كيف أنضم إلي الإخوان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

كيف أنضم إلي الإخوان ؟

Ikhwan-logo1.jpg

قد يجد بعض القراء الأعزاء هذا المقال غريبا كما يوضح عنوانه، حيث يحمل طلبا "شخصيا" يرفعه كاتبه إلى قادة جماعة الإخوان المسلمين يتساءل فيه عن كيفية الانضمام إلى الجماعة، حيث قد يرون أنه أمر لا يستحق شغل تلك المساحة من صحيفة محترمة مهمتها هي طرح ومناقشة القضايا العامة وليس "الشخصية".


إلا أن الحقيقة هي أن هذا الطلب الذي شئنا أن يكون علنيا على صفحات الصحف ليس فيه من الشخصي من شيء، فهو يعكس قضية عامة شديدة الأهمية يبدو أن طرحها علانية قد بات ضرورة لا مجال لتأخيرها أو الهروب منها.



طبيعة الجماعة بين الأمس واليوم

وجوهر هذه القضية العامة التي شئنا أن تتخذ هيئة هذا الطلب الشخصي هو الطبيعة التي تتخذها اليوم جماعة الإخوان المسلمين، والتي تبدو ملتبسة وغامضة بما يدفع إلى ضرورة الحديث عنها بصراحة ودون أية مواربة.

وفي إطار تلك الصراحة فالتساؤل الذي يطرحه عنوان هذا المقال في صياغة شخصية إنما هو صياغة مختلفة لتساؤل آخر أكثر عمومية حول الشكل الذي يمكن بل يجب أن تتخذه الجماعة التي أضحت اليوم القوة البرلمانية والسياسية الثانية في البلاد بعد الحزب الحاكم، بعد أن نال مرشحوها في الانتخابات مئات الآلاف من أصوات المصريين الذين اختاروا مرشحيها لعضوية مجلس الشعب.


حق للجماهير

فتلك الانتخابات وهذا النجاح الواسع غير المتوقع للجماعة قد حولا الجماعة التي ظلت لعقود طويلة من الزمن محظورة أو شبه سرية مغلقة على أعضائها الذين تختارهم هي بالطرق المعتمدة بداخلها، إلى جماعة سياسية علنية عليها أن تكون مستعدة للبت في مثل ذلك الطلب الشخصي للانضمام إليها من كل أو بعض هؤلاء المصريين الذين أعطوا مرشحيها أصواتهم دون أن يكونوا أعضاء فيها.

ويعني ذلك أن تصويت المصريين الواسع لمرشحي الجماعة يعطي لهم الحق في معرفة طبيعتها الحالية بصورة علنية ويكفل لهم حقا آخر في معرفة الأسس التي يمكن لهم الانضمام إليها والشروط الواجب توافرها فيمن يقبل عضوا بها.

وقد كان مقبولا في المراحل السابقة من تاريخ الجماعة قبل هذا التفويض الشعبي الواسع أن تخفي المعايير والشروط التي تجند بها الأعضاء الجدد فيها بحكم طبيعتها كجماعة "نخبوية" تختار هي من تريد، إلا أن مرحلة ما بعد الانتخابات البرلمانية الحالية تفرض على الجماعة أن تعلن بدون مواربة تلك المعايير والشروط التي تقبل بموجبها انضمام أعضاء جدد إليها.


تساؤلات تنتظر الإجابة

والتساؤلات حول تلك المعايير والشروط تبدو كثيرة لا حصر لها:

فهل مجرد الموافقة على البرنامج الانتخابي للجماعة يكفي لقبول أي فرد عضوا بها؟ أم أن الجماعة تشترط الموافقة على كافة وثائقها الفكرية والسياسية لمثل هذا القبول؟

وهل من الضروري لمن يُقبَل عضوا بالجماعة أن يتفق مع رؤيتها العامة لمراحل تاريخها منذ قيامها، أم أنه يملك الحق في الاختلاف مع تلك الرؤية التاريخية مع اتفاقه مع رؤيتها الفكرية والسياسية المعاصرة؟.

وهل من الوارد لمن يُقبل عضوا بالجماعة أن يكون منتميا إلى مدرسة فكرية أخرى مع اقتناعه بالخطوط الكبرى لمدرسة الإخوان المسلمين الفكرية وسعيه للدمج بين المدرستين؟.

وهل من حق أي مواطن مصري يرغب في الانضمام للجماعة أن يختلف مع شعارها الانتخابي "الإسلام هو الحل" مع اتفاقه مع غالبية أفكارها الأخرى، وأن يعلن صراحة رغبته في تعديل هذا الشعار؟.

وهل من الضروري لطالب عضوية الجماعة أن يكون مسلما أم أن عضويتها مفتوحة لكافة المصريين بغض النظر عن ديانتهم؟ كل التساؤلات السابقة وعشرات غيرها تصب في اتجاه واحد هو ضرورة أن يعرف المصريون من الجماعة بصورة علنية طبيعة الشروط والمعايير الفكرية والسياسية التي تضعها لقبولهم أعضاء بها.

وإذا كانت التساؤلات المتعلقة بالشروط الفكرية والسياسية أكثر مما يحتملها ذلك المقال القصير، فإن التساؤلات المتعلقة بالشروط الشخصية والشكلية تبدو أيضا كثيرة.

