة وغير المباشرة مع قادة الثورة لإطلاعهم على مشاكل الناس وآمالهم في كل المناطق ، وتنبيههم إلى أن المتربصين الفرص يستفيدون من هذه الظروف ضد الثورة الإسلامية . فيجب التصدي لتلك المشاكل برفعها والعمل على تحقيق تلك الآمال .

6-السعي بعد الانتصار لإطلاع المسؤولين على أخطائهم وتفريطهم وعدم تمتعهم بالكفاءة اللازمة ، كي يقوموا بواجباتهم في هذه المجالات .

7-إرسال رسائل إنذارية وباعثة للهمم في بعض الأحيان إذ كنا نرى أن التذكير لا أثر له والانخرافات عمدية مما يسير بالثورة في غير طريقها .

8-وأخيراً فقد كان الوقت يفوت ونحن نجتنب أن نجابهم بما يوهن الثورة وهم على ما هم عليه ، وكانت الثورة تصاب بضربات قاصمة وكان المخالفون للثورة والإسلام يجدون يوماً بعد يوم حججاً عاضدة لهم ، عندئذ رأينا أن التذكير المباشر بدون أن يعلم الناس لا يكفي . فنهضنا للطعن في حرمة هؤلاء المجاهرين بالمعاصي وألقينا خطابات معارضة .

المشاكل والمعضلات القاصمة لظهر الشعب.

ذكره بأصول المشاكل والمعضلات القاصمة لظهر الشعب، والتي كان قد بين قبل انتصار الثورة أنها ترجح إلى مظالم ثلاث :

1- الظلم القومي .

2- الظلم المذهبي .

3-الظلم الطبقي .

وأضاف أن غير الفرق الإسلامية ما كانوا يستطيعون إيراد هذه الاعتراضات وكان الحياء يمنعهم من ذلك ، وأما الحكومة فقد كانت مع كل هذا بمناًى من الوفاق وقبول الحق ، ومع سهولة المطلب فقد شرحه مرات بالمقابلة وإلقاء الخطابات وإرسال البرقية والتوصية والرسالة دفعاً لأي خطأ في فهمه .

وذكر أنه بعد انتشار مسودة الدستور ، نبههم على أنها غير كافية في رفع هذه المظالم وكذلك قبل دعوة مجلس الخبراء للتعاون مع اللجنة السابعة التي عقدة للبحث في المسائل الاقتصادية .

قبل دعوتهم رجاء أن يقوم بخدمة للناس في تلك الفترة المصيرية ، وبحث حول كل المسائل والمشكلات لشعب إيران والتي ترجع كلها إلى هذه المظالم الثلاث .

وبذل ما في وسعه لأن يكون الدستور موافقاً للقرآن وذلك بأن يكون حاسماً وكافياً بشأن رفع هذه المظالم.

وفي إحدى الاجتماعات العامة لكل اللجان شرح آثار هذه المظالم شرحاً أبكى بعض الحاضرين .

وقد نشر مؤسسة ( نشر مساوات ) هذه الرسالة مع المجموعة الاقتراحية بشأن إصلاح الدستور وإضافات وتعليقات هامة ، ومعه حواشي من قبل المؤسسة شرحت فيها بعض آثار حرب كردستان التي هيأت الحكومة المجال لها بتحريض الأحزاب اللادينية هناك عليها كما نقلنا عن الطالقاني الاقرار وا لشهادة بما كان من دور في مسائل كردستان و مآسيها مما أدى إ إلى استشهاد عدد كبير جداً من الشباب المؤمن بأيدي سفاكي الفرق المسيطرة على الشعب الكردي المنكوب .

وأشار إلى بعض أساليب الاضطهاد والتعذيب والتقتيل التي اتخذها أولئك الشياطين نحو المؤمنين وهي :

أساليب الاضطهاد والتعذيب والتقتيل التي اتخذها أولئك الشياطين نحو المؤمنين

1- ربط الأرجل بالحبال وضربها بالأسلاك .

