رسالة نظام الأسر

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
رسالة نظام الأسر

بقلم:الإمام حسن البنا

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الإمام الشهيد حسن البنا فى إحدي الكتائب

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله ومن والاه

يحرص الإسلام على تكوين أسر من أهله يوجههم إلى المثل العليا ويقوي روابطهم , ويرفع أخوتهم من مستوى الكلام و النظريات إلى مستوى الأفعال والعمليات , فاحرص يا أخي أن تكون لبنة صالحة في هذا البناء الإسلام .

وأركان هذا الرباط ثلاثة فاحفظها واهتم بتحقيقها حتى لا يكون هذا تكليفا لا روح فيه :

1 - التعارف: هو أول هذه الأركان , فتعارفوا وتحابوا بروح الله تعالى، واستشعروا معنى الأخوة الصحيحة الكاملة فيما بينكم , واجتهدوا ألا يعكر صفو علاقتكم شيء وتمثوا الآيات الكريمة دائما والأحاديث الشريفة , اجعلوها نصب أعينكم وتذاكروا قول الله تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10) , وقوله تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) (آل عمران:103) , وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) , (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه) (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد) .

ولقد ظلت هذه الأوامر الربانية والتوجيهات المحمدية بعد الصدر الأول كلاما على ألسنة المسلمين , وخيالا في نفوسهم , حتى جئتم معشر الإخوان المتعارفين , تحاولون تطبيقها في مجتمعكم , وتريدون تأليف الأمة , المتآخية بروح الله وأخوة الإسلام من جديد , فهنيئا لكم عن كنتم صادقين , وأرجو أن تكونوا كذلك , والله ولي توفيقكم .

2 – والتفاهم : وهو الركن الثاني من أركان هذا النظام , فاستقيموا على منهج الحق ، وافعلوا ما أمركم الله به ، واتركوا ما نهاكم عنه ، وحاسبوا أنفسكم حساباً دقيقاً على الطاعة والمعصية , ثم بعد ذلك لينصح كل منكم أخاه متى رأى فيه عيباً ، وليقبل الأخ نصح أخيه بسرور وفرح ، وليشكر له ذلك , وليحذر الناصح أن يتغير قلبه على أخيه المنصوح بمقدار شعرة , وليحذر أن يشعر بانتقاصه , أو بتفضيل نفسه عليه , ولكنه يتستر عليه شهرا كاملا , ولا يخبر بما لاحظه أحدا إلا رئيس الأسرة وحده إذا عجز عن الإصلاح , ثم لا يزال بعد ذلك على حبه لأخيه وتقديره إياه مودته له , حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا , وليحذر المنصوح من العناد والتصلب وتغير القلب على أخيه الناصح قيد شعرة ، فإن مرتبة الحب في الله هي أعلى المراتب ، والنصيحة ركن الدين : (الدين النصيحة) والله يعصمكم من بعض , ويعزكم بطاعته , ويصرف عنا وعنكم كيد الشيطان .

3 – والتكافل : هو الركن الثالث , فتكافلوا , وليحمل بعضكم عبء بعض ، وذلك صريح الإيمان ولب الأخوة , فليتعهد بعضكم بعضاً بالسؤال والبر ، وليبادر إلى مساعدته ما وجد إلى ذلك سبيلاً , وتصورا قول رسول الله : (لأن يمشي أحدكم في حاجة أخيه خير له من أن يعتكف في مسجدي هذا شهرا) , (من أدخل السرور على أهل بيت من المسلمين لم ير الله له جزاء دون الجنة) , والله يؤلف بين قلوبكم بروحه إنه نعم المولى ونعم النصير .

أيها الإخوان : في الواجبات التي بين أيديكم إن وعيتموها والأعمال التي بين أيديكم إن اتبعتموها ما يكفل تحقيق هذه الأركان , فراجعوا دائما واجبات الأخ التعاوني , وليحاسب كل منكم نفسه على إنفاذها , ثم ليحرص كل أخ على الاجتماعات المحددة مهما كانت أعذاره , ثم ليبادر كل منكم إلى تسديد ما عليه لصندوق أسرته , حتى لا يتخلف عن الواجبات متخلف , فإذا أديتم هذه الواجبات الفردية و الاجتماعية و المالية , فإن هذا النظام سيتحقق ولا شك , وإذا قصرتم فيها فسيتضاءل حتى يموت , وفي موته أكبر خسارة لهذه الدعوة , وهي اليوم أمل الإسلام والمسلمين .

ويسال كثر منكم عما يشغلون به وقت اجتماعهم الأسبوعي كأسرة , وذلك أمر سهل ميسور , وما أكثر الواجبات وأقل الأوقات فليكن ما تشغل به الأسرة وقتها واجتماعاتها :

أ ـ يعرض كل أخ مشاكله ويشاركه إخوانه في دراسة حلولها في جو من صدق الأخوة وإخلاص التوجه إلى الله , وفي ذلك توطيد للثقة , وتوثيق للرابطة (والمؤمن مرآة أخيه) ، وحتى يتحقق فينا شيء من مأثور قوله عليه الصلاة والسلام (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم , كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) .

ب ـ مذاكرة حول شؤون الإسلام ، وتلاوة الرسائل والتوجيهات الواردة من القيادة العامة للأسر ، ولا محل في الأسرة للجدل أو الحدة ورفع الصوت , فذلك حرام في فقه الأسرة , ولكن بيان واستيضاح في حدود الأدب والتقدير المتداول من الجميع ,فإذا أغلق شيء أو أريد اقتراح شيء أو استيضاحه احتفظ به النقيب حتى يرجع إلى القيادة , وقد عاب الله أقواما فقال : (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ..) ثم أرشدهم إلى ما يجب أن يكون فقال : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ) (النساء:83) .

جـ ـ مدارسة نافعة في كتاب من الكتب القيمة ، وليحرص الإخوان بعد هذا على تحقيق معنى الأخوة في المجاملات الطارئة , التي لا تحضرها الكتب ولا تحيط بها التوجيهات , وأشار إليها الصادق الأمين : عيادة المريض , ومواساة المحتاج ولو بالكلمة الطيبة , وتفقد الغائب , وتعهد المنقطع .. كلها تزيد رابطة الإخاء , وتضاعف في النفوس والشعور بالحب والصلة .

ولزيادة الترابط بين الإخوان عليهم أن يحرصوا على :

1 – القيام برحلات ثقافية لزيارة الآثار والمصانع وغير ذلك .

2 – القيام برحلات قمرية رياضية.

3 - القيام برحلات نهرية للتجديف .

4 - القيام برحلات جبلية أو صحراوية أو حقلية .

5 - القيام برحلات متنوعة بالدراجة .

6 - صيام يوم في الأسبوع أو كل أسبوعين .

7 - صلاة الفجر جماعة مرة كل أسبوع على الأقل في المسجد.

8 – الحرص على مبيت الإخوان مع بعضهم مرة كل أسبوع أو أسبوعين .

حسن البنا