إعادة هيكلة الدعم.. تحقيق العدالة الاجتماعية
تحقيق- أحمد مرسي
مقدمة
- - محمد جودة: هيكلة الدعم تحتاج إلى ثلاث سنوات لتؤتي ثمارها
- - إبراهيم يسري: محاربة الفساد وإهدار الدعم وتطبيق القانون ضرورة
- -د. عبد المجيد السيد: الدعم النقدي يضر ببعض الفئات ويزيد التضخم
- - د. محمود عبد الحي: الزكاة موجودة في الأديان الثلاثة ولا بد من تفعيلها
توصيل الدعم لمستحقيه أزمة كبيرة تواجهها الحكومة الحالية، بعدما كان الدعم لا يصل إلا لرجال الأعمال واتباع نظام مبارك الفاسد ويحرم منه الفقراء ومحدودي الدخل.
تأتي إعادة هيكلة منظومة الدعم على رأس المحاور الهامة في الاقتصاد المصري؛ وذلك لصلته المباشرة بالاحتياجات الأساسية للمواطن المصري، وكذلك تقليل المليارات التي تصرف هدرًا من أجل دعم الأغنياء ورجال الأعمال، خاصةً في مجال الطاقة وغيرها من مجالات الدعم، وهو ما دعا كثير من خبراء الاقتصاد إلى طرح ضرورة رفع دعم الطاقة، خاصةً على الصناعات كثيفة اسخدام الطاقة.
في ظلِّ هذه ظروف أطلق الدكتور على لطفي مبادرة استرداد الدعم من الأغنياء في مؤتمر "إنقاذ الاقتصاد المصري- التحديات وآفاق المستقبل" الذي نظمته كليه تجارة عين شمس.
وأوضح د. علي لطفي مبادرته أن ثلث الدعم يذهب لغير مستحقيه في المجتمع؛ ما يستوجب معه أن يقوم هؤلاء القادرون برد ما أخذوه من دعم للحكومة بنحو1600 جنيه من كل شخص, وهو ما يوفر 25 مليار جنيه سنويًّا.
وطالب وزارة المالية بإنشاء صندوق يُسمَّى استرداد الدعم, متوقعًا أن يسهم جميع القادرين فيه لإنقاذ الاقتصاد، وأن تظهر وطنيتهم في هذا التوقيت الذي تمر به البلاد من أزمة اقتصادية صعبة, ولإثبات جدية مبادرته قام بكتابة شيك بمبلغ1600 جنيه.
(إخوان أون لاين) يناقش إعادة هيكلة الدعم في ضوء المبادرات المطروحة في سطور التحقيق التالي:
- بدايةً.. يشيد الدكتور محمد جودة المتحدث الرسمي باسم اللجنة الاقتصادية لحزب الحرية والعدالة بمبادرة استرداد الدعم التي أطلقها الدكتور علي لطفي، موضحًا أنه في حالة استجابة المواطنين لها تطوعًا كما هو مطروح، فإن ذلك سيكون مساهمةً في مساندة الدولة في تطويق أزمة السيولة التي تمر بها.
- ويتوقع أنه في حالة الاستجابة الشعبية الطوعية لهذه المبادرة فإن هذه الأموال المتجمعة ستصبُّ في حساب خاص في البنك المركزي تحت إشراف وزارة المالية، وسوف يتم الاستفادة منها في مشروعات تخدم المناطق الفقيرة في الخدمات الأساسية مثل المدارس والمستشفيات وغيرها من الخدمات.
ويرى أن إعادة هيكلة منظومة الدعم ستحتاج إلى ثلاث سنوات حتى تكتمل وتؤتي ثمارها، وهذا الأمر يحتاج إلى التحرك في عددٍ من الخطوط المتوازية مثل مكافحة الفساد ومكافحة التهرب من الدعم، بجانب ترشيد الدعم حتى يصل لمستحقيه، مشيرًا إلى أن 20% من كبار الأغنياء يستفيدون من 60% من دعم الطاقة.
ويشدد على أهمية تحديد حجم الدعم الحقيقي ومحاربة التلف الذي يذهب بربع القمح المستورد نتيجة التخزين في صوامع غير صالحة، فضلاً عن الوصول لإمكانية تحرير أسعار السلع بالتدريج خاصةً للمنشآت كثيفة استخدام الطاقة.
ويؤكد أهمية الرقابة الصارمة والقوية ومصارحة الشعب بكل الحقائق الاقتصادية وتوضيح مسارات الدعم والفئات المستفيدة منه والارتكاز على قاعدة بيانات قوية ودقيقة حتى يمكن تحديد الفئات التي يجب أن تستفيد من الدعم.