2- ربط الأيدي من وراء ووضع المسجون في زاوية من السجن وصب الماء أو النفط تحته ، فعلوا هذا مع عدة منهم الاخ شهاب آروند الذي كان في الثامنة عشرة من عمره في بيت الخلاء إلى أن أحرق النفط ظهره . وقد اعتقل هذا الأخ إحدى عشرة مرة وفي المرة الاخيرة ذهبوا به ولم ندرِ بعد ماذا فعل به كآخرين من المؤمنين .

3- ربط المسجون وضربه في المواضع المختلفة من جسده فإن مات فذلك وإلا استمروا على هذا الحال مدة خمسة عشر يوماً ، من عشرة إلى مائة وخمسين ضربة ، ومن المضطهدين بهذه الطريقة الأخ الشهيد حسن مرادي .

4-يضعون المسجون في الاصطبل ويتركونه إلى أن يموت ، واستشهد بهذه الطريقة الأخ بديع رادفر في الثامنة عشر من عمره.

5-ومن أشد أنواع التعذيب إيراد اللكمات المتوالية الكثيرة على جسد المسجون واستشهد بهذه الطريقة شباب أزكياء منهم الأخ ناصر ريح آوري وهو في العشرين من عمره . ولقد أبدى هذا الشاب المؤمن موقفاً غريباً فلقد جرحوا رجلاه بالسكين ووضعوا الملح في الجرح وجعل الجلادون يضربونه بالأسلاك وهو يقول : أحد ، أحد ، الله أكبر !!! وأخيراً ربطوه وجعلوا يوردون عليه اللكمات إلى أن استشهد .

من أنواع التعذيب :

سلخ جلد الرأس وثقبها وثقب العين بالمثقب وإحراق الأسير حياً – واستشهد بهذه الطريقة الأخوة مهدي شبلي وحميد إيزاد – وتقطيع الأعضاء- واستشهد بهذا الأسلوب الأخوة شهرام نمكي وشهريار نمكي ورحمت نمكي وكانوا أخوة من جهة النسب أيضاً وقلع الأظافر والكي و …] .

ثم ذكر علة هجرته من سنندج وبين انه لم يجد أمامه إلا طريقتين : إما أن يبقى هناك ويضطر آخر الأمر لدخول الحرب مع الأحزاب والفرق ( اللادينية ) وفيهم كثر من الذين خدعهم أولئك الشياطين بالوعود الكاذبة ، وذلك ما لم يكن ليرتكبه .

إذ الكثيرون منهم كانوا طالبين لحقوقهم المشروعة ولكنهم لم يصيبوا في الأخذ بالوسيلة ، وبعضهم كانوا ينفرون من الإسلام بالمعنى الذي كان بعض رجال الدين العملاء لهذا النظام الطاغي ، والذي قبله يعرضونه على الناس ، والذي لم يكن قط إلا تبرير لاستمرار المستكبرين والمترفين في استكبارهم واترافهم واستضعافهم الشعب المنكوب .

ولم يجر أولئك وراء التيارات المضادة للإسلام إلا لأنهم كانوا يحسبون أن الإسلام ليس إلا هذا ويبقى قليل يستحقون المواجهة العنيفة الغليظة ولكنهم بمنجى غالباً من البطش والنكاية ، إذن كيف يرضى من في قلبه إيمان أن يدخل حرباً لا يصاب فيها إلا الذين يجب الدفاع عنهم بدل محاربتهم ؟ فلم يبق إلا الطريق الآخر وهو ترك مسقط الرأس والهجرة إلى الله .

ولو فرض أن تلك الحرب كانت مشروعة لما كنا ندخلها في تلك الحالة أيضاً لأننا لم يكن لدينا قدرة مالية لشراء الأسلحة وتحمل مصارف الحرب إلا باستجداء القوى الطاغية العالمية ، وذلك ما لا يرضى به ذو مروءة فضلاً عن مسلم يخشى الله تعالى .

وفي الختام ذكر محاولة الحكومة لتوحيد الفرق كلها ضد الحركة الإسلامية في كردستان ولإبادتها من أساسها ، وقد شهد الطالقاني وغيره بذلك كما مر .

