الإعلام والدور المطلوب في مناصرة القضايا والشعوب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإعلام والدور المطلوب في مناصرة القضايا والشعوب

رسالة من محمد مهدي عاكف- المرشد العام للإخوان المسلمين

مقدمة

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه، وبعد:

فيقول الحق تبارك وتعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإذْنِ رَبِّهَا ويَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ (إبراهيم: 24،25).

إنَّ من أهمِّ القضايا والأدوار التي يجب أن نوليها اهتمامًا خاصًا قضيةَ الإعلام الذي أصبح يمثل تحديًا رئيسًا، إذ كيف تستطيع أن تنهض الأمة بقيمها وحضارتها وتراثها في عالمٍ يسيطر على كلمته وعلى الصوت والصورة أيديولوجيات ومذهبيات ملحدة أو دنيوية لا ترى الإنسان إلا مادة، وتتجاهل المهمة الاستخلافية لهذا الإنسان، إنه لكي نواجه هذا التحدي الإعلامي العالمي لا بدَّ من بلورة وتطوير إستراتيجية إعلامية تهدف إلى إيصال الصوت الإسلامي بكل همومه وقضاياه ومعاناته إلى كل أرجاء الكون.

لقد كانت الكلمة وما تزال محور الإعلام ومادته الأساسية، سواء انطلقت من لسان خطيب أو جاءت مكتوبة أو مطبوعة أو مرسلة عبر الأثير أو مصورة متلفزة أو عبر الإنترنت، ولهذا ينبغي أن تكون هذه الكلمة:

ملتزمة: تلتزم قضايا الأمة والإسلام والدعوة، والجماهير، وتحرير المضطهدين والمستضعفين في بلاد المسلمين في كل مكان.

حرة: من قيود النظام- أي نظام- ومن قيود المصالح الإقليمية والقُطْرية والحزبية والذاتية، ومن قيود الإعلانات والتوزيع.

متطورة: تتحدث بلغة العصر وتواكب كل إنجاز حديث.

فلم تعد وسائل الإعلام مجرد آليات لنقل المعلومات، بل أصبحت من الأعمدة الرئيسة لقياس قوة البلدان وتقدم الأمم، خصوصًا بعد دخول العالم عصر المعلومات بصورة متسارعة ومكثفة وازداد التدفق الإعلامي بين الدول بصورة غير مسبوقة، مما جعل الإعلام يتحول إلى صناعة ضخمة تحتاج إلى إمكانات كبيرة وميزانيات ضخمة.

إن تفاعلنا مع وسائل الإعلام الحديثة يجب أن يركز على خدمة قضايا أمتنا ومبادئنا من خلال المضمون الموضوعي والمحتوى العلمي الجيد، كما أنَّ التطور الكبير في وسائل الإعلام يضاعف من المسئولية الملقاة على الإعلام لخدمة القيم والأهداف النبيلة.

والحديث عن الإعلام هو الحديث عن صناعة الرأي العام وصياغة العقل والقلب والوجدان وتوجيه الجماهير، ومناصرة القضايا والشعوب، وهو حديث كذلك عن التغيير والإصلاح بالكلمة الهادفة والصورة ذات الدلالة والحقائق الموضوعية.

إعلام مبادئ

الإعلام ينبغي أن ينطلق في أداء دوره لخدمة المبادئ والقيم والمصالح العليا للوطن والأمة، ومن أهم المبادئ التي يجب أن يراعيها الإعلاميون في أداء رسالتهم:

- الحقائق المدعمة بالأرقام والإحصائيات، وعدم اللجوء إلى الأقوال المرسلة أو الظن أو التعميم.

- التجرُّد من الذاتية والتحلي بالموضوعية في عرض الحقائق.

- الصدق والأمانة في جمع البيانات من مصادرها الأصلية؛ إذ إنَّ الإعلامي سيُسأل أمام الله ثم أمام الناس عما كَتَبَ.

- التعبير الصادق عن الجمهور الذي يُوجَّه إليه الإعلام، فهو لسان حالهم الموجه لهم والمدافع عن حقوقهم.

وأي إعلام لا ينطلق من هذه المبادئ فإنه يفقد مُسمَّاه كإعلامٍ يخدم الحق وينشد الحقيقة.

إعلام حر ومسئول

ازدياد الفضائيات والإحساس بالمسئولية

وفي ممارسة الإعلام لدوره في المجتمع ينبغي أن يكون هناك توازن بين الحرية الممنوحة له لممارسة دوره والمسئولية الاجتماعية الملقاة عليه، ومن ثم فعلى الإعلام:

- مراعاة السلوك والذوق والآداب العامة للمجتمع.

