الاستجواب سلاح فتاك في الكويت هزيل بمصر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الاستجواب سلاح فتاك في الكويت هزيل بمصر


2005-06-01

القاهرة- عبد المعز محمد

مقدمة

وزير الإعلام الكويتي المستقيل محمد أبو الحسن

- في الكويت الوزير استقال وفي مصر لا بدَّ من تجديد الثقة

- 65 استجوابًا قدمها النواب المصريون في أسبوع

- الشاعر: الأغلبية الحكومية تتحكم في فاعلية الاستجواب

- حلمي: برلمان 87 كان الأفضل في استخدام الاستجواب

من حق الشعب الكويتي أن يفخر بتجربته البرلمانية والسياسية بعد أن قدَّم وزير الإعلام الكويتي محمد أبو الحسن استقالته قبل أيام من استجوابه في مجلس الأمة الكويتي عن مخالفته قيم المجتمع الكويتي؛ بالسماح والتصريح لمغنيين عرب بتنظيم حفلات غنائية، وهو ما اعتبره النواب الإسلاميون بالكويت خروجًا عن القيم والأخلاق في دولتهم.

وبصرف النظر عن كون المستجوبين نوابًا إسلاميين وأن الوزير المستقيل- هو الشيعي الوحيد في الحكومة الكويتية- استقال بسبب رفض سياسته المتعلقة بفتح الباب للحفلات الصاخبة، فبصرف النظر عن هذا كله فإن استقالة أبو الحسن يستحق عليها التقدير؛ لأنه خالف الطبائع العربية بالاستماتة على الكرسي حتى لو تسبب في كارثة لوطنه.

التحية أيضًا للنواب الكويتيين الذين استخدموا الوسائل الرقابية بكفاءة وتنسيق متبادل بما يخدم قضيتهم في الأساس بصرف النظر عن المكاسب الخاصة.

أما التحية الأكثر فهي من حق الحكومة الكويتية التي لم ترفع سيف "عنتر"، أو عملت بشعار شمشون "عليَّ وعلى أعدائي"، وإنما رأت أنَّ استقالة أبو الحسن احترام لرغبة الشارع واحترام لموقف النواب، وهي بهذا الموقف حققت مكاسب كثيرة أبرزها ترسيخ الديمقراطية واحترام البرلمان ومواقفه، وعدم السخرية من النواب أو الاستخفاف منهم، أو حتى مجرد المزايدة عليهم.

الموقف إذن هو عبارة عن منظومة متكاملة شارك فيها الوعي البرلماني من النواب والرغبة الأكيدة من الحكومة لتحويل الشعارات الديمقراطية إلى واقع ملموس، ثم احترام رغبة الشعب باعتبار أنَّ هؤلاء النواب منتخَبين من قبل الشعب وليس من قبل الأنظمة.

أغنية الريادة

كل هذا يحدث رغم أن التجربة البرلمانية الكويتية جديدة وحديثة وعمرها لا يتجاوز العشر سنوات، بينما تأتي الصدمة والحسرة وخيبة الأمل من تجربة أخرى تجاوزت المائة عام وهي التجربة المصرية، فما يحدث في مصر على العكس تمامًا مما حدث في الكويت، فلم نسمع يومًا عن وزير استقال ليس قبل استجوابه بالبرلمان وإنما بعد استجوابه، وليس في موضوع الحفلات الموسيقية وما يتعلق بها من الحفاظ على تقاليد وقيم المجتمع وإنما في قضية فساد كبري كالتي شهدتها البورصة أو الفضيحة الأخرى المدوية في وزارة الزراعة والتي كانت كفيلة ليس بعزل وزير ومحاكمته أيًّا كان منصبه بل بإقالة حكومة بأكملها ومحاسبة المسئولين فيها عن إصابة أكثر من 150 ألف مواطن مصري سنويًّا بالسرطان، وهذا على سبيل المثال فقط، وليس على سبيل الحصر، وحتى في القضايا التي ليس فيها مفر من إقالة الوزير يأبى النظام المصري أن يترك الفرصة للبرلمان لأن يكون له دور فيتم إقالة الوزير بناءً على توجيهات رئيس الجمهورية.

65 استجوابًا

وبمقارنة بسيطة نجد أنه وخلال أسبوعين فقط قدَّم نواب المعارضة والمستقلين بالبرلمان المصري أكثر من 65 استجوابًا عشرة منهم على الأقل تكفي لإقالة أكثر من وزير، وهي استجوابات جماهيرية في المقام الأول تهم شريحة عريضة من المصريين كاستجواب ارتفاع الأسعار وهي قضية تتحمل فيها الحكومة العبء الأكبر فهي السبب في هذه الكارثة لانتشار الفساد والمحسوبية أو على حد تعبير أحد النواب أن الحكومة الحالية هي حكومة لرجال الأعمال فقط.

هذا بالإضافة إلى استجوابات أخرى متعلقة بالفساد الإداري والاقتصادي في الحكومة، وكلها استجوابات مدعمة بالمستندات تتهم الحكومة بعدم الحفاظ على الإصلاح المالي وتفاقم أزمة الدين العام الداخلي والخارجي؛ إضافةً لاستجوابات حول الشبكة الثالثة للمحمول وعدم إنشائها، وتعثر علاج أوضاع شركة الغزل والنسيج بكفر الدوار وإنتاج ملح ضار بالصحة العامة وتقاعس الحكومة عن معالجة آثار إلغاء المدينة الحرة في بورسعيد وإسناد التوكيلات الملاحية للقطاع الخاص الذي أسنده بدوره الى القطاع الأجنبي والمشكلات التي تواجه الشركة العربية للملاحة البحرية التابعة لجامعة الدول العربية، وملف بيع شركة قها للأغذية المحفوظة.

