إني مغلوب فانتصر
بقلم : عمرو الشيخ
لم يكن الله سبحانه وتعالى ليترك المظلومين والمقهورين، والمجردين من القوة المادية، والمستضعفين من الرجال والنساء،
لم يكن الله ليتركهم دون أن يعطيهم أسلحة يواجهون بها هذا الظلم وهذا القهر الذي يعانون فملكهم الله أسلحة فريدة موصولة معه سبحانه وتعالى مباشرة ومن هذه الأسلحة :
الدعاء،
ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن فقال :
" اتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب " البخاري
فالدعاء سلاح فريد وقوي يملكه المظلوم فما إن يرفع المظلوم يديه إلى السماء إلا و يأتيه الرد من الله سبحانه وتعالى مباشرة : " لأنصرنك ولو بعد حين "
فأي سلاح هذا وأي قوة أعطاها الله سبحانه للمظلومين والمقهورين والمستضعفين،
والله لو يعلم الظالم هذا السلاح بيد المظلوم لما ظلمه قط، ولما تجرأ على ذلك
فالدعاء طريق النجاة وسلم الوصول ومطلب العارفين ومطية الصالحين ومفزع المظلومين وملجأ المستضعفين
به تُستجلب النعم وبمثله تُستدفع النقم
ما أشد حاجة العباد إليه وما أعظم ضرورتهم إليه لا يستغني عنه المسلم بحال من الأحوال
والدعاء من أنفع الأدوية وهو عدو البلاء يدافعه ويعالجه ويمنع نزوله ويرفعه أو يخففه وهو دليل على التوكل على الله وذلك لأن الداعي حال دعائه مستعين بالله مفوض أمره إليه وحده دون سواه كما أنه طاعة لله عز وجل واستجابة لأمره قال تعالى وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]
وهو سلاح قوي يستخدمه المسلم في جلب الخير ودفع الضر قال {من فُتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة وما سُئل الله شيئاً يُعطى أحب إليه من أن يُسأل العافية إن الدعاء ينفع مما نزل وما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء} [رواه الترمذي وحسنه الألباني]
وهو سلاح استخدمه الأنبياء في أصعب المواقف فها هو النبي في غزوة بدر عندما نظر إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر استقبل القبلة ثم رفع يديه قائلاً {اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم آت ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض} فما زال يهتف بالدعاء ماداً يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه فأتاه أبوبكر فأخذ رداءه وألقاه على منكبه ثم التزمه من ورائه وقال( يا نبي الله كفاك منشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك ) [رواه مسلم] وها هو نبي الله أيوب عليه السلام يستخدم سلاح الدعاء بعدما نزل به أنواع البلاء وانقطع عنه الناس ولن يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته وهو في ذلك كله صابر محتسب فلما طال به البلاء دعا ربه قائلاً وَأيُوبَ إذ نَادى رَبَهُ أنّي مَسَنِىَ الضُرُ وَأنتَ أرحَمُ الرّاحِمِينَ (83) فَاستَجَبنَا لَهُ فَكَشَفنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ [الأنبياء:84،83]
والدعاء سبب لتفريج الهموم وزوال الغموم وانشراح الصدور وتيسير الأمور وفيه يناجي العبدُ ربّه ويعترف بعجزه وضعفه وحاجته إلى خالقه ومولاه
وهو سلاح المظلومين ومفزع الضعفاء المكسورين إذا انقطعت بهم الأسباب وأغلقت في وجوههم الأبواب
- إليه وحده نلجأ :-
طريق الدعوة مزدحم بالأحداث مليء بالأحوال المتغيرة،
مفعم بالآلام و الآمال،
فيه دعوة وإرشاد ومعالجة للنفوس و العادات
فيه إعنات وإيذاء وفيه صبر واحتساب،
فيه جهاد وتضحية، وفيه نصر وهزيمة،
فيه فتن وابتلاءات وفيه شرف وعزة،
فيه حب وإيثار وفيه استشهاد وفداء،
فيه صراع بين الحق و الباطل وفيه سيادة وتمكين لدين لله بإذن الله .
لهذا كله ولغيره نجد أن من يسلك طريق الدعوة حاجته ماسة إلى المناجاة كما أن له فيها أسلوبه الخاص .
