الفرق بين المراجعتين لصفحة: «فلسطين في الشعر الجزائري»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
 
(٧ مراجعات متوسطة بواسطة ٥ مستخدمين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
يعالج هذا البحث * قضية[[ فلسطين]] في الشعر الجزائري, ويؤكّد أنَّ الشعراء الجزائريين لم يكونوا معزولين عن قضايا أُمتهم العربية, بالرُّغم من الجدار الحديدي الذي ضربه حولهم الاستعمار الفرنسي  الغاشم  منذ  الاحتلال  سنة (1830 م) وحتى الاستقلال  سنة  (1962 م) لأنَّ صلة  الشاعر  الجزائري  بالمشرق  العربي  وقضاياه  ومشاغله  صلة  وطيدة  وعريقة, وتأتي قضية[[ فلسطين]] في المقدمة , بِحيث لا نغالي إذا قلنا إن النتاج الأدبي الجزائري, شعرا ونثرا, في القرن الماضي دار في معظمه حول ثلاثة محاور : الوطنية,  والعروبة, والوحدة العربية , وفلسطين(1).
'''<center><font color="blue"><font size=5>[[فلسطين]] في الشعر الجزائري</font></font></center>'''


== مقدمة ==


ولسنا في حاجة إلى أن نعدّدَ الروابط التي تربط بين فلسطين والجزائر منذ فجر التاريخ العربي حتى الآن, كما أنَّه لا حاجة بنا إلى أن نقارن بين واقع  فلسطين بعد أن تآمر عليها الاستعمار والصهيونية العالمية, وبين الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي البغيض, فكلاهما عرف الاستعمار الاستيطاني, وذاق الإرهاب بِشَتَّى صوره وأشكاله, وتعرّضَ لِمُحَاولات القضاء على مقوماته الأصلية من لغة ودين وتاريخ وحضارة, بل عرف أخطر من هذا, محاولة إلغاء كيانه ومحوه من الوجود, وهذا هو ما يفسر اهتمام الشعراء الجزائريين ب [[نكبة فلسطين]], وكان إحساسهم حادا عنيفا ضد الاستعمار والصهيونية والتسلط والغزو الأجنبي(2).
[[ملف:القدس.jpg|تصغير|يسار|'''<center>القدس</center>''']]


يعالج هذا البحث * قضية [[فلسطين]] في الشعر الجزائري, ويؤكّد أنَّ الشعراء الجزائريين لم يكونوا معزولين عن قضايا أُمتهم العربية, بالرُّغم من الجدار الحديدي الذي ضربه حولهم الاستعمار الفرنسي  الغاشم  منذ  الاحتلال  سنة ([[1830]] م) وحتى الاستقلال  سنة  ([[1962]] م) لأنَّ صلة  الشاعر  الجزائري  بالمشرق  العربي  وقضاياه  ومشاغله  صلة  وطيدة  وعريقة, وتأتي قضية[[ فلسطين]] في المقدمة , بِحيث لا نغالي إذا قلنا إن النتاج الأدبي الجزائري, شعرا ونثرا, في القرن الماضي دار في معظمه حول ثلاثة محاور : الوطنية,  والعروبة, والوحدة العربية , و[[فلسطين]](1).


ولسنا في حاجة إلى أن نعدّدَ الروابط التي تربط بين [[فلسطين]] والجزائر منذ فجر التاريخ العربي حتى الآن, كما أنَّه لا حاجة بنا إلى أن نقارن بين واقع  [[فلسطين]] بعد أن تآمر عليها الاستعمار والصهيونية العالمية, وبين الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي البغيض, فكلاهما عرف الاستعمار الاستيطاني, وذاق الإرهاب بِشَتَّى صوره وأشكاله, وتعرّضَ لِمُحَاولات القضاء على مقوماته الأصلية من لغة ودين وتاريخ وحضارة, بل عرف أخطر من هذا, محاولة إلغاء كيانه ومحوه من الوجود, وهذا هو ما يفسر اهتمام الشعراء الجزائريين ب نكبة فلسطين, وكان إحساسهم حادا عنيفا ضد الاستعمار والصهيونية والتسلط والغزو الأجنبي(2).


وقد رافق الشعر العربي الجزائري قضية فلسطين منذ ظهورها على المسرح العالمي في العشرينيات من القرن الماضي, وكان الشعراء يستغلون كل مناسبة لتأييدها, وتابعوها في جميع مراحلها وأطوارها المختلفة منذ إعلان " وعد بلفور" (3) سنة 1917 م, مرورًا بانتفاضات الشعب الفلسطيني في الثلاثينيات, ثم رفضه لقرار التقسيم, وقد وقف شعراء الجزائر إلى جانب فلسطين والعرب أثناء حرب  1948 م, ونكسة 1967 م, ثم تجاوبوا مع انتصارات الثوار الفلسطينيين, وأبطال المقاومة, وأطفال الحجارة بعد ذلك حتى اليوم.
وقد رافق الشعر العربي الجزائري قضية فلسطين منذ ظهورها على المسرح العالمي في العشرينيات من القرن الماضي, وكان الشعراء يستغلون كل مناسبة لتأييدها, وتابعوها في جميع مراحلها وأطوارها المختلفة منذ إعلان '''" وعد بلفور"''' (3) سنة [[1917]] م, مرورًا بانتفاضات الشعب الفلسطيني في الثلاثينيات, ثم رفضه لقرار التقسيم, وقد وقف شعراء الجزائر إلى جانب [[فلسطين]] والعرب أثناء حرب  [[1948]] م, ونكسة [[1967]] م, ثم تجاوبوا مع انتصارات الثوار الفلسطينيين, وأبطال المقاومة, وأطفال الحجارة بعد ذلك حتى اليوم.


لقد كتبَ شاعرٌ جزائريٌّ ناشِئٌ لم يذكر اسمه خوفا من رقابة الاستعمار الفرنسي البغيض المتصهين, قصيدة شعرية عن [[فلسطين]] في سنة [[1930]] م, حيث نشرها آنذاك بمجلة '''" الشهاب "''' الجزائرية التي كان يديرها العلامة الشيخ [[عبد الحميد بن باديس]] رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين, يصوّر فيها مشاعره النابضة نحو القدس وساكنيها, ويعبر فيها عن تعاطف الشعب الجزائري كله مع الشعب الفلسطيني الشقيق انطلاقا من إحساسه بخطر الاحتلال الصهيوني على قدس العروبة, يقول :


لقد كتبَ شاعرٌ جزائريٌّ ناشِئٌ لم يذكر اسمه خوفا من رقابة الاستعمار الفرنسي البغيض المتصهين, قصيدة شعرية عن فلسطين في سنة 1930 م, حيث نشرها آنذاك بمجلة " الشهاب " الجزائرية التي كان يديرها العلامة الشيخ [[عبد الحميد بن باديس]] رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين, يصوّر فيها مشاعره النابضة نحو القدس وساكنيها, ويعبر فيها عن تعاطف الشعب الجزائري كله مع الشعب الفلسطيني الشقيق انطلاقا من إحساسه بخطر الاحتلال الصهيوني على قدس العروبة, يقول :
ناشـَدْتُكَ اللهَ ياقُـدْسَ العُروبَةِ لا
:::::تُقمْ حِسابًا, لِمَنْ قَـدْ رَامَ تَمْوِيَها


فَمَا طُموحُ  يَهُـودِ الشَّرْقِ  يَنْفَعُهُم
:::::وَلاَ يَنَالُـونَ إلاَّ  الْمَقْتَ  تَشْوِيهَا


يا أُمّةَ الْقُدْسِ, لا يُحْزِنْكَ  مَطْمَحُهُم
:::::فَإنَّ لِلْقـُدْسِ رَبًّـا, هُوَ  يَحْمِيهَا


أمَّا الْجَـزائِرُ, فَهي مِنْ  مُصـابِكُم
:::::في حَر ِنارِ الأسَى, تَشْكُو  لِبَارِيهَا


ناشـَدْتُكَ اللهَ ياقُـدْسَ العُروبَةِ  لا    ***  تُقمْ حِسابًا, لِمَنْ قَـدْ رَامَ تَمْوِيَها
آهٍ عَلَى أُمَّـةِ  الْقُدْسِ الَّتِي  بَسَطَتْ
 
:::::لِلْجارِ  إحْسَانَها, وأسأَلْ  مُجِيِريهَا
فَمَا طُموحُ  يَهُـودِ الشَّرْقِ  يَنْفَعُهُم    ***    وَلاَ يَنَالُـونَ إلاَّ  الْمَقْتَ  تَشْوِيهَا
 
يا أُمّةَ الْقُدْسِ, لا يُحْزِنْكَ  مَطْمَحُهُم  ***    فَإنَّ لِلْقـُدْسِ رَبًّـا, هُوَ  يَحْمِيهَا
 
أمَّا الْجَـزائِرُ, فَهي مِنْ  مُصـابِكُم  ***      في حَر ِنارِ الأسَى, تَشْكُو  لِبَارِيهَا
 
آهٍ عَلَى أُمَّـةِ  الْقُدْسِ الَّتِي  بَسَطَتْ   ***    لِلْجارِ  إحْسَانَها, وأسأَلْ  مُجِيِريهَا
 
آهٍ, عَلَى كـَأْسِ ذُلٍّ, وَهيَ  تَرْشُفُها  ***    وعَنْ  صِغَارِ كـآباتٍ  تُقـاسِيهَا(4)


آهٍ, عَلَى كـَأْسِ ذُلٍّ, وَهيَ  تَرْشُفُها
:::::وعَنْ  صِغَارِ كـآباتٍ  تُقـاسِيهَا(4)


وباستثناء الوزن المختل في بعض الأبيـات, فـإنَّ المقطَّعة تزخر بالمشـاعر الفيّاضَةِ, والإيحـاءات القومية النافذة(5) .
وباستثناء الوزن المختل في بعض الأبيـات, فـإنَّ المقطَّعة تزخر بالمشـاعر الفيّاضَةِ, والإيحـاءات القومية النافذة(5) .


وفي عام [[1936]] م قامت الثورة الفلسطينية, وكادت تقضي على النفوذ الأنجليزي والوجود الصهيوني؛ بدأت الثورة بإعلان الإضراب العام في جميع أنحاء [[فلسطين]] العربية تعبيرًا عن سخط الشعب الفلسطيني عن الانتداب البريطاني والدولة اليهودية المقترحة, وسرعان ما تحول الإضراب إلى ثورة علنية مسلحة, وتوافد المتطوعون من البلاد العربية المجاورة, واهتاج الرأي العام العربي في مختلف الأقطار العربية, وشعرت السلطات البريطانية بالخطر, فاستخدمت الدبابات والطائرات في قمع الثوار, وأخذت تنكل بالأحرار من أبناء [[فلسطين]] فأحس محمد العيد آل خليفة(6) " بالخطر على هذا الجزء من الوطن العربي وأدرك أنَّ يد بريطانيا وراء كل مؤامرة تعرضت لها [[فلسطين]] خفية مرة وعلنية أخرى, فكتب قصيدته (بني التايمز) التي يهاجم فيها الانجليز, ويتحسر على ما حلَّ بأولى القبلتين"(7), يقول:


" بنَي التَّايْمز " قَدْ جُرْتُمْ كَثيرًا
:::::فهَلْ لكُمْ عَنِ الْجَـوْرِ  ازْدجَـارُ ؟


وفي عام 1936 م قامت الثورة الفلسطينية, وكادت تقضي على النفوذ الأنجليزي والوجود الصهيوني؛ بدأت الثورة بإعلان الإضراب العام في جميع أنحاء فلسطين العربية تعبيرًا عن سخط الشعب الفلسطيني عن الانتداب البريطاني والدولة اليهودية المقترحة, وسرعان ما تحول الإضراب إلى ثورة علنية مسلحة, وتوافد المتطوعون من البلاد العربية المجاورة, واهتاج الرأي العام العربي في مختلف الأقطار العربية, وشعرت السلطات البريطانية بالخطر, فاستخدمت الدبابات والطائرات في قمع الثوار, وأخذت تنكل بالأحرار من أبناء فلسطين فأحس محمد العيد آل خليفة(6) " بالخطر على هذا الجزء من الوطن العربي وأدرك أنَّ يد بريطانيا وراء كل مؤامرة تعرضت لها فلسطين خفية مرة وعلنية أخرى, فكتب قصيدته (بني التايمز) التي يهاجم فيها الانجليز, ويتحسر على ما حلَّ بأولى القبلتين"(7), يقول:
أَفي أَسْـواقِكُمْ  نَصبًـا  وغَصْبًا
 
:::::تَسـومُ  (القِبْـلَة) الأُولى  التّجَـارُ
 


" بنَي التَّايْمز " قَدْ جُرْتُمْ كَثيرًا ***        فهَلْ لكُمْ عَنِ الْجَـوْرِ  ازْدجَـارُ ؟
إِخَالُ (القِبْلَةَ) انْسَجرتْ دِمَـاءً
:::::كَمَـا لِلْبَحْـرِ باللُّجـج انْسِجـارُ


أَفي أَسْـواقِكُمْ نَصبًـا وغَصْبًا    ***    تَسـومُ  (القِبْـلَة) الأُولى  التّجَـارُ
تَرَوْنَ لَهـَا سِوَى العَرَبّي أَهْـلاً
:::::وتَـأْبَى التُّرْبُ فِيهَـا والْحِجَـارُ


إِخَالُ (القِبْلَةَ) انْسَجرتْ دِمَـاءً  ***      كَمَـا لِلْبَحْـرِ باللُّجـج انْسِجـارُ
فَـلَيْسَ لَهَـا بِلاَ فَمِهِ  لِسَـانٌ
:::::وَلَيْسَ لَهَـا بِـلاَ دَمِـهِ نِجــارُ


تَرَوْنَ لَهـَا سِوَى العَرَبّي أَهْـلاً    ***      وتَـأْبَى التُّرْبُ فِيهَـا والْحِجَـارُ
ألَمْ يُؤْلِمْـكُمُ حَـرَمٌ  مُبـاحٌ
:::::وشَعْبٌ يَسْتـجِـيرُ ولا  يُجــارُ


فَـلَيْسَ لَهَـا بِلاَ فَمِهِ لِسَـانٌ    ***      وَلَيْسَ لَهَـا بِـلاَ دَمِـهِ نِجــارُ
إِذَنْ فالحَـرْبُ لِلْعَـربّي دَأْبٌ
:::::وَهَلْ تَخْفَى (الْبَسُوسُ) أو  (الْفِجارُ)


ألَمْ يُؤْلِمْـكُمُ  حَـرَمٌ  مُبـاحٌ  ***      وشَعْبٌ يَسْتـجِـيرُ ولا  يُجــارُ
:::::وعُقُـبَى شِـدَّةِ القَهْر ِ انْفِجـارُ (8)


إِذَنْ فالحَـرْبُ  لِلْعَـربّي  دَأْبٌ    ***      وَهَلْ تَخْفَى (الْبَسُوسُ) أو  (الْفِجارُ)
إنَّ هذا الإحساس بالخطر جعل الشاعر محمد العيد, كغيره من الشعراء العرب والمسلمين, يُحِسُّ بِهذا الاحساس العارم ب[[القدس]] و[[فلسطين]] وأرضها ونضالها, وبخاصة بعدَ أنْ بدأت خيوط المؤامرة تتضح والأطماع الصهيونية تكشر عن أنيابِها عندما دعت " لجنة بيل " إلى تقسيم [[فلسطين]] كحل وسط, أحس الشاعر بالكارثة, وتألَّمَ من هذا المشروع المبيت, وشعر بالخطر على " [[القدس]] " التي يقدّسُها ويَحْملُ لها في نفسه '''(كغيره من أبناء العرب والمسلمين)''' تقديرا خاصا لِمَا لَهَا من مكانة في النفوس, فتراه يتحدث في أسس عن " القدس " سنة [[1937]] م, ويؤكّدُ حقّ العرب فيها(9), يقول :


شَدَدْتُمْ قَهْـرَهُ فَعَـلاَ  انْفِجارًا  ***      وعُقُـبَى شِـدَّةِ  القَهْر ِ انْفِجـارُ (8)
يا قِسْمَةَ القُدْسِ أَنْتِ ضِيزَى
:::::لم يَعْدِلْ القـاسِمونَ فِيكِ


مَضَوْا عَلى الحَيْفِ لَمْ  يُبالُوا
:::::بِمَا جَـرَى مِنْ دَمٍ  سَفيكِ


إنَّ هذا الإحساس بالخطر جعل الشاعر محمد العيد, كغيره من الشعراء العرب والمسلمين, يُحِسُّ بِهذا الاحساس العارم بالقدس وفلسطين وأرضها ونضالها, وبخاصة بعدَ أنْ بدأت خيوط المؤامرة تتضح والأطماع الصهيونية تكشر عن أنيابِها عندما دعت " لجنة بيل " إلى تقسيم فلسطين كحل وسط, أحس الشاعر بالكارثة, وتألَّمَ من هذا المشروع المبيت, وشعر بالخطر على " [[القدس]] " التي يقدّسُها ويَحْملُ لها في نفسه (كغيره من أبناء العرب والمسلمين) تقديرا خاصا لِمَا لَهَا من مكانة في النفوس, فتراه يتحدث في أسس عن " القدس " سنة 1937 م, ويؤكّدُ حقّ العرب فيها(9), يقول :
القُدْسُ لِلْعُربِ  مِنْ  زمـانٍ
:::::لَمْ يَقْبَلُـوا فيهِ مِنْ  شريكِ


 
قَـدْ سامَهُ الأجْنَبُّي خَسْفًـا
يا قِسْمَةَ القُدْسِ أَنْتِ ضِيزَى    ***      لم يَعْدِلْ القـاسِمونَ  فِيكِ
:::::وهَـدَّ مِنْ  رُكْنِهِ  السَّمِيكِ
 
مَضَوْا عَلى الحَيْفِ لَمْ  يُبالُوا  ***        بِمَا جَـرَى مِنْ دَمٍ  سَفيكِ
 
القُدْسُ لِلْعُربِ  مِنْ  زمـانٍ  ***      لَمْ يَقْبَلُـوا فيهِ مِنْ  شريكِ
 
قَـدْ سامَهُ الأجْنَبُّي خَسْفًـا   ***      وهَـدَّ مِنْ  رُكْنِهِ  السَّمِيكِ
***
***
يا (لُنْدُرة) لـَوْدَرى  بَنُونَـا   ***      لم يَأْمَنُوا الْغَـدْرَ مِنْ  بَنيكِ
يا (لُنْدُرة) لـَوْدَرى  بَنُونَـا
:::::لم يَأْمَنُوا الْغَـدْرَ مِنْ  بَنيكِ


إخالُ شَعْبَ الْيَهُـودِ سـِرًّا   ***      سَبَاكِ بِالْعَسْجَـدِ السَّبِيكِ
إخالُ شَعْبَ الْيَهُـودِ سـِرًّا
:::::سَبَاكِ بِالْعَسْجَـدِ السَّبِيكِ


أَهَكَـذَا تَفْصـِلُ الْقَضـاءِ   ***      بِحُكْمِهـا لَجْـنَةُ الْمَلِيكِ ؟
أَهَكَـذَا تَفْصـِلُ الْقَضـاءِ
:::::بِحُكْمِهـا لَجْـنَةُ الْمَلِيكِ ؟


قَـدْ دَلَّ طُغْيانُ انْكِـلتْـرَا   ***      عَلَى فَـناء ٍ لَها وَشِيـكِ(10)
قَـدْ دَلَّ طُغْيانُ انْكِـلتْـرَا
:::::عَلَى فَـناء ٍ لَها وَشِيـكِ(10)


وفي سنة [[1938]] م نظم الشاعر قصيدته الموسومة بـ (يا عام), ونشرها في مجلة الشهاب الجزائرية يناجي فيها هذا العام ويستنطقه عن [[فلسطين]], ويتحدّث فيها عن القضية العربية كلها سواء في[[ فلسطين]] أو في شمال افريقيا, وما يجري فيها من مظالم ومآس يَمجُّهَا الذَّوق السليم, يقول:


يَا عـامُ هَلْ فِيكَ خَيرٌ
:::::لِلْمُسْلِمـينَ  يُرَجَّـى


وفي سنة 1938 م نظم الشاعر قصيدته الموسومة بـ (يا عام), ونشرها في مجلة الشهاب الجزائرية يناجي فيها هذا العام ويستنطقه عن فلسطين, ويتحدّث فيها عن القضية العربية كلها سواء في[[ فلسطين]] أو في شمال افريقيا, وما يجري فيها من مظالم ومآس يَمجُّهَا الذَّوق السليم, يقول:
أَخُـوكَ يَا عـامُ  فِيه
:::::لَيْلُ الْمَظَـالِم  دَجَّى


صبَّ الأذَى  فِيهِ  صَبَّا
:::::فَرُجَّتِ الأَرْضُ رَجَّـا


يَا عـامُ هَلْ فِيكَ خَيرٌ      ***      لِلْمُسْلِمـينَ يُرَجَّـى
ألَمْ تَـرَ الشّـرْقَ فِيهِ
:::::من المظَـالِم دَجَّـى


أَخُـوكَ يَا عـامُ  فِيه      ***      لَيْلُ الْمَظَـالِم  دَجَّى
سِيمَتْ فلَسْطِينُ خَسْفًا
:::::عَجَّ الحِمَى مِنْهُ عَجَّـا


صبَّ الأذَى فِيهِ  صَبَّا  ***        فَرُجَّتِ الأَرْضُ رَجَّـا
هَذا عن الأَهْل أُقْصِي
:::::وذَاكَ فِي السّجْنِ زُجَّا


ألَمْ تَـرَ الشّـرْقَ فِيهِ  ***        من المظَـالِم دَجَّـى
وَفي الشّمـالِ هَنَاتٌ
:::::يَمُجُّهَا الذَّوْقُ مَجَّـا


سِيمَتْ فلَسْطِينُ خَسْفًا    ***      عَجَّ الحِمَى مِنْهُ عَجَّـا
والشَّرقُ  وَلهانُ  يَرْجُو
رأنْ يَسلكَ الأمْن  فَجَّا


هَذا عن الأَهْل أُقْصِي    ***      وذَاكَ فِي السّجْنِ زُجَّا
يـودُّ إقْنَـاعَ  خَصْمٍ
:::::في غَمْطِه الحَقِّ لَجَّـا


وَفي الشّمـالِ  هَنَاتٌ    ***        يَمُجُّهَا الذَّوْقُ مَجَّـا
ويَبْتَغـِي رَدْعَ  جـانٍ
 
:::::وجْهَ الْعَدالةِ  شَجَّـا(11)
والشَّرقُ  وَلهانُ  يَرْجُو    ***        أنْ يَسلكَ الأمْن  فَجَّا
 
يـودُّ  إقْنَـاعَ  خَصْمٍ    ***        في غَمْطِه الحَقِّ لَجَّـا
 
ويَبْتَغـِي رَدْعَ  جـانٍ   ***        وجْهَ الْعَدالةِ  شَجَّـا(11)
 
"
 
ومن اللافت للنظر في هذه الأبيات أنَّها تنطبق حتى على وقتنا الحاضر, فهناك من لايزال يؤمن بِهذا الطريق الذي سلكه الجيل الماضي في مسالمتهم للاستعمار والصهيونية من الحكام العرب... وكأنَّ الشاعر تنبأ بِما يجري الآن, فيخاطب الحاضر في الماضي" (12)


"ومن اللافت للنظر في هذه الأبيات أنَّها تنطبق حتى على وقتنا الحاضر, فهناك من لايزال يؤمن بِهذا الطريق الذي سلكه الجيل الماضي في مسالمتهم للاستعمار والصهيونية من الحكام العرب... وكأنَّ الشاعر تنبأ بِما يجري الآن, فيخاطب الحاضر في الماضي" (12)


وفي ختام القصيدة يتوجه الشـاعر بالحديث إلى ذلك العام, وهو لا يرجـو منه الشئ الكثير, لأنَّه أشبه بالطفل الذي لا يُفصح عمّا في نفسه, مثلما كان الأمر بالنسبة للأعوام السابقة عليه(13), يقول :
وفي ختام القصيدة يتوجه الشـاعر بالحديث إلى ذلك العام, وهو لا يرجـو منه الشئ الكثير, لأنَّه أشبه بالطفل الذي لا يُفصح عمّا في نفسه, مثلما كان الأمر بالنسبة للأعوام السابقة عليه(13), يقول :


يَاعَامُ أشْبَهْتَ طِفلاً
:::::بالأبْجَـدِيَةِ  هَجَّـا


هَلْ يَبْلُغُ الشَّطَّ أمْرٌ
:::::كالْفُلْكِ فِيكَ يُزَجَّى؟


يَاعَامُ أشْبَهْتَ طِفلاً    ***      بالأبْجَـدِيَةِ  هَجَّـا
وَهَلْ نُنَجَّى قَرِيبًّـا
 
:::::مِنَ الأَذَى هَلْ تُنَجَّى؟(14)
هَلْ يَبْلُغُ الشَّطَّ أمْرٌ    ***      كالْفُلْكِ فِيكَ يُزَجَّى؟
 
وَهَلْ نُنَجَّى قَرِيبًّـا     ***      مِنَ الأَذَى هَلْ تُنَجَّى؟(14)
 
 
 
