اعتقال الحرائر.. "العار" يلاحق الانقلابيين
16-11-2013
تحقيق: يارا نجاتي
مقدمة

- - معتقلة سابقة: محاولة إذلالنا لن تنجح وسنسقط الانقلاب
- - محامي معتقلات "7 الصبح": قرارات النيابة انتقامية
- - عمرو عبد الهادي: محاولة فاشلة لردع النساء والثوار
- - نساء ضد الانقلاب": صامدون في وجه الانقلاب حتى النصر
عاجل.. قوات الانقلاب تعتقل ثلاث فتيات من جامعة المنصورة اليوم كن يقمن بتصوير الأحداث من فوق أحد المباني (هن أبرار علاء العناني ومنة مصطفى البليهي ويسرا السيد الخطيب).. كان هذا نص آخر خبر على المواقع الإلكترونية لاعتقال حرائر مصر الذي أصبح خبر يومي طبيعي لا تخلو منه أي نشرة إخبارية، ولا تخلو منه أي أحداث فض أو عنف تواجه بها قوات أمن الانقلاب الفعاليات السلمية من وقفات ومسيرات لمعارضي الانقلاب.
مع صباح كل يوم منذ الانقلاب العسكري على الشرعية والديمقراطية في مصر، تبدأ مظاهر سلمية معارضة ورافضة الانقلاب، وتنتهي بارتكاب أمن الانقلاب لجرائم في حق المتظاهرين السلميين، ولأول مرة في تاريخ مصر تعتقل وتقنص وتسحل وتضرب النساء ويلفق لها التهم بهذا الحجم الضخم والمتزايد من قوات الانقلاب.
وبعد أن كانت النساء خط أحمر في عهد المخلوع مبارك، إلا أن المجلس العسكري أعاد منذ حكمه بعد ثورة 25 يناير، السير على خطى حكم جمال عبد الناصر الذي اعتقل وعذب النساء، فاعتقل النساء قبل الانتخابات الرئاسية في 2012م، وأعادها بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013م.
وحصل فتاتان من المقبوض عليهم بجامعة المنصورة على خلاء سبيل، بينما لفقت الشرطة تهمًا للثالثة فرفضت صديقتها تركها، فلُفقت لهن 3 قضايا جديدة لتجدد النيابة حبسهن في نفس اليوم مرة أخرى.
العدد الأكبر من المعتقلات كن المشاركات بإحدى مسيرات في حركة (7 الصبح) بكورنيش الإسكندرية، إذ جرى اعتقال 22 فتاة وامرأة، ووجهت لهم العديد من الاتهامات منها الإرهاب والتجمهر واستخدام القوة، ومن بينهن 8 فتيات تتراوح أعمارهم بين 15 و17 سنة، وجددت النيابة حبسهن لـ15 يومًا أخرى.
اختبارات الحمل
أجرت قوات الانقلاب اختبارًا للحمل، لفتاتين غير متزوجات، كانت قد اعتقلتهما أثناء تظاهرهما السلمي رفضًا لمهزلة محاكمة الرئيس الشرعي المنتخب؛ وذلك ضمن 30 معتقلاً من المتظاهرين السلميين تم اعتقالهم في الوقت نفسه من أمام دار القضاء العالي؛ والفتيات هما زينب حسن عبد الغني، 25 عامًا، والشيماء محمد نمير 21 عامًا، وكانت الفتاتان قيد الاختطاف بقسم الأزبكية منذ 4 نوفمبر الماضي بدون أي سندٍ قانوني، جددت النيابة حبسهما 15 يومًا أخري، وبدلاً من ترحيلهما إلى سجن القناطر لم تجد هناك مساحةً كافيةً لمزيد من المعتقلات، فأعادتهما إلى القسم مرةً أخرى، إلى جانب فتاتين أخريين.
ومن أبرز المعتقلات الإعلامية أماني كمال المذيعة براديو مصر، وقبضت قوات الأمن عليها أثناء عودتها من زيارة أخيها المصاب بمجزرة فض رابعة العدوية، ووجدوا في سيارتها صورةً للرئيس الدكتور محمد مرسي وعلامةً لرابعة العدوية.
