استخلاص العبر من أسطول الحرية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
استخلاص العبر من أسطول الحرية


بقلم : خالد معالي

أسطول الحرية ما كان له أن يلقى هذا الصدى العالمي؛ لولا غرور القوة المصحوب بحماقة ما بعدها حماقة وبغباء "نتنياهو" المتغطرس، والذي على ما يبدو ما عاد يصلح لرعي "شاتين" معا. قديما العرب استخفت بمن يعادي من هم أكثر منه عددا، فقالت :مجنون هجم على بلد. المجنون هنا هو "نتنياهو" الذي هجم على أربعين بلدا؛ بحسب جنسية المشاركين في أسطول الحرية.

"نتنياهو" يسير عكس التيار، والسنن الكونية، ولا يرى لحل مشاكل دولة الاحتلال إلا القوة، والقوة فقط. وبديهيا إن كل شيء زاد عن حده انقلب ضده، وهو ما حصل بالضبط مع "نتنياهو" المتعجرف والمكابر.

القول إن تداعيات أسطول الحرية مجرد زوبعة في فنجان، وسرعان ما يعود العالم الى تدبير شؤونه الحياتية والروتينية لا يصلح هنا؛ فما جرى هو نقطة تحول في تاريخ تداول الأيام بين الناس؛ كسنة كونية، وجدلية تاريخية. الدليل على ذلك هو تصريحات "نتنياهو" بتخفيف الحصار عن غزة، وفتح معبر رفح لإشعار آخر، والمسيرات الضخمة التي جابت العالم استنكارا وتنديدا بما قامت به دولة الاحتلال.

القوة حين تكون مدعومة بالحق والعدل تسير بخطى ثابتة ويرضى عنها العباد والبلاد. ولكن عندما تكون القوة مدعومة بالإرهاب والإجرام وقتل الأبرياء؛ فإنها تكون منبوذة ومكروهة ومنطقها يبقى ضعيفا سرعان ما يتبدد؛ وهو ما جرى بحجج الاحتلال وتبريراتها لاقتحام أسطول الحرية؛ حيث ما عادت مزاعم وحججه تنطلي على العالم؛ بل إنها حتى لم تقنع الصهاينة أنفسهم؛ من خلال انتقادهم لعملية قرصنة الأسطول.

في معركة أسطول الحرية لعب الإعلام دورا مهما في فضح الاحتلال؛ ومن هنا يجب التركيز على تطوير الإعلام الفلسطيني بمختلف أشكاله ليواكب التطور الإعلامي المتسارع في العالم، ويستخدم كسلاح فعال في تعرية الاحتلال وتقريب حلم الدولة الفلسطينية؛ وهذا بحاجة الى تكاتف المخلصين من مختلف ألوان الطيف السياسي الفلسطيني.

لا يختلف اثنان على أن دولة الاحتلال باتت تتراجع على مختلف المستويات. وباتت تعيش في أزمة قيادات؛ كما حصل في اتخاذ قرار قرصنة أسطول الحرية؛ والتي هي نتاج أزمة غياب المؤسسين الأوائل للكيان، ونتاج لتآكل حالة المنعة والصمود والانتماء من قبل الأفراد الصهاينة العاديين. فدوام الحال من المحال.

تداعيات ما جرى مع أسطول الحرية لا تتوقف فقط على المنطقة العربية أو الدول الإقليمية؛ بل تخطت ذلك لجميع دول العالم؛ فلا يوجد دولة إلا وأدلت بدلوها في هذا الحدث الذي لم يألفه العالم سابقا؛ لان قرصنة الاحتلال تختلف عن قرصنة الصومال ذات المجاعة والفقر والحاجة ودون القتل.

من تداعيات أسطول الحرية انه لوحظ سرعة تلبية - غير معهودة – من قبل دولة الاحتلال لطلب تركيا الإفراج عن جميع المتضامنين وليس الأتراك فقط؛ وهذا معناه إن من يحترم شعبه ولا يستخف بهم ولا بعقولهم، يسند ظهره لحائط قوي؛ وبالتالي يفرض ويحقق أهداف ما يصبو له.

الحالة الفلسطينية المعاشة لا تسر صديق. أسطول الحرية عبر دماء الأتراك قرب المسافة بين الأشقاء، ويصرخ دمهم أن لا فرقة وانقسام بعد اليوم أمام احتلال مجرم يقوم بإعمال القرصنة والقتل على مرأى ومسمع من العالم.

أسطول الحرية أوضح أي نوع من المقاومة تلزم الحالة الفلسطينية والمرحلة الحالية؛ وهي المقاومة الواعية والمدروسة والمخطط لها جيدا وليست العفوية أو التي تقوم على رد الفعل دون معرفة النتائج والتوابع مسبقا.

لان العالم لا يحترم غير الأقوياء؛ دولة الاحتلال لن تتوانى عن استخدام القوة في الأوقات العصيبة المقبلة عليها قريبا، وقد تستخدم أسلحة غير معروفة وغير تقليدية، وهذا معناه أن لا بديل عن البحث عن أسباب القوة لحماية الفلسطينيين والعرب.

الحراك وصنع الأحداث لا يكون من نصيب المنهزمين نفسيا ومعنويا، ولا يكون من نصيب من لا يؤمنون بالقدرة على التغيير، أو المشتتين والمنقسمين على أنفسهم؛ لذلك وجب على مختلف ألوان الطيف الفلسطيني سرعة التوحد على أرضية المصلحة العليا للشعب الفلسطيني برفض الاحتلال والخلاص منه؛ لاستثمار حالة التعاطف العالمي مع القضية الفلسطينية بعد مجزرة الأسطول، فهل يا ترى سنجد هذه المرة آذانا صاغية؟.

المصدر