فمن غير الله يلجأ إليه ليبثه شكواه وآلامه وما يعتمل فى نفسه؟
من غير الله يفزع إليه فى مراحل الطريق الموحشة القاسية؟
من غير الله يلجأ إليه ليؤمن روعه ويذهب خوفه؟
من غير الله يدعوه ليفرج كربه وهمه ويذهب حزنه؟
من غير الله يؤنس وحدته فى ظلام زنزانته المغلقة؟
من غير الله يسأله أن يخفف ألم السياط وصنوف التعذيب الواقعة على جسده؟
من غير الله يلوذ به عندما يشتد به الحال من كيد الظالمين وبطشهم؟
من غير الله ينزل عليه السكينة ويملأ قلبه طمأنينة وسط هذا لجو من الظلم و الظلام؟
و كيف لا يلجأ إلى الله وهو لا يستطيع أن يخطو خطوة على طريق الدعوة إلا بأمر من الله وعونه؟
و كيف لا يلجأ إلى الله دائماً وهو إذا وكله الله إلى نفسه طرفة عين ضل أو زل؟
و كيف لا يلجأ إلى الله وهو الفقير إلى الله والله هو الغنى؟
و كيف لا يلجأ إلى الله وهو الضعيف والله هو القوى؟
وكيف لا يلجأ إلى الله وهو المذنب فى حق الله و الله هو الغفار التواب الرحيم؟
فما أشد حاجة من يسلك طريق الدعوة إلى أن ينظر الله إليه فى جوف الليل نظرة رضاء وقبول .
ما أشد حاجته إلى أن يفتح الله له أبواب رحمته، فلا فلاح ولا نجاح له إن أمسك الله عنه رحمته .
ما أشد حاجته إلى مناجاة ربه ليحظى بزاد الإيمان الذي يعينه على مشاق الطريق ومزالقه .
ما أشد حاجة الأرواح عندما تظمأ إلى أن تجد الري فى حسن صلتها بالأصل الذي نفخت منه فى هذا الوعاء الطين الفاني.
ولمرشدنا الأسبق مصطفى مشهور رحمه الله أسلوب متميز فى مناجاته ربه
فهيا بنا نستحضر قلوبنا ونرفع أكف الضراعة إلى الله العلى القدير
نردد خلف مرشدنا تلك المناجاة التى نحن فى أمس الحاجة إليها فى وقتنا الراهن :
هيا بنا .....
هكذا كانت إرادتك وسنتك فى الدعوات أن يتعرض سالكو طريق الدعوة الى المحن والابتلاءات امتحاناً وتمييزاً وتمحيصاً وغير ذلك من الحكم التى قد يظهر لنا بعضها ويخفى علينا الكثير فقد قلت وقولك الحق :
{الم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين } وقلت :{ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب} وقلت :{ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم و الصابرين ونبلوا أخباركم} وقلت :{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين} وقلت :{أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء و الضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول و الذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب} وغير ذلك من الآيات كثير .
- لقد تعرض حبيبك وأكرم الخلق عليك الى الإيذاء الشديد من المشركين وصبر على ذلك ولو شئت لحميته وصحابته من ذلك ولكن أردت أن يكون لنا قدوة على الطريق عندما نتعرض الى التعذيب فنصبر كما صبر دون تفريط فى أمر من أمور ديننا .
ولقد تعرض صحبه الكرام كذلك الى التعذيب فصبروا حتى استشهد ياسر وزوجه سمية رضى الله عنهما تحت التعذيب دون أن تلين لهم قناة أمام غطرسة الشرك، وكذلك تعرض بلال وغيره وما زادهم الإيذاء إلا صقلاً وتمحيصاً وصلابة وتمسكاً بدينهم .
- نعلم يارب أن المحن والابتلاءات جزء أساسى من طريق الدعوة وأنها خير لأنها سنتك وإرادتك وأنت لا تريد إلا الخير ففى ظل المحن تتطهر القلوب من الأهواء ويتخرج الرجال المؤمنون الذين يكونون بمثابة الدعائم الصلبة فى الأساس ليقوم عليها البناء ويعلو فى استقرار وصمود أمام كيد الأعداء .