وبعد ذلك عرض على رئيس الجمهورية أربع مسائل طلب منه انخاذ القرار الحاسم بشأنها إذا كان هناك قدرة على اتخاذ القرار ، فإن ذلك هو الطريق الوحيد لانقاذ الشعب من الدمار والثورة من السقوط :

1-إصلاح الدستور بحيث يصبح صريحاً وحاسماً وكافياً في رفع المظالم الثلاث ، بأن يوكل إدارة أمور المناطق إلى مجالس الشورى المحلية حسب موازين الشريعة الإسلامية ، ويزال عن وجه المجتمع مظاهر الاستكبار والاتراف من جانب ، والاستضعاف من جانب آخر ، ويُمحى آثار الاختلافات والتمييزات الظالمة بين أتباع المذاهب . ( ويأتي بعد قليل إن شاء الله مجموعة الاقتراحات بشأن إصلاح الدستور).

2-أعطت الحكومة بعض الملاك الاقطاعيين الأسلحة لمواجهة الفرق والأحزاب التي إنما بلغت ذلك الحد بتمهيد الحكومة نفسها لها ، مما أدى إلى ارتكابها ذنباً كبيراً وهو تسليح أولئك الاقطاعيين المستكبرين الذين لم تأخذ أيديهم السلاح حتى رفعوا رؤوسهم منذرين الزارعين وغيرهم من المستضعفين بالنكال والاضطهاد بدل مواجهة الأحزاب المفسدة .

3-كانت الحكومة قد علقت آمالها بالفرق غير الإسلامية وشبه الإسلامية لابادتنا أو لتوهين أمرنا على الأقل ، حتى أننا سمعنا أنها – علاوة على المواساة النقدية وغير النقدية وتمهيد الطريق أمامها للاستفادة من كل الامكانيات الحكومية و … - أعطتها – كما يقال – في أول الأمر أسلحة . ولكنها بعد ما علم أن أولئك لا يجعلون زمام أمرهم في يد الحكومة ولو خدمتها بأكثر من ذلك لأنهم مرتبطون بالقوى الشيطانية الأخرى ، ورجعت عن الاعتماد عليهم ولجأت لأمرين آخرين :

الأول : إعطاء الامكانيات والأسلحة لجماعتنا .

والثاني : إثارة الفرقة بين جماعات المشايخ ورجال الدين المرتبطين بحزب ( رزكاري ) وبين غيرهم من سائر الفرق المتحالفة معهم ، وتحريضهم للتعاون مع السلطة .

فأما الأمر الأول فكان ينقصه حسن النية وكان يتم غالباً بأسلوب مريب فمثلاً لم تكن لتعطي أي راتب لأفراد يوالون جماعتنا ، الذين كانوا في أيام الثورة يبذلون مساعيهم للدفاع عن الثورة وحراسة البلاد من الفتن ، وكان ذلك قاصراً على حراسها .

ولقد صرح أحد المسئولين في اجتماع مع بعض اخواتنا انه ليست الحكومة مستعدة لإعطائكم الأسلحة التي تستطيعون أن تواجهوا وتقابلوا بها الأحزاب اللادينية . وجلي أن هذا يعني بلا شك أن الحكومة كانت تريد إبادتنا بإثارة الحرب بيننا وبينهم ثم تتركنا بلا دعم إلى أن نفنى عن آخرنا .

وأما الشيء الثاني فأرادت منه جعل تلك الحرب حربة في يدها تضرب بها الفرق من جانب وتجعلها عقبة في طريقنا من جانب آخر ، إذ هم ( رجال الدين ) فيستطيعون تضليل الناس باسم الدين كما كانوا يفعلون لصالح الطاغوت السابق .

ولكن ذلك الحزب لم يخضع لأرادتنا لأسباب . وشاهِدنا على ما قلنا أمران :

الأول : أن اثنين من رجال الدين من أهل التشيع وهما حجة الإسلام ! الجنتي ! وحجة الإسلام ! الكرماني – وكان الأخير قد قضى أياماً في كردستان قبل انتصار الثورة ويعرف ما بيني وبين أولئك العملاء من رجال الدين – عقد اجتماعاً سرياً مع بعض من أولئك وبشرهم بأنه انتهى أمر فلان . فلا يقوم له بعد هذا قائمة . وقد روى هذا عنهما وأقّر به أحد الحاضرين في الاجتماع .