ولم يكتف محمد العيد بِمجـرد التعبير عن تضـامنه مع القضية الفلسطينية, وتأييده لقضـايا الأمـة العربية كلها سـواء في فلسطين أو في شمـال افريقيا, بل غيّر لهجته من التضـامن إلى التهـديد والوعيد, ووصف أخـلاق اليهـود وطبـاعهم الشـريرة التي عرفـوا بِها كالخـداع والجبن والغـرور وسـواها, يقـول محمد العيد في قصيدته " [[فلسطين]] العـزيزة " التي نظـمها سنة 1367 ه :
 
 
فَلَسْطينُ العـزيزةُ  لاَ  تُراعِي    ***    فَعَينُ اللهِ  رَاصدِةٌ  تُـراعِي
 
وحَوْلَكِ مِنْ بَنِي عَدْنانَ  جُنْدٌ    ***    كَثِيرُ الْعَـدِّ يَزْأرُ  كَالسِّباعِ
 
إذا اسْتَصْرَخْتِهِ لِلْحَـرْبِ لَبَّى    ***      وخَفَّ إلَيْكِ مِنْ كُلِّ الْبِقاعِ


يَجودُ بِكُلِّ مُرْتَخَصٍ  وغـَالي    ***    لِيَدْفَعَ عَنْكَ غَاراتِ الضّباعِ
ولم يكتف محمد العيد بِمجـرد التعبير عن تضـامنه مع القضية الفلسطينية, وتأييده لقضـايا الأمـة العربية كلها سـواء في [[فلسطين]] أو في شمـال افريقيا, بل غيّر لهجته من التضـامن إلى التهـديد والوعيد, ووصف أخـلاق اليهـود وطبـاعهم الشـريرة التي عرفـوا بِها كالخـداع والجبن والغـرور وسـواها, يقـول محمد العيد في قصيدته " [[فلسطين]] العـزيزة " التي نظـمها سنة 1367 ه :


بُليتِ بِهِمْ صَهـايَنَةً جياعًـا ***        فَسُحْقًا للصَّهايِنَةِ الْجِيـاعِ
فَلَسْطينُ العـزيزةُ لاَ تُراعِي
:::::فَعَينُ اللهِ  رَاصدِةٌ  تُـراعِي


سَتَكْشِفُ عَنْهُمُ الهَيْجاءُ سِتْرًا    ***      وتَرمِيهِمُ بِكُلِّ فَتَّى شُجـاعِ(15)
وحَوْلَكِ مِنْ بَنِي عَدْنانَ  جُنْدٌ
:::::كَثِيرُ الْعَـدِّ يَزْأرُ  كَالسِّباعِ


إذا اسْتَصْرَخْتِهِ لِلْحَـرْبِ لَبَّى
:::::وخَفَّ إلَيْكِ مِنْ كُلِّ الْبِقاعِ


يَجودُ بِكُلِّ مُرْتَخَصٍ  وغـَالي
:::::لِيَدْفَعَ عَنْكَ غَاراتِ الضّباعِ


ثم يدخل في وصف أخلاق اليهود, وطباعهم التي عرفوا بِها, فيقول :
بُليتِ بِهِمْ صَهـايَنَةً  جياعًـا
:::::فَسُحْقًا للصَّهايِنَةِ الْجِيـاعِ


سَتَكْشِفُ عَنْهُمُ الهَيْجاءُ سِتْرًا
:::::وتَرمِيهِمُ بِكُلِّ فَتَّى شُجـاعِ(15)


وكَيْفَ يُصادِفُ العِبْريُّ نُجْحًـا  ***      وَمَا أَخْـلاَقُـهُ  غَيْرَ الْخِـدَاعِ


قد اشْتَهَر اليَهُـودُ  بِكُلِّ  قُطْرٍ    ***      بِأَنَّ طِبَـاعَهُم  شَـرُّ  الطّبَـاعِ
'''ثم يدخل في وصف أخلاق اليهود, وطباعهم التي عرفوا بِها, فيقول :'''


قَدِ اغْتَرَّ الْيَهُـودُ بِمَا  أَصَابُـوا  ***        بِأَرْضِ الْقُدْسِ مِنْ بَعْضِ  الْقِلاَعِ


مَتَى كَانَ الْيَهُـودُ جنُودَ حَربٍ    ***      وَكُفُؤًا لِلأعـارِبِ في  الصّراعِ(16)
وكَيْفَ يُصادِفُ العِبْريُّ نُجْحًـا
:::::وَمَا أَخْـلاَقُـهُ  غَيْرَ الْخِـدَاعِ


قد اشْتَهَر اليَهُـودُ  بِكُلِّ  قُطْرٍ
:::::بِأَنَّ طِبَـاعَهُم  شَـرُّ  الطّبَـاعِ


قَدِ اغْتَرَّ الْيَهُـودُ بِمَا  أَصَابُـوا
:::::بِأَرْضِ الْقُدْسِ مِنْ بَعْضِ  الْقِلاَعِ


ويختم القصيدة بِهذا الصوت المتحمس الذي يأتي من الشاعر الثائر مُتوجها إلى فلسطين العزيزة :
مَتَى كَانَ الْيَهُـودُ جنُودَ حَربٍ
:::::وَكُفُؤًا لِلأعـارِبِ في  الصّراعِ(16)


فَلَسْطينُ الْعَـزِيزَةُ  لا تَخَـافِي    ***    فَإنَّ العُرْبَ  هَبُّـوا لِلدِّفَـاعِ


بِجَيْشٍ  مُظِلمٍ  كَاللَّيْلِ  غَـطَّى  ***      حِيالَكِ كُلَّ سَهْلٍ  أوْ  يَفـَاعِ
'''ويختم القصيدة بِهذا الصوت المتحمس الذي يأتي من الشاعر الثائر مُتوجها إلى [[فلسطين]] العزيزة :'''


ومـا أسْيَافُـهُ إلاَّ  نُجـومٌ    ***    رُجـومٌ  لِلْيَهـوُدِ  بِلا  نِزَاعِ
فَلَسْطينُ الْعَـزِيزَةُ لا تَخَـافِي
:::::فَإنَّ العُرْبَ هَبُّـوا لِلدِّفَـاعِ


يُرابِطُ في ثُغُـورِكِ  مُسْتَعِـدًّا    ***    عَلَى الأهْباتِ لِلأمْرِ المُطـاعِ
بِجَيْشٍ مُظِلمٍ  كَاللَّيْلِ  غَـطَّى
:::::حِيالَكِ كُلَّ سَهْلٍ  أوْ  يَفـَاعِ


سَيَهْجُمُ مِنْ مَراكِـزِهِ   عَلَيْهمْ    ***      هُجومَ الآكِلينَ عَلى القصاعي
ومـا  أسْيَافُـهُ  إلاَّ   نُجـومٌ
:::::رُجـومٌ  لِلْيَهـوُدِ  بِلا نِزَاعِ


ونَحْنُ بَنِي العُـروبَةِ قد خُلِقْنا  ***      نُلَبّي لِلْمَعـارِكِ كُلَّ  دَاعِـي
يُرابِطُ في ثُغُـورِكِ  مُسْتَعِـدًّا
:::::عَلَى الأهْباتِ لِلأمْرِ المُطـاعِ


لَنَا في الحَرْبِ غـاراتٌ  كِبارٌ  ***      وأيَّـامٌ مُخـلَّدَةُ الْمَسَـاعِي
سَيَهْجُمُ مِنْ مَراكِـزِهِ  عَلَيْهمْ
:::::هُجومَ الآكِلينَ عَلى القصاعي


وكَيْفَ نَذِلُّ أوْ نَرْضَى انْخِفَاضًا    ***    ونَجْمُ جُـدُودِنَا نَجْمُ ارْتِفَاعِ(17)
ونَحْنُ بَنِي العُـروبَةِ قد  خُلِقْنا
:::::نُلَبّي لِلْمَعـارِكِ كُلَّ  دَاعِـي


لَنَا في الحَرْبِ  غـاراتٌ  كِبارٌ
:::::وأيَّـامٌ مُخـلَّدَةُ الْمَسَـاعِي


وكَيْفَ نَذِلُّ أوْ نَرْضَى انْخِفَاضًا
:::::ونَجْمُ جُـدُودِنَا نَجْمُ ارْتِفَاعِ(17)


تتميّزُ هذه القصيدة بوضوح معانيها ويسرها, فهي في الأعم الأغلب بينةٌ معروفةٌ, بل قريبة مألوفة, لاتستغلق على الفهم, وتكثر فيها الألفاظ الجزلة الفصيحة, وتتّسم تراكيبها بالمتانة والسلاسة, فهي تخلو من التعقيد والوعورة, ويغلبُ على صورها أنَّها تقوم على التشبيهات المعروفة والسيوف, شأنَّها في ذلك شأن الصور في شعر العرب, وهي تشبيهات مستمدةٌ من مكونات الطبيعة المختلفة.
تتميّزُ هذه القصيدة بوضوح معانيها ويسرها, فهي في الأعم الأغلب بينةٌ معروفةٌ, بل قريبة مألوفة, لاتستغلق على الفهم, وتكثر فيها الألفاظ الجزلة الفصيحة, وتتّسم تراكيبها بالمتانة والسلاسة, فهي تخلو من التعقيد والوعورة, ويغلبُ على صورها أنَّها تقوم على التشبيهات المعروفة والسيوف, شأنَّها في ذلك شأن الصور في شعر العرب, وهي تشبيهات مستمدةٌ من مكونات الطبيعة المختلفة.


ولمحمد العيد أيضا قصيدة " هيجت وجدي " التي يردُّ فيها عن رسالة شعرية وجّهها إليه الشاعر الجزائري الشيخ أحمد سحنون(18) سنة [[1948]] م, وهي في معظمها حماس وتضامن مع [[فلسطين]] , وتَهديد ووعيد للصهاينة, فيقول


ولمحمد العيد أيضا قصيدة " هيجت وجدي " التي يردُّ فيها عن رسالة شعرية وجّهها إليه الشاعر الجزائري الشيخ أحمد سحنون(18) سنة 1948 م, وهي في معظمها حماس وتضامن مع فلسطين, وتَهديد ووعيد للصهاينة, فيقول :
قُلْ لابْنِ صَهْيونَ اغْتَرَرْتَ فَلا تَجُرْ
:::::إنَّ ابنَ يَعْرُبَ  نـاهِضٌ  لِلَّثأرِ


أعْرَضْتَ عنْ خُطَطِ  السَّلاَمِ  مُولِّيا
:::::فَوَقَعْتَ مِنْهَا في  خُطُوطِ  النَّارِ


قُلْ لابْنِ صَهْيونَ اغْتَرَرْتَ فَلا تَجُرْ ***    إنَّ ابنَ يَعْرُبَ نـاهِضٌ لِلَّثأرِ
لاتَحْسبَنَّ بِأنَّ صُبْحَـكَ طـالِعٌ
:::::فالْبَدْرُ وَيْحَكَ خادِعٌ للسَّارِي


أعْرَضْتَ عنْ خُطَطِ السَّلاَمِ مُولِّيا    ***    فَوَقَعْتَ مِنْهَا في  خُطُوطِ  النَّارِ
سَتَرَى أمـانِيكَ التي شيّـدْتَهَـا
:::::مُنْهـارةً مَعَ رُكْنِكَ الْمُنْهـَارِ


لاتَحْسبَنَّ بِأنَّ صُبْحَـكَ طـالِعٌ    ***    فالْبَدْرُ وَيْحَكَ خادِعٌ للسَّارِي
القُدْسِ لابْنِ الْقُدسِ لاَ لِمُشَـرَّدِ
:::::مُتَصَهْينٍ ومُهَـاجِرٍ غَــدَّارٍ


سَتَرَى أمـانِيكَ التي  شيّـدْتَهَـا    ***    مُنْهـارةً مَعَ رُكْنِكَ  الْمُنْهـَارِ
يالَجْنَةَ التَّقْسِيمِ حِدْتِ عَنْ  الْهُدَى
 
:::::وسخَرتِ مِنْهُ فَبُؤْتِ بِالإنْكـارِ
القُدْسِ لابْنِ  الْقُدسِ لاَ  لِمُشَـرَّدِ    ***    مُتَصَهْينٍ ومُهَـاجِرٍ  غَــدَّارٍ
 
يالَجْنَةَ التَّقْسِيمِ حِدْتِ عَنْ  الْهُدَى     ***    وسخَرتِ مِنْهُ فَبُؤْتِ بِالإنْكـارِ
***
***
القِبلَةُ الأولى التي  استَصْـغَـرتِها       هي لِلْعـُروبة قِبْلةُ الأنْظــارِ(19)
القِبلَةُ الأولى التي  استَصْـغَـرتِها
:::::هي لِلْعـُروبة قِبْلةُ الأنْظــارِ(19)


ويسير في هذا الاتجاه شاعر آخر من شعراء الجزائر, وهو محمد جريدي(20) الذي كتب قصيدة شعرية يعالج فيها قضية فلسطين أيام النكبة, ويكاد ينفرد عن بقية الشعراء الجزائريين - الذين كانوا يعيشون يومئذ تحت سيطرة ورقابة ومطاردة الاستعمار الفرنسي البغيض - باللهجة الحماسية التي عالج بِها القضية " إنَّه وهو يعتلي المنبر مستنفرا ومستصرخا, لا يستنفر الشعب العربي في الجـزائر, بل الشّعب العربي في كل قطر, ولا يكتفي بالتهديد الأعزل وهو يواجه الصهيونية, ولكنَّه يطلق الأوامـر الصارخة وهو يستَثير الشعب العربي, ولا يرضى بالتغمة التقريرية المائعة, ولكنَّه يعمد إلى الومضـات التعريضية الجـارحة, مستمدا لها من شرف العروبة وقدسية الإسـلام كل عناصر التأثير" (21),  '''فيقول :'''


ويسير في هذا الاتجاه شاعر آخر من شعراء الجزائر, وهو محمد جريدي(20) الذي كتب قصيدة شعرية يعالج فيها قضية فلسطين أيام النكبة, ويكاد ينفرد عن بقية الشعراء الجزائريين - الذين كانوا يعيشون يومئذ تحت سيطرة ورقابة ومطاردة الاستعمار الفرنسي البغيض - باللهجة الحماسية التي عالج بِها القضية " إنَّه وهو يعتلي المنبر مستنفرا ومستصرخا, لا يستنفر الشعب العربي في الجـزائر, بل الشّعب العربي في كل قطر, ولا يكتفي بالتهديد الأعزل وهو يواجه الصهيونية, ولكنَّه يطلق الأوامـر الصارخة وهو يستَثير الشعب العربي, ولا يرضى بالتغمة التقريرية المائعة, ولكنَّه يعمد إلى الومضـات التعريضية الجـارحة, مستمدا لها من شرف العروبة وقدسية الإسـلام كل عناصر التأثير" (21), فيقول :
أَيَا شَعْبُ جـاهِرْ بالقِتالِ  عَلَى العِدَا
:::::فَلَمْ يَبْقَ في  دَفْعِ  الْمَظَـالِم  كِتْمـانُ


فَلَـوْلاَ التهابُ العُنْصُرية في  الْحَشَا
:::::لَمَا استَفُحَلتْ صَهْيون وانْدَاسَ عُربَانُ


أَيَا شَعْبُ جـاهِرْ بالقِتالِ  عَلَى العِدَا  ***    فَلَمْ يَبْقَ في دَفْعِ  الْمَظَـالِم  كِتْمـانُ
فَوا عَجَبًا مِنْ قِصَّةِ الأُسْدِ, قَدْ غَدَتْ
:::::يُهَاجِمُهَـا في الْمَرْبَضِ اليَوْمَ خِرْفـانُ


فَلَـوْلاَ التهابُ العُنْصُرية في الْحَشَا    ***    لَمَا استَفُحَلتْ صَهْيون وانْدَاسَ عُربَانُ
تَنَمَّرَ كُفَّـارُ  (الكَلِيم) كَـأنْ  لَمْ
:::::يَنُص لَنَـا عَنْ  ذُلِّـهِم  قُرآنٌ  قُرْآنُ(22)


فَوا عَجَبًا مِنْ قِصَّةِ الأُسْدِ, قَدْ غَدَتْ    ***    يُهَاجِمُهَـا في الْمَرْبَضِ اليَوْمَ خِرْفـانُ
وبدأت الحرب عام [[1948]] م, ودخلت الجيوش العربية إلى فلسطين, وهبَّ الشعب الجزائري يناصر [[فلسطين]], ففتح باب التطوع لتحريرها, ونظمت الحملات لجمع التبرعات لمساعدة الثوار, ومقاطعة البضائع اليهودية, وأنشئت بعض اللجان للدفاع عن حقوقها(23), ورغم الحواجز التي كانت تفصل الجزائر عن المشرق العربي, وعن [[فلسطين]] بالذات, كانت قلوب الجزائريين تخفق بحب [[فلسطين]] ومشاعرهم متألمة تحمل من الاشفاق على الشعب الشقيق بقدر ما تحمل من الإعجاب ببطولات المجاهدين.''' " ولا نقول جديدًا اذا ما سجلنا بأنَّ الكثيرين من الشعب الجزائري أثناء هذه الحرب خرجوا يَمشون على الأقدام محاولين تخطي هذه الحواجز, فمنهم من وصل, ومنهم من تلقفته سجون الاستعمار ومعتقلاته بليبيا تحت الحكم الإيطالي, أو في سجون تونس والجزائر تحت الاستعمار الفرنسي, قبل أن يصلوا إلى [[فلسطين]] " (24) .'''


تَنَمَّرَ  كُفَّـارُ  (الكَلِيم) كَـأنْ  لَمْ    ***    يَنُص لَنَـا عَنْ  ذُلِّـهِم  قُرآنٌ  قُرْآنُ(22)
وقد شبَّه الشاعر محمد جريدي هؤلاء الجزائريين الذين لم يتمكنوا من تخطي هذه الحواجز والوصول إلى [[فلسطين]] للمشاركة في المعاركة المقدسة بالبنوة التي ترى الأمومة ملطخة في دمائها ولا تملك إلى نصرتِهَا سبيلا, قيلتمس الشاعر المغفرة من الأم الجريحة [[فلسطين]] لأبنائها في الجزائر, فيقول :


فَلَسْطينُ, إنِّي الابْنُ والابْنُ طائِعُ
:::::فَهَا أَنَذَا أعْصي, فَهَلْ فيكِ غُفْرانُ


فَإِنَّ صُدُودِي عَنْ حِمـَاكِ جِنَايَةٌ
:::::وَإِنَّ قُعُـودِي عَنْ فِدَاكِ  لَعِصْيانُ


وبدأت الحرب عام [[1948]] م, ودخلت الجيوش العربية إلى فلسطين, وهبَّ الشعب الجزائري يناصر فلسطين, ففتح باب التطوع لتحريرها, ونظمت الحملات لجمع التبرعات لمساعدة الثوار, ومقاطعة البضائع اليهودية, وأنشئت بعض اللجان للدفاع عن حقوقها(23), ورغم الحواجز التي كانت تفصل الجزائر عن المشرق العربي, وعن فلسطين بالذات, كانت قلوب الجزائريين تخفق بحب فلسطين ومشاعرهم متألمة تحمل من الاشفاق على الشعب الشقيق بقدر ما تحمل من الإعجاب ببطولات المجاهدين. " ولا نقول جديدًا اذا ما سجلنا بأنَّ الكثيرين من الشعب الجزائري أثناء هذه الحرب خرجوا يَمشون على الأقدام محاولين تخطي هذه الحواجز, فمنهم من وصل, ومنهم من تلقفته سجون الاستعمار ومعتقلاته بليبيا تحت الحكم الإيطالي, أو في سجون تونس والجزائر تحت الاستعمار الفرنسي, قبل أن يصلوا إلى فلسطين " (24) .
فَلَسْطينُ, لا تَأْسى لَغَيْبِي  فَـإِنَّني
:::::وَإن غِبْتُ, بِالحِرْمَانِ مِنْكَ لاسيانُ


وَإنْ فَقَدَتْ رِجْلي رَكَائِبَ  لِلْفِدَا
:::::فَلَيْسَ لإحْسَاسِي وشِعْري  فُقْدانُ


وقد شبَّه الشاعر محمد جريدي هؤلاء الجزائريين الذين لم يتمكنوا من تخطي هذه الحواجز والوصول إلى فلسطين للمشاركة في المعاركة المقدسة بالبنوة التي ترى الأمومة ملطخة في دمائها ولا تملك إلى نصرتِهَا سبيلا, قيلتمس الشاعر المغفرة من الأم الجريحة فلسطين لأبنائها في الجزائر, فيقول :
فَـإِنَّ إِذَا رُمْنَا  لِأَرْضِـكِ  سفْرةً
:::::يُعـارِضُنَا بِالْمَنْعِ والرَّدْع ِ طُغْيانُ


فَلَسْطينُ, إنِّي الابْنُ والابْنُ طائِعُ    ***      فَهَا أَنَذَا أعْصي, فَهَلْ فيكِ غُفْرانُ
وإِنْ رامَ صهيـونُ لِغَزْوكِ هِجْرةً
:::::تُفْتَحُ لَهُمْ في الْجَـوِّ والْبَـرِّ بِيبَانُ


فَإِنَّ صُدُودِي عَنْ حِمـَاكِ جِنَايَةٌ    ***    وَإِنَّ قُعُـودِي عَنْ فِدَاكِ  لَعِصْيانُ
فَها هُوَ إيِمَانِي فِـداكِ ونَخْـوتي
:::::فَمَاذَا عَسَى يُجْدِيهم فِيكِ حِرْمانُ


فَلَسْطينُ, لا تَأْسى لَغَيْبِي فَـإِنَّني    ***    وَإن غِبْتُ, بِالحِرْمَانِ مِنْكَ لاسيانُ
وَهَمُّكِ هَمِّي يَا فَلسْطِينُ فاصْبري
:::::فَإنَّ اهْتِياجَ الْمَوْج تُفْنِيهِ شَطْـآنُ


وَإنْ فَقَدَتْ رِجْلي رَكَائِبَ لِلْفِدَا    ***      فَلَيْسَ لإحْسَاسِي وشِعْري  فُقْدانُ
ولَسْتُ لِبَحْرِ الظُّلِم إلاَّ شَواطِئًـا
:::::وَلَيْسَ لِمَوْجِ الظُّلِمْ بَعْدَكِ طُغْيانُ(25)


فَـإِنَّ إِذَا رُمْنَا لِأَرْضِـكِ  سفْرةً  ***      يُعـارِضُنَا بِالْمَنْعِ والرَّدْع ِ طُغْيانُ
أمـا شاعر الثورة الجزائرية, وشـاعر وحـدة المغرب العربي الكبير والأمة العربية مفدي زكرياء(26), فقد اعتبر العدوان على[[ فلسطين]] اعتداء على العروبة كُلّها, وضياع [[فلسطين]] مسؤولية العرب جميعًا - لا الفلسطينيين وحدهم - فقد باعوها وانحدروا بِهَا للهاوية وهم في غمرة سكر, ففي الذكرى الثالثة عشر لتقسيم فلسطين كتب قصيدة شعرية طويلة بعنوان :''' " [[فلسطين]] على الصليب " في شكل حوار بين الشاعر و[[فلسطين]] والعرب, وسنلاحظ بوضوح " الصراحة الجارحة, والنقد اللاذغ الهادف إلى تصحيح الأخطاء, ويطغى عليه أسلوب التحليل واستقراء الأوضاع, وتحديد الأسباب, وإقتراح الحلول بعيدًا عن ترديد الشعرات الرنانة الجوفاء " (27)''' , فهو يدق ناقوس خطر الاحتلال الصهيوني لفلسطين, ويحث على [[الجهاد]], وعلى ضم الصفوف لمواجهة العدو, يقول :


وإِنْ رامَ صهيـونُ لِغَزْوكِ هِجْرةً    ***    تُفْتَحُ لَهُمْ في الْجَـوِّ والْبَـرِّ بِيبَانُ
أُناديكِ, في الصَّرصَرِ  العاتِيَهْ
:::::وبَيْنَ قَـواصِفِها  الذّارِيَـهْ


فَها هُوَ إيِمَانِي فِـداكِ ونَخْـوتي    ***    فَمَاذَا عَسَى يُجْدِيهم فِيكِ حِرْمانُ
وأَدْعـوكِ, بَيْنَ أزيزِ  الوَغَى
:::::وبَيْنَ جَمـاجِمِها الجـاثِيَهْ


وَهَمُّكِ هَمِّي يَا فَلسْطِينُ فاصْبري    ***    فَإنَّ اهْتِياجَ الْمَوْج تُفْنِيهِ شَطْـآنُ
وأَذْكُر جُرْحَـكِ, في حَرْبِنَا
:::::وفي ثَوْرةِ المغربِ  القـانِيَهْ


ولَسْتُ لِبَحْرِ الظُّلِم إلاَّ شَواطِئًـا  ***      وَلَيْسَ لِمَوْجِ الظُّلِمْ بَعْدَكِ طُغْيانُ(25)
فَلَسْطِينُ.. يا مهبـطَ الأنْبيأ
:::::ويا قِبْلَةَ العُـرْبِ الثـانِيَهْ


ويا حُجَّـةَ اللهِ  في  أرْضـِه
:::::ويا هِبَة  الأزَلِ, السـامِيَهْ


أمـا شاعر الثورة الجزائرية, وشـاعر وحـدة المغرب العربي الكبير والأمة العربية مفدي زكرياء(26),  فقد اعتبر العدوان على[[ فلسطين]] اعتداء على العروبة كُلّها, وضياع فلسطين مسؤولية العرب جميعًا - لا الفلسطينيين وحدهم - فقد باعوها وانحدروا بِهَا للهاوية وهم في غمرة سكر, ففي الذكرى الثالثة عشر لتقسيم فلسطين كتب قصيدة شعرية طويلة بعنوان : " فلسطين على الصليب " في شكل حوار بين الشاعر وفلسطين والعرب, وسنلاحظ بوضوح " الصراحة الجارحة, والنقد اللاذغ الهادف إلى تصحيح الأخطاء, ويطغى عليه أسلوب التحليل واستقراء الأوضاع, وتحديد الأسباب, وإقتراح الحلول بعيدًا عن ترديد الشعرات الرنانة الجوفاء " (27) , فهو يدق ناقوس خطر الاحتلال الصهيوني لفلسطين, ويحث على [[الجهاد]], وعلى ضم الصفوف لمواجهة العدو, يقول :
فَلَسطينُ.. والعُرْبُ في سُكْرَةِ
:::::قد إنْحَدَرُوا  بِكِ  لِلهاويَهْ !


