السفر ومتعته والمطار وهمومه

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
السفر ومتعته والمطار وهمومه
01-07-2007

بقلم: د. عصام العريان

مقدمة

تنعقد في قطر أيام 14، 15، 16/7/2007م، ندوةٌ لتكريم الشيخ يوسف القرضاوي وبيان أثره في مختلف ألوان المناحي الإسلامية، وقد دعاني الشيخ إلى إعداد بحث للمشاركة به في الندوة حول الشيخ القرضاوي وأثره في الشباب وبالفعل تم إرسال البحث المذكور الذي قد يجد طريقه للنشر في كتاب وأيضًا في مجلات أخرى.

المهم الآن أن هناك قرارًا غير دستوري ولا قانوني بمنعي من السفر ضمن آلاف المصريين الذي تمنعهم السلطات الأمنية المصرية رغم حكم المحكمة الدستورية وعدم وجود قانون ينظم المنع من السفر، وحصول الكثيرين منهم على أحكامٍ قضائية برفع أسمائهم من القوائم إلا أن الجوازات والمطارات والداخلية لا تحترم أحكام القضاء، وقد بادر النائب العام الجديد برفع آلاف الأسماء التي أدرجها النائب العام السابق دون الحاجة إلى ذلك؛ مما رفع عنهم الظلم خاصةً أن معظمهم إما رجال أعمال أو أزواج في منازعات عائلية، فمَن لضحايا وزارة الداخلية وأمن الدولة؟

وأرغب بقوة في السفر في الشهر الذي يليه للعمرة وزيارة الحرمين والسلام على رسول الله- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- خاصةً أن زوجتي ترغب أيضًا في أداء العمرة معًا.

المنع من السفر ومغادرة الوطن أهون بكثير من المنع من دخول الوطن هذا ما أخبرني به الأستاذ كمال اللبواني الناشط الحقوقي المقيم في باريس منذ أكثر من عشرين عامًا.

وممنوع من دخول تونس، وهذا ما لا أفهمه فهناك الأخ النائب الحالي أ. محسن راضي الذي حُكم عليه عام 1995م بـ3 سنوات في المحكمة العسكرية (جنايات لسنة 1995م) وعاد ليصل إلينا في سجن مرزعة طرة وقبله كان الأخ الصديق د. حلمي الجزار الذي كان مطلوبًا في نفس قضيتنا وعاد من الإمارات ليصل من المطار إلى سجن الملحق لتتم تبرئته في القضية، إذن ما المشكلة في العودة ولو إلى السجن؟.

كانت آخر مرة أتوجه منها إلى المطار وأعود إلى مكتبي بالنقابة لمتابعة عملي دون السفر في 15/5/2007م حينما تمَّت دعوتي للمشاركة في مؤتمرٍ ينظمه نادي مدريد للحوار حول الدين والإرهاب والديمقراطية، وكانت هذه المرة الثامنة لمنعي خلال 5 سنوات (قضيت منها 13 شهرًا بالسجن) بدأت في 15/4/2002 ثم 17/10/2003 ثم 1/6/2004 ثم 5/4/2005، 11/12/2005، 22/3/2006، 19/12/2006.

ولا شك أن ذلك يُؤثِّر خاصةً مع النشر عنه تلقى دعوات لحضور ندوات ومؤتمرات ومناظرات وحوارات بحثية أو أكاديمية أو تليفزيونية.

وخلال نفس هذه الفترة تم السماح لي بالسفر 12 مرةً كانت آخرها 22/5/2005 أي أنني خلال سنتين كاملتين لم يتم السماح لي بالسفر مطلقًا.

سفري للسياحة قليل ولكنها تتم على هامش المؤتمرات والندوات ومؤخرًا أصبح السفر ليوم أو اثنين أكثر إرهاقًا ولا يُسمح بأي هامشٍ للسياحة لأنه أصبح تقليديًّا للبرامج الحوارية التليفزيونية التي يصمم معدوها ومقدموها أن يحضر الضيف للاستوديو ولا يتم اللقاء عبر الأقمار الاصطناعية ليكون اللقاء أكثر حرارةً وأشد قوة وتأثيرًا، ولا يهمهم حجم الإرهاق الذي يسببه ذلك ولا الوقت الذي يتم إهداره في المطارات.

