حول أسباب العداء للإسلام.. وقضية السودان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حول أسباب العداء للإسلام.. وقضية السودان
24/06/2004

رسالة من محمد مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين

مقدمة

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ومَن والاه.. وبعد،

فإن كثيرًا من الناس في عالمنا الإسلامي ينظرون في دهشة وحيرة إلى مظاهر العداء للإسلام والمسلمين التي لا تخطئها عين ولا يغفلها وعي ولا عقل، تلك المظاهر التي تتبدى في أجهزة الإعلام الصاخب، القادر على اختلاق الأكاذيب وتجاهل الحقائق وتضخيم الصغير من الأمر، وتقزيم الكبير منه، وصنع المعارك الموهومة وتشكيل الرأي العام، الذي غدا قوة ضغطٍ لا يمكن إغفالها في تكوين القرار السياسي في الغرب، وهي مظاهر العداء التي نراها أيضا في تجييش الجيوش لغزو أراضي المسلمين، وقهر إرادتهم.

وفرض مصالح الغرب عليهم بالقوة الباطشة والقدرة الغاشمة، كما حدث في أفغانستان والعراق، وكما حدث من قبل في فلسطين ؛ حيث صنع الغرب المشروع الصهيوني، ودعمه بالمال والسلاح والرجال والعلم، وما زال يدعمه حتى الآن، ولولاه ما صمد الكيان الصهيوني، ولا كُتِبَ له البقاء، فضلاً عن مظاهر العداء البادي في معاملة المسلمين في أقطار الغرب وأمريكا التي تغيرت إلى حد بعيد-

وبخاصة بعد أحداث 11 سبتمبر- في مطارات أمريكا وأوروبا ومؤسساتها وأجهزة إعلامها وشوارعها.. إلى غير ذلك من مظاهر العداء الظالم البغيض.

ولا شك أن حيرة ودهشة هذه القطاعات من المسلمين تجاه ما يرونه من عداء لا مبرر له للإسلام والمسلمين أمر يمكن تفهمه، فليس للمسلمين في حالتهم الراهنة تلك القوة البارزة التي يمكن أن يرهبها الغرب على ذلك النحو، ويفترض أنها تمثل خطرًا عليه.. بل إن معظم الشعوب المسلمة تئن من المظالم السياسية والنظم المستبدة التي لا يُرجى خيرها ولا منجاة من شرها.. وتئن من الفقر المفروض عليها بعدما نهبت ثرواتها بفعل الاستعمار الغربي الذي أبتلينا به عقودًا من الزمن، وبفعل سوء توزيع الثروات في بلادنا، بحيث يصب معظمها في جيوب فئة مترفة لا يهمها- ما دامت متخمة- مصير الآخرين، فضلاً عن ذلك الحصار العلمي والتقني الذي يضربه الغرب حول العالم الإسلامي ليضمن بقاءه ضمن دائرة التخلف، وليزيد من الهوة الحضارية العلمية بين الشرق الإسلامي والغرب الأوربي والأمريكي وحلفائه الصهاينة، أما ما يُسمونه خطر الإرهاب فقد جرى تضخيمه إلى حد غير مصدق بفعل الآلة الإعلامية الجبارة للغرب، ويظل ما يُنسب إليه في كثير من الحالات مجرد ادعاءات وافتراضات لا دليلَ عليها، لكنها تجد من المزاج الغربي العنصري الحاد أرضًا خصبة للتضخيم والتهويل.