ولم يخلُ عيد الأضحى من أخبار القبض على حرائر مصر ومنهن 3 فتيات في الإسماعيلية أثناء تنزههن بحديقة عامة، بتهمة حمل بالونات بعلامة "رابعة".
ومنذ حوالي شهر تقريبًا في الجمعة 14 سبتمبر، اعتقلت قوات الانقلاب العسكري قاصرات أثناء عودتهن من تظاهرات بالإسكندرية لرفض الانقلاب العسكري، وقامت القوات البحرية باحتجازهن داخل مدرعة تابعة للجيش، ولا تتجاوز أعمارهن السادسة عشر والسابعة عشر سنة.
معتقلات يروين قصص اعتقالهن:
إعتقال و تعذيب فتيات في مصر بعد الإنقلاب
وبعد مرور 3 أشهر تقريبًا أخلت النيابة سمية وفاطمة وأميمة حلاوة بعد اعتقالهما أثناء إسعافهما للمصابين بعد أحداث مسجد الفتح الذي اقتحمته قوات الجيش والشرطة وإطلاق النيران الحية والقنابل المسيلة للدموع على المتظاهرين والمتواجدين بداخل المسجد.
معتقلة منتصف الليل
وتقول أول فتاة مصرية تُعتقل من منزلها في منتصف الليل في عهد الانقلاب سمية الشواف، أن قوات أمن الانقلاب داهمت منزلها فجر يوم 27/8 بقوة تصل إلى أكثر من 20 فردًا مسلحًا و6 سيارات شرطة لاعتقالها، موضحةً أن التهمة الموجهة لها هي سب وقذف وتهديد بالاغتيال لـ"مساعد مدير أمن الجيزة".
وأشارت إلى أنها كانت تعمل بمجلس أمناء مدينة 6 أكتوبر، الذي يضم مجموعةً من ممثلي المجتمع المدني وممثلين من الوزارات ورئيس جهاز المدينة وبعض رجال الأعمال، وبسبب سوء أداء قوات الأمن كانت على خلافات دائمة معهم، ضاربة المثل بإحدى المرات التي تواصلت فيها مع قسم الشرطة للاستغاثة من حالة إطلاق رصاص عشوائي بالشارع، فرد القسم بأنه في إجازة لحين إسقاط مرسي!!
وتؤكد أنها أرسلت رسالة إلى مدير أمن مديرية الجيزة نصها "حسبنا الله ونعم الوكيل في الظالمين"، فتحولت إلى تهمة سب وقذف!، واقتادتها قوات الشرطة إلى زنزانة بقسم شرطة للبقاء مع الجنائيين لمدة 3 أيام ومعاملة سيئة بدون أي تحقيقات، ثم عرضها على النيابة التي أفرجت عنها بكفالة على ذمة القضية التي أجلتها المحكمة من 9/4 إلى 10/9 ثم إلى 27 نوفمبر الجاري.
وعن المعاملة التي تلقتها من قوات الأمن تؤكد أن التجاوز كان في المنزل عندما رفضت إعطائهم الهاتف الخاص بها، فضربها الضابط وأخذه عنوةً، مشيرةً إلى وجود حالة استغراب داخل القسم في البداية من اعتقال فتاة لأسباب سياسية.
وتصف هذه القضية بأنها محاولة لإرهاب حرائر مصر وأن هؤلاء الانقلابيين ما أقدموا على فعل دنيء مثلا اعتقال البنات إلا خوفًا من النساء الأحرار، داعيةً كل حرائر مصر للصمود والثبات لتحرير الوطن بأكمله.
وتوجه رسالةً لكل رموز الانقلاب "أن أفعالكم هذه الذي تفوَّقت على أفعال بني صهيون لن تجعلنا نركع لكم مهما حيينا، وأننا مستمرون وبكل سلمية في فعاليتنا حتى إسقاط الانقلاب العسكري وعودة الرئيس الشرعي للبلاد، ومحاكمة كل الخونة القتلة الذين سفكوا دماء الآلاف من شرفاء هذا الوطن العظيم وآلاف المعتقلين".
