الإخوان والموازنة العامة.. أداء مميز واقتراحات عملية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان والموازنة العامة.. أداء مميز واقتراحات عملية

كتب-هاني عادل

11-06-2008

- الأغلبية الآلية للوطني رفضت اقتراحات إخوانية لسد العجز

- طالبوا بتحصيل الضرائب من كبار الممولين فصوَّت الأغلبية بالرفض

- أكدوا دعم موازنة الجيش لنزع الألغام والحكومة ترد: "مفيش موارد"

لم تكن المناقشات التي شهدها مجلس الشعب طوال ثلاثة أيام متصلة عن مشروعَي الخطة والموازنة للحكومة المصرية للعام المالي 2008/2009م مثل غيرها من المناقشات التي شهدتها السنوات الماضية؛ لأنها جاءت بعد أسابيع قليلة من زيادة أسعار السولار والبنزين؛ مما نتج عنه ارتفاع أسعار معظم السلع، كما أنها المرة الأولى التي تُقدِّم فيها الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين تعديلاتٍ مهمة لعلاج الموازنة؛ طبقًا للتعديلات الدستورية الأخيرة.

وأمام إصرار المعارضة على لعب دورٍ مؤثرٍ في تعديل الخطة والموازنة كان هناك إصرارٌ من الأغلبية على إفشال أي جهودٍ للمعارضة، وخاصةً كتلة الإخوان المسلمين؛ الأمر الذي وصل إلى حدِّ رفض الأغلبية والحكومة نقل 10% من احتياطيات الأجور إلى أبواب أخرى، وأشار النواب إلى أن الموازنة قد تضمَّنت احتياطات عامة للأجور قدرها 17 مليار جنيه، وهذه نسبةٌ تدعو إلى التساؤل: لماذا لا يُدرج في هذا البند المتوقع في زيادة الرواتب الثابتة؟!.

هذا الإصرار من جانب الأغلبية على زيادة الأعباء على كاهل محدودي الدخل وتقديم الدعم غير المتناهي لصالح طبقة الأغنياء دفع نواب الكتلة- إضافةً إلى باقي نواب المعارضة والمستقلين- إلى رفض هذه الموازنة واعتبارها في غير صالح المواطن البسيط؛ حيث أعلن 103 نواب يمثلون كتلة الإخوان وأحزاب الوفد والتجمع والدستوري والمستقلين رفضَهم مشروعَ الموازنة العامة للدولة لعام 2009/2008م وأصدروا بيانًا أوردوا فيه أسباب رفضهم، ومنها تدني الأجور والمرتبات، وزيادة العجز في الموازنة، وانخفاض مخصصات القطاعات المهمة مثل التعليم والصحة والبحث العلمي، وخلل المكونات الضريبية؛ حيث تبلغ إيرادات الضرائب على الموظفين ضعف إيرادات الضرائب على النشاط التجاري والصناعي في مصر كلها، إضافةً إلى التضليل الحكومي باعتبار الفوائد على أموال التأمينات جزءًا من مساندي الموازنة للصناديق، وهي جزءٌ من حقوق الصناديق، وليست مساهمةً للصناديق، وتدني قيمة الاستثمارات الحكومية، وذهاب الجزء الأكبر من الدعم الذي يصل إلى 133 مليار جنيه إلى غير مستحقيه من كبار رجال الأعمال والمستثمرين كدعمٍ للطاقة، أو دعم الصادرات وغيرها على حساب المواطنين الفقراء، واستمرار الحكومة في اعتمادها على شكل موازنة البنوك وليس موازنة البرامج التي تساعد في تحقيق الشفافية والتأكد من تحقيق الأهداف التي خضعت من أجلها هذه المخصصات المالية.

إلا أن المجلس وافق في النهاية على الموازنة مستخدمًا أغلبيته الآلية التي رفضت أيضًا الاقتراحات التي قدَّمها نواب الإخوان لتعديل الموازنة، والتي تم مناقشتها خلال الجلسة؛ حيث طالب النواب أشرف بدر الدين، وأحمد أبو بركة، ومحمود عامر، وإبراهيم زكريا يونس بحذف الدعم المُوجَّه إلى قطاع السياحة، والذي يحصل على 8 مليارات جنيه؛ حيث إن الفندق العائم يحصل على 75 ألف جنيه شهريًّا دعمَ طاقة في الوقت الذي لا يتعدى معاش الضمان الاجتماعي 75 جنيهًا للأسرة شهريًّا، ويستفيد منه مليون أسرة.

واقترح النواب زيادة دعم بند الصيانة بمبلغ 2.5 مليار جنيه، وانتقدوا دعم هذا البند بمبلغ زهيد رغم أنه مسئول عن صيانة كافة المشروعات الحكومية التي تم تنفيذها في مصر، وهذا الخلل يؤدي إلى انهيار هذه الثروة وتبديدها.

واقترح النائب حسين محمد إبراهيم نائب رئيس الكتلة تخصيص 1.5 مليار جنيه من صندوق دعم الصادرات البالغ مليارَي جنيه لصالح معاش الضمان الاجتماعي، منتقدًا عدم حضور رئيس الوزراء جلسة إقرار الموازنة العامة.

وطالب أشرف بدر الدين بزيادة بند المصروفات الأخرى، والذي يُقدَّر بحوالي 25 مليار جنيه، والذي يخصَّص للقوات المسلحة، بحوالي 1.3 مليار جنيه؛ حيث إن القوات المسلحة أفادت بأن تطهير أرض الساحل الشمالي من الألغام تحتاج 200 مليون دولار لمدة عامين، مشيرًا إلى أن نزع الألغام من هذه الأراضي سيوفر 3 ملايين فدان صالحة للزراعة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح.

