في الجلسة الـ26 لمحاكمة الشاطر وإخوانه.. تفاصيل سقوط الشاهد أمام هيئة الدفاع
كتبت- حبيبة فرج
في جلسة طويلة مثيرة، مليئة بدلائل التزوير، ومؤشرات واضحة للرغبة في تثبيت التهمة على معتقلي الإخوان ، أجَّلت المحكمة العسكرية الجلسة الـ26- المنعقدة بالهايكستب بشرق القاهرة - محاكمةَ قيادات الإخوان الـ40، وعلى رأسهم محمد خيرت الشاطر النائب الثاني للمرشد العام للجماعة، إلى يوم الثلاثاء السادس من نوفمبر الجاري.
وتم خلال الجلسة استجواب رئيس اللجنة المالية سعد الدين رجب، والذي حضر منفردًا دون العضوَيْن الآخرَيْن للجنة، واستمر استجوابه لأكثر من ساعتَين متواصلتَين، حرص فيهما على عدم إشاحة وجهه عن القاضي، وعدم النظر طوال الساعتين إلى عضو هيئة الدفاع الذي كان يستجوبه حتى لو كان يدله على شيء في أوراق التقرير، ولم يستطع- رغم ذلك- أن يُخفِيَ التناقض في شهادته، والأخطاء التي وقع فيها وتسبَّبت في مطالبة هيئة الدفاع بتوجيه تهمة التزوير إليه فورًا.
وفي بداية المرافعات طالب محمد طوسون (عضو هيئة الدفاع)- اختصارًا للوقت وحفاظًا عليه، بعد أن ضاع كثيرٌ منه في مناقشة الشاهد نفسه من قبل- بألا يتم استجواب الشاهد بعد أن تأمر المحكمة بعدم قبول التقرير، وذلك لأسباب منها أن التقرير كان يصلح في قضية تهرب ضريبي مثلاً، مشيرًا إلى أن القضية لها أبعاد سياسية وإعلامية واضحة..
إلا أن القاضي قاطعه مكتفيًا بقوله: "أي استفسارات في التقرير؟! كلامك أجله للمرافعة.. نحن نناقش التقرير الآن"، وهو ما يعني الرفض الضمني الواضح لطلب طوسون، الذي انضمت إليه هيئة الدفاع كلها، مؤكدةً أن القاضي إذا أصرَّ على عدم استبعاد التقريرَين، فإن هيئة الدفاع سوف تستمر في مناقشة التقرير.
وبدأ القاضي يوجِّه للشاهد أسئلةً: هل اطَّلَعْتَ على المستندات جميعها؟! فأجاب رجب: نعم، وأثبتُّها بالتقرير، فعاد القاضي وسأله: الاطِّلاع كان جماعيًّا أم انفرد كلٌّ منكم بجزء؟ فأكد رجب أن الاطِّلاع تمَّ بكامل تشكيل اللجنة، وهو ما ثبت بمحاضر أعمالهم بالتقرير الوارد، وأضاف رجب أن المستندات التي قُدِّمت لم تُغَيِّر شيئًا في رأي اللجنة المتمثِّل في التقرير الأول.
ثم وجه القاضي سؤالاً مهمًّا، كان نصه: أوردتم حاجات لم تحدَّد: محل الشركة إيجار أم تمليك؟! فأجاب رجب بأن الأوراق التي قُدِّمت من المتهمِين في خلال المرحلتين لم توضِّح.. وهنا صرَّحت المحكمة للدفاع الموكَّل بالاطِّلاع على أصل محاضر الأعمال التي أجرتها اللجنة، والتي قدمتها وسلمت صورة طبق الأصل منه بالجلسة السابقة.
ثم سأله القاضي: أشرتم إلى بعض الشركات ولم تحدِّدوا نسبة الشريك المتهم فيها؟! فأجاب رجب بأن الشركات هي شركات مساهمة، عرضة للتداول، وحتى يتم تحديد عدد الأسهم الخاصة بالشريك المتهم نحتاج إلى بيان من شركة مصر، وهي لا تتعامل سوى مع أصحاب الشأن أو مع القرارات الصادرة من الجهات التي لها هذه الصفة.