فهل من الممكن لمصري لا يؤدي عباداته بانتظام أن يقبل عُضوا بالجماعة؟ والتساؤل المنطقي المكمل لذلك هو كيفية التأكد من ذلك الانتظام إذا كان شرطا للعضوية بالجماعة؟

وهل من شروط الانضمام للجماعة توافر سلوكيات معينة في الشخص مثل أن يكون ممتنعا عن التدخين والجلوس على المقاهي ولعب ما يشيع بين المصريين من ألعاب بريئة مثل الطاولة والدومينو؟.

هل تقبل الجماعة من المصريين أعضاء فيها ممن يعملون في مهن بعينها مثل التمثيل والموسيقى والغناء والمسرح والفن التشكيلي والتصوير، أم عليهم أولا تغيير هذه المهن؟ وفى نفس السياق: هل من الوارد لبعض المصريين العاملين في بعض المصارف وشركات الأموال التي قد تراها الجماعة "ربوية" أن ينضموا إليها أم أن عليهم أيضا تغيير تلك المهن؟.

وهل من الممكن لمصريين زوجاتهم وبناتهم وأخواتهم وأمهاتهم سافرات غير محجبات أو منقبات أن يُقبَلوا في عضوية الجماعة أم أن ذلك يعد عائقا أمام هذا القبول؟


مطلوب من الإخوان

إذن فنحن إزاء قضية أكبر بكثير من ذلك الطلب "الشخصي" الذي اخترناه عنوانا لهذا المقال، فهي الآن تتعلق بمستقبل جماعة الإخوان المسلمين نفسها أكثر من تعلقها بطلبات ذات طبيعة شخصية من هنا أو هناك.

وفي هذا السياق فمن المتوقع والبديهي أن يرد قادة الجماعة بأنه ليس في مقدورها إعلان شروط ومعايير الانضمام إليها في الوقت الحالي فضلا عن فتح الباب لهذا الانضمام؛ لأنها لا تزال جماعة محظورة من الناحية القانونية والأمنية ولا يجوز لها إعلان ذلك.

وبالرغم من صحة هذه المقولة فهي ليست مبررا كافيا لاستمرار بقاء الجماعة في هذه الوضعية غير المنطقية ولا المتسقة مع حقيقة كونها واحدة من أهم وكبرى القوى السياسية في البلاد، وهو ما أكدته نتائج الانتخابات البرلمانية.

فالجماعة مطالبة اليوم وبأقصى سرعة ممكنة بالسعي إلى طلب الشرعية القانونية التي تتيح لعموم المصريين الانضمام إليها عبر شروط ومعايير واضحة ومعلنة، فضلا عما سوف يوفره ذلك لها من ظروف جديدة ستسمح لها بمزيد من العمل الحر والتوسع في أنشطتها. ونظرا لطبيعة الجماعة المركبة كجماعة سياسية وجماعة دعوية، فالحل الواضح أمامها اليوم هو أن تتقدم بطلبين أحدهما لوزارة الشئون الاجتماعية لتأسيس جمعية أهلية ذات فروع تحت اسم "الإخوان المسلمون" تكون ذات طبيعة دينية دعوية مثل آلاف الجمعيات الأخرى الموجودة في البلاد.

أما الطلب الآخر فعلى الجماعة تقديمه للجنة شئون الأحزاب لتأسيس حزب سياسي مدني باسم يتسق مع ذلك المضمون ويخلو برنامجه من أي مضمون ديني يخالف الدستور والقوانين القائمة.

وقد يرد بعض قادة الجماعة على هذا الاقتراح بأنهم لا يوافقون مع بقية القوى السياسية المصرية على قانوني الأحزاب السياسية والجمعيات الأهلية الحاليين المتعسفين، وأنهم لن يقدموا هذين الطلبين إلا بعد تغيير هذين القانونين ليصبحا أكثر ديمقراطية.. إلا أن ذلك القول في الحقيقة لن يمكن اعتباره سوى "حجة" للهروب من هذا التغيير الإستراتيجي الضروري في حركة الجماعة، فهي قد عملت طيلة السنوات الماضية سواء في النقابات المهنية أو في الانتخابات العامة وآخرها البرلمانية الحالية ضمن قوانين أخرى جائرة ومتعسفة لم تمنعها من تحقيق تقدم واسع فيها، ولم تشترط الجماعة تغييرها قبل العمل ضمن شروطها الجائرة.

إن تقدم الجماعة بالطلبين المشار إليهما فورا وبدون إبطاء هو خطوة حاسمة في اتجاه عملية إعادة تأسيسها التي بدأت بالفعل ولم يعد من مهرب منها، فقد دارت عجلة التاريخ لتتقدم الجماعة على الساحة السياسية المصرية إلى موقع لن يمكن أن تظل فيه كما ظلت طيلة تاريخها السابق جماعة "نخبوية" مغلقة وشبه سرية، فعليها الآن أن تفتح أبوابها ونوافذها لكي يطل المصريون الذين أعطوها ثقتهم الواسعة على ما يجري بداخلها ويدخل من أراد منهم إليها لكي يصبح عضوا بها.


المصدر : جريدة "العربي" المصرية، العدد 987، الصادر بتاريخ 4/12/2005.