أنـا وفــدى قديـم

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

فهرس الكتاب

أخذت السياسة منى وأنا فى الجامعة اهتماما كبيرا فقد كنت وفديا بكل كيانى وكنت كثير التردد على بيت الأمة وأذكر أن سعد باشا زغلول كان يرسل أحد الطلبة ليجىء له بمجلة الكشكول يوم صدورها وكان يعجب بصورها الكاريكاتورية ولا يغضب ولا يثور مما يكتب ضده فى تلك المجلة التى كانت تشن أقصى الحملات على الوفد والوفديين .

وأنا رغم وفديتى كان لى فى المرحوم إسماعيل صدقى باشا رأى أخالف به الكثيرين فالحق أن صدقى باشا لم يكن محبوبا من الشعب وكان قاسيا فى حكمه على الجماهير وكان يصف ا لشعب المصرى بأنه شعب كل حكومة وقد كان مخطئا فى نظرته استبداديا فى معاملته للجماهير . لكنى كنت أراه سياسيا واقعيا يدير سياسته على اساس من الواقع الذى يعيش فيه كانت سياسته أن ا لحقوق إذا استحال الحصول عليها كلها فمن الخير أن يحصل عليها جزءا بعد جزء وفى السياسة ما لا يضر إذا ما تتابعت الجهود .

ولعلنا لا ننسى أن صدقى باشا وجهت إليه اتهامات كثيرة عندما عهد بطريق الكورنيش فى الاسكندرية لشركة دانتمارو . وقد أثبتت الأيام أنها كانت اتهامات باطلة . وها هو الكورنيش أجمل ما يزين الاسكندرية من الطرقات التى ثبت نفعها وعادت على الاسكندرية بالخير الكثير ولكن أحدا لا يذكر لصدقى باشا هذه اليد التى قدمها للإسكندرية والباقية ما بقيت الاسكندرية .

كانت الخلافات بين الأحزاب فى ذلك الحين على اشدها ولكنها كانت خلافات بين رجال مهما اشتدت الخصومة بينهم فى ا لقضايا العامة فقد كانت علاقتهم الخاصة على أحسن ما تكون .

كانوا يتزاورون ويسمرون بعيدا عن العداء الشخصى الذى نراه منتشرا بين الأحزاب القائمة ورجالاتها وما من شك أن الحزبية فى صورتها الحالية نكسة مريرة فى عالم الديمقراطية فما من حكومة حزبية ترضى لنفسها الفشل فى أى مجال من مجالات الانتخاب ولكن هذا حدث فى عهد وزارة يحيى باشا إبراهيم فقد سقط والقصر معه وفاز الوفد بأغلبية ساحقة ولو أن العلاقات الشخصية بين قادة الأحزاب وأعضائها أخذت وضعها السليم لرأينا فى مصر انتخابات لا يشكك فيها أحد لا الفائز ولا المهزوم ولكن المؤسف أن الحكومات الحزبية لا تتورع عن أى أسلوب وفى يدها سلطان الحكم يصل بها الى الأغلبية التى تحفظ لها البقاء فى الحكم حتى ولو كره الشعب المغلوب على أمره ولن نصل الى ما نرنو اليه من مكانة كريمة فى المجتمع الدولى إذا ما بقينا مصرين على مثل هذه الأساليب .

وخرجت الى الحياة العملية فقضيت مدة التمرين فى مكتب أحد المحامين فى العتبة الخضراء اسمه " ابراهيم بك زكى " وكان قاضيا وأحيل الى المعاش فاشتغل بالمحاماه ولعل هذه الخطوة غير المقصودة التى بدأت بها حياتى العملية تدل على أنى بعيد كل البعد عن فكرة التعصب وأن هذا مسلم وهذا مسيحى . ما كانت هذه المعانى تخطر لى على بال .

ولست أدرى أى شيطان ألقى بهذه المعانى وأشعلها فى حكم السادات فتنة طائفية يعلم ا لله أنه لا فتنة هنا ولا طائفية هناك الكل مصرى يدين بديانته دون تدخل ويباشر نشاطه دون عراقيل ويحيا حياته هادئا آمنا مستقرا وبعد انتهاء مدة التمرين اتخذت مكتبا لى فى شبين القناطر وللحق لم أكن محاميا نابغا نابها كما أنى لم أكن محاميا مغمورا وكانت لى قضايا فى كل محاكم مديرية القليوبية كما كانت لى قضايا فى كل جهات القطر حسب توفيق الله .

كانت أقصى قضاياى شمالا محكمة طنطا وأقصاها جنوبا محكمة طهطا .

آليت على نفسى ألا أخدع موكلا . فإذا جاءتنى قضية مدنية استمعت للمدعى أو ا لمدعى عليه واطلعت على المستندات ووقائع القضية والشهود إذا لزم الأمر فإذا ما رجح لدى جانب كسب القضية قبلت التوكيل فيها ومباشرتها وإذا ترجح جانب عدم الكسب نصحت صاحبالقضية بالصلح مع خصمه وليس معنى القبول أن الدعوى مضمون كسبها أبدأ لكن هذا تقديرى المبدئى فقد أخسر بعض القضايا التى أقبلها وقد تنجح بعض التى أرفضها إنما كان الأمر عندى مراعاة الله فى الكسب الحلال فلا أقبل إلآ ما أقتنع بصحته وقد أكون مخطئا فى التقدير ولكنى بذلت الجهد فى التقصى قبل أن أكبد صاحب الدعوى أتعاب المحاماة ومصاريف الدعوى .. أما النتائج فلا يعلمها إلا الله . أما القضايا الجنائية ..فاقرأ الدوسية الخاص بها فاتفق إما علىالبراءة أو على تخفيف الحكم للأعذار المختلفة .

فهرس الكتاب