رَمـاكِ الزّمـانُ  بِكُلّ  لَئيمٍ
:::::زَنيمٍ, مِنَ  الْفِئَةِ  البـاغِيَهْ


أُناديكِ, في الصَّرصَرِ العاتِيَهْ      ***      وبَيْنَ قَـواصِفِها الذّارِيَـهْ
وَصَبَّ بِكِ الغَرْبُ أقْـذَارَهُ
:::::وَرِجْسَ  نِفَايَاتِهِ الْبـاقِيَهْ


وأَدْعـوكِ, بَيْنَ أزيزِ الوَغَى    ***        وبَيْنَ جَمـاجِمِها الجـاثِيَهْ
وحَطَّ ابنُ (صهيونَ) أنْـذَالَهُ
:::::بِأَرْضِكِ, آمـِرةً نـاهِيَهْ(28)


وأَذْكُر جُرْحَـكِ, في  حَرْبِنَا      ***      وفي ثَوْرةِ المغربِ  القـانِيَهْ
ويستطرد الشاعر في تسليط الأضواء على ما آلت إليه [[فلسطين]] '''" فقد انقلبت الأوضاع, وذل العزيز, وعزَّ الذليل, و أصبحت [[فلسطين]] تبكي, وما يبكيها إلاَّ الذين كانوا قد اتخذوا حائطا يتباكون فيه ويستدرون عطف الناس " (29) :'''


فَلَسْطِينُ.. يا مهبـطَ  الأنْبيأ    ***      ويا قِبْلَةَ العُـرْبِ الثـانِيَهْ
بكيتِ, فَلَسْطِينُ, في حَائطٍ
:::::بِهِ - قَبْلُ - قَدْ كانتِ الْبَاكِيَهْ


ويا حُجَّـةَ اللهِ في  أرْضـِه      ***      ويا هِبَة  الأزَلِ, السـامِيَهْ
فَيالَكَ مِنْ مَعْبَدٍ نَجَّسـُوا
:::::حنَـاياهُ بِالسُّـوْءَةِ البـادِيَهْ


فَلَسطينُ.. والعُرْبُ في سُكْرَةِ    ***      قد إنْحَدَرُوا بِكِ لِلهاويَهْ !
وَيَالَكَ مِنْ قِبْلَةٍ كَدَّسـُوا
:::::بِمِحْـربِهَا الجيفَ البـالِيَهْ


رَمـاكِ الزّمـانُ بِكُلّ  لَئيمٍ    ***      زَنيمٍ, مِنَ  الْفِئَةِ  البـاغِيَهْ
وَيَالَكَ مِنْ حَـرمٍ آمِـنٍ
:::::جيَّاعُ ابنِ آوَى بِهَا عَـاوِيَهْ(30)


وَصَبَّ بِكِ الغَرْبُ  أقْـذَارَهُ    ***      وَرِجْسَ  نِفَايَاتِهِ  الْبـاقِيَهْ
'''ولَمَّا تحدَّث الشاعر عن مأساة [[فلسطين]], حمَّل العربَ مسؤولية ضياعها - على لسان [[فلسطين]] - يقول :'''


وحَطَّ ابنُ (صهيونَ) أنْـذَالَهُ    ***      بِأَرْضِكِ, آمـِرةً نـاهِيَهْ(28)
لَقَدْ كـانَ لي سَبَبٌ لِلْبَقَـا
:::::فَقَطَّـعَ قَـوْمي أسْبـابِيَهْ


ورُحْتُ أُبَاعُ, وأُشرَى كَمَا
:::::كَما تُباعُ  لجزارها  الْماشِيَهْ


ويستطرد الشاعر في تسليط الأضواء على ما آلت إليه فلسطين " فقد انقلبت الأوضاع, وذل العزيز, وعزَّ الذليل, و أصبحت فلسطين تبكي, وما يبكيها إلاَّ الذين كانوا قد اتخذوا حائطا يتباكون فيه ويستدرون عطف الناس " (29) :
وأُشْنَقُ في حَبْلِ  مُسْتَعمِري
:::::وَأُصْلَبُ في كَفِّ  جَـلاَّدِيِهْ


وفَرَّقَنِي (الخُلْفُ) أيْدِي سَبَأ
:::::وشَتَّتَ في  الأرْضِ  أوصالِيَهْ


بكيتِ, فَلَسْطِينُ, في حَائطٍ      ***    بِهِ - قَبْلُ - قَدْ كانتِ الْبَاكِيَهْ
فأَصْبَحْتُ أرْسُفُ في مِحْنَتِي
:::::وقَومِي - عن مِحْنتي- لاهِيَهْ


فَيالَكَ مِنْ مَعْبَدٍ نَجَّسـُوا      ***      حنَـاياهُ بِالسُّـوْءَةِ  البـادِيَهْ
وَفِي سُكْرةِ ضَيَّعُوا عِـزَّتِي
 
:::::وَلَمْ يُغْـنِ عَنّي  سُلْطـانِيَهْ
وَيَالَكَ مِنْ قِبْلَةٍ كَدَّسـُوا    ***        بِمِحْـربِهَا  الجيفَ  البـالِيَهْ
 
وَيَالَكَ مِنْ حَـرمٍ آمِـنٍ      ***    جيَّاعُ ابنِ آوَى بِهَا  عَـاوِيَهْ(30)
 
 
 
 
 
ولَمَّا تحدَّث الشاعر عن مأساة فلسطين, حمَّل العربَ مسؤولية ضياعها - على لسان فلسطين - يقول :
 
 
لَقَدْ كـانَ لي سَبَبٌ لِلْبَقَـا        فَقَطَّـعَ قَـوْمي  أسْبـابِيَهْ
 
ورُحْتُ أُبَاعُ, وأُشرَى كَمَا        كَما تُباعُ  لجزارها  الْماشِيَهْ
 
وأُشْنَقُ في حَبْلِ  مُسْتَعمِري        وَأُصْلَبُ في كَفِّ  جَـلاَّدِيِهْ
 
وفَرَّقَنِي (الخُلْفُ) أيْدِي سَبَأ        وشَتَّتَ في  الأرْضِ  أوصالِيَهْ
 
فأَصْبَحْتُ أرْسُفُ في مِحْنَتِي      وقَومِي - عن مِحْنتي- لاهِيَهْ
 
وَفِي سُكْرةِ ضَيَّعُوا عِـزَّتِي       وَلَمْ يُغْـنِ عَنّي  سُلْطـانِيَهْ
 
فَـلاَ أَنَا  حَقَّقْـتُها  بِيَدِي        وَلا سَلَّحَ  العُـرْبُ  أَبْنَائِيَهْ(31)


فَـلاَ أَنَا  حَقَّقْـتُها  بِيَدِي
:::::وَلا سَلَّحَ  العُـرْبُ  أَبْنَائِيَهْ(31)


والقصيدة طويلة تقع في تسعين بيتًا, وآخرها تفاؤل بالنصر بشرط أنْ يعتصم العرب جميعا بحبل الله ولا
والقصيدة طويلة تقع في تسعين بيتًا, وآخرها تفاؤل بالنصر بشرط أنْ يعتصم العرب جميعا بحبل الله ولا
يتفرقوا, فهو يعد بنصر من ينصره, ولن يُخْلفَ وعده, ولا ريب أنَّ ساعة النصر آتية لا محالة, حيث يقول في آخر القصيدة :
يتفرقوا, فهو يعد بنصر من ينصره, ولن يُخْلفَ وعده, ولا ريب أنَّ ساعة النصر آتية لا محالة, حيث يقول في آخر القصيدة :


فَإِنْ تَنْصُروا اللهَ يَنْصُرْكُمُ       ويُنْجِزْ أَمَـانِيكُمُ الْغالِيَهْ
فَإِنْ تَنْصُروا اللهَ يَنْصُرْكُمُ
 
:::::ويُنْجِزْ أَمَـانِيكُمُ الْغالِيَهْ
وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ مِيعَـادَهُ        وَلاَ رَيْبَ... ساعَتُنَا آتِيَهْ(32)
 
ولمفدي زكرياء أيضا قصيدة طويلة في تسعة وأربعين بيتا موسومة بـ " الله من سيناء كلم يعربا - إلى فلسطين الذبيحة " يخاطب فيها ضمائر العرب بعد أن خاطب عواطفهم, وبين لهم انكشاف الزيف, ويعري لهم عن طبيعة هذا الخصم العنيد الذي لا يفقه إلا لغة الرصاص:
 
 


صَرَخَ الضَّميرُ, وَرَجّتِ  الأقـدار      وانْقَضَّ مِنْ  عَـدْلِ السّماء  قَرارُ
وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ مِيعَـادَهُ
:::::وَلاَ رَيْبَ... ساعَتُنَا آتِيَهْ(32)


وقَضَى الرَّصَاصُ تَبـاركَتْ كَلِماتُهُ      وَمَضَى القصَاضُ, وَهَانَتِ الأعْمارُ
ولمفدي زكرياء أيضا قصيدة طويلة في تسعة وأربعين بيتا موسومة بـ '''" الله من سيناء كلم يعربا - إلى فلسطين الذبيحة "''' يخاطب فيها ضمائر العرب بعد أن خاطب عواطفهم, وبين لهم انكشاف الزيف, ويعري لهم عن طبيعة هذا الخصم العنيد الذي لا يفقه إلا لغة الرصاص:


والله مِنْ (سيـنـاءَ) كَلَّمَ  يَعْرُبَـا      فَتَمَاوَجَتْ لِنِـدَائِـهِ الأحْـرَارُ
صَرَخَ الضَّميرُ, وَرَجّتِ  الأقـدار
:::::وانْقَضَّ مِنْ  عَـدْلِ السّماء قَرارُ


والنّارُ, في الوادي المُقَدّسِ مَا انْطفَتْ    يَا قَوْمَ مُـوسَى بَعْدَ مـُوسَى النَّارُ
وقَضَى الرَّصَاصُ تَبـاركَتْ كَلِماتُهُ
:::::وَمَضَى القصَاضُ, وَهَانَتِ الأعْمارُ


والْعَـارُ تَغْسلُه الدِّمـاءُ زكِـيّة        أَمَا كَسَـا شرَفَ العُـروبةِ عَـارُ
والله مِنْ (سيـنـاءَ) كَلَّمَ يَعْرُبَـا
:::::فَتَمَاوَجَتْ  لِنِـدَائِـهِ  الأحْـرَارُ


يـا قِصَّةَ الآبَـاءِ, لَيْسَ  بِخَـالِدٍ      في الكْونِ شَعْبٌ  يَكْتَسِبُهُ  صِغـارُ
والنّارُ, في الوادي المُقَدّسِ مَا انْطفَتْ
:::::يَا قَوْمَ مُـوسَى بَعْدَ مـُوسَى النَّارُ


الْمَـوتُ أَشْرَفُ مِنْ حَياةٍ  تُسْتَبَى      فِيهَا  الرِّقـابُ, وتُسْتَباحُ  دِيـارُ(33)
والْعَـارُ تَغْسلُه الدِّمـاءُ زكِـيّة
:::::أَمَا كَسَـا شرَفَ العُـروبةِ عَـارُ


يـا قِصَّةَ الآبَـاءِ,  لَيْسَ  بِخَـالِدٍ
:::::في الكْونِ شَعْبٌ  يَكْتَسِبُهُ  صِغـارُ


الْمَـوتُ أَشْرَفُ مِنْ  حَياةٍ  تُسْتَبَى
:::::فِيهَا  الرِّقـابُ, وتُسْتَباحُ  دِيـارُ(33)


لقد حشد الشاعر في هذه القصيدة صورا كثيرة, الهدف منها التحريض والتحفيز على قتال اليهود الذين اعتدوا على فلسطين ظلما وعدوانا بعد ان تاهوا في الأرض أربعين عاما كما ورد في القرآن الكريم, يقول :
'''لقد حشد الشاعر في هذه القصيدة صورا كثيرة, الهدف منها التحريض والتحفيز على قتال اليهود الذين اعتدوا على [[فلسطين]] ظلما وعدوانا بعد ان تاهوا في الأرض أربعين عاما كما ورد في القرآن الكريم, يقول :'''


ولِتَخْسف الأرضُ الجَريحةُ  بالأولَى
:::::لَمْ يَأْوِهِم في الْعالَمِينَ قَـرارُ


لَفَظَتْهُمُ الدُّنْيـا, فَجُمع  رجسُهُم
:::::كَشهَادةِ عَنْ زُورِه  اسْتِعمارُ


ولِتَخْسف الأرضُ الجَريحةُ بالأولَى        لَمْ يَأْوِهِم في الْعالَمِينَ قَـرارُ
ذهَبَ الأصيلُ عن الدَّخيلِ ضَحيةً
:::::وأُقِيمَ دونَ اللاَّجِئينَ  جِدَارُ


لَفَظَتْهُمُ الدُّنْيـا, فَجُمع رجسُهُم        كَشهَادةِ عَنْ زُورِه اسْتِعمارُ
وغَدَتْ سَمَاسِرَةُ الظَّلام تَسُومُها
:::::مَا شَاءَهُ التُّجـارُ  وَالسّمارُ


ذهَبَ الأصيلُ عن الدَّخيلِ ضَحيةً          وأُقِيمَ دونَ اللاَّجِئينَ جِدَارُ
وَغَـدَتْ فَلَسْطينُ الذَّبيحَةُ دَمْنَةً
:::::في قُدْسِهَا, تَتَراكَمُ الأقْذارُ(34)


وغَدَتْ سَمَاسِرَةُ الظَّلام تَسُومُها          مَا شَاءَهُ التُّجـارُ وَالسّمارُ
فَكَـأنَّهَا بِيَدِ القَـويّ بَيـادِقُ
:::::وَكأنَّ أَقْدارَ الشُّعوبِ قِمارُ


وَغَـدَتْ فَلَسْطينُ الذَّبيحَةُ  دَمْنَةً          في قُدْسِهَا, تَتَراكَمُ  الأقْذارُ(34)
وَكَـأنَّ (مَجْلِسَ أمْنِهَا) سُخْريةٌ
:::::مَفْضوحَةٌ وَقَـرارُهُ اْسِتهْتارُ


فَكَـأنَّهَا بِيَدِ  القَـويّ  بَيـادِقُ          وَكأنَّ أَقْدارَ الشُّعوبِ  قِمارُ
يَـا غَضْبَةَ  الأجْيَالِ, صُبِّي  لَعْنةً
 
:::::يَصْعقُ بِهَا الْمُستَعمِرُ الغدَّارُ(35)
وَكَـأنَّ (مَجْلِسَ أمْنِهَا)  سُخْريةٌ          مَفْضوحَةٌ وَقَـرارُهُ اْسِتهْتارُ
 
يَـا غَضْبَةَ  الأجْيَالِ, صُبِّي  لَعْنةً           يَصْعقُ بِهَا الْمُستَعمِرُ الغدَّارُ(35)


ويختم القصيدة بتقديم النصيحة لأبناء الأمة العربية كافة, يدعوهم إلى الجهاد والى حمل السّلاح والمشاركة الفعلية في الحرب ضد عصابات الاستعمار الصهيوني البغيض, ولكي يُثيرَهُم أكثر لنصرة دين الله ولتطهير مقدساتِهم من جرّاء ما لحقها من هذه العناصر الغريبة والممقوتة التي تسلّلت إلى صميم قلب الإسلام وراحت تعبث فيه, طفق يشيد بالرعيل الأول من المسلمين الذين حاربوا الكفار في معارك مختلفة في بدر وفي القادسية وفي غيرهما وانتصروا عليهم, وينوّه بشجاعة أبناء المغرب العربي الذين انتصروا حديثا على الاستعمار الفرنسي البغيض بفضل إيمانِهم الصارم بقضيتهم, فلم لا نستفيد من تجاربِهم إذن ؟, يقول :
ويختم القصيدة بتقديم النصيحة لأبناء الأمة العربية كافة, يدعوهم إلى الجهاد والى حمل السّلاح والمشاركة الفعلية في الحرب ضد عصابات الاستعمار الصهيوني البغيض, ولكي يُثيرَهُم أكثر لنصرة دين الله ولتطهير مقدساتِهم من جرّاء ما لحقها من هذه العناصر الغريبة والممقوتة التي تسلّلت إلى صميم قلب الإسلام وراحت تعبث فيه, طفق يشيد بالرعيل الأول من المسلمين الذين حاربوا الكفار في معارك مختلفة في بدر وفي القادسية وفي غيرهما وانتصروا عليهم, وينوّه بشجاعة أبناء المغرب العربي الذين انتصروا حديثا على الاستعمار الفرنسي البغيض بفضل إيمانِهم الصارم بقضيتهم, فلم لا نستفيد من تجاربِهم إذن ؟, يقول :


يَا أَيُّهَا العُـرْبُ الْكِـرامُ كَـرَامَةً
:::::فَالأَمْـرُ جِـدُّ وَالْحُظوظُ كِبَارُ


اللهُ أَنْجَزَ وَعْـدَه هَـلْ تُنْجِـزُوا؟
:::::وَهَلِ العَـدُوُّ أَمـامَكُم  يَنْهارُ؟


يَا أَيُّهَا العُـرْبُ الْكِـرامُ كَـرَامَةً        فَالأَمْـرُ جِـدُّ وَالْحُظوظُ كِبَارُ
سُوقُوا عِصَاباتِ الضِّباع فَلَمْ يَكُنْ
 
:::::يَخْشَى الضِّبَاعَ الضَّيْغَمُ الْهُصارُ!
اللهُ أَنْجَزَ وَعْـدَه هَـلْ تُنْجِـزُوا؟        وَهَلِ العَـدُوُّ أَمـامَكُم  يَنْهارُ؟
 
سُوقُوا عِصَاباتِ الضِّباع فَلَمْ يَكُنْ         يَخْشَى الضِّبَاعَ الضَّيْغَمُ الْهُصارُ!
 
إِنْ يَسْـُط ذِئبُهُم وَنَحْنُ جَمـاعةٌ        إِنَّا إذَنْ في الأرْذَلينَ  خَـسَـارُ
 
في القـادِسِيةِ  خـالِدٌ  نَـاداكُم        ومِنَ الْحِجَـازِ مُحَمّد المُخْتـارُ
 
ولِـواءُ سَعْدٍ رَفَّ فَـوْقَ جُيُوشِنَا        فَكَـأنَّمَا  هُو جَيْشُهُ  الجَـرَّارُ
 
ورَعيلُ بَدْرٍ صَـاحَ فِيْنَا بَـادِرُوا          إِنَّ الجهـادَ  بَراعةٌ  وَبـدارُ
 
الْمَغْربُ الْعَـرَبيُّ أخْلَصَ لِلّنِـداءِ        فَتَعَزَّزَتْ بِجُيوشِـه  الأنْصـارُ
 
شَعْبٌ تَمَرَّسَ بِالِكفـاحِ,  فَلَمْ تَنلْ        مِنْهُ السِّنُـونِ وَلاَ ثَنَاُه  عثـارُ
 
صَهَرَتْه مَعْرَكَةُ  الْفِـدا,  وَعَقيدةٌ          عَرَبيةٌ,  والأَطْـلَسُ  الْجَبَّـارُ
 
 
أوْراسٌ عَلّمَتِ  الجِهادَ  أُسُـودها        وَسَمَا بِبَنْزَرتَ الْفَتَى  المِغْـوارُ
 
هَذي الجُموعُ الزَّاحِفاتُ طَـلائِعُ        فِيهَا الْجهـادُ عَقيدَةٌ  وَشِعَـارُ
 
قَـدْ أَقْسَمَتْ ألاَّ  تَعـودَ  لِدَرْبِِهَا        حَتَّى تَعـودَ لِقُدْسِهَا  الأبْـرارُ
 
وَتَرَى فَلَسْطِينَ الذَّبيحَـةَ  حُـرّةً        لا يَسْتَبِدُّ  بِأَمْـرِهَا  الأشْـرَارُ
 
وَجَبينُ يَعْـرُبٍ مُشْرِقٌ مُتَوَهّـجٌ          وعَلَيْهِ  مِنْ شَرَفِ الْبُطولَةِ  غَارُ(36)
 


إِنْ يَسْـُط ذِئبُهُم وَنَحْنُ جَمـاعةٌ
:::::إِنَّا إذَنْ في الأرْذَلينَ  خَـسَـارُ


غير أنَّ بعض الشعراء الجـزائريين كانوا يقرنون [[قضية فلسطين]] بالثـورة التحريرية بالجـزائر, لأنَّ انتصار الجـزائر هو انتصار لفلسطين وللعروبة جميعا, وهزيْمَة المستعمر في هذا القطر تحمل له الهزيْمة في كل مكان, والنصر المتوقع في الجزائر سيتبعه نصرٌ آخر في فلسطين, لأنَّ ابن الجزائر بعد النصر في بلاده سيولي وجهه شطر فلسطين ليلبي نـداء (حيفا ويافا) وهو المعنى الذي عبّر عنه الشـاعر صـالح خرفي (37) في قصيدته (العيد الجريح) التي القـاها في المهرجـان الشعر الثـاني بدمشق سنة 1960 م.
في القـادِسِيةِ  خـالِدٌ  نَـاداكُم
:::::ومِنَ الْحِجَـازِ مُحَمّد المُخْتـارُ


ولِـواءُ سَعْدٍ رَفَّ فَـوْقَ جُيُوشِنَا
:::::فَكَـأنَّمَا  هُو جَيْشُهُ  الجَـرَّارُ


ورَعيلُ بَدْرٍ صَـاحَ فِيْنَا بَـادِرُوا
:::::إِنَّ الجهـادَ  بَراعةٌ  وَبـدارُ


فَكَـأنّي, بابنِ  الْجَـزائِرِ وَفّى        شَوْطَهُ في غَدِ, وَ أَنْهَى الْمَطَافَا
الْمَغْربُ الْعَـرَبيُّ أخْلَصَ لِلّنِـداءِ
:::::فَتَعَزَّزَتْ بِجُيوشِـه الأنْصـارُ


ثُمَّ وَلَّى لِمَشرِقِ الشّمْسِ وَجْهًا        لُيُلَبِّي نِـداءَ (حيفَـا وَيَافَـا)
شَعْبٌ تَمَرَّسَ بِالِكفـاحِ, فَلَمْ تَنلْ
:::::مِنْهُ السِّنُـونِ وَلاَ ثَنَاُه  عثـارُ


جَيْشُنَا جَيْشُكُمْ فَمَا طَارَ صَوْتٌ        عَرَبِيٌّ إلاَّ وَطِرْنَـا خِفَافَـا
صَهَرَتْه مَعْرَكَةُ الْفِـدا, وَعَقيدةٌ
:::::عَرَبيةٌ, والأَطْـلَسُ  الْجَبَّـارُ


جُرْحُـنَا مُثْخَنٌ, وَلِكْن سَيَغْدُو        في سَبِيلِ الإخَاءِ جُرْحًا مُعافَى
أوْراسٌ عَلّمَتِ الجِهادَ أُسُـودها
:::::وَسَمَا بِبَنْزَرتَ الْفَتَى  المِغْـوارُ


لَنْ نُطيقَ السَّـلامَ يَومًا وَشِبْرُ        عَرَبِيٌّ عَنِ الْكَـرَى يَتَجَـافَى(39)
هَذي الجُموعُ الزَّاحِفاتُ طَـلائِعُ
:::::فِيهَا الْجهـادُ عَقيدَةٌ وَشِعَـارُ


قَـدْ أَقْسَمَتْ ألاَّ  تَعـودَ  لِدَرْبِِهَا
:::::حَتَّى تَعـودَ لِقُدْسِهَا  الأبْـرارُ


وَتَرَى فَلَسْطِينَ الذَّبيحَـةَ  حُـرّةً
:::::لا يَسْتَبِدُّ  بِأَمْـرِهَا  الأشْـرَارُ


وتعانقت الجزائر وفلسطين عناقًا يستمد حرارته من حرارة الحرمان الذي مُني به الشعبان, الجزائري والفلسطيني, فكانت الثورة الجزائرية انطلاقا لكل هذه المشاعر الجريحة في [[فلسطين]] وفي الجزائر, وتلاقى المبعدان عن وطنهما لقاء الغريب بالغريب, تلاقى الجزائري والفلسطيني في أكثر من نقطة في الوطن العربي, فكان لقاء الثَّأْرِ بالدم المهدور, لقاء الانتفاضة بالكرامة الجريحة, لقاء العودة للوطن الثائر, والوطن المتأهب للثورة تلاقيا على قمم الأطلس وسفوحه لقاء الثورة الزاحفة, ووضعت اليد في اليد, وتنادت الآمال وتجاوبت الجروح. ولأنَّ الشاعر صالح خرفي قد عاش أحداث الثورة التحريرية في الجزائر, وعاش لحظات الرُّعب والإرهاب, وتابع عن كثب مأساة الشعب الفلسطيني الشقيق منذ الانتداب والاستعمار الصهيوني لفلسطين, فأملت عليه هذه الأحداث عديد الصور التي حفلت بِها مقطّعاته الثلاث المدرجة في هذا البحث, ومنها هذه المقطعة التي هي من قصيدة بعنوان (الجُرح المتجاوب) :
وَجَبينُ يَعْـرُبٍ مُشْرِقٌ مُتَوَهّـجٌ
:::::وعَلَيْهِ  مِنْ شَرَفِ الْبُطولَةِ  غَارُ(36)


غير أنَّ بعض الشعراء الجـزائريين كانوا يقرنون قضية فلسطين بالثـورة التحريرية بالجـزائر, لأنَّ انتصار الجـزائر هو انتصار لفلسطين وللعروبة جميعا, وهزيْمَة المستعمر في هذا القطر تحمل له الهزيْمة في كل مكان, والنصر المتوقع في الجزائر سيتبعه نصرٌ آخر في [[فلسطين]] , لأنَّ ابن الجزائر بعد النصر في بلاده سيولي وجهه شطر [[فلسطين]] ليلبي نـداء '''(حيفا ويافا)''' وهو المعنى الذي عبّر عنه الشـاعر صـالح خرفي (37) في قصيدته '''(العيد الجريح)''' التي القـاها في المهرجـان الشعر الثـاني بدمشق سنة [[1960]] م.


