تداعيات جديدة لأحداث الأسبوع الماضي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تداعيات جديدة لأحداث الأسبوع الماضي

مقدمة

201120-07-

لا تزال تداعيات الأسبوع الساخن تُلقي بظلالها على الساحة المصرية؛ حيث أثيرت العديد من القضايا التي تؤثر في المسار السياسي للثورة، ومنها الجدل حول المبادئ فوق الدستورية، وتشكيل وزارة جديدة.

أما على المستويين الإقليمي والدولي، فهناك ثلاثة مواقف، وهي: نشوب صراعات ما بين دولتي السودان، وموقف الكيان الصهيوني من الدولة الفلسطينية، ومنع سفن كسر الحصار من الوصول إلى غزة، ثم التدخلات الخارجية لاحتواء الثورات العربية.

أولاً: الشأن الداخلي

أثار البعض قضية وضع مواد فوق الدستورية، وأصدروا أكثر من وثيقة في هذا الموضوع، وادَّعوا أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة كلَّفهم بهذا، وأنه ينوي إصدارها في إعلان دستوري- وهو ما نشك فيه كثيرًا- ويرى الإخوان المسلمون أن هذا الأمر مرفوض شكلاً وموضوعًا:

أما من حيث الشكل فقد قرر الشعب في استفتاء مارس الماضي خريطة طريق وبرنامج عمل؛ لنقل السلطة من المجلس العسكري إلى السلطة المدنية المنتخبة من الشعب، وهذا البرنامج يبدأ بالانتخابات البرلمانية، ثم يعقبها انتخاب الهيئة التأسيسية التي ستقوم بوضع الدستور، ومن ثم لا يجوز تقييد صلاحيات هذه الهيئة بفرض أي مواد عليها، سواء سمِّيت دستورية أو فوق دستورية، وبالتالي يعدُّ ما يقوم به هؤلاء الآن التفافًا على إرادة الشعب وافتئاتًا على حقه.

أما من حيث الموضوع فإن الدستور وثيقة يمنحها الشعب لنفسه؛ أي أنها تصدر عنه وتعود إليه؛ ليبدي رأيه فيها في استفتاء شعبي عام، ولا يجوز أن تهبط إليه من مجموعة ممن يطلقون على أنفسهم "النخبة"، وبالتالي فالأصل أن تستطلع الهيئة التأسيسية رأي الشعب في القرى والمدن والجامعات والنقابات والوزارات والأندية، فيما يريده في الدستور، وذلك قبل صياغته، ثم تُفرغ هذه المطالب في صورة مواد في مشروع دستور، ثم يعود للشعب ليُستَفتى عليه، فإن أقرَّه صار دستورًا ممنوحًا منه لنفسه، وإن اعترض عليه يعاد للجنة التأسيسية؛ لتغييره حتى يحظى بموافقة الشعب.

وإذا أراد البعض أن يتقدم باقتراح ما في ورقة يقدمها للهيئة التأسيسية المنوط بها وضع مشروع الدستور؛ فلا بأس؛ شريطة أن تبقى ورقة مقترحة لا وثيقة، وأن تكون قيمتها أنها اقتراح بمشورة تأخذ بها أو منها الهيئة التأسيسية، أو تهملها، أو ترفضها جملةً، فهذا حقها، وفي الوقت ذاته نرفض رفضًا باتًّا إصدارها من الآن في صورة إعلان دستوري.

يقوم الدكتور عصام شرف بتشكيل وزارته الثانية، بعد فشل وزارته الأولى؛ لأن وزراءها كانوا مفروضين عليه، وكان بعضهم ينتمي إلى العهد البائد، وبعضهم كان ينتمي إلى لجنة السياسات بالحزب الوطني، وهؤلاء كانت عقولهم وقلوبهم مع ذلك النظام الفاسد.

ومن ثم كانوا معوقين للإنجاز؛ الأمر الذي أضاع عدة أشهر من عمر الثورة والشعب؛ مما فجَّر الاحتقان في نفوس الناس فخرجوا في 20118/7/م، في مليونيات في القاهرة وعواصم المحافظات؛ ليصحِّحوا مسار الثورة، ويطالبوا بالاستجابة لمطالبها، ومنها تطهير الوزارة.

فخرج الدكتور عصام شرف ببيانين يمكن اعتبارهما برنامج عمل يلبي عددًا من مطالب الثورة والناس، وإن كان البرنامج غير كاف ولا كامل، ولكن العقل والحكمة تقتضيان منحه فرصةً زمنيةً مناسبةً لتنفيذ برنامجه ومتابعته في هذا التنفيذ، مع الاستمرار في المطالبة ببقية المطالب الثورية الشعبية، وفي الوقت نفسه يمنح كامل الصلاحية في اختيار وزرائه، دون تدخل من أي أحد كائنًا من كان؛ ليكونوا مسئولين أمامه ويكون هو مسئولاً أمام الشعب.

ولذلك يستنكر الإخوان المسلمون كل محاولات الضغط التي يمارسها عليه بعض التجمعات لاختيار الوزراء، ويقررون أنه ليس كل من نزل الميدان أو ألقى خطبة عصماء يصلح للوزارة.