والثاني : إن وزارة الأوقاف أصدرت إلى دائرة الأوقاف في سنندج أمراً بشأن تعيين بعض من أهل العمامة والعباءة من الذين يتمتعون بحسن الصيت كي تصدر لهم الوزارة ألقاب ( آية الله وحجة الإسلام ) وتكل إليهم أمور كردستان المذهبية .

4-أن كردستان متأخرة جداً من الوجهة العمرانية فعليكم أن تبدأوا بأعمال عمرانية و إقتصادية فيها باستعانة الميزانية المقررة لها وإن كان الواقع أن ذلك المبلغ اقل مما يجب أن ينفق فيها (4).

بيانات الشيخ أحمد مفتى زادة

البيان الأول

هذا البيان صدر في أواخر فصل الخريف من السنة السابعة والخمسين الهجرية الشمسية ( أي قبل تاريخ كتابة هذه الدراسة بثلاثة سنوات ) وكان موجها لأزهاري الذي الشاه قبل شاهبور بختيار رئيسا اللوزراء :

البيان رقم 37

26 /9/1357

السيد اللواء الركن أزهاري ! ما أشقى شعبا ً يتولى أمره من ليس متمتعا بأدنى أهلية وصلاحية ! كان موضوع البيان السابق انه قد وكل إليكم - جهلا بالسياسة – مسؤولية لعب اكبر دور سياسي ، وغير خافية نتيجة هذا الأمر من البدء ، وتزداد ظهورا يوما بعد يوم ! كان ينتظر في هذه الأيام أن يمنعكم أربابكم من اتخاذ أسلوب الإرهاب والمكر .

إذ هم اختبروا هذه الأساليب مراراً عديدة فى هذه المدة التي قد بلغ الأوج فيها أمر نضال شعب إيران المسلم ضد النظام العميل المعادي للإسلام ،ولكنهم لم يزدادوا إلا قربا ً من الانهيار والسقوط الكامل . ومع هذا فقد اشتد في زمن سيطرتكم الإرهاب والمكر في مجالات شتى وأشكال مختلفة !

لقد كان أول مظهر أريتموه الشعب بعد الأيمان المعقدة والتضرعات ، تقتيل المسلمين العزل في اكثر المدن ، ذلك المسعى الذي لا تزالون تبدونه في كل مكان .

وقد اتسعت في زمن توليكم الأمور وشملت سائر برامج الحكومة بأسلوب مخجل . منها محاولة البوليس المستمرة في بعض القرى والمدن اكثر من ذي قبل مع أقزام عملاء معروفين ، ليسيروا في الشوارع بصحبة أفراد البوليس المبدلين ثيابهم تحت حماية آخرين منهم مسلحين وليهتفوا بذلك الهتاف المملوء بالعار الباعث للموت ( عاش) ؛ ويخربوا البيوت والدكاكين والمراكز الإرشادية !

ومنها ذهاب عدد من بائعي الوطن الجواسيس وبعض أفراد البوليس المبدلين ثيابهم باناس غافلين لتحديد قطع من أراضي الناس وتقسيمها بينهم ، أو ذهابهم لتقطيع الأراضي العامة التي هي ملك للشعب ولم يسبق أن كانت تحت يد أحد .

بالتعاون مع زمرة غير مؤمنين دأبهم العيش عن طريق الاستيلاء على الأراضي بغير استحقاق ثم بيعها للمساكين بأثمان كبيرة ! ومنها اعتداء أولئك الموظفين الخونة على الدكاكين والبيوت ليلا وإحراقها بعد النهب أحيانا !

ومنها تحريضهم بعض التجار الذين لا يخشون الله على رفع الأثمان ليجعلوا الناس ساخطين على مواصلة السير في طريق النضال الذي يستحيل الانصراف عنه .