فَكَـأنّي,  بابنِ  الْجَـزائِرِ وَفّى
:::::شَوْطَهُ في غَدِ, وَ أَنْهَى الْمَطَافَا


يَا أَخِي في خيامِ  غَـزَّةَ  في  قِمّة        (شليا)(39), جُروحُنا تتنَادَى
ثُمَّ وَلَّى لِمَشرِقِ الشّمْسِ وَجْهًا
:::::لُيُلَبِّي نِـداءَ (حيفَـا وَيَافَـا)


نَحْنُ قُرْبانٌ مُدلِجٌ يُنْشِدُ الْفَجْـرَ        فَكُـنَّـا لَهُ مَـنـارًا وَزَادَا
جَيْشُنَا جَيْشُكُمْ فَمَا طَارَ صَوْتٌ
:::::عَرَبِيٌّ إلاَّ  وَطِرْنَـا  خِفَافَـا


رَعْشَةُ الضّوءِ في سِراجِكَ يَاصَاحِ        أضاءتْ لَهُ الرُّبَى وَالوِهَـادَا
جُرْحُـنَا مُثْخَنٌ, وَلِكْن  سَيَغْدُو
:::::في سَبِيلِ الإخَاءِ جُرْحًا  مُعافَى


ومِنْ الآهَـةِ الْحَزِينةِ وافَـتْـهُ          مِنَ الْعِـزّ  نَغْمَةٌ  تَتَهَـادَى
لَنْ نُطيقَ السَّـلامَ يَومًا وَشِبْرُ
:::::عَرَبِيٌّ عَنِ الْكَـرَى يَتَجَـافَى(39)


إِنَّنَا نَزْرَعُ الـوُرُودَ عَلَى الدَّرْبِ          وَنَجْني مِنَ  الوُرُودِ الْقَتـادَا(40)
وتعانقت [[الجزائر]] و[[فلسطين]] عناقًا يستمد حرارته من حرارة الحرمان الذي مُني به الشعبان, الجزائري والفلسطيني, فكانت الثورة الجزائرية انطلاقا لكل هذه المشاعر الجريحة في [[فلسطين]] وفي [[الجزائر]] , وتلاقى المبعدان عن وطنهما لقاء الغريب بالغريب, تلاقى الجزائري والفلسطيني في أكثر من نقطة في الوطن العربي, فكان لقاء الثَّأْرِ بالدم المهدور, لقاء الانتفاضة بالكرامة الجريحة, لقاء العودة للوطن الثائر, والوطن المتأهب للثورة تلاقيا على قمم الأطلس وسفوحه لقاء الثورة الزاحفة, ووضعت اليد في اليد, وتنادت الآمال وتجاوبت الجروح. ولأنَّ الشاعر صالح خرفي قد عاش أحداث الثورة التحريرية في [[الجزائر]] , وعاش لحظات الرُّعب والإرهاب, وتابع عن كثب مأساة الشعب الفلسطيني الشقيق منذ الانتداب والاستعمار الصهيوني لفلسطين, فأملت عليه هذه الأحداث عديد الصور التي حفلت بِها مقطّعاته الثلاث المدرجة في هذا البحث, ومنها هذه المقطعة التي هي من قصيدة بعنوان (الجُرح المتجاوب) :


يَا أَخِي في  خيامِ  غَـزَّةَ  في  قِمّة
:::::(شليا)(39), جُروحُنا تتنَادَى


فلا عجب أنْ تقرن الجزائر بفلسطين, وتربط معركة فلسطين بمعركة الجزائر, في فترة خانقة لم تزل فيها معركة الجزائر هي الأخرى في كفة القدر, ولكنه الإيمان بالمصير المشترك, لان الشعوب العربية استحالت والى الأبد, شعبا موحدا, مزجت العروبة بين أقطاره في لغة واحدة وحضارة واحدة, وقد أشار صالح خرفي إلى هذا المصير المشترك بين القطرين الشقيقين الجزائر وفلسطين لتعدد أوجه التلاقي والتكامل والتمازج, وبخاصة في الكفاح المسلح ضد الاستعمار الغاشم :
نَحْنُ قُرْبانٌ مُدلِجٌ يُنْشِدُ  الْفَجْـرَ
:::::فَكُـنَّـا لَهُ مَـنـارًا وَزَادَا


رَعْشَةُ الضّوءِ في سِراجِكَ يَاصَاحِ
:::::أضاءتْ لَهُ الرُّبَى وَالوِهَـادَا


قَـدْ خُلِقْنـا أَنَـا بِقمَّةِ (شليا)        مُسْتَنيرًا بِفَوهَةِ ذاتِ وَقْـدِ
ومِنْ الآهَـةِ الْحَزِينةِ وافَـتْـهُ
:::::مِنَ الْعِـزّ نَغْمَةٌ  تَتَهَـادَى


وبخَطِّ الهُجُـومِ  أَنْتَ, خُلِقْنَـا          يا أَخَا الثَّأر مِنْ هُنَا لِلتَّحَدِّي
إِنَّنَا نَزْرَعُ الـوُرُودَ عَلَى الدَّرْبِ
:::::وَنَجْني مِنَ الوُرُودِ الْقَتـادَا(40)


فَاْتُركِ السِّلْمَ لِلْوجُـودِ, وَللِنَّار        خُطانَـا, فسلّمْنَـا رَفْعَ  بَنْدِ
فلا عجب أنْ تقرن الجزائر ب[[فلسطين]], وتربط معركة فلسطين بمعركة [[الجزائر]] , في فترة خانقة لم تزل فيها معركة [[الجزائر]] هي الأخرى في كفة القدر, ولكنه الإيمان بالمصير المشترك, لان الشعوب العربية استحالت والى الأبد, شعبا موحدا, مزجت العروبة بين أقطاره في لغة واحدة وحضارة واحدة, وقد أشار صالح خرفي إلى هذا المصير المشترك بين القطرين الشقيقين [[الجزائر]] و[[فلسطين]] لتعدد أوجه التلاقي والتكامل والتمازج, وبخاصة في الكفاح المسلح ضد الاستعمار الغاشم :


يا فَلَسْطِينُ, إنْ لَمَحْتِ  قَتَامَـا        فَاعْرفِي أنَّنِي وَفَيْتُ بِوَعْـدِي(41)
قَـدْ خُلِقْنـا أَنَـا بِقمَّةِ (شليا)
:::::مُسْتَنيرًا بِفَوهَةِ  ذاتِ وَقْـدِ


وبخَطِّ  الهُجُـومِ  أَنْتَ, خُلِقْنَـا
:::::يا أَخَا الثَّأر مِنْ هُنَا لِلتَّحَدِّي


أمَّا الشاعر [[أحمد سحنون]], فقد تأثر هو الآخر بفكرة تقسيم فلسطين من قبل الأنجليز بين الصهاينة والعرب سنة 1947 م, تنفيذًا لمؤامرة صهيونية بريطانية, فكتب قصيدة شعرية بعنوان فلسطين يحذِّرُ فيها الفلسطينيين من قَبوُلِ هذا التقسيم, ويدعوهم إلى الثورة, يقول :
فَاْتُركِ السِّلْمَ لِلْوجُـودِ, وَللِنَّار
:::::خُطانَـا, فسلّمْنَـا رَفْعَ  بَنْدِ


يا فَلَسْطِينُ, إنْ  لَمَحْتِ  قَتَامَـا
:::::فَاعْرفِي أنَّنِي وَفَيْتُ بِوَعْـدِي(41)


فَداكَ الْعِدَى لا تَقْبلي قسْمةَ  الْعِدَى      ولِلْمـوتِ سِيرِي لاَ تَبِيتي  عَلَى  ذُلِّ
أمَّا الشاعر [[أحمد سحنون]], فقد تأثر هو الآخر بفكرة تقسيم [[فلسطين]] من قبل الأنجليز بين الصهاينة والعرب سنة [[1947]] م, تنفيذًا لمؤامرة صهيونية بريطانية, فكتب قصيدة شعرية بعنوان [[فلسطين]] يحذِّرُ فيها الفلسطينيين من قَبوُلِ هذا التقسيم, ويدعوهم إلى الثورة, يقول :


ولاَ تَحْفَلي بِالنَّاسِ إنْ جَارَ حُكْمُهُم      عَلَيْكِ فِـإنَّ اللهَ يحكُـمُ  بِالْعَـْدلِ
فَداكَ الْعِدَى لا تَقْبلي قسْمةَ الْعِدَى
:::::ولِلْمـوتِ سِيرِي لاَ تَبِيتي عَلَى ذُلِّ


وخَلْفَكِ جَيْشٌ مِنْ بَنِي الْعُربِ رَابِضٌ      ليُبْعِدَ عَنْ أرْضِ الْهُدَى عَابِدى العجل
ولاَ تَحْفَلي بِالنَّاسِ إنْ  جَارَ حُكْمُهُم
:::::عَلَيْكِ فِـإنَّ  اللهَ  يحكُـمُ  بِالْعَـْدلِ


لَقَدْ جدّ جدُّ العربِ فَاقْتَحِمُوا الْوَغَى    وَلا تَدْفَعُوا جِدَّ  الحَـوادثِ  بِالْهَـزْلِ(42)
وخَلْفَكِ جَيْشٌ مِنْ بَنِي الْعُربِ رَابِضٌ
:::::ليُبْعِدَ عَنْ أرْضِ الْهُدَى عَابِدى العجل


لَقَدْ جدّ جدُّ العربِ فَاقْتَحِمُوا الْوَغَى
:::::وَلا تَدْفَعُوا جِدَّ  الحَـوادثِ  بِالْهَـزْلِ(42)


وقد ختمها بنداء إلى أغنياء المسلمين والى شعراء العرب ليقفوا إلى جانب القضية الفلسطينية... حيث يقول:
'''وقد ختمها بنداء إلى أغنياء المسلمين والى شعراء العرب ليقفوا إلى جانب القضية الفلسطينية... حيث يقول:'''


وَيَـا أَغْنياءَ الْمُسِلمينَ تَسابَقُـوا     إلى الْبَذْلِ والإيثَار ذي سَاعَةِ الْبَذْلِ
وَيَـا أَغْنياءَ الْمُسِلمينَ تَسابَقُـوا
:::::إلى الْبَذْلِ والإيثَار ذي سَاعَةِ الْبَذْلِ


ويَا شُعَراءَ الضَّادِ حُثُوا شُعوبَكُمْ       بِشِعْرٍ يُـداوِيهَا مِنْ الْجُبْنِ  وَالبُخْلِ
ويَا شُعَراءَ الضَّادِ حُثُوا شُعوبَكُمْ
:::::بِشِعْرٍ يُـداوِيهَا مِنْ الْجُبْنِ  وَالبُخْلِ


فَمَا الشِّعرُ إلاَّ ثَـوْرةٌ  غَيْرَ  أنَّهَا       تَصُولُ بِلا  كَفٍّ  وَتَسْعَى بِلاَ رِجْلِ(43)
فَمَا الشِّعرُ إلاَّ ثَـوْرةٌ  غَيْرَ  أنَّهَا
:::::تَصُولُ بِلا  كَفٍّ  وَتَسْعَى بِلاَ رِجْلِ(43)


ولأحمد سحنون قصيدة أخرى بعنوان " شباب محمد " يتحدَّثُ فيها عن الشباب العربي, ويركّز على الإيمان, ويربط بينه وبين استرداد [[فلسطين]], وأنَّ الإيمان بالقيم الإسلامية هو السبيل إلى المحافظة على [[فلسطين]] , وفي القصيدة إشادة بأخلاق العرب وشجاعتهم, وَلَمْ يَنْسَ أخلاق الصهاينة الذين سخر منهم ونعتهم بالذباب, فيقول :


ولأحمد سحنون قصيدة أخرى بعنوان " شباب محمد " يتحدَّثُ فيها عن الشباب العربي, ويركّز على الإيمان, ويربط بينه وبين استرداد فلسطين, وأنَّ الإيمان بالقيم الإسلامية هو السبيل إلى المحافظة على فلسطين, وفي القصيدة إشادة بأخلاق العرب وشجاعتهم, وَلَمْ يَنْسَ أخلاق الصهاينة الذين سخر منهم ونعتهم بالذباب, فيقول :
لَقَدْ شَبَّتْ بِأَرْضِ الشَّرْقِ نارُ
:::::لَهَا في الْقِبْلَة الأولى  الْتِهَابُ


وأَنْتُمْ خَيْرُ مَنْ خَاضُوا لَظَاهَا
:::::فكَيْفَ يَروعكُم هذَا  الذُّبابُ


لَقَدْ شَبَّتْ بِأَرْضِ الشَّرْقِ نارُ      لَهَا في الْقِبْلَة الأولى  الْتِهَابُ
سَيَغْدُ والمُوقِدُونَ لَهَا وُقُودَا
:::::ومَنْ رامَ الخَرَابَ له الْخرَابُ(45)


وأَنْتُمْ خَيْرُ مَنْ خَاضُوا لَظَاهَا      فكَيْفَ يَروعكُم هذَا  الذُّبابُ
وهناك شاعر آخر أريد أن أضيفه إلى هذه الأسماء وهو الربيع بوشامة(46), يسير في الاتجاه نفسه, اتجاه قضايا النضال وقضايا الثورة, وقد استنكر هو الآخر تقسيم [[فلسطين]] , فخاطب العرب متسائلا : " ماذا يرجون بعد الذي جرى ؟ ووضعهم أمام أمرين لا ثالث لهما إما أن يقاتلوا من أجل الشرف والعزة و إمَّا أن يتقبلوا العيش الحقير, ويصرخ الشاعر في وجه العرب الذين يرضون بطمأنينة العيش, بينما [[فلسطين]] صارت قطعة من جحيم, ويدعوهم إلى نصرتِها " (48), يقول :


سَيَغْدُ والمُوقِدُونَ لَهَا وُقُودَا        ومَنْ رامَ الخَرَابَ له الْخرَابُ(45)
أيُّهَا العربُ أمّة الْمَجدِ والْعَلْـ
:::::ياءِ مَاذَا تَرْجُونَ  غَيْر  التَّفَـانِي


إنَّهُ الْمَوْتُ فِي الْكَرامَةِ  والْعِـ
:::::زِّ, أو الْعَيْشُ في الشَّقا والْهَوانِ


وهناك شاعر آخر أريد أن أضيفه إلى هذه الأسماء وهو الربيع بوشامة(46), يسير في الاتجاه نفسه, اتجاه قضايا النضال وقضايا الثورة, وقد استنكر هو الآخر تقسيم فلسطين, فخاطب العرب متسائلا : " ماذا يرجون بعد الذي جرى ؟ ووضعهم أمام أمرين لا ثالث لهما إما أن يقاتلوا من أجل الشرف والعزة و إمَّا أن يتقبلوا العيش الحقير, ويصرخ الشاعر في وجه العرب الذين يرضون بطمأنينة العيش, بينما فلسطين صارت قطعة من جحيم, ويدعوهم إلى نصرتِها " (48), يقول :
كَيْفَ تَرْضَوْنَ عَيْشَ أَمْنٍ وَخَيْرٍ
:::::وَفَلَسْطينُ  في الْجَحِيم  تُعَـاني


فانْهَضُوا لِلْفِدَا  وَلَبُّوا  سِرَاعًـا
:::::دَاعِي  الله  مِنْ  سَمَا  الأكْوَانِ(48)


أيُّهَا العربُ أمّة الْمَجدِ والْعَلْـ        ياءِ مَاذَا تَرْجُونَ  غَيْر  التَّفَـانِي
'''وفي قصيدة أخرى بعنوان " صوت [[الجهاد]] " يدعو فيها الشباب العربي إلى [[الجهاد]] والكفاح لاسترجاع [[فلسطين]] المغتصبة, حيث يقول:'''


إنَّهُ الْمَوْتُ فِي الْكَرامَةِ والْعِـ        زِّ, أو الْعَيْشُ في الشَّقا والْهَوانِ
فَتَى الْعُربِ هيّا فَلَبِّ  النِّدَا
:::::وَلاقِ الْمنَايَا بِسـاحِ الْفِـدَا


كَيْفَ تَرْضَوْنَ عَيْشَ أَمْنٍ وَخَيْرٍ        وَفَلَسْطينُ  في الْجَحِيم  تُعَـاني
فَلسْطِينُ في النّار نَهْبَ الْعِدَا
:::::تُنَادِي الْجِهادَ الجهَادَ الْجِهَادَ(49)


فانْهَضُوا لِلْفِدَا  وَلَبُّوا  سِرَاعًـا        دَاعِي  الله  مِنْ  سَمَا  الأكْوَانِ(48)
وعلى غراره ينسج الشاعر موسى الأحمدي(50), قصيدة بعنوان " [[فلسطين]] تناديكم للجهاد ", ويسير في الاتجاه الثوري, فيتغنى ب[[فلسطين]] وبعروبتها ويشيد بكفاح أبنائها, ويدعو للجهاد, ويتجلى ذلك في هذه الأبيات المفعمة بنفس الثورة وبشجونِها, فيقول :


فَلَسْطينُ  نَادتْكُم  لِلْجهاد
:::::فَلَبُّـوا النِّـدا يا حُـمـاةَ  البِلاَد


وفي قصيدة أخرى بعنوان " صوت الجهاد " يدعو فيها الشباب العربي إلى الجهاد والكفاح لاسترجاع فلسطين المغتصبة, حيث يقول:
وهَبُّوا  جَمِيعًا  سِراعًا  إلى
:::::حِمَى يَعْـُربٍ  وانْفِـرُوا للِطِـراد


ومَدُّوا النُّفوسَ إليها فِدَى
:::::فَتِلْكُمْ - بَني الْعُربِ - أرْضُ الْمَعَاد(51)


فَتَى الْعُربِ هيّا  فَلَبِّ  النِّدَا        وَلاقِ الْمنَايَا بِسـاحِ الْفِـدَا
أمَّا الشاعر محمد بوزيدي (52) فقد رافق القضية الفلسطينية في جميع مراحلها وأطوارها, وكان يستغل كل مناسبة لتأييدها وتمجيدها على نحو ما وَرَدَ في قصيدته الموسومة بـ'''"جيش العرب ينتصر"''' وقد أُلْقيت في الإذاعة الجزائرية في بدء معركة جوان [[1967]] م, وبعثت الجزائر فيالق وعتادًا ضخمًا للمشاركة في المعركة, وألقى الرئيس الجزائري هواري بومدين خطابا يحث فيه الجيوش العربية على مواصلة المعركة حتى النصر أو الاستشهاد, يقول الشاعر :


فَلسْطِينُ في النّار نَهْبَ الْعِدَا          تُنَادِي الْجِهادَ الجهَادَ الْجِهَادَ(49)
اللهُ أكْبَرُ جَيشُ الْعَربِ يَنْتَصِر
:::::على الطُّغاةِ, وجَيْشُ الْغَدرِ يَنْدَحِر


وَقَدْ أَطَلَّتْ عَلَى (يافا) فَيالِقُنا
:::::مِثْلُ العَمالِقِ, مِثْلُ الرَّعْـدِ تَتَفَجُّر


وعلى غراره ينسج الشاعر موسى الأحمدي(50), قصيدة بعنوان " فلسطين تناديكم للجهاد ", ويسير في الاتجاه الثوري, فيتغنى بفلسطين وبعروبتها ويشيد بكفاح أبنائها, ويدعو للجهاد, ويتجلى ذلك في هذه الأبيات المفعمة بنفس الثورة وبشجونِها, فيقول :
للثَّأْرِ سارَتْ مَعَ الأحْرارِ صَاعِقَةٌ
:::::لِلنَّصْرِ عـاصِفَةٌ, تَغْـُزو  وَتَنْتَشِر


يا فَرْحةً حَضَرتْ للعربِ غـالِيةً
:::::عِشْرونَ عامًا وجَيْشُ الْعَربِ  يَنْتَظر


فَلَسْطينُ نَادتْكُم  لِلْجهاد        فَلَبُّـوا النِّـدا يا حُـمـاةَ  البِلاَد
فالْيَوم مَوْعِدُنَا صهيون نُحَطِّمُها
:::::في تَل أبيبِ, وجيش الْخَصم يَحْتَضر(53)


وهَبُّوا جَمِيعًا  سِراعًا  إلى        حِمَى يَعْـُربٍ  وانْفِـرُوا للِطِـراد
'''وفي 30 جوان [[1967]] م وقف الشّـاعرُ نفسه يخـاطب الفلسطينيين بقصـيدة موسـومـة بـ "الفلسطيني ", وقد توحدت نبرة الشاعر بنبرة الشعب الفلسطيني كله, حيث قال :'''


ومَدُّوا النُّفوسَ إليها فِدَى        فَتِلْكُمْ - بَني الْعُربِ - أرْضُ الْمَعَاد(51)
لاَ  تودِّعْني  وَقَدْ حـانَ  الْوَداعُ
:::::واجبُ العُرْبِ يُنَادي  لِلّدِفَاع


ألْهِبِ الْمَيـدانَ نـارًا تَتَلَظَّـى
:::::حَرِّرِ القُدْسِ  وأَقْداسَ  الْبِقاع


أمَّا الشاعر محمد بوزيدي (52) فقد رافق القضية الفلسطينية في جميع مراحلها وأطوارها, وكان يستغل كل مناسبة لتأييدها وتمجيدها على نحو ما وَرَدَ في قصيدته الموسومة بـ"جيش العرب ينتصر" وقد أُلْقيت في الإذاعة الجزائرية في بدء معركة جوان 1967 م, وبعثت الجزائر فيالق وعتادًا ضخمًا للمشاركة في المعركة, وألقى الرئيس الجزائري هواري بومدين خطابا يحث فيه الجيوش العربية على مواصلة المعركة حتى النصر أو الاستشهاد, يقول الشاعر :
لاَ تَقُلْ سالتْ دُمُوعِي خَوْفَ ثَكْل
:::::إنَّمَا دَمْعي يُنَادِي الْقُدْسَ ضَاع


فَإِلى الميـدان يَـا  أَغْلى  حَبِيبٍ
:::::لاَ تُفَكِرْ في الثكالى  والجيـاع


اللهُ أكْبَرُ جَيشُ الْعَربِ يَنْتَصِر            على الطُّغاةِ, وجَيْشُ الْغَدرِ يَنْدَحِر
لَمْ يَعِشْ في الْمَجْدِ مَنْ كَانَ جَبَانَا
:::::إنَّما الْمَجْدُ  لِمَنْ بِالرُّوحِ  باع(54)


وَقَدْ أَطَلَّتْ عَلَى (يافا) فَيالِقُنا            مِثْلُ العَمالِقِ, مِثْلُ الرَّعْـدِ تَتَفَجُّر
وفي شهر أوت (آب) من سنة [[1974]] م انعقد المؤتمر الثالث للطلبة الفلسطينيين في قصر الصنوبر بالجزائر, وفي اختتام المؤتمر ألقى الشاعر قصيدة شعرية بعنوان '''" طعنة الغدر "''' وتقع في أربع وثلاثين بيتا, مطلعها :


للثَّأْرِ سارَتْ مَعَ الأحْرارِ صَاعِقَةٌ        لِلنَّصْرِ عـاصِفَةٌ,  تَغْـُزو  وَتَنْتَشِر
مِنْ صَمِيمِ الْبَدْءِ مِنْ غَيْبِ السَّماء
:::::أَنْتَ وَحْيُ اللهِ أرْضُ الأنْبِياء


يا فَرْحةً حَضَرتْ للعربِ غـالِيةً        عِشْرونَ عامًا وجَيْشُ الْعَربِ  يَنْتَظر
'''وفيها يقول :'''


فالْيَوم مَوْعِدُنَا صهيون  نُحَطِّمُها        في تَل أبيبِ, وجيش الْخَصم يَحْتَضر(53)
أرْضُ قُدْسِي أرْضُ عَدْنَانَ وإنّي
:::::مِنْ تُرابِ الْقُدْسِ عَظْمي وَدِمَائِي


مِنْك لَحْمِي يَا فَلَسْطينُ وَرُوحِي
:::::أنَا جُـزْءٌ مِنْك يا أَرْضَ  الضّياء


يَا فَلَسْطينُ أَرَاك الْيَومَ  حَـرْبًا
:::::وَصُمودًا حَوْلَ  أَقْدَاسِ  اللّـواء


وفي 30 جوان  1967م وقف الشّـاعرُ نفسه يخـاطب الفلسطينيين بقصـيدة موسـومـة بـ "الفلسطيني ", وقد توحدت نبرة الشاعر بنبرة الشعب الفلسطيني كله, حيث قال :
'''وآخرها قوله:'''
 
 
لاَ  تودِّعْني  وَقَدْ حـانَ  الْوَداعُ        واجبُ العُرْبِ يُنَادي  لِلّدِفَاع
 
ألْهِبِ الْمَيـدانَ نـارًا تَتَلَظَّـى        حَرِّرِ القُدْسِ  وأَقْداسَ  الْبِقاع
 
لاَ تَقُلْ سالتْ دُمُوعِي خَوْفَ ثَكْل      إنَّمَا دَمْعي يُنَادِي الْقُدْسَ ضَاع
 
فَإِلى الميـدان يَـا  أَغْلى  حَبِيبٍ        لاَ تُفَكِرْ في الثكالى  والجيـاع
 
لَمْ يَعِشْ في الْمَجْدِ مَنْ كَانَ جَبَانَا        إنَّما الْمَجْدُ  لِمَنْ بِالرُّوحِ  باع(54)
 
 
وفي شهر أوت (آب) من سنة 1974 م انعقد المؤتمر الثالث للطلبة الفلسطينيين في قصر الصنوبر بالجزائر, وفي اختتام المؤتمر ألقى الشاعر قصيدة شعرية بعنوان " طعنة الغدر " وتقع في أربع وثلاثين بيتا, مطلعها :
 
 
مِنْ صَمِيمِ الْبَدْءِ مِنْ غَيْبِ السَّماء    أَنْتَ وَحْيُ اللهِ أرْضُ الأنْبِياء
 
وفيها يقول :
 
 
أرْضُ قُدْسِي أرْضُ عَدْنَانَ وإنّي      مِنْ تُرابِ الْقُدْسِ عَظْمي وَدِمَائِي
 
مِنْك لَحْمِي يَا فَلَسْطينُ وَرُوحِي      أنَا جُـزْءٌ مِنْك يا أَرْضَ  الضّياء
 
يَا فَلَسْطينُ أَرَاك الْيَومَ  حَـرْبًا      وَصُمودًا حَوْلَ  أَقْدَاسِ  اللّـواء
 
 
وآخرها قوله:
 
 
فَابْعَثُوهَا مِنْ جَدِيدٍ أَرْضَ عُرْبٍ    يَسْطَعُ الْقُدْسُ بِنُورِ الأنْبِياء(55)
 


فَابْعَثُوهَا مِنْ جَدِيدٍ أَرْضَ عُرْبٍ
:::::يَسْطَعُ الْقُدْسُ بِنُورِ الأنْبِياء(55)


وهناك شعراء آخرون نسجوا على نفس المنوال, فتغنوا بفلسطين, وبعروبتها, وأشادوا بكفاح أبنائها, أمثال : أحمد الطيب معـاش, وعبد الكريم العقـون, ومحمد الأخضر السـائحي, ومحمد أبو القاسم خمار, وعمر البرناوي, وغيرهم(56).
وهناك شعراء آخرون نسجوا على نفس المنوال, فتغنوا بفلسطين, وبعروبتها, وأشادوا بكفاح أبنائها, أمثال : أحمد الطيب معـاش, وعبد الكريم العقـون, ومحمد الأخضر السـائحي, ومحمد أبو القاسم خمار, وعمر البرناوي, وغيرهم(56).