- إلهى تعرض رسولك وصحبه الى الإيذاء و التعذيب وصبروا بتصبيرك لهم وثبتوا بتثبيتك لهم حتى جعلت لهم مخرجاً بالهجرة الى يثرب، ثم مننت عليهم بعد ذلك ببدر وما حققت لهم فيها من نصر فكانت فاصلة بين مرحلة الإيذاء والاستضعاف ومرحلة العزة و التمكين، فيارب صبرنا كما صبرتهم وثبتنا كما ثبتهم واجعل لنا مخرجاً، وامنن علينا ببدر أخرى بل ما أحوجنا الى بدر فى كل قطر من أقطارنا الإسلامية وما ذلك عليك بعزيز تطوى بها فترات الإيذاء والاستضعاف وتبدأ فترة العزة و التمكين .
إلهي ...
قد عاهدناك على الجهاد فى سبيلك والنصيحة بكل ما نملك من نفس ومال ووقت وجهد وأن نقدم للدعوة كلنا لا بعضنا بمقتضى الصفقة الرابحة {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} فالنفس تشمل ما يتصل بها من وقت وجهد وصحة وعلم وغير ذلك .
اللهم يسر لنا الوفاء بهذا العهد فلا نجبن ولا نثاقل عن الجهاد ولا نبخل بنفس أو مال فى سبيلك، فالفتن كثيرة وجواذب الأرض تملأ حياة الناس، وإننا نشفق على أنفسنا كلما قرأنا إنذارك الشديد بالعذاب أو الإستبدال لمن يثاقلون أو يبخلون .
فى قولك الكريم {يا أيها الذين أمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا فى سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا فى الآخرة إلا قليل، إلا تنفروا يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شئ قدير} وقولك العزيز :{هاأنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا فى سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغنى وأنتم الفقراء وإن تولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم}
* إلهى .....
كيف نبخل بنفس أنت صاحبها أو بمال أنت موهبه ؟
وكيف نحرم أنفسنا هذا البيع الرابح و الثمن الغالى، نتيجة بخل بنفس ستموت لا محالة ومال سنتركه وراءنا ثم نحاسب عليه؟
* إلهى...
لقد طغى الظالمون وتجبروا واستوردوا كل حديث من وسائل التعذيب وأجهزته وأذاقوا عبادك المؤمنين على طريق الدعوة ألواناً من الإيذاء و التعذيب تقشعر من ذكرها الأبدان فالاعتقال و السجن و التفزيع و التشريد و التعذيب بصنوفه، والقتل بسياط التعذيب أو على أعواد المشانق أو بطلقات الرصاص أو تحت أنقاض ما نسفوه من منازل أو مساجد أو فى الحفر التى دفنوهم فيها أحياءاً بالإضافة الى ما تعرض له الأخوات المسلمات لمثل ذلك من صنوف الإيذاء و التعذيب و القتل وغير ذلك مما يؤلم النفس ولا يساعدنى القلم على ذكره .
لقد ظن الطغاة أنهم لن يتعرضوا الى أى مساءلة دنيوية أو أخروية على أفعالهم هذه ففجروا فى بطشهم وتنكيلهم بالدعاة الى الله حتى كاد الناس أن يفتنوا نعلم يارب أنك لهم بالمرصاد ولست بغافل عما يعمل الظالمون ولكنك تؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار .... نعلم أنك تمهل ولا تهمل .
* إلهى...
دعنا نبثك شكوانا اقتداءاً برسولنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم بعد ما أوذى فى الطائف :نشكوا إليك يارب ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس أنت رب المستضعفين وأنت ربنا - ياأرحم الراحمين - الى من تكلنا الى بعيد يتجهمنا أم الى عدو ملكته أمرنا إن لم يكن بك علينا غضب فلا نبالى ولكن عافيتك هى أوسع لنا، نعوذ بنور وجهك الذى أشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن ينزل بنا سخطك أو يحل علينا غضبك لك العتبى حتى ترضى ولا حول ولا قوة إلا بك .
* يارب ...
نلجأ إليك بالدعاء وسط هذا الظلم و الظلام كما لجأ إليك عبدك ونبيك يونس عليه السلام من بطن الحوت فى ظلمات البحر وظلام الليل ندعوك يارب ونقول لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين، وكلنا أمل يارب أن تنجينا من الغم ومن هذا الظلم و الظلام كما نجيته يارب العالمين .
* يارب ...
