شروط قبول العمل

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
شروط قبول العمل

08-09-2005

بقلم فضيلة الشيخ محمد عبد الله الخطيب*

إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستهديه ونستنصره، ونتوب إليه ونستغفره، ونعوذ بالله سبحانه وتعالى من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا.. إنه من يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يضلل فما له من هادٍ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد صاحب العزة والجبروت وبيده الملك والملكوت، لا إله إلا هو سبحانه وتعالى، له الحكم وإليه ترجعون.

أمرنا- سبحانه وتعالى- بطاعته وتقواه فقال جل شأنه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ (آل عمران: 102)، وقال جل علاه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ (الحشر: 18) ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لاَّ يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلاَ مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الغَرُورُ﴾ (لقمان: 33).

والصلاة والسلام على رسول الله، صلوات الله وسلامه عليه، محمد بن عبد الله، أرسله ربُّه رحمةً للعالمين، هاديًا يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم، فكان صلوات الله وسلامه عليه آخرَ مَن سمع من الحق لهداية الخلق، وكانت رسالتُه خاتمةَ الرسالات، فصلوات الله وسلامه عليه، فبلَّغ رسالةَ ربِّه، وجاهد في الله حق جهاده، وتركَنَا- صلواتُ الله وسلامه عليه- على المحجَّة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالكٌ، وعلى صحابته وتابعيهم ومَن سار على سنَّتهم ومَن سلك طريقهم إلى يوم الدين.

إخوة الإسلام

أرسل الله رسولَه محمدًا- صلى الله عليه وسلم- ليطهرَ القلوبَ من الشرك والحقد، وليطهر النفوس من الحسد والكبرياء، جاء- صلى الله عليه وسلم- ليقيم دولةً ويبني أمةً على أساسٍ متينٍ من الأخلاق الفاضلة والصفات الكريمة والخصال الحميدة، وكانت بحقٍ خيرَ أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر.. كانت هذه الأمة أمةً ساد فيها العدلُ والحبُ، وساد فيها كلُّ خصال الخير، وانمحت منها الرذيلة، فشى فيها الحب وذهب منها الظلم، وذهب منها الغش، وذهبت منها الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وساد فيها العدل بكل أنواعه؛ لأنها أمةٌ بناها- صلى الله عليه وسلم- على أسس متينة من الأخلاق الحميدة، بناها على منهج التوحيد على كتاب الله عز وجل، هذه الأمة التي بناها- صلى الله عليه وسلم- فطَهُرت منها القلوب وزَكَت منها النفوس كانت لها أصولٌ وقواعدٌ، أو كانت هناك كثيرٌ من الخصال الحميدة التي بيَّنها- صلى الله عليه وسلم- لأمته.

أُولى هذه الأمور ردُّ هذا العالم إلى الله وحده ﴿أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ﴾ (الأنعام: 62) ﴿ألاَ لَهُ الْخَلْقُ والأَمْرُ﴾ (الأعراف: 54) ﴿كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ﴾ (القصص: 88)، ردُّ هذه الأمة بأعمالها إلى الله- سبحانه وتعالى- لتزكوَ القلوبُ وتَطهُرَ النفوس؛ ولذلك يقول العلماء إنَّ أيَّ عمل يُقبل عند الله لا بد فيه من أمرين اثنين: الأمر الأول هو الإخلاص لله عز وجل، الأمر الثاني هو متابعة هذا الأمر لسنة الرسول- صلى الله عليه وسلم- فلا يميل عنه قيد أنملة؛ لذلك نجد كثيرًا من الآيات التي تُشير إلى أنَّ العملَ لا بد أن يكون خالصًا لوجه الله.. ﴿إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ* أَلاَ لِلَّهِ الدِّينُ الخَالِصُ﴾ (الزمر: من الآيتين 2،3) ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ القَيِّمَةِ﴾ (البينة: 5) ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ(162) لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ (163)﴾ (الأنعام).