وبهذه المناسبة كنتُ مسافرًا إلى ندوتين إحداهما بلندن واتصل بي المقدم الشهير لبرنامج Hard lak سبستيان للمشاركة في حلقةٍ عن غزو العراق وآفاق المقاومة العراقية للغزو قبل سقوط بغداد، وفي المطار جاء خبر سقوط بغداد، ووصلتُ لندن وحاولت معرفة أي تفاصيل عن البرنامج فصمتت الهواتف تمامًا، فلم يكن أحد يتصور أن المقاومة ستنبعث من جديد، واعتبر الجميع أن الاحتلال كلما تم بسهولةٍ دون مقاومة تُذكر فسوف يستقر دون أية مشاكل، الآن انتقل سبستيان إلى الدوحة ليقدم برنامجًا آخر من هناك، أما لندن ومتاحفها فقد زرتها عدة مرات قبل أن يصبح السفر متعذرًا وصعبًا.

قد يسألني البعض ولماذا لا ترفع قضية ضد قرار المنع من السفر؟

والجواب الحاضر هو أنني كسبت العديد من القضايا، وكثير غيري كسبوا قضايا مضمونة في القضاء الإداري، ولكن متى كانت وزارة الداخلية أو الحكومة تحترم أحكام القضاء؟

وإذا أرادت إظهار احترامها القضاء فإنها سرعان ما تنفذ الحكم مرةً واحدةً ثم تقوم من جديد بالمنع من السفر كما حدث مع الأخ الصديق محمد جمال حشمت، وإذا كان لا بد من المنع فإنها تستحدث إجراءات عجيبة تستحق بها دخول موسوعة جينيس مثل: اتلاف جواز السفر بتمزيق ورقةٍ منه أو صب كوب شاي أو ماء عليه؛ أي أنك ممنوع ممنوع ممنوع أو بالأحرى مقموع مقموع مقموع.

إذن كيف كنت أسافر خلال هذه الفترة؟ وما هو المعيار الذي يتم به السماح من عدمه المعيار هو رضا أو اقتناع المسئول الأمني وقدرته على إقناع رؤسائه بالسماح.

وقد كنتُ ألجأ إلى ذلك الأسلوب بالاتصال المباشر الذي كان دائمًا مهذبًا حتى توليت مسئولية المنسق العام للمؤتمر القومي الإسلامي فطلبتُ لقاءً مع مسئولٍ أمني كبير شرحتُ له صعوبة استمرار السفر بهذه الطريقة ووعدني خيرًا، فكان الخير هو إغلاق هذا الباب تمامًا، فمع كل اتصالٍ أذهب إلى المطار وأعود بسلامة الله إما إلى مكتبي لمزاولة عملي حيث تعودت ألا ألغي مواعيدي وارتباطاتي بسبب السفر، وإما إلى بيتي لأتناول طعام الإفطار أو العشاء مع زوجتي التي تتندر غالبًا على إصراري على الذهاب إلى المطار لزيارة الجوازات وصلاة ركعتين في مصلى المطار التي حشروها تحت السلم حتى اكتشفتُ تلك الأخرى في الدور الثاني وهي نظيفة وجميلة.

بعدها توقفت عن الاتصال البروتوكولي الذي لم يعد له معنى وليس له ثمرة.

قصتي مع السفر طويلة ونوادرها وطقوسها لطيفة.

سافرتُ خارج قريتي ناهيا منذ طفولتي لأتغرب في القاهرة الساهرة في حي الغورية والدرب الأحمر والجمالية طوال دراستي الإعدادية والثانوية في المدينة الجامعية طوال دراستي الجامعية.

وكان أول سفر خارج مصر وأنا طالب بطب قصر العيني عام 1974م، لأداء العمرة في رحلة طلابية وعام 1975 لأداء فريضة الحج مع بعثة جامعة القاهرة والتي كلفتني وقتها 300 جنيه من ميراثي الشرعي عن والدي.