وهنا انتهى القاضي من استجواب رجب، وقبل بدء هيئة الدفاع استجوابه، أعلن سعد أن هناك بعض الأخطاء الناتجة عن ما أسماه "أثناء الطباعة"، وطلب من القاضي تصحيحها، فأخذ يصححها معه حتى وصلت إلى خمسة أرقام كاملة، وطلب إصلاح كلمة "إيجار" إلى "تمليك " في إحدى الشركات.
وهنا التقط الخَيط حازم أبو إسماعيل (عضو هيئة الدفاع) الذي تألَّق في هذه الجلسة، من خلال استجوابه الشاهدَ ساعتَيْن متواصلتَيْن، كان فيهما الشاهد مراوغًا، ويجيب أجوبةً عامةً غيرَ واضحة، إلا أن أبو إسماعيل كان- بكل هدوء- يطلب الإجابة مرةً واثنتين وثلاثًا، ويشرح للقاضي غرضه ومقصده مرات.
ووجَّه حازم أبو إسماعيل سؤالاً للشاهد حول كيفية توصله لمعلومة أن المحل أو العقار المقصود تمليك وليس إيجارً؟! فأجاب رجب بسرعة وبكل هدوء بأنه حصل على صورة ضوئية من عقد البيع الابتدائي لهذا المحل وأنه مرفق بالتقارير الفنية، وكانت تلك "سقطة رجب الأولى"؛ حيث هبَّ المهندس خيرت الشاطر طالبًا إثبات أن رئيس اللجنة استند إلى التقارير الفنية التي كان قبل ذلك قد قال أمام هيئة المحكمة "لا أعتمدها".
فقال سيد جاد الله (عضو هيئة الدفاع) موجِّهًا كلامه للقاضي: من الواضح أن ما يقال أمام عدالتكم شيءٌ وما يحدث شيء، فلنتناقش في التقارير الفنية ما دامت اللجنة المالية تستعملها؛ فالتقرير غير قائم على أي أعمدة، وهو ما اضطُّرَّ القاضي إلى توجيه سؤال واضح لرجب، قائلاً: "هل اعتمدت في أداء تقاريرك على التقارير الفنية؟"، فقال رجب مجيبًا: اللجنة لم تعتمد على التقارير الفنية ولم يرد ضمن عناصر الفحص أيُّ تقارير خاصة باللجان الفنية، ولكن أثناء قيام اللجنة بالاطِّلاع على الأوراق من أجل تحديد هل المحل إيجار أم تمليك، تمَّ الاطلاع على المستندات المرفقة، ومنها التقارير الفنية، وهذه المستندات حصلت عليها اللجنة من خلال الانتقال إلى مقار العقارات بعد الحصول على الطلب الموجَّه إلى رئاسة مصلحة القطاع بندب هذه اللجان لمعاينة أي عقار؛ فالندب لم يتم إلا بأمر القطاع بالتكليف.
الطريف أن محمد طوسون (عضو هيئة الدفاع) قد تدخل في تلك اللحظة، موجهًا سؤاله للقاضي: "هل أفهم أن طلبي باستبعاد التقرير قد رفض؟!" فأجاب القاضي مبتسمًا: "إحنا بنسمع الشاهد"؛ مما يعني أن هيئة المحكمة اتخذت قرارَها دون مداولة!!.
وتدخل ناصر الحافي (عضو هيئة الدفاع) موجهًا كلامه للقاضي، ثم إلى وكيل نيابة أمن الدولة، قائلاً إنه منذ خمس جلسات كان هناك قرارٌ يسمَّى 7050 الصادر عن وزارة العدل (وهو القرار الخاص بتشكيل اللجنة المالية وندبها)، أين هو يا ريس؟! فقال وكيل النيابة- وهي المرة الأولى منذ بدء الجلسات العسكرية التي يتحدث فيها- ليس موجودًا، فأمر القاضي وكيل النيابة أن يكون القرار موجودًا بالجلسة القادمة.
فأشار الحافي إلى القاضي بأنه لا يجب الاستماع إلى الشاهد في حالة عدم وجود القرار، ثم طالب الحافي أيضًا بتقرير نيابة أمن الدولة المجمَّع عن المضبوطات، فأمر القاضي وكيل النيابة أن يكون التقرير موجودًا بالجلسة القادمة أيضًا، ثم طالب الحافي أيضًا بالتقرير الذي يؤكد اختفاء محتويات خزنة حسن مالك، ووجَّه القاضي أمره لوكيل النيابة العسكرية الذي بدوره كرَّر كلمة "حاضر"، وأخيرًا طالب الحافي بالاطِّلاع على التقرير المجمَّع للجنة الخبراء، الذي سُلِّم للقاضي بالفعل بالجلسة السابقة.