عندما تصفو القلوب وعندما تطهُر تتجه بأعمالها إلى الله، لا تنتظر ثوابًا من أحد ولا جزاءً من مخلوق؛ لأنها طَهُرت، وأي عمل- مهما كان كبيرًا ومهما عظُم شأنُه- لو دخله الرياء حبِط، ونحن أحوج ما نكون يوم القيامة إلى مثقال ذرة من خير.. هذا رجل يأتي لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- فيقول له: إني أقاتل في سبيل الله ولِيُرى مكاني- يعني الاثنين معًا- فينزل على الرسول قول الله عز وجل: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحًا وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ (الكهف: 110).. إذًا العمل مهما عظُم شأنُه ومهما كان كبيرًا إذا دخلته شوائبٌ من شوائب النفس لا يُقبل عند الله؛ ولذلك معنى الإخلاص في اللغة أن ينقَّى الشيء بحيث يكون صافيًا خالصًا لا تشوبه أية شائبة، فيجب علينا أن ننقِّيَ أعمالَنا من شوائب النفس، فلا نعمل عملاً لله ونريد به شيئًا آخر.. إما مدحًا من الناس، وإما هربًا من ذمٍ، وإما رغبةً في أن نتفضل عليهم، وإما ليقضون له مصالحه.. لا نعمل هذا رياءً أو وفيه شائبةٌ تتعلق بشوائب الدنيا، إذا عِمَلَ هذا فقد انتهى العمل.

فرسولنا- صلى الله عليه وسلم- يُخبرنا عن أول الثلاثة التي تُسعَّر بهم النار يوم القيامة أتدرون مَن هم؟ قارئ القرآن والمجاهد والمتصدق بماله!! هذه الأمور هي أعظم ما تكون في الإسلام، ولكن قرأ ليقال قارئ، وتصدق ليقال متصدق، وجاهد ليقال شجاع، ويُسأل الرسولُ صلى الله عليه وسلم عن الرجلِ يقاتل رياءً ويقاتل شجاعةً ويقاتل حميةً أي ذلك في سبيل الله، فيقول صلى الله عليه وسلم: "مَن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله"، وفي الحديث القدسي: "أنا أغنى الأغنياء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك فيه غيري فعمله مردود لا يُقبل منه".

ورسولنا- صلى الله عليه وسلم- يقول: "إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومَن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأةٍ ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه".. هذا الحديث له حادثةٌ.. رجل خرج مهاجرًا ليتزوج امرأةً، والهجرة لها فضلٌ كبيرٌ عند الله؛ لأنه خرج من أهله وداره وأمواله وأصدقائه ابتغاءَ وجه الله ونصرة دين الله، ولكن حبط العمل؛ لأنه قصد شيئًا آخر غير الله؛ ولذلكم يقول رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: "إن الله لا ينظر إلى صورِكم وأجسادِكم ولكن ينظر إلى قلوبكم" ﴿قُلْ إِن تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ (آل عمران: 29) هذا هو الإخلاص في العمل، الإخلاص في العمل لو كان العمل قليلاً ينمِّيه الله سبحانه وتعالى، فالصدقة القليلة إذا كانت خالصةً لوجه الله كاملةً ينمِّيها الله حتى تصير كالجبل، ورُبَّ درهم كما يقولون سبق ألف درهم.