ندرأ بك فى نحور الجبارين الظالمين ونعوذ بك من شرورهم، اللهم اكفنا شرهم واصرف عنا أذاهم {ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين ونجنا برحمتك من القوم الكافرين} اللهم اكفناهم بما شئت وكيف شئت إنك على ما تشاء قدير .
- لقد ظنوا أنهم يحاربون أشخاصنا وأجسامنا هذه الضعيفة التى جعلوها أهدافاً لسياطهم ورصاصهم ومشانقهم ولكنهم واهمون مخطئون،إنهم فى الحقيقة يحاربونك ويحاربون دينك فى أشخاصنا فقد بعنا أنفسنا لك وليس لأشخاصنا حظ دنيوى ننازعهم فيه، فأنت الذى تذود عنا وتدافع عنا وتنتقم لنا إن شئت أو تعفو إن شئت، لا نتألى عليك فإنشئت عذبت الظالمين وإن شئت تبت عليهم فقد قلت لرسولك من قبل :{ليس لك من الأمر شىء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون} وقلت :{إن الذين فتنوا المؤمنين و المؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق } .
*إلهى ...
إن الظالمين و المظلومين كلهم عبيدك تعذب من تشاء وتغفر لمن تشاء بعدلك وحكمتك ورحمتك وما أنت بظلام للعبيد ولا تسأل عما تفعل ومن باع نفسه لله فلا حق له عند من آذاه فالحق حقك يارب، إننا ننظر إلى هؤلاء الظالمين على أنهم تعساء بائسون غلبتهم أنفسهم وزين لهم الشيطان الظلم وعرضوا أنفسهم بذلك الى جزاء الظالمين وكان من الممكن أن نتبادل معهم المراكز فنكون نحن الظالمين وهم المظلومين فنحمدك يارب أن قدرت لنا ألا نكون الظالمين فنتعرض إلى غضبك وعذابك بل كنا المظلومين الذين وعدت بنصرهم وبأجرهم على صبرهم .
* إلهى ...
ما أحوجنا إزاء هذا الظلم الى الصبر، فأفرغ علينا صبراً نستعين به على هذا الظلم فقد دعوتنا فى كثير من الآيات القرآنية الى الصبر فقلت :{يا أيهاالذين آمنوا استعينوا بالصبر و الصلاة إن الله مع الصابرين} وقلت :{وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك بصيراً} نصبر بعون منك وقلت :{يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون} إلهى .... لقد صبَّرتنا فصبرنا وثبَّتنا فثبتنا ولا نرجع شيئاً من ذلك الى أنفسنا أو الى قدرتنا ولكننا نرجع ذلك كله إليك فالفضل منك وإليك فقد قلت لنبيك عليه الصلاة و السلام :{واصبر وما صبرك إلا بالله} فاللهم صبراً من عندك .
* إلهى ....
لا تحرمنا أجر الصابرين فقد قلت :{إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب} ولا تحرمنا بهذا الصبر معيتك فقد قلت :{إن الله مع الصابرين} إننا يارب مستبشرون رغم هذا الظلم ونعلم أنه لابد له من نهاية ولا بد لهذا الليل من فجر وشروق، ونذكر كيف بشر رسولنا الحبيب المؤمنين فى مكة عندما اشتكوا له شدة إيذاء قريش فقال لهم : ( والله ليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء الى حضرموت لايخشى إلا الله و الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون ) وكلما قرأنا قول سيدنا موسى الى قومه إزاء تهديد فرعون لهم بالعذاب حيث قال موسى لقومه :
{استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده و العاقبة للمتقين} استبشرنا واطمأننا فاجعلنا يارب من المتقين وصبرنا وامنن علينا بالنصر .
إلهى ....
نحن أشد ما نكون حاجة وسط هذا الظلم و الظلام الى سكينتك تتنزل علينا والى رحمتك تتغشانا فلا نفزع ولا نجزع، فاملأ يارب قلوبنا بنورك الذى لا يخبو واشرح يارب صدورنا بفيض الإيمان بك وجميل التوكل عليك واستر يارب عوراتنا وآمن روعاتنا وسدد خطانا وألهمنا رشدنا واغفر لنا زلاتنا {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا * ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا علىالقوم الكافرين} {ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين} .
إلهى ...