تعديل لا يجوز
وهنا عاد حازم أبو إسماعيل لاستجواب الشاهد لما يقارب الساعتَيْن، فبدأ بالتحفُّظ على ما أورده الشاهد من أرقامٍ تمَّ تعديلها.. لا يجوز أن يسقط عليه وصفُ الأخطاء المادية، وبالتالي لا يجوز إجراء تصحيح لها في التقرير، ولا أعتبرها مطروحةً ضمن أوراق الدعوة إلا عبر إجراء صحيح، وهو ما لا وجود له.
ودفع أبو إسماعيل بأن ولاية اللجنة المنتدَبة قد انتهت قبل إجراء هذه التصحيحات، ولم يعد لها إجرائيًّا حقُّ إضافةِ أو تعديلِ أيِّ شيء ورَدَ في التقرير، كما دفع بأن كافة ما طرحه الشاهد من تعديلات ينطبق عليه لفظ التعديل، ولا ينطبق عليه لفظ التصحيح، مشيرًا إلى أن إضافة أوراق التقرير إلى أوراق الدعوى لا يمكن قانونًا، وإن رأت المحكمة أن تعطي اللجنة فرصةً للتصحيح، ولكن ما حدث ليس بتصحيح.
وقاطع الدفاع أحمد الحمراوي (عضو هيئة الدفاع) ليضيف أن سعد رجب لا يملك لا التصحيح ولا الادِّعاء بأن هناك خطأً ماديًّا؛ إذ إنه أقرَّ بأن اللجنة "مجتمعةً" هي التي أصدرت التقرير، فلا يجوز لرجب أن يتخذ قرارًا منفردًا.
اليمين
وفي سقطة أخرى للشاهد من خلال سؤال وجَّهه له سيد السبكي (عضو هيئة الدفاع) حول أن هناك شركاتٍ لم يبيِّنْ هل هي إيجار أم تمليك، والعبرة بعقود الشركة، فأجاب رجب بأنه لم يحصل على عقود الشركات والتي لم تحدد رأس مال الشركة، فهبَّ د. عبد الرحمن سعودي واقفًا، وقال: "لم يطلبها يا ريس"، فقال السبكي مضيفًا: "رغم تصريح المحكمة"، فوجَّهت المحكمة استفسارًا لرجب الذي قال: "مفيش جديد تقدم في المستندات بالتقرير الثاني، ولو كانت حَوَت جديدًا لذكرناها في التقرير الثاني".
وهنا طلبت هيئة الدفاع من المحكمة تذكير الشاهد بأنه قد حلف اليمين، وردَّ القاضي موجِّهًا كلامه للشاهد: "مهو الشاهد فاكر طبعًا إنه حالف اليمين".
خطأ مطبعي!
وعاد الخيط إلى أبو إسماعيل الذي قال للقاضي- قاصدًا الشاهد-: إن الدوران حول السؤال وتهرُّب الشاهد من الإجابة ليس من الصالح في شيء، ثم طلب أبو إسماعيل من الشاهد تقديم دليل للهيئة الموقَّرة على أن التعديلات في الأخطاء المادية التي وردت بالتقرير تمَّت بالتداوُل مع الخبيرَيْن الآخرَيْن، عضوَي اللجنة المالية المتغيبَيْن عن الجلسة، فضلاً عن رؤسائه، وهم موافقون عليها؟!
فأصرَّ الشاهد على أن البيانات الصحيحة (الأرقام الجديدة) ثابتة بالتقرير، وما يثبت من أخطاء هو خطأ بالطابعة، والعبرة بمحاضر الأعمال والمستندات، وهنا تساءل أحد المتَّهَمين: هل كلمة "إيجار" التي تغيَّرت إلى "تمليك" خطأ طباعة؟!!
