صادق الأحمر
مقدمة
للعلماء والدعاة إلى الله تعالى دوراً عظيماً في تعزيز الإخاء بين المسلمين، والقضاء على ما يعترض سبيله ويوهن قوته، ذلك كونهم ورثة الأنبياء في التغيير والإصلاح، وصمام أمان للأمة والمجتمع من الوقوع في الزلل.
حياته
صادق عبد الله حسين الأحمر "شيخ مشائخ حاشد"، وهو أكبر أبناء عبد الله بن حسين الأحمر، ولد في غرة ربيع الأول سنة 1376هـ الموافق 5 أكتوبر 1956م في قرية الخمري التي تقع شمال غرب مدينة خمر التاريخية في محافظة عمران، والتي تقع شمال صنعاء العاصمة.
تلقى تعليمه الأولي في كتَّاب القرية علي يد الأستاذ حسين علي بسيس وعند قيام الثورة سنة 1962م وخروج والده الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر - رحمه الله - من سجن المحابشة في محافظة حجة انتقل هو ووالده إلى مدينة خمر.
وفي سنة 1965م استقر المقام بأسرته في مدينة صنعاء حيث التحق صادق بمدرسة (ابن الأمير) الإبتدائية ودرس بها الصفوف الثاني والثالث ولم يطل به المقام في اليمن حيث بعثه والده إلى مصر للدراسة.
حينما حط الرحال في مدينة طنطا بمصر درس الصفوف الرابع والخامس، غير أنه لم يطل به المقام كثيرا بسبب حرب مصر في اليمن والتي لم يؤيدها – بل حاربها وتصدى لها الشيخ عبد الله الأحمر- واشتداد الخلاف بين والده من جهة والسلال ونظام عبد الناصر من جهة أخرى، حيث ألغت مصر المنحة التي كان يدرس بموجبها الشيخ صادق في مصر فعاد إلى اليمن سنة 1966م حيث أكمل الشهادة الابتدائية في مدرسة (نشوان الحميري) بأمانة العاصمة وتنقل في المرحلة الإعدادية بين اليمن ومصر حتى أكمل المرحلة الإعدادية.
بعد ذلك حصل الشيخ صادق على الثانوية العامة سنة (1974 - 1975م) من مدرسة (الأورمان) في القاهرة. لم يكمل حياته الجامعة لتطور الأحداث في اليمن فعاد إليها غير أن والده أرسله إلى الولايات المتحدة الأمريكية سنة 1982م لدراسة الطيران المدني، حيث مكث هناك أربع سنوات وحصل على شهادة في مجال قيادة الطائرات المدنية الصغيرة ليعود إلى اليمن سنة 1987م.
تربيته سياسيا
كان صادق يحلم بالانتهاء من المرحلة الجامعية بمصر غير أن الظروف حالت بينه وبين اتمام ذلك خاصة مع اشتداد الخلاف بين والده الشيخ الأحمر والرئيس إبراهيم محمد الحمدي، مما اضطره أن بقطع دراسته ويعود إلى اليمن سنة 1975م ليكون بجوار والده - كونه أكبر ابناءه.
خلال الفترة من 1976 - 1987م ظل الشيخ صادق بجانب والده - رحمه الله - وهناك صقل الشيخ الشاب صادق مواهبه وظهرت قدراته في التعامل مع العديد من القضايا القبلية كما فهم الكثير عن عادات وأسلاف وأعراف قبيلة حاشد وغيرها من قبائل اليمن بحكم موقع والده الرفيع كشيخ مشائخ اليمن بدون منازع.
كما زار الشيخ صادق مع والده مناطق قبلية كثيرة في محافظات الجوف ومأرب وصعده وحجة وإب وأكسبته تلك الزيارات ومباشرة القضايا المزيد من المعرفة بالناس وشيوخ القبائل وعوامل النجاح في التعامل مع الشئون القبلية بصورة عامة.
أهله ذلك لأن يترشح الشيخ صادق في انتخابات مجلس الشورى اليمني عام 1988م وفاز بعضوية دائرة منطقة حوث والعشه وجزء من منطقة القفلة بمحافظة حجة سابقا. وفي 21 من مايو سنة 1990م كان الشيخ صادق بن عبدالله الأحمر في قاعة مجلس الشورى بشمال الوطن ليصوت من أجل تحقيق حلم كل اليمنيين الذي أصبح حقيقة راسخة في الثاني والعشرين من مايو 1990م ألا وهو إعلان قيام الوحدة اليمنية.
