العدوان علي غزة .. ورد اعتبار خيار المقاومة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
العدوان علي غزة .. ورد اعتبار خيار المقاومة


الاربعاء,13 أغسطس 2014

كفر الشيخ اون لاين | خاص

قد يتوقف بعض الرفقاء عند مفترق طرق ويختلفون ويتناقشون ويتجادلون حول أي الطرق يسلكون للوصول إلي هدفهم المنشود.. فهناك من يفضل الطريق الأول لأنه أقصر ويوصل للهدف بصورة أسرع،وهناك من يري أن الطريق الثاني أفضل بالرغم من أنه أطول من الأول إلا أنه خال من المطبات والمنحيات ،وهناك من يري أن الطريق الثالث أفضل لأنه أكثر أمانا.. وهكذا يستمر النقاش الذي ربما ينتهي باختيار الأغلبية للطريق الذي يقتنعون أنه الأفضل الذي يوصلهم لهدفهم

قد يبدوا هذا النقاش والخلاف طبيعيا ومنطقيا إذا لم يكونوا قد سلكوا هذا الطريق أو ذاك من قبل وجربوه بالفعل أما غير الطبيعي وغير المنطقي هو الإصرار علي المضي في طريق ثبت فشله عمليا بالتجربة من قبل ولم يصل بنا إلي شيء

لقد أعادت المقاومة ضد العدوان الصهيوني علي غزة وما حققته – وتحققه - من إنجازات علي الأرض الاعتبار ليس فقط إلي خيار المقاومة بل للقضية الفلسطينية ذاتها بعد أن ثبت فشل خيار المفاوضات كما فشل من قبل خيار التعويل علي الدول العربية في استعادة الحقوق المشروعة للفلسطينيين

وقد أكدت مواقف المقاومة وعلي رأسها حماس علي قراءتها الصحيحة لتاريخ القضية الفلسطينية وألاعيب الكيان الصهيوني بعدم الانجرار إلي لعبة المراوغة والتسويف وإضاعة الوقت في مفاوضات عبثية من جانب الكيان الصهيوني بهدف الحفاظ علي الوضع الراهن في غزة وحرمان المقاومة الفلسطينية من تحقيق أي مكاسب تتناسب مع ما قدمته من تضحيات،وما حققته من تغيير لمعادلات وموازين القوة علي الأرض

لقد جرب الفلسطينيون خيار المفاوضات السلمية مع الكيان الصهيوني وتمخضت المفاوضات عن اتفاق أوسلو عام 1993،والذي أعطي الفلسطينيين سلطة حكم ذاتي محدود والذي أطلق عليها السلطة الفلسطينية

وتم ترحيل القضايا الرئيسية والجوهرية كحق العودة والقدس والمستوطنات والحدود إلي مرحلة لاحقة وانتهي الأمر بفشل المفاوضات وتجميد الوضع،وتم حصار ياسر عرفات داخل مقره في رام الله ثم تم التخلص منه،وجاء محمود عباس ولم يحدث أي تقدم بعد أكثر من عشرين عاما علي أوسلو

والحقيقة أن أوسلو كانت في صالح الكيان الصهيوني فقد وفرت لهم الأمن من خلال مايسمي بالتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية والكيان الصهيوني،والذي طارد المجاهدين الفلسطينيين وأجهض العمليات الفدائية كما رفع الاتفاق الأعباء والالتزامات المفروضة علي الكيان الصهيوني بصفته دولة احتلال وحملها للفلسطينيين

وإذا رجعنا للخيار الأول الذي اختطته الدول العربية وهو العمل العسكري لمنع إنشاء الكيان الصهيوني،ثم التمسك بهذا الخيار للقضاء علي هذا الكيان،وعدم الاعتراف به بعد قيامه علي أرض الواقع نجد سلسلة من الأخطاء والكوارث والمؤامرات سواء التي صاحبت دخول الجيوش العربية،أو أثناء العمليات العسكرية أدت إلي النكبة،والتي أدت في النهاية إلي قيام الكيان الصهيوني علي مساحة اكبر بكثير من الذي منحها إياه قرار التقسيم وتشريد الفلسطينيين،والاحتفاظ فقط بالضفة الغربية تحت الإدارة الأردنية،وغزة تحت الإدارة المصرية