== ملاحظات ختامية : ==
== ملاحظات ختامية : ==


لا أريد أن أطيل اكثر من هذا في عرض هذه النماذج الشعرية (غير المستقصاة), من الشعر الذي تجاوب فيه الجزائريون مع إخوانِهم الفلسطينيين, وقد اجتهدنا في التنقيب عنه في جملة من المظان, آثرنا تجميعه في هذه السطور, واكتفينا ببعض المقطعات والقصائد دفعا للسآمة والملل. وهناك مجالات أخرى لم أَشَأْ أن أتحدث عنها, فهناك نثر, ومقالات, وأبحاث عن [[فلسطين]], والنضّال الفلسطيني, ولكن أردت فقط أن أتحدث عن الملامح العريضة لهذا الشعر, وأنْ أشير إلى أهم الخصائص الفنية العامة فيه من خلال الملاحظات الآتية :
لا أريد أن أطيل اكثر من هذا في عرض هذه النماذج الشعرية (غير المستقصاة), من الشعر الذي تجاوب فيه الجزائريون مع إخوانِهم الفلسطينيين, وقد اجتهدنا في التنقيب عنه في جملة من المظان, آثرنا تجميعه في هذه السطور, واكتفينا ببعض المقطعات والقصائد دفعا للسآمة والملل. وهناك مجالات أخرى لم أَشَأْ أن أتحدث عنها, فهناك نثر, ومقالات, وأبحاث عن [[فلسطين]], والنضّال الفلسطيني, ولكن أردت فقط أن أتحدث عن الملامح العريضة لهذا الشعر, وأنْ أشير إلى أهم الخصائص الفنية العامة فيه من خلال الملاحظات الآتية :


*1- من حيث المنهج : فبعد استعراض نماذج مختلفة ومتعددة من شعر الشعراء الجزائريين الذين تجاوبوا مع قضية فلسطين تبين ان هؤلاء الشعراء لم يلتزموا بمنهج الشعر العربي القديم من حيث تعدد الأغراض وتشعب الموضوعات, فشعرهم موحد الغرض في القصيدة الواحدة أو المقطعة الواحدة, فهم يدخلون إلى الموضوع مباشرة من غير مقدمات, ويبدو أن الشعر الثوري لا يلتئم مع الفنون الأخرى لا سيما إذا كان مصدرها عاطفة اللذة كالغزل مثلا...


'''1- من حيث المنهج :''' فبعد استعراض نماذج مختلفة ومتعددة من شعر الشعراء الجزائريين الذين تجاوبوا مع قضية فلسطين تبين ان هؤلاء الشعراء لم يلتزموا بمنهج الشعر العربي القديم من حيث تعدد الأغراض وتشعب الموضوعات, فشعرهم موحد الغرض في القصيدة الواحدة أو المقطعة الواحدة, فهم يدخلون إلى الموضوع مباشرة من غير مقدمات, ويبدو أن الشعر الثوري لا يلتئم مع الفنون الأخرى لا سيما إذا كان مصدرها عاطفة اللذة كالغزل مثلا...
*2- يلاحظ أنَّ الشعر الثوري لدى الشعراء الجزائريين صادق العاطفة غير متكلف لأن هؤلاء الشعراء كانوا يؤمنون بعدالة [[القضية الفلسطينية]] ويحرصون على الثورة ضد المغتصبين الصهاينة فكانوا يهدفون, إذن, إلى التعبير عن شعورهم عن هذه القضية التي يعتبرونَها قضيتهم, ولم يكونوا يستغلون هذا الحديث عن الثورة للوصول إلى أهداف أخرى كالمدح مثلا, كما كان يفعل بعض الشعراء المغاربة, وغيرهم... ولكنهم كتبوا هذا الشعر عندما عناهم المصاب وأثارتهم اللوعة, فعبرّوا بحرارة وصدق عاطفة, عاطفة شعراء مكلوميّى الأفئدة في الغالب, عانوا من بطش الاستعمار الفرنسي كما عانى الفلسطينيون من جبروت الاستدمار الصهيوني...


*3- أمَّا الأسلوب ففي جملته سهل, يمتاز بالموسيقى الحزينة والرنة الواجمة, والأنة الوجيعة, وهو يختلف من شاعر إلى آخر, فأسلوب مفدي زكرياء مثلا, جزل قوي, ومتأثر بالقرآن الكريم إلى حد كبير, ويغلب عليه اللفظ القرآني, وكذلك أسلوب محمد العيد آل خليفة, وأسلوب احمد سحنون, أمَّا أسلوب صالح خرفي فركيك أحيانا وبخاصة في قصيدته (الجرح المتجاوب), ومرد ذلك أن خرفي كان باحثا اكثر منه شاعرا, أمَّا أسلوب محمد بوزيدي فسلسٌ وألفاظه واضحة مألوفة, فأسلوبه متين السبك, جميل اللفظ, مشرق الديباجة عفوي التعبير, مطرب النغم.


2- يلاحظ أنَّ الشعر الثوري لدى الشعراء الجزائريين صادق العاطفة غير متكلف لأن هؤلاء الشعراء كانوا يؤمنون بعدالة القضية الفلسطينية ويحرصون على الثورة ضد المغتصبين الصهاينة فكانوا يهدفون, إذن, إلى التعبير عن شعورهم عن هذه القضية التي يعتبرونَها قضيتهم, ولم يكونوا يستغلون هذا الحديث عن الثورة للوصول إلى أهداف أخرى كالمدح مثلا, كما كان يفعل بعض الشعراء المغاربة, وغيرهم... ولكنهم كتبوا هذا الشعر عندما عناهم المصاب وأثارتهم اللوعة, فعبرّوا بحرارة وصدق عاطفة, عاطفة شعراء مكلوميّى الأفئدة في الغالب, عانوا من بطش الاستعمار الفرنسي كما عانى الفلسطينيون من جبروت الاستدمار الصهيوني...
*4- بالنسبة لطول النفس وقصره, لقد طالت قصائد بعض الشعراء كيائية مفدي زكرياء التي بلغت تسعين بيتا ورائيته التي بلغت تسعة وأربعين بيتًا, وهمزية محمد بوزيدي التي بلغت أربعة وثلاثين بيتا, أما بقية الأشعار التي وصلت إلينا فمقطّعات وقصائد قصيرة.
 
 
 
3- أمَّا الأسلوب ففي جملته سهل, يمتاز بالموسيقى الحزينة والرنة الواجمة, والأنة الوجيعة, وهو يختلف من شاعر إلى آخر, فأسلوب مفدي زكرياء مثلا, جزل قوي, ومتأثر بالقرآن الكريم إلى حد كبير, ويغلب عليه اللفظ القرآني, وكذلك أسلوب محمد العيد آل خليفة, وأسلوب احمد سحنون, أمَّا أسلوب صالح خرفي فركيك أحيانا وبخاصة في قصيدته (الجرح المتجاوب), ومرد ذلك أن خرفي كان باحثا اكثر منه شاعرا, أمَّا أسلوب محمد بوزيدي فسلسٌ وألفاظه واضحة مألوفة, فأسلوبه متين السبك, جميل اللفظ, مشرق الديباجة عفوي التعبير, مطرب النغم.
 
 
4- بالنسبة لطول النفس وقصره, لقد طالت قصائد بعض الشعراء كيائية مفدي زكرياء التي بلغت تسعين بيتا ورائيته التي بلغت تسعة وأربعين بيتًا, وهمزية محمد بوزيدي التي بلغت أربعة وثلاثين بيتا, أما بقية الأشعار التي وصلت إلينا فمقطّعات وقصائد قصيرة.
 
 
 
 
5- أما بالنسبة لاتجاه الشعراء الجزائريين الذين أشادوا بانتفاضة الشعب الفلسطيني عبر مراحله المختلفة, فنلاحظ أن معانيهم تميزت بالطابع الإسلامي, والسير في الاتجاه التاريخي, والتركيز على أمجاد العروبة وأنَّها عادت, ثم تصويرًا ضَافيا لمشاهد من الكفاح الذي عانته فلسطين...


*5- أما بالنسبة لاتجاه الشعراء الجزائريين الذين أشادوا بانتفاضة الشعب الفلسطيني عبر مراحله المختلفة, فنلاحظ أن معانيهم تميزت بالطابع الإسلامي, والسير في الاتجاه التاريخي, والتركيز على أمجاد العروبة وأنَّها عادت, ثم تصويرًا ضَافيا لمشاهد من الكفاح الذي عانته فلسطين...


6- إنَّ الشعر الثوري يحفز على النضال لان صوره الفنية تتغلغل إلى أعماق النفس, وتلتصق بِها بقدر ما يدخره الخطاب الأدبي من فن, وكذلك بلاغة معانيه, ولأنَّ أثره لا يمحى...
6- إنَّ الشعر الثوري يحفز على النضال لان صوره الفنية تتغلغل إلى أعماق النفس, وتلتصق بِها بقدر ما يدخره الخطاب الأدبي من فن, وكذلك بلاغة معانيه, ولأنَّ أثره لا يمحى...


== الهوامش : ==
== الهوامش : ==


(1) اُنظر الدكتور عبد الله ركيبي : فلسطين في النثر الجزائري الحديث, مجلة الثقافة الجزائرية, العدد : 27, جوان - جويلية, 1975 م, ص : 37.
(1) اُنظر الدكتور عبد الله ركيبي : [[فلسطين]] في النثر الجزائري الحديث, مجلة الثقافة الجزائرية, العدد : 27, جوان - جويلية, [[1975]] م, ص : 37.


(2) الدكتور عبد الله ركيبي : المرجع نفسه, ص : 38. واُنظر أيضا كتابه : قضايا عربية في الشعر الجزائري
(2) الدكتور عبد الله ركيبي : المرجع نفسه, ص : 38. واُنظر أيضا كتابه : قضايا عربية في الشعر الجزائري
المعاصر, ص : 41 - 42, المؤسسة الوطنية للكتاب, الجزائر, 1983 م.
المعاصر, ص : 41 - 42, المؤسسة الوطنية للكتاب, الجزائر, [[1983]] م.


(3) بلفور (BALFOUR) 1884 - 1930 م سياسي انجليزي صهيوني, رئيس الـوزراء 1902 م, ثم وزير الحارجية 1917 م, أصدر وعد بلفور الذي ضمنّه حق اليهود بإنشاء وطن قومي في فلسطين سنة 1917 م.
(3) بلفور (BALFOUR) [[1884]] - [[1930) م سياسي انجليزي صهيوني, رئيس الـوزراء [[1902]] م, ثم وزير الحارجية [[1917]] م, أصدر وعد بلفور الذي ضمنّه حق اليهود بإنشاء وطن قومي في [[فلسطين]] سنة [[1917]] م.


(4) نقلا عن صالح خرفي في كتابه : الجزائر والأصالة الثورية, ص : 49, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع,
(4) نقلا عن صالح خرفي في كتابه : الجزائر والأصالة الثورية, ص : 49, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع,
الجزائر, 1977 م.
الجزائر, [[1977]] م.


(5) صالح خرفي : المرجع نفسه, والصفحة نفسها.
(5) صالح خرفي : المرجع نفسه, والصفحة نفسها.


 
(6) محمد العيد آل خليفة شاعر جزائري معاصر من مواليد 28/08/[[1904]] م بعين البيضاء بالشرق الجزائري. حفظ القرآن الكريم في بلدته, ثم واصل دراسته متنقلا بين بسكرة وتونس (جامع الزيتونة). كان يلقب بشاعر الشباب, وشاعر الشباب الإفريقي. رافق شعره النهضة الجزائر والعربية خلال القرن الماضي.
(6) محمد العيد آل خليفة شاعر جزائري معاصر من مواليد 28/08/1904 م بعين البيضاء بالشرق الجزائري. حفظ القرآن الكريم في بلدته, ثم واصل دراسته متنقلا بين بسكرة وتونس (جامع الزيتونة). كان يلقب بشاعر الشباب, وشاعر الشباب الإفريقي. رافق شعره النهضة الجزائر والعربية خلال القرن الماضي.
من أثاره : ديوان شعر مطبوع, ومسرحية بلال بن رباح (مسرحية شعرية) وغيرهما. توفى سنة [[1979]] م.
من أثاره : ديوان شعر مطبوع, ومسرحية بلال بن رباح (مسرحية شعرية) وغيرهما. توفى سنة 1979 م.
 


(7) د. عبد الله ركيبي : قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, ص : 56 - 57.
(7) د. عبد الله ركيبي : قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, ص : 56 - 57.


(8) ديوان محمد العيد, ص : 374, المؤسسة الوطنية للكتاب, الجزائر, 1992 م.
(8) ديوان محمد العيد, ص : 374, المؤسسة الوطنية للكتاب, [[الجزائر]] , [[1992]] م.


(9) د.عبد الله ركيبي : المرجع السابق, ص : 58.
(9) د.عبد الله ركيبي : المرجع السابق, ص : 58.
سطر ٥٨٦: سطر ٦٦٢:
(17) محمد العيد : نفسه, ص : 335.
(17) محمد العيد : نفسه, ص : 335.


 
(18) [[أحمد سحنون]] : شاعر جزائري معاصر من مواليد [[1906]] أو [[1907]] م بقرية (ليشانة) ولاية بسكرة, تتلمذ
(18) [[أحمد سحنون]] : شاعر جزائري معاصر من مواليد 1906 أو 1907 م بقرية (ليشانة) ولاية بسكرة, تتلمذ
عن والده وشيوخ عصره خاصة الشيخ محمد خير الدين, ثم اتصل بعبد الحميد بن باديس رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين, ونشر شعره في جرائد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كالشهاب والبصائر.
عن والده وشيوخ عصره خاصة الشيخ محمد خير الدين, ثم اتصل بعبد الحميد بن باديس رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين, ونشر شعره في جرائد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كالشهاب والبصائر.
طبع ديوانه سنة 1977 م في الشركة الوطنية للنشر والتوزيع.
طبع ديوانه سنة [[1977]] م في الشركة الوطنية للنشر والتوزيع.
 


(19) محمد العيد : الديوان, ص : 330.
(19) محمد العيد : الديوان, ص : 330.
سطر ٦٠١: سطر ٦٧٥:
(22) صالح خرفي : المرجع نفسه, والصفحة نفسها.
(22) صالح خرفي : المرجع نفسه, والصفحة نفسها.


 
(23) كلجنة الدفاع عن فلسطين برئاسة الأديبين : الشيخ الطيب العقبي والشيخ الأمين العمودي (اُنظر حواس بري : شعر مفدي زكرياء (دراسة وتقويم) ص : 138, ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر, [[1994]] م).
(23) كلجنة الدفاع عن فلسطين برئاسة الأديبين : الشيخ الطيب العقبي والشيخ الأمين العمودي (اُنظر حواس بري : شعر مفدي زكرياء (دراسة وتقويم) ص : 138, ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر, 1994 م).
 


(24) الدكتور عبد الله ركيبي : قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, ص : 65.
(24) الدكتور عبد الله ركيبي : قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, ص : 65.
سطر ٦٠٩: سطر ٦٨١:
(25) صالح خرفي : المرجع السابق, ص : 51.
(25) صالح خرفي : المرجع السابق, ص : 51.


(26) هو مفدي زكرياء بن سليمان من مواليد أفريل [[1913]] م ببني يزقن بوادي ميزاب (غرداية) الجزائر,
حفظ القرآن الكريم في بلدته, وفي السابعة من عمره انتقل إلى مدينة عنابة بالشرق الجزائري, ومنها أرسل إلى تونس ضمن البعثة الميزابية, حيث درس في الخلدونية ثم التحق بجامع الزيتونة. كان ثوريا وسياسيا ثائرا على الاستعمار الفرنسي, سُجن عدة مرات, فذاق ألوانا من العذاب, فرّ من السجن سنة [[1959]] م, والتحق بصفوف جبهة التحرير الوطني خارج الجزائر. توفي في أوت [[1977]] م بتونس, ونقل جثمانه إلى مسقط رأسه ببني ميزاب.


(26) هو مفدي زكرياء بن سليمان من مواليد أفريل 1913 م ببني يزقن بوادي ميزاب (غرداية) الجزائر,
له العديد من المؤلفات والدواوين الشعرية بين مطبوع ومخطوط ومنشور في الصحف والمجلات. من دواوينه المطبوعة : اللهب المقدس (طبع سنة [[1961]] م) وتحت ظلال الزيتون (طبع سنة [[1966]] م), ومن وحي الأطلس (طبع سنة [[1976]] م), وإلياذة الجزائر (طبعت سنة 1973 م). وهو صاحب النشيد الرسمي للثورة الجزائرية والدولة الجزائرية المستقلة " قسما " والذي نظمه سنة [[1955]] م, ولحنَّه الموسيقار المصري محمد فوزي. وهو أيضا صاحب أناشيد النضال والثورة الأخرى : نشيد جيش التحرير الوطني, ونشيد الشهداء الجزائريين, وسائر الأناشيد الوطنية للطلبة والعمال وغيرهم (اُنظر : رابح خدُّوسي : موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين, ص : 260, دار الحضارة, الجزائر, [[2003]] م).
حفظ القرآن الكريم في بلدته, وفي السابعة من عمره انتقل إلى مدينة عنابة بالشرق الجزائري, ومنها أرسل إلى تونس ضمن البعثة الميزابية, حيث درس في الخلدونية ثم التحق بجامع الزيتونة. كان ثوريا وسياسيا ثائرا على الاستعمار الفرنسي, سُجن عدة مرات, فذاق ألوانا من العذاب, فرّ من السجن سنة 1959 م, والتحق بصفوف جبهة التحرير الوطني خارج الجزائر. توفي في أوت 1977 م بتونس, ونقل جثمانه إلى مسقط رأسه ببني ميزاب.
 
له العديد من المؤلفات والدواوين الشعرية بين مطبوع ومخطوط ومنشور في الصحف والمجلات. من دواوينه المطبوعة : اللهب المقدس (طبع سنة 1961 م) وتحت ظلال الزيتون (طبع سنة 1966 م), ومن وحي الأطلس (طبع سنة 1976 م), وإلياذة الجزائر (طبعت سنة 1973 م). وهو صاحب النشيد الرسمي للثورة الجزائرية والدولة الجزائرية المستقلة " قسما " والذي نظمه سنة 1955 م, ولحنَّه الموسيقار المصري محمد فوزي. وهو أيضا صاحب أناشيد النضال والثورة الأخرى : نشيد جيش التحرير الوطني, ونشيد الشهداء الجزائريين, وسائر الأناشيد الوطنية للطلبة والعمال وغيرهم (اُنظر : رابح خدُّوسي : موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين, ص : 260, دار الحضارة, الجزائر, 2003 م).


 
(27) يحي الشيخ صالح : شعر الثورة عند مفدي زكرياء - دراسة فنية تحليلية - , ص: 138, دار البعث, قسنطينة, الجزائر, [[1987]] م.
(27) يحي الشيخ صالح : شعر الثورة عند مفدي زكرياء - دراسة فنية تحليلية - , ص: 138, دار البعث, قسنطينة, الجزائر, 1987 م.


(28) مفدي زكرياء : اللهب المقدس, ص : 336 - 337.
(28) مفدي زكرياء : اللهب المقدس, ص : 336 - 337.
سطر ٦٢٨: سطر ٦٩٨:
(32) مفدي زكرياء : المصدر السابق, ص : 394.
(32) مفدي زكرياء : المصدر السابق, ص : 394.


(33) مفدي زكرياء : من وحي الأطلس, ص : 34, مطبعة الأنباء, المغرب, 1976 م.
(33) مفدي زكرياء : من وحي الأطلس, ص : 34, مطبعة الأنباء, المغرب, [[1976]] م.


(34) الدَّمْنَةُ : جمع دِمَن : آثار الديار وآثار الناس وما سودوا. وهنا المزبلة.
(34) الدَّمْنَةُ : جمع دِمَن : آثار الديار وآثار الناس وما سودوا. وهنا المزبلة.
سطر ٦٣٧: سطر ٧٠٧:
للتزيين, وهو الرند, وكان الرومان يتخذون منه إكليلا يتوجون به القائد المظفر أو الشاعر المُفْلِقُ, رمزًا لمجده.
للتزيين, وهو الرند, وكان الرومان يتخذون منه إكليلا يتوجون به القائد المظفر أو الشاعر المُفْلِقُ, رمزًا لمجده.


 
(37) صالح خرفي : شاعر جزائري معاصر من مواليد [[1932]] م بالقرارة (غرداية), متحصِّلٌ على شهادة دكتوراه الدولة في الأدب العربي. أستاذ بجامعة الجزائر وبعض الجامعات العربية, توفى سنة [[1999]] م.
(37) صالح خرفي : شاعر جزائري معاصر من مواليد 1932 م بالقرارة (غرداية), متحصِّلٌ على شهادة دكتوراه الدولة في الأدب العربي. أستاذ بجامعة الجزائر وبعض الجامعات العربية, توفى سنة 1999 م.
من مؤلفاته : صرخة الجزائر الثائرة (شعر), أنت ليلاي (شعر), أطلس المعجزات (شعر), شعراء من الجزائر (دراسة), شعر المقاومة الجزائرية (دراسة) صفحات من الجزائر (دراسة)...
من مؤلفاته : صرخة الجزائر الثائرة (شعر), أنت ليلاي (شعر), أطلس المعجزات (شعر), شعراء من الجزائر (دراسة), شعر المقاومة الجزائرية (دراسة) صفحات من الجزائر (دراسة)...


(38) صالح خرفي : الجزائر والأصالة الثورية, ص : 52.
(38) صالح خرفي : الجزائر والأصالة الثورية, ص : 52.
سطر ٦٥١: سطر ٧١٩:
(41) صالح خرفي : المرجع نفسه, ص : 53.
(41) صالح خرفي : المرجع نفسه, ص : 53.