غير أن النظرة المتأنية التي تتسق مع عقيدتنا وتجيد قراءة الواقع ودراسة تاريخ الصراع بين الحق والباطل وسبله ومآله جديرة أن تنفي عن عقولنا الدهشة، وأن تجلو عن نفوسنا الحيرة والعجب.. إذ أن ممارسات وتصريحات فريق من ساسة الغرب ومفكريه في أمريكا وأوروبا تؤكد أن بعضهم يحمل أفكارًا غير صحيحة وشائهة عن الإسلام والمسلمين وطبيعة العلاقة الممكنة معهم، تلك الأفكار والرؤى التي تغذيها روافد التعصب الذميم، وبقايا الروح الصليبية، بعدما ظن الكثيرون أن أمريكا وأوروبا قد برئت منهما، وهي تؤكد ليل نهار أن لا أثر للدين في سياستها، وتقرر علمانيتها بكل سبيل، وتروج لها في أنحاء العالم الإسلامي؛ بل إن فريقًا من ساسة أمريكا اليوم يعلنون في وضوح وجلاء عن إيمانهم بأفكار الصهيونية الإنجيلية التي تقوم على عقيدة مضللة مؤداها أنه لابد لتحقق عودة المسيح عليه السلام من قيام كيان صهيوني قوي في فلسطين ، يجتمع فيه يهود العالم ويأوون إليه.

ويقتضي ذلك عندهم الإيمان بحتمية وفرضية دعم الكيان الصهيوني وتقوية وجوده، وتشجيع الهجرة إليه، وتأمينه بإضعاف المسلمين من حوله، وعلى رأس هؤلاء مَن يُسمون في أمريكا بالمحافظين الجدد الذين يعتلون سدة الحكم فيها الآن، ولعله لا يغيب عن ذاكرتنا قول الرئيس الأمريكي بوش الابن أثناء إعداده للحرب على العراق بأنها "حرب صليبية".

ولا ريب أن هذه الأفكار العدوانية والروح المتعصبة تقف على طرف النقيض مع دعوات هؤلاء القوم إلى السلام العالمي والإخاء الإنساني والتعاون الدولي والحرب على الإرهاب، بل إننا لا نبالغ إذا قلنا إن مثل هذه الأفكار والعقائد السياسية- المبنية على افتراضات دينية لا أساس لها- ليست بدعًا في النظرة الأمريكية والأوروبية إلى المسلمين والتعامل معهم.. ولدينا رصيد تاريخي ممتد منذ الحروب الصليبية، وحتى الاستعمار العسكري لبلاد المسلمين في القرنين الماضيين، وما سبق ذلك وما تلاه، ثم يلصق ذلك كله بالسيد المسيح عليه السلام ودينه، وهو منه براء، فقد جاء رحمة لقومه، وليضع على الأرض السلام، وليجلب للناس المسرة.

واجب المسلمين

وإن ذلك ليفرض على المسلمين فقه واقعهم، ومعرفة دوافع أعدائهم ﴿وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَى بِاللَّهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللَّهِ نَصِيرًا﴾ (النساء:45)، والحذر من دعوات مغشوشة إلى السلام، لا يراد منها السلام بحال، فديننا دين السلام، والله هو (السلام المؤمن المهيمن)؛ بل يراد منها تخدير أعصاب الأمة وعقولها، لتنساق مع قطيع الذبح، وهي مبتسمة راضية غافلة، وليت أمريكا والصهاينة دعاة السلام الكاذب يكفون عن حروبهم، وينظرون إلى أيديهم الملطخة بدماء المسلمين، ويفكرون في مدى مصداقية حديثهم المناقض لفعلهم.

فالصهاينة في فلسطين المحتلة لا يستنكفون عن الحديث عن السلام رغم تاريخهم الدموي الأسود، ورغم أن دولتهم ما قامت في الأساس إلا على العدوان والقهر وترويع الآمنين وطردهم من بلادهم ومحاولات إذلالهم، ثم يجدون مَن ينخدع بحديثهم ممن آثر الحياة الدنيا، وأخلد إلى الأرض، وأعطى الدنيّة في دينه، وينساق بعض هؤلاء فيغيرون مناهج التعليم في بلادهم إرضاءً للصهاينة، ويحذفون آيات القرآن التي تتحدث عن عداء اليهود للمسلمين، ويحذفون قصص البطولة والتضحية والفداء وأحاديث الجهاد وفضائل الاستشهاد، لينشأ جيل من شبابنا على ما أسموه بثقافة السلام، ولم يسائلوا أنفسهم هل فعل الصهاينة في مناهج تعليمهم مثلما فعلوا؟ ولماذا يفرض ذلك على المسلمين والعرب فرضًا بينما نظم التعليم ونسق التربية في الكيان الصهيوني يقطر دمًا وعنصريةً وعدوانً