وبالرغم من تبني الخيار العسكري للقضاء علي الكيان الصهيوني ووضع هذا الموضوع علي رأس جدول القمم العربية إلا أنه لم يتم اتخاذ عمل عسكري واحد ضد الكيان الصهيوني تحت ذرائع مختلفة،والحروب الثلاثة التي دارت بين العرب والكيان الصهيوني وهي حرب 56 و67 و73 كانت المبادرة في الحربيين الأوليين للكيان الصهيوني

الأولي كانت بسبب تأميم القناة،والثانية بعد الحديث عن الحشود الصهيونية علي الحدود مع سوريا وغلق خليج العقبة ،والحرب الثالثة التي كانت المبادرة فيها للعرب كانت لاستعادة سيناء والجولان في الأساس

لقد غدت القضية الفلسطينية مجال للمزايدة بين الزعماء العرب،والتجارة بها في سوق النخاسة الدولي واتخاذها مبررا وذريعة للعصف بالحريات والديمقراطية وتبرير الاستبداد،وإطالة أمد الصراع تحت وهم شعارات من عينة لاصوت يعلو فوق صوت المعركة،وتحقيق التوازن مع العدو،وعدم السماح للعدو بأن يفرض علينا زمان ومكان المعركة!!

وإذا كان خيار السلام الذي تبناه العرب قد فشل بعد فشل خيار العمل المسلح علي أيديهم فلا يتبقي الاخيار المقاومة الحقيقية القائمة علي أسس سليمة تستلهم تجارب وخبرات التحرر الوطني المختلفة،وتستفيد من عبر ودروس التاريخ بصفة عامة وتاريخ الصراع مع الكيان الصهيوني بصفة خاصة

الواقع أن خيار المقاومة الصحيح كان مطروحا منذ البداية ولكن الزعماء العرب هم الذين أجهضوه باستبعاد أهل فلسطين أصحاب الأرض،والأولي بقيادة المقاومة في المقام الأول سواء لأطماع البعض أو الاستهانة بما كانوا يطلقون عليه العصابات الصهيونية،

فعندما صدر قرار التقسيم من الأمم المتحدة عام 1947 قررت جامعة الدول العربية تكوين جيش من المتطوعين من البلاد العربية أطلق عليه جيش الإنقاذ وقد دخل فلسطين أوائل عام 1948 قبل دخول الجيوش النظامية والملاحظة الجديرة بالذكر أن عدد الفلسطينيين بهذا الجيش كان قليلا بالمقارنة بغيرهم بالإضافة إلي عدم تسليحهم كما قررت الجامعة العربية،ويرجع ذلك لاعتراض بريطانيا علي خطة الجامعة العربية الصحيحة التي كانت قائمة علي تسليح وتدريب الفلسطينيين(بالرغم من صحة الفكرة إلا أن الاستعدادات والتسليح كان هزيلا ويكفي الإشارة أن القوات الصهيونية كانت تفوق القوات العربية سواء من المتطوعين أو القوات النظامية عددا وعدة) وكذلك حرص الملك عبدا لله ملك الأردن علي قلة عدد الفلسطينيين حتي لايشكلون خطرا علي أحلامه في ضم القسم العربي من فلسطين

ولعل من أبرز المواقف التي تدل علي الرغبة في إبعاد الفلسطينيين عن المعركة،وانتزاع قيادة الكفاح من الشعب الفلسطيني الموقف المتخاذل التي اتخذته اللجنة العسكرية التابعة للجامعة العربية من المجاهد الفلسطيني عبد القادر الحسيني عندما ذهب إلي اللجنة العسكرية في دمشق يطلب منها مده بالأسلحة لاستعادة مدينة القسطل الإستراتيجية بعد سقوطها في أيدي الصهاينة حيث رفضت اللجنة ولم يحصل منها إلا علي أقل القليل بعد تدخل رجال الحكم في سوريا،والإلحاح علي أهمية استعادة القسطل وهو ماجعله يصرخ في وجه اللجنة قائلا "لقد أضعتم بلادنا أنتم المسئولون عما سيحل بنا من دمار أيها الخارجون المتآمرون ....سأحتل القسطل وأموت أنا وكل جنودي وسيسجل التاريخ وسيشهد العالم أنكم كنتم المجرمين الخونة الذين أضعتم البلاد"