احتجاز القُصر
ويوضح أحمد الغمري المحامي وعضو هيئة الدفاع عن فتيات حركة "7 الصبح" المعتقلات بالإسكندرية، أنهم 21 فتاة مقسمات إلى 7 من القصر الموضوعات بدار للرعاية في محرم بك، والبقية متواجدات بسجن دمنهور، واصفًا الوضع المتواجد فيه النساء والفتيات بأنه غير لائق وغير إنساني بالمرة، حيث توضع المعتقلات السياسيات مع الجنائيات في نفس السجن، وتُفصل الأمهات عن بناتهن المعتقلات معًا.
في الصورة:يمنى أنس - أولى ثانوي - 15 سنة، سلمى رضا - أولى ثانوي - 16 سنة، مودة محسن - أولى ثانوي - 15 سنة ، خديجة بهاء الدين - أولى ثانوي أزهري - 15 سنة
ويشير إلى أن إحدى الفتيات تعاني من أزمةٍ صدرية حادة نتيجة لوضعها مع الجنائيات المدخنات في نفس العنبر، مؤكدًا أن هذه المحاكمات الهزلية ما هي إلا انتقام من الثوار ومعارضي الانقلاب، حيث وجهت لهم النيابة تهمًا كالإرهاب وإتلاف الممتلكات الخاصة والانضمام لجماعة الإخوان المسلمين وبث أفكار الجماعة، على الرغم من القبض عليهن بشكلٍ عشوائي أثناء مسيرة مناهضة للانقلاب لحركة "7 الصبح".
النيابة متواطئة
ويقول إن الفتيات دخلن يومهن الـ18 بعد تجديد النيابة لحبسهم للمرة الثانية 15 يومًا، على الرغم من الشفقة والتعاطف الذي أبداه وكيل النيابة معهن قائلاً إنهن مثل بناته ووضعهن غير مناسب، مضيفًا أنه تفاجأ من قرار تجديد الحبس رغم هذه الكلمات العاطفية التي أداها ممثل النيابة أمامه.
ويستنكر الحالة التي وصلت لها النيابة والقضاء المصري التي تحكم بالحبس الاحتياطي على فتياتٍ لمجرد استيفاء المحاضر المقدمة من أمن الدولة، وكأنهم موظفون، وبالرغم من أن أحراز القضية هي 25 شعار رابعة مطبوعة على ورق، ولوحتين كبيرتين باسم حركة "7 الصبح".
ويضيف إلى عدم إجراء النيابة لأي تحقيقات مع الفتيات بل الاكتفاء بسؤالهن عن حالهن، وإصدار قرار تجديد الحبس بعد خمس دقائق فقط من التواجد أمامه، مبينًا أن الحبس الاحتياطي قانونًا له أسباب لا تتوافر مع حالة الفتيات، وهي خشية هروب المتهم، أو التأثير على الشهود أو على سير محضر التحقيقات، أو ألا يكون له مكان إقامة معلوم، وهذه القضية خالية تمامًا من التحقيقات أو الأحراز أو الشهود.
ويوضح أن كلهن فتيات طالبات في المدارس ومعروف محل إقامتهن، قائلاً إن قضية الإتلاف الموجهة لهم لا تتعدى خسائرها 300 جنيه، وبالتالي فعقوبتها هي الغرامة فقط وليس الحبس.
ويلفت النظر إلى المفارقة الشاذة التي تتعامل بها النيابة مع النساء والفتيات واحتجازهن قصرًا، على الرغم من إفراج نفس النيابة عن شخص مقبوض عليه بحرز 50 طلقة حية، وإخلاء سبيله.
ويؤكد أن اعتقال الفتيات مازال مستمرًّا في الإسكندرية، حيث اعتقلت قوات الانقلاب مجموعةً أخرى من النساء بعد القضية الأولى بعدة أيام، وأفرجت عنهم بدون توجيه تهم لهن، قائلاً إن الانقلاب يستخدم النساء في حربه السياسية ضد الثوار.
