ثورة مصر وما بعدها
أولا: سمات الثورة المصرية ومقتضيات التغيير
العناصر المكونة لتكتل القوى الثورية
تبدو لي الحركة التي أخذت مجراها في المجتمع المصري أواخر يناير 2011 ، في واقع الأمر انطلاقاً ثورياً قد يتحول إلى مد ثوري لا أكثر. فما حدث هو أكثر من مجرد انتفاضة أو فورة يعود بعدها المجتمع إلى ما كان عليه قبلها، أي أكثر من حركة احتجاج, لكنه أيضاً أقل من ثورة.
بمعنى أن تلك الحركة لم يكن لها أهداف واضحة تتجاوز الإطاحة بمبارك، يرجع ذلك إلى طبيعة المطالب الواضحة والضمنية للقوى التي انخرطت في تلك الحركة وأهدافها.
يمكن أن نقول أنه كانت هناك ثلاثة عناصر رئيسية في تلك الحركة بالإضافة إلى عنصر رابع سأتحدث عنه لاحقاً. تتمثل العناصر الأساسية للحركة في:
أولاًـ الشباب المسيس أصلاً والمنظم في شبكات مرتبطة ببعضها بعضاً، يصل عدد أعضائها إلى مليون شاب، يمثلون ما يمكن أن نطلق عليه الجيل الجديد.
تنحدر أصول هذا الشباب من الفئات الوسطى أساساً بما فيها الفئات الوسطى الدنيا القريبة من الجماهير الشعبية لكن دون أن يوجد بينهم جناحًا شعبيًا بالمعنى الصحيح للكلمة، أي أبناء عمال وفلاحين فقراء.. الخ.
لقد سيس هؤلاء الشباب أنفسهم خارج الأحزاب وفي إطار نظام ألغى الحياة السياسية لعقود.
وهو أمر في حد ذاته يستحقون عليه الثناء.
لا يكون هؤلاء الشباب قطعاً كتلة متجانسة لكن التيار الغالب بينهم يطالب بما يتجاوز المطالب الديمقراطية البسيطة.
لا تقف المطالب عند مجرد الانتخابات النزيهة والمتعددة الأحزاب، متجاوزة ذلك إلى حرية التعبير وحرية الممارسة الاجتماعية فهي إذن مطالب ديموقراطية صحيحة وكاملة.
فهم معاصرون وحداثيون يعرفون ما يحدث في العالم ويدركون أحوال حياة الشعوب في البلدان الأخرى.
ولذلك يقفون إلى حد كبير خارج دائرة الخضوع «للتقاليد» بما فيها التقاليد الطقوسية في الممارسات الدينية.
أسمى مطالبهم مطالب ديمقراطية صحيحة أيضًا لأنها تتجاوز تلك النقطة إلى العداء للاستعمار، بمعنى أن هؤلاء شبان وطنيون يريدون عودة شرف الوطن المصري، ومؤمنون تماماً بأن مصر لابد أن تكون دولة مستقلة وليست خاضعة وتابعة للسياسة الأميركية وخاصة فيما يتعلق بسياسة إسرائيل التوسعية.
فهم بهذا المعنى معادون للاستعمار على أرضية وطنية، لا أقول أنها بالضرورة قومية عربية، لأن هناك درجات مختلفة من الوعي القومي تظهر أحياناً بينهم، وأحياناً يتنحى الوعي القومي لصالح الوعي الوطني المصري فقط.
لا شك في أنه لدى هؤلاء الشباب ميولاً نحو التعاون مع البلدان العربية، لكنهم أيضاً يشعرون بنفس الأمر تجاه البلدان الأفريقية والآسيوية وبلدان الجنوب بوجه عام.
وأعتقد أنهم بإطلاعهم الواسع على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) تأثروا كثيراً بما حدث في أمريكا اللاتينية في السنوات العشر الأخيرة، ولو أنهم لا يعرفون كثيراً عن واقع تلك القارة، إلا أنه لا يمكن إهمال أثر التغيرات التي جرت في تلك البلدان وشخصيات مثل شافيز وموراليس ولولا عليهم، لأن ما حدث هناك بالذات هو التلاقي بين المطالب الديمقراطية الصحيحة وتلك المعادية للاستعمار.