ومنها نشر أيادي النظام الخونة بين الناس اوراقا فيها رؤى مزعومة تنبىء عن سوء مصير المناضلين من أهل سنندج إذا استمروا في مجاهدة الطاغوت ! ومنها إعداد أشرطة حول الجدال المذهبي ثم نشرها تباعا بين الناس ، وكذلك كتابة كلمات السب والإهانة بعظماء الإسلام كسيدنا عمر بن الخطاب وسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنهما على الجدران .

ومنها إشاعتهم بين أهل التشيع أن الجند من أهل السنة ! يريدون بذلك المكر أحياء الصراع بين الأمة شان الأعداء السابقين ، ولكن هذه الأمة التي فرقتها خيانة الذين سبقوا قد تنبهت اليوم لهذه الحقيقة وتريد أن تحيي من جديد مصداقية القانون الإلهي المبين في قوله تعالى  :

{ وان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون } فلا تسمح بما يريدون من ادامة حكمهم الأسود الشيطاني ليالي أخرى معدودة في ظلام الجدال المذهبي بين الأخوة ، إن هذه الأمة المظلومة التي فرقتها ذئاب الاستغلال قد قامت من نومها ولبت أمر ربها :

{ ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم } إن هذه الأمة التي كانت قد عانت القوة المطلقة طوال قرون ثم تفرقت بسبب أهواء الحكام الخائنين المفرقين ووقعت في هذه الذلة قد تذكرت مرة أخرى قول إمامها الكريم رسول الله الإسلام صلوات الله وسلامه عليه الذي معناه أنه أقبلت الشقاوة على ………… الجوانب العملية والاجتماعية من الدين وأقاموا …… ولا يرجعون إلى السعادة إلا إذا أقلعوا عن الجدال …… على العمل والاجتهاد فيه . ومن هذا آل … … تركت الجدال المذهبي وأخذت تجاهد ال …… المعدية اللإسلام، ولا يردها بإذن الله إلى ذلك …… وتلك الشقاوة هيانة الجواسي ومكرهم .

أيها السيد أزهار …… يكفي تجاهل هذه الحقائق البينة ومواصلة عمليات التقتيل والإرهاب والمكر لوصولكم إلى ما تريدون . انتم اليوم تهددون بقطع رواتب المضربين عن العمل ، وفوق ذلك تأمرون الوزراء أن يسلبوهم وظائفهم ، وترجون أن يلبس البرلمان هذا القرار ثوب القانونية !! إن أنتم لا تعرفون قانون العمل ( كما أنكم اعترفتم بأنكم غير عالمين بالسياسة )

فالبرلمان – مع انه آلة طيعة في يد الحكومة – لا يستطيع أن يستسلم إلى هذه الفضيحة ، ويجعل نفسه منبوذاً أكثر مما هو اليوم ، بالمصادقة على قانون يخالف القوانين الدولية للعمل – التي قد قبلتها ووقعت عليها إيران – ويحرم الموظفين من حقهم القانوني في الإضراب ، ولم يتوقف استكباركم عند هذا الحد بل صرتم تهددون رجال الدين القادة أيضاً الذين يدعون الناس إلى الإضراب كأسلوب من أساليب النضال وتنذرونهم بالعواقب السيئة لأعمالهم !

وأنا الآن كرد فعل لكل هذه الغفلة و الاستكبار ، أدعوا المسلمين عن طريق هذا البيان أن يضربوا عن العمل يوم الاثنين 27/9/57 إضرابا عاماً ، ليفضح مرة أخرى هذا الأسلوب التهديدي عند الخاصة والعامة ، وتدركون انتم وأربابكم أنه لا يغير مجرى النضال الإسلامي الذي بدأه الشعب الإيراني أية وسيلة وأية سياسة .

وسلام الله الأبدي على سالكي طريق الإسلام الصادقين واللعنة الدائمة على أعداء دين الله .

أحمد مفتي زاده. 26 /9/57

البيان الثاني

8/11/57 – رقم 62 هذا البيان صدر بعد البيان الأول بشهر ونصف على شكل خطاب لمنطقة ( تربت جام ) الواقعة قرب الحدود الشرقية لإيران ولسائر المناطق تحذيرا للناس من الجري وراء محاولات النظام الملكي لإثارة الصراع بينهم الذي لا يستفيد منه إلا المستكبرون .

{ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون } مسلمي منطقة تربت جام وسائر المناطق من إيران ، اخوتي أخواني الشيعيين والسنيين.

بعد أن أنقذ الله تعالى البشرية من الشقاوة والجهل بإنزال القران ، أمر أن يوكل تصريف جميع الأمور ( التي يؤدي ابداء الرأي فيها من غير المشاورة إلى تفرق الأمة الواحدة – ج ) سواء كانت مما يتعلق بالمجتمع أو بالعلاقات الدولية إلى العلماء بالدين وبالمشاكل الاجتماعية الأمناء الناصحين يتشاورون بينهم فيستنبطون احسن الأراء ليطيعها الناس وتنفذها السلطة التنفيذية ، كما قال تعالى { وامرهم شورى بينهم } وعندما ابتعد المسلمون عن الشورى تفرقوا واختلفوا .

وهذه نتيجة حتمية لأنه إذا يكن حل الأمور وعقدها شورى بين أهلها فلا مناص من أن ينظر كل عالم في الأمور على حدة وكثيرا ما يحدث أن يكون لاحدهم رأي فى أمر من الامور يخالف راى غيره .

و طبيعى أن بعض الناس يختار رأى هذا وبعضهم رأي ذاك ، ومن هنا يبدأ التفرق وتحدث المذاهب . وإذا بلغ الأمر هذا الحد تهيأ المجال لمريدي الشر والفتنة ليحاولوا أن يبعدوا الفرق بعضهم من بعض اكثر ما يمكن .

وهذا هو ما حصل بالفعل وأدي الأمر إلى أن هذا المجتمع الإسلامي الذي كان أول الأمر مصداق قوله تعالى : { واذكروا إذ انتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس … } ثم بلغ في ضوء هدي القران وقيادة سيدنا الرسول صلى الله عليه وسلم وجهاد الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أن أطاح بغدد سرطانية كملك إيران والروم ، وصل تدريجيا وخلال أربعة عشر قرنا بسبب التفرق إلى هذا الذي هو مبتلى به اليوم من الذل والهوان :

فقد تقطعت أرض الإسلام إربا ً إربا ً و غزت القوى المعادية للإسلام الشرقية والغربية بلاد المسلمين وسلمت زمام الحكم في كل قطعة منها إلى عميل من عملائها . ونحن نرى اليوم – وواحسرتاه – أن هذه المناطق والدول قد بلغت من الهوان حيث أنها قد سلمت منطقة تعد من أعز بقاع العالم الإسلامي بعد مكة والمدينة – القدس وفلسطين – إلى اخبث أعداء الإسلام أعني الصهاينة .

وقد سيطرت الماركسية – ولا تزال – على مناطق واسعة

وتاريخية من أرض الإسلام كتركمنستان وقوقاز وأذربيجان و … ) والأمبريالية مسيطرة على إيران وغيرها من أكثر هذه القطعات . وهؤلاء الأعداء الثلاثة يقتلون اليوم المسلمين في كل مكان .

وقد تنبه المسلمون في بعض الأمكنة كفلسطين وإيران وفيلبين والحبشة وأفغانستان قبل غيرهم ؛ ويريدون أن يخرجوا أعداء الإسلام من هذه الأراضي الإسلامية .

أما الأعداء فيلجأون إلى القتل أو شراء العملاء بالمال أو بإصدار البلاغات المليئة بالمكر المثيرة للشقاق بين المسلمين إبقاء لهم في أغلال العبودية والأسر .

أخواني وأخواتي ! إنكم ما نسيتم محاولات حكومة إيران لأبعاد المسلمين عن الإسلام ، ما نسيتم ما كانوا ينشرون في البلاد من البرامج والصور الخليعة عن طريق السينما والمشاهد والإذاعات والتلفزيون والجرائد والمجلات ! إنكم تعملون أن تلك المحاولات إنما كانت لقلع جذور الأخلاق والذاتية الإسلامية من قلوب الأطفال والناشئة !