وهكذا جري استبعاد الفلسطينيين من قيادة الكفاح ضد الصهاينة واستمر هذا الخطأ بعد ذلك في الاعتماد علي الدول العربية في تحرير فلسطين حتي بعد انطلاق حركة فتح والعديد من المنظمات الفلسطينية ،وتكوين جيش التحرير الفلسطيني فقد كانوا يعولون في المقام الأول علي التدخل العربي بالرغم من العمليات الفدائية التي قاموا بها،ولم يتوقف الأمر عند خطأ التعويل علي الحكام العرب بل وقعت المنظمات الفلسطينية في عدة أخطاء،منها القيام ببعض أعمال العنف التي أساءت للقضية الفلسطينية في الدول الأوربية،وخضوع بعضها لسيطرة بعض الدول العربية،وانجرارها في صراعات داخل هذه الدول،والدخول في عمليات اغتيال وصراعات دموية فيما بينها مما أساء للقضية الفلسطينية

وقد تلافت حركة المقاومة الفلسطينية،وعلي رأسها حماس وحركة الجهاد هذه الأخطاء وإذ كنا نتوقف عند حركة حماس باعتبارها العنوان الأبرز للمقاومة مع عدم التقليل من جهود القوي الأخرى

فقد استوعبت حماس دروس تاريخ القضية الفلسطينية،ولذلك اعتمدت منذ انطلاقتها الرسمية عام 1987 ( تعتبر حركة حماس امتداد لحركة الإخوان المسلمين فوجودها قديم في فلسطين وقد عرفت بعدة مسميات قبل الإعلان عن تأسيس حماس بصفة رسمية ) علي عدد من الثوابت:.

- التمسك بأن القضية الفلسطينية هي قضية وجود لا قضية حدود وعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني،وإن أعربت عن استعدادها القبول بدولة فلسطينية في الضفة والقطاع بصورة مؤقتة مع عقد هدنة طويلة مع الكيان الصهيوني

- قصر نشاط المقاومة داخل الأراضي الفلسطينية وعدم القيام بأعمال فدائية خارج فلسطين

- عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى

- عدم الخضوع لتأثير الدول الأخرى عليها إلي حد كبير فبالرغم من تلقي حماس مساعدات خارجية واستضافة بعض قادتها في الخارج فان ذلك لم يؤثر علي ثوابت الحركة ومواقفها المبدئية

- عدم انجرار الحركة في صراعات داخلية وأعمال عنف مع الفصائل الأخرى باستثناء الصراع مع حركة فتح بعد فوز الحركة بالانتخابات التشريعية عام 2006،وقد فرض عليها هذا الصراع بعد المؤامرة الانقلابية التي قادها دحلان وانتهت بسيطرة حماس علي غزة

إن النجاحات التي تحققها المقاومة الفلسطينية سواء علي الصعيد العسكري والسياسي والإعلامي والتناغم والتكامل بينهم يؤكد علي خيار المقاومة الوطنية التي يقودها الفلسطينيون أنفسهم لإنهاء الاحتلال.

لن يتحقق أي شي لصالح القضية الفلسطينية سواء لمن يرفضون الاعتراف بالكيان الصهيوني الغاصب ويقبلون بدولة مؤقتة وعقد هدنة طويلة مع الكيان الصهيوني،أو الذين يقتنعون بحل الدولتين كحل دائم،أو حتي الذين يقبلون بحل الدولتين وترك المجال للأجيال القادمة مع تغيير موازين القوي المحلية والدولية لتحرير كافة الأراضي الفلسطينية عن طرق استجداء المفاوضات وانتظار فتات الموائد لأن نتائج أي مفاوضات تتوقف علي ما يملكه كل طرف من أوراق في يده علي طاولة المفاوضات فلا يمكن أن تحصل علي ما تريد وقد تخليت منذ البداية عن أهم ورقة ضغط وهي ورقة المقاومة ...فلا بديل عن المقاومة في كل الأحوال

د صفوت حسين

كاتب ومحلل سياسي

المصدر