(42) أحمد سحنون : الديوان, ص : 128, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, الجزائر, 1980 م.
(42) أحمد سحنون : الديوان, ص : 128, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, [[الجزائر]] , [[1980]] م.


(43) أحمد سحنون : المصدر نفسه والصفحة نفسها.
(43) أحمد سحنون : المصدر نفسه والصفحة نفسها.
سطر ٦٥٩: سطر ٧٢٧:
(45) أحمد سحنون : الديوان, ص : 67.
(45) أحمد سحنون : الديوان, ص : 67.


(46) الربيع بوشـامة : شاعر جزائري من مـواليد [[1916]] م بقنـزات من بني يعلي (القبائل الصغرى),تتلمذ على يد الشيخ عبد الحميد بن باديس, وشـارك في الحـركة الإصـلاحية, قبض عليه في حـوادث 8 ماي [[1945]] م من قبل الاستعمار الفرنسي, وذاق أشد ألوان التعذيب, التحق بجيش التحرير الوطني وقبض عليه ثانية, وأعدم بدون محاكمة سنة [[1959]] م.


(46) الربيع بوشـامة : شاعر جزائري من مـواليد 1916 م بقنـزات من بني يعلي (القبائل الصغرى),
(47) الوناس شعباني : تطورات الشعر الجزائري منذ سنة [[1945]] م حتى سنة [[1980]] م, ص : 57, ديوان المطبوعات الجامعية, [[الجزائر]] , [[1983]] م.
تتلمذ على يد الشيخ عبد الحميد بن باديس, وشـارك في الحـركة الإصـلاحية, قبض عليه في حـوادث 8 ماي 1945 م من قبل الاستعمار الفرنسي, وذاق أشد ألوان التعذيب, التحق بجيش التحرير الوطني وقبض عليه ثانية, وأعدم بدون محاكمة سنة 1959 م.
 
 
(47) الوناس شعباني : تطورات الشعر الجزائري منذ سنة 1945 م حتى سنة 1980 م, ص : 57, ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر, 1983 م.


(48) اُنظر القصيدة في البصائر, العدد : 35, 10 أيار (ماي) 1948 م, ص : 07 اقتبسه الوناس شعباني في المرجع السابق, ص : 57.
(48) اُنظر القصيدة في البصائر, العدد : 35, 10 أيار (ماي) [[1948]] م, ص : 07 اقتبسه الوناس شعباني في المرجع السابق, ص : 57.


(49) د.عبد الله ركيبي : قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, ص : 65.
(49) د.عبد الله ركيبي : قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, ص : 65.


 
(50) موسى الأحمدي نويوات : شاعر وباحث جزائري من مواليد [[1903]] م بالطبوشة بلدية أولاد عدي في الحضنة (المسيلة). من مؤلفاته : المتوسط الكافي في علمي العروض والقوافي, ومعجم الأفعال المتعدية بحرف, وديوان شعر. توفى في نهاية التسعينيات من القرن الماضي.
(50) موسى الأحمدي نويوات : شاعر وباحث جزائري من مواليد 1903 م بالطبوشة بلدية أولاد عدي في الحضنة (المسيلة). من مؤلفاته : المتوسط الكافي في علمي العروض والقوافي, ومعجم الأفعال المتعدية بحرف, وديوان شعر. توفى في نهاية التسعينيات من القرن الماضي.
 


(51) د.عبد الله ركيبي : المرجع السابق, ص : 99.
(51) د.عبد الله ركيبي : المرجع السابق, ص : 99.


(52) محمد بوزيدي : شاعر جزائري من مواليد 1934 م بمدينة الجزائر العاصمة. حفظ القرآن الكريم وعمره عشر سنوات. تعلم على يد الشيخ محمد العيد آل خليفة, التحق بالثورة التحريرية (مجاهدا) سنة 1957 م. ابتداء من سنة 1958 م أصبح عنصرًا أساسيا في إذاعة صوت الجزائر التي كانت تبث برامجها من تونس. توفى رحمه الله قي 10 أوت (آب) 1994 م.
(52) محمد بوزيدي : شاعر جزائري من مواليد [[1934]] م بمدينة الجزائر العاصمة. حفظ القرآن الكريم وعمره عشر سنوات. تعلم على يد الشيخ محمد العيد آل خليفة, التحق بالثورة التحريرية (مجاهدا) سنة [[1957]] م. ابتداء من سنة [[1958]] م أصبح عنصرًا أساسيا في إذاعة صوت الجزائر التي كانت تبث برامجها من تونس. توفى رحمه الله قي 10 أوت (آب) [[1994]] م.


 
(53) محمد بوزيد : صوت الجزائر (ديوان شعر), ص : 105, نشر المكتبة الوطنية الجزائرية, [[1997]] م.
(53) محمد بوزيد : صوت الجزائر (ديوان شعر), ص : 105, نشر المكتبة الوطنية الجزائرية, 1997 م.


(54) محمد بوزيد : المصدر نفسه, ص : 99.
(54) محمد بوزيد : المصدر نفسه, ص : 99.
سطر ٦٨٦: سطر ٧٤٨:


(56) اُنظر : د.عبد الله ركيبي, قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, ص : 99 وما بعدها. ومحمد الطيب معاش : مع الشهداء, ص : 232 وما بعدها.
(56) اُنظر : د.عبد الله ركيبي, قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, ص : 99 وما بعدها. ومحمد الطيب معاش : مع الشهداء, ص : 232 وما بعدها.


== المصادر والمراجع : ==
== المصادر والمراجع : ==
سطر ٦٩٢: سطر ٧٥٣:
(57) أنت لبلادي (ديوان شعر), لصالح خرفي, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, الجزائر, 1974 م.
(57) أنت لبلادي (ديوان شعر), لصالح خرفي, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, الجزائر, 1974 م.


(58) تطور الشعر الجزائر منذ سنة 1945 م حتى سنة 1980, تأليف الوناس شعباني, ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر, 1983 م.
(58) تطور الشعر الجزائر منذ سنة [[1945]] م حتى سنة [[1980]], تأليف الوناس شعباني, ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر, [[1983]] م.


(59) الجزائر والأصالة الثورية, تأليف صالح خرفي, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, الجزائر, 1977 م.
(59) الجزائر والأصالة الثورية, تأليف صالح خرفي, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, الجزائر, [[1977]] م.


(60) ديوان أحمد سحنون, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, الجزائر, 1977 م.
(60) ديوان أحمد سحنون, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, الجزائر, [[1977]] م.


(61) ديوان محمد العيد آل خليفة, المؤسسة الوطنية للكتاب, الجزائر, 1992 م.
(61) ديوان محمد العيد آل خليفة, المؤسسة الوطنية للكتاب, الجزائر, [[1992]] م.


(62) شعر الثورة عند مفدي زكرياء, دراسة فنية تحليلية, تأليف يحي الشيخ صالح, دار البعث, قسنطينة, الجزائر, 1987 م.
(62) شعر الثورة عند مفدي زكرياء, دراسة فنية تحليلية, تأليف يحي الشيخ صالح, دار البعث, قسنطينة, [[الجزائر]] , [[1987]] م.


(63) شعر مفدي زكرياء (دراسة وتقويم) تأليف الحواس بري, ديوان المطبوعات الجامعية, [[الجزائر]] , [[1994]] م.


(63) شعر مفدي زكرياء (دراسة وتقويم) تأليف الحواس بري, ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر, 1994 م.
(64) صوت الجزائر (ديون شعر), لمحمد بوزيدي, نشر المكتبة الوطنية, الجزائر, [[1997]] م.


(64) صوت الجزائر (ديون شعر), لمحمد بوزيدي, نشر المكتبة الوطنية, الجزائر, 1997 م.
(65) قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, تأليف الدكتور عبد الله ركيبي, المؤسسة الوطنية للكتاب, [[الجزائر]] , [[1983]] م.


(65) قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, تأليف الدكتور عبد الله ركيبي, المؤسسة الوطنية للكتاب, الجزائر, 1983 م.
(66) اللهب المقدس (ديوان شعر), لمفدي زكرياء, بيروت [[1961]] م.


(66) اللهب المقدس (ديوان شعر), لمفدي زكرياء, بيروت 1961م.
(67) مع الشهداء (ديون شعر), لمحمد الطيب معاش, طبع بالجزائر, [[1991]] م.


(67) مع الشهداء (ديون شعر), لمحمد الطيب معاش, طبع بالجزائر, 1991م.
(68) من وحي الأطلس (ديوان شعر), لمفدي زكرياء, طبع بالمغرب, سنة [[1976]] م.


(68) من وحي الأطلس (ديوان شعر), لمفدي زكرياء, طبع بالمغرب, سنة 1976م.
(69) موسوعة العلماء والأدباء, تأليف رابح خدُّوسي, دار الخضارة, الجزائر, [[2003]] م.
 
(69) موسوعة العلماء والأدباء, تأليف رابح خدُّوسي, دار الخضارة, الجزائر, 2003 م.


* د.سعد بوفَلاَقة  كلية الآداب, جامعة عنابة, الجزائر
* د.سعد بوفَلاَقة  كلية الآداب, جامعة عنابة, الجزائر


[[تصنيف:منوعات إخوانية]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:تصفح الويكيبيديا]]
[[تصنيف:أحداث الإخوان في فلسطين]]
[[تصنيف:أدب الدعوة]]

المراجعة الحالية بتاريخ ٢١:٣١، ٢٤ أكتوبر ٢٠١١

فلسطين في الشعر الجزائري

مقدمة

القدس

يعالج هذا البحث * قضية فلسطين في الشعر الجزائري, ويؤكّد أنَّ الشعراء الجزائريين لم يكونوا معزولين عن قضايا أُمتهم العربية, بالرُّغم من الجدار الحديدي الذي ضربه حولهم الاستعمار الفرنسي الغاشم منذ الاحتلال سنة (1830 م) وحتى الاستقلال سنة (1962 م) لأنَّ صلة الشاعر الجزائري بالمشرق العربي وقضاياه ومشاغله صلة وطيدة وعريقة, وتأتي قضيةفلسطين في المقدمة , بِحيث لا نغالي إذا قلنا إن النتاج الأدبي الجزائري, شعرا ونثرا, في القرن الماضي دار في معظمه حول ثلاثة محاور : الوطنية, والعروبة, والوحدة العربية , وفلسطين(1).

ولسنا في حاجة إلى أن نعدّدَ الروابط التي تربط بين فلسطين والجزائر منذ فجر التاريخ العربي حتى الآن, كما أنَّه لا حاجة بنا إلى أن نقارن بين واقع فلسطين بعد أن تآمر عليها الاستعمار والصهيونية العالمية, وبين الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي البغيض, فكلاهما عرف الاستعمار الاستيطاني, وذاق الإرهاب بِشَتَّى صوره وأشكاله, وتعرّضَ لِمُحَاولات القضاء على مقوماته الأصلية من لغة ودين وتاريخ وحضارة, بل عرف أخطر من هذا, محاولة إلغاء كيانه ومحوه من الوجود, وهذا هو ما يفسر اهتمام الشعراء الجزائريين ب نكبة فلسطين, وكان إحساسهم حادا عنيفا ضد الاستعمار والصهيونية والتسلط والغزو الأجنبي(2).

وقد رافق الشعر العربي الجزائري قضية فلسطين منذ ظهورها على المسرح العالمي في العشرينيات من القرن الماضي, وكان الشعراء يستغلون كل مناسبة لتأييدها, وتابعوها في جميع مراحلها وأطوارها المختلفة منذ إعلان " وعد بلفور" (3) سنة 1917 م, مرورًا بانتفاضات الشعب الفلسطيني في الثلاثينيات, ثم رفضه لقرار التقسيم, وقد وقف شعراء الجزائر إلى جانب فلسطين والعرب أثناء حرب 1948 م, ونكسة 1967 م, ثم تجاوبوا مع انتصارات الثوار الفلسطينيين, وأبطال المقاومة, وأطفال الحجارة بعد ذلك حتى اليوم.

لقد كتبَ شاعرٌ جزائريٌّ ناشِئٌ لم يذكر اسمه خوفا من رقابة الاستعمار الفرنسي البغيض المتصهين, قصيدة شعرية عن فلسطين في سنة 1930 م, حيث نشرها آنذاك بمجلة " الشهاب " الجزائرية التي كان يديرها العلامة الشيخ عبد الحميد بن باديس رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين, يصوّر فيها مشاعره النابضة نحو القدس وساكنيها, ويعبر فيها عن تعاطف الشعب الجزائري كله مع الشعب الفلسطيني الشقيق انطلاقا من إحساسه بخطر الاحتلال الصهيوني على قدس العروبة, يقول :

ناشـَدْتُكَ اللهَ ياقُـدْسَ العُروبَةِ لا

تُقمْ حِسابًا, لِمَنْ قَـدْ رَامَ تَمْوِيَها

فَمَا طُموحُ يَهُـودِ الشَّرْقِ يَنْفَعُهُم

وَلاَ يَنَالُـونَ إلاَّ الْمَقْتَ تَشْوِيهَا

يا أُمّةَ الْقُدْسِ, لا يُحْزِنْكَ مَطْمَحُهُم

فَإنَّ لِلْقـُدْسِ رَبًّـا, هُوَ يَحْمِيهَا

أمَّا الْجَـزائِرُ, فَهي مِنْ مُصـابِكُم

في حَر ِنارِ الأسَى, تَشْكُو لِبَارِيهَا

آهٍ عَلَى أُمَّـةِ الْقُدْسِ الَّتِي بَسَطَتْ

لِلْجارِ إحْسَانَها, وأسأَلْ مُجِيِريهَا

آهٍ, عَلَى كـَأْسِ ذُلٍّ, وَهيَ تَرْشُفُها

وعَنْ صِغَارِ كـآباتٍ تُقـاسِيهَا(4)

وباستثناء الوزن المختل في بعض الأبيـات, فـإنَّ المقطَّعة تزخر بالمشـاعر الفيّاضَةِ, والإيحـاءات القومية النافذة(5) .

وفي عام 1936 م قامت الثورة الفلسطينية, وكادت تقضي على النفوذ الأنجليزي والوجود الصهيوني؛ بدأت الثورة بإعلان الإضراب العام في جميع أنحاء فلسطين العربية تعبيرًا عن سخط الشعب الفلسطيني عن الانتداب البريطاني والدولة اليهودية المقترحة, وسرعان ما تحول الإضراب إلى ثورة علنية مسلحة, وتوافد المتطوعون من البلاد العربية المجاورة, واهتاج الرأي العام العربي في مختلف الأقطار العربية, وشعرت السلطات البريطانية بالخطر, فاستخدمت الدبابات والطائرات في قمع الثوار, وأخذت تنكل بالأحرار من أبناء فلسطين فأحس محمد العيد آل خليفة(6) " بالخطر على هذا الجزء من الوطن العربي وأدرك أنَّ يد بريطانيا وراء كل مؤامرة تعرضت لها فلسطين خفية مرة وعلنية أخرى, فكتب قصيدته (بني التايمز) التي يهاجم فيها الانجليز, ويتحسر على ما حلَّ بأولى القبلتين"(7), يقول:

" بنَي التَّايْمز " قَدْ جُرْتُمْ كَثيرًا

فهَلْ لكُمْ عَنِ الْجَـوْرِ ازْدجَـارُ ؟

أَفي أَسْـواقِكُمْ نَصبًـا وغَصْبًا

تَسـومُ (القِبْـلَة) الأُولى التّجَـارُ

إِخَالُ (القِبْلَةَ) انْسَجرتْ دِمَـاءً

كَمَـا لِلْبَحْـرِ باللُّجـج انْسِجـارُ

تَرَوْنَ لَهـَا سِوَى العَرَبّي أَهْـلاً

وتَـأْبَى التُّرْبُ فِيهَـا والْحِجَـارُ

فَـلَيْسَ لَهَـا بِلاَ فَمِهِ لِسَـانٌ

وَلَيْسَ لَهَـا بِـلاَ دَمِـهِ نِجــارُ

ألَمْ يُؤْلِمْـكُمُ حَـرَمٌ مُبـاحٌ

وشَعْبٌ يَسْتـجِـيرُ ولا يُجــارُ

إِذَنْ فالحَـرْبُ لِلْعَـربّي دَأْبٌ

وَهَلْ تَخْفَى (الْبَسُوسُ) أو (الْفِجارُ)
وعُقُـبَى شِـدَّةِ القَهْر ِ انْفِجـارُ (8)

إنَّ هذا الإحساس بالخطر جعل الشاعر محمد العيد, كغيره من الشعراء العرب والمسلمين, يُحِسُّ بِهذا الاحساس العارم بالقدس وفلسطين وأرضها ونضالها, وبخاصة بعدَ أنْ بدأت خيوط المؤامرة تتضح والأطماع الصهيونية تكشر عن أنيابِها عندما دعت " لجنة بيل " إلى تقسيم فلسطين كحل وسط, أحس الشاعر بالكارثة, وتألَّمَ من هذا المشروع المبيت, وشعر بالخطر على " القدس " التي يقدّسُها ويَحْملُ لها في نفسه (كغيره من أبناء العرب والمسلمين) تقديرا خاصا لِمَا لَهَا من مكانة في النفوس, فتراه يتحدث في أسس عن " القدس " سنة 1937 م, ويؤكّدُ حقّ العرب فيها(9), يقول :

يا قِسْمَةَ القُدْسِ أَنْتِ ضِيزَى

لم يَعْدِلْ القـاسِمونَ فِيكِ

مَضَوْا عَلى الحَيْفِ لَمْ يُبالُوا

بِمَا جَـرَى مِنْ دَمٍ سَفيكِ

القُدْسُ لِلْعُربِ مِنْ زمـانٍ

لَمْ يَقْبَلُـوا فيهِ مِنْ شريكِ

قَـدْ سامَهُ الأجْنَبُّي خَسْفًـا

وهَـدَّ مِنْ رُكْنِهِ السَّمِيكِ

يا (لُنْدُرة) لـَوْدَرى بَنُونَـا

لم يَأْمَنُوا الْغَـدْرَ مِنْ بَنيكِ

إخالُ شَعْبَ الْيَهُـودِ سـِرًّا

سَبَاكِ بِالْعَسْجَـدِ السَّبِيكِ

أَهَكَـذَا تَفْصـِلُ الْقَضـاءِ

بِحُكْمِهـا لَجْـنَةُ الْمَلِيكِ ؟

قَـدْ دَلَّ طُغْيانُ انْكِـلتْـرَا

عَلَى فَـناء ٍ لَها وَشِيـكِ(10)

وفي سنة 1938 م نظم الشاعر قصيدته الموسومة بـ (يا عام), ونشرها في مجلة الشهاب الجزائرية يناجي فيها هذا العام ويستنطقه عن فلسطين, ويتحدّث فيها عن القضية العربية كلها سواء فيفلسطين أو في شمال افريقيا, وما يجري فيها من مظالم ومآس يَمجُّهَا الذَّوق السليم, يقول:

يَا عـامُ هَلْ فِيكَ خَيرٌ

لِلْمُسْلِمـينَ يُرَجَّـى

أَخُـوكَ يَا عـامُ فِيه

لَيْلُ الْمَظَـالِم دَجَّى

صبَّ الأذَى فِيهِ صَبَّا

فَرُجَّتِ الأَرْضُ رَجَّـا

ألَمْ تَـرَ الشّـرْقَ فِيهِ

من المظَـالِم دَجَّـى

سِيمَتْ فلَسْطِينُ خَسْفًا

عَجَّ الحِمَى مِنْهُ عَجَّـا

هَذا عن الأَهْل أُقْصِي

وذَاكَ فِي السّجْنِ زُجَّا

وَفي الشّمـالِ هَنَاتٌ

يَمُجُّهَا الذَّوْقُ مَجَّـا

والشَّرقُ وَلهانُ يَرْجُو رأنْ يَسلكَ الأمْن فَجَّا

يـودُّ إقْنَـاعَ خَصْمٍ

في غَمْطِه الحَقِّ لَجَّـا

ويَبْتَغـِي رَدْعَ جـانٍ

وجْهَ الْعَدالةِ شَجَّـا(11)

"ومن اللافت للنظر في هذه الأبيات أنَّها تنطبق حتى على وقتنا الحاضر, فهناك من لايزال يؤمن بِهذا الطريق الذي سلكه الجيل الماضي في مسالمتهم للاستعمار والصهيونية من الحكام العرب... وكأنَّ الشاعر تنبأ بِما يجري الآن, فيخاطب الحاضر في الماضي" (12)

وفي ختام القصيدة يتوجه الشـاعر بالحديث إلى ذلك العام, وهو لا يرجـو منه الشئ الكثير, لأنَّه أشبه بالطفل الذي لا يُفصح عمّا في نفسه, مثلما كان الأمر بالنسبة للأعوام السابقة عليه(13), يقول :

يَاعَامُ أشْبَهْتَ طِفلاً

بالأبْجَـدِيَةِ هَجَّـا

هَلْ يَبْلُغُ الشَّطَّ أمْرٌ

كالْفُلْكِ فِيكَ يُزَجَّى؟

وَهَلْ نُنَجَّى قَرِيبًّـا

مِنَ الأَذَى هَلْ تُنَجَّى؟(14)

ولم يكتف محمد العيد بِمجـرد التعبير عن تضـامنه مع القضية الفلسطينية, وتأييده لقضـايا الأمـة العربية كلها سـواء في فلسطين أو في شمـال افريقيا, بل غيّر لهجته من التضـامن إلى التهـديد والوعيد, ووصف أخـلاق اليهـود وطبـاعهم الشـريرة التي عرفـوا بِها كالخـداع والجبن والغـرور وسـواها, يقـول محمد العيد في قصيدته " فلسطين العـزيزة " التي نظـمها سنة 1367 ه :

فَلَسْطينُ العـزيزةُ لاَ تُراعِي

فَعَينُ اللهِ رَاصدِةٌ تُـراعِي

وحَوْلَكِ مِنْ بَنِي عَدْنانَ جُنْدٌ

كَثِيرُ الْعَـدِّ يَزْأرُ كَالسِّباعِ

إذا اسْتَصْرَخْتِهِ لِلْحَـرْبِ لَبَّى

وخَفَّ إلَيْكِ مِنْ كُلِّ الْبِقاعِ

يَجودُ بِكُلِّ مُرْتَخَصٍ وغـَالي

لِيَدْفَعَ عَنْكَ غَاراتِ الضّباعِ

بُليتِ بِهِمْ صَهـايَنَةً جياعًـا

فَسُحْقًا للصَّهايِنَةِ الْجِيـاعِ

سَتَكْشِفُ عَنْهُمُ الهَيْجاءُ سِتْرًا

وتَرمِيهِمُ بِكُلِّ فَتَّى شُجـاعِ(15)


ثم يدخل في وصف أخلاق اليهود, وطباعهم التي عرفوا بِها, فيقول :


وكَيْفَ يُصادِفُ العِبْريُّ نُجْحًـا

وَمَا أَخْـلاَقُـهُ غَيْرَ الْخِـدَاعِ

قد اشْتَهَر اليَهُـودُ بِكُلِّ قُطْرٍ

بِأَنَّ طِبَـاعَهُم شَـرُّ الطّبَـاعِ

قَدِ اغْتَرَّ الْيَهُـودُ بِمَا أَصَابُـوا

بِأَرْضِ الْقُدْسِ مِنْ بَعْضِ الْقِلاَعِ

مَتَى كَانَ الْيَهُـودُ جنُودَ حَربٍ

وَكُفُؤًا لِلأعـارِبِ في الصّراعِ(16)


ويختم القصيدة بِهذا الصوت المتحمس الذي يأتي من الشاعر الثائر مُتوجها إلى فلسطين العزيزة :

فَلَسْطينُ الْعَـزِيزَةُ لا تَخَـافِي

فَإنَّ العُرْبَ هَبُّـوا لِلدِّفَـاعِ

بِجَيْشٍ مُظِلمٍ كَاللَّيْلِ غَـطَّى

حِيالَكِ كُلَّ سَهْلٍ أوْ يَفـَاعِ

ومـا أسْيَافُـهُ إلاَّ نُجـومٌ

رُجـومٌ لِلْيَهـوُدِ بِلا نِزَاعِ

يُرابِطُ في ثُغُـورِكِ مُسْتَعِـدًّا

عَلَى الأهْباتِ لِلأمْرِ المُطـاعِ

سَيَهْجُمُ مِنْ مَراكِـزِهِ عَلَيْهمْ

هُجومَ الآكِلينَ عَلى القصاعي

ونَحْنُ بَنِي العُـروبَةِ قد خُلِقْنا

نُلَبّي لِلْمَعـارِكِ كُلَّ دَاعِـي

لَنَا في الحَرْبِ غـاراتٌ كِبارٌ

وأيَّـامٌ مُخـلَّدَةُ الْمَسَـاعِي

وكَيْفَ نَذِلُّ أوْ نَرْضَى انْخِفَاضًا

ونَجْمُ جُـدُودِنَا نَجْمُ ارْتِفَاعِ(17)

تتميّزُ هذه القصيدة بوضوح معانيها ويسرها, فهي في الأعم الأغلب بينةٌ معروفةٌ, بل قريبة مألوفة, لاتستغلق على الفهم, وتكثر فيها الألفاظ الجزلة الفصيحة, وتتّسم تراكيبها بالمتانة والسلاسة, فهي تخلو من التعقيد والوعورة, ويغلبُ على صورها أنَّها تقوم على التشبيهات المعروفة والسيوف, شأنَّها في ذلك شأن الصور في شعر العرب, وهي تشبيهات مستمدةٌ من مكونات الطبيعة المختلفة.