واستكمل أبو إسماعيل استعراضَ ما وصفَه بالعوار الموجود بالتقرير من وجهة نظر هيئة الدفاع، وبدأ في تضييق الخناق على الشاهد، فسأله: "ما المفهوم القانوني لإنشاء الشركات؟، مضيفًا أنه ورد بالتقرير أنه هي قدرة الشركة على أن تشتري محلات وتضع بها بضاعة، فردَّ أبو إسماعيل أن هذا يدخل في مفهوم إدارة الشركة، وأوضح أنه إذا ثبت قانونًا أن المتهم لا يدرك الفارق فستكون هناك مشكلةٌ بالتقرير، فتعبير إنشاء الشركات حين ورد بالتقرير كان يقتصر على مجرد شراء بضائع وليس مجرد التأسيس القانوني؛ فأجاب الشاهد بأن اللجنة لا يوجد بها متخصص بالقانون، وأن إقرار اللجنة تضمن تحديد ما إذا كان رأس المال يكفي لإنشاء تلك المؤسسات أم أن هناك شركاتٍ رأسُ مالها لا يكفي لإنشاء سلطة مالية.
فسأله أبو إسماعيل ثانيةً عن مفهوم تعبير الإنشاء لدى اللجنة؟! فقال الشاهد: لفظ الإنشاء والإدارة، وكأنه يلعب لعبة البيضة ولا الفرخة! فقاطعه حازم أبو إسماعيل طالبًا مفهوم لفظ الإنشاء فقط، فحاول الشاهد التخلُّص من المأزق بادِّعاء أن الكلمتَين مرتبطتان، فأصرَّ أبو إسماعيل، فقال الشاهد: "إن مفهوم اللجنة المحاسبية مرتبط بإنشاء الشركة لكيانها المادي من أصول، فقاطعه أبو إسماعيل طالبًا توضيح معنى الكيان المادي!! فقال الشاهد إن الكيان المادي هو الأصول بأنواعها التي تدار وتعمل عليها هذه الشركة من خلال أموالها تحقيقًا لأهدافها.
فحاصر أبو إسماعيل الشاهد أكثر سائلاً: "هل معنى ذلك أن الشركات محلّ الفحص اعتبرتَها غير قائمة، وأن شراءها لأصول أو بضائع خلال فترة الإنشاء في مفهوم اللجنة قائمة أم غير قائمة؟! فأجاب الشاهد- ناظرًا للقاضي-: هذه الشركات موضَّحٌ في تقرير اللجنة المالية تواريخ تأسيسها.
وهنا قرر أبو إسماعيل أن إجابة الشاهد مفادها أن هذا العنصر من عناصر المأمورية لم يكن بالمفهوم القانوني محلاًّ لفحص اللجنة على الإطلاق، وأن اللجنة قد احتفظت فيما أسمته إنشاء، وأنه لا يوجد بالأوراق- بأي سبيل- ما يفيد أي شبهة في واقعة إنشاء الشركات وتقديم رأس مالها الأول.
فسأله أبو إسماعيل: إذن أنت تقر أن تعبير الإنشاء حين ورد بالتقرير لم يقصد المعنى القانوني الدقيق، وإنما قصد به القدرة على شراء أصول وبضائع فقط! وأن اللجنة لم تتناول تعبير الإنشاء بمفهوم" الأهلية القانونية للشركة"، ثم سأل أبو إسماعيل الشاهد سؤالاً يهدف منه إلى إثبات أن نتيجة التقرير بُنِيَت على اعتقادات خاطئة: طبقًا لخبرتك هل الشركاء يتخذون قرارًا في الجمعية العمومية أو غيرها بإعطاء نسبة أعلى للإدارة في حالة تحقيق أرباح أعلى؟ فأجاب الشاهد أن الشركات المساهمة تحدد في التوزيع النسبة المستحقة للأرباح نتيجة إدارتها للشركة كوكيل عن المتهمين، والعبرة بنصوص القانون، فأوضح أبو إسماعيل غرضه بأنه قد تكون اللجنة اعتبرت أن توجيه نسبة للإدارة غير الواردة بالعقود هي تلاعب.
وهنا بدأ الشاهد يتخبَّط في إجابته، فقال: "أنا مش حافظ نصوص القانون"، لكن إذا كان القانون يسمح بذلك فهو مسموح به، وإذا كان القانون لا يسمح فلا يصح.
فسأله أبو إسماعيل عن أسباب اتهام الشركات بأنها قامت بعملية غسيل أموال، فقال الشاهد إنه أورد ذلك بالتقرير؛ حيث وجد تلاعبًا في أوراق الشركة ووجد ميزانياتٍ مختلفةً وذلك بصفحة 131.