أما أخطر الاستجوابات فهي المتعلقة بقيام بعض رجال الأعمال بتهريب ما يقرب من 200 مليار جنيه خارج مصر، وعدم نجاح تسوية الديون المتعثرة لدى الجهاز المصرفي واستعادة المليارات المنهوبة، واتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة العالمية وغيرها من التكتلات الاقتصادية، إضافةً للاستجوابات المتعلقة بتردي الأوضاع الصحية وخطورة انتشار الأمراض بين المجتمع المصري وعدم وضع سياسة عاجلة للأجور، وكذلك استفحال حالة الاحتكار في السوق المصري واستيلاء أحد المستثمرين على شركة الدخيلة للحديد والصلب، واستجوابات أخرى عن اتفاقية السندات الدولارية، وما يتصل بها من رهن أصول مصرية عامة، إضافةً إلى استيراد مواد غذائية فاسدة، وتشريد آلاف العاملين بالموانئ المصرية وإهدار المال العام، وتقاعس الحكومة عن المطالبة بحقوق الأسرى المصريين الذين أعدمهم الكيان الصهيوني ومخالفات قطاع الطيران المدني، ووجود عمالة وخبراء صهاينة في الأراضي المصرية.

هذه باختصار عناوين وموضوعات الاستجوابات دون الخوض في تفاصيلها إلا أنَّ المهم في الموضوع أن البرلمان المصري وافق بالفعل على إدراجها ضمن جدول أعماله بعد أن تأكد من اشتمالها على مستندات تؤكد صحة الاتهامات الموجهة ضد الحكومة أي أنها ليست استجوابات "مضروبة أو فشنك"، مما يضع الحكومة في دائرة الاتهام، ورغم كل ذلك ورغم دعاوي الإصلاح وترسيخ التجربة الديمقراطية وترديد أغنية المسئولين المصريين جميعهم أن مصر هي بلد الريادة- وهذا حقها- في الحياة البرلمانية، رغم كل هذا إلا أن نهاية هذه الاستجوابات واحدة وهي الانتقال إلى جدول الأعمال مما يعني ضمنًا سقوط الاستجواب، إلا في حالات بسيطة لا تتخطي 1% حيث يتم تحويل الاستجواب للجنة تقصي الحقائق التي تنتهي إلى نفس النتيجة السابقة.

القضية إذن ليست في قوة الاستجواب أو في أهمية موضوعه وإنما القضية هل عبارة عن سؤال واحد نصه كالآتي: هل هناك رغبة حكومية لتفعيل الاستجواب أم لا؟

برلمان 87

وهو السؤال الذي أجاب عنه أكثر من نائب بالبرلمان المصري، مؤكدين أن برلمانهم لا ينفصل عن الحالة العامة للحياة السياسية المصرية، فمن جانبه قال النائب محفوظ حلمي: إنَّ الحكومة المصرية تعتبر استجواب أحد وزرائها جريمة من قبل النواب، وبالتالي فهي ترسخ مبدءًا هامًّا وهو تفريغ الاستجواب من قوته لأن الاستجواب عبارة عن اتهام مدعم بالمستندات وهو الآلية البرلمانية الوحيدة التي من حقها طلب سحب الثقة من الوزير المستَجوَب أو من الحكومة كلها.

وأضاف حلمي: ربما كان برلمان 1987م هو الأقوى في استخدام الاستجوابات باعتبار أن الجو الديمقراطي كان يتيح للبرلمان محاسبة الحكومة، وهذا يرجع في وجهة نظر حلمي الذي كان عضوًا في برلمان 87 أيضًا، يرجع لعدد نواب المعارضة وخاصةً الإخوان ولأسماء هؤلاء النواب ولإدارة البرلمان نفسه.

جدول الأعمال

وهو ما أكده أيضًا النائب الدكتور أكرم الشاعر الذي يرى أنَّ الاستجواب في مصر يفقد أهميته بسبب الأغلبية التي يتمتع بها الحزب الوطني الحاكم، موضحًا أن هناك حالةً وصفها "بانفصام في الشخصية" لهذه الأغلبية، مشيرًا إلى أنَّ نواب الحزب الوطني عند مناقشة الاستجوابات يرفعون مبدأ "قلوبنا مع الاستجواب وأصواتنا مع الحكومة"، وبالتالي فإن أي استجواب مهما بلغت قوته وكان معه تعاطف واضح سينتهي بالانتقال لجدول الأعمال، وضرب الشاعر عدة أمثلة منها استجواب المنطقة الحرة الخاص بمدينة بورسعيد التي يمثلها النائب في البرلمان.

وقال: رغم تقديمي كافة المستندات التي تؤكد انهيار هذه المنطقة بعد القرارات الحكومية الصادرة في يناير 2002م الخاصة بإلغاء المنطقة الحرة بالمدينة، ورغم تعاطف نواب الوطني مع الاستجواب إلا أنه انتهى بالانتقال لجدول الأعمال، وقال: إن هناك أمثلة أخرى كثيرة مثل استجواب حادث قطار الصعيد للدكتور محمد مرسي واستجواب انهيار عمارة مدينة نصر له أيضًا، واستجواب تفاقم الدين المحلي والخارجي لمصر للدكتور حمدي حسن والمهندس صابر عبد الصادق وغيرها من استجوابات هامة ومؤثرة كاستجواب البورصة أيضًا للنائب المستقل كمال أحمد.

المصدر