فالعبرةُ إنما هي بالصدق مع الله سبحانه وتعالى، العبرة هي بأن يكون العمل خالصًا لوجه؛ ولذلك عندما أرادوا أن يعرِّفوا الإخلاص قالوا الإخلاص هو تجرُّد أو هو القصد في الطاعة لله- سبحانه وتعالى- وحده، وبعضهم يقول هو استواءُ الظاهر والباطن.. يعني باطنه كظاهره، أما إذا كان الظاهر خيرًا من الباطن فيكون هذا رياءً، أقل الإخلاص أن يستويَ الظاهر والباطن، وبعضهم يقول ألا تطلب على عملك شاهدًا غير الله ولا مجازيًا غير الله، ولا تظن أن الإخلاص يتنافى مع الأعمال الدنيوية.. لا، فمَن نام ونيتُه بنومه أن يتقوَّى على طاعة الله له في ذلك ثواب، حتى اللقمة يضعها في فيِّ امرأته له عليها ثواب عند الله بشرط خلوص النية، أنت في عملك إذا أخلصت لله وأخذت الأجر لتنفقه على أولادك يتضاعف الثواب؛ لأن النية الثانية أيضًا حسنة والأولى حسنة؛ ولذلك يبين الله- سبحانه وتعالى- في محكم كتابه: ﴿قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ﴾ (الأنعام: 162) فمن أكل ليتقوَّى على طاعة الله وعلى الجهاد له في ذلك ثواب، ومن عمل ليعفَّ نفسَه عن الحرام له في ذلك ثواب.. المهم أن تكون النية خالصةً لوجه الله- سبحانه وتعالى- وخصوصًا في الطاعة، والعبادة مهما عظمت إذا كان هناك شيء من شوائب النفس فيها انتهى أمرها.. إما طلبًا لمدح الناس أو هربًا من ذمهم أو ليحظى بالحظوة لديهم أو ليقدموه بينهم ليكون مقدمًا أو ليقضوا له حوائجه أو أي غرض من أغراض الدنيا، إذا كان في العمل هذا انتهى العمل.

الأمر الثاني الذي لا بد منه أن يكون هذا العمل موافقًا لكتاب الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم- لأن هذا هو الميزان الصحيح ولا ميزانَ عندنا غيره، هذا هو الطريق الموصِّل إلى الله ولا طريق سواه "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي كتاب الله وسنتي" ليس لنا طريقٌ إلا هذا الطريق كتاب الله وسنة رسوله- صلى الله عليه وسلم- في كل أمرٍ من أمورك؛ ولذلك يقول الله ﴿وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ (لقمان: من الآية 22) ويقول في آية أخرى ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ دِيْنًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ (النساء: من الآية 125) أسلم وجهه لله يعني صارت النية خالصةً، وهو محسن يعني صار العمل موافقًا لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وديننا دين شامل يجمع كل الحياة فهي عقيدةٌ وعبادةٌ.. شريعةٌ وقانونٌ، يبين للفرد علاقتَه بنفسه وعلاقته مع ربه، ببيته وبأسرته وبجيرانه، بمجتمعه بأكمله بالدنيا، إذا أراد الإنسانُ أن يُقبَل عملُه لا بدَّ له من تحقيق هذين الشرطين: الإخلاص لله أولاً، وكون العمل موافقًا لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

والقرآن الكريم لا يحتاج إلى بيان وإلى توضيح؛ فهو الهداية وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنتهي عجائبه، ولا يشبع منه العلماء، وهو الذي لم تنتهِ الجن إذ سمعته حتى قالوا ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا(1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا (2)﴾ (الجن) مَن قال به صدق، ومَن حكم به عدل، ومَن دعا إليه هُدي إلى صراط مستقيم، فإذا رأيت رجلاً سلك طريقًا غير هذا الطريق فهذا عمله مردود مهما كان مخلصًا في هذا العمل، بل إن بعض العلماء يقول إنَّ من يسلك غير هذا الطريق السارق والفاسق خير منه؛ لأنه ابتعد عن الطريق الموصل إلى الله، إذًا لو بعدنا عن الطريق فما فائدة إرسال الرسل وهي التي تهدينا إلي الصواب، تبين لنا الحق والباطل، ترشدنا إلى ما فيه الخير، مهما بلغ رجل أو ظننت أنه وصل مهما وصل ولكنه بعيد عن طريق الله فعمله مردود لا يُقبل منه.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، توبوا إلى الله واستغفروه فإنَّ الرسول- صلى الله عليه وسلم- يقول: "توبوا إلى الله فإني أتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة".