فضيَّق أبو إسماعيل الخناق عليه قائلاً: إذن أنت تقر أن تحديد نسبة أرباح للإدارة على غير ما ورَد في عقد التأسيس لا يُعتبر وحده دليلاً على التلاعب إلا إذا اقترن بأسباب أخرى وردت خلافًا لعقد التأسيس وخلافًا للموجود بالأوراق الرسمية فيصبح هناك تلاعب! فإذا لم تَرِد إشارة في العقود لتحديد تلك النسبة بقرار جمعية عمومية تصبح مخالفة قانونية؟!
فأجاب الشاهد: الشركات شركة أشخاص وليست لها جمعية عمومية، وفي رأي اللجنة أنه لا بد أن يكون هناك عقود للشركة التي تقيّد بالدفاتر والسجلاَّت الرسمية، فشركات الأشخاص ما ينظم المعاملات فيها هو العقد.
الصفر و355
وانتقل أبو إسماعيل إلى نقطة تالية، وسأله: لماذا ركَّزتم في التقرير على الجانب السلبي للشركات، ولَمْ تذكروا الشركات التي تمت تبرئتها؟! وهل تعرضتم لأي ضغط من أي جهة؟ فأجاب الشاهد إن التقرير تضمن كل الشركات موضع الفحص سواءٌ كانت مخالفةً أم لا، ثم توقف الشاهد ولم يجب عن الشق الثاني من السؤال، فسأله القاضي: هل تعرضتم لضغط؟ فأجاب الشاهد "لا يا فندم".
وكانت النقطة التالية لأبو إسماعيل حول الصفحة الأخيرة بتقرير اللجنة المالية الموجود بها النتيجة النهائية للتقرير؛ حيث إن التقرير تم إضافة صفحة رقم 355 إليه بعد الطباعة والترقيم، وأشار في خلال مدة شرح طويلة للقاضي أن التعديل برقم الصفحة قد تم بخط اليد، فسأل الشاهد: هل تم ذلك بعلم اللجنة؟! فأجاب الشاهد أن هناك صفحةً تحمل رقم "صفر"، فتم تصحيحها لتحمل رقم "واحد"، وبهذا زادت صفحات التقرير صفحة تحمل الرقم 355، وأن اللجنة وقَّعت على التقرير والورق الأخير.
فضيَّق أبو إسماعيل الخناق على الشاهد، مشيرًا إلى أن القلم المستخدَم في التوقيع قد اختلف، فقال الشاهد: "لا أتذكر ذلك، وإنما كل ما أذكره أن القلم لم يتغير"، وأضاف أن التعديل تم بمعرفة وموافقة وتوقيع اللجنة كلها.
وهنا طالب أبو إسماعيل بأن يتم "اليوم" ضبط دفتر إثبات تسليم تقارير الخبراء لدى إدارة الكسب غير المشروع، مشددًا على أن يتم ذلك اليوم متمسكًا بالتوقيت الجوهري الذي يجب أن لا يُسمَحَ باختفاء الأوراق المطلوبة، وأشار إلى أن توقيت اليوم هو طلب جازِم للدفاع يؤسس عليه طلب البراءة لجميع المتهمين ويتحفّظ عليه في حالة فوات التوقيت.
وأقر الشاهد بأنه قد تم إعادة الطبع بسبب الصفحة رقم "صفر"، فتمسك أبو إسماعيل بطلب المسودَّات الأصلية والطابعة التي ادَّعى الشاهد أنها مضبوطة على بدء العدد بـ"صفر"، وقال أبو إسماعيل: "أنا متأكد أن بعد ساعة واحدة الحاجات دي ممكن تختفي"، قاصدًا أهمية السرعة في الضبط.
"اللف على وكلاء النيابة"
وانتقل أبو إسماعيل إلى نقطة تالية؛ حيث سأل الشاهد عن اسم العضو الذي قابلته اللجنة في النيابة، فتدخل ناصر الحافي وسأله: ما قولك في أنه قد تم الإثبات في محاضر أعمال اللجنة الثلاثية التي سلمت من السيد أشرف العشماوي رئيس اللجنة، ولم تقُم اللجنة بإثبات ممن تسلمت باقي الأحراز، كما هو ثابت في محضر الأعمال كنهج اللجنة التي ذكرته اليوم أمام الهيئة؟!