من جانب آخر لدى هؤلاء الشباب ميول يسارية على المستوى الاجتماعي بمعنى أنهم بدون أن يكونوا بالضرورة معادين للرأسمالية واقتصاد السوق، وبدون أن يكونوا مدركين بالضرورة لشروط التغيير أيضاً فإنهم يرفضون المجتمع بحالته الراهنة من التفاوت المتزايد بين المليونيرات والمليارديرات من جانب والفقر المتزايد والمتفاقم من جانب آخر، وهناك ميل عام واضح لديهم ولكن غير محدد لما نطلق عليه العدالة الاجتماعية، بدون أن يكون لديهم بالضرورة وصفة أو بديلاً ملموسًا في المجال الاقتصادي. هؤلاء الشباب هم مفجرو الحركة بدعوتهم الناس إلى النزول إلى الشوارع يوم 25 يناير 2011 .
لعب قطعاً ما حدث في تونس في الأسابيع القليلة السابقة على هذا التاريخ دوراً تشجيعياً لهم على مواجهة الأجهزة القمعية وعدم الاستسلام لما تمارسه من قهر وعنف.
ثانيا ـ لبى اليسار المصري الراديكالي دعوة هؤلاء الشباب من الوهلة الأولى لأنه كان مستعدًا لذلك، إلا أنه كان نتيجة إلغاء الحياة السياسية لعقود طويلة انطلاقاً من عبد الناصر ومن بعده السادات ومبارك طبعاً معزولاً نسبياً مكوناً بشكل رئيسي من مثقفين إلى جانب عناصر من الفئات الوسطى وربما بعض العناصر من الطبقة العاملة من خلال النقابات والصراع الطبقي في المصانع لا أكثر من ذلك، الأمر الذي انعكس بدوره على أخذ تشكيلات اليسار شكل المجموعات والمنظمات الصغيرة ومنظمات المجتمع المدني المختلفة..
أعتقد وربما أكون متفائلاً في ذلك أن هناك نوعًا من التعاطف التلقائي بين الشبان ومجموعات اليسار لأن هؤلاء الشباب يساريون في نهاية الأمر بإيمانهم بالديمقراطية الصحيحة وعدائهم للاستعمار وتوجههم الاجتماعي إن لم يكن الاشتراكي. ولذلك أرى أن التفاهم بين اليسار الراديكالي والأغلبية الكبرى من الشباب يمثل جوهر وأساس مستقبل الثورة لأن المستقبل بيد هؤلاء الشباب.
ثالثا ـ يتمثل العنصر الأساسي الثالث للحركة في ما تطلق عليه بعض الأدبيات «البورجوازية الليبرالية»، وإن كنت لا أحبذ هذا التوصيف وأفضل عليه «عناصر من الفئات الوسطى الليبرالية الديمقراطية» لأن البورجوازية كطبقة في مصر رجعية وأعتقد أنها كذلك الآن أكثر مما كان الأمر عليه سابقاً.
فجوهر الطابع الأساسي للبورجوازية المصرية أنها رجعية كمبرادورية أي أنها طفيلية وتابعة.
ولا يمكن التمييز في الواقع المصري بين بورجوازية طفيلية وبورجوازية غير طفيلية إذا قصدنا بالبورجوازية معناها الصحيح المتمثل في أصحاب المال وبالتالي المشروعات الصناعية والتجارية والخدمية.
صحيح أن هناك بعض المصانع الصغيرة التي يملكها بعض المهنيين الوطنيين الذين يدخلون في دائرة البورجوازية أيضاً.
إلا أنهم في الواقع لا يمثلون سوى فئة صغيرة ولا تنتمي في الظروف المصرية إلى الكتلة الأساسية للبورجوازية، بل هي مستبعدة.
على سبيل المثال، في مجال البناء والتعمير، تعاني الشركات الصغيرة من هذا النمط من ضغوط الشركات الكبرى الكمبرادورية التي تجبرها على العمل من الباطن لحسابها.