ولمحمد العيد أيضا قصيدة " هيجت وجدي " التي يردُّ فيها عن رسالة شعرية وجّهها إليه الشاعر الجزائري الشيخ أحمد سحنون(18) سنة 1948 م, وهي في معظمها حماس وتضامن مع فلسطين , وتَهديد ووعيد للصهاينة, فيقول

قُلْ لابْنِ صَهْيونَ اغْتَرَرْتَ فَلا تَجُرْ

إنَّ ابنَ يَعْرُبَ نـاهِضٌ لِلَّثأرِ

أعْرَضْتَ عنْ خُطَطِ السَّلاَمِ مُولِّيا

فَوَقَعْتَ مِنْهَا في خُطُوطِ النَّارِ

لاتَحْسبَنَّ بِأنَّ صُبْحَـكَ طـالِعٌ

فالْبَدْرُ وَيْحَكَ خادِعٌ للسَّارِي

سَتَرَى أمـانِيكَ التي شيّـدْتَهَـا

مُنْهـارةً مَعَ رُكْنِكَ الْمُنْهـَارِ

القُدْسِ لابْنِ الْقُدسِ لاَ لِمُشَـرَّدِ

مُتَصَهْينٍ ومُهَـاجِرٍ غَــدَّارٍ

يالَجْنَةَ التَّقْسِيمِ حِدْتِ عَنْ الْهُدَى

وسخَرتِ مِنْهُ فَبُؤْتِ بِالإنْكـارِ

القِبلَةُ الأولى التي استَصْـغَـرتِها

هي لِلْعـُروبة قِبْلةُ الأنْظــارِ(19)

ويسير في هذا الاتجاه شاعر آخر من شعراء الجزائر, وهو محمد جريدي(20) الذي كتب قصيدة شعرية يعالج فيها قضية فلسطين أيام النكبة, ويكاد ينفرد عن بقية الشعراء الجزائريين - الذين كانوا يعيشون يومئذ تحت سيطرة ورقابة ومطاردة الاستعمار الفرنسي البغيض - باللهجة الحماسية التي عالج بِها القضية " إنَّه وهو يعتلي المنبر مستنفرا ومستصرخا, لا يستنفر الشعب العربي في الجـزائر, بل الشّعب العربي في كل قطر, ولا يكتفي بالتهديد الأعزل وهو يواجه الصهيونية, ولكنَّه يطلق الأوامـر الصارخة وهو يستَثير الشعب العربي, ولا يرضى بالتغمة التقريرية المائعة, ولكنَّه يعمد إلى الومضـات التعريضية الجـارحة, مستمدا لها من شرف العروبة وقدسية الإسـلام كل عناصر التأثير" (21), فيقول :

أَيَا شَعْبُ جـاهِرْ بالقِتالِ عَلَى العِدَا

فَلَمْ يَبْقَ في دَفْعِ الْمَظَـالِم كِتْمـانُ

فَلَـوْلاَ التهابُ العُنْصُرية في الْحَشَا

لَمَا استَفُحَلتْ صَهْيون وانْدَاسَ عُربَانُ

فَوا عَجَبًا مِنْ قِصَّةِ الأُسْدِ, قَدْ غَدَتْ

يُهَاجِمُهَـا في الْمَرْبَضِ اليَوْمَ خِرْفـانُ

تَنَمَّرَ كُفَّـارُ (الكَلِيم) كَـأنْ لَمْ

يَنُص لَنَـا عَنْ ذُلِّـهِم قُرآنٌ قُرْآنُ(22)

وبدأت الحرب عام 1948 م, ودخلت الجيوش العربية إلى فلسطين, وهبَّ الشعب الجزائري يناصر فلسطين, ففتح باب التطوع لتحريرها, ونظمت الحملات لجمع التبرعات لمساعدة الثوار, ومقاطعة البضائع اليهودية, وأنشئت بعض اللجان للدفاع عن حقوقها(23), ورغم الحواجز التي كانت تفصل الجزائر عن المشرق العربي, وعن فلسطين بالذات, كانت قلوب الجزائريين تخفق بحب فلسطين ومشاعرهم متألمة تحمل من الاشفاق على الشعب الشقيق بقدر ما تحمل من الإعجاب ببطولات المجاهدين. " ولا نقول جديدًا اذا ما سجلنا بأنَّ الكثيرين من الشعب الجزائري أثناء هذه الحرب خرجوا يَمشون على الأقدام محاولين تخطي هذه الحواجز, فمنهم من وصل, ومنهم من تلقفته سجون الاستعمار ومعتقلاته بليبيا تحت الحكم الإيطالي, أو في سجون تونس والجزائر تحت الاستعمار الفرنسي, قبل أن يصلوا إلى فلسطين " (24) .

وقد شبَّه الشاعر محمد جريدي هؤلاء الجزائريين الذين لم يتمكنوا من تخطي هذه الحواجز والوصول إلى فلسطين للمشاركة في المعاركة المقدسة بالبنوة التي ترى الأمومة ملطخة في دمائها ولا تملك إلى نصرتِهَا سبيلا, قيلتمس الشاعر المغفرة من الأم الجريحة فلسطين لأبنائها في الجزائر, فيقول :

فَلَسْطينُ, إنِّي الابْنُ والابْنُ طائِعُ

فَهَا أَنَذَا أعْصي, فَهَلْ فيكِ غُفْرانُ

فَإِنَّ صُدُودِي عَنْ حِمـَاكِ جِنَايَةٌ

وَإِنَّ قُعُـودِي عَنْ فِدَاكِ لَعِصْيانُ

فَلَسْطينُ, لا تَأْسى لَغَيْبِي فَـإِنَّني

وَإن غِبْتُ, بِالحِرْمَانِ مِنْكَ لاسيانُ

وَإنْ فَقَدَتْ رِجْلي رَكَائِبَ لِلْفِدَا

فَلَيْسَ لإحْسَاسِي وشِعْري فُقْدانُ

فَـإِنَّ إِذَا رُمْنَا لِأَرْضِـكِ سفْرةً

يُعـارِضُنَا بِالْمَنْعِ والرَّدْع ِ طُغْيانُ

وإِنْ رامَ صهيـونُ لِغَزْوكِ هِجْرةً

تُفْتَحُ لَهُمْ في الْجَـوِّ والْبَـرِّ بِيبَانُ

فَها هُوَ إيِمَانِي فِـداكِ ونَخْـوتي

فَمَاذَا عَسَى يُجْدِيهم فِيكِ حِرْمانُ

وَهَمُّكِ هَمِّي يَا فَلسْطِينُ فاصْبري

فَإنَّ اهْتِياجَ الْمَوْج تُفْنِيهِ شَطْـآنُ

ولَسْتُ لِبَحْرِ الظُّلِم إلاَّ شَواطِئًـا

وَلَيْسَ لِمَوْجِ الظُّلِمْ بَعْدَكِ طُغْيانُ(25)

أمـا شاعر الثورة الجزائرية, وشـاعر وحـدة المغرب العربي الكبير والأمة العربية مفدي زكرياء(26), فقد اعتبر العدوان علىفلسطين اعتداء على العروبة كُلّها, وضياع فلسطين مسؤولية العرب جميعًا - لا الفلسطينيين وحدهم - فقد باعوها وانحدروا بِهَا للهاوية وهم في غمرة سكر, ففي الذكرى الثالثة عشر لتقسيم فلسطين كتب قصيدة شعرية طويلة بعنوان : " فلسطين على الصليب " في شكل حوار بين الشاعر وفلسطين والعرب, وسنلاحظ بوضوح " الصراحة الجارحة, والنقد اللاذغ الهادف إلى تصحيح الأخطاء, ويطغى عليه أسلوب التحليل واستقراء الأوضاع, وتحديد الأسباب, وإقتراح الحلول بعيدًا عن ترديد الشعرات الرنانة الجوفاء " (27) , فهو يدق ناقوس خطر الاحتلال الصهيوني لفلسطين, ويحث على الجهاد, وعلى ضم الصفوف لمواجهة العدو, يقول :

أُناديكِ, في الصَّرصَرِ العاتِيَهْ

وبَيْنَ قَـواصِفِها الذّارِيَـهْ

وأَدْعـوكِ, بَيْنَ أزيزِ الوَغَى

وبَيْنَ جَمـاجِمِها الجـاثِيَهْ

وأَذْكُر جُرْحَـكِ, في حَرْبِنَا

وفي ثَوْرةِ المغربِ القـانِيَهْ

فَلَسْطِينُ.. يا مهبـطَ الأنْبيأ

ويا قِبْلَةَ العُـرْبِ الثـانِيَهْ

ويا حُجَّـةَ اللهِ في أرْضـِه

ويا هِبَة الأزَلِ, السـامِيَهْ

فَلَسطينُ.. والعُرْبُ في سُكْرَةِ

قد إنْحَدَرُوا بِكِ لِلهاويَهْ !

رَمـاكِ الزّمـانُ بِكُلّ لَئيمٍ

زَنيمٍ, مِنَ الْفِئَةِ البـاغِيَهْ

وَصَبَّ بِكِ الغَرْبُ أقْـذَارَهُ

وَرِجْسَ نِفَايَاتِهِ الْبـاقِيَهْ

وحَطَّ ابنُ (صهيونَ) أنْـذَالَهُ

بِأَرْضِكِ, آمـِرةً نـاهِيَهْ(28)

ويستطرد الشاعر في تسليط الأضواء على ما آلت إليه فلسطين " فقد انقلبت الأوضاع, وذل العزيز, وعزَّ الذليل, و أصبحت فلسطين تبكي, وما يبكيها إلاَّ الذين كانوا قد اتخذوا حائطا يتباكون فيه ويستدرون عطف الناس " (29) :

بكيتِ, فَلَسْطِينُ, في حَائطٍ

بِهِ - قَبْلُ - قَدْ كانتِ الْبَاكِيَهْ

فَيالَكَ مِنْ مَعْبَدٍ نَجَّسـُوا

حنَـاياهُ بِالسُّـوْءَةِ البـادِيَهْ

وَيَالَكَ مِنْ قِبْلَةٍ كَدَّسـُوا

بِمِحْـربِهَا الجيفَ البـالِيَهْ

وَيَالَكَ مِنْ حَـرمٍ آمِـنٍ

جيَّاعُ ابنِ آوَى بِهَا عَـاوِيَهْ(30)

ولَمَّا تحدَّث الشاعر عن مأساة فلسطين, حمَّل العربَ مسؤولية ضياعها - على لسان فلسطين - يقول :

لَقَدْ كـانَ لي سَبَبٌ لِلْبَقَـا

فَقَطَّـعَ قَـوْمي أسْبـابِيَهْ

ورُحْتُ أُبَاعُ, وأُشرَى كَمَا

كَما تُباعُ لجزارها الْماشِيَهْ

وأُشْنَقُ في حَبْلِ مُسْتَعمِري

وَأُصْلَبُ في كَفِّ جَـلاَّدِيِهْ

وفَرَّقَنِي (الخُلْفُ) أيْدِي سَبَأ

وشَتَّتَ في الأرْضِ أوصالِيَهْ

فأَصْبَحْتُ أرْسُفُ في مِحْنَتِي

وقَومِي - عن مِحْنتي- لاهِيَهْ

وَفِي سُكْرةِ ضَيَّعُوا عِـزَّتِي

وَلَمْ يُغْـنِ عَنّي سُلْطـانِيَهْ

فَـلاَ أَنَا حَقَّقْـتُها بِيَدِي

وَلا سَلَّحَ العُـرْبُ أَبْنَائِيَهْ(31)

والقصيدة طويلة تقع في تسعين بيتًا, وآخرها تفاؤل بالنصر بشرط أنْ يعتصم العرب جميعا بحبل الله ولا يتفرقوا, فهو يعد بنصر من ينصره, ولن يُخْلفَ وعده, ولا ريب أنَّ ساعة النصر آتية لا محالة, حيث يقول في آخر القصيدة :

فَإِنْ تَنْصُروا اللهَ يَنْصُرْكُمُ

ويُنْجِزْ أَمَـانِيكُمُ الْغالِيَهْ

وَلَنْ يُخْلِفَ اللهُ مِيعَـادَهُ

وَلاَ رَيْبَ... ساعَتُنَا آتِيَهْ(32)

ولمفدي زكرياء أيضا قصيدة طويلة في تسعة وأربعين بيتا موسومة بـ " الله من سيناء كلم يعربا - إلى فلسطين الذبيحة " يخاطب فيها ضمائر العرب بعد أن خاطب عواطفهم, وبين لهم انكشاف الزيف, ويعري لهم عن طبيعة هذا الخصم العنيد الذي لا يفقه إلا لغة الرصاص:

صَرَخَ الضَّميرُ, وَرَجّتِ الأقـدار

وانْقَضَّ مِنْ عَـدْلِ السّماء قَرارُ

وقَضَى الرَّصَاصُ تَبـاركَتْ كَلِماتُهُ

وَمَضَى القصَاضُ, وَهَانَتِ الأعْمارُ

والله مِنْ (سيـنـاءَ) كَلَّمَ يَعْرُبَـا

فَتَمَاوَجَتْ لِنِـدَائِـهِ الأحْـرَارُ

والنّارُ, في الوادي المُقَدّسِ مَا انْطفَتْ

يَا قَوْمَ مُـوسَى بَعْدَ مـُوسَى النَّارُ

والْعَـارُ تَغْسلُه الدِّمـاءُ زكِـيّة

أَمَا كَسَـا شرَفَ العُـروبةِ عَـارُ

يـا قِصَّةَ الآبَـاءِ, لَيْسَ بِخَـالِدٍ

في الكْونِ شَعْبٌ يَكْتَسِبُهُ صِغـارُ

الْمَـوتُ أَشْرَفُ مِنْ حَياةٍ تُسْتَبَى

فِيهَا الرِّقـابُ, وتُسْتَباحُ دِيـارُ(33)

لقد حشد الشاعر في هذه القصيدة صورا كثيرة, الهدف منها التحريض والتحفيز على قتال اليهود الذين اعتدوا على فلسطين ظلما وعدوانا بعد ان تاهوا في الأرض أربعين عاما كما ورد في القرآن الكريم, يقول :

ولِتَخْسف الأرضُ الجَريحةُ بالأولَى

لَمْ يَأْوِهِم في الْعالَمِينَ قَـرارُ

لَفَظَتْهُمُ الدُّنْيـا, فَجُمع رجسُهُم

كَشهَادةِ عَنْ زُورِه اسْتِعمارُ

ذهَبَ الأصيلُ عن الدَّخيلِ ضَحيةً

وأُقِيمَ دونَ اللاَّجِئينَ جِدَارُ

وغَدَتْ سَمَاسِرَةُ الظَّلام تَسُومُها

مَا شَاءَهُ التُّجـارُ وَالسّمارُ

وَغَـدَتْ فَلَسْطينُ الذَّبيحَةُ دَمْنَةً

في قُدْسِهَا, تَتَراكَمُ الأقْذارُ(34)

فَكَـأنَّهَا بِيَدِ القَـويّ بَيـادِقُ

وَكأنَّ أَقْدارَ الشُّعوبِ قِمارُ

وَكَـأنَّ (مَجْلِسَ أمْنِهَا) سُخْريةٌ

مَفْضوحَةٌ وَقَـرارُهُ اْسِتهْتارُ

يَـا غَضْبَةَ الأجْيَالِ, صُبِّي لَعْنةً

يَصْعقُ بِهَا الْمُستَعمِرُ الغدَّارُ(35)

ويختم القصيدة بتقديم النصيحة لأبناء الأمة العربية كافة, يدعوهم إلى الجهاد والى حمل السّلاح والمشاركة الفعلية في الحرب ضد عصابات الاستعمار الصهيوني البغيض, ولكي يُثيرَهُم أكثر لنصرة دين الله ولتطهير مقدساتِهم من جرّاء ما لحقها من هذه العناصر الغريبة والممقوتة التي تسلّلت إلى صميم قلب الإسلام وراحت تعبث فيه, طفق يشيد بالرعيل الأول من المسلمين الذين حاربوا الكفار في معارك مختلفة في بدر وفي القادسية وفي غيرهما وانتصروا عليهم, وينوّه بشجاعة أبناء المغرب العربي الذين انتصروا حديثا على الاستعمار الفرنسي البغيض بفضل إيمانِهم الصارم بقضيتهم, فلم لا نستفيد من تجاربِهم إذن ؟, يقول :

يَا أَيُّهَا العُـرْبُ الْكِـرامُ كَـرَامَةً

فَالأَمْـرُ جِـدُّ وَالْحُظوظُ كِبَارُ

اللهُ أَنْجَزَ وَعْـدَه هَـلْ تُنْجِـزُوا؟

وَهَلِ العَـدُوُّ أَمـامَكُم يَنْهارُ؟

سُوقُوا عِصَاباتِ الضِّباع فَلَمْ يَكُنْ

يَخْشَى الضِّبَاعَ الضَّيْغَمُ الْهُصارُ!

إِنْ يَسْـُط ذِئبُهُم وَنَحْنُ جَمـاعةٌ

إِنَّا إذَنْ في الأرْذَلينَ خَـسَـارُ

في القـادِسِيةِ خـالِدٌ نَـاداكُم

ومِنَ الْحِجَـازِ مُحَمّد المُخْتـارُ

ولِـواءُ سَعْدٍ رَفَّ فَـوْقَ جُيُوشِنَا

فَكَـأنَّمَا هُو جَيْشُهُ الجَـرَّارُ

ورَعيلُ بَدْرٍ صَـاحَ فِيْنَا بَـادِرُوا

إِنَّ الجهـادَ بَراعةٌ وَبـدارُ

الْمَغْربُ الْعَـرَبيُّ أخْلَصَ لِلّنِـداءِ

فَتَعَزَّزَتْ بِجُيوشِـه الأنْصـارُ

شَعْبٌ تَمَرَّسَ بِالِكفـاحِ, فَلَمْ تَنلْ

مِنْهُ السِّنُـونِ وَلاَ ثَنَاُه عثـارُ

صَهَرَتْه مَعْرَكَةُ الْفِـدا, وَعَقيدةٌ

عَرَبيةٌ, والأَطْـلَسُ الْجَبَّـارُ

أوْراسٌ عَلّمَتِ الجِهادَ أُسُـودها

وَسَمَا بِبَنْزَرتَ الْفَتَى المِغْـوارُ

هَذي الجُموعُ الزَّاحِفاتُ طَـلائِعُ

فِيهَا الْجهـادُ عَقيدَةٌ وَشِعَـارُ

قَـدْ أَقْسَمَتْ ألاَّ تَعـودَ لِدَرْبِِهَا

حَتَّى تَعـودَ لِقُدْسِهَا الأبْـرارُ

وَتَرَى فَلَسْطِينَ الذَّبيحَـةَ حُـرّةً

لا يَسْتَبِدُّ بِأَمْـرِهَا الأشْـرَارُ

وَجَبينُ يَعْـرُبٍ مُشْرِقٌ مُتَوَهّـجٌ

وعَلَيْهِ مِنْ شَرَفِ الْبُطولَةِ غَارُ(36)

غير أنَّ بعض الشعراء الجـزائريين كانوا يقرنون قضية فلسطين بالثـورة التحريرية بالجـزائر, لأنَّ انتصار الجـزائر هو انتصار لفلسطين وللعروبة جميعا, وهزيْمَة المستعمر في هذا القطر تحمل له الهزيْمة في كل مكان, والنصر المتوقع في الجزائر سيتبعه نصرٌ آخر في فلسطين , لأنَّ ابن الجزائر بعد النصر في بلاده سيولي وجهه شطر فلسطين ليلبي نـداء (حيفا ويافا) وهو المعنى الذي عبّر عنه الشـاعر صـالح خرفي (37) في قصيدته (العيد الجريح) التي القـاها في المهرجـان الشعر الثـاني بدمشق سنة 1960 م.

فَكَـأنّي, بابنِ الْجَـزائِرِ وَفّى

شَوْطَهُ في غَدِ, وَ أَنْهَى الْمَطَافَا

ثُمَّ وَلَّى لِمَشرِقِ الشّمْسِ وَجْهًا

لُيُلَبِّي نِـداءَ (حيفَـا وَيَافَـا)

جَيْشُنَا جَيْشُكُمْ فَمَا طَارَ صَوْتٌ

عَرَبِيٌّ إلاَّ وَطِرْنَـا خِفَافَـا

جُرْحُـنَا مُثْخَنٌ, وَلِكْن سَيَغْدُو

في سَبِيلِ الإخَاءِ جُرْحًا مُعافَى

لَنْ نُطيقَ السَّـلامَ يَومًا وَشِبْرُ

عَرَبِيٌّ عَنِ الْكَـرَى يَتَجَـافَى(39)

وتعانقت الجزائر وفلسطين عناقًا يستمد حرارته من حرارة الحرمان الذي مُني به الشعبان, الجزائري والفلسطيني, فكانت الثورة الجزائرية انطلاقا لكل هذه المشاعر الجريحة في فلسطين وفي الجزائر , وتلاقى المبعدان عن وطنهما لقاء الغريب بالغريب, تلاقى الجزائري والفلسطيني في أكثر من نقطة في الوطن العربي, فكان لقاء الثَّأْرِ بالدم المهدور, لقاء الانتفاضة بالكرامة الجريحة, لقاء العودة للوطن الثائر, والوطن المتأهب للثورة تلاقيا على قمم الأطلس وسفوحه لقاء الثورة الزاحفة, ووضعت اليد في اليد, وتنادت الآمال وتجاوبت الجروح. ولأنَّ الشاعر صالح خرفي قد عاش أحداث الثورة التحريرية في الجزائر , وعاش لحظات الرُّعب والإرهاب, وتابع عن كثب مأساة الشعب الفلسطيني الشقيق منذ الانتداب والاستعمار الصهيوني لفلسطين, فأملت عليه هذه الأحداث عديد الصور التي حفلت بِها مقطّعاته الثلاث المدرجة في هذا البحث, ومنها هذه المقطعة التي هي من قصيدة بعنوان (الجُرح المتجاوب) :

يَا أَخِي في خيامِ غَـزَّةَ في قِمّة

(شليا)(39), جُروحُنا تتنَادَى

نَحْنُ قُرْبانٌ مُدلِجٌ يُنْشِدُ الْفَجْـرَ

فَكُـنَّـا لَهُ مَـنـارًا وَزَادَا

رَعْشَةُ الضّوءِ في سِراجِكَ يَاصَاحِ

أضاءتْ لَهُ الرُّبَى وَالوِهَـادَا

ومِنْ الآهَـةِ الْحَزِينةِ وافَـتْـهُ

مِنَ الْعِـزّ نَغْمَةٌ تَتَهَـادَى

إِنَّنَا نَزْرَعُ الـوُرُودَ عَلَى الدَّرْبِ

وَنَجْني مِنَ الوُرُودِ الْقَتـادَا(40)

فلا عجب أنْ تقرن الجزائر بفلسطين, وتربط معركة فلسطين بمعركة الجزائر , في فترة خانقة لم تزل فيها معركة الجزائر هي الأخرى في كفة القدر, ولكنه الإيمان بالمصير المشترك, لان الشعوب العربية استحالت والى الأبد, شعبا موحدا, مزجت العروبة بين أقطاره في لغة واحدة وحضارة واحدة, وقد أشار صالح خرفي إلى هذا المصير المشترك بين القطرين الشقيقين الجزائر وفلسطين لتعدد أوجه التلاقي والتكامل والتمازج, وبخاصة في الكفاح المسلح ضد الاستعمار الغاشم :

قَـدْ خُلِقْنـا أَنَـا بِقمَّةِ (شليا)

مُسْتَنيرًا بِفَوهَةِ ذاتِ وَقْـدِ

وبخَطِّ الهُجُـومِ أَنْتَ, خُلِقْنَـا

يا أَخَا الثَّأر مِنْ هُنَا لِلتَّحَدِّي

فَاْتُركِ السِّلْمَ لِلْوجُـودِ, وَللِنَّار

خُطانَـا, فسلّمْنَـا رَفْعَ بَنْدِ

يا فَلَسْطِينُ, إنْ لَمَحْتِ قَتَامَـا

فَاعْرفِي أنَّنِي وَفَيْتُ بِوَعْـدِي(41)

أمَّا الشاعر أحمد سحنون, فقد تأثر هو الآخر بفكرة تقسيم فلسطين من قبل الأنجليز بين الصهاينة والعرب سنة 1947 م, تنفيذًا لمؤامرة صهيونية بريطانية, فكتب قصيدة شعرية بعنوان فلسطين يحذِّرُ فيها الفلسطينيين من قَبوُلِ هذا التقسيم, ويدعوهم إلى الثورة, يقول :

فَداكَ الْعِدَى لا تَقْبلي قسْمةَ الْعِدَى

ولِلْمـوتِ سِيرِي لاَ تَبِيتي عَلَى ذُلِّ

ولاَ تَحْفَلي بِالنَّاسِ إنْ جَارَ حُكْمُهُم

عَلَيْكِ فِـإنَّ اللهَ يحكُـمُ بِالْعَـْدلِ

وخَلْفَكِ جَيْشٌ مِنْ بَنِي الْعُربِ رَابِضٌ

ليُبْعِدَ عَنْ أرْضِ الْهُدَى عَابِدى العجل

لَقَدْ جدّ جدُّ العربِ فَاقْتَحِمُوا الْوَغَى

وَلا تَدْفَعُوا جِدَّ الحَـوادثِ بِالْهَـزْلِ(42)