طال بنا ليل الظلم والظلام فامنن علينا بصبح يشرق علينا بنور الإيمان فيبدد ظلام الكفر و الجاهلية .. وامنن علينا بنصر تمحق به الكفر و الكافرين وتقطع به دابر الظلم و الظالمين .
إلهى ...
هاهم العاملون الصادقون لنصرة دينك قليلون مستضعفون مطاردون يتخطفهم الناس ... فآوهم يارب بنصرك وارزقهم من الطيبات ووفقهم لشكرك فقد مننت عل المؤمنين الأولين الذين ناصروا دينك مع نبيك صلى الله عليه وسلم فقلت :{واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون فى الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآوتاكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون} فيارب المستضعفين حقق لنا مثل ما حققت لهم نكن لك من الشاكرين .
* يارب ...
إن الأمل يملأ قلوبنا رغم كل هذا الظلم و الظلام ونؤمن أن المستقبل لهذا الدين تحقيقاً لقولك العزيز :{هو الذى أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً}، ونعلم أن سنتك ستتحق :{كذلك يضرب الله الحق و الباطل فأما الزبد فيذهب جفاءاً وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض} وقولك :{بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق} فاجعلنا يارب أهلاً لأن نكون رمز الحق الذى تقذف به على الباطل فإذا هو زاهق.
* إلهى ...
رغم القيود الحديدية وظلام السجون و المعتقلات نشعر بالحرية و النور، فقد تخلصنا بعونك من أغلال الشهوات و المطامع الدنيوية واستنرنا بنور القرآن وهداية الإيمان، ونشعر بالقوة رغم بطش الأعداء وإيذائهم وتعذيبهم لنا لأننا نركن إليك ونلجأ إليك وأنت القوى العزيز المنتقم .
ونشعر يارب بالعزة رغم تسلط الأعداء وتحكمهم وإعناتهم لأننا نعلم أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، نشعر بالاطمئنان رغم كيد الأعداء وتفزيعهم وتهديدهم لأنا نأوى الى ركن شديد ونعلم أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، وقد أسلمنا أنفسنا إليك وفوضنا أمورنا إليك يامن بيده الأمر وهو على كل شىء قدير فأنت يارب حسبنا ونعم الوكيل ندرأ بك فى نحور الأعداء و الجبارين .
* يارب ...
بك نستعين فأعنا وبك نتغيث فأغثنا وبك نستجير فأجرنا وبك نستنصر فانصرنا ولا تكلنا الى أنفسنا طرفة عين يانعم المولى ونعم النصير .
*إلهى ...
لقد وعدت- ووعدك الحق - بالنصر و التأييد و التثبيت و الدفاع و التمكين للمؤمنين ولم يرد النص بشىء من ذلك للمسلمين فقد قلت : {وكان حقاً علينا نصر المؤمنين} وقلت :{إنا لننصر رسلنا و الذين آمنوا} وقلت :{يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الاخرة} وقلت :{إن الله يدافع عن الذين آمنوا}وقلت {وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذى ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمناً يعبدوننى لايشركون بى شيئاً} كما قصرت الصفقة الرابحة عل المؤمنين فقلت :{إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة } وفى كثير من آيات كتابك وعدت بالجنة للذين آمنوا وعملوا الصالحات .
وقبل الختام :-
فإن نِعَمُ الله علينا وبركاته تتوالى وتتماطر رغم كل هذه الابتلاءات والمحن، وكل يوم يمرّ نحسُّ بأننا نقترب من الفجر الصادق الذي سيشرق على هذه الأمة عمّا قريب بإذن الله تبارك وتعالى – نسأل الله العظيم الجليل أن يثبتنا على هذا الصراط المستقيم – صراط الله الذي سار عليه أنبياؤه العظماء والصحابة الكرماء وأتباعهم الأصفياء في كل أرض وتحت كل سماء-.
وما أجمل أن نختم تلك المناجاة وهذا التضرع بوصية الإمام الشهيد :
أيها الأخ استعن ربك، وأحضر قلبك، وارفع الى الله حاجتك واختم بالصلاة و السلام على النبى وآله واجعله آخر كلامك لتكتال بالمكيال الأوفى : سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين و الحمد لله رب العالمين
المصدر
- مقال:إني مغلوب فانتصرموقع:الشبكة الدعوية