فأجاب أنه تقابل مع رئيس نيابة واحد، وهو أشرف عشماوي، الذي سلمه جميع المستندات، وكانت تلك هي السقطة التالية للشاهد؛ حيث طالب الحافي بمواجهة الشاهد مع أقواله في جلسة سابقة أقر فيها بأنه "مر على وكلاء النيابة وتسلم الأحراز"، وتمسك الدفاع بطلب مواجهة الشاهد بأقواله أمام هيئة المحكمة الموقرة أثناء مناقشته، مضيفًا أنه شهد زورًا في إحدى الروايتين، أي أنه ارتكب جريمة "شهادة الزور"، والتي توجب على المحكمة توقيع العقوبة الخاصة بجريمة التزوير على شخص الشاهد وفورًا وبجلسة اليوم إعمالاً لنص القانون، فأكد الشاهد أنه لا يذكر أنه "لفَّ على وكلاء النيابة".
وهنا اكتفت المحكمة بهذا القدر من الاستجواب، وأجَّلت الجلسة إلى بعد غد، مع استمرار حبس جميع المتهمين.
وفي تصريح خاص لـ(إخوان أون لاين) تساءل المهندس خيرت الشاطر عن الرقم الذي خرج التقرير الجديد به؟! حيث رأى أن أصول الشركات لا تتعدَّى سوى 25 مليونًا بعد أن كانوا 448 مليونًا بالتقرير الأول!! وتساءل الشاطر: هل اللجنة وقع عليها عدد من الضغوط التي استخدمت بهدف الإضرار بثروات المتهم لمحاولة التعتيم الإعلامي والإساءة لمراكزهم المالية والاجتماعية، وإعطاء معلومات خاطئة لقيادات سياسية؟ وأضاف: "الدفاع طعن بالتزوير".
رفض الأعذار الطبية
في هذه الجلسة لم يتغيب من المتهمين بسبب المرض سوى ثلاثة متهمين، هم: أيمن عبد الغني، وصادق الشرقاوي فضلاً عن حسن زلط، بينما تم إحضار أحمد عز الدين، وأمير بسام، ومحمد مهنا، وممدوح الحسيني، على الرغم من آلام الظهر التي يعانون منها، بل وتم إحضار المتهم فتحي بغدادي، الذي امتنع عن حضور آخر 4 جلسات بأمر من الأطباء بالسجن، إلا أن أمن الدولة قرر اليوم عدم الاعتراف بأي أعذار مرضية يقررها مستشفى السجن أو يقررها مأمور السجن، وذلك على الرغم من الحالة السيئة جدًّا للمتهم الأخير، وهو ما تسبَّب في سقوطه أثناء الجلسة مصابًا بأزمة قلبية، رفع القاضي على إثرها الجلسة بعد أن طلب إسعافًا لتنقله إلى المزرعة.
وقدم عبد المنعم عبد المقصود مذكرةً باسم فتحي بغدادي يطلب فيها السماح له بإجراء العملية، ومرفق بالطلب صور وتقارير طبية تثبت حالته، ولكن لم يرد ردٌّ من القاضي حتى نهاية الجلسة، على الرغم مما أصاب بغدادي!!.
وفي بداية الجلسة وسريعًا وقبل التهاب الأحداث واحتدادها، طالب عبد المنعم عبد المقصود- المنسق العام لهيئة الدفاع عن الإخوان الأربعين المعتقلين- القاضي بالتصريح لزوجة المتهم أمير بسام بصرف راتبه من البنك الأهلي فرع بلبيس، وبعد مداولة قال القاضي: "ليس لدَى المحكمة مانع".
إشمعنى؟!
جديرٌ بالذكر أنه أثناء الجلسة صرخ القاضي في شخص يجلس بالصف الأخير، آمرًا إياه أن يجلس "عِدِل"، وآمرًا الشرطة بالتعامل معه، فانقضَّ الجنود عليه، إلا أنه عدَّل من جلسته ببرود وقال: "أمن دولة"، فردَّ القاضي بكلمتين أيضًا: "خلاص سيبوه"!! فثارت القاعة، فأمَرَ القاضي القاعة بالهدوء متوعِّدًا من يسمع صوته.