إذلال مرفوض
وتوضح آية علاء المتحدثة الإعلامية باسم حركة "نساء ضد الانقلاب"، أن عدد الفتيات المعتقلات المعروف أماكنهن حاليًّا يتعدى الـ50 فتاةً وامرأة، مشيرة إلى اعتقال ما يقارب 300 منذ بداية الانقلاب العسكري على الشرعية في مصر وإخلاء سبيلهن بكفالة على ذمة القضايا الملفقة لهم.
وتقول إن المعتقلات يعانين من أسوأ المعاملات، وفقدن كل حقوقهن القانونية والإنسانية، حيث يتم احتجازهن بطرق غير قانونية، وإبقائهن مع المسجونات الجنائيات، وتعمد إذلالهن بمختلف الطرق، كما يسمح لهن بالدخول إلى دورات المياه مرةً واحدة فقط كل 12 ساعة، مضيفةً "هذا فضلاً عن اعتقال الفتيات القُصر".
وتستكمل الانتهاكات التي يتعرض لها حرائر مصر المعتقلات في سجون الانقلاب، من إجراء لاختبار الحمل لمجرد إذلالهن نفسيًّا، وهم مجموعة من القُصر غير المتزوجات، مؤكدةً أن كل القضايا ملفقة للنساء لأن القبض عليهم واختطافهن يتم أثناء المسيرات الوقفات السلمية، بدون أي مذكرات بحقهن.
وتتراوح التهم الموجهة للنساء والفتيات المعتقلات منذ عهد الانقلاب العسكري بين الإرهاب، والانتماء لجماعة إرهابية، وحمل آر بي جي!!
وتشدد على أن الهدف والرسالة التي يوجهها الانقلاب باعتقال الفتيات تنعكس نتائجها باستمرار في كل مرة، حيث تشهد المسيرات والوقفات في كل المحافظات ارتفاع ملحوظ في أعداد المشاركات من النساء، إنكارًا وعنادًا لكل محاولة الإرهاب والتخويف للثوار من النساء، اللاتي يتظاهرن المناهضة الانقلاب بصورة لم تحدث من قبل في مشاركة النساء.
وتقول آية إن حرائر مصر مع الشعب المصري الحر ليس أمامه إلا خيار وطريق واحد مصرين على استكماله وهو الاستمرار في مناهضة الانقلاب حتى إسقاطه كاملاً، موضحةً أن هذه الرسائل التي ترسلها النساء بزيادتهن في المشاركة العكسية مع اعتقال أي فتاة أو امرأة مصرية.
العار
ويرى عمرو عبد الهادي الناشط السياسي وعضو جبهة الضمير، أن المرأة المصرية أصبحت أساس في الثورة ومشارك رئيسي لا يمكن الاستغناء عنه، قائلاً إن الدور الذي تلعبه المرأة الآن يفوق الدور الذي لعبته في ثورة 1919م.
ويصف ما يتم من اعتقالات للحرائر بأنه ثمار عهد المخلوع مبارك طوال 30 سنة، جرف خلالها كل قيّم الإنسانية، كما جرف عقول الرجال الذين ينفذون أوامر العسكر المشينة بسحل وتعذيب وإهانة واختطاف النساء واعتقالهم وتلفيق تهم باطلة لهم، وهي الأفعال التي تنتقص من المجتمع المصري، مؤكدًا أنها وصمة عار على جبين كل مَن يعيش في هذه الحقبة لزمنية.
ويشير إلى أن قوى الانقلاب أرادت ردع و تخويف الثوار بمثل تلك الأعمال، ضاربًا المثل أيضًا بالحكم على الطلاب بجامعة الأزهر بـ17 سنة، مشددًا على أنها محاولة ردع فاشلة ستنتهي في الاستئناف.
ويضيف "أبشرهم أن الثوار والنساء لن يقهروا أبدًا، ويجب أن يعلموا أن كل تلك الجرائم والانتهاكات سترفع ويفرج عنهم فورً، رغم كل تلك القضايا المسيسة من الأمن الوطني بمجرد عودة مرسي".