ثم سافرتُ عام 1979 مع الأخ المرحوم يوسف كمال والصديق أبو العلا ماضي إلى ماليزيا مرة واحدة، لحضور مؤتمر طلابي إسلامي عالمي نظمه الاتحاد الطلابي بماليزيا الذي كان يراسه أنور إبراهيم وكان اسمه "أبيم"، وكانت رحلة رائدة تجولنا خلال عشرة أيام بالكثير من ولايات ماليزيا التي لم أعد إليها إلا في 7/7/2004م خلال فترة توقف رحلة أشرفت عليها إلى الصين ونظمتها نقابة الأطباء وشاهدت كيف انتقلت البلاد خلال ربع قرن من حالٍ إلى حال وتحسرتُ على بلدي مصر التي تدهورت خلال نفس ربع القرن من دركٍ إلى درك.

في العام الذي يليه 1980م حضرتُ في تركيا قبيل انقلاب كنعان أقرين معسكرًا شبابيًّا نظمته الندوة العالمية للشباب الإسلامي في جانا قلعة وعدتُ قبل الانقلاب بأيامٍ وعندما تخلَّف الأخ الصديق المهندس خالد داود الإسكندراني لزيارة معالم سياحية حصل الانقلاب وتأخرت عودته لشهر أو يزيد.

في العام الذي يليه 1981م سافرتُ إلى مخيمٍ شبابي لاتحاد المنظمات الإسلامية فرنسا بصحبة المرحوم الأستاذ مصطفى مشهور، وكان ذلك في أعقاب أحداث الزاوية الحمراء الشهيرة، وكان معي بيان صادر عن الأحداث وأثناء تفتيش الحقائب عثر الضابط على البيان فاحتجزنا وبدأ التحقيق معنا، ولم يتوجه لي المرحوم مشهور بأي كلمة لومٍ أو عتاب وتأخَّرنا عن الطائرة كثيرًا، وبدأت الاتصالات مع وزارة الداخلية وكنتُ قبلها بيومٍ واحدٍ في لقاءٍ موسعٍ مع النبوي إسماعيل وزير الداخلية، وذكرتُ ذلك للواء أمن الدولة الذي استقبلنا في مكتبه بترحابٍ وبعد ساعات سمحوا لنا بالسفر فقلنا إن الطائرة أقلعت، فرد بثقةٍ لقد أخَّرنا إقلاعها لخاطركم، وإذا بي أُفاجأ عند وصولنا بأن الجو بارد والسماء تمطر وكان في استقبالنا الأخ الصديق د. عصام حشيش الذي يرقد الآن في العناية المركزة مسجونًا احتياطيًّا في انتظار المحكمة العسكرية فأعطاني ثيابًا شتويةً حتى نزلتُ للسوق لاكتسي من عري.

وتوالت سفرياتي التي طوفتُ فيها قارات الدنيا عدا أستراليا وأمريكا اللاتينية، وزرت خلالها معظم دول العالم حتى في أفريقيا زرت أكثر من 5 دولٍ أفريقية بخلاف الدول العربية.

وقد صحبتُ زوجتي في بعض زياراتي ولي معها نوادر ولها معي كرامات، ولعل كراماتها تظهر الآن فيتم السماح لي بالسفر معًا أوائل شهر أغسطس لأداء العمرة، وإذا كانت كراماتها قوية فلعل قرار المنع يتم رفعه تمامًا فأعود إلى تطوافي وتجوالي الذي أرهق به أصدقائي في جولاتٍ على المتاحف والمكتبات ودور الصحف والنشر والأماكن السياحية التي غالبًا ما تكون أول زيارة لها معي في صحبتي.

لعلك تسألني ما هي البلاد التي ترغب في زيارتها بعد هذا التطواف فأقول لقد طرحتُ هذا السؤال على الزملاء والزميلات أثناء رحلة الصين فكانت الإجابة على الاستفتاء، وهي ما أوافق عليها: الهند ثم جنوب أفريقيا وأستراليا ثم أمريكا اللاتينية وأسبانيا (الأندلس).

مرة أخرى: الرعاية الصحية في السجون والإفراج الصحي

صفعة قوية وجهتها محكمة القضاء الإداري للصحف القومية خاصةً "الأهرام" ولا أدري لماذا لم يتدخل النائب العام عندما يقول رئيس الدائرة إن ما فعلته "الأهرام" يُشكِّل جناية.

الوزارة تشتكي من تكدس السجون، والحكومة تسعى لبناء المزيد من السجون (6 جديدة) وهناك قرارات يمكن أن تساهم في حل المشكلة منها: الإفراج الصحي عن المرضى خاصةً الميئوس من شفائهم مثل مرضى السرطان، والذين تتهدد حياتهم مثل مرضى الفشل الكلوي والكبدي ومرضى القلب وكذلك المصابون بالشلل الرباعي أو النصفي الذين يتعذبون ويعذبون زملاءهم في الزنازين والعنابر والمستشفيات.