ناهيك عن ممارستها ضغوط متعددة عليها مستخدمة وسائل الدولة المرتبطة بها والفساد بحيث أننا لا نستطيع أن نتحدث عن بورجوازية وطنية في ظروف مصر.
فالبورجوازية في مصر تابعة واستفادت فعلاً من الاندماج في العولمة كما هي أي عولمة تابعة للولايات المتحدة والاستعمار المهيمن.
وبالتالي هذه القوى رجعية على طول الخط.
ولكن الفئات الوسطى شيء آخر، عبارة عن المهنيين، وهم يمثلون عددًا كبيرًا من المحامين والمهندسين والمحاسبين والأطباء، الموظفين في الحكومة والشركات، منهم الغني والمتوسط والفقير. تنقسم هذه الفئات الوسطى إلى جناحين على أرضية أيديولوجية وثقافية أكثر منها سياسية، جناح إسلامي بالمعنى السلفي والطقوسي للكلمة، (فالمشكلة هنا ليست في التقسيم بين المؤمنين وغير المؤمنين، فالأغلبية الكبرى من الشعب المصري سواء كانوا مسلمين أم أقباط هم مؤمنين، والقضية ليست قضية إيمان) أي الجناح المتخلف فكرياً الداخل في إطار تصور الإسلام السياسي ( الإسلام كحل سياسي للمشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية)، وهو الجناح الغالب بين الفئات الوسطى بدليل سيطرته على النقابات المهنية ليس بالصدفة طبعاً ولكن عبر مساعدة حكومة السادات ومبارك وبالتمويل الخليجي ولكن أيضاً بسبب وجود قاعدة لهم في هذه القطاعات.
إلا أن هناك تيار آخر في الفئات الوسطى يمكن أن نسميه مستنيرًا، ينتشر بين القطاعات المتفتحة من هذه الفئات التي تشارك الشباب في مطالبه الديمقراطية الصحيحة بمعنى الديمقراطية في الممارسات الاجتماعية على الأقل جزئياً وليس الانتخابات النزيهة فقط، فهم غير متحمسين لأشياء مثل الحجاب وغير متعصبين فيما يخص المشكلة الطائفية الدينية.
فهم مستنيرون بمعنى أنهم لا يكرهون «الغرب» ولا «الأوروبيين»، بل على العكس كثيرون منهم سافروا ورأوا تلك البلدان ولديهم تعاطف تجاه المجتمعات الغربية دون أن يكونوا بالضرورة مدركين للطابع الاستعماري للسلطة في البلاد الديمقراطية الغربية.
فموقفهم بين البينين. رأينا حركات مثل كفاية في السنوات الأخيرة جمعت ناسا كثيرة تنحدر أصلاً من هذه الفئات للاصطفاف خلف مطالب ديمقراطية وديمقراطية اجتماعية تتعلق بالممارسات اليومية وليست سياسية فقط.
أعتقد أن هؤلاء المستنيرين هم حلفاء حقيقيون في هذه المرحلة لليسار ولو أنهم محدودون بمعنى أنهم لا يهتمون كثيراً بأوضاع الطبقات الشعبية الاجتماعية وقضايا مثل الفقر الذي لا يعد بشكل كبير مشكلة لهم، مع أن هناك عدداً منهم لديهم قطعاً ميول إلى تغيير السياسات والأوضاع الاقتصادية لكنهم أيضاً متمسكون إلى جانب ذلك بالاقتصاد الحر والرأسمالية ومن أنصار الاندماج في المنظومة العالمية... الخ.
كذلك بالنسبة للقبول بسياسة الولايات المتحدة وإسرائيل.
لا يوجد قطعاً كثيرون لديهم ميول طيبة بالنسبة لإسرائيل، فلا شك في أن الناس تكره إسرائيل لكنها في الوقت نفسه تقبلها بدرجات مختلفة كأمر واقع عليها القبول به، وعلى أساس أنهم ليسوا فلسطينيين أيضاً، دون أن تكون واضحة لديهم بالضرورة العلاقة بين الطابع الاستعماري للسلطة في بلدان الثالوث، الولايات المتحدة وأوروبا واليابان من جهة، وإسرائيل من الجهة الأخرى.
