ادخلوها بسلام آمنين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ادخلوها بسلام آمنين
توفيق الواعي.jpg

بقلم: د. توفيق الواعي

الأمن نعمة يُحسد عليها الآمنُ في دياره، والحرُّ في بلاده، ووجود الطعام شيء يوجب الحمد والشكر الجزيل؛ ولهذا كانت هاتان النعمتان مستأهلتين للوفاء للواهب، والاستحقاق لعبادة المانح، قال تعالى:﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)﴾ (قريش).

وسلب الخير والابتلاء بالجوع والحرمان والخوف والبهتان، كل هذ المصائب تصيب الأمم بسبب ما اقتُرف من معاصٍ ومخالفات أدَّت إلى غضب الله وعقابه، قال تعالى: ﴿فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ (النحل: من الآية 112)، ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ﴾ (البقرة: من الآية 155).

ومجتمعات الخوف مجتمعات بئيسة تعاني القتل النفسي وعدم الاستقرار المعيشي، وهو مناخ يستحيل أن ينعم في أجوائه أي إنسان ولو كان رسولاً أو نبيًّا، فضلاًً عن أن يكون رجلاًً عاديًّا، ونرى القرآن يُعبِّر عن ذلك أوضح تعبير حين يقول في شأن موسى عليه السلام لما خاف في موطنه: ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ﴾ (القصص: من الآية 18)، ولم يستطع موسى عليه السلام أن يتحمل ذلك طويلاً، فخرج فارًا من مدينته، ومن بين أحضان بلده غير آسف عليها: ﴿فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21)﴾ (القصص)، وحينما يُضطهد الإنسان في بلده ويخاف ينقطع عطاؤه ويختفي نشاطه وتضيق نفسه، فأنَّى لبلدٍ أو لشخصٍ مثل هذا أن يحمل إصلاحًا، أو يبدع عملاً، أو يحمل حضارةً، وخصوصًا إذا كان صاحب عطاء أو حاملاً لمشروع إصلاحي؟!.

ومما يزيد الأوضاع سوءًا نهبُ الأموال وشق البطون والغارات المستمرة على حقوق الكادحين، ولا أظنُّ أن أحدًا يجهل مصير هؤلاء الظالمين أو مصير بلادهم، وعاقبة أمرهم جزاء صنيعهم، وصدق الله: ﴿فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾ (النحل: من الآية 112).

وعلى هذا، فالأمن الاقتصادي، والأمن النفسي هو حياة الشعوب ونهضتها وعزتها وكرامتها، ويستحق أن ينشغل به الرجال ويسعوا إليه، ويدعوا الله سبحانه أن يرزقهم العيش في جواره.. ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ﴾ (البقرة: من الآية 126)، وحين يمنح الله بلدًا أمنًا وسلامًا تكون البشرى بالاستقرار قد آتت أكلها وأينع غرسها، ﴿سِيرُوا فِيهَا لَيَالِي وَأَيَّامًا آمِنِينَ﴾ (سبأ: من الآية 18)، ﴿يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ (55)﴾ (الدخان)، أما حين يكفر الظلم هذه النعم، فإنه يتسارع البلاء ويحل الخراب.. ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ (112)﴾ (النحل).

ولقد روى لنا التاريخ مسيرة المجتمعات التي استمرأت هذا الظلم؛ وذلك الفساد، وعرفت عاقبة أمره، وضرره حتى على الدول المجاورة لها، ولهذا نرى الاتحاد الأوروبي يخاف من مصر جارةً ونظامًا؛ لأنها قد تضرها بالهجرات والتجاوزات، والعالم كله اليوم قرية واحدة، فنبهتها إلى أخطائها بما يلي:

1- التأكيد على أن احترام حقوق الإنسان قيمة أساسية في اتفاقية الشراكة الأوروبية المصرية، وإعادة التأكيد على أهمية الشراكة الأورومتوسطية في تعزيز دور القانون والحركات السياسية.

2- التأكيد على الدور الإيجابي والرئيس الذي تلعبه مصر في عملية السلام في الشرق الأوسط، ومطالبة اللجنة والمجلس بدعم هذا الدور.