ويتحدث الأمريكان في العراق عن تحرير الشعب العراقي، وهم الذين احتلوا بلاده، وتعمدوا القضاء على مؤسساته، ونهبوا ثرواته، وقتلوا أبناءه، وعذبوا الأحرار منهم في سجن أبي غريب وغيره من سجونهم، وانتهكوا أعراض نسائه، ويتحدثون عن تسليم السلطة إلى العراقيين، وفي ذات الوقت يعلنون بقاء قواتهم إلى أجل طويل غير مسمى.

وقد بات واضحًا لكل ذي عينين أن هؤلاء وأولئك من المعتدين لا يفهمون إلا لغة القوة ومنطق الأقوياء، وبعد ضربات المجاهدين الموجعة للصهاينة في فلسطين بدأ الحديث عن الانسحاب من غزة ، وهو حديث لا يخلو من مغالطات وألاعيب ومكر، ولا ضمان لتحقيقه إلا استمرار الجهاد ، وتوحيد القوى الوطنية والإسلامية في مواجهة العدو.. وبعد استمرار المقاومة في العراق وتوافد توابيت القتلى والمصابين من الأمريكان على مطاراتهم اضطروا إلى الحديث عن حكومة عراقية منتخبة ودستور عراقي وسحب للقوات الغازية.. وشتان بين لغة الخطاب الأمريكي المنكسر الآن ولغته غداة الغزو منذ أربعة عشر شهرًا وهو يفيض غطرسة وكبرًا، ويوزع الاتهامات على الجيران ممزوجة بالتهديد والوعيد.

وإن من واجب المسلمين اليوم تكثيف الجهود لتصحيح صورة الإسلام لدى الغرب، في مواجهة محاولات تشويه وتحريف المغرضين، فهو دين التوحيد الخالص الذي لا يخضع أهله إلا لخالقهم سبحانه، وهو دين السلام الذي لا يقبل- في ذات الوقت- ضيمًا ولا يرضى ذلاً، وهو الدين الذي يحترم العقل ولا يستسلم للخرافة، وقد تمَّ من عند الله تعالى، فلا تحتمل أصوله زيادة ولا نقصًا، وهو الذي يحقق سلام النفس وهدوء الضمير، ويجعل في داخل الفرد والجماعة ميزان المحاسبة اليقظ حتى لا تميل إلى ظلم ولا حيف ﴿وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ* أَلاَّ تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ* وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ﴾ (الرحمن: 7-9)، وهو بعد ذلك دين التعاون مع الآخرين على البر والتقوى، لا الإثم والعدوان ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ (المائدة: من الآية2).

ماذا يجري في السودان؟

إن ما يجري في السودان وما يُراد له يستحق وقفة وحذرًا، فذلك البلد الإسلامي العزيز بقدراته الطبيعية والبشرية جدير بأن يشكل إضافةً قويةً لمسيرة التقدم في العالم الإسلامي، لكنه أريد به أن يظل منكفئًا على ذاته، منشغلاً بنفسه ومشكلاته، يعالج جروحه التي ما يكاد يندمل واحد منها حتى يتفجر آخر.