وخلال عضويته في مجلس الشورى بين عامي (1988م ، 1993م) كُلف الشيخ صادق من قِبل والده - رحمه الله - بمعالجة الكثير من الخلافات بين القبائل وأصبح أكثر قرباً ودراية بشئونها. وفي سنة 1993م ترشح مرة أخرى لعضوية مجلس النواب لليمن الموحد ليفوز بعضوية دائرة منطقة حوث والعشه ليواصل بعد ذلك إلى جانب مهامه القبلية مهمة بناء الأساس التشريعي والقانوني لدولة الوحدة ، حيث اشترك مع زملاءه في مجلس النواب في إعداد الكثير من مشاريع القوانين ذات الطابع التوحيدي للدولة الجديدة.
كما قام بالعديد من الزيارات البرلمانية للدول الشقيقة والصديقة في إطار الوفود البرلمانية لمجلس النواب. وفي سنة 1997م ترشح الشيخ صادق لعضوية الدائرة (225) مديرية حوث وفاز بعضوية الدائرة للمرة الثالثة ليواصل العمل البرلماني حتى 2003م، وبعدها عين في شهر سبتمبر من عام 2005م عضواً في مجلس الشورى الغرفة الثانية.
وليس ذلك فحسب بل كان أحد زعماء حزب التجمع اليمني للإصلاح المعبر عن فكر الإخوان المسلمين باليمن.
دور صادق الشاب أثناء حرب الشمال والجنوب
كانت اليمن مقسمه إلى شطرين شمال وجنوبي وكان التوتر بين الشقين عاليا مما أدى إلى إندلاع حرب بينهما في مارس 1979م شارك فيها الشيخ صادق مع عمه مجاهد أبو شوارب في منطقة السده من محافظة إب على رأس الجيش الشعبي لمواجهة الموقف مما مكنه بعد ذلك من قيادة العديد من حملات الجيش الشعبي لمواجهة حروب التخريب في المناطق الوسطى خلال الأعوام 1981-1982م.
صادق زعيما وثوريا
ورث صادق الأحمر زعامة قبيلة حاشد، بعد أن عُقدت له البيعة بتاريخ 28 يناير 2008م في مدينة خمر بمحافظة عمران، شمال صنعاء، خلفا لوالده عبد الله بن حسين الأحمر، المُتوفى نهاية عام 2007م. من المعروف أن قبيلة حاشد ساندت ثورة 2011م ضد عبدالله صالح وعلى رأسها زعيمها الشيخ صادق، قبل أن تتطور الأحداث إلى مواجهات محدودة في ذات العام بين رجال القبائل التي يقودها وقوات الأمن بمحيط منزله في حي الحصبة بصنعاء.
وفي خضم الشحن السياسي في اليمن أثناء الثورة، وبالتحديد يوم الثلاثاء 21 جمادى الثانية 1432 هـ الموافق 24 مايو 2011 أمر الرئيس علي عبدالله صالح جنوده بمهاجمة بيت الشيخ الأحمر في صنعاء وتصادف بدء الهجوم مع وجود وسطاء لحل المشكلة ما أدى لإصابة بعض الوسطاء ومقتل بعض رجال الأحمر وبلغت جملة القتلى خلال بضعة أيام أربعين قتيلا وستة وثمانين جريحا. واستمر الاقتتال بين الجانبين عدة أيام حتى أصدر الرئيس اليمني أمره باعتقال الشيخ الأحمر وبقية إخوته ومحاكمتهم بتهمة التمرد.
ومع تطور الأوضاع وسيطرة الحوثيون على صنعاء ومقتل صالح عبد الله، حاول الحوثيين تفتيت شمل القبائب وإضعافها فاستهدفوا قادتها وزعمائها وعلى رأسهم صالح الأحمر. حيث استهدفوا منازل بيت الأحمر في محافظة عمران شمالي البلاد، حتى وصلت لمنزل الأسرة الرئيسي، ومعقل بيت الأحمر. ورغم ذلك رفض الأحمر مغادرة المدينة رغم تهديدات ومضايقات الحوثيين التي دُشنت بالسيطرة على أملاك القبيلة، ومطاردة آخرين.
وفاته
ظل الشيخ صادق عاملا لدينه ووطنه حتى أصابه مرض السرطان والذي توفى به في مدينة عمان بالأردن الجمعة 13 جمادى الآخرة 1444هـ الموافق 6 يناير 2023م حيث ظل يتلقى العلاج في مركز الحسين للسرطان حتى توفاه الله وأعيد فدفن بين أهله. وقد نعته جماعة الإخوان المسلمين.