3- مطالبة مصر بالتخلي عن قوانين الطوارئ إذا كانت تريد دعم الديمقراطية، ويجب ألا تستبدل حالة الطوارئ بقانون مكافحة الإرهاب المقترح حاليًا، والذي يفرض قيودًا استبداديةً على نشطاء السلام وحرية التعبير عن الرأي لدى منظمات المجتمع المدني.

4- الإفراج عن أيمن نور، وحث اللجنة الأوروبية على الدفاع عنه والقيام بزيارةٍ قريبةٍ له تضم أطباء متخصصين لتقديم رعاية صحية جيدة له.

5- الالتفات إلى الناحية الاقتصادية حتى يعم الأمن الغذائي بدل أن يعيش الناس تحت خط الفقر.

6- المطالبة بإنهاء أي نوعٍ من ممارسات التعذيب أو المعاملة السيئة، والتدخل عندما يكون هنالك شكوى حول وقوع حالات تعذيب.

7- المطالبة بضرورة دعم وتعزيز استقلال السلطة القضائية عن طريق إلغاء أو تعديل القوانين التي لا تضمن الاستقلال القضائي خاصة جميع الترشيحات الخاصة بالمناصب العليا في القضاء بما في ذلك مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الدستورية العليا، بحيث لا تكون تلك التعيينات بتدخل مباشر من السلطة التنفيذية.

8- التأكيد على أهمية احترام وحماية حرية المجالس والمطالب القضائية بما يتفق مع البندين 8 و9 من المبادئ الأساسية للأمم المتحدة من أجل استقلال القضاء.

9- المطالبة بالوقف الفوري لجميع حملات التشهير في وسائل الإعلام، وإجراءات الملاحقات، والإجراءات التعسفية والتأديبية ضد القضاة الذين يسعون من أجل حرياتهم في التعبير وتكوين الجمعيات.

10- المطالبة بإلغاء إحالة المدنيين إلى المحاكم العسكرية، وتعديل قانون المحاكم الاستثنائية رقم 25 لسنة 1966 م، من أجل حصر هذا الاختصاص في محاكمة الضباط العسكريين المتهمين بارتكاب جرائم عسكرية، والجرائم المرتكبة داخل الوحدات والثكنات العسكرية فقط.

11- المطالبة بإنهاء تدخل أجهزة الأمن في جميع مناحي الحياة العامة، وفي جميع أنشطتها، والمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية، بما فيها الإجراءات القضائية المتخذة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وأعضاء منظمات تعتبرها الحكومة معادية لها.

12- دعم حملة المنظمات غير الحكومية من أجل حرية التجمعات وتشكيل الجمعيات والأحزاب، والتي بدأت في 13 مايو 2007 م بمشاركة 34 منظمةً غير حكومية كمتابعة لأول تقرير جماعي حول "المضايقات الأمنية والإدارية".

13- دعوة الحكومة المصرية لتنفيذ كل بنود الاتفاقيات التي قامت بتوقيعها، فيما يتعلق بحقوق اللاجئين عامي 1967 م، و 1969 م، والاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمالة المهاجرة، وأفراد أسرهم، والموقع عليها في 1993 م، ودخلت حيز التنفيذ في 2003 م.

14- التأكيد على تخصيص موارد مالية من الميزانية للأنشطة المتعلقة بمواجهة العنف ضد المرأة، وتشديد العقوبات في الجرائم التي تصنف على أنها عنف ضد المرأة مثل الضرب، والإجهاض الإجباري.

15- تقديم دعم قوي للحريات الأكاديمية، وحرية وسائل الإعلام، والحرية الدينية، ووضع حد للتميز بين المواطنين على أساس جنسهم أو دينهم أو عرقهم أو أي أساس آخر، ويكون كل ذلك ضمن ورقة العمل المشتركة بين الاتحاد الأوروبي ومصر.

16- الإعراب عن القلق البالغ إزاء تنامي دور التعصب الديني في المنطقة.

هذا، وغيره طلبته أوروبا من مصر ، وبدلاً من أن تقول الحكومة:.. ﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ (يوسف: من الآية 99) ثار الجاهلون وماجوا.. ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمْ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ (12)﴾ (البقرة)، وكل مخلص يتمنى لبلده العزة والكرامة حتى يقول بحقٍّ لكل البشر: ﴿ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ﴾ (يوسف: من الآية 99) آمنين آمنين.

المصدر

قالب:روابط توفيق الواعى