رابعا ـ وقد تضافرت العناصر الثلاثة للحركة التي انخرط في أيامها الأولى مليون شخص أو مليونان على الأكثر، في القاهرة و الإسكندرية و السويس , لتؤدي إلى نقل نوعية جديدة.
ففي ظرف 24 ساعة قفز هذا العدد الذي لايتجاوز الـ2 مليون إلى 15 مليون شخص, حيث اجتاحت المظاهرات القطر المصري كله وليست المدن الكبرى فقط، لتشمل الأحياء والمدن الصغيرة وربما بعض القرى أيضاً.
فهذا الرقم يشير إلى أن الشعب المصري كله تقريباً اشترك في هذه المظاهرات، ولم يكن بينه من المسيسين بعض الشيء إلا ما يصل إلى مليونين أو ثلاثة ملايين شخص على أكثر تقدير.
أما الباقون فهم غير مسيسين نهائياً، نتيجة أيضاً إلغاء الحياة السياسية منذ عقود انطلاقاً من جمال عبد الناصر وتصفيته للأحزاب والحياة السياسية وإدارته للسياسة من فوق، وهو الأمر الذي ساء أكثر مع مجيء السادات ومبارك.
وهذه الأمور تفسر نجاح التيار الإسلامي كتيار عام في تعبئة هذه الجماهير باعتباره الخطاب الوحيد الذي كان متاحاً لهم عبر خطب المساجد دون أن تتاح لهم أي فرصة حقيقية على الإطلاق للاستماع إلى أي خطاب سياسي واجتماعي آخر.
فمن المنتظر أن تعانى من الآن فصاعداً هذه الجماهير الضائعة على مستوى الوعي والمغالية في إظهار المشاعر الدينية التي تبجلها الأغلبية الكبرى من الشعب المصري بمن ينتمون فيه إلى الفئات الوسطى، من اضطراب فكرى نابع عن وجود تناقض محتمل بين مطالبهم وأهداف القيادات السياسية ليس للإخوان المسلمين فحسب ولكن أيضاً لجميع المنظمات والفرق المنضوية تحت راية الإسلام السياسي.
هكذا نكون قد تحدثنا عن العناصر الأربعة للحركة التي أخذت مجراها في المجتمع المصري مع حلول يوم 25 يناير 2011 والتي يمكن تقسيمها إلى ثلاثة عناصر هي الشباب واليسار الراديكالي وعناصر الفئات الوسطى الليبرالية الديمقراطية بالإضافة إلى شيء أوسع بكثير منهم يتمثل في جماهير الشعب المصري بشكل عام.
هيأت طبعاً ظروف وقعت في السنوات الأخيرة لهذه الانتفاضة الكبيرة وانخراط الجماهير الشعبية فيها، في مقدمتها انتعاش الحركة العمالية كما تتمثل في إضرابات 2007 ، ونشأة فكرة تكوين النقابات المستقلة وممارستها على أرض الواقع، وصمود حركة صغار الفلاحين في مواجهة الإجراءات الحكومية لإلغاء الإصلاح الزراعي.. الخ
وبالنسبة للفئات الوسطى تمثلت هذه الظروف في صعود حركة كفاية... الخ ونظيراتها عند الشباب ممثلة في 6 أبريل ... الخ،
أي كانت هناك عناصر متعددة تدل على أن الانفجار قريب وقادم بشكل أو بآخر. وهو ما حدث فعلاً. مقتضيات التغيير
يتضح مما سبق أن الحركة التي بدأت فقط في ينايرـ فبراير 2011 في حاجة إلى وقت لكي تخطو قدماً للأمام, ولكي تنتعش وتتوسع وتتجذر وتتعمق بين الجماهير.
ومن ثم فان المطلوب هو فترة انتقالية طويلة، لأن ما يقال عن أن الثورة أسقطت النظام وبالتالي الدستور صحيح على مستوى عالي من التجريد, ولكنه ليس صحيحاً عملياً.
فهناك رغبة أو ميل لإسقاط النظام، لكن لا أكثر من ذلك. وكذلك إسقاط الدستور الذي لا يزال ساري المفعول, هو وجميع القوانين المتمشية معه. إذن فان الفترة الانتقالية الطويلة الديمقراطية بالمعنى الصحيح للكلمة تأتي في مقدمة الشروط المقتضية للتغيير.