ومنها: الإفراج الشرطي بقضاء ثلاثة أرباع المدة ومراجعة الجرائم التي لا يشملها قرار الإفراج الشرطي.

ومنها العفو بقانون نصف المدة من رئيس الجمهورية.

ومنها: التقليل من قرارات الحبس الاحتياطي من النيابة العامة.

المسألة لا تتعلق بأيمن نور ولكنها قضية عامة تستحق المناقشة، وهذا ما ستقوم به نقابة الأطباء في إطار سلسلة ندوات لأحوال المنظومة الصحية في مصر أين الخلل؟ والتي بدأت من أسابيع.

المهم في حكم المحكمة الذي ينتظره العشرات والمئات وليس أيمن نور فقط هو المبدأ الذي ستقرره المحكمة في الطعن على القرار السلبي للنائب العام ولوزير الداخلية ولرئيس الجمهورية بعدم استخدام حقهم القانوني الدستوري بالإفراج الصحي عن الذي يستحق الإفراج الصحي هو الأهم في هذه القضية وليس مجرد الإفراج عن كلٍّ من أيمن نور وأحمد مظلوم الذي ظُلم عدة مرات ولعله اليوم يكون غير مظلوم.

هو النهار ده إيه:

حضرتُ بدعوةٍ من الكاتب الأستاذ ماهر زهدي عرضًا خاصًّا لفيلم هو "النهار ده إيه" الذي كتب له القصة والسيناريو والحوار.

فكرة الفيلم جميلة تصبُّ في اتجاه أننا في الوطن نسيج واحد، وأن التدين وحتى التزمت لا يمنع أبدًا أن يعين المسلم صديق الصدفة المسيحي على أداء عباداته، وأن يصحبه في جولات ترفيهية فقط.. إذا كان ماهر قدَّم شخصيةَ الملتزم بهذه الإيجابية.. فلماذا لم يجعله يحضر 5 دقائق فرح ابنة خالة زوجته سؤال لماهر؟

تهنئة قلبية:

لشادي عيسى وعروسه على الزواج السعيد وأخرى لإبراهيم عيسى وللأخت لينا الغضبان وعريسها للزواج المبارك وأخرى للأخ الأستاذ سيد الغضبان.

سؤال:

طالب الرئيس محمود عباس بقوات دولية في غزة لمراقبة الانتخابات المبكرة القادمة (وترفض كل من مصر وحماس والعدو الصهيوني تلك القوات الدولية) والسؤال: لماذا لم يطالب بها في الضفة الغربية التي يستبيحها الاحتلال الصهيوني باستمرار؟ أترك الإجابة لفطنتك وذكائك!!

وخرج علينا ياسر عبد ربه منظر التيار في بطانة عباس ليقول إن الهدف هو حماية الشعب الفلسطيني وليس الانتخابات، ويبقى السؤال حماية ممن؟

إذا كان من الاحتلال فالمطلوب مدها إلى الضفة أيضًا.

ندوة وحوار

في ندوة المراجعات بين الجماعة الإسلامية تنظيم الجهاد التي انعقدت بالأهرام 30/6/2007م ثار سؤال تكرر كثيرًا حول موقف الإخوان المسلمين من المراجعات وألخصه هنا: أننا رحبنا بالمراجعات وبتوقف العنف الذي أدناه طوال انفجاره وكانت إدانتنا تعبيرًا عن موقفٍ شرعي وسياسي، ونظرنا للأمر من منظور إنساني هدفه هو استكمال المراجعات بسلام وخروج المعتقلين من السجون وكذلك الذين أنهوا مدة عقوبتهم، وتحسين المعاملة داخل السجون.

أما قصة العلاقة بين الأطراف المختلفة فتتحملها القاعدة التي ذكرتها من قبل وهي بالحب والإخاء، والتعاون والولاء مع الأخذ في الاعتبار أن الجميع ينظر بحذر شديد إلى هذه العلاقة بين الإخوان المسلمين وبين تيارات العنف الإسلامية حتى مع توقف هذه التيارات عن ممارسة العنف.

المصدر