ويوضح أن الحكومة حاليًّا شرعت في إعداد قاعدة بيانات دقيقة وواضحة للمستفيدين من الدعم وتضع الخطط المناسبة لإعادة هيكلة الدعم، مؤكدًا أن هذه الخطط تصير ملكًا للدولة المصرية وليست لحكومة بعينها.
تفعيل القانون
ويوضح السفير إبراهيم يسري مساعد وزير الخارجية الأسبق، رئيس جبهة الضمير الوطني أن محاربة الفساد في الحصول على الدعم وتحديد الفئات المستفيدة منه هو الأمر الأكثر إلحاحًا وأهميةً في المرحلة الحالية.
ويطالب بضرورة إصدار قوانين صارمة تطبق على مَن يرتكب فسادًا في مجال الدعم أو من يهدر الأموال العامة للدولة، مؤكدًا ضرورة تفعيل القانون بكل صرامة وحزم.
ويبدي السفير إبراهيم يسري تخوفه من أن يبتلع الفساد أي عوائد لهذه المبادرة، مشيرًا إلى عدم اعتراضه عليها ولكن لا نعول كثيرًا على مثل هذه المبادرات، موضحًا أن الإهدار في قطاع الطاقة ودعمها يبلغ المليارات.
ويشير إلى ضرورة أن تستخدم الدولة أدواتها وإمكاناتها حتى تصل إلى أعلى مستوى من وصول الدعم لمستحقيه ولا يستفيد منه الأغنياء، خاصةً في مجال الطاقة.
التفكير خارج الصندوق
ومن جانبه يرى الدكتور عبد المجيد السيد الخبير المصرفي أن المبادرة جيدة في حالة استجابة الأغنياء لها وتُسهم في علاج جزء كبير من مشكلة السيولة الحالية، داعيًا إلى التفكير في حلول ابتكارية مثل هذه المبادرات، مبديًا تخوفه من عدم الاستجابة للمبادرة.
ويشير إلى ضرورة التفكير خارج الصندوق والتوصل إلى طرق ابتكارية والبدء في توزيع الدعم وفق الدخول الموجودة، مشددًا على ضرورة التوازن بين الدعم النقدي والعيني.
ويضيف أن الدعم العيني لا بد من وجوده ولو بنسبة محددة، موضحًا أن هناك بعض الفئات يمكن أن تضار من التطبيق الكامل للدعم النقدي مثل الحرفيين وغيرهم، كما أنه يمكن أن يؤدي إلى زيادة مشكلة التضخم.
ويوضح أن هناك أمرًا آخر مرتبط بموضوع الدعم، وهو وضع حد أدنى وحد أقصى للأجور الذي بمقتضاه يتم تحديد المستحق للدعم وغير المستحق، وهذا الأمر يحتاج إلى وجود مجلس النواب.
ويدعو إلى جانب هذه المبادرة إلى تطبيق زكاة المال ووضعها في حساب خاص في البنك المركزي، ويُصرف منها على موضوع الدعم، مؤكدًا أن تطبيق الزكاة يمكن أن يدخل المليارات لخزينة الدولة، وتكون أفضل من استعادة الدعم من الأغنياء الذي يمكن إلا يستجيبوا له.
التطوع بعيدًا عن الخلاف
ويصف د. محمود عبد الحي أستاذ الاقتصاد والمدير السابق لمعهد التخطيط القومي المبادرة بالمثالية، مشيرًا إلى أن تطبيقها يحتاج إلى قدرٍ كبيرٍ من الشعور بالوطنية وتقدير المسئولية المجتمعية، ولكنها يصعب تنفيذها.
ويبدي تخوفه من أن تثير مبديًا هذه المبادرة خلافات سياسية واجتماعية في البلاد، والدولة بحاجةٍ للهدوء النسبي لإعادة لحمة المجتمع.
ويدعو إلى تفعيل التطوع في أداء الزكاة، مشيرًا إلى أن أتباع الديانات السماوية الثلاث لديهم فقه الزكاة في دياناتهم، وأن توضع هذه الزكاة في صندوق للتنمية يشرف عليه ممثلين لأهل الفتوى من الديانات الثلاث في توجيه مصارفها .
ويشير إلى حاجة المجتمع المصري للتثقيف والتوعية وضبط السلوكيات في تحديد مصارف الدعم؛ تمهيدًا للاستغناء عن الدعم النقدي.
ويؤكد أهمية أداء العمل بما يوازي الأجر وترك ثقافة التواكل وتوفير الدخل المناسب الذي يكفل حياة كريمة في مقابل أن يؤدي كل فرد عمله على الوجه الأكمل.
ويلفت النظر إلى أنه أعد دراسة في عام 1997م أظهرت أن 66% من الدعم في الخبز لا يذهب لمستحقيه ويضيع في مرتبات ورسوم وغيرها مما يستوجب معه التفكير في آلية لتوجيه الدعم والاستغناء بقدر أكبر عن الدعم العيني.