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها المسلمون.. اعلموا أننا خُلقنا في هذه الدنيا للابتلاء والاختبار ﴿خَلَقَ المَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ (الملك: من الآية 2)، فهي إذًا دارُ ممرٍّ لا دارَ مقرٍّ، فالكَيِّسُ فيها مَن دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنَّى على الله الأماني، واعلموا أنكم إلى الله صائرون، وغدًا على الصغيرة والكبيرة ستحاسَبون ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ (آل عمران: 30) ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ(7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ(8)﴾ (الزلزلة)، فإذا كان هذا حال الدنيا، إذا كانت ابتلاءً واختبارًا من أول يوم فيها إلى آخر يوم، ولا تظنون أنَّ الدنيا باقيةٌ فإن كانت طويلةً فهي طويلةٌ لغيرك، إن كانت ممتدةً فهي ممتدةٌ لغيرك أما أنت فلا تدري.

فاتقوا الله أيها المسلمون.. اتقوا الله في كل أموركم، وراقبوه في كل تصرفاتكم.. مع أنفسكم ومع أولادكم وفي بيوتكم ومع جيرانكم، فطريق الله واضح، وصراط الله- سبحانه وتعالى- وهو القرآن واضح، يقول الله فيه: ﴿وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القُرْآنَ لِلذِّكْرِ﴾ (القمر: من الآية 17) فحاسبوا أنفسكم على كتاب الله، حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، كما قال الخليفة عمر- رضي الله عنه- وعند إذن سنجد أنفسنا فرَّطنا في الكثير، فمهما بلغ بنا العمل لن نؤدي لله حقه.

يقولون إنَّ رجلاً مكث ثمانين عامًا يعبد الله- سبحانه وتعالى- وعندما حضرته الوفاة أو حانت منيته قال الله "أدخلوا عبدي الجنة برحمتي، فظن أنَّ عمله كثيرٌ، فقال بعملي.. قال برحمتي، قال بعملي.. قال: زنوا فأُخذت عين من عيونه في كفه وكل أعماله في كفه فطاشت الأعمال، لا.. إنما هو فضل الله- سبحانه وتعالى- كما يقول الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "لن يدخل الجنة أحدكم بعمله" قالوا ولا أنت يا رسول الله قال "ولا أنا.. إلا أن يتغمدني الله برحمته"، فأفيقوا أيها الناس، أفيقوا أيها الناس، والتزموا بمنهج الله- سبحانه وتعالى- ونفذوا كتابه على أنفسكم وبين أولادكم وفي مجتمعكم تنالوا السعادة، عند إذن يحق لنا أن ينصرنا الله ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمد: من الآية 7)، وكيف ننصر الله إلا باتباع شريعته وتنفيذها حرفيًّا كاملاً وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

اللهم اجمع هذه الأمة على لا إله إلا الله، اللهم اجمع هذه الأمة على اتباع كتابك وسنة رسولك صلى الله عليه وسلم، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافَنا في أمرنا، ولا تكِلنا إلى نفوسنا طرفةَ عين أو أقلَّ منها يا رب العالمين، اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا مَن لا يخافك ولا يرحمنا، اللهم اهدنا يا رب العالمين، اللهم أرنا الحق حقًّا وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا يا رب العالمين.. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.. إنك يا ربنا سميع قريب مجيب الدعوات يا رب العالمين، اللهم انصرنا على أعدائنا، اللهم انصرنا على أعدائنا يا رب العالمين، اللهم انصرنا على أعدائنا يا رب العالمين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا، اللهم اغفر وارحم، وتجاوز عمَّا تعلم؛ إنك أنت الله الأجلُّ الأعز الأكرم، وصلَّى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.


المصدر

إخوان اون لاين