كما يؤيدون الخطوات التي تمَّ اتخاذها، مثل تطهير جهاز الشرطة؛ باعتباره خطوةً على طريق التطهير الكامل، وكذلك تفريغ دوائر قضائية لمحاكمة القتلة والفاسدين، وإعلان المحاكمات على الشعب علانيةً، وإعطاء أهالي الشهداء حقوقهم المادية، ويطالبون باستكمال التطهير في الجامعات والإعلام، وأن يقوم مجلس القضاء الأعلى في النظر في شأن القضاة الذين اشتركوا في التزوير، وأصدروا أحكامًا مسيئةً غير قانونية، وكذلك الإسراع باتخاذ خطوات على طريق تحقيق العدالة الاجتماعية بتقرير حد أدنى وحد أعلى للأجور.

ثانيًا: الشأن الإقليمي والدولي

بعد وقت قليل من إعلان استقلال دولة "جنوب السودان" اتهمت الحركة الشعبية (الحزب الحاكم في جنوب السودان) ودول أخرى الحكومة السودانية بارتكاب انتهاكات في جنوب كردفان، وهي قضية ظلت مثارة وقت الفترة الانتقالية منذ عام 2005م، وتعني سرعة إثارة عناصر التوتر بين البلدين أن فرص السلام والتعاون سوف تكون قليلة، وخاصةً في ظل وجود الكثير من القضايا العالقة التي تتطلَّب الكثير من التفاوض والتسوية السياسية السلمية في "أبيي" و"النوبة" وغيرها، ويرى الإخوان المسلمون أن تغليب عناصر التوتر سوف ينعكس سلبًا على الاستقرار الإقليمي في دول حوض النيل؛ لذا يعد من الأهمية فتح مسارات إقليمية وبعيدة عن التدخل الأجنبي؛ لمناقشة العلاقات الثنائية والجماعية في هذه المنطقة.

مع اقتراب شهر سبتمبر يترقَّب الجميع ما ستسفر عنه المعركة الدبلوماسية والسياسية التي تدور رحاها بين الحكومة الفلسطينية، ومن ورائها جامعة الدول العربية، في محاولةٍ استخلاص اعتراف هيئة الأمم المتحدة بدولة فلسطين على 20% من مساحة فلسطين التاريخية، وبين أمريكا والدول الغربية والكيان الصهيوني الذين يسعون لإجهاض هذه المحاولة، متغافلين أن الدولة العبرية قامت بقرار من هيئة الأمم المتحدة، ثم أهدرت مئات القرارات الصادرة من هيئة الأمم المتحدة لصالح الفلسطينيين؛ الأمر الذي يقطع بأنهم يكيلون بمكيالين، ويهدرون أهم مبادئ الأمم المتحدة من عدم جواز الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وقمع الأعمال العدوانية التي تخل بالسلام.

إن الغرب يهدر كل مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان، بل يشارك في أعمال غير إنسانية، مثل حصار قطاع غزة لمجرد أنه انتخب ممثلي حركة حماس في انتخابات برلمانية نزيهة، ويقف ضد حق الفلسطينيين المشردين في العالم في العودة إلى ديارهم، في الوقت الذي يسمح فيه لأي يهودي في العالم في "الاستيطان" في فلسطين.

وهذه القضية تحتاج أولاً إلى المصالحة بين الفلسطينيين أنفسهم؛ حتى تتوحَّد كلمتهم وسياستهم وإرادتهم في مواجهة الظلم العالمي.

وتحتاج ثانيًا إلى أن تتحمَّل الدول العربية مسئوليتها إزاء هذه القضية، وكذلك الدول والشعوب الإسلامية؛ ففلسطين قضية العرب والمسلمين جميعًا.

كما ينبغي مخاطبة الأحرار والشرفاء في العالم كله؛ حتى ينحازوا للحق المظلوم والمهضوم، وللإنسان الفلسطيني المشرد والمحاصر والمعتقل والمحتلة أرضه؛ حتى يعود إليه حقه.

والإخوان المسلمون يتطلعون إلى السياسة الخارجية في مصر الحرة مصر الثورة أن تحمل مسئولية هذه القضية، وأن تقود أخواتها من العرب نحو دعم حقوق الشعب الفلسطيني، وفي الحد الأدنى من ذلك فتح معبر رفح أمام البشر والسلع، دون تعويق أو تعطيل.

منذ اندلاع عدد من الثورات في العالم العربي، توافد العديد من المسئولين الغربيين على عواصم الدول العربية، سواء لاستكشاف الأوضاع السياسية المفاجئة، أو لوضع تصورات جديدة لسياسة بلادهم، وبغضِّ النظر عن تأرجح المواقف الغربية تجاه دعم المسار الثوري أو التخلي عنه، كشفت تحليلات لباحثين ومسئولين سابقين في الولايات المتحدة وأوروبا عن أن الخيارات المتاحة لا تعني فقط الوصول إلى الديمقراطية الكاملة، وكان من اللافت للنظر أن تترافق هذه التحليلات مع تذبذب المد الثوري في ليبيا وسوريا واليمن، وتصاعد الجدل حول الدور السياسي للتمويل الأجنبي في مصر، وممارسة ضغوط على الحكومة المصرية.

وفي هذا السياق يؤكد الإخوان المسلمون أن الثورة الفريدة التي صنعها المصريون إنما هي لاستكمال الاستقلال السياسي الذي حرمت منه البلاد لفترات طويلة، وهو أمر لازم لتحقيق الاستقرار، ولإقامة علاقات تعاون متكافئ مع الدول الأخرى.

المصدر