أقصد بـ «الديمقراطية بالمعنى الصحيح للكلمة» ديمقراطية تتيح الفرصة لتكوين كافة أشكال التنظيمات والأحزاب والنقابات بمنتهي الحرية.. الخ.
هذه الفترة الانتقالية الطويلة الديمقراطية بالمعنى الصحيح للكلمة التي قد تستغرق سنتين أو أكثر هي الشرط لترويج ثقافة سياسية مدنية علمانية ديمقراطية.
أقول هنا ثقافة ديمقراطية ولا أقول ثقافة اشتراكية، بمعنى أن هذه الثقافة السياسية العلمانية تضم التيارات الديمقراطية البورجوازية والمطالب الاشتراكية أو المطالب الاجتماعية التي تندرج في إطار التطلع الاشتراكي، وذلك حتى يكون للانتخابات التي ستعقبها معنى.
في تلك الحالة سيكون جزء كبير من الناخبين أشخاص مسيسين أو على أقل تقدير مطلعين على بدائل مختلفة سواء كانت على أرضية الاقتصاد أو الاجتماع أو إدارة السياسة أو إدارة الشؤون الاجتماعية والحياة اليومية بما فيها الجوانب الدينية والعلاقة بين العقيدة الدينية والممارسة السياسية، وأيضاً قادرين على مفاضلتها والاختيار فيما بينها.
وأعتقد أن شكل السلطة خلال تلك الفترة والأشخاص الذين سيتصدوا لقيادتها سيكونا محل معركة سياسية، بحيث نحاول فرض تغيرات ولو بالتدريج تتمثل في رفض تعيين قيادة الجيش لشخصيات معظمها ينتمي للنظام القديم لإدارة هذا الانتقال.
بل الأولى في حالة وجود هذه الشخصيات في صدارة المشهد كما هو الأمر الآن وإصدارهم لقوانين مضادة لحرية تنظيم الأحزاب كالقانون الذي أصدروه شبيهاً بالقانون القديم للأحزاب أو القوانين المعادية للطبقة العاملة كقانون حظر الإضرابات، أن ندرك أن الحكومة التي أصدرت مثل هذه القوانين ليست بحكومة انتقالية، وأن نتعلم من التونسيين المتقدمين عنا فرض تغيير فعلى ولو تدريجي للحكومة، بحيث تكون كحكومة انتقالية مكونة من عناصر تمثل الحركة الشعبية في الشوارع.
يفصح ذلك عن اختلاف الظروف هناك تماماً عن هنا لأن الجيش في تونس صغير وضعيف وبعيد عن السياسة وبالتالي لا يلعب الدور الذي يلعبه الجيش في مصر وليس له وزن.
وبالتالي تتصارع في تونس قوتان، الأولى هي قوى النظام القديم متمثلة في الطبقة البورجوازية الطفيلية المرتبطة بالسلطة السابقة والحزب الحاكم، والثانية هي قوة الثورة ممثلة في الفئات الوسطى والطبقات الشعبية دون أن يوجد طرف ثالث موجود وهو الجيش، كما هو الأمر عليه في مصر .
وبالتالي الحكومة في تونس أفضل بكثير من الحكومة في مصر .
فالحكومة التونسية الحالية لا تجرؤ على الإطلاق على منع أي تكوين حزبي أو نقابي وتترك الناس لخياراتها الحرة، أي هناك ديمقراطية غير موجودة في مصر . نستنتج من ذلك أن المطلب الرئيسي لليسار الجذري بالتآلف مع الفئات الوسطى الديمقراطية والحركة الشعبية بشكل عام وطبعاً النقابات العمالية... الخ.
وبدرجة أولى الشباب المنظم. ونصف المنظم بحيث أن يتمثل هذا الائتلاف في إدارة الفترة الانتقالية بأسلوب جديد وتقدمي.
مفكر مصري / القاهرة
المصدر
- مقال:ثورة مصر وما بعدهاالمركز الفلسطينى للتوثيق والمعلومات