وقد ختمها بنداء إلى أغنياء المسلمين والى شعراء العرب ليقفوا إلى جانب القضية الفلسطينية... حيث يقول:

وَيَـا أَغْنياءَ الْمُسِلمينَ تَسابَقُـوا

إلى الْبَذْلِ والإيثَار ذي سَاعَةِ الْبَذْلِ

ويَا شُعَراءَ الضَّادِ حُثُوا شُعوبَكُمْ

بِشِعْرٍ يُـداوِيهَا مِنْ الْجُبْنِ وَالبُخْلِ

فَمَا الشِّعرُ إلاَّ ثَـوْرةٌ غَيْرَ أنَّهَا

تَصُولُ بِلا كَفٍّ وَتَسْعَى بِلاَ رِجْلِ(43)

ولأحمد سحنون قصيدة أخرى بعنوان " شباب محمد " يتحدَّثُ فيها عن الشباب العربي, ويركّز على الإيمان, ويربط بينه وبين استرداد فلسطين, وأنَّ الإيمان بالقيم الإسلامية هو السبيل إلى المحافظة على فلسطين , وفي القصيدة إشادة بأخلاق العرب وشجاعتهم, وَلَمْ يَنْسَ أخلاق الصهاينة الذين سخر منهم ونعتهم بالذباب, فيقول :

لَقَدْ شَبَّتْ بِأَرْضِ الشَّرْقِ نارُ

لَهَا في الْقِبْلَة الأولى الْتِهَابُ

وأَنْتُمْ خَيْرُ مَنْ خَاضُوا لَظَاهَا

فكَيْفَ يَروعكُم هذَا الذُّبابُ

سَيَغْدُ والمُوقِدُونَ لَهَا وُقُودَا

ومَنْ رامَ الخَرَابَ له الْخرَابُ(45)

وهناك شاعر آخر أريد أن أضيفه إلى هذه الأسماء وهو الربيع بوشامة(46), يسير في الاتجاه نفسه, اتجاه قضايا النضال وقضايا الثورة, وقد استنكر هو الآخر تقسيم فلسطين , فخاطب العرب متسائلا : " ماذا يرجون بعد الذي جرى ؟ ووضعهم أمام أمرين لا ثالث لهما إما أن يقاتلوا من أجل الشرف والعزة و إمَّا أن يتقبلوا العيش الحقير, ويصرخ الشاعر في وجه العرب الذين يرضون بطمأنينة العيش, بينما فلسطين صارت قطعة من جحيم, ويدعوهم إلى نصرتِها " (48), يقول :

أيُّهَا العربُ أمّة الْمَجدِ والْعَلْـ

ياءِ مَاذَا تَرْجُونَ غَيْر التَّفَـانِي

إنَّهُ الْمَوْتُ فِي الْكَرامَةِ والْعِـ

زِّ, أو الْعَيْشُ في الشَّقا والْهَوانِ

كَيْفَ تَرْضَوْنَ عَيْشَ أَمْنٍ وَخَيْرٍ

وَفَلَسْطينُ في الْجَحِيم تُعَـاني

فانْهَضُوا لِلْفِدَا وَلَبُّوا سِرَاعًـا

دَاعِي الله مِنْ سَمَا الأكْوَانِ(48)

وفي قصيدة أخرى بعنوان " صوت الجهاد " يدعو فيها الشباب العربي إلى الجهاد والكفاح لاسترجاع فلسطين المغتصبة, حيث يقول:

فَتَى الْعُربِ هيّا فَلَبِّ النِّدَا

وَلاقِ الْمنَايَا بِسـاحِ الْفِـدَا

فَلسْطِينُ في النّار نَهْبَ الْعِدَا

تُنَادِي الْجِهادَ الجهَادَ الْجِهَادَ(49)

وعلى غراره ينسج الشاعر موسى الأحمدي(50), قصيدة بعنوان " فلسطين تناديكم للجهاد ", ويسير في الاتجاه الثوري, فيتغنى بفلسطين وبعروبتها ويشيد بكفاح أبنائها, ويدعو للجهاد, ويتجلى ذلك في هذه الأبيات المفعمة بنفس الثورة وبشجونِها, فيقول :

فَلَسْطينُ نَادتْكُم لِلْجهاد

فَلَبُّـوا النِّـدا يا حُـمـاةَ البِلاَد

وهَبُّوا جَمِيعًا سِراعًا إلى

حِمَى يَعْـُربٍ وانْفِـرُوا للِطِـراد

ومَدُّوا النُّفوسَ إليها فِدَى

فَتِلْكُمْ - بَني الْعُربِ - أرْضُ الْمَعَاد(51)

أمَّا الشاعر محمد بوزيدي (52) فقد رافق القضية الفلسطينية في جميع مراحلها وأطوارها, وكان يستغل كل مناسبة لتأييدها وتمجيدها على نحو ما وَرَدَ في قصيدته الموسومة بـ"جيش العرب ينتصر" وقد أُلْقيت في الإذاعة الجزائرية في بدء معركة جوان 1967 م, وبعثت الجزائر فيالق وعتادًا ضخمًا للمشاركة في المعركة, وألقى الرئيس الجزائري هواري بومدين خطابا يحث فيه الجيوش العربية على مواصلة المعركة حتى النصر أو الاستشهاد, يقول الشاعر :

اللهُ أكْبَرُ جَيشُ الْعَربِ يَنْتَصِر

على الطُّغاةِ, وجَيْشُ الْغَدرِ يَنْدَحِر

وَقَدْ أَطَلَّتْ عَلَى (يافا) فَيالِقُنا

مِثْلُ العَمالِقِ, مِثْلُ الرَّعْـدِ تَتَفَجُّر

للثَّأْرِ سارَتْ مَعَ الأحْرارِ صَاعِقَةٌ

لِلنَّصْرِ عـاصِفَةٌ, تَغْـُزو وَتَنْتَشِر

يا فَرْحةً حَضَرتْ للعربِ غـالِيةً

عِشْرونَ عامًا وجَيْشُ الْعَربِ يَنْتَظر

فالْيَوم مَوْعِدُنَا صهيون نُحَطِّمُها

في تَل أبيبِ, وجيش الْخَصم يَحْتَضر(53)

وفي 30 جوان 1967 م وقف الشّـاعرُ نفسه يخـاطب الفلسطينيين بقصـيدة موسـومـة بـ "الفلسطيني ", وقد توحدت نبرة الشاعر بنبرة الشعب الفلسطيني كله, حيث قال :

لاَ تودِّعْني وَقَدْ حـانَ الْوَداعُ

واجبُ العُرْبِ يُنَادي لِلّدِفَاع

ألْهِبِ الْمَيـدانَ نـارًا تَتَلَظَّـى

حَرِّرِ القُدْسِ وأَقْداسَ الْبِقاع

لاَ تَقُلْ سالتْ دُمُوعِي خَوْفَ ثَكْل

إنَّمَا دَمْعي يُنَادِي الْقُدْسَ ضَاع

فَإِلى الميـدان يَـا أَغْلى حَبِيبٍ

لاَ تُفَكِرْ في الثكالى والجيـاع

لَمْ يَعِشْ في الْمَجْدِ مَنْ كَانَ جَبَانَا

إنَّما الْمَجْدُ لِمَنْ بِالرُّوحِ باع(54)

وفي شهر أوت (آب) من سنة 1974 م انعقد المؤتمر الثالث للطلبة الفلسطينيين في قصر الصنوبر بالجزائر, وفي اختتام المؤتمر ألقى الشاعر قصيدة شعرية بعنوان " طعنة الغدر " وتقع في أربع وثلاثين بيتا, مطلعها :

مِنْ صَمِيمِ الْبَدْءِ مِنْ غَيْبِ السَّماء

أَنْتَ وَحْيُ اللهِ أرْضُ الأنْبِياء

وفيها يقول :

أرْضُ قُدْسِي أرْضُ عَدْنَانَ وإنّي

مِنْ تُرابِ الْقُدْسِ عَظْمي وَدِمَائِي

مِنْك لَحْمِي يَا فَلَسْطينُ وَرُوحِي

أنَا جُـزْءٌ مِنْك يا أَرْضَ الضّياء

يَا فَلَسْطينُ أَرَاك الْيَومَ حَـرْبًا

وَصُمودًا حَوْلَ أَقْدَاسِ اللّـواء

وآخرها قوله:

فَابْعَثُوهَا مِنْ جَدِيدٍ أَرْضَ عُرْبٍ

يَسْطَعُ الْقُدْسُ بِنُورِ الأنْبِياء(55)

وهناك شعراء آخرون نسجوا على نفس المنوال, فتغنوا بفلسطين, وبعروبتها, وأشادوا بكفاح أبنائها, أمثال : أحمد الطيب معـاش, وعبد الكريم العقـون, ومحمد الأخضر السـائحي, ومحمد أبو القاسم خمار, وعمر البرناوي, وغيرهم(56).

ملاحظات ختامية :

لا أريد أن أطيل اكثر من هذا في عرض هذه النماذج الشعرية (غير المستقصاة), من الشعر الذي تجاوب فيه الجزائريون مع إخوانِهم الفلسطينيين, وقد اجتهدنا في التنقيب عنه في جملة من المظان, آثرنا تجميعه في هذه السطور, واكتفينا ببعض المقطعات والقصائد دفعا للسآمة والملل. وهناك مجالات أخرى لم أَشَأْ أن أتحدث عنها, فهناك نثر, ومقالات, وأبحاث عن فلسطين, والنضّال الفلسطيني, ولكن أردت فقط أن أتحدث عن الملامح العريضة لهذا الشعر, وأنْ أشير إلى أهم الخصائص الفنية العامة فيه من خلال الملاحظات الآتية :

  • 1- من حيث المنهج : فبعد استعراض نماذج مختلفة ومتعددة من شعر الشعراء الجزائريين الذين تجاوبوا مع قضية فلسطين تبين ان هؤلاء الشعراء لم يلتزموا بمنهج الشعر العربي القديم من حيث تعدد الأغراض وتشعب الموضوعات, فشعرهم موحد الغرض في القصيدة الواحدة أو المقطعة الواحدة, فهم يدخلون إلى الموضوع مباشرة من غير مقدمات, ويبدو أن الشعر الثوري لا يلتئم مع الفنون الأخرى لا سيما إذا كان مصدرها عاطفة اللذة كالغزل مثلا...
  • 2- يلاحظ أنَّ الشعر الثوري لدى الشعراء الجزائريين صادق العاطفة غير متكلف لأن هؤلاء الشعراء كانوا يؤمنون بعدالة القضية الفلسطينية ويحرصون على الثورة ضد المغتصبين الصهاينة فكانوا يهدفون, إذن, إلى التعبير عن شعورهم عن هذه القضية التي يعتبرونَها قضيتهم, ولم يكونوا يستغلون هذا الحديث عن الثورة للوصول إلى أهداف أخرى كالمدح مثلا, كما كان يفعل بعض الشعراء المغاربة, وغيرهم... ولكنهم كتبوا هذا الشعر عندما عناهم المصاب وأثارتهم اللوعة, فعبرّوا بحرارة وصدق عاطفة, عاطفة شعراء مكلوميّى الأفئدة في الغالب, عانوا من بطش الاستعمار الفرنسي كما عانى الفلسطينيون من جبروت الاستدمار الصهيوني...
  • 3- أمَّا الأسلوب ففي جملته سهل, يمتاز بالموسيقى الحزينة والرنة الواجمة, والأنة الوجيعة, وهو يختلف من شاعر إلى آخر, فأسلوب مفدي زكرياء مثلا, جزل قوي, ومتأثر بالقرآن الكريم إلى حد كبير, ويغلب عليه اللفظ القرآني, وكذلك أسلوب محمد العيد آل خليفة, وأسلوب احمد سحنون, أمَّا أسلوب صالح خرفي فركيك أحيانا وبخاصة في قصيدته (الجرح المتجاوب), ومرد ذلك أن خرفي كان باحثا اكثر منه شاعرا, أمَّا أسلوب محمد بوزيدي فسلسٌ وألفاظه واضحة مألوفة, فأسلوبه متين السبك, جميل اللفظ, مشرق الديباجة عفوي التعبير, مطرب النغم.
  • 4- بالنسبة لطول النفس وقصره, لقد طالت قصائد بعض الشعراء كيائية مفدي زكرياء التي بلغت تسعين بيتا ورائيته التي بلغت تسعة وأربعين بيتًا, وهمزية محمد بوزيدي التي بلغت أربعة وثلاثين بيتا, أما بقية الأشعار التي وصلت إلينا فمقطّعات وقصائد قصيرة.
  • 5- أما بالنسبة لاتجاه الشعراء الجزائريين الذين أشادوا بانتفاضة الشعب الفلسطيني عبر مراحله المختلفة, فنلاحظ أن معانيهم تميزت بالطابع الإسلامي, والسير في الاتجاه التاريخي, والتركيز على أمجاد العروبة وأنَّها عادت, ثم تصويرًا ضَافيا لمشاهد من الكفاح الذي عانته فلسطين...

6- إنَّ الشعر الثوري يحفز على النضال لان صوره الفنية تتغلغل إلى أعماق النفس, وتلتصق بِها بقدر ما يدخره الخطاب الأدبي من فن, وكذلك بلاغة معانيه, ولأنَّ أثره لا يمحى...

الهوامش :

(1) اُنظر الدكتور عبد الله ركيبي : فلسطين في النثر الجزائري الحديث, مجلة الثقافة الجزائرية, العدد : 27, جوان - جويلية, 1975 م, ص : 37.

(2) الدكتور عبد الله ركيبي : المرجع نفسه, ص : 38. واُنظر أيضا كتابه : قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, ص : 41 - 42, المؤسسة الوطنية للكتاب, الجزائر, 1983 م.

(3) بلفور (BALFOUR) 1884 - [[1930) م سياسي انجليزي صهيوني, رئيس الـوزراء 1902 م, ثم وزير الحارجية 1917 م, أصدر وعد بلفور الذي ضمنّه حق اليهود بإنشاء وطن قومي في فلسطين سنة 1917 م.

(4) نقلا عن صالح خرفي في كتابه : الجزائر والأصالة الثورية, ص : 49, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, الجزائر, 1977 م.

(5) صالح خرفي : المرجع نفسه, والصفحة نفسها.

(6) محمد العيد آل خليفة شاعر جزائري معاصر من مواليد 28/08/1904 م بعين البيضاء بالشرق الجزائري. حفظ القرآن الكريم في بلدته, ثم واصل دراسته متنقلا بين بسكرة وتونس (جامع الزيتونة). كان يلقب بشاعر الشباب, وشاعر الشباب الإفريقي. رافق شعره النهضة الجزائر والعربية خلال القرن الماضي. من أثاره : ديوان شعر مطبوع, ومسرحية بلال بن رباح (مسرحية شعرية) وغيرهما. توفى سنة 1979 م.

(7) د. عبد الله ركيبي : قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, ص : 56 - 57.

(8) ديوان محمد العيد, ص : 374, المؤسسة الوطنية للكتاب, الجزائر , 1992 م.

(9) د.عبد الله ركيبي : المرجع السابق, ص : 58.

(10) محمد العيد : الديوان, ص : 314.

(11) محمد العيد : الديوان, ص : 381- 388.

(12) د.عبد الله ركيبي : المرجع السابق, ص : 60.

(13) نفسه, ص : 60.

(14) محمد العيد : الديوان, ص : 388.

(15) محمد العيد : الديوان, ص : 334.

(16) محمد العيد : المصدر نفسه, والصفحة نفسها.

(17) محمد العيد : نفسه, ص : 335.

(18) أحمد سحنون : شاعر جزائري معاصر من مواليد 1906 أو 1907 م بقرية (ليشانة) ولاية بسكرة, تتلمذ عن والده وشيوخ عصره خاصة الشيخ محمد خير الدين, ثم اتصل بعبد الحميد بن باديس رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين, ونشر شعره في جرائد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين كالشهاب والبصائر. طبع ديوانه سنة 1977 م في الشركة الوطنية للنشر والتوزيع.

(19) محمد العيد : الديوان, ص : 330.

(20) محمد جريدي : شاعر جزائري معاصر, نشر بعض قصائده في جريدة البصائر التي تصدر عن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين, واحتفظ بالبعض من غير نشر... (اُنظر صالح خرفي : الجزائر والأصالة الثورية, ص : 50 هامش 11).

(21) صالح خرفي : المرجع نفسه, والصفحة نفسها.

(22) صالح خرفي : المرجع نفسه, والصفحة نفسها.

(23) كلجنة الدفاع عن فلسطين برئاسة الأديبين : الشيخ الطيب العقبي والشيخ الأمين العمودي (اُنظر حواس بري : شعر مفدي زكرياء (دراسة وتقويم) ص : 138, ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر, 1994 م).

(24) الدكتور عبد الله ركيبي : قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, ص : 65.

(25) صالح خرفي : المرجع السابق, ص : 51.

(26) هو مفدي زكرياء بن سليمان من مواليد أفريل 1913 م ببني يزقن بوادي ميزاب (غرداية) الجزائر, حفظ القرآن الكريم في بلدته, وفي السابعة من عمره انتقل إلى مدينة عنابة بالشرق الجزائري, ومنها أرسل إلى تونس ضمن البعثة الميزابية, حيث درس في الخلدونية ثم التحق بجامع الزيتونة. كان ثوريا وسياسيا ثائرا على الاستعمار الفرنسي, سُجن عدة مرات, فذاق ألوانا من العذاب, فرّ من السجن سنة 1959 م, والتحق بصفوف جبهة التحرير الوطني خارج الجزائر. توفي في أوت 1977 م بتونس, ونقل جثمانه إلى مسقط رأسه ببني ميزاب.

له العديد من المؤلفات والدواوين الشعرية بين مطبوع ومخطوط ومنشور في الصحف والمجلات. من دواوينه المطبوعة : اللهب المقدس (طبع سنة 1961 م) وتحت ظلال الزيتون (طبع سنة 1966 م), ومن وحي الأطلس (طبع سنة 1976 م), وإلياذة الجزائر (طبعت سنة 1973 م). وهو صاحب النشيد الرسمي للثورة الجزائرية والدولة الجزائرية المستقلة " قسما " والذي نظمه سنة 1955 م, ولحنَّه الموسيقار المصري محمد فوزي. وهو أيضا صاحب أناشيد النضال والثورة الأخرى : نشيد جيش التحرير الوطني, ونشيد الشهداء الجزائريين, وسائر الأناشيد الوطنية للطلبة والعمال وغيرهم (اُنظر : رابح خدُّوسي : موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين, ص : 260, دار الحضارة, الجزائر, 2003 م).

(27) يحي الشيخ صالح : شعر الثورة عند مفدي زكرياء - دراسة فنية تحليلية - , ص: 138, دار البعث, قسنطينة, الجزائر, 1987 م.

(28) مفدي زكرياء : اللهب المقدس, ص : 336 - 337.

(29) يحي الشيخ صالح : المرجع السابق, ص : 139.

(30) مفدي زكرياء : المصدر السابق, ص : 338.

(31) مفدي زكرياء : المصدر السابق, ص : 342.

(32) مفدي زكرياء : المصدر السابق, ص : 394.

(33) مفدي زكرياء : من وحي الأطلس, ص : 34, مطبعة الأنباء, المغرب, 1976 م.

(34) الدَّمْنَةُ : جمع دِمَن : آثار الديار وآثار الناس وما سودوا. وهنا المزبلة.

(35) مفدي زكرياء : المصدر السابق, ص : 43 - 44.

(36) مفدي زكرياء : المصدر السابق, ص : 44 - 45. والغار : هنا شجرٌ ينبت بريا دائم الخضرة يصلح للتزيين, وهو الرند, وكان الرومان يتخذون منه إكليلا يتوجون به القائد المظفر أو الشاعر المُفْلِقُ, رمزًا لمجده.

(37) صالح خرفي : شاعر جزائري معاصر من مواليد 1932 م بالقرارة (غرداية), متحصِّلٌ على شهادة دكتوراه الدولة في الأدب العربي. أستاذ بجامعة الجزائر وبعض الجامعات العربية, توفى سنة 1999 م. من مؤلفاته : صرخة الجزائر الثائرة (شعر), أنت ليلاي (شعر), أطلس المعجزات (شعر), شعراء من الجزائر (دراسة), شعر المقاومة الجزائرية (دراسة) صفحات من الجزائر (دراسة)...

(38) صالح خرفي : الجزائر والأصالة الثورية, ص : 52.

(39) شليا : قمة جبال الأوراس.

(40) صالح خرفي : الجزائر والأصالة الثورية, ص : 52 (الشعر والتعليق). وديوانه : أنت ليلاي, ص : 144, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, الجزائر, 1974 م.

(41) صالح خرفي : المرجع نفسه, ص : 53.

(42) أحمد سحنون : الديوان, ص : 128, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, الجزائر , 1980 م.

(43) أحمد سحنون : المصدر نفسه والصفحة نفسها.

(44) اُنظر د.عبد الله ركيبي : قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, ص : 64.

(45) أحمد سحنون : الديوان, ص : 67.

(46) الربيع بوشـامة : شاعر جزائري من مـواليد 1916 م بقنـزات من بني يعلي (القبائل الصغرى),تتلمذ على يد الشيخ عبد الحميد بن باديس, وشـارك في الحـركة الإصـلاحية, قبض عليه في حـوادث 8 ماي 1945 م من قبل الاستعمار الفرنسي, وذاق أشد ألوان التعذيب, التحق بجيش التحرير الوطني وقبض عليه ثانية, وأعدم بدون محاكمة سنة 1959 م.

(47) الوناس شعباني : تطورات الشعر الجزائري منذ سنة 1945 م حتى سنة 1980 م, ص : 57, ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر , 1983 م.

(48) اُنظر القصيدة في البصائر, العدد : 35, 10 أيار (ماي) 1948 م, ص : 07 اقتبسه الوناس شعباني في المرجع السابق, ص : 57.

(49) د.عبد الله ركيبي : قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, ص : 65.

(50) موسى الأحمدي نويوات : شاعر وباحث جزائري من مواليد 1903 م بالطبوشة بلدية أولاد عدي في الحضنة (المسيلة). من مؤلفاته : المتوسط الكافي في علمي العروض والقوافي, ومعجم الأفعال المتعدية بحرف, وديوان شعر. توفى في نهاية التسعينيات من القرن الماضي.

(51) د.عبد الله ركيبي : المرجع السابق, ص : 99.

(52) محمد بوزيدي : شاعر جزائري من مواليد 1934 م بمدينة الجزائر العاصمة. حفظ القرآن الكريم وعمره عشر سنوات. تعلم على يد الشيخ محمد العيد آل خليفة, التحق بالثورة التحريرية (مجاهدا) سنة 1957 م. ابتداء من سنة 1958 م أصبح عنصرًا أساسيا في إذاعة صوت الجزائر التي كانت تبث برامجها من تونس. توفى رحمه الله قي 10 أوت (آب) 1994 م.

(53) محمد بوزيد : صوت الجزائر (ديوان شعر), ص : 105, نشر المكتبة الوطنية الجزائرية, 1997 م.

(54) محمد بوزيد : المصدر نفسه, ص : 99.

(55) محمد بوزيد : المصدر نفسه, ص : 101 - 102.

(56) اُنظر : د.عبد الله ركيبي, قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, ص : 99 وما بعدها. ومحمد الطيب معاش : مع الشهداء, ص : 232 وما بعدها.

المصادر والمراجع :

(57) أنت لبلادي (ديوان شعر), لصالح خرفي, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, الجزائر, 1974 م.

(58) تطور الشعر الجزائر منذ سنة 1945 م حتى سنة 1980, تأليف الوناس شعباني, ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر, 1983 م.

(59) الجزائر والأصالة الثورية, تأليف صالح خرفي, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, الجزائر, 1977 م.

(60) ديوان أحمد سحنون, الشركة الوطنية للنشر والتوزيع, الجزائر, 1977 م.

(61) ديوان محمد العيد آل خليفة, المؤسسة الوطنية للكتاب, الجزائر, 1992 م.

(62) شعر الثورة عند مفدي زكرياء, دراسة فنية تحليلية, تأليف يحي الشيخ صالح, دار البعث, قسنطينة, الجزائر , 1987 م.

(63) شعر مفدي زكرياء (دراسة وتقويم) تأليف الحواس بري, ديوان المطبوعات الجامعية, الجزائر , 1994 م.

(64) صوت الجزائر (ديون شعر), لمحمد بوزيدي, نشر المكتبة الوطنية, الجزائر, 1997 م.

(65) قضايا عربية في الشعر الجزائري المعاصر, تأليف الدكتور عبد الله ركيبي, المؤسسة الوطنية للكتاب, الجزائر , 1983 م.

(66) اللهب المقدس (ديوان شعر), لمفدي زكرياء, بيروت 1961 م.

(67) مع الشهداء (ديون شعر), لمحمد الطيب معاش, طبع بالجزائر, 1991 م.

(68) من وحي الأطلس (ديوان شعر), لمفدي زكرياء, طبع بالمغرب, سنة 1976 م.

(69) موسوعة العلماء والأدباء, تأليف رابح خدُّوسي, دار الخضارة, الجزائر, 2003 م.

  • د.سعد بوفَلاَقة كلية الآداب, جامعة عنابة, الجزائر