وكانت البداية بفصل ذلك الإقليم الجنوبي لوادي النيل عن شماله، فاستقلت السودان عن مصر، يدفعها إلى ذلك ميراث عصيب تسبب فيه دهاء الاحتلال الإنجليزي لكلا البلدين، وسوء إدارة الساسة فيهما لقضية الوحدة بينهما.. ليدخل السودان بعدها في سلسلة من الانقلابات العسكرية والحكومات الحزبية القبلية، ثم في أتون حروب أهلية استمرت أكثر من عشرين سنة بين جنوب السودان وشماله، وقد وجدت هذه الحروب مَن يغذيها بالدعم السياسي والمالي من الدول الكبرى وبعض دول الجوار على السواء، وقد كانت كلفة هذه الحروب طائلة أوقفت- أو كادت أن توقف- مسيرة التنمية في السودان.. ومع تنامي موجة العولمة الأمريكية ضغطت الإدارة الأمريكية على حكومة السودان لتوقيع صلح يحقق مطالب الجنوبيين، وكان بعضها يبدو عادلاً مثل المطالبة بحظ أوفر من العناية بأقاليم الجنوب، واقتسام الثروة والسلطة، وبعضها شديد الخطر يتوافق مع إرادات أعداء الأمة في تمزيق وحدة السودان وتفتيت أرضه وتجزئته وسلخه من هويته وإبعاده عن انتمائه العربي والإسلامي.

لقد ضُرِبَ حول السودان حصارٌ أمريكي ظالم استمر سنين عددًا، واستهدفت الإدارة الأمريكية حينًا تغيير النظام الحاكم هناك، واتهمته بالتهمة الجاهزة والجائرة بدعم الإرهاب ورعاية التطرف... ثم انتقلت إلى محاولة تطويقه وترويضه، مما شكل دعمًا غير محدود للثائرين ودعاة الانفصال في الجنوب.

وتعددت محاولات الإصلاح بين الفريقين، ومن بينها المبادرة المصرية الليبية، ولكن الضغوط الخارجية أدت إلى استبعاد التواجد العربي والإسلامي من محاولات الإصلاح، والقبول برعاية منظمة (الإيجاد) لدول شرق ووسط إفريقية، ثم أسفرت المفاوضات- في غياب الدعم العربي والإسلامي وتكاتف الضغوط الأمريكية والأوروبية- عن اتفاق سلام يحقق كثيرًا من مطالب الجنوبيين، وعلى رأسها الحق في تقرير المصير، الذي قد يؤدي- لا قدر الله- إلى اختيار أهل الجنوب الانفصال عن السودان وتجزئته، مما يستلزم في هذه الآونة وقبل إجراء تلك الانتخابات تعزيز الدعم العربي والإسلامي للسودان، وإشعار أهله في الجنوب بأفضلية خيار الوحدة بالنسبة لهم، وعبثية الانفصال، وسوء مآله.

وما إن كادت مفاوضات السلام بين الحكومة والجنوبيين تصل إلى مراحلها الأخيرة حتى تفجرت مشكلة دارفور في غرب السودان.. وهي منطقة عريقة في إسلامها، لا ينتمي أهلها لدين غيره، وإن انقسمت جذورهم القبلية إلى فريقين: عرب وأفارقة.

ويبدو أن ما حققه الجنوبيون من نصر في مفاوضاتهم مع الحكومة، وظفرهم بحق تقرير المصير وتقاسم السلطة والثروة مع أهل الشمال، قد أثار أطماع فريق من أهل دارفور من غير العرب الذين طمحوا إلى مثل ما حققه الجنوب السوداني، وبخاصة أنهم يعانون شظف العيش ووعورة الأرض وجفاف البيئة وندرة مشاريع التنمية، ويضاف إلى ذلك عوامل خارجية؛ حيث قامت منظمات الإغاثة ذات الدوافع التنصيرية بما قامت به في الجنوب من قبل، فغذت النزوع إلى الانفصال.