- الالتزام بمواثيق الشرف الصحفية والإعلامية وأخلاقيات العمل الإعلامي.

- تجنب كل ما يؤدي إلى نشر الجريمة أو العنف أو الفوضى أو الإساءة إلى الأقليات في المجتمع.

- تحري الصدق والموضوعية والدقة والتوازن.

إعلام هادف

لا يقتصر دور الإعلام على التوعية بقضايا معينة، ولكنه يتدخل في كل القضايا لتحقيق الخير العام للإنسانية وتحقيق الغاية من استخلاف الإنسان في الأرض وعمرانها، ومن ثَمَّ فهو إعلامٌ لا تكون غايته مجرد السيطرة والتحكم في العقول والسلوك بغرض الاستبعاد البشري وإنما يهدف إلى:

- الدفاع عن العقيدة الصافية والسليمة وترسيخها في نفوس الناس وردِّ الشبهات عنها.

- تعميم الوعي والفهم من أجل إيجاد الفرد الصالح الواعي الفاعل.

- ترسيخ معاني التآخي والتماسك والتكافل وروح التعاون على البر والخير في المجتمع.

- تحسين أوضاع الأمة الاقتصادية في الكسب والإنفاق وترشيد الاستهلاك والحماية من الغش والاحتكار والتحذير من النهب والاستغلال.

- المحافظة على مصالح الأمة وأمنها وحريتها في الداخل والخارج وتوجيه النصح والإرشاد للحكام والقادة والمسئولين في كافة المواقع.

قضايا كبرى

قضايا كبرى نريد للإعلام أن ينشغل بها ويضعها في أولويات اهتماماته، من أهمها: كسر الاحتكار الغربي في مجال الإعلام؛ حيث أدَّى هذا الاحتكار إلى السيطرة على تدفق الأنباء وفرض التصورات الغربية للقضايا العالمية على جميع الشعوب، وكذلك فرض القيم الثقافية والأيديولوجية للغرب، والتي تتناقض في أحيان كثيرة مع طموحات الشعوب وحقها في الحياة الكريمة والحرية والاستقلال.

وبالإضافة إلى قضايا الحريات وحقوق الإنسان والأقليات في العالم والديمقراطية والإصلاح، هناك بعض الأدوار الإعلامية التي تشكل فريضة الوقت على الساحة الإعلامية من أهمها:

- تبنِّي قضايا الأمة وعلى رأسها قضية الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، وقضايانا المركزية مثل فلسطين والعراق وأفغانستان والسودان وغيرها.

- مواجهة موجة العداء المتنامية للإسلام والصحوة الإسلامية على كافة الأصعدة، والمساهمة في تصحيح صورة المسلمين من خلال التعريف بالإسلام والدعوة إلى مُثله وقيمه الإنسانية والحضارية.

- الانحياز إلى الشعوبِ وإيصال صوتهم إلى صناع القرار والمنفذين والمسئولين في الدول والحكومات.

- تغطية الفعاليات الشعبية والتركيز على القضايا العامة والبعد عن الإثارة والتجريح والفتنة.

- إبراز الرموز الوطنية والإسلامية في الأحداث المهمة، وفي كافة المجالات الاجتماعية والفكرية والسياسية.

- فضح وملاحقة رموز الفساد والاستبداد.

- القيام بحملات إعلامية مكثفة ومستمرة لتحقيق الإصلاح الشامل.

وأخيرًا

فإنَّ على جميع المسلمين في كافة أنحاء العالم واجبًا ومسئوليةً في التفاعل مع وسائل الإعلام وإيصال صوت الأحرار إلى كل العالم، كما أنَّ عليهم استثمار الفرص التي تتيحها الفضائيات وشبكة الإنترنت من أجل الإسهام في تصحيح الصورة وإيصال الحقيقة إلى كل الناس.

إنَّ واجبَ الإعلام أن يقدم النصرة للمستضعفين، وأن يطالب بقوة برفع الظلم عن المظلومين، وإطلاق حرية الناس في التعبير، وممارسة الدعوة الصالحة النافعة؛ دعوة المبادئ السامية والأخلاق الفاضلة لتقوم بدورها في خدمة المجتمع الإنساني، وأن يظل الإعلام دومًا هو صوت الحق والقوة والحرية.

﴿فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ﴾ (الرعد: من الآية 17)، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والله أكبر ولله الحمد.

القاهرة

في: 4 ربيع الآخر 1426هـ

12/5/2005م.