وطالب بدر الدين بزيادة إجمالي الاستثمارات التي تم تخصيص 26 مليار لها بـ11.5 مليار لسد العجز في الفجوة بين ما تحتاجه القطاعات المختلفة من الخطة وما توفره وزارة المالية من اعتمادات.

وطالب وزارة المالية بتحصيل الضرائب المتأخرة، والتي تبلغ 60 مليار جنيه، واقترح أن يتم تقسيطها على 10 سنوات؛ حيث تحصل الوزارة 5 مليارات سنويًّا من مصلحة كبار الممولين.

كما طالب بزيادة موازنة الهيئة العامة للبترول من خلال إعادة النظر في أسعار اتفاقيات الغاز، والتي أكدت الحكومة أنها ستوفر لمصر 100 مليار جنيه.

من جانبه أعلن د. محمد سعد الكتاتني رئيس الكتلة رفضَه مشروعَ الخطة والموازنة لعام 2009/2008م، مشيرًا إلى أن هيكل الأجور لا يزال يتسم بالخلل الشديد؛ حيث بلغت نسبة الرواتب الأساسية 20% من إجمالي 78 مليار جنيه، كما أن نسبة المكافآت 30%، ويذهب معظمها لغير الكادحين، مطالبًا بأن يكون انخفاض مستوى الدَّين العام إلى الناتج المحلي مؤشرًا إيجابيًّا، لكن حينما تبلغ أعباء خدمة الدَّين 4 مليارات جنيه، فإن ذلك يعني استمرار استنزاف موارد الموازنة.

وقال إن وصول مخصصات الدعم إلى 132 مليار جنيه يعكس العجز الحكومي في عدم وجود بناء ذاتي للاقتصاد، ويجدِّد السؤال حول جدية الحكومة في إحداث تنمية حقيقة بما يحقق الاكتفاء من سلع إستراتيجية مهمة مثل القمح، وطالب بمراجعة دعم المواد البترولية الموجَّه إلى الصناعات الثقيلة في الوقت الذي تقلَّصت فيه مبالغ الدعم لقطاعات أقل أهمية مثل العلاج على نفقة الدولة، والمعاشات الاجتماعية.

وقال النائب محمد شاكر سنار عضو الكتلة إنه في الوقت الذي تكلَّف فيه مشروع توشكى حتى الآن مليار جنيه، وكان من المخطط زراعة 300 ألف فدان، لم يتم زراعة فدان واحد بسبب عدم الانتهاء من إقامة الصحارة التي طلبتها وزارة الري، والتي تحتاج 1.7 مليار جنيه، مطالبًا النواب بالتبرع بهذا المبلغ حتى نجنيَ ثمار هذا المشروع

وأشار النائب محمد عبد الباقي إلى أن رجل الشارع لم يشعر بأي نمو في الناتج المحلي من سلع وخدمات في الوقت الذي تنتشر فيه البطالة والعنوسة بين النساء، والتدهور في التعليم والصحة، وأضاف أن المستفيد الوحيد من هذا النمو هو فئة قليلة من رجال الأعمال لا تتجاوز 5% من الشعب، مؤكدًا أن الحكومة تحصل على الضرائب كاملةً من المواطنين في الوقت الذي تغضُّ الطرف عن 37 مليار جنيه متأخرات لدى كبار الممولين، مشيرًا إلى أن الحكومة تدَّعي مراعاة البُعد الاجتماعي من خلال توفير الخدمات التعليمية والصحية رغم أن الدروس الخصوصية تلتهم ميزانيات الأسر طوال العام، ولا يجد المواطن أية خدمات صحيةٍ بالمستشفيات الحكومية.

وأكد النائب عبد الوهاب الديب أنه إذا تضاعفت الموازنة فإن مشكلات مصر ستبقى كما هي، مشيرًا إلى أن الموارد الموجودة في مصر ليست موجودةً في العديد من دول العالم الكبرى، ولكن الأزمة الحقيقية في أزمة إدارة هذه الموارد، موضحًا أن الموازنةَ تعكس أزمات؛ منها التخبط في الرؤية والفهم والاستيعاب، مشيرًا إلى أن مصر وطنٌ كثُر فيه الخير، وكثُر فيه الفساد فقلَّ الخير، وتساءل: أين مصر القيادة والريادة والحرية؟!، مضيفًا أن الحكومةَ ترفع شعار "الحقي يا داخلية"، متسائلاً: "لماذا طغت ميزانية الشرطة على كل الموازنات؟!"، وهاجم وزير السياحة بشدة، مشيرًا إلى اعترافه في إحدى البرامج التليفزيونية بأنه سيقوم بمعاقبة الفنادق التي تمتنع عن تقديم الخمور، وطالب بمحاسبة الوزير الذي استفز مشاعر المسلمين.

وقال النائب عيسى عبد الغفار أن الصحراء أرض زراعية خصبة يسيطر عليها عشرات الأشخاص الذين يملكون آلاف الأفدنة، "فلماذا لا نبيع هذه الأراضي لحساب الدولة؟!، ولماذا لا تستطيع الحكومة السيطرة على هذه الأراضي لتمكِّن المنتجين الحقيقيين من السيطرة عليها بأسعار مخفضة؟!"، مطالبًا الحكومة بالاستثمار في الصحراء الغربية حتى تحقِّق الاكتفاء الذاتي وتصبح مصرُ من أغنى دول العالم.

المصدر