وما نسيتم أن ( فرح ) ( زوج الشاه ) افتتحت برنامج اشاعة الفحشاء في صور شتى يستحي الإنسان لا من رؤية مثلها بل من استماع حكايتها أيضا وحدث هذا المهرجان العالمي في مدينة شيراز ! وما نسيتم انهم نسخوا تاريخ هجرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم العظيمة ، واحيوا مكانه تاريخ قعود قورش على عرش الملك ! وما نسيتم أن الشاه قال :

لا حق لعلماء الدين في التدخل في شؤون البلاد !

أعزائي ، أخواتي ، أولادي ، إنما كانت كل تلك البرامج والجهود لجعل إيران بلدا غير إسلامي بالمرة ، لينهب الأرباب والأجانب وعملاؤهم ثروات البلاد هادئي البال غير خائفين من جهاد الناس ، أعزائي ، إننا استيقظنا بحمد الله وعرفنا نية العدو السيئة وقمنا في وجهه ، ولكن العدو لا يريد أن يتركنا بسهولة و اخطر وسيلة يتوسل بها في هذه المرحلة من نضالنا هي إثارة الجدا المذهبي .

لأنه يأمن بطش الشعب إذا كان الأخوة مشتغلين بالخصام والجدال ، أعزائي الداعين إلى (لا إله إلا الله ) وخاصة ، يا قادة دين التوحيد والوحدة إن الخصام والجدال بين الفرق الإسلامية هو الذي هبط بنا من سماء العزة إلى أرض المذلة ، حيث يئن كل فرقة من فرقنا المختلفة تحت ضغط واستبداد واحد من أعداء ( لا إله إلا الله ) .

ارحموا أنفسكم وارحموا أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي أخذت ترفع رأسها ، إن تفرقنا نتيجة خيانة أو خطأ الذين سبقوا ، فلا تجادلوا أنتم ولا تختصموا على خيانة من سبق . اجعلوا قوتكم التي تستعملونها للجدال بينكم وسيلة لهزم أعداء الإسلام ولتوحيد المسلمين ولتحرير الأراضي الإسلامية .


أعزائي ، إن الإطاحة بالشورى هي التي أوقعتنا في كل هذه الشقاوات والمآسي . إذن ، فلا طريق لإنقاذ هذه الأمة إلا بأن نحيي نظام الحكم المبني على الشورى ، وأنا اليوم أحاول كأحد قادة أهل السنة والجماعة مع الأخوة قادة أهل التشيع لإ نشاء مجلس أعلى إسلامي للشورى ، لنبحث معاً في المسائل التي نختلف فيها واحدة بعد أخرى ونعرضها على الكتاب والسنة ، ونقبل ما هو حق ونرد ما هو باطل .


وإن نوفق نحن في هذا الأمر ، يكن هذا العمل أسوة لجميع المسلمين ، وعندئذ نستطيع أن ننشئ مجلساً للشورى من علماء العالم الإسلامي كله ونرفع هذه الأمة المتفرقة الذليلة مرة أخرى إلى أوج الوحدة والعزة . واعلموا أن من يعمل بأي حجة في الوضع الراهن عملاً يوقف هذا البرنامج المثمر للوحدة عن السير إلى الأمام ، ويهين عقائد ومقدسات أي من الفريقين ، يكون مسؤولاً أمام حاضر هذه الأمة المسكينة ومستقبلها ، وسيقف ناكس الرأس بين يدي ربه . أعزائي ، إننا نعد أنفسنا في هذه المرحلة من الانتصار لننصر الأخوة المسلمين في فلسطين وأفغانستان وفيلبين والحبشة .


ولكن موقفكم السلبي تجاه نضالنا سيسد باب الأمل الذي أخذ ينفتح في وجه المسلمين . أعزائي ، ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ فطوبى للغرباء ) . إننا نحن جميعاً اليوم قد ابتلينا بطاعة وعبادة أعداء الله بدل طاعة وعبادة الله تعالى .

فيجب علينا جميعاً أن نحاول لنخرج من تحت إصر هذا الشرك الخطير . أنشدكم الله ، أن لا تتنازعوا ، ولا نتخدعوا بداعايات العملاء واحذروا من الفتن التي يريدون أن يثيروها { ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين } .

أرجو أن تسمعوا موعظة أخيكم ، ولا تعلموا عملاً تشفى به هذه الأمة المسكينة أكثر من هذا . أحمد مفتي زادة 8/11/57

البيان الثالث

هذا البيان صدر بعد البيان الثاني بشهر خط للسلطة الجديدة و تنديد ! بمواقفها المنافية لروح الثورة و إنذارا ً بالقيام في وجهها لو دام ذلك الوضع .

من الثورة إلى الانقلاب العسكري

الفرق بين مصداقية الثورة و مصداقية الانقلاب العسكري نلخصه بعبارة بينّة أن الثورة تغير كل ما ينبغي أن يغير ، و أما الانقلاب العسكري فلا يغير إلا النظام الحاكم إن الشعب الإيراني قام من ابتداء حركته العامة في وجه كل الأسس الفاسدة الاجتماعية و بدل ما بذل من النفوس لإقامة حكومة إسلامية بالأنظمة السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية الإسلامية ! لا أن يطيح بنظام الشاه و يؤسس النظام الجمهوري و لو بلقب " الإسلامي " .

صحيح أن الثورة لم تكن ناضجة و كان السبب الأكبر لسقوط النظام مظالمه ، و في حالة كهذه لا تربى القوات المهذبة المستعدة لتصريف الشؤون المختلفة للبلاد بقدر يكفي ( و حين كان السيد حجتي كرماني في سنندج أرسلت هذه الوصية الى الإمام مع نفر من رجال الدين كانوا يذهبون الى النجف لزيارته و كان كرماني حاضرا ً عندنا

و أكدت فيها على أنه يجب تعيين كل الأركان اللازمة لتصريف الأمور من الآن ) ؛ و صحيح أنه يمكن أن يتسلم في هذه الحالة بعض التكاليف من يضعف عن أدائها ؛ لكن ما لا يجوز صرف النظر عنه بأي وجه هي الآمال التي كان للناس و التي كانوا يجتهدون في سبيل تحقيقها ببذل أنفسهم .

و أختصر هذه الآمال و الأمنيات في ثلاث عبارات

1. استواء جميع الشعوب المسلمة الإيرانية في الحقوق القومية و الثقافية والسياسية والاجتماعية .

2. استواء التسنن و التشيع سياسياً وقانونياً .

3. استواء جميع الأفراد في الحقوق الاجتماعية و الاقتصادية .

وإني بعد زيارتي الأولى ولقائي بالإمام الخميني اتصلت بجميع المعتصمين في وزارة الخارجية بناء ً على دعوتهم إياي من قبل . و في أواخر بحث طويل أشرت أواصل مجاهدتي الى أن تتحقق الآمال الإسلامية تحققا ً كاملا ً .


و منذ أيام و أنا غي طهران أفاوض بلا فتور ولاة أمر الحكومة . و لكن _ و يا للأسف _ ليس الأمر أني أرى انبعاثا ًثوريا ً فحسب بل ان نخالات النظام السابق بل و أعرف الوجوه المعادية للثورة يدخلون شيئا ً فشيئا ً بلطائف الحيل في الحظيرة الثورة !! و لا يخفي مصير ثورة تبتلى بأمثال أولئك .

إن الشيء الوحيد الذي لا يمكن جحده هو أن النظام السابق قد أطيح به . و كذلك لا يمكن جحد أن البديل يسمى باسم آخر ! حقا ً إن أصل الحركة كان ثوريا ً من البدء الى النهاية ؛ و لكن إذا دام هذا الوضع لم يكن مولود الثورة شيئا ً غير الانقلاب العسكري ! و أنذر مرة أخرى مجاهدتي ستستمر بفرض وقوع ذلك أيضا ً .

احمد مفتي زادة

و السلام _طهران 7 / 12/ 57

المصادر

1- موقع ويكيبديا

2- مجلة الدعوة العدد 77 نوفمبر 1982

3- الدعوة العدد 83 مايو 1983

4- كتاب أحوال أهل السنة في إيران عبد الله محمد الغريب، ص41،50، 70