وأثارت الأحقاد القبلية الدفينة بين الأفارقة والعرب، فانتشرت في دارفور عصابات مسلحة تهدف إلى النهب وقطع الطريق، مع ضعف التواجد الحكومي الذي استقطبت حرب الجنوب بأقصى اهتماماته، بل إن متمردي جنوب السودان وجدوا ضالتهم في ظروف دارفور فحاولوا نقل تمردهم إلى هناك لتحقيق مزيد من الضغط على الحكومة، وأفلحوا في ذلك إلى حين.. وكان سبيلهم هو تغذية الأحقاد بين الأفارقة والعرب من سكان الإقليم، ثم نقل بعض السياسيين الطموحين الصراع إلى دائرة أكبر بتقديم غطاء سياسي للاضطرابات القبلية، ورفع رايات المطالبة بما طالب به أهل الجنوب من قبل، نصيب أوفر من اقتسام السلطة والثروة معًا، ووجدت تلك الأجواء المفعمة بالشر من يستغلها من القوى الكبرى وبخاصة أمريكا، لمزيد من الضغط على حكومة السودان.

لقد أسفرت المواجهات المؤسفة بين القبائل العربية والإفريقية في دارفور- وكلاهما من المسلمين- عن أكثر من ربع مليون لاجئ في مأساة إنسانية لا يمكن تجاهلها أو إغفالها، وحالت المواجهات المسلحة دون تقديم الدعم الكافي لأهل دارفور الذين يعانون الجوع وانعدام الأمن، ومن المؤسف أيضًا أن الدعم المادي لمواجهة هذه الأوضاع يأتي من منظمات إغاثية وحكومية غربية وأمريكية، بعضها يسعى لتحقيق أهداف ليست في مصلحة السودان ووحدة أراضيه، بينما غابت قضية دارفور عن أجندة الاهتمامات العربية، فلم تحظ بنصيب من العناية والعون في مؤتمر القمة العربية الأخير بتونس، ولم تحظ أيضًا بنصيب من مؤتمر وزراء الخارجية لدول المؤتمر الإسلامي الذي انعقد في الشهر الحالي، وتركت الساحة خالية للمؤامرات الدولية والاستعمارية حتى قال مصدر مسئول في وزارة الخارجية الأمريكية بإمكان حل مشكلة دارفور بنفس الطريقة التي حلت بها مشكلة جنوب السودان، يعني الإقرار بمبدأ تقرير المصير.. وحتى هدد أمين عام الأمم المتحدة بتدويل مشكلة دارفور في حملة واضحة ضد حكومة السودان.

وسؤالنا إلى حكامنا العرب والمسلمين إلى متى ينتظرون؟ إن المؤامرات الدائرة لتفتيت وحدة السودان لا تقل خطرًا عن محاولات تقسيم العراق وتجزئته، وإن خطر التجزئة وتغذية الصراعات الداخلية ليس بعيدًا عن كل دولة وحكومة، وإن ترك حكومة السودان وحدها تواجه ذلك كله لن يفيد، وربما اضطرت إلى قبول ما لا ترضاه في مواجهة هذه الضغوط الهائلة، وما نموذج جنوب السودان ببعيد! وإن لآلاف المسلمين المحروبين في دارفور حقًا في أعناق حكامنا، أن يسعوا إلى جمع صفهم، ولم شعثهم، وتوحيد كلمتهم، وإشعارهم بالخطر المحدق بهم، وتقديم الدعم الإغاثي الضروري لهم، وتشجيع خطط التنمية في إقليمهم، إنهم بلا شك أحوج ما يكونون إلى أموال المسلمين التي تهدر سفهًا بغير علم لتحقيق المتع السريعة الرخيصة، بينما الأمة تتضور جوعًا، وتترك نهبًا لمنظمات التنصير القسري الذي يستغل حاجات الناس وظروفهم.

ونداء إلى علماء الأمة أن ينهضوا بواجبهم تجاه الحفاظ على وحدة السودان وحل مشكلاته، وإن وفدًا من علمائنا الإجلاء يستطيع أن يحقق من خلال وساطة بين المسلمين المتقاتلين في دارفور أعظم مما يستطيع غيرهم.. ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ (يوسف: من الآية21).

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

6 من جمادى الآخرة 1425هـ الموافق 24 من يونيو 2004م.