اتفاق ٢٥ يناير

الزميل محمود سعد تعجل كثيرا فى قبول العودة للتليفزيون قبل أن تهدأ الأمور قليلا وتتضح الرؤية، فكان يجب عليه أن ينتظر بعيدا وألا يهرول بالعودة إلى نفس البرنامج الذى تركه حتى لا يقول أشياء ضد قناعاته وفق ما كرره سعد أكثر من مرة فى برنامجه مصر النهاردة وحاول نجم التوك الشو الشهير أن يمتطى جوادا جديدا يحمل عنفوان الثورة ويضعه فى منزلة فرسان الميدان،
فأخذ فى تقديم حلقات يستضيف فيها كل الممنوعين من دخول ماسبيرو خلال العقود الثلاثة الماضية، وهى المحاولة التى أواد بها الوصول إلى لقب محرر برامج التليفزيون المصرى، وكان يمكن لمحمود سعد أن يشق طريقه إلى الترشيح لمناصب إعلامية مهمة فى المستقبل لولا هذه التلقائية المفرطة التى يتعامل بها مع عمله كمذيع، وكانت أول الأخطاء الفادحة التى وقع فيها سعد أن أرّخ ثورة الغضب دون مناقشة أو مراجعة بأنها ثورة 11 فبراير، لينسب بذلك تاريخ الثورة لخطاب التنحى الذى ألقاه نائب رئيس الجمهورية عمر سليمان،
وأخذته الجلالة على الهوا وأخذ يناقش محدثه من غرفة التحكم عبر الأيربيز ويقول «25 يناير ليه.. طب ما هما ما اتفاقوش لسه»، والحقيقة فإن هذه الواقعة العابرة على الشاشة قد دفعت الكثيرين للحديث عن كيفية الاحتفال بأعياد الشرطة فى الأعوام المقبلة وكيف سنحتفل بمناسبتين فى وقت واحد،
وفتح الباب لمناقشات الهدف منها لى ذراع الحقيقة وإغفال إرادة الشباب الذى اختار هذا الموعد كى لا يحتفل بأعياد الشرطة التى مارست خلال السنوات الأخيرة أقصى ألوان القمع والعنف، واتفق الشباب من البداية دون علم الزميل محمود سعد على التظاهر فى 25 يناير حتى لا يحتفلوا بالجهاز الأمنى الذى قتل الناشط خالد سعيد قبل أشهر قليلة من الاحتفال بأمجاد عام مضى على نظام العدلى، واعتبر شباب التحرير أن البطولات التى قدمتها الشرطة فى نهاية الخمسينيات كانت لجهاز آخر أحب الشعب المصرى واحترمهم ودافع عنهم حتى الموت، وأن حبيب العادلى وزبانيته جهاز آخر غير الذى يحتفل به المصريون.
كان على «محمود سعد» وبرنامجه أن يناقش الأمر مع صناع الثورة من الشباب، للبحث عن مخرج للحالة التى وصلت لها الأمور بين الأمن ورجل الشارع كما فعلت المذيعة منى الشاذلى فى برنامجها العاشرة مساء، وان يحاول البحث عن الشرفاء فى جهاز الشرطة وهم بالضرورة كثيرون وحثهم على استعادة مواقعهم والبحث عن بطولات جديدة تضاف إلى رصيد الوطن، ويمكن لنا أن نحتفل بها فى سنوات قادمة.
المصدر
- مقال: